شركاء في الاستعداد

القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬الاماراتية‭ ‬و‭ ‬مشاة‭ ‬البحرية‭ ‬الامريكية‭ ‬يشاركان‭ ‬في‭ ‬التمرين‭  ‬الثنائي‭ ‬”نايتڤ‭ ‬فيوري“

أسرة‭ ‬يونيباث
شق سكون‭ ‬الصباح‭ ‬دوي‭ ‬انفجارات‭ ‬شديدة‭ ‬مصدرها‭ ‬قصف‭ ‬مروحيات‭ ‬الأباتشي‭ ‬لمواقع‭ ‬العدو‭ ‬المتمركز‭ ‬على‭ ‬أطراف‭ ‬المدينة‭ ‬مصحوبا‭ ‬برمي‭ ‬كثيف‭ ‬من‭ ‬مدافع‭ ‬الدفاع‭ ‬الجوي‭ ‬المعادية‭ ‬التي‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬اسكتتها‭ ‬الكثافة‭ ‬النارية‭ ‬لمدرعات‭ ‬الكتيبة‭ ‬83‭ ‬التابعة‭ ‬للواء‭ ‬الشيخ‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬زايد‭ ‬الآلي‭- ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬قوات‭ ‬النخبة‭ ‬لدى‭ ‬دولة‭ ‬الامارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭- ‬حيث‭ ‬استمرت‭ ‬بالتقدم‭ ‬لتدمير‭ ‬دفاعات‭ ‬العدو‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬جنوب‭-‬غرب‭ ‬مدينة‭ ‬الحمرا‭ ‬النفطية‭. ‬
‭ ‬هكذا‭ ‬بدأت‭ ‬فعاليات‭ ‬اختتام‭ ‬تمرين‭ ‬“نايتڤ‭ ‬فيوري”‭ (‬وتعني‭ ‬الغضب‭ ‬الأصيل‭) ‬المشترك‭ ‬بين‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬الإماراتية‭ ‬وقوات‭ ‬المارينز‭ ‬الأمريكية‭ ‬والذي‭ ‬بدأت‭ ‬فعالياته‭ ‬بتاريخ‭ ‬8‭ ‬آذار‭ ‬واستمر‭ ‬حتى‭ ‬5‭ ‬نيسان،‭ ‬2020‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬الحمرا‭ ‬التي‭ ‬تحاكي‭ ‬المدن‭ ‬الحقيقية‭ ‬ولكنها‭ ‬بنيت‭ ‬لتدريب‭ ‬القوات‭ ‬على‭ ‬القتال‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬المبنية‭. ‬
تَضّمَنَ‭ ‬التمرين‭ ‬عدة‭ ‬فعاليات‭ ‬مُعَدّة‭ ‬لتطوير‭ ‬العمل‭ ‬التداخلي‭ ‬بين‭ ‬القوات‭ ‬الإماراتية‭ ‬وقوات‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الامريكية،‭ ‬منها‭ ‬تمرين‭ ‬رمي‭ ‬بالذخيرة‭ ‬الحية‭ ‬لكافة‭ ‬الأسلحة‭ ‬على‭ ‬أهداف‭ ‬معادية‭ ‬افتراضية‭ (‬CALFAX‭)‬،‭ ‬والاستجابة‭ ‬لهجوم‭ ‬أسلحة‭ ‬الدمار‭ ‬الشامل‭ ‬وتطهير‭ ‬المنطقة‭ ‬الملوثة‭ ‬بهجوم‭ ‬بأسلحة‭ ‬الدمار‭ ‬الشامل‭ (‬CBRN‭). ‬وكيفية‭ ‬إخلاء‭ ‬الجرحى‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬العمليات‭ ‬لمعالجتهم‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬آمنة‭ (‬MEDVAC‭). ‬ورغم‭ ‬جائحة‭ ‬فايروس‭ ‬كورونا،‭ ‬استطاع‭ ‬الجيشان‭ ‬الشريكان‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬مهمتهما‭ ‬التدريبية‭ ‬وإكمالها‭ ‬على‭ ‬أحسن‭ ‬وجه‭.‬
