العمل سوية فيالخليج العربي

مجلس التعاون الخليجي قوةٌ تعزز الأمن والاستقرار في العالم

الدكتور‭ ‬نايف‭ ‬الحجرف،‭ ‬أمين‭ ‬عام‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬السابق‭ ‬

لطالما كان‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬منطقة‭ ‬ذات‭ ‬مبادرات‭ ‬عظيمة،‭ ‬لكنها‭ ‬أيضا‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬صراعات‭ ‬كبرى‭ ‬لا‭ ‬نسلم‭ ‬من‭ ‬خطرها‭ ‬اليوم‭. ‬وأود‭ ‬أن‭ ‬أركز‭ ‬على‭ ‬إحدى‭ ‬هذه‭ ‬المبادرات‭ ‬العظيمة،‭ ‬والتي‭ ‬وُضعت‭ ‬ونُفذت‭ ‬منذ‭ ‬ما‭ ‬ينيف‭ ‬على‭ ‬42‭ ‬سنة،‭ ‬وهي‭ ‬تأسيس‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬الذي‭ ‬يضم‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬المطلة‭ ‬على‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭. ‬

تأسَّس‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬يوم‭ ‬25‭ ‬أيَّار‭/‬مايو‭ ‬1981‭ ‬تكليلاً‭ ‬لجهود‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬الست‭ ‬بالمجلس‭: ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة،‭ ‬ومملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬والمملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية،‭ ‬وسلطنة‭ ‬عُمان،‭ ‬ودولة‭ ‬قطر،‭ ‬ودولة‭ ‬الكويت‭. ‬فشكلوا‭ ‬إطاراً‭ ‬تعاونياً‭ ‬للتصدي‭ ‬لقضايا‭ ‬الأمن‭ ‬والرخاء‭ ‬المتبادل‭ ‬وتعزيز‭ ‬العلاقات‭ ‬الأخوية‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬وشعوبها‭.‬

وعلى‭ ‬مدار‭ ‬الـ‭ ‬42‭ ‬سنة‭ ‬المنصرمة،‭ ‬أثبت‭ ‬المجلس‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬التحديات‭ ‬والتهديدات‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬استقرار‭ ‬المنطقة‭ ‬والعالم؛‭ ‬من‭ ‬الثورة‭ ‬الإسلامية‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬إلى‭ ‬غزو‭ ‬العراق‭ ‬للكويت،‭ ‬ومن‭ ‬حرب‭ ‬أفغانستان‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يُسمى‭ ‬بالربيع‭ ‬العربي‭. ‬ومع‭ ‬هذه‭ ‬التحديات‭ ‬وغيرها‭ ‬الكثير،‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬المجلس‭ ‬صلباً‭ ‬وصامداً،‭ ‬محافظاً‭ ‬على‭ ‬دوره‭ ‬البنَّاء‭ ‬ومنسقا‭ ‬مع‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬لبلوغ‭ ‬أقصى‭ ‬درجات‭ ‬التعاون‭ ‬والدعوة‭ ‬إلى‭ ‬السلام‭ ‬والحوار‭ ‬والازدهار‭. ‬

وعلى‭ ‬مدار‭ ‬هذه‭ ‬العقود،‭ ‬ساهمت‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬إسهاماً‭ ‬كبيراً‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي،‭ ‬بتوفير‭ ‬الطاقة‭ ‬دون‭ ‬انقطاع،‭ ‬وبتحقيق‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬الطاقة‭ ‬العالمية‭. ‬

الدكتور نايف الحجرف، أمين عام مجلس التعاون الخليجي السابق، يخاطب زملاءه في مؤتمرٍ حول اليمن استضافته العاصمة السعودية الرياض في عام 2022. وكالة الأنباء الفرنسية/صور غيتي

أما‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني،‭ ‬المعروف‭ ‬بخطة‭ ‬العمل‭ ‬الشاملة‭ ‬المشتركة‭ ‬لعام‭ ‬2015،‭ ‬فقد‭ ‬طالب‭ ‬المجلس‭ ‬بأن‭ ‬أي‭ ‬منظومة‭ ‬جديدة‭ ‬لأمن‭ ‬المنطقة‭ ‬ينبغي‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تراعي‭ ‬مصالح‭ ‬الجميع‭ ‬لتلبية‭ ‬الرغبة‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

وما‭ ‬أحوجنا‭ ‬إلى‭ ‬التصدي‭ ‬لسلوك‭ ‬إيران‭ ‬الرامي‭ ‬إلى‭ ‬زعزعة‭ ‬استقرار‭ ‬المنطقة؛‭ ‬كالبرنامج‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني،‭ ‬والصواريخ‭ ‬الباليستية،‭ ‬ودعم‭ ‬إيران‭ ‬للحوثيين‭ ‬وسائر‭ ‬الميليشيات‭ ‬الإقليمية‭. ‬فلا‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬تقتصر‭ ‬محادثات‭ ‬فيينا‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬الخطة،‭ ‬بل‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬تتناول‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬سبق‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬أود‭ ‬أن‭ ‬أستشهد‭ ‬بكلمات‭ ‬السيدة‭ ‬أورسولا‭ ‬فون‭ ‬دير‭ ‬لاين،‭ ‬رئيسة‭ ‬المفوضية‭ ‬الأوروبية،‭ ‬من‭ ‬خطابها‭ ‬الذي‭ ‬ألقته‭ ‬في‭ ‬مؤتمر‭ ‬‮«‬حوار‭ ‬المنامة‮»‬‭ ‬الأمني‭ ‬لعام‭ ‬2022‭ ‬إذ‭ ‬قالت‭:‬

“لقد‭ ‬حذَّرت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬مغبة‭ ‬ما‭ ‬تفعله‭ ‬إيران‭ ‬من‭ ‬تزويد‭ ‬الجماعات‭ ‬المارقة‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬بطائرات‭ ‬مسيَّرة‭. ‬وقد‭ ‬أهدرنا‭ ‬وقتاً‭ ‬طويلاً‭ ‬لنفهم‭ ‬حقيقةً‭ ‬متناهية‭ ‬البساطة،‭ ‬وهي‭ ‬أننا‭ ‬بينما‭ ‬نعمل‭ ‬على‭ ‬منع‭ ‬إيران‭ ‬من‭ ‬تصنيع‭ ‬أسلحة‭ ‬نووية،‭ ‬علينا‭ ‬أيضاً‭ ‬ألا‭ ‬نغفل‭ ‬أشكالاً‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬انتشار‭ ‬الأسلحة،‭ ‬من‭ ‬الطائرات‭ ‬المسيَّرة‭ ‬إلى‭ ‬الصواريخ‭ ‬الباليستية؛‭ ‬لأنها‭ ‬خطر‭ ‬أمني‭ ‬يهدد‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬ويهددنا‭ ‬جميعاً‭.‬”

وعند‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬مبادرات‭ ‬عظيمة،‭ ‬سيكون‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬دائماً‭ ‬وأبداً‭ ‬مُعيناً‭ ‬على‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬حل،‭ ‬وما‭ ‬أحوج‭ ‬العالم‭ ‬إلى‭ ‬منبر‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬حوار‭ ‬المنامة‮»‬‭. ‬فعلينا‭ ‬تبادل‭ ‬الأفكار‭ ‬والآراء،‭ ‬وعلينا‭ ‬رصد‭ ‬التحديات‭ ‬المشتركة‭ ‬والإلمام‭ ‬بأبعادها‭ ‬المختلفة،‭ ‬وعلينا‭ ‬الالتزام‭ ‬بالعمل‭ ‬الجماعي،‭ ‬وعلينا‭ ‬الوفاء‭ ‬بالتزاماتنا‭ ‬الأخلاقية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬تجاه‭ ‬الأجيال‭ ‬القادمة‭. ‬فدعونا‭ ‬لا‭ ‬ننتظر‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬انتظرنا؛‭ ‬فلا‭ ‬أوان‭ ‬خير‭ ‬من‭ ‬الآن‭. 

التعليقات مغلقة.