حصن حصين في وجه الإرهاب

Egyptian President Abdel Fattah El-Sisi attends the final session of the League of Arab States-EU Summit in 2019 beside then-European Council President Donald Tusk. Terrorism was among the issues that topped the agenda. AFP/GETTY IMAGES

مصر‭ ‬تعتبر‭ ‬التطرف‭ ‬العنيف‭ ‬تهديداً‭ ‬عالمياً

اللواء‭ ‬مسعد‭ ‬الششتاوى،‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬المصرية

يعتبرالتمرين‭ ‬المصري‭ ‬الأمريكي‭ ‬المشترك‭ ‬‮«‬النجم‭ ‬الساطع‮»‬‭ ‬واحداً‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬وأكبر‭ ‬التمارين‭ ‬العسكرية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1980،‭ ‬ويهدف‭ ‬إلى‭ ‬تبادل‭ ‬الخبرات‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬مجالات‭ ‬وتعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬لمواجهة‭ ‬التحديات،‭ ‬ويعتبر‭ ‬الإرهاب‭ ‬واحداً‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬التحديات‭.‬

الإرهاب‭ ‬يأكل‭ ‬مَن‭ ‬يصنعه‭ ‬ومَن‭ ‬يأويه‭ ‬ومَن‭ ‬يدعمه؛‭ ‬لا‭ ‬وطن‭ ‬له‭ ‬ولا‭ ‬دين؛‭ ‬فهو‭ ‬خطر‭ ‬عالمي‭ ‬لا‭ ‬يقع‭ ‬تأثيره‭ ‬على‭ ‬دولة‭ ‬بعينها،‭ ‬بل‭ ‬يمثل‭ ‬خطراً‭ ‬حقيقياً‭ ‬يواجه‭ ‬الوجود‭ ‬البشرى‭ ‬وحضارته،‭ ‬وأضر‭ ‬بالفعل‭ ‬كافة‭ ‬الدول‭ ‬والمجتمعات‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء،‭ ‬حتى‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى‭ ‬لم‭ ‬تأمن‭ ‬مخاطره‭.‬

فالإرهاب‭ ‬ضرب‭ ‬مصر‭ ‬والعديد‭ ‬من‭ ‬الدول،‭ ‬واقترب‭ ‬خطره‭ ‬بالفعل‭ ‬من‭ ‬أوروبا‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬ويتوسع‭ ‬في‭ ‬إفريقيا؛‭ ‬والفعل‭ ‬الإرهابي‭ ‬الواحد‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يشارك‭ ‬في‭ ‬تنفيذه‭ ‬جماعات‭ ‬من‭ ‬جنسية‭ ‬واحدة‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬جنسيات‭ ‬متعددة،‭ ‬بينما‭ ‬تكون‭ ‬ضحاياه‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬أخري؛‭ ‬فحوادث‭ ‬اختطاف‭ ‬الطائرات‭ ‬مثلاً‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬ركاب‭ ‬من‭ ‬عدة‭ ‬دول‭.‬

ويُعرَّف‭ ‬الإرهاب‭ ‬عموماً‭ ‬بأنه‭ ‬ذلك‭ ‬الفعل‭ ‬الذي‭ ‬يستهدف‭ ‬ترويع‭ ‬فرد‭ ‬أو‭ ‬جماعة‭ ‬أو‭ ‬مؤسسة‭ ‬أو‭ ‬دولة‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬ممارسة‭ ‬العنف‭ ‬والتهديد‭ ‬وإشاعة‭ ‬الخوف‭ ‬وعدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬بالاغتيال‭ ‬والتشويه‭ ‬والتخريب‭ ‬والتعذيب‭ ‬وهدم‭ ‬المعنويات‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬سياسية‭ ‬لا‭ ‬تجيزها‭ ‬الأعراف‭ ‬والقوانين‭.‬

ويعني‭ ‬الإرهاب‭ ‬الدولي‭ ‬كل‭ ‬اعتداء‭ ‬على‭ ‬الأرواح‭ ‬والممتلكات‭ ‬العامة‭ ‬والخاصة‭ ‬تمارسه‭ ‬جماعات‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬ما‭ ‬بحق‭ ‬سكان‭ ‬دول‭ ‬أخرى،‭ ‬ويشمل‭ ‬أعمال‭ ‬التفرقة‭ ‬العنصرية‭ ‬والعرقية‭ ‬التي‭ ‬تباشرها‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭.‬

وكثيراً‭ ‬ما‭ ‬يستخدم‭ ‬الإرهابيون‭ ‬العمليات‭ ‬النفسية،‭ ‬مستغلين‭ ‬مواقع‭ ‬الإعلام‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والفضائيات،‭ ‬لتحطيم‭ ‬الجبهة‭ ‬الداخلية‭ ‬لدولة‭ ‬ما‭ ‬والتشكيك‭ ‬في‭ ‬قدراتها‭.‬

وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬توضيح‭ ‬المفاهيم‭ ‬المغلوطة‭ ‬بصورة‭ ‬سريعة‭ ‬وعلمية‭ ‬هو‭ ‬الضمان‭ ‬الأكيد‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬زيادة‭ ‬الوعي‭ ‬للتصدي‭ ‬لحملات‭ ‬التضليل‭ ‬التي‭ ‬يشنها‭ ‬الإرهابيون،‭ ‬وتقع‭ ‬على‭ ‬عاتق‭ ‬كل‭ ‬فرد‭ ‬مسؤولية‭ ‬عدم‭ ‬الانسياق‭ ‬وراء‭ ‬المعلومات‭ ‬الكاذبة‭.‬

سفينة شحن تعبر قناة السويس في مطلع عام 2024 على الرغم من التهديدات المتربصة بحركة الملاحة عبر الممرات المائية الإقليمية على أيدي المتطرفين العنيفين. وكالة الأنباء الفرنسية/جيتي اميدجز

ويقودنا‭ ‬الحديث‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬عن‭ ‬علاقة‭ ‬الإرهاب‭ ‬بالجريمة‭ ‬المنظمة،‭ ‬فما‭ ‬أشبه‭ ‬الجريمة‭ ‬المنظمة‭ ‬بالإرهاب؛‭ ‬لأن‭ ‬كلاً‭ ‬منهما‭ ‬تعبيرٌ‭ ‬عن‭ ‬عنف‭ ‬منظم‭ ‬تقوده‭ ‬جماعات‭ ‬أو‭ ‬تنظيمات‭ ‬ذات‭ ‬قدرات‭ ‬وإمكانيات‭ ‬تنظيمية‭ ‬كبيرة‭ ‬تخطط‭ ‬لأعمالها‭ ‬بسرية‭ ‬تامة‭ ‬وبدقة‭ ‬متناهية،‭ ‬كما‭ ‬تتماثل‭ ‬مع‭ ‬الإرهاب‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأساليب‭ ‬التي‭ ‬تتبعها‭.‬

تتعدد‭ ‬أسباب‭ ‬الإرهاب‭ ‬فمنها؛‭ ‬أولاً‭: ‬رعاية‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬والأنظمة‭ ‬السياسية‭ ‬للإرهاب،‭ ‬فيتسبب‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬نمو‭ ‬واتساع‭ ‬نطاق‭ ‬الممارسات‭ ‬الإرهابية‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم،‭ ‬ليتسع‭ ‬بالتالي‭ ‬نفوذ‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬والأنظمة‭ ‬السياسية‭.‬

ثانياً‭: ‬الأهداف‭ ‬والمصالح‭ ‬المتعارضة‭ ‬لبعض‭ ‬القوى‭ ‬أو‭ ‬الدول،‭ ‬فتهدف‭ ‬إلى‭ ‬التأثير‭ ‬على‭ ‬الاستقرار‭ ‬الأمني‭ ‬بما‭ ‬يصب‭ ‬في‭ ‬مصالحها‭ ‬ومصالح‭ ‬حلفائها؛‭ ‬وهنا‭ ‬ينشأ‭ ‬مصطلح‭ ‬‮«‬الإرهاب‭ ‬برعاية‭ ‬الدول‮»‬‭.‬

ثالثاً‭: ‬ومن‭ ‬العوامل‭ ‬المسببة‭ ‬للتطرف‭ ‬أيضاً‭ ‬الظواهر‭ ‬الاجتماعية‭ ‬السلبية‭ ‬مثل‭ ‬البطالة‭ ‬والعشوائيات‭ ‬والفساد‭ ‬خاصة‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬متفشياً‭ ‬في‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭.‬

رابعاً‭: ‬أضف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬ضعف‭ ‬الخطاب‭ ‬الديني‭ ‬والثقافي‭ ‬والإعلامي‭ ‬الذي‭ ‬يقاوم‭ ‬الإرهاب‭ ‬والأصوليات‭ ‬الجامدة‭ ‬التي‭ ‬تدعو‭ ‬إلى‭ ‬إبطال‭ ‬إعمال‭ ‬العقل‭ ‬في‭ ‬فهم‭ ‬الواقع‭ ‬أو‭ ‬فهم‭ ‬النصوص‭ ‬الدينية‭ ‬السليمة‭. ‬وكذلك‭ ‬أبواق‭ ‬الدعاية‭ ‬المأجورة‭ ‬إذ‭ ‬تنشر‭ ‬خطاب‭ ‬الكراهية‭ ‬وبث‭ ‬الفرقة‭ ‬بين‭ ‬أبناء‭ ‬الوطن‭ ‬الواحد‭ ‬بما‭ ‬يكدر‭ ‬صفو‭ ‬السلم‭ ‬والأمن‭ ‬الاجتماعي‭.‬

فمع‭ ‬تنامى‭ ‬ظاهرة‭ ‬الإرهاب،‭ ‬ازداد‭ ‬الأمر‭ ‬تعقيداً‭ ‬بظهور‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الكيانات‭ ‬والتنظيمات‭ ‬المعتنقة‭ ‬لفكر‭ ‬التطرف‭ ‬والتكفير‭ ‬والترويع‭ ‬باسم‭ ‬الدين‭ ‬تحت‭ ‬لواء‭ ‬الرايات‭ ‬السود؛‭ ‬مثل‭ ‬داعش،‭ ‬والجهاد‭ ‬الإسلامي،‭ ‬والقاعدة،‭ ‬وأنصار‭ ‬بيت‭ ‬المقدس،‭ ‬وبوكو‭ ‬حرام‭ ‬في‭ ‬نيجيريا،‭ ‬وحركة‭ ‬الشباب‭ ‬في‭ ‬الصومال‭. ‬تتحد‭ ‬أهدافها‭ ‬الشيطانية‭ ‬على‭ ‬الخراب‭ ‬والقتل‭ ‬والتدمير،‭ ‬وقامت‭ ‬جميعها‭ ‬بتصدير‭ ‬جرائمها‭ ‬البربرية‭ ‬بتشويه‭ ‬صورة‭ ‬الإسلام‭ ‬بتفسيرات‭ ‬غير‭ ‬صحيحة‭ ‬للنصوص‭ ‬الدينية‭.‬

وفى‭ ‬هذا‭ ‬الشأن‭ ‬توجد‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الفضائيات‭ ‬الممولة‭ ‬والمدعومة‭ ‬بإمكانيات‭ ‬ضخمة؛‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يدخل‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬‮«‬الإرهاب‭ ‬الإعلامي‭ ‬والإلكتروني‮»‬‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬المعلومات‭ ‬وشبكات‭ ‬الإنترنت‭ ‬لأغراض‭ ‬التخويف‭ ‬أو‭ ‬الإكراه‭ ‬لأهداف‭ ‬سياسية،‭ ‬ويرتبط‭ ‬هذا‭ ‬الأسلوب‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬بعيد‭ ‬بدور‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬المعلومات‭ ‬المتقدم‭ ‬في‭ ‬كافة‭ ‬مجالات‭ ‬الحياة،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬دورها‭ ‬المذكور‭ ‬آنفاً‭ ‬باعتبارها‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬الأساليب‭ ‬الأساسية‭ ‬للحرب‭ ‬الحديثة‭.‬

تؤمن‭ ‬مصر‭ ‬بأن‭ ‬الإرهاب‭ ‬لا‭ ‬وطن‭ ‬له‭ ‬ولا‭ ‬دين،‭ ‬وأن‭ ‬محاربته‭ ‬لا‭ ‬بدَّ‭ ‬أن‭ ‬تستهدف‭ ‬كل‭ ‬أشكاله‭ ‬وصوره،‭ ‬وأن‭ ‬تضرب‭ ‬كل‭ ‬مواقعه،‭ ‬وعلى‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬أن‭ ‬تضع‭ ‬ذلك‭ ‬ضمن‭ ‬مسؤولياتها‭ ‬تجاه‭ ‬شعوبها‭ ‬وتجاه‭ ‬إنسانيتها‭.‬

ثم‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬مهتمة‭ ‬فعلاً‭ ‬بتأمين‭ ‬حياة‭ ‬أفضل‭ ‬لشعوبها،‭ ‬فعليها‭ ‬أن‭ ‬تتصرف،‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬ذلك‭ ‬بينما‭ ‬يجد‭ ‬الإرهاب‭ ‬من‭ ‬يأويه‭ ‬ويديره‭ ‬ويموله‭ ‬ويسلحه‭ ‬ويترك‭ ‬له‭ ‬ساحات‭ ‬للتمدد‭.‬

ذلك‭ ‬ما‭ ‬أعلنته‭ ‬مصر‭ ‬وحذر‭ ‬منه‭ ‬الرئيس‭ ‬عبد‭ ‬الفتاح‭ ‬السيسي‭ ‬مراراً‭ ‬؛‭ ‬فمصر‭ ‬لا‭ ‬تتعامل‭ ‬بازدواجية‭ ‬فيما‭ ‬يختص‭ ‬بملف‭ ‬الإرهاب‭ ‬كما‭ ‬تفعل‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬لتحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬سياسية،‭ ‬ومصر‭ ‬تواجه‭ ‬إرهاباً‭ ‬تشارك‭ ‬فيه‭ ‬عناصر‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬أجنبية‭ ‬وفضائيات‭ ‬مأجورة‭ ‬موجهة،‭ ‬وكثيراً‭ ‬ما‭ ‬تحملت‭ ‬مصر‭ ‬وحدها‭ ‬مسؤوليات‭ ‬كبيرة‭ ‬لمحاربة‭ ‬جماعات‭ ‬الإرهاب‭ ‬المتحالفة‭ ‬والمدفوعة‭ ‬من‭ ‬أنظمة‭ ‬دولية‭ ‬وكشف‭ ‬بشاعتها‭.‬

القوات المسلحة المصرية تستعد لتطهير قرية من الإرهابيين في عرض في المناطق الحضرية في قاعدة محمد نجيب العسكرية أثناء التمرين العسكري «النجم الساطع 23». رقيب ديفيد كامبوس كونتريراس/الجيش الأمريكي

كما‭ ‬أن‭ ‬مصر‭ ‬في‭ ‬حربها‭ ‬ضد‭ ‬العناصر‭ ‬الإرهابية‭ ‬تدرك‭ ‬أنها‭ ‬ليست‭ ‬بصدد‭ ‬تنظيم‭ ‬سياسي‭ ‬أو‭ ‬قانوني،‭ ‬بل‭ ‬بصدد‭ ‬تنظيمات‭ ‬سرية‭ ‬مارقة‭ ‬لا‭ ‬تعترف‭ ‬بالهوية‭ ‬الوطنية؛‭ ‬تنظيمات‭ ‬خرجت‭ ‬من‭ ‬رحمها‭ ‬خلايا‭ ‬إرهابية‭ ‬تجاوزت‭ ‬حدود‭ ‬الدولة‭ ‬لنشر‭ ‬الخراب‭ ‬والفساد‭ ‬في‭ ‬الأرض،‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬فقط‭ ‬ولكن‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬الدولية‭. ‬وتحاول‭ ‬الخلايا‭ ‬الإرهابية‭ ‬إشعال‭ ‬نار‭ ‬الفتنة‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬استراتيجية‭ ‬إرهابية‭ ‬لهدم‭ ‬استقرار‭ ‬الدولة‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تضخمت‭ ‬تلك‭ ‬التنظيمات‭ ‬وأصبحت‭ ‬عابرة‭ ‬للحدود‭ ‬وبتمويل‭ ‬ضخم‭ ‬من‭ ‬عدة‭ ‬دول‭ ‬تسعى‭ ‬للنيل‭ ‬من‭ ‬مصر‭ ‬بمحاولاتها‭ (‬الفاشلة‭) ‬لتفتيت‭ ‬نسيجها‭ ‬الوطني؛‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬استلزم‭ ‬استنفار‭ ‬قوانا‭ ‬الوطنية‭ ‬لننجح‭ ‬في‭ ‬استئصال‭ ‬الإرهاب‭ ‬من‭ ‬جذوره‭.‬

فهي‭ ‬إذاً‭ ‬حرب‭ ‬تشنها‭ ‬مصر‭ ‬نيابة‭ ‬عن‭ ‬العالم‭ ‬لوضع‭ ‬حد‭ ‬لهذا‭ ‬الإرهاب‭ ‬المجرم‭ ‬الذي‭ ‬يعوق‭ ‬التنمية‭ ‬والتقدم‭ ‬ويستهدف‭ ‬شباب‭ ‬مصر‭ ‬من‭ ‬ضباط‭ ‬وجنود‭ ‬ومواطنين‭ ‬أبرياء‭.‬

ومن‭ ‬أجل‭ ‬ذلك‭ ‬عُقد‭ ‬مؤتمر‭ ‬قمة‭ ‬بين‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬وجامعة‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬شرم‭ ‬الشيخ‭ ‬في‭ ‬شباط‭/‬فبراير‭ ‬2019‭ ‬بحضور‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬50‭ ‬دولة،‭ ‬وكانت‭ ‬مشكلة‭ ‬الإرهاب‭ ‬والهجرة‭ ‬غير‭ ‬الشرعية‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬الموضوعات‭ ‬التي‭ ‬تطرق‭ ‬لها‭ ‬أعضاء‭ ‬المؤتمر‭ ‬من‭ ‬ملوك‭ ‬ورؤساء‭ ‬حكومات‭ ‬العالم،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تصدي‭ ‬مصر‭ ‬نيابة‭ ‬عن‭ ‬العالم‭ ‬للعناصر‭ ‬الإرهابية‭ ‬في‭ ‬سيناء‭ ‬وعلى‭ ‬حدود‭ ‬الدولة‭.‬

وبأكبر‭ ‬حشد‭ ‬عسكري،‭ ‬قامت‭ ‬قواتنا‭ ‬المسلحة‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬رجال‭ ‬الشرطة‭ ‬بتنفيذ‭ ‬عمليات‭ ‬مختلفة‭ ‬للقضاء‭ ‬على‭ ‬الإرهاب‭ ‬وتجفيف‭ ‬منابعه‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬ووسط‭ ‬سيناء‭ ‬بإجراء‭ ‬رصد‭ ‬كامل‭ ‬ودقيق‭ ‬ناتج‭ ‬عن‭ ‬جهد‭ ‬عسكري‭ ‬واستخباراتي‭ ‬لفرض‭ ‬الأمن‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬شبر‭ ‬من‭ ‬أرض‭ ‬مصر‭ ‬وتهيئة‭ ‬الظروف‭ ‬المناسبة‭ ‬لبدء‭ ‬عمليات‭ ‬التنمية‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬سيناء‭.‬

‭ ‬فاستهدفت‭ ‬القوات‭ ‬الجوية‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬البؤر‭ ‬والأوكار‭ ‬ومخازن‭ ‬الأسلحة‭ ‬والذخائر‭ ‬التي‭ ‬تستخدمها‭ ‬العناصر‭ ‬الإرهابية‭ ‬كقاعدة‭ ‬ينطلقون‭ ‬منها‭ ‬لاستهداف‭ ‬قوات‭ ‬إنفاذ‭ ‬القانون‭ ‬من‭ ‬أبطال‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬والشرطة‭ ‬والأهداف‭ ‬المدنية‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬ووسط‭ ‬سيناء‭.‬

كما‭ ‬قامت‭ ‬عناصر‭ ‬مشتركة‭ ‬من‭ ‬الجيش‭ ‬والشرطة‭ ‬بتكثيف‭ ‬إجراءات‭ ‬التأمين‭ ‬للأهداف‭ ‬الحيوية‭ ‬ذات‭ ‬الأهمية‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬للدولة‭.‬

مظليون يقفزون من طائرة نقل عسكرية مصرية من طراز «سي- 130» أثناء التمرين العسكري «حماة النيل» بالقرب من الخرطوم؛ تقدم مصر الدعم لجيرانها الأفارقة في مجال مكافحة الإرهاب. وكالة الأنباء الفرنسية/جيتي اميدجز

وخلاصة‭ ‬القول‭ ‬أن‭ ‬مصر‭ ‬على‭ ‬الطريق‭ ‬الصحيح،‭ ‬ولن‭ ‬يؤثر‭ ‬فيها‭ ‬حادث‭ ‬إرهابي‭ ‬عارض،‭ ‬أو‭ ‬تآمر‭ ‬خسيس‭ ‬يزداد‭ ‬عنفاً‭ ‬وغيظاً‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬إنجاز‭ ‬قومي‭ ‬عملاق،‭ ‬ومن‭ ‬صمود‭ ‬شعبنا‭ ‬الذى‭ ‬يمثل‭ ‬أقوى‭ ‬سلاح‭ ‬ضد‭ ‬الإرهاب‭ ‬وضد‭ ‬التآمر‭.‬

فها‭ ‬هي‭ ‬مصر‭ ‬المحروسة‭ ‬تقف‭ ‬صامدة‭ ‬قوية‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬الأعمال‭ ‬الإرهابية،‭ ‬وتشهد‭ ‬طفرة‭ ‬من‭ ‬الإنجازات‭ ‬العملاقة‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬نشأة‭ ‬اقتصاد‭ ‬قوي‭ ‬ضخم‭ ‬ومشروعات‭ ‬وطنية‭ ‬كبيرة‭ ‬تقود‭ ‬مصر‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬القريب،‭ ‬بمشيئة‭ ‬الله،‭ ‬نحو‭ ‬الرخاء‭ ‬والتقدم‭ ‬وعودة‭ ‬البسمة‭ ‬لشعب‭ ‬مصر‭ ‬ومكانتها‭ ‬وقيادتها‭ ‬بالمنطقة‭ ‬العربية‭ ‬وريادتها‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭.‬

فها‭ ‬هي‭ ‬سنابل‭ ‬الخير‭ ‬تنشر‭ ‬لونها‭ ‬الأخضر‭ ‬بالصحراء،‭ ‬وها‭ ‬هي‭ ‬الأرض‭ ‬تطرح‭ ‬إسكان‭ ‬حضاري‭ ‬لمحدودي‭ ‬الدخل،‭ ‬ومحطات‭ ‬كهرباء‭ ‬تحيل‭ ‬ظلمة‭ ‬ليلهم‭ ‬ضياءً،‭ ‬وشرايين‭ ‬حياة‭ ‬بشبكة‭ ‬طرق‭ ‬شملت‭ ‬ربوع‭ ‬مصر،‭ ‬وتسليح‭ ‬حديث‭ ‬لجيشنا‭ ‬العظيم،‭ ‬وعودة‭ ‬الأمن‭ ‬والأمان‭ ‬لأرضنا‭ ‬الطيبة‭.‬

ولتبقى‭ ‬مصر‭ ‬صامدة‭ ‬آمنة‭ ‬بفضلٍ‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬ووعده‭ ‬الحق‭ (‬ادْخُلُواْ‭ ‬مِصْرَ‭ ‬إِن‭ ‬شَاء‭ ‬اللّهُ‭ ‬آمِنِينَ‭) ‬وبإخلاص‭ ‬قادتها‭ ‬وأبنائها‭ ‬خير‭ ‬أجناد‭ ‬الأرض‭. ‬وسوف‭ ‬تظل‭ ‬مصر‭ ‬بما‭ ‬تمتلكه‭ ‬من‭ ‬مقومات‭ ‬الأصالة‭ ‬وروح‭ ‬الفداء‭ ‬شامخة؛‭ ‬مرفوعة‭ ‬الرأس‭ ‬بشعبها‭ ‬العريق‭ ‬الذي‭ ‬صاغ‭ ‬الحضارة‭ ‬عبر‭ ‬آلاف‭ ‬السنين‭ ‬على‭ ‬ضفتَي‭ ‬النهر‭ ‬الخالد‭.  ‬Φ

التعليقات مغلقة.