وقال‭ ‬مدير‭ ‬التمرين،‭ ‬العميد‭ ‬طارق‭ ‬الزعابي‭ ‬“نحن‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬نؤمن‭ ‬بالشراكة‭ ‬الدولية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬استقرار‭ ‬شامل‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬إن‭ ‬أمن‭ ‬واستقرار‭ ‬المنطقة‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬مبادئ‭ ‬الدولة‭ ‬وسوف‭ ‬نعمل‭ ‬جاهدين‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيقه‭. ‬تمريننا‭ ‬هذا‭ ‬مر‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬عصيبة‭ ‬حيث‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬بأجمعه‭ ‬يواجه‭ ‬انتشار‭ ‬فايروس‭ ‬كورونا،‭ ‬لكننا‭ ‬وبرغم‭ ‬هذا‭ ‬الوباء‭ ‬اتممنا‭ ‬التمرين‭ ‬على‭ ‬أفضل‭ ‬وجه‭ ‬لأننا‭ ‬نؤمن‭ ‬بأن‭ ‬هذا‭ ‬التمرين‭ ‬مهم‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬للمنطقة‭ ‬بل‭ ‬للأمن‭ ‬الدولي‭.‬”‭ ‬
قوات مشاة البحرية الأمريكية تجري تدريباً على حرب المدن في إطار تمرين «نايتڤ فيوري». رقيب أول أليسون باك/فيلق قوات مشاة البحرية الأمريكية
بدأ‭ ‬سيناريو‭ ‬التمرين‭ ‬بمهمة‭ ‬متعددة‭ ‬الجنسيات‭ ‬لتحرير‭ ‬مدينة‭ ‬الحمرا‭ ‬الافتراضية‭ ‬الواقعة‭ ‬في‭ ‬الجزء‭ ‬الغربي‭ ‬لدولة‭ ‬الامارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭.‬‭ ‬تحتوي‭ ‬المدينة‭ ‬على‭ ‬مصفاة‭ ‬نفطية‭ ‬ويبلغ‭ ‬عدد‭ ‬سكانها‭ ‬–‭ ‬لأغراض‭ ‬السيناريو‭ ‬حوالي‭ ‬50‭ ‬ألف‭ ‬نسمة‭ ‬وتضم‭ ‬مسجد‭ ‬ومشفى‭ ‬ومطار‭ ‬ومرافق‭ ‬حكومية‭ ‬متعددة‭. ‬وتقع‭ ‬على‭ ‬ساحل‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬بالمنطقة‭ ‬الغربية‭ ‬من‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭. ‬وتبعد‭ ‬حوالي‭ ‬200‭ ‬كيلو‭ ‬متر‭ ‬غرب‭ ‬العاصمة،‭ ‬أبو‭ ‬ظبي‭. ‬إدراكا‭ ‬منه‭ ‬بأهميتها،‭ ‬اختار‭ ‬العدو‭ ‬احتلال‭ ‬المدينة‭ ‬بلواء‭ ‬آلي‭. ‬وقررت‭ ‬قوات‭ ‬من‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬شن‭ ‬هجوم‭ ‬معاكس‭ ‬لطرد‭ ‬الغزاة‭. ‬
