اصطياد قائد إرهابي

بصبر وتأن، أمضى جهاز مكافحة الإرهاب العراقي سنوات في تعقب أحد قادة داعش

القصة‭ ‬والصور‭ ‬من‭ ‬جهاز‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬العراقي‭ ‬

تعتمد فاعلية‭ ‬الحرب‭ ‬ضد‭ ‬المجاميع‭ ‬الإرهابية‭ ‬اعتمادًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬الاستخباري‭ ‬الدقيق‭ ‬وتعقب‭ ‬أثر‭ ‬قيادات‭ ‬الصف‭ ‬الأول‭ ‬للتنظيم‭. ‬وهذا‭ ‬العمل‭ ‬الذي‭ ‬يكتنفه‭ ‬التعقيد‭ ‬يحتاج‭ ‬لوقت‭ ‬طويل‭ ‬وجهد‭ ‬مضن‭ ‬لتحديد‭ ‬هوية‭ ‬قيادات‭ ‬الصف‭ ‬الأول‭ ‬وتحديد‭ ‬مواقعهم‭ ‬وطبيعة‭ ‬عملهم،‭ ‬ومعرفة‭ ‬كيفية‭ ‬تواصلهم‭ ‬مع‭ ‬من‭ ‬يعمل‭ ‬بأمرتهم‭ ‬لتنفيذ‭ ‬العمليات‭. ‬ويحتاج‭ ‬رجل‭ ‬الاستخبارات‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأساسية‭ ‬كسب‭ ‬قلوب‭ ‬السكان‭ ‬لأنهم‭ ‬من‭ ‬يمتلك‭ ‬مفاتيح‭ ‬المعلومات‭ ‬التي‭ ‬تقود‭ ‬لمخابئ‭ ‬الإرهابيين‭. ‬لذلك‭ ‬ساعدت‭ ‬المعلومات‭ ‬التي‭ ‬وفرها‭ ‬المواطنون‭ ‬رجال‭ ‬كتيبة‭ ‬الاستطلاع‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬جهاز‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬على‭ ‬تتبع‭ ‬وملاحقة‭ ‬الإرهابي‭ ‬أحمد‭ ‬محسن‭ ‬نجم‭ ‬حسين‭ ‬الكرطاني‭ ‬المعروف‭ ‬بأسمه‭ ‬الحركي‭ (‬أبو‭ ‬نبأ‭)‬،‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬اعتقاله‭ ‬في‭ ‬تشرين‭ ‬الأول‭/‬أكتوبر‭ ‬2020‭ ‬بعد‭ ‬تكليفه‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬داعش‭ ‬بتنشيط‭ ‬العمل‭ ‬الإرهابي‭ ‬في‭ ‬بغداد‭.‬

شغل‭ ‬الإرهابي‭ ‬أبو‭ ‬نبأ‭ ‬منصب‭ ‬منسق‭ ‬ولاية‭ ‬العراق‭ ‬في‭ ‬تنظيم‭ ‬داعش‭ ‬الإرهابي،‭ ‬وحسب‭ ‬التقارير‭ ‬الإستخبارية،‭ ‬فأنه‭ ‬انخرط‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬الفصائل‭ ‬“الجهادية”‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2003‭ ‬وشهد‭ ‬مبايعة‭ ‬تلك‭ ‬المجاميع‭ ‬تنظيم‭ ‬القاعدة‭ ‬بقيادة‭ ‬أبو‭ ‬مصعب‭ ‬الزرقاوي‭ ‬عام‭ ‬2006‭ .‬وبعد‭ ‬تشكيل‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بـ‭ ‬“دولة‭ ‬العراق‭ ‬الإسلامية”‭ ‬أصبح‭ ‬أبو‭ ‬نبأ‭ ‬من‭ ‬قيادات‭ ‬التنظيم‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬وشغل‭ ‬منصب‭ ‬“شرعي‭ ‬قاطع‭ ‬الكرخ‭ ‬الجنوبي‭ ‬ولاية‭ ‬بغداد”،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬انتقل‭ ‬إلى‭ ‬منصب‭ ‬إداري‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬القاطع‭. ‬وكانت‭ ‬تربطه‭ ‬علاقة‭ ‬وثيقة‭ ‬بالإرهابي‭ ‬مناف‭ ‬الراوي،‭ ‬والي‭ ‬بغداد‭ ‬آنذاك‭ ‬والذي‭ ‬تم‭ ‬اعتقاله‭ ‬عام‭ ‬2010‭.‬

ولد‭ ‬أبو‭ ‬نبأ‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬عام‭ ‬1970،‭ ‬لعائلة‭ ‬كبيرة‭ ‬العدد،‭ ‬وأكمل‭ ‬دراسته‭ ‬فيها‭. ‬تخرج‭ ‬من‭ ‬كلية‭ ‬الإدارة‭ ‬والاقتصاد،‭ ‬جامعة‭ ‬بغداد‭. ‬كان‭ ‬متعمقا‭ ‬بقراءة‭ ‬الكتب‭ ‬الدينية‭ ‬في‭ ‬تسعينيات‭ ‬القرن‭ ‬المنصرم‭ ‬حيث‭ ‬تبنى‭ ‬النظام‭ ‬العراقي‭ ‬السابق‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬بالحملة‭ ‬الإيمانية‭ ‬لامتصاص‭ ‬غضب‭ ‬الشارع‭ ‬الناقم‭ ‬بسبب‭ ‬تردي‭ ‬الوضع‭ ‬المعيشي‭ ‬بعد‭ ‬حرب‭ ‬تحرير‭ ‬الكويت‭.‬

نتيجة‭ ‬لذلك،‭ ‬تعلم‭ ‬الكثير‭ ‬في‭ ‬فقه‭ ‬الشريعة‭ ‬إذ‭ ‬كان‭ ‬قارئ‭ ‬نهم‭ ‬يقرأ‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يقع‭ ‬بين‭ ‬يديه‭ ‬من‭ ‬الكتب‭ ‬العلمانية‭ ‬والإسلامية‭ ‬المتطرفة‭ ‬وليس‭ ‬لديه‭ ‬معرفة‭ ‬عميقة‭ ‬بالفقه‭ ‬الاسلامي‭ ‬فحسب؛‭ ‬بل‭ ‬بحث‭ ‬كذلك‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أصول‭ ‬الدين‭. ‬قبل‭ ‬انضمامه‭ ‬للتنظيمات‭ ‬المتطرفة،‭ ‬كان‭ ‬يمارس‭ ‬رياضة‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬وكان‭ ‬لاعبا‭ ‬معروفا‭ ‬في‭ ‬الأندية‭ ‬حيث‭ ‬لعب‭ ‬لناديي‭ ‬الطلبة‭ ‬والقوة‭ ‬الجوية‭. ‬

‭ ‬تم‭ ‬اعتقاله‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬قوات‭ ‬التحالف‭ ‬الدولي‭ ‬أثناء‭ ‬العنف‭ ‬الطائفي‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬عام‭ ‬2007‭ ‬وأودع‭ ‬سجن‭ ‬بوكا‭ ‬جنوب‭ ‬البصرة‭ ‬الذي‭ ‬كانت‭ ‬تديره‭ ‬قوات‭ ‬التحالف‭. ‬مكث‭ ‬في‭ ‬السجن‭ ‬عامين‭ ‬وتم‭ ‬إطلاق‭ ‬سراحه‭ ‬عام‭ ‬2009‭ ‬مع‭ ‬بقية‭ ‬المعتقلين‭ ‬إبان‭ ‬استقرار‭ ‬الوضع‭ ‬الأمني‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وإطلاق‭ ‬الحكومة‭ ‬العراقية‭ ‬برنامج‭ ‬المصالحة‭ ‬الوطنية،‭ ‬إذ‭ ‬تعهد‭ ‬المعتقلون‭ ‬خطياً‭ ‬بإعادة‭ ‬الاندماج‭ ‬بالمجتمع‭ ‬وعدم‭ ‬العودة‭ ‬للأنشطة‭ ‬الإرهابية‭. ‬لكن‭ ‬أبو‭ ‬نبأ‭ ‬لم‭ ‬يف‭ ‬بالعهد‭ ‬بل‭ ‬عاد‭ ‬للعمل‭ ‬الإرهابي‭ ‬بعد‭ ‬اطلاق‭ ‬سراحه‭ ‬بأسابيع‭. ‬هذه‭ ‬المرة،‭ ‬شغل‭ ‬منصب‭ ‬مهم‭ ‬في‭ ‬صنع‭ ‬وتطوير‭ ‬الأسلحة‭ ‬والمتفجرات‭ ‬في‭ ‬ولاية‭ ‬بغداد‭. ‬وكان‭ ‬يعمل‭ ‬كمساعد‭ ‬أول‭ ‬للإرهابي‭ ‬المقبور‭ ‬معتز‭ ‬نومان‭ ‬عبد‭ ‬نايف‭ ‬الجبوري‭ ‬المكنى‭ ‬“حجي‭ ‬تيسير”‭ ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬يشغل‭ ‬منصب‭ ‬أمير‭ ‬التطوير‭ ‬والتجهيز‭ ‬للخلافة،‭ ‬إذ‭ ‬كلف‭ ‬أبو‭ ‬نبأ‭ ‬بمهمة‭ ‬تجنيد‭ ‬المهندسين‭ ‬والفنيين‭ ‬وتقديم‭ ‬مغريات‭ ‬مادية‭ ‬ومعنوية‭ ‬واستخدام‭ ‬التهديد‭ ‬والترهيب‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬رفضهم‭ ‬للعرض‭.‬

