دور الاستخبارات في مكافحة الإرهاب

اللواء‭ ‬الركن‭ ‬أحمد‭ ‬محسن‭ ‬سالم‭ ‬اليافعي‭ ‬
رئيس‭ ‬هيئة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬والاستطلاع‭ ‬العسكري‭ ‬
بما أن‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬الإرهاب‭ ‬هي‭ ‬حرب‭ ‬غير‭ ‬تقليدية،‭ ‬إذ‭ ‬يتمترس‭ ‬العدو‭ ‬بين‭ ‬المدنيين‭ ‬ولا‭ ‬يميز‭ ‬نفسه‭ ‬بزي‭ ‬موحد‭ ‬أو‭ ‬عجلات‭ ‬أو‭ ‬تجهيزات‭ ‬معدة‭ ‬للاستعمال‭ ‬العسكري،‭ ‬لذا‭ ‬يصبح‭ ‬الجهد‭ ‬الاستخباري‭ ‬أحد‭ ‬العوامل‭ ‬الحاسمة‭ ‬في‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭. ‬
ولا‭ ‬ينبغي‭ ‬الإكتفاء‭ ‬باتباع‭ ‬الأساليب‭ ‬العسكرية‭ ‬التقليدية‭ ‬في‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭. ‬وإذا‭ ‬كانت‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬ابتليت‭ ‬بآفة‭ ‬الإرهاب‭ ‬كما‭ ‬ابتليت‭ ‬اليمن‭ ‬وتريد‭ ‬أن‭ ‬تدافع‭ ‬عن‭ ‬‏أمنها‭ ‬‏اليوم،‭ ‬ينبغي‭ ‬عليها‭ ‬‏أن‭ ‬تعول‭ ‬على‭ ‬الجهد‭ ‬الاستخباري،‭ ‬وليس‭ ‬على‭ ‬العمليات‭ ‬العسكرية‭ ‬فحسب‭.‬
ذلك‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬سلاح‭ ‬يفوق‭ ‬سلاح‭ ‬جمع‭ ‬المعلومات‭ ‬لتفكيك‭ ‬خلايا‭ ‬الشبكات‭ ‬الإرهابية،‭ ‬وللحيلولة‭ ‬دون‭ ‬هجماتها‭. ‬وتختلف‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تكافح‭ ‬الإرهاب‭ ‬في‭ ‬أساليبها،‭ ‬فاليمن‭ ‬مثلاً‭ ‬تعمل‭ ‬أحياناً‭ ‬على‭ ‬‏تعقب‭ ‬مجموعات‭ ‬صغيرة‭ ‬وغير‭ ‬مرتبطة‭ ‬مع‭ ‬بعضها‭ ‬البعض‭ ‬في‭ ‬تنظيم‭ ‬أشبه‭ ‬بما‭ ‬يطلق‭ ‬عليه‭ ‬“التنظيم‭ ‬الخيطي”،‭ ‬إضافة‭ ‬لتعقيبها‭ ‬لعدد‭ ‬من‭ ‬الأفراد‭ ‬الذين‭ ‬يبرعون‭ ‬في‭ ‬إخفاء‭ ‬هوياتهم‭ ‬ولايظهرون‭ ‬للسطح‭ ‬إلا‭ ‬لمدة‭ ‬قصيرة‭ ‬لا‭ ‬تتجاوز‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬ينفذون‭ ‬فيه‭ ‬عملياتهم‭ ‬وهجماتهم‭ ‬الإرهابية‭. ‬
ويرى‭ ‬بعض‭ ‬الخبراء‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬أن‭ ‬حشر‭ ‬وحدات‭ ‬الجيش‭ ‬والصنوف‭ ‬الرئيسية‭ ‬الأخرى‭ (‬البحرية‭ ‬والجوية‭ ‬والمشاة‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الصنوف‭ ‬العسكرية‭) ‬في‭ ‬حرب‭ ‬شبه‭ ‬يومية‭ ‬ومستمرة‭ ‬ضد‭ ‬الإرهاب،‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬استراتيجية‭ ‬ناجحة‭ ‬ولا‭ ‬عملية‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الإرهاب‭ ‬وشل‭ ‬حركته‭ ‬وقدراته‭ ‬سواء‭ ‬‏كان‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬أم‭ ‬في‭ ‬الخارج‭.‬
ويسهل‭ ‬الجهد‭ ‬الاستخباري‭ ‬على‭ ‬القوات‭ ‬الأمنية‭ ‬تحديد‭ ‬هوية‭ ‬الأفراد‭ ‬المشاركين‭ ‬في‭ ‬التخطيط‭ ‬والتنفيذ‭ ‬للعمليات‭ ‬الإرهابية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬توفير‭ ‬وتحديث‭ ‬قاعدة‭ ‬بيانات‭ ‬عن‭ ‬معلوماتهم‭ ‬التعريفية‭ ‬وانتماءاتهم‭ ‬ونشاطاتهم‭ ‬السابقة،‭ ‬وتعتمد‭ ‬عليها‭ ‬السلطات‭ ‬‏في‭ ‬جمع‭ ‬أدلة‭ ‬الإدانة‭ ‬ومطابقة‭ ‬بصماتهم‭ ‬مع‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تخلفها‭ ‬الهجمات‭ ‬أوالهجمات‭ ‬المجهضة‭. ‬