نفذت‭ ‬قوات‭ ‬مشاة‭ ‬البحرية‭ ‬الأمريكية‭ (‬المارينز‭) ‬إنزالاً‭ ‬برمائياً‭ ‬على‭ ‬بعد‭ ‬10‭ ‬كيلو‭ ‬شرق‭ ‬مدينة‭ ‬الحمرا‭ ‬ومدت‭ ‬جسراً‭ ‬بطول‭ ‬كيلو‭ ‬متر‭ ‬من‭ ‬سفينة‭ ‬الانزال‭ ‬إلى‭ ‬الساحل‭. ‬تم‭ ‬بناء‭ ‬الجسر‭ ‬في‭ ‬عرض‭ ‬البحر‭ ‬ثم‭ ‬سُحِبَ‭ ‬لمنطقة‭ ‬الانزال‭ ‬بزوارق‭ ‬سحب‭ ‬متوسطة‭ ‬الحجم‭. ‬وفي‭ ‬غضون‭ ‬ساعات‭ ‬تم‭ ‬نشر‭ ‬فوج‭ ‬المارينز‭ ‬الأول‭ ‬بكل‭ ‬آلياته‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬والاستعداد‭ ‬للهجوم‭ ‬المعاكس‭ ‬لتحرير‭ ‬مدينة‭ ‬الحمرا‭.‬
خلال‭ ‬24‭ ‬ساعة،‭ ‬شكلت‭ ‬قيادة‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬الإماراتية‭ ‬قوة‭ ‬واجب‭ ‬مشتركة‭ ‬تتكون‭ ‬من‭ ‬لواء‭ ‬المشاة‭ ‬الآلي‭ ‬83‭ ‬التابع‭ ‬لقوات‭ ‬النخبة‭ ‬في‭ ‬لواء‭ ‬الشيخ‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬زايد‭ ‬المدرع‭. ‬وفوج‭ ‬مغاوير‭ ‬من‭ ‬لواء‭ ‬الفرسان‭ ‬التابع‭ ‬للحرس‭ ‬الرئاسي،‭ ‬والعديد‭ ‬من‭ ‬مروحيات‭ ‬النقل‭  ‬والمروحيات‭ ‬المقاتلة‭ ‬التابعة‭ ‬لقيادة‭ ‬القوات‭ ‬الجوية‭ ‬الإماراتية‭ ‬المشتركة‭ ‬وبعض‭ ‬الوحدات‭ ‬الساندة‭ ‬مثل‭ ‬وحدة‭ ‬الطائرات‭ ‬المسيّرة،‭ ‬وفريق‭ ‬معالجة‭ ‬الذخائر‭ ‬المتفجرة‭ ‬والهندسة‭ ‬العسكرية‭ ‬ووحدات‭ ‬الدفاع‭ ‬الجوي‭ ‬وفريق‭ ‬السيطرة‭ ‬الجوية‭ ‬الذي‭ ‬يحدد‭ ‬الأهداف‭ ‬للقوات‭ ‬الجوية‭ ‬المشتركة‭. ‬
وكانت‭ ‬قوة‭ ‬الواجب‭ ‬المشتركة‭ ‬الإماراتية‭ ‬بإمرة‭ ‬العميد‭ ‬الركن‭ ‬أحمد‭ ‬بيشو‭ ‬والفوج‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬قوات‭ ‬المارينز‭ ‬بإمرة‭ ‬العقيد‭ ‬كفن‭ ‬كلارك،‭ ‬وعمل‭ ‬القائدان‭ ‬معاً‭ ‬على‭ ‬توحيد‭ ‬وتركيز‭ ‬جهودهما‭ ‬لصياغة‭ ‬خطة‭ ‬مشتركة‭ ‬لتأمين‭ ‬مدينة‭ ‬ومصفى‭ ‬الحمرا،‭ ‬وتم‭ ‬تسمية‭ ‬العملية‭ ‬“SLAM”‭ ‬أي‭ ‬“الضربة”‭.‬
زج‭ ‬العدو‭ ‬بمجموعة‭ ‬من‭ ‬الميليشيات‭ ‬بثياب‭ ‬مدنية‭ ‬كي‭ ‬ينسلوا‭ ‬بين‭ ‬المواطنين‭ ‬لترهيبهم‭ ‬واستخدامهم‭ ‬كدروع‭ ‬بشرية،‭ ‬ودَعَمَهُم‭ ‬بقوة‭ ‬من‭ ‬المشاة‭ ‬الخفيفة‭ ‬لصد‭ ‬أي‭ ‬هجوم‭ ‬محتمل‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬منه‭ ‬لإدامة‭ ‬القتال‭ ‬لأطول‭ ‬فترة‭ ‬ممكنة‭ ‬داخل‭ ‬المنطقة‭ ‬الآهلة‭ ‬بالسكان‭. ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬نشر‭ ‬العدو‭ ‬كتيبة‭ ‬آلية‭ ‬في‭ ‬خط‭ ‬الصد‭ ‬الأول‭ ‬على‭ ‬أطراف‭ ‬المدينة‭ ‬لمنع‭ ‬أي‭ ‬محاولة‭ ‬لتحرير‭ ‬المدينة،‭ ‬ونشر‭ ‬مدافع‭ ‬أرض‭ ‬جو‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬المحتلة‭ ‬لاعاقة‭ ‬القوة‭ ‬الجوية‭ ‬الإماراتية‭-‬الأمريكية‭. ‬
