شريكان في أزمة

الإجلاء من أفغانستان: عمل عسكري ثنائي ناجح بين كازاخستان والولايات المتحدة

العقيد عزمت مرزابكوف، المندوب الوطني الأقدم لوزارة دفاع جمهورية كازاخستان بالقيادة المركزية الأمريكية الصور بعدسة وزارة الدفاع الكازاخية

حين قرر‭ ‬تحالف‭ ‬دولي‭ ‬بقيادة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬إنهاء‭ ‬حملة‭ ‬عسكرية‭ ‬استمرت‭ ‬20‭ ‬عاماً‭ ‬في‭ ‬أفغانستان،‭ ‬كانت‭ ‬ذروة‭ ‬العملية‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬إقامة‭ ‬جسر‭ ‬جوي‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬لنقل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬120‭,‬000‭ ‬مواطن‭ ‬أفغاني‭ ‬وأجنبي‭ ‬من‭ ‬أفغانستان‭. ‬

فقد‭ ‬تقدم‭ ‬مواطنون‭ ‬ذوو‭ ‬أصول‭ ‬كازاخية‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬آب‭/‬أغسطس‭ ‬2021‭ ‬بطلب‭ ‬إلى‭ ‬السفارة‭ ‬الكازاخية‭ ‬في‭ ‬كابول‭ ‬لإجلائهم‭ ‬من‭ ‬أفغانستان‭ ‬والعودة‭ ‬إلى‭ ‬وطنهم‭ ‬التاريخي‭: ‬جمهورية‭ ‬كازاخستان‭. ‬وقد‭ ‬أشرف‭ ‬الرئيس‭ ‬قاسم‭ ‬جومارت‭ ‬توكاييف‭ ‬بنفسه‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المهمة‭ ‬لأهميتها‭ ‬الشديدة‭ ‬لمساعدة‭ ‬ذوي‭ ‬الأصول‭ ‬الكازاخية‭.‬

وسرعان‭ ‬ما‭ ‬تواصلت‭ ‬الكوادر‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬بالسفارة‭ ‬مع‭ ‬الكازاخيين‭ ‬الأفغان‭ ‬ومواطني‭ ‬كازاخستان‭ ‬المقيمين‭ ‬في‭ ‬أفغانستان؛‭ ‬وأسفر‭ ‬ذلك‭ ‬عن‭ ‬تحديد‭ ‬42‭ ‬شخصاً‭ ‬لإجلائهم،‭ ‬وهم‭: ‬
25‭ ‬شخصاً‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬الأصول‭ ‬الكازاخيية‭ ‬ومواطني‭ ‬كازاخستان‭ (‬ومنهم‭ ‬سبعة‭ ‬موظفين‭ ‬بالسفارة‭ ‬و10‭ ‬أطفال‭)‬،‭ ‬و15‭ ‬مواطناً‭ ‬من‭ ‬قيرغيزستان،‭ ‬ومواطن‭ ‬من‭ ‬روسيا‭ ‬وآخر‭ ‬من‭ ‬ليتوانيا‭.‬

وفي‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته،‭ ‬كانت‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الكازاخية‭ ‬تعمل‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬موافقة‭ ‬لإرسال‭ ‬طائرتها‭ ‬إلى‭ ‬أفغانستان،‭ ‬وجرت‭ ‬مفاوضات‭ ‬مع‭ ‬عدة‭ ‬بلدان،‭ ‬وحدثت‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التمثيل‭ ‬العسكري‭ ‬الكازاخي‭ ‬في‭ ‬مقر‭ ‬القيادة‭ ‬المركزية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬التي‭ ‬لعبت‭ ‬لاحقاً‭ ‬دوراً‭ ‬مهماً‭ ‬في‭ ‬الإجلاء‭.‬

وفي‭ ‬غضون‭ ‬ذلك،‭ ‬كان‭ ‬الوضع‭ ‬حول‭ ‬مطار‭ ‬كابول‭ ‬يسوء‭ ‬كل‭ ‬يوم،‭ ‬وتزايد‭ ‬خطر‭ ‬الهجمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬كل‭ ‬ساعة‭. ‬ولكن‭ ‬بفضل‭ ‬المفاوضات‭ ‬المكثفة‭ ‬والجهود‭ ‬المنسقة‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬بها‭ ‬السفارة‭ ‬الكازاخية‭ ‬في‭ ‬كابول‭ ‬ووزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬الكازاخية‭ ‬والقيادة‭ ‬المركزية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬تمَّ‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬اتفاقات‭ ‬وجدول‭ ‬زمني‭ ‬لوصول‭ ‬الطائرة‭ ‬الكازاخية‭.‬

وفي‭ ‬صباح‭ ‬يوم‭ ‬18‭ ‬آب‭/‬أغسطس،‭ ‬انطلقت‭ ‬طائرة‭ ‬نقل‭ ‬عسكرية‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬‮«‬سي‭-‬‭ ‬295‮»‬‭ ‬تابعة‭ ‬للقوات‭ ‬الجوية‭ ‬الكازاخية‭ ‬من‭ ‬مطار‭ ‬بمدينة‭ ‬شيمكنت‭ ‬إلى‭ ‬كابول‭. ‬وكان‭ ‬يوجد‭ ‬على‭ ‬متن‭ ‬الطائرة‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬طاقمها‭ ‬عناصر‭ ‬من‭ ‬القوات‭ ‬الخاصة‭ ‬وأحد‭ ‬الكوادر‭ ‬الطبية‭. ‬وكانت‭ ‬حكومتا‭ ‬أوزبكستان‭ ‬وطاجيكستان‭ ‬اللتان‭ ‬كانت‭ ‬ستطير‭ ‬الطائرة‭ ‬فوق‭ ‬أراضيهما‭ ‬قد‭ ‬وافقتا‭ ‬على‭ ‬مسار‭ ‬الرحلة‭ ‬مسبقاً‭.‬

وتوجهت‭ ‬قافلة‭ ‬من‭ ‬السفارة‭ ‬الكازاخية،‭ ‬تزامن‭ ‬تحركها‭ ‬مع‭ ‬مغادرة‭ ‬الطائرة‭ ‬من‭ ‬شيمكنت،‭ ‬إلى‭ ‬مطار‭ ‬كابول‭. ‬وبالنسبة‭ ‬للطيارين‭ ‬الكازاخيين،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬التحليق‭ ‬عبر‭ ‬المجال‭ ‬الجوي‭ ‬الأفغاني‭ ‬صعباً‭ ‬بسبب‭ ‬التضاريس‭ ‬الجبلية‭ ‬وغياب‭ ‬التوجيه‭ ‬الأرض‭ – ‬جو‭ ‬تماماً،‭ ‬بيد‭ ‬أنَّ‭ ‬خبرة‭ ‬أفراد‭ ‬الطاقم‭ ‬ومهارتهم‭ ‬ساهمت‭ ‬في‭ ‬نجاح‭ ‬عملية‭ ‬الإجلاء‭ ‬من‭ ‬كابول‭.‬

وتجدر‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أنَّ‭ ‬عملية‭ ‬الإجلاء‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬بها‭ ‬وزارتا‭ ‬الدفاع‭ ‬والخارجية‭ ‬الكازاخيتان‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬القيادة‭ ‬المركزية‭ ‬الأمريكية‭ ‬اتسم‭ ‬بقدر‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬التنسيق‭ ‬بين‭ ‬كازاخستان‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬أجواء‭ ‬الأزمة‭.‬

وعلى‭ ‬إثر‭ ‬ذلك،‭ ‬باتت‭ ‬جمهورية‭ ‬كازاخستان‭ ‬الدولة‭ ‬الوحيدة‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬آسيا‭ ‬والأولى‭ ‬بين‭ ‬بلدان‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬سابقاً‭ ‬تجلي‭ ‬مواطنيها‭ ‬ومواطنين‭ ‬أجانب‭ ‬من‭ ‬أفغانستان‭.‬

وكما‭ ‬هي‭ ‬الحال‭ ‬مع‭ ‬إعادة‭ ‬المواطنين‭ ‬الكازاخيين‭ ‬من‭ ‬سوريا،‭ ‬أثبتت‭ ‬كازاخستان‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬للعالم‭ ‬قدراتها‭ ‬على‭ ‬حماية‭ ‬مصالح‭ ‬وحقوق‭ ‬مواطنيها‭ ‬وذوي‭ ‬الأصول‭ ‬الكازاخية‭ ‬في‭ ‬الخارج‭. 

التعليقات مغلقة.