ويمكن‭ ‬القول‭ ‬أيضاً‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬وظائف‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الأساسية‭ ‬هي‭ ‬القيام‭ ‬بعمليات‭ ‬الانذار‭ ‬المبكر،‭ ‬والكشف‭ ‬عن‭ ‬الإرهابيين‭ ‬والعملاء‭ ‬وضبطهم،‭ ‬وتحديد‭ ‬الفاعل‭ ‬الحقيقي‭ ‬أو‭ ‬الجهة‭ ‬المسؤولة،‭ ‬والجهات‭ ‬الممولة‭ ‬والمساعِدة‭.‬
كما‭ ‬أسلفنا‭ ‬فالجيوش‭ ‬وحدها،مهما‭ ‬كانت‭ ‬سطوتها،‭ ‬غير‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬هزيمة‭ ‬الإرهاب،‭ ‬ولنأخذ‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬دولة‭ ‬كالولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬فهي‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬كسب‭ ‬أي‭ ‬حرب‭ ‬في‭ ‬ميادين‭ ‬القتال‭ ‬التقليدي،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬الإرهاب‭ ‬شيء‭ ‬مختلف‭ ‬تماماً‭ ‬ولا‭ ‬يمكنها‭ ‬هزيمته‭ ‬لولا‭ ‬دعم‭ ‬جميع‭ ‬الصنوف‭ ‬الأمنية،‭ ‬وخصوصاً‭ ‬صنف‭ ‬الاستخبارات‭. ‬ذلك‭ ‬لكون‭ ‬التحدي‭ ‬الرئيسي‭ ‬في‭ ‬هكذا‭ ‬مواجهة‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬خوض‭ ‬القتال‭ ‬ضد‭ ‬عدو‭ ‬لا‭ ‬شكل‭ ‬له،‭ ‬وليس‭ ‬له‭ ‬مايميزه‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬السكان‭ ‬المدنيين،‭ ‬ويقاتلك‭ ‬في‭ ‬ميدان‭ ‬‏لا‭ ‬تحده‭ ‬حدود‭ ‬معلومة‭.‬
عجلات مدرعة للقوات الحكومية تؤمن ميناء المكلا. وكالة الأنباء الفرنسية/جيتي اميدجز
إن‭ ‬جمع‭ ‬وتحليل‭ ‬المعلومات‭ ‬الصحيحة‭ ‬والدقيقة‭ ‬كفيلٌ‭ ‬بمنع‭ ‬وقوع‭ ‬الهجمات‭ ‬ومكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬بهدوء‭ ‬ودون‭ ‬ضجة‭ ‬تثير‭ ‬الفزع‭ ‬بين‭ ‬المواطنين‭ ‬أو‭ ‬تشل‭ ‬أعمالهم‭. ‬
‭ ‬يتأقلم‭ ‬الارهابيون‭ ‬مع‭ ‬محيطهم‭ ‬ويتبعون‭ ‬أساليب‭ ‬تتلائم‭ ‬مع‭ ‬قوة‭ ‬وأساليب‭ ‬قتال‭ ‬قوى‭ ‬الأمن‭ ‬الحكومية،‭ ‬فتارة‭ ‬يظهرون‭ ‬للعلن‭ ‬ويحتلون‭ ‬المدن‭ ‬كما‭ ‬فعلت‭ ‬داعش‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وأماكن‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬آسيا‭ ‬وأفريقيا،‭ ‬وتارة‭ ‬يتبعون‭ ‬أسلوب‭ ‬الحرب‭ ‬الهجينة،‭ ‬وإن‭ ‬عجزوا‭ ‬يعودون‭ ‬إلى‭ ‬أسلوبهم‭ ‬المفضل‭ ‬وهو‭ ‬حرب‭ ‬العصابات‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬كر‭ ‬وفر‭ ‬واختفاء‭ ‬يهدفون‭ ‬من‭ ‬ورائها‭ ‬إلى‭ ‬استنزاف‭ ‬مصادر‭ ‬القوى‭ ‬الأمنية‭ ‬الحكومية‭ ‬والتأثير‭ ‬على‭ ‬معنويات‭ ‬أفرادها‭. ‬
وبناءً‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تقدم،‭ ‬لامناص‭ ‬لأي‭ ‬قوى‭ ‬أمنية‭ ‬حكومية‭ ‬تكافح‭ ‬الإرهاب‭ ‬من‭ ‬تطوير‭ ‬مؤسسات‭ ‬استخباراتية‭ ‬رصينة‭ ‬تعتمد‭ ‬الاثنين‭: ‬العامل‭ ‬البشري‭ ‬والعامل‭ ‬التقني؛‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬يكفي‭ ‬أحدهما‭ ‬دون‭ ‬الآخر‭ ‬لانجاز‭ ‬المهمة،‭ ‬فالأجهزة‭ ‬لا‭ ‬تعمل‭ ‬بدون‭ ‬الانسان،‭ ‬وجمع‭ ‬وتحليل‭ ‬المعلومات‭ ‬يتطلب‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬أجهزة‭ ‬وبرامج‭. ‬