الوحدة التكتيكية التابعة لجهاز مكافحة الإرهاب أثناد تنفيذ واجب في المدينة القديمة في الموصل، 2020.

‬كانت‭ ‬خطة‭ ‬حجي‭ ‬تيسير‭ ‬وأبو‭ ‬نبأ‭ ‬ترتكز‭ ‬على‭ ‬محاولة‭ ‬صنع‭ ‬مفخخات‭ ‬ضخمة‭ ‬تفوق‭ ‬قدرتها‭ ‬التفجيرية‭ ‬القصف‭ ‬الصاروخي،‭ ‬وذلك‭ ‬لمضاعفة‭ ‬الخسائر‭ ‬البشرية‭ ‬والمادية‭ ‬لزعزعة‭ ‬الاستقرار‭ ‬الأمني‭ ‬النسبي‭ ‬في‭ ‬بغداد‭. ‬وكانت‭ ‬نتائج‭ ‬الخطة‭ ‬الإرهابية‭ ‬كبيرة‭ ‬جدا،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬تفجير‭ ‬شاحنات‭ ‬ثقيلة‭ ‬محملة‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬طن‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬شديدة‭ ‬الانفجار‭ ‬استهدفت‭ ‬أماكن‭ ‬حساسة‭ ‬في‭ ‬العاصمة،‭ ‬أولها‭ ‬كان‭ ‬انفجار‭ ‬“الأربعاء‭ ‬الدامي”‭ ‬الذي‭ ‬استهدف‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الصالحية‭ ‬عام‭ ‬2010‭ ‬تبعه‭ ‬انفجارات‭ ‬أسبوعية‭ ‬مماثلة‭ ‬لمباني‭ ‬الحكومة‭ ‬المحلية‭ ‬لمحافظة‭ ‬بغداد‭ ‬ووزارة‭ ‬العدل‭ ‬ووزارة‭ ‬المالية‭. ‬انفجارات‭ ‬حصدت‭ ‬أرواح‭ ‬الأبرياء‭ ‬من‭ ‬مراجعي‭ ‬الوزارات‭ ‬وموظفيها‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭. ‬

‭ ‬بعد‭ ‬توجيه‭ ‬ضربة‭ ‬قاصمة‭ ‬لتنظيم‭ ‬دولة‭ ‬العراق‭ ‬الإسلامية‭ ‬عام‭ ‬2010‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬اعتقال‭ ‬الإرهابي‭ ‬مناف‭ ‬الراوي‭ ‬ومقتل‭ ‬الإرهابي‭ ‬أبو‭ ‬عمر‭ ‬البغدادي‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يشغل‭ ‬منصب‭ ‬أمير‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بدولة‭ ‬العراق‭ ‬الإسلامية‭ ‬وقائده‭ ‬العسكري‭ ‬الإرهابي‭ ‬أبو‭ ‬أيوب‭ ‬المصري‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬أمنية‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الثرثار،‭ ‬تفكك‭ ‬تنظيم‭ ‬دولة‭ ‬العراق‭ ‬الإسلامية‭ ‬وتم‭ ‬اعتقال‭ ‬معظم‭ ‬قياداته،‭ ‬وهرب‭ ‬الآخرون‭ ‬الى‭ ‬خارج‭ ‬العراق‭ ‬وإختبأ‭ ‬بعضهم‭ ‬في‭ ‬الصحاري،‭ ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬هؤلاء‭ ‬كان‭ ‬الإرهابي‭ ‬أبو‭ ‬نبأ‭. ‬شهد‭ ‬العراق‭ ‬بعد‭ ‬تلك‭ ‬الضربة‭ ‬استقرارا‭ ‬أمنيا‭ ‬ملحوظا‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬2011‭-‬2012‭. ‬

لكن‭ ‬ما‭ ‬إن‭ ‬أختفى‭ ‬التنظيم‭ ‬الإرهابي‭ ‬حتى‭ ‬ظهر‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬نهاية‭ ‬عام‭ ‬2012‭ ‬بتدشين‭ ‬عملية‭ ‬إرهابية‭ ‬في‭ ‬قضاء‭ ‬حديثة‭. ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬عملية‭ ‬مؤثرة‭ ‬لكنها‭ ‬اُستغلت‭ ‬إعلاميا‭ ‬لشن‭ ‬حملة‭ ‬تجنيد‭ ‬ولتكون‭ ‬دعاية‭ ‬إعلامية‭ ‬تطمئن‭ ‬أنصارهم‭ ‬بأنهم‭ ‬ما‭ ‬زالوا‭ ‬يعملون‭ ‬في‭ ‬الساحة‭. ‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬2013‭ ‬في‭ ‬قمة‭ ‬أعمال‭ ‬العنف‭ ‬في‭ ‬سورية‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬تدفق‭ ‬الأموال‭ ‬والتبرعات‭ ‬والتعبئة‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬بها‭ ‬عناصر‭ ‬مشبوهة‭ ‬ورجال‭ ‬دين‭ ‬متطرفون،‭ ‬أصبحت‭ ‬الساحة‭ ‬السورية‭ ‬مرتعاً‭ ‬للتنظيمات‭ ‬المتطرفة‭ ‬ووجد‭ ‬الهاربون‭ ‬في‭ ‬الصحاري‭ ‬مكانا‭ ‬آمنا‭ ‬لهم‭ ‬داخل‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تسيطر‭ ‬عليها‭ ‬الجماعات‭ ‬المتطرفة‭. ‬فأعلن‭ ‬الإرهابي‭ ‬إبراهيم‭ ‬عواد‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يكنى‭ ‬ب‭ ‬“أبو‭ ‬بكر‭ ‬البغدادي”‭ -‬أمير‭ ‬دولة‭ ‬العراق‭ ‬الإسلامية‭- ‬ضم‭ ‬سورية‭ ‬لدولته‭ ‬المزعومة‭ ‬وأصبح‭ ‬اسمها‭ ‬الجديد‭ ‬“الدولة‭ ‬الاسلامية‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬والشام”‭ (‬داعش‭) ‬وصارت‭ ‬حفلات‭ ‬الدم‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬جز‭ ‬الرؤوس‭ ‬وتفجير‭ ‬المفخخات‭ ‬والاغتيالات‭ ‬بالأسلحة‭ ‬ذات‭ ‬الكواتم‭ ‬مشاهد‭ ‬مألوفة‭ ‬في‭ ‬مدن‭ ‬عدة‭ ‬وأصبح‭ ‬المطلوبون‭ ‬أمنيا‭ – ‬بما‭ ‬فيهم‭ ‬أبو‭ ‬نبأ‭ – ‬قادة‭ ‬لداعش‭. ‬

بعد‭ ‬اجتماع‭ ‬قادة‭ ‬داعش‭ ‬في‭ ‬قضاء‭ ‬الفلوجة‭ ‬عام‭ ‬2013‭ ‬لغرض‭ ‬اتمام‭ ‬عملية‭ ‬احتلال‭ ‬المناطق‭ ‬ورسم‭ ‬السياسة‭ ‬المستقبلية‭ ‬للتنظيم،‭ ‬عُيِّنَ‭ ‬أبو‭ ‬نبأ‭ ‬بمنصب‭ ‬قاضي‭ ‬ولاية‭ ‬بغداد‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬المقربين‭ ‬من‭ ‬الإرهابي‭ ‬أبو‭ ‬جعفر‭ ‬والي‭ ‬بغداد‭. ‬

وبعد‭ ‬احتلال‭ ‬المحافظات‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬التنظيم‭ ‬الإرهابي،‭ ‬تم‭ ‬تكليفه‭ ‬بإدارة‭ ‬الشؤون‭ ‬الادارية‭ ‬للدولة‭ ‬الاسلامية‭ ‬من‭ ‬محافظة‭ ‬اربيل‭ -‬عاصمة‭ ‬كردستان‭ ‬العراق‭- ‬وخلال‭ ‬تسلله‭ ‬اليها‭ ‬وإقامته‭ ‬السرية‭ ‬في‭ ‬اربيل،‭ ‬كان‭ ‬يستقبل‭ ‬رسائل‭ ‬ورقية‭ ‬محررة‭ ‬من‭ ‬الإرهابي‭ ‬حجي‭ ‬تيسير‭ ‬والي‭ ‬العراق‭ ‬تتضمن‭ ‬اسئلة‭ ‬واستفتاءات‭ ‬شرعية‭ ‬و‭ ‬امور‭ ‬استشارية‭ ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬السياسة‭ ‬للتنظيم‭. ‬

‭ ‬كان‭ ‬أبو‭ ‬نبأ‭ ‬مسؤولا‭ ‬عن‭ ‬نقل‭ ‬عوائل‭ ‬القيادات‭ ‬الإرهابية‭ ‬من‭ ‬سوريا‭ ‬وتركيا‭ ‬الى‭ ‬محافظة‭ ‬نينوى‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬سيطرة‭ ‬التنظيم‭ ‬عليها‭ ‬ومن‭ ‬ضمنها‭ ‬عائلة‭ ‬الإرهابي‭ ‬الدكتور‭ ‬اسماعيل‭ ‬العيثاوي‭ (‬أبو‭ ‬زيد‭ ‬العراقي‭) ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يشغل‭ ‬منصب‭ ‬عضو‭ ‬في‭ ‬اللجنة‭ ‬المفوضة‭ ‬في‭ ‬التنظيم‭. ‬

عام‭ ‬2016‭ ‬تم‭ ‬استدعاءه‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬اللجنة‭ ‬المفوضة،‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الإرهابي‭ ‬أبو‭ ‬زيد‭ ‬العراقي‭ ‬الملقى‭ ‬القبض‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬جهاز‭ ‬المخابرات‭ ‬الوطني،‭ ‬حيث‭ ‬كلف‭ ‬بمهمة‭ ‬فتح‭ ‬استثمارات‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬تقع‭ ‬تحت‭ ‬سيطرة‭ ‬التنظيم‭ ‬لتمويل‭ ‬التنظيم‭ ‬ذاتيا‭ ‬بعد‭ ‬ان‭ ‬ضاق‭ ‬عليهم‭ ‬الخناق‭. ‬توجه‭ ‬أبو‭ ‬نبأ‭ ‬من‭ ‬أربيل‭ ‬الى‭ ‬تركيا‭ ‬وكان‭ ‬بانتظاره‭ ‬الإرهابي‭ ‬طالب‭ ‬الزوبعي‭ ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬يعمل‭ ‬ضمن‭ ‬شبكة‭ ‬المهربين‭ ‬الذين‭ ‬ينقلون‭ ‬الأشخاص‭ ‬والبريد‭ ‬لداعش،‭ ‬وتم‭ ‬نقله‭ ‬من‭ ‬تركيا‭ ‬الى‭ ‬محافظة‭ ‬الرقة‭ ‬السورية،‭ ‬وقام‭ ‬بفتح‭ ‬واجهات‭ ‬تجارية‭ ‬مثل‭ ‬العقارات‭ ‬والشركات‭ ‬والاسثمارات‭ ‬الاخرى‭ ‬التي‭ ‬توجه‭ ‬عائداتها‭ ‬لداعش‭ ‬ويديرها‭ ‬اشخاص‭ ‬محليون‭ ‬للتمويه‭. ‬

مجموعة من مقاتلي جهاز مكافحة الإرهاب يجرون تدريب خاص في نهر دجلة.