مع‭ ‬بداية‭ ‬المرحلة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬خطة‭ ‬قوة‭ ‬المهام‭ ‬المشتركة،‭ ‬اقتحمت‭ ‬المدرعات‭ ‬البرمائية‭ ‬التابعة‭ ‬للكتيبة‭ ‬83‭ ‬الآلية‭ ‬مدينة‭ ‬الحمرا‭ ‬من‭ ‬الجانب‭ ‬الجنوب‭-‬الغربي‭. ‬
أربكت‭ ‬الكثافة‭ ‬النارية‭ ‬لمدافع‭ ‬المدرعات‭ ‬المتقدمة‭ ‬العدو‭ ‬وسحقت‭ ‬خطوطه‭ ‬الدفاعية‭. ‬كان‭ ‬عبور‭ ‬الحاجز‭ ‬المائي‭ ‬العميق،‭ ‬والذي‭ ‬توهم‭ ‬العدو‭ ‬بأنه‭ ‬سيعرقل‭ ‬التقدم،‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬وهم،‭ ‬إذ‭ ‬خاضت‭ ‬المدرعات‭ ‬البرمائية‭ ‬في‭ ‬النهر‭ ‬باقصى‭ ‬سرعتها‭ ‬فانشق‭ ‬النهر‭ ‬وشقت‭ ‬الآليات‭ ‬طريقها‭ ‬لتنشر‭ ‬الجنود‭ ‬على‭ ‬الضفة‭ ‬المعاكسة‭.‬
القوات الأمريكية والإماراتية تهاجم مواقع العدو في الحمرا. رقيب كايل مكنان/ فيلق قوات مشاة البحرية الأمريكية
وفي‭ ‬المرحلة‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬الهجوم،‭ ‬باغتت‭ ‬مروحيات‭ ‬الأباتشي‭ ‬العدو‭ ‬بقصف‭ ‬مرّكز‭ ‬شرق‭ ‬المدينة‭ ‬ومحيط‭ ‬المطار‭ ‬لتأمين‭ ‬الطريق‭ ‬أمام‭ ‬فوج‭ ‬الفرسان‭ ‬المجوقل‭ ‬على‭ ‬مروحيات‭ ‬بلاك‭ ‬هوك،‭ ‬التي‭ ‬هبط‭ ‬منها‭ ‬الجنود‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الحبال‭ ‬عندما‭ ‬وصلوا‭ ‬المطار‭. ‬ودارت‭ ‬معركة‭ ‬عنيفة‭ ‬في‭ ‬محيط‭ ‬المطار‭ ‬وأطراف‭ ‬المدينة‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬تتمركز‭ ‬المليشيات‭. ‬وظفت‭ ‬كتيبة‭ ‬الفرسان‭ ‬تقنية‭ ‬الرجل‭ ‬الآلي‭ ‬للاستطلاع‭ ‬العميق‭ (‬أي‭ ‬التوغل‭ ‬خلف‭ ‬خطوط‭ ‬العدو‭ ‬لجمع‭ ‬وإرسال‭ ‬معلومات‭ ‬مباشرة‭ ‬للمقاتلين‭ ‬على‭ ‬الأرض‭). ‬
حال‭ ‬تلقي‭ ‬القيادة‭ ‬إشارة‭ ‬الفرسان‭ ‬عن‭ ‬تحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬الخطة،‭ ‬لاحت‭ ‬في‭ ‬الأفق‭ ‬طائرات‭ ‬الشينوك‭ ‬لتنفيذ‭ ‬المرحلة‭ ‬الثالثة‭ ‬من‭ ‬الهجوم‭.‬
خلال‭ ‬دقائق،‭ ‬هبطت‭ ‬الشينوك‭ ‬وترجل‭ ‬جنود‭ ‬المارينز‭ ‬بسرعة‭ ‬من‭ ‬الباب‭ ‬الخلفي‭ ‬للطائرة‭ ‬وشكلوا‭ ‬مجموعتين‭ ‬لتوفير‭ ‬غطاء‭ ‬لجناح‭ ‬كتيبة‭ ‬الفرسان‭ ‬الأيمن‭. ‬اصطحبت‭ ‬كل‭ ‬مجموعة‭ ‬كلبا‭ ‬عسكريا‭ ‬للبحث‭ ‬عن‭ ‬المتفجرات‭ ‬ومخابئ‭ ‬العدو،‭ ‬تم‭ ‬تطهير‭ ‬سطوح‭ ‬المنازل‭ ‬والأزقة‭ ‬والبيوت‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المارينز‭ ‬والفرسان‭ ‬معاً‭. ‬بعد‭ ‬فرض‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬شرق‭ ‬المدينة‭ ‬ووصول‭ ‬كتيبة‭ ‬الفرسان‭ ‬إلى‭ ‬مسجد‭ ‬الحمرا،‭ ‬أبلغوا‭ ‬القيادة‭ ‬بإكمال‭ ‬تنفيذ‭ ‬أهدافهم‭ ‬حسب‭ ‬الخطة،‭ ‬ثم‭ ‬بدأوا‭ ‬بعدها‭ ‬عملية‭ ‬التفتيش‭ ‬وجمع‭ ‬الاستخبارات‭. ‬
القوات الإماراتية تتدرب على تطهير مبنىً خلال تمرين «نايتڤ فيوري». رقيب ألكسيس فلوريز/فيلق قوات مشاة البحرية الأمريكية
بدأت‭ ‬المرحلة‭ ‬الرابعة‭ ‬بتقدم‭ ‬المارينز‭ ‬غربا‭ ‬باتجاه‭ ‬مركز‭ ‬المدينة‭ ‬مدعومين‭ ‬بناقلات‭ ‬مدرعة‭ ‬سريعة،‭ ‬توغلت‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬من‭ ‬شرق‭ ‬المطار‭ ‬واستمر‭ ‬القتال‭ ‬الشديد‭ ‬لمدة‭ ‬30‭ ‬دقيقة‭. ‬وبعد‭ ‬تطويق‭ ‬الموقع،‭ ‬وجهت‭ ‬القوة‭ ‬المهاجمة‭ ‬إنذارا‭ ‬للمسلحين‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مكبرات‭ ‬الصوت،‭ ‬“نحن‭ ‬قوات‭ ‬مشاة‭ ‬البحرية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬يجب‭ ‬عليكم‭ ‬القاء‭ ‬سلاحكم‭ ‬وتسليم‭ ‬أنفسكم‭ ‬فورا،‭ ‬المنطقة‭ ‬محاصرة‭ ‬بالكامل‭.‬”‭ ‬وبعد‭ ‬دقائق‭ ‬بدأ‭ ‬المارينز‭ ‬اقتحام‭ ‬المدينة‭ ‬وسُمِعَ‭ ‬اطلاق‭ ‬نار‭ ‬كثيف‭ ‬لمدة‭ ‬مايقرب‭ ‬من‭ ‬10‭ ‬دقائق‭ ‬تم‭ ‬خلالها‭ ‬تطهير‭ ‬المنطقة‭ ‬السكنية‭ ‬من‭ ‬بقايا‭ ‬العدو،‭ ‬بعدها‭ ‬اطلقت‭ ‬القوة‭ ‬المحررة‭ ‬إشارة‭ ‬ضوئية‭ ‬معلنة‭ ‬عن‭ ‬فرض‭ ‬سيطرتها‭ ‬الكاملة‭ ‬على‭ ‬المدينة‭.‬
تم‭ ‬تنفيذ‭ ‬كل‭ ‬فقرات‭ ‬التمرين‭ ‬بحرفية‭ ‬ودقة‭ ‬عاليتين‭ ‬يدلان‭ ‬على‭ ‬الخبرات‭ ‬الميدانية‭ ‬للقوات‭ ‬المشتركة‭. ‬كان‭ ‬الانسجام‭ ‬في‭ ‬الإداء‭ ‬لقوات‭ ‬المارينز‭ ‬والقوات‭ ‬الإمارتية‭ ‬جلياً‭ ‬إذ‭ ‬بدوا‭ ‬للمراقبين‭ ‬وكأنهم‭ ‬تدربوا‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬هذا‭ ‬التمرين‭ ‬الختامي‭ ‬لشهور‭ ‬طويلة‭ ‬وليست‭ ‬لعشرة‭ ‬أيام‭ ‬فقط‭. ‬كان‭ ‬توظيف‭ ‬التقنيات‭ ‬الحديثة‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬المبنية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬كتيبة‭ ‬الفرسان‭ ‬لافتاً‭ ‬للنظر،‭ ‬إذ‭ ‬سار‭ ‬الرجال‭ ‬الآليون‭ (‬الروبوتات‭) ‬أمام‭ ‬القوات‭ ‬وعبروا‭ ‬الحواجز‭ ‬وحددوا‭ ‬مواقع‭ ‬العدو‭ ‬بدقة‭ ‬متناهية‭. ‬على‭ ‬بعد‭ ‬200‭ ‬متر‭ ‬من‭ ‬ساحة‭ ‬المعركة‭ ‬والإنزال،‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬المشاهدون‭ ‬التمييز‭ ‬بين‭ ‬رجال‭ ‬المارينز‭ ‬ورجال‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬الإماراتية‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬اللياقة‭ ‬البدنية‭ ‬والأداء‭ ‬المتميز‭.‬
وقال‭ ‬السفير‭ ‬الأمريكي‭ ‬لدى‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬جون‭ ‬راكولتا‭: ‬“أصبحت‭ ‬مهام‭ ‬قوات‭ ‬متعددة‭ ‬الجنسيات،‭ ‬كتلك‭ ‬التي‭ ‬نفذت‭ ‬في‭ ‬الحمرا،‭ ‬مطلباً‭ ‬ضرورياً‭ ‬للأمن‭ ‬العالمي‭. ‬نحن‭ ‬نعتبر‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬حليف‭ ‬استراتيجي‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭. ‬ونيابة‭ ‬عن‭ ‬الرئيس،‭ ‬أود‭ ‬أن‭ ‬أشكركم‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تقومون‭ ‬به،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬وطنكم‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة؛‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الإنسانية‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬حلول‭ ‬السلام‭ ‬المستدام‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬”‭ 

مسرح‭ ‬عمليات‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬مدينة‭ ‬آهلة‭ ‬بالسكان‭ ‬لتدريب‭ ‬القوات‭ ‬على حرب‭ ‬المدن

أسرة‭ ‬يونيباث
حينما يسأل‭ ‬قائد‭ ‬ميداني‭ ‬عن‭ ‬ما‭ ‬يحتاجه‭ ‬كقائد‭ ‬عسكري،‭ ‬يكون‭ ‬الجواب‭ ‬“بناء‭ ‬مقاتلين‭ ‬مهنيين‭ ‬ذوو‭ ‬خبرة‭ ‬ميدانية‭.‬”‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬التقنيات‭ ‬أو‭ ‬التسليح‭. ‬
وبناء‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬قررت‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬بناء‭ ‬مدينة‭ ‬افتراضية‭ ‬اسمها‭ ‬الحمرا‭ ‬عام‭ ‬2017‭.‬
للوهلة‭ ‬الأولى‭ ‬لا‭ ‬يتبادر‭ ‬إلى‭ ‬ذهن‭ ‬المشاهد‭ ‬أن‭ ‬مدينة‭ ‬الحمرا‭ ‬هي‭ ‬مدينة‭ ‬بنيت‭ ‬لأغراض‭ ‬التدريب،‭ ‬وذلك‭ ‬لشدة‭ ‬تشابه‭ ‬بناياتها‭ ‬وشوارعها‭ ‬ومؤسساتها‭ ‬مع‭ ‬أي‭ ‬مدينة‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬فهي‭ ‬تحوي‭ ‬ملعبا‭ ‬لكرة‭ ‬القدم‭ ‬مع‭ ‬مدرجات‭ ‬تسع‭ ‬لآلاف‭ ‬المتفرجين‭ ‬وساحة‭ ‬حسب‭ ‬القياس‭ ‬الأولمبي‭. ‬وفي‭ ‬وسط‭ ‬المدينة،‭ ‬ينتصب‭ ‬مسجد‭ ‬كبير‭ ‬بقبة‭ ‬ومنارة‭ ‬ومواقف‭ ‬للسيارات،‭ ‬يقسم‭ ‬المدينة‭ ‬نهر‭ ‬ويربط‭ ‬ضفتيها‭ ‬جسر‭. ‬لعل‭ ‬المصمم‭ ‬أرادها‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مدينة‭ ‬سكنية،‭ ‬فلم‭ ‬ينس‭ ‬أي‭ ‬مرفق‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تحتاجه‭ ‬المدن‭ ‬من‭ ‬الملعب‭ ‬إلى‭ ‬الجامع‭ ‬إلى‭ ‬البنايات‭ ‬السكنية‭ ‬وصولا‭ ‬إلى‭ ‬محطة‭ ‬تعبئة‭ ‬الوقود‭ ‬والمطار‭. ‬
كما‭ ‬هو‭ ‬الأمر‭ ‬مع‭ ‬جميع‭ ‬نواحي‭ ‬الحياة،‭ ‬ففنون‭ ‬الحرب‭ ‬وتكتيكاتها‭ ‬في‭ ‬تطور‭ ‬مستمر‭ ‬لذا‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬أي‭ ‬جيش‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬جاهزاً‭ ‬لأي‭ ‬طارئ‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يواكب‭ ‬هذا‭ ‬التطور‭ ‬ويستوعب‭ ‬دروسه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التدريبات‭ ‬والمناورات‭ ‬سواء‭ ‬فردية‭ ‬أكانت‭ ‬أم‭ ‬مشتركة‭. ‬وفي‭ ‬أسوأ‭ ‬الأحوال‭ ‬قد‭ ‬تتعلم‭ ‬الجيوش‭ ‬الدروس‭ ‬بطرق‭ ‬صعبة‭ ‬وهي‭ ‬الاضطرار‭ ‬لخوض‭ ‬معارك‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬انتصرت‭ ‬فيها‭ ‬لكنها‭ ‬حتما‭ ‬ستكون‭ ‬مكلفة‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬تلك‭ ‬الجيوش‭ ‬استعدت‭ ‬سلفاً‭.‬
بعد‭ ‬سقوط‭ ‬الموصل‭ ‬ومدن‭ ‬عراقية‭ ‬أخرى‭ ‬بيد‭ ‬إرهابيي‭ ‬داعش،‭ ‬شغل‭ ‬القادة‭ ‬العسكريون‭ ‬والأمنيون‭ ‬تحدي‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬المراكز‭ ‬المدنية‭ ‬الآهلة‭ ‬بالسكان‭ ‬وكيفية‭ ‬تحريرها‭ ‬من‭ ‬العصابات‭ ‬الإرهابية‭. ‬فالجيوش‭ ‬التقليدية‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬ينقصها‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الاستعدادات‭ ‬للحروب‭ ‬غير‭ ‬المتناظرة‭ ‬كحروب‭ ‬العصابات‭ ‬في‭ ‬الغابات‭ ‬وقتال‭ ‬الشوارع‭. ‬
القتال‭ ‬داخل‭ ‬المدن‭ ‬يعد‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬الجيوش‭ ‬التقليدية‭ ‬وذلك‭ ‬لصعوبة‭ ‬تحرك‭ ‬آليات‭ ‬وطائرات‭ ‬ومعدات‭ ‬الجيوش‭ ‬داخل‭ ‬شوارع‭ ‬وأزقة‭ ‬ضيقة‭ ‬وعدو‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تمييزه‭ ‬بين‭ ‬المدنيين‭ ‬حتى‭ ‬يبادؤك‭ ‬هو‭ ‬بالهجوم‭. ‬نعم‭ ‬كانت‭ ‬حرب‭ ‬المدن‭ ‬تدرس‭ ‬في‭ ‬الأكاديميات‭ ‬العسكرية‭ ‬وهنالك‭ ‬كتيبات‭ ‬وكراريس‭ ‬عن‭ ‬إدارة‭ ‬حرب‭ ‬العصابات،‭ ‬لكنها‭ ‬لا‭ ‬تتعدى‭ ‬كونها‭ ‬معدة‭ ‬للتدريب‭ ‬النظري‭ ‬ولا‭ ‬تعكس‭ ‬واقعا‭ ‬على‭ ‬الأرض‭.‬
ومما‭ ‬عقد‭ ‬الأمر‭ ‬أكثر‭ ‬هو‭ ‬وجود‭ ‬أنظمة‭ ‬تقوم‭ ‬بتسليح‭ ‬وتدريب‭ ‬ميليشيات‭ ‬رديفة‭ ‬لجيوشها‭ ‬الرسمية‭ ‬وأوكلتها‭ ‬مهمة‭ ‬قمع‭ ‬شعوبها‭ ‬وأرسلتها‭ ‬خارجاً‭ ‬لتدريب‭ ‬ميليشيات‭ ‬خارجة‭ ‬على‭ ‬القانون‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬كي‭ ‬تستعملها‭ ‬كورقة‭ ‬ضغط‭ ‬لانجاح‭ ‬سياستها‭ ‬الخارجية‭ ‬مثلما‭ ‬يحصل‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬وسوريا‭ ‬وأماكن‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬العالم‭.‬
لمواجهة‭ ‬تحدي‭ ‬الحرب‭ ‬غير‭ ‬التقليدية،‭ ‬التفتت‭ ‬جيوش‭ ‬العالم‭ ‬إلى‭ ‬بناء‭ ‬مراكز‭ ‬تدريب‭ ‬واعدت‭ ‬مدناً‭ ‬وقرى‭ ‬تحاكي‭ ‬المدن‭ ‬والقرى‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تندلع‭ ‬فيها‭ ‬حروب‭ ‬عصابات‭ ‬تعتمد‭ ‬منهج‭ ‬“اضرب‭ ‬واهرب”‭. ‬
لكن‭ ‬تلك‭ ‬المراكز‭ ‬والمدن‭ ‬والقرى‭ ‬التي‭ ‬بنيت‭ ‬لهذا‭ ‬الغرض‭ ‬محدودة‭ ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬تتسع‭ ‬لقوة‭ ‬بحجم‭ ‬لواء‭ ‬مما‭ ‬دفع‭ ‬دولة‭ ‬الامارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة،‭ ‬التي‭ ‬تمتلك‭ ‬جيشاً‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬صغيراً‭ ‬لكنه‭ ‬جيش‭ ‬قوي‭ ‬محترف‭ ‬مجهز‭ ‬بأحدث‭ ‬المعدات‭ ‬العسكرية،‭ ‬لتبني‭ ‬مدينة‭ ‬كاملة‭ ‬تحوي‭ ‬من‭ ‬المعوقات‭ ‬الطبيعية‭ ‬والمصطنعة‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يحتاجه‭ ‬أي‭ ‬جيش‭ ‬للتدريب‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬حروب‭ ‬الشوارع‭ ‬غير‭ ‬المتناظرة‭.‬
حقاً‭ ‬إنها‭ ‬مرفق‭ ‬هام‭ ‬لتدريب‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬الإماراتية‭ ‬والقوات‭ ‬الشقيقة‭ ‬والصديقة‭ ‬على‭ ‬آخر‭ ‬تطورات‭ ‬وتكتيكات‭ ‬الحروب،‭ ‬وستكون‭ ‬إحدى‭ ‬أهم‭ ‬الركائز‭ ‬في‭ ‬رفع‭ ‬استعدادات‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬والأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬الإماراتية‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬كل‭ ‬التحديات‭ ‬المحتملة‭. ‬

التعليقات مغلقة.