في‭ ‬أحايين‭ ‬كثيرة،‭ ‬لا‭ ‬يستخدم‭ ‬الإرهابيون‭ ‬الأجهزة‭ ‬الحديثة‭ ‬في‭ ‬مخاطباتهم‭ ‬كي‭ ‬يتفادوا‭ ‬التنصت‭ ‬عليها‭ ‬وكشفهم‭ ‬فيما‭ ‬بعد،‭ ‬ويختفون‭ ‬بين‭ ‬السكان‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬أعين‭ ‬السلطة‭ ‬وليس‭ ‬لهم‭ ‬مقرات‭ ‬أو‭ ‬ثكنات‭ ‬مميزة‭ ‬فهم‭ ‬يعيشون‭ ‬بيننا،‭ ‬وفي‭ ‬العلن‭ ‬يمارسون‭ ‬أعمالاً‭ ‬مدنية‭ ‬كالتي‭ ‬نمارس‭. ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬تحتاج‭ ‬قوى‭ ‬الأمن‭ ‬إلى‭ ‬من‭ ‬يدلها‭ ‬عليهم،‭ ‬إلى‭ ‬من‭ ‬يشخصهم،‭ ‬إلى‭ ‬من‭ ‬يعرف‭ ‬نشاطاتهم‭ ‬الخفية،‭ ‬إلى‭ ‬من‭ ‬يجمع‭ ‬المعلومات‭ ‬عن‭ ‬أماكن‭ ‬تواجدهم،‭ ‬عن‭ ‬أفعالهم،‭ ‬عن‭ ‬خططهم،‭ ‬عن‭ ‬اتصالاتهم،‭ ‬وهنا‭ ‬يأتي‭ ‬دور‭ ‬عنصر‭ ‬الاستخبارات‭. ‬إذن‭ ‬فالعملية‭ ‬الاستخبارية‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تسبق‭ ‬العملية‭ ‬العسكرية‭ ‬لأنها‭ ‬ستوفر‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬تحتاجه‭ ‬القوى‭ ‬الأمنية‭ ‬من‭ ‬معلومات‭ ‬للقضاء‭ ‬على‭ ‬الخلايا‭ ‬الإرهابية،‭ ‬وفي‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬توفر‭ ‬الغطاء‭ ‬القانوني‭ ‬والشرعي‭ ‬لقوى‭ ‬الأمن‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الأدلة‭ ‬التي‭ ‬توفرها‭ ‬لاستحصال‭ ‬الموافقات‭ ‬القانونية‭ ‬التي‭ ‬تفرضها‭ ‬قوانين‭ ‬الدول‭ ‬الديمقراطية‭.‬
وفيما‭ ‬يخص‭ ‬هيئة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬والاستطلاع‭ ‬في‭ ‬اليمن،‭ ‬يتوقع‭ ‬الشعب‭ ‬منها‭ ‬قيامها‭ ‬بأعمالها‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الأوقات‭ ‬والأماكن‭ ‬والظروف‭ (‬في‭ ‬السلم‭ ‬والحرب‭). ‬وتزداد‭ ‬أعمالها‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬الحرب،‭ ‬كونها‭ ‬المسؤولة‭ ‬عن‭ ‬ضمان‭ ‬تحركات‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬وصمام‭ ‬أمانها‭ ‬والمدافعة‭ ‬عنها‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬اختراقات‭ ‬معادية،‭ ‬والأكثر‭ ‬صوناً‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬تسرب‭ ‬للمعلومات‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬سريتها‭. ‬وتعتبر‭ ‬الهيئة‭ ‬بفرعها‭ ‬الاستطلاعي‭ ‬خير‭ ‬دليل‭ ‬لمسير‭ ‬القوات‭ ‬وتسهيل‭ ‬مرورها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استطلاع‭ ‬الطرقات‭ ‬والتضاريس‭ ‬التي‭ ‬ستمر‭ ‬فيها‭ ‬أرتال‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة،‭ ‬وفي‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬معرفة‭ ‬نوايا‭ ‬العدو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬زرع‭ ‬المصادر‭ ‬في‭ ‬عمق‭ ‬مناطق‭ ‬العدو،‭ ‬وإيجاد‭ ‬أحداثيات‭ ‬مواقع‭ ‬مراكز‭ ‬قيادة‭ ‬العدو‭ ‬وخطوط‭ ‬الإمداد،‭ ‬ومعرفة‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالعدو‭ ‬من‭ ‬معلومات‭ ‬تسهل‭ ‬مهمة‭ ‬القوات‭ ‬الصديقة‭ ‬في‭ ‬كيفية‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬العدو‭ ‬وهزيمته‭. ‬
تشكلت‭ ‬هيئة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬والاستطلاع‭ ‬اليمنية‭ ‬بعد‭ ‬قرار‭ ‬هيكلة‭ ‬الجيش،‭ ‬والتي‭ ‬أقرها‭ ‬فخامة‭ ‬المشير‭ ‬الركن‭/ ‬عبد‭ ‬ربه‭ ‬منصور‭ ‬هادي‭ ‬القائد‭ ‬الأعلى‭ ‬للقوات‭ ‬المسلحة‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬بعد‭ ‬توليه‭ ‬السلطة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2012م،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬اعتماد‭ ‬هيئة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬والاستطلاع‭ ‬بدوائرها‭ ‬الاستخبارية‭ ‬الثلاث،‭ ‬وثم‭ ‬مديريتين‭ ‬تخصصية‭ (‬بحرية‭ ‬وجوية‭) ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2014م‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬صنعاء‭.‬
ونتيجة‭ ‬لما‭ ‬تعرضت‭ ‬له‭ ‬المؤسسات‭ ‬العسكرية‭ ‬والمدنية‭ ‬من‭ ‬دمار‭ ‬في‭ ‬2015م،‭ ‬بسبب‭ ‬تمرد‭ ‬المليشيات‭ ‬الحوثية‭ ‬المدعومة‭ ‬من‭ ‬إيران‭ ‬والمتحالفة‭ ‬آنداك‭ ‬مع‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬علي‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬صالح‭ ‬عندما‭ ‬اجتيحت‭ ‬العاصمة‭ ‬صنعاء‭ ‬وعدد‭ ‬من‭ ‬محافظات‭ ‬الجمهورية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬تلك‭ ‬العناصر‭ ‬الخارجة‭ ‬عن‭ ‬القانون،‭ ‬تم‭ ‬نقل‭ ‬مقرات‭ ‬هيئات‭ ‬ومؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬إلى‭ ‬خارج‭ ‬العاصمة‭ ‬صنعاء،‭ ‬ومنها‭ ‬هيئة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬والاستطلاع،‭ ‬لتستأنف‭ ‬عملها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المشاركة‭ ‬مع‭ ‬التحالف‭ ‬العربي‭ ‬لدحر‭ ‬المليشيات‭ ‬الحوثية،‭ ‬وساهمت‭ ‬هذه‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬استعادة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬80‭% ‬من‭ ‬مساحة‭ ‬اليمن‭ ‬من‭ ‬سيطرة‭ ‬الحوثيين‭ ‬بعد‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬إنشاء‭ ‬نواة‭ ‬هيئة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬والاستطلاع‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬المؤقتة‭ ‬عدن‭ ‬وفرعها‭ ‬في‭ ‬محافظة‭ ‬مأرب‭.‬
وبدأت‭ ‬الهيئة‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬المؤقتة‭ ‬عدن‭ ‬بتنفيذ‭ ‬المهام‭ ‬والأنشطة‭ ‬الملقاة‭ ‬على‭ ‬عاتقها‭ ‬بمهنية‭ ‬وكفاءة‭ ‬عاليتين،‭ ‬ودون‭ ‬كلل‭ ‬أو‭ ‬ملل،‭ ‬وبما‭ ‬تتطلبه‭ ‬المرحلة‭ ‬الراهنة‭ ‬لمواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬رغم‭ ‬محدودية‭ ‬الإمكانيات‭ ‬نظراً‭ ‬لما‭ ‬تمر‭ ‬به‭ ‬البلاد‭ ‬من‭ ‬ظرف‭ ‬استثنائي،‭ ‬مستفيدين‭ ‬من‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬كوادرنا‭ ‬المؤهلة‭ ‬والقادرة‭ ‬على‭ ‬العطاء‭. ‬يتم‭ ‬العمل‭ ‬عبر‭ ‬التواصل‭ ‬والتبادل‭ ‬المعلوماتي‭ ‬مع‭ ‬دوائر‭ ‬الهيئة‭ ‬وشُعَبها‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬محافظات‭ ‬الجمهورية‭.‬
