بسالة طيارين

أربعة‭ ‬طيارين‭ ‬باكستانيين‭ ‬ينقذون‭ ‬متسلقي‭ ‬جبال‭ ‬بريطانيين‭ ‬من‭ ‬مرتفعات‭ ‬شاهقة

الرائد‭ ‬مظفر‭ ‬أحمد،‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬الباكستانية‭ ‬

كان‭ ‬يوم‭ ‬29‭ ‬أيار‭/‬مايو‭ ‬2018‭ ‬يومًا‭ ‬هادئا‭ ‬ومشمسًا‭ ‬قام‭ ‬فيه‭ ‬ثلاثة‭ ‬متسلقين‭ ‬متمرسين‭ ‬—‭ ‬بروس‭ ‬نورماند‭ ‬وتيموثي‭ ‬ميلر‭ ‬وكريستيان‭ ‬هوبر‭ ‬—‭ ‬بالبدء‭ ‬في‭ ‬رحلة‭ ‬إلى‭ ‬قمةاولتار‭ ‬سار‭ ‬في‭ ‬باكستان‭. ‬جاء‭ ‬نورماند‭ ‬وميلر‭ ‬من‭ ‬بريطانيا،‭ ‬وانضم‭ ‬هيوبر‭ ‬إليهم‭ ‬من‭ ‬النمسا‭. ‬كان‭ ‬لدى‭ ‬جميع‭ ‬المتسلقين‭ ‬الثلاثة‭ ‬محبة‭ ‬خاصة‭ ‬للمناطق‭ ‬الشمالية‭ ‬من‭ ‬باكستان،‭ ‬ويتضح‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬رحلاتهم‭ ‬إلى‭ ‬قمم‭ ‬الجبال‭ ‬الأخرى‭ ‬خلال‭ ‬مواسم‭ ‬التسلق‭ ‬السابقة‭.‬

بعد‭ ‬أن‭ ‬سافروا‭ ‬جواً‭ ‬إلى‭ ‬جيلجيت،‭ ‬و‭ ‬مروا‭ ‬عبر‭ ‬جني‭ ‬ميدوز،‭ ‬اقاموا‭ ‬في‭ ‬منتجع‭ ‬على‭ ‬ضفة‭ ‬النهر‭ ‬في‭ ‬هونزا‭. ‬كان‭ ‬الوقت‭ ‬والطقس‭ ‬مثاليين‭ ‬للقيام‭ ‬بالرحلة‭. ‬ولأنهم‭ ‬كانوا‭ ‬حريصين‭ ‬على‭ ‬الاقتراب‭ ‬من‭ ‬وجهتهم،‭ ‬فقد‭ ‬ساروا‭ ‬بمحاذاة‭ ‬نهر‭ ‬هونزا‭ ‬لمدة‭ ‬تتراوح‭ ‬من‭ ‬خمس‭ ‬إلى‭ ‬ست‭ ‬ساعات،‭ ‬ووصلوا‭ ‬إلى‭ ‬كرمباد‭. ‬وأضفى‭ ‬الصوت‭ ‬المنعش‭ ‬المستمر‭ ‬للنهر‭ ‬المتدفق‭ ‬بمحاذاة‭ ‬الطريق‭ ‬المزيد‭ ‬على‭ ‬تحمسهم‭. ‬

لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬تسلق‭ ‬قمة‭ ‬“أولتار‭ ‬سار”‭ ‬كانت‭ ‬ستمثل‭ ‬مهمة‭ ‬شاقة،‭ ‬لكن‭ ‬عزمهم‭ ‬كان‭ ‬أعلى‭ ‬من‭ ‬القمة‭ ‬نفسها‭. ‬قمة‭ ‬اولتار‭ ‬سار‭ (‬المسماة‭ ‬أيضا‭ ‬أولتار،‭ ‬وأولتار‭ ‬الثانية،‭ ‬وبوجوهاغور‭ ‬دوناسير‭ ‬الثانية‭) ‬هي‭ ‬أعلى‭ ‬قمة‭ ‬رئيسية‭ ‬في‭ ‬الجنوب‭ ‬الشرقي‭ ‬لباتورا‭ ‬موزتاه،‭ ‬وهي‭ ‬قمم‭ ‬متفرعة‭ ‬عن‭ ‬جبال‭ ‬كاراكورام‭. ‬وتقع‭ ‬على‭ ‬بعد‭ ‬10‭ ‬كيلومترات‭ ‬شمال‭ ‬شرق‭ ‬كرمباد،‭ ‬وهي‭ ‬بلدة‭ ‬على‭ ‬طريق‭ ‬كاراكورام‭ ‬السريع‭ ‬في‭ ‬وادي‭ ‬هونزا‭.‬

على‭ ‬ارتفاع‭ ‬24‭,‬238‭ ‬قدمًا،‭ ‬لا‭ ‬تعد‭ ‬قمة‭ ‬اولتار‭ ‬سار‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أعلى‭ ‬قمم‭ ‬كاراكورام‭ ‬فقط‭ ‬ولكنها‭ ‬مشهورة‭ ‬أيضاً‭ ‬بارتفاعها‭ ‬الهائل‭ ‬فوق‭ ‬التضاريس‭ ‬المحلية‭. ‬ويقع‭ ‬جانبها‭ ‬الجنوبي‭ ‬على‭ ‬ارتفاع‭ ‬17‭,‬388‭ ‬قدم‭ ‬فوق‭ ‬نهر‭ ‬الهونزا‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬كريمباد‭. ‬وهي‭ ‬قمة‭ ‬مذهلة‭ ‬بصرياً‭ ‬في‭ ‬مجموعة‭ ‬جبال‭ ‬باتورا‭ ‬في‭ ‬كاراكورام‭. ‬القمم‭ ‬المحيطة‭ ‬البارزة‭ ‬التي‭ ‬تغطي‭ ‬اولتارهي‭ ‬قمم‭ ‬ليديفينجر،‭ ‬وماربل،‭ ‬وهارشيندر،‭ ‬وباسو،‭ ‬وديران‭. ‬وتشمل‭ ‬الأنهار‭ ‬الجليدية‭ ‬الشهيرة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬عطاباد،‭ ‬وأولتار،‭ ‬وحسن‭ ‬أباد،‭ ‬وباتورا‭.‬

أربعة طيارين أبطال لطائرات هليكوبتر باكستانية يقفون مع اثنين من المتسلقين البريطانيين الذين أنقذوهم. القوات المسلحة الباكستانية

وهي‭ ‬قمة‭ ‬صعبة‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الفنية‭ ‬بالنسبة‭ ‬لمتسلقي‭ ‬الجبال‭ ‬لأنها‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬جليد‭ ‬ثابت،‭ ‬وصخور‭ ‬متدلية،‭ ‬وصدوع،‭ ‬وتلال‭ ‬حادة‭. ‬في‭ ‬الماضي،‭ ‬حاولت‭ ‬مجموعات‭ ‬كثيرة‭ ‬تسلقها‭ ‬لكن‭ ‬أغلب‭ ‬المحاولات‭ ‬باءت‭ ‬بالفشل‭. ‬وكانت‭ ‬المجموعة‭ ‬الوحيدة‭ ‬التي‭ ‬استطاعت‭ ‬تسلق‭ ‬هذه‭ ‬القمة‭ ‬بنجاح‭ ‬كانت‭ ‬مجموعة‭ ‬يابانية‭ ‬وحدث‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1997‭.‬

كان‭ ‬نورماند،‭ ‬وهو‭ ‬فيزيائي‭ ‬عمره‭ ‬51‭ ‬سنة،‭ ‬هو‭ ‬قائد‭ ‬الفريق‭ ‬المكون‭ ‬من‭ ‬ثلاثة‭ ‬أشخاص‭. ‬وكان‭ ‬قد‭ ‬زار‭ ‬باكستان‭ ‬13‭ ‬مرة‭ ‬للمشاركة‭ ‬في‭ ‬رحلات‭ ‬تسلق‭. ‬ولكن‭ ‬ميلر،‭ ‬وهو‭ ‬طالب‭ ‬جيولوجيا‭ ‬يبلغ‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬21‭ ‬عاما،‭ ‬كان‭ ‬يحاول‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬تسلق‭ ‬جبل‭ ‬في‭ ‬باكستان‭. ‬انتقلت‭ ‬المجموعة‭ ‬من‭ ‬كاريمباد‭ ‬إلى‭ ‬شاهاباد‭ ‬حيث‭ ‬مكثوا‭ ‬هناك‭ ‬لمدة‭ ‬أسبوعين‭ ‬للتأقلم‭. ‬وصل‭ ‬الفريق‭ ‬إلى‭ ‬معسكر‭ ‬الأساس‭ ‬في‭ ‬أحمد‭ ‬آباد‭ ‬بتاريخ‭ ‬18‭ ‬حزيران‭/ ‬يونيو‭ ‬2018،‭ ‬وتجهزوا‭ ‬بالكامل‭ ‬بمعدات‭ ‬التسلق‭ ‬المطلوبة‭. ‬وبعد‭ ‬ذلك‭ ‬بيومين،‭ ‬وباستخدام‭ ‬تقنيات‭ ‬التسلق‭ ‬المستخدمة‭ ‬في‭ ‬تسلق‭ ‬جبال‭ ‬الألب،‭ ‬بدأوا‭ ‬في‭ ‬تسلق‭ ‬قمة‭ ‬أولتار‭ ‬ستار‭ ‬بوجود‭ ‬الطقس‭ ‬المثالي‭.‬

كان‭ ‬أسلوب‭ ‬تسلق‭ ‬الجبال‭ ‬المفضل‭ ‬لديهم‭ ‬هو‭ ‬الاكتفاء‭ ‬الذاتي،‭ ‬وحمل‭ ‬كل‭ ‬الغذاء‭ ‬والمأوى‭ ‬والمعدات‭ ‬الخاصة‭ ‬بهم‭ ‬معهم‭ ‬خلال‭ ‬عملية‭ ‬التسلق‭. ‬أثناء‭ ‬سيرهم‭ ‬على‭ ‬مراحل‭ ‬نحو‭ ‬المخيم‭ ‬1‭ ‬والمخيم‭ ‬2،‭ ‬بدأوا‭ ‬يواجهون‭ ‬صعوبات‭ ‬من‭ ‬التلال‭ ‬المتدلية‭ ‬وبدأت‭ ‬المخاوف‭ ‬تنتابهم‭ ‬من‭ ‬الطقس‭ ‬الغادر‭.‬

وفي‭ ‬السابع‭ ‬والعشرين‭ ‬من‭ ‬حزيران‭/‬يونيو،‭ ‬تحول‭ ‬الطقس‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬أسوأ‭ ‬كثيراً‭ ‬مما‭ ‬كان‭ ‬متوقع‭. ‬وعلى‭ ‬ارتفاع‭ ‬يزيد‭ ‬قليلا‭ ‬عن‭ ‬19700‭ ‬قدم،‭ ‬أجبرتهم‭ ‬عاصفة‭ ‬ثلجية‭ ‬على‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬خططهم‭. ‬أثناء‭ ‬انتظارهم‭ ‬فرصة‭ ‬للنزول،‭ ‬حفروا‭ ‬منصة‭ ‬في‭ ‬الثلج‭ ‬لخيمتهم‭ ‬التي‭ ‬تتسع‭ ‬لثلاثة‭ ‬رجال‭ ‬في‭ ‬المعسكر‭ ‬2‭. ‬وفي‭ ‬ليلة‭ ‬29‭ ‬حزيران‭/‬يونيو،‭ ‬في‭ ‬حوالي‭ ‬الساعة‭ ‬الواحدة‭ ‬صباحاً،‭ ‬دفنهم‭ ‬انهيار‭ ‬جليدي‭ ‬تحت‭ ‬6‭ ‬أقدام‭ ‬من‭ ‬الجليد‭.‬

وبدأ‭ ‬الكفاح‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬البقاء‭. ‬شق‭ ‬ميلر‭ ‬طريقه‭ ‬من‭ ‬خيمتهم‭ ‬المدفونة‭ ‬بمشقة‭ ‬كبيرة،‭ ‬ودفع‭ ‬نفسه‭ ‬إلى‭ ‬السطح‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يبدا‭ ‬الحفر‭ ‬لإنقاذ‭ ‬حياة‭ ‬رفاقه‭ ‬المدفونين‭ ‬تحت‭ ‬الثلج‭. ‬قام‭ ‬ميلر‭ ‬بسحب‭ ‬نورماند‭ ‬نصف‭ ‬الحيمن‭ ‬شبه‭ ‬فتحة‭ ‬هوائية‭. ‬ومعاً،‭ ‬بحثوا‭ ‬عن‭ ‬مكان‭ ‬وجود‭ ‬هوبر‭.‬

استغرق‭ ‬الأمر‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ساعة‭ ‬للعثور‭ ‬على‭ ‬زميلهم‭ ‬النمساوي،‭ ‬ولكن‭ ‬هيوبر‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬اختنق‭ ‬تحت‭ ‬وزن‭ ‬الانهيار‭ ‬الجليدي‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يتمكنوا‭ ‬من‭ ‬إنقاذه‭.‬‭ ‬كان‭ ‬عمره‭ ‬40‭ ‬سنة‭ ‬فقط‭. ‬وقال‭ ‬نورماند‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭: ‬“إننا‭ ‬نشعر‭ ‬بالانزعاج‭ ‬والحزن‭ ‬الشديد‭ ‬لأننا‭ ‬لم‭ ‬نتمكن‭ ‬من‭ ‬إنقاذ‭ ‬رفيقنا‭. ‬وعلاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬نشعر‭ ‬بالأسف‭ ‬لأفراد‭ ‬الأسرة،‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬ابن‭ ‬كريستيان‭ ‬الوحيد،‭ ‬لأن‭ ‬محبوبهم‭ ‬قد‭ ‬توفي‭.‬”