في‭ ‬بداية‭ ‬عام‭ ‬2020،‭ ‬تم‭ ‬استدعاء‭ ‬أبو‭ ‬نبأ‭ ‬من‭ ‬الرقة‭ ‬الى‭ ‬تركيا‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬شخصين‭ (‬أبو‭ ‬بكر‭) ‬و‭ (‬أبو‭ ‬محمد‭) ‬المرتبطين‭ ‬باللجنة‭ ‬المفوضة‭ ‬والتي‭ ‬ترتبط‭ ‬مباشرة‭ ‬بما‭ ‬يسمى‭ ‬الخليفة،‭ ‬وتم‭ ‬تكليفه‭ ‬بإدارة‭ ‬وتنسيق‭ ‬أعمال‭ ‬ولاية‭ ‬العراق‭ ‬وإعادة‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬قاطع‭ ‬بغداد‭ ‬وتشكيل‭ ‬مفارز‭ ‬أمنية‭ ‬وعسكرية‭ ‬وإعلامية‭ ‬ضمن‭ ‬قاطع‭ ‬بغداد،في‭ ‬محاولة‭ ‬لإعادة‭ ‬نشاط‭ ‬داعش‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تكبد‭ ‬ضربات‭ ‬قاصمة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬القوات‭ ‬الأمنية‭ ‬العراقية‭. ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يخطر‭ ‬ببال‭ ‬أبو‭ ‬نبأ‭ ‬ان‭ ‬استخبارات‭ ‬جهاز‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬تراقب‭ ‬تحركاته‭ ‬وإنه‭ ‬سيقع‭ ‬في‭ ‬قبضة‭ ‬العدالة‭. ‬

‭ ‬بعد‭ ‬دخوله‭ ‬للعراق،‭ ‬تم‭ ‬تشكيل‭ ‬فريق‭ ‬استهداف‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مديرية‭ ‬إستخبارات‭ ‬جهاز‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬لغرض‭ ‬متابعة‭ ‬تحركاته‭ ‬واتصالاته‭ ‬داخل‭ ‬العراق‭ ‬واستحصال‭ ‬الموافقات‭ ‬القضائية‭ ‬لغرض‭ ‬القاء‭ ‬القبض‭ ‬عليه‭.‬

بعد‭ ‬مراقبة‭ ‬ومتابعة‭ ‬دامت‭ ‬عدة‭ ‬شهور‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬استخبارات‭ ‬وحدة‭ ‬الاستطلاع،‭ ‬تم‭ ‬الشروع‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬أكتوبر،‭ ‬2020‭ ‬بالقاء‭ ‬القبض‭ ‬على‭ ‬الخلية‭ ‬الإرهابية‭ ‬التي‭ ‬يديرها‭ ‬أبو‭ ‬نبأ،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬يتواجد‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬لغرض‭ ‬لقاء‭ ‬والي‭ ‬بغداد‭ ‬والقائد‭ ‬العسكري‭ ‬العام‭ ‬لما‭ ‬يسمى‭ ‬“ولاية‭ ‬بغداد‭.‬”

‭ ‬تم‭ ‬استنفار‭ ‬فرق‭ ‬المتابعة‭ ‬والمراقبة‭ ‬لوحدة‭ ‬الاستطلاع‭ ‬الأولى،‭ ‬وليومين‭ ‬متتاليين‭ ‬واضبت‭ ‬الفرق‭ ‬على‭ ‬متابعة‭ ‬أبو‭ ‬نبأ‭ ‬من‭ ‬خروجه‭ ‬من‭ ‬محافظة‭ ‬أربيل‭ ‬وحتى‭ ‬دخوله‭ ‬بغداد‭. ‬كان‭ ‬أثنائها‭ ‬يتنقل‭ ‬داخل‭ ‬مناطق‭ ‬بغداد،‭ ‬وفي‭ ‬اليوم‭ ‬الثالث‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬اكمل‭ ‬مهمته‭ ‬وحاول‭ ‬مغادرة‭ ‬بغداد‭ ‬إلى‭ ‬محافظة‭ ‬أربيل،‭ ‬تم‭ ‬استدراجه‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أحد‭ ‬عناصر‭ ‬الاستطلاع‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬ينتحل‭ ‬صفة‭ ‬سائق‭ ‬سيارة‭ ‬إجرة‭ ‬عند‭ ‬دخوله‭ ‬إلى‭ ‬شارع‭ ‬مطار‭ ‬بغداد‭ ‬الدولي‭ ‬كانت‭ ‬سيطرة‭ ‬استخبارات‭ ‬جهاز‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬بانتظارهم‭ ‬فوقع‭ ‬في‭ ‬الفخ‭. ‬وهكذا‭ ‬سقط‭ ‬احد‭ ‬أخطر‭ ‬الإرهابيين‭ ‬في‭ ‬قبضة‭ ‬العدالة‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬المطاردة‭ ‬لارتكابه‭ ‬جرائم‭ ‬إرهابية‭ ‬بحق‭ ‬الأبرياء‭.  

التعليقات مغلقة.