عملت‭ ‬الهيئة‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬الحرب‭ ‬وأدت‭ ‬واجبها‭ ‬على‭ ‬أكمل‭ ‬وجه‭ ‬ممثلة‭ ‬بقيادتها‭ ‬وضباطها‭ ‬وكل‭ ‬منتسبي‭ ‬دوائرها‭ ‬ولم‭ ‬تأل‭ ‬جهداً‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬المعلومات،‭ ‬وتحديد‭ ‬مواقع‭ ‬ونوايا‭ ‬العدو‭ ‬وايصالها‭ ‬إلى‭ ‬عمليات‭ ‬التحالف‭ ‬حيث‭ ‬كنا‭ ‬نتلقى‭ ‬البلاغات‭ ‬والمعلومات‭ ‬بصورة‭ ‬مستمرة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬ضباط‭ ‬الهيئة‭ ‬ومنتسبي‭ ‬الشُعَب‭ ‬في‭ ‬عموم‭ ‬أنحاء‭ ‬الجمهورية،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬إيجاد‭ ‬المصادر‭ ‬وربطها‭ ‬بالجهات‭ ‬المسؤولة‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬عدن‭ ‬الصامدة‭ ‬والقيادة‭ ‬المتقدمة‭ ‬لوزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬والجهات‭ ‬الأمنية‭ ‬الاخرى‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭. ‬كما‭ ‬سعت‭ ‬الهيئة‭ ‬إلى‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬تواصل‭ ‬مستمر‭ ‬مع‭ ‬قوات‭ ‬التحالف‭ ‬وتبادل‭ ‬للمعلومات‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬حماية‭ ‬أمن‭ ‬العاصمة‭ ‬المؤقتة‭ ‬عدن‭ ‬والمناطق‭ ‬المحررة‭ ‬من‭ ‬الاختلالات‭ ‬الأمنية‭ ‬والأعمال‭ ‬المعادية‭ ‬والارهابية‭.‬
مسؤولون عسكريون يحضرون مؤتمر مدراء الاستخبارات العسكرية للشرق الأوسط الذي استضافته القيادة المركزية الأمريكية عام 2019. القيادة المركزية الأمريكية
إضافة‭ ‬الى‭ ‬عملنا‭ ‬الاستخباري‭ ‬الدؤوب‭ ‬والذي‭ ‬نعتبره‭ ‬متواضعاً‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬قورن‭ ‬بما‭ ‬قدمه‭ ‬شعبنا‭ ‬من‭ ‬تضحيات،‭ ‬يهدف‭ ‬عملنا‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬أمن‭ ‬البلاد‭ ‬وإعادة‭ ‬تأهيل‭ ‬وبناء‭ ‬جيش‭ ‬قوي،‭ ‬فنحن‭ ‬دائماً‭ ‬على‭ ‬استعداد‭ ‬تام‭ ‬للتعاون‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬الأجهزة‭ ‬الامنية‭ ‬الاخرى‭ ‬بكل‭ ‬مانستطيع‭ ‬لخدمة‭ ‬بلادنا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬احباط‭ ‬مخططات‭ ‬العدو‭ ‬وقوى‭ ‬الشر‭ ‬والإرهاب،‭ ‬إذ‭ ‬شاركت‭ ‬هيئة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬والاستطلاع‭ ‬بإعداد‭ ‬الخطط‭ ‬الأمنية‭ ‬والبحث‭ ‬والتحري‭ ‬والمشاركة‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬تنظيمي‭ ‬القاعدة‭ ‬وداعش،‭ ‬اللذين‭ ‬زادا‭ ‬من‭ ‬نشاطهما‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬التحرير‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2016م،‭ ‬وساهمنا‭ ‬مساهمة‭ ‬فعالة‭ ‬في‭ ‬القضاء‭ ‬على،‭ ‬أو‭ ‬طرد‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬مقاتلي‭ ‬المنظمتين‭ ‬الإرهابيتين‭. ‬
ومؤخراً‭ ‬شاركت‭ ‬قيادة‭ ‬هيئة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬والاستطلاع‭ ‬في‭ ‬أعمال‭ ‬المؤتمر‭ ‬الاول‭ ‬لرؤساء‭ ‬ومدراء‭ ‬الاستخبارات‭ ‬في‭ ‬تامبا،‭ ‬ولاية‭ ‬فلوريدا‭ ‬والذي‭ ‬رعته‭ ‬القيادة‭ ‬المركزية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وكان‭ ‬له‭ ‬الأثر‭ ‬الإيجابي‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬التقارب‭ ‬وعقد‭ ‬اللقاءات‭ ‬مع‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬رؤساء‭ ‬ومدراء‭ ‬الاستخبارات‭ ‬لدول‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الامريكية،‭ ‬إذ‭ ‬وفر‭ ‬فرصة‭ ‬عظيمة‭ ‬لتبادل‭ ‬وجهات‭ ‬النظر‭ ‬وتعزيز‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬بين‭ ‬قيادات‭ ‬الاستخبارات‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬البلدان‭ ‬المشاركة‭ ‬مما‭ ‬وفر‭ ‬عناء‭ ‬وتكاليف‭ ‬السفر‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬دولة‭ ‬على‭ ‬حدة‭ ‬لتنسيق‭ ‬الجهود‭ ‬الاستخبارية‭ ‬والاستفادة‭ ‬من‭ ‬تجاربها،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬اليمن‭ ‬لا‭ ‬زالت‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬آثار‭ ‬الحرب‭ ‬والدمار،‭ ‬وتالياً‭ ‬قلة‭ ‬الإمكانيات‭.‬
كما‭ ‬تم‭ ‬مقابلة‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬مدراء‭ ‬الأجهزة‭ ‬الاستخبارية‭ ‬الأمريكية‭ ‬وشرح‭ ‬الوضع‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬وما‭ ‬آلت‭ ‬إليه‭ ‬الاوضاع‭ ‬التي‭ ‬سببتها‭ ‬المليشيات‭ ‬المتمردة‭ ‬والمدعومة‭ ‬من‭ ‬إيران،‭ ‬ومناقشة‭ ‬وضع‭ ‬الخطط‭ ‬للتعاون‭ ‬فيما‭ ‬بيننا‭ ‬للقضاء‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬التمرد‭ ‬وإنهائه‭ ‬وعودة‭ ‬الشرعية،‭ ‬واستئناف‭ ‬المساعدات‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تقدم‭ ‬للجيش‭ ‬اليمني‭ ‬قبل‭ ‬الحرب،‭ ‬التعاون‭ ‬الذي‭ ‬بدأت‭ ‬تظهر‭ ‬ثماره‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تكثيف‭ ‬اللقاءات‭ ‬مع‭ ‬الأصدقاء‭ ‬الأمريكان‭.‬
وتعكف‭ ‬قيادة‭ ‬هيئة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬والاستطلاع‭ ‬حالياً‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬تنظيم‭ ‬وتنسيق‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬هيكل‭ ‬هيئة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬والاستطلاع،‭ ‬وبما‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬متطلبات‭ ‬المرحلة‭ ‬الحالية‭ ‬والقادمة‭ ‬وما‭ ‬تمر‭ ‬به‭ ‬البلاد‭ ‬وتعانيه‭ ‬من‭ ‬جراء‭ ‬الحرب‭ ‬المدمرة‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬إيران‭ ‬عبر‭ ‬أذرعها‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬ممثلة‭ ‬بالحركة‭ ‬الحوثية‭. 

التعليقات مغلقة.