وبمجرد‭ ‬خروجهما‭ ‬من‭ ‬الخيمة‭ ‬المدفونة،‭ ‬وجد‭ ‬الإثنان‭ ‬نفسيهما‭ ‬محاصرين‭ ‬في‭ ‬عاصفة‭ ‬ثلجية،‭ ‬وكانا‭ ‬يرتديان‭ ‬فقط‭ ‬طبقات‭ ‬الأساس‭ ‬الرقيقة‭ ‬من‭ ‬الملابس‭. ‬كان‭ ‬عليهم‭ ‬أن‭ ‬يحفروا‭ ‬لإخراج‭ ‬معداتهم‭ ‬كي‭ ‬يتجنبوا‭ ‬الإصابة‭ ‬بقضمة‭ ‬الصقيع‭. ‬قام‭ ‬ميلر‭ ‬و‭ ‬نورماند‭ ‬بالإبلاغ‭ ‬عن‭ ‬حالتهما‭ ‬باستخدام‭ ‬هاتف‭ ‬قمر‭ ‬صناعي‭ ‬متصل‭ ‬بمشغل‭ ‬رحلتهم‭ ‬وطلبا‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬إنقاذهما‭ ‬بمروحية‭. ‬للأسف،‭ ‬في‭ ‬30‭ ‬يونيو،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬الطقس‭ ‬ليسمح‭ ‬بمحاولة‭ ‬الإنقاذ‭. ‬وأمضى‭ ‬متسلقا‭ ‬الجبال‭ ‬الناجيان‭ ‬يومين‭ ‬في‭ ‬خيمتهما‭ ‬التالفة،‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬أن‭ ‬تهدأ‭ ‬الأحوال‭ ‬الجوية‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تسنح‭ ‬لهما‭ ‬الفرصة‭ ‬كي‭ ‬يتم‭ ‬نقلهما‭ ‬جوا‭ ‬إلى‭ ‬بر‭ ‬الأمان‭. ‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الطقس‭ ‬كان‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬غير‭ ‬موات،‭ ‬أقلع‭ ‬طيارو‭ ‬سرب‭ ‬القوات‭ ‬الجوية‭ ‬الباكستانية‭ ‬رقم‭ ‬5‭ ‬من‭ ‬سكاردو‭ ‬إلى‭ ‬قمة‭ ‬اولتار‭ ‬في‭ ‬1‭ ‬تموز‭/‬يوليه‭ ‬في‭ ‬الساعة‭ ‬الخامسة‭ ‬صباحاً‭. ‬بعد‭ ‬ساعة‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬وصل‭ ‬التشكيل‭ ‬المكون‭ ‬من‭ ‬طائرتين‭ ‬عموديتين‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬إكوريول‭ ‬يقودها‭ ‬الرائد‭ ‬فخار‭ ‬عباس،‭ ‬مع‭ ‬الطيار‭ ‬المساعدإرتضى‭ ‬علي‭ ‬حمداني،‭ ‬والرائد‭ ‬عابد‭ ‬رفيق،‭ ‬مع‭ ‬الطيار‭ ‬المساعدالرائد‭ ‬ضياء‭ ‬الرحمن‭.‬

وبعد‭ ‬التزود‭ ‬بالوقود،‭ ‬أقلعوا‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬ووصلوا‭ ‬في‭ ‬حوالي‭ ‬الساعة‭ ‬6‭:‬30‭ ‬صباحاً‭ ‬إلى‭ ‬منطقة‭ ‬الانهيار‭ ‬الجليدية‭ ‬التي‭ ‬تقع‭ ‬على‭ ‬بعد‭ ‬4‭ ‬أميال‭ ‬تقريبا‭ ‬فوق‭ ‬مستوى‭ ‬سطح‭ ‬البحر‭. ‬وحلقوا‭ ‬حوالي‭ ‬20‭ ‬دقيقة‭ ‬لمعرفة‭ ‬الموقع‭ ‬بالضبط‭. ‬ثم‭ ‬بدأ‭ ‬التحدي‭ ‬الحقيقي‭. ‬فبحسب‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬قائد‭ ‬التشكيل‭ ‬الرائد‭ ‬فخر‭ ‬العباس‭:‬

“بدأنا‭ ‬بتحليل‭ ‬الموقع‭ ‬لمعرفة‭ ‬إمكانية‭ ‬الهبوط‭. ‬كان‭ ‬ارتفاعاً‭ ‬شاهقاً‭. ‬ما‭ ‬اثار‭ ‬خوفنا‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬هناك‭ ‬اي‭ ‬من‭ ‬الوسائل‭ ‬الأساسية‭ ‬للهبوط‭ ‬مثل‭ ‬جورب‭ ‬الرياح،‭ ‬أية‭ ‬دلالة‭ ‬على‭ ‬مهبط‭ ‬طائرات‭ ‬الهليكوبتر،‭ ‬أو‭ ‬الأرض‭ ‬المستوية،‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬ميزة‭ ‬تسهل‭ ‬مهمتنا‭. ‬قمنا‭ ‬بعدة‭ ‬محاولات‭ ‬للتحقق‭ ‬من‭ ‬تكوين‭ ‬الهبوط‭ ‬وتوافر‭ ‬بعض‭ ‬الهوامش‭ ‬الآمنة‭. ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬مواتاة‭ ‬الهوامش‭ ‬بشكل‭ ‬كبير،‭ ‬ودرجة‭ ‬الحرارة‭ ‬السائدة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬2‭ ‬درجة‭ ‬مئوية‭ ‬تحت‭ ‬الصفر،‭ ‬إلا‭ ‬أننا‭ ‬خططنا‭ ‬أخيرا‭ ‬للهبوط‭. ‬هبط‭ ‬الرائد‭ ‬عابد‭ ‬رفيق‭ ‬على‭ ‬صخرة‭ ‬جليدية‭ ‬بشكل‭ ‬احترافي‭ ‬للغاية،‭ ‬والتقط‭ ‬تيم‭ ‬ميلر‭ ‬وكريتسان‭ ‬المتوفى‭ [‬هوبر‭].‬‭ ‬ثم‭ ‬قمت‭ ‬بمحاولة،‭ ‬والتقطت‭ ‬السيد‭ ‬بروس‭ ‬نورماند‭ ‬باستخدام‭ ‬المعدات‭ ‬وطرت‭ ‬إلى‭ ‬الوراء‭. ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬هبوط‭ ‬تاريخي‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬على‭ ‬ارتفاع‭ ‬19700‭ ‬قدم‭. ‬كان‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬أي‭ ‬خطأ‭ ‬صغير‭ ‬أو‭ ‬خطأ‭ ‬في‭ ‬التقدير‭ ‬أن‭ ‬يودي‭ ‬بحياتنا‭ ‬جميعاً‭ ‬مكوثنا‭ ‬على‭ ‬الحافة‭ ‬الحادة”‭.‬

وعند‭ ‬الساعة‭ ‬السابعة‭ ‬والنصف‭ ‬صباحاً‭ ‬هبطت‭ ‬الطائرات‭ ‬العامودية‭ ‬بسلام‭ ‬في‭ ‬هونزا‭.‬

وقد‭ ‬حظيت‭ ‬هذه‭ ‬المهمة‭ ‬الجريئة‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬الرائد‭ ‬فاخار‭ ‬عباس‭ ‬وفريقه‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬غير‭ ‬عادية‭ ‬وصعبة‭ ‬بالاعتراف‭ ‬والإشادة‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬سكان‭ ‬الجبال‭ ‬بل‭ ‬أيضاً‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬المفوضية‭ ‬السامية‭ ‬البريطانية‭ ‬في‭ ‬باكستان،‭ ‬ووسائط‭ ‬الإعلام‭ ‬الدولية‭. ‬ولم‭ ‬يرفع‭ ‬العمل‭ ‬الرائع‭ ‬الذي‭ ‬قام‭ ‬به‭ ‬الطيارون‭ ‬التابعون‭ ‬للجيش‭ ‬الباكستاني‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬معنويات‭ ‬متسلقي‭ ‬الجبال‭ ‬الذين‭ ‬يرغبون‭ ‬في‭ ‬زيارة‭ ‬باكستان‭ ‬لتسلق‭ ‬القمم‭ ‬المختلفة،‭ ‬بل‭ ‬حسّن‭ ‬أيضاًصورة‭ ‬باكستان‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الدولي‭.‬

نحن‭ ‬فخورون‭ ‬حقاً‭ ‬بطيارينا‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يثبتون‭ ‬حماستهم‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬باكستان‭ ‬ضد‭ ‬الإرهاب‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬يضطلعون‭ ‬أيضا‭ ‬بدور‭ ‬هام‭ ‬في‭ ‬أعمال‭ ‬الإغاثة‭ ‬في‭ ‬حالات‭ ‬الكوارث‭ ‬وفي‭ ‬القيام‭ ‬بمهام‭ ‬الإنقاذ‭ ‬بالطائرة‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬صعبة‭. 

التعليقات مغلقة.