نشر ثقافة الأمن البيولوجي في الشرق الأوسط

جائحة كورونا (كوفيد- 19) أبرزت ضرورة تأمين الفيروسات والبكتيريا التي يمكن أن تشكل خطورة

الدكتورة‭ ‬نسرين‭ ‬الحمود،‭ ‬مديرة‭ ‬مركز‭ ‬السلامة‭ ‬والأمن‭ ‬الحيوي،‭ ‬الجمعية‭ ‬العلمية‭ ‬الملكية،‭ ‬الأردن

كانالتأكد‭ ‬من‭ ‬حرمان‭ ‬العناصر‭ ‬الخارجة‭ ‬على‭ ‬سلطة‭ ‬الدولة‭ ‬من‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الفيروسات‭ ‬والبكتيريا‭ ‬والعوامل‭ ‬البيولوجية‭ ‬الأخرى‭ ‬واستخدامها‭ ‬كسلاح‭ ‬لتهديد‭ ‬السلم‭ ‬والأمن‭ ‬الدوليَين‭ ‬هو‭ ‬هدف‭ ‬قرار‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭ ‬رقم‭ [‬1540‭] ‬لعام‭ ‬2004‭ ‬واتفاقية‭ ‬الأسلحة‭ ‬البيولوجية‭ ‬والسمية‭ ‬لعام‭ ‬1972‭. 

وتكاد‭ ‬تكون‭ ‬كافة‭ ‬دول‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وشمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬–‭ ‬ومنها‭ ‬الأردن‭ ‬–‭ ‬قد‭ ‬وقعت‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬القرار‭ ‬وتلك‭ ‬الاتفاقية،‭ ‬ولكن‭ ‬التقدم‭ ‬كان‭ ‬متفاوتاً‭ ‬نحو‭ ‬تشديد‭ ‬اللوائح‭ ‬لتجنب‭ ‬الكوارث‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬وقوع‭ ‬المواد‭ ‬البيولوجية‭ ‬الخطرة‭ ‬في‭ ‬الأيادي‭ ‬الخاطئة‭.‬

وفي‭ ‬سبيل‭ ‬الوفاء‭ ‬بالمتطلبات‭ ‬الواردة‭ ‬في‭ ‬هذين‭ ‬النصين‭ ‬القانونيين‭ ‬الدوليين،‭ ‬تحتاج‭ ‬بلدان‭ ‬المنطقة،‭ ‬أياً‭ ‬كان‭ ‬وضعها‭ ‬التنموي،‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬العلم‭ ‬وبناء‭ ‬الخبرة‭ ‬والنهوض‭ ‬بالبنية‭ ‬التحتية‭. ‬ويكمن‭ ‬الهدف‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المقالة‭ ‬في‭ ‬تلخيص‭ ‬المشاريع‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالأمن‭ ‬البيولوجي‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬ومساهمتها‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬الراهن‭ ‬لإنشاء‭ ‬شبكة‭ ‬عالمية‭ ‬ملتزمة‭ ‬بضمان‭ ‬استخدام‭ ‬المواد‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬الحيوية‭ ‬للأغراض‭ ‬السلمية‭ ‬دون‭ ‬سواها‭. ‬

لطالما‭ ‬أهملت‭ ‬الحكومات‭ ‬دور‭ ‬المنظمات‭ ‬غير‭ ‬الحكومية‭ ‬ومنظمات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬سعيها‭ ‬لتأمين‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬ويلات‭ ‬الأسلحة‭ ‬البيولوجية‭ ‬أو‭ ‬الإرهاب‭ ‬البيولوجي،‭ ‬وتبرز‭ ‬الاتجاهات‭ ‬الجديدة‭ ‬زيادة‭ ‬الاقتناع‭ ‬بأهمية‭ ‬الشراكات‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬التكاتف‭ ‬والتعاون‭.‬

لمؤسسات‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وشمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬خبرة‭ ‬مباشرة‭ ‬وواسعة‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬قضايا‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬التسلح‭ ‬ومنع‭ ‬انتشار‭ ‬الأسلحة‭ ‬بسبب‭ ‬ظروفها‭ ‬السياسية‭ ‬والجيواستراتيجية‭ ‬الفريدة‭.‬

وعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬اجتمع‭ ‬فريق‭ ‬عمل‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬2010‭ ‬و2012‭ ‬لمناقشة‭ ‬فكرة‭ ‬إنشاء‭ ‬منطقة‭ ‬خالية‭ ‬من‭ ‬أسلحة‭ ‬الدمار‭ ‬الشامل‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وشمال‭ ‬إفريقيا‭. ‬وتألف‭ ‬الفريق‭ ‬من‭ ‬خبراء‭ ‬في‭ ‬السياسات‭ ‬والمسائل‭ ‬الفنية،‭ ‬بصفتهم‭ ‬الشخصية،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬مساعدين‭ ‬ومراقبين‭ ‬من‭ ‬أوروبا‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭. ‬

وآثروا‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬الأسلحة‭ ‬البيولوجية‭ ‬ابتداءً؛‭ ‬وذلك‭ ‬بسبب‭ ‬قلة‭ ‬العقبات‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬تشكلها‭ ‬أمام‭ ‬المناقشة‭ ‬البناءة‭ ‬مقارنة‭ ‬بأسلحة‭ ‬الدمار‭ ‬الشامل‭ ‬الأخرى‭. ‬

وحدث‭ ‬جهد‭ ‬آخر‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬برنامج‭ ‬المشاركة‭ ‬البيولوجية‭ ‬الذي‭ ‬أجراه‭ ‬مركز‭ ‬العلوم‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬والسياسة‭ ‬الأمنية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وشمال‭ ‬إفريقيا‭ (‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬أفغانستان‭ ‬وباكستان‭)‬،‭ ‬وركز‭ ‬على‭ ‬مد‭ ‬جسور‭ ‬الثقة‭ ‬وإقامة‭ ‬الشراكات‭ ‬بين‭ ‬علماء‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والمنطقة‭ ‬للنهوض‭ ‬بأبحاث‭ ‬علوم‭ ‬الحياة‭ ‬السليمة‭ ‬والآمنة‭ ‬والأخلاقية‭.‬

واجهت‭ ‬برامج‭ ‬المشاركة‭ ‬البيولوجية‭ ‬عقبات‭ ‬يأخذ‭ ‬بعضها‭ ‬برقاب‭ ‬بعض،‭ ‬منها‭ ‬نقص‭ ‬الأموال‭ ‬والاستدامة‭. ‬ولا‭ ‬يخلو‭ ‬إثبات‭ ‬نجاح‭ ‬برامج‭ ‬المشاركة‭ ‬البيولوجية‭ ‬من‭ ‬الصعوبات‭ ‬بسبب‭ ‬غياب‭ ‬معايير‭ ‬التقييم‭ ‬لقياس‭ ‬أهدافها‭ ‬وغاياتها،‭ ‬وهي‭ ‬حرمان‭ ‬العناصر‭ ‬الإرهابية‭ ‬من‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الأدوات‭ ‬والخبرات‭ ‬واكتشاف‭ ‬إمكانيات‭ ‬استخدامها‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬قصير‭. ‬

ويعتبر‭ ‬التنسيق‭ ‬بين‭ ‬مؤسسات‭ ‬التمويل‭ ‬والبلدان‭ ‬المانحة‭ ‬تحدياً‭ ‬منفصلاً‭ ‬يؤثر‭ ‬على‭ ‬استدامة‭ ‬برامج‭ ‬المشاركة‭ ‬البيولوجية‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬البعيد‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬معينة‭. ‬وما‭ ‬أكثر‭ ‬مؤسسات‭ ‬التمويل‭ ‬والمنفذين‭ ‬الذين‭ ‬يدعمون‭ ‬أنشطة‭ ‬المشاركة‭ ‬البيولوجية‭ ‬أو‭ ‬ينفذونها،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬تكثر‭ ‬فيها‭ ‬المخاوف‭ ‬من‭ ‬غوائل‭ ‬الإرهاب‭ ‬أو‭ ‬الأسلحة‭ ‬البيولوجية‭. ‬

كما‭ ‬يتسبب‭ ‬تفاوت‭ ‬القدرات‭ ‬العلمية‭ ‬في‭ ‬زيادة‭ ‬تعقيد‭ ‬وضع‭ ‬البرامج‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وشمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬وباكستان،‭ ‬ومثال‭ ‬ذلك‭ ‬أنَّ‭ ‬الخبرة‭ ‬اللازمة‭ ‬لتأمين‭ ‬العدوى‭ ‬البيولوجية‭ ‬في‭ ‬المختبرات‭ ‬تختلف‭ ‬اختلافاً‭ ‬كبيراً‭ ‬بين‭ ‬بلدان‭ ‬المنطقة‭. ‬

وعلى‭ ‬الصعيد‭ ‬الآخر،‭ ‬حدد‭ ‬البرنامج‭ ‬فرصاً‭ ‬جديدة‭ ‬للمشاركة‭ ‬البيولوجية‭ ‬وتحسينات‭ ‬نوعية‭ ‬لعملية‭ ‬المشاركة‭ ‬البيولوجية‭ ‬لمراعاة‭ ‬تفاوت‭ ‬القدرات‭ ‬الوطنية‭. ‬واستندت‭ ‬التوصيات‭ ‬إلى‭ ‬التحديات‭ ‬والثغرات‭ ‬والاحتياجات‭ ‬التي‭ ‬تعترض‭ ‬التصدي‭ ‬للمخاطر‭ ‬البيولوجية‭. ‬ومن‭ ‬الأهمية‭ ‬بمكان‭ ‬أنَّ‭ ‬الفرص‭ ‬المتاحة‭ ‬والمناهج‭ ‬المتبعة‭ ‬ستسهم‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬مفهوم‭ ‬شبكة‭ ‬الوقاية‭ ‬الممتدة‭ ‬عبر‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬الزمان‭ ‬والتي‭ ‬شهدت‭ ‬تنفيذ‭ ‬باقة‭ ‬من‭ ‬البرامج‭ ‬للتصدي‭ ‬لبواعث‭ ‬القلق‭ ‬الأمنية‭.‬

مشاركة‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬

مراكز‭ ‬التميز‭ ‬المعنية‭ ‬بمكافحة‭ ‬الأسلحة‭ ‬الكيميائية‭ ‬والبيولوجية‭ ‬والإشعاعية‭ ‬والنووية‭ ‬التابعة‭ ‬للاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬مبادرة‭ ‬عالمية‭ ‬يجري‭ ‬تنفيذها‭ ‬بالاشتراك‭ ‬مع‭ ‬مركز‭ ‬البحوث‭ ‬المشتركة‭ ‬التابع‭ ‬للمفوضية‭ ‬الأوروبية‭ ‬ومعهد‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬الأقاليمي‭ ‬لأبحاث‭ ‬الجريمة‭ ‬والعدالة‭.‬

وتهدف‭ ‬المبادرة‭ ‬إلى‭ ‬التخفيف‭ ‬من‭ ‬مخاطر‭ ‬المواد‭ ‬الكيميائية‭ ‬والبيولوجية‭ ‬والإشعاعية‭ ‬والنووية‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬الأنشطة‭ ‬الإجرامية‭ ‬أو‭ ‬العارضة‭ ‬أو‭ ‬الطبيعية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬العمل‭ ‬بسياسة‭ ‬قوية،‭ ‬وتحسين‭ ‬التنسيق‭ ‬والتأهب‭ ‬على‭ ‬الصعيدين‭ ‬الوطني‭ ‬والإقليمي،‭ ‬وتقديم‭ ‬نهج‭ ‬شامل‭ ‬يغطي‭ ‬الجوانب‭ ‬القانونية‭ ‬والعلمية‭ ‬والفنية‭ ‬وإنفاذ‭ ‬القانون‭. ‬وتسخر‭ ‬المبادرة‭ ‬الموارد‭ ‬الوطنية‭ ‬والإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬لوضع‭ ‬سياسة‭ ‬قوية‭ ‬لمكافحة‭ ‬الأسلحة‭ ‬الكيميائية‭ ‬والبيولوجية‭ ‬والإشعاعية‭ ‬والنووية‭ ‬على‭ ‬كافة‭ ‬الأصعدة‭ ‬للخروج‭ ‬باستجابة‭ ‬مؤثرة‭. ‬

وحتى‭ ‬وقتنا‭ ‬هذا،‭ ‬جرى‭ ‬قدر‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬تدريب‭ ‬المفوضية‭ ‬الأوروبية‭ ‬حول‭ ‬هذه‭ ‬المواد‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬سابقاً،‭ ‬مع‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬مكافحة‭ ‬المواد‭ ‬النووية‭ ‬والوقاية‭ ‬منها‭. ‬إلا‭ ‬أنَّ‭ ‬تنامي‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬الطاقة‭ ‬النووية‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬الحيوية‭ ‬والمواد‭ ‬الكيميائية‭ ‬في‭ ‬بقاع‭ ‬من‭ ‬إفريقيا‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وجنوب‭ ‬آسيا‭ ‬وجنوب‭ ‬شرق‭ ‬آسيا‭ ‬يتطلب‭ ‬التوسع‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬التدريب‭. ‬ويجسد‭ ‬هذا‭ ‬التحول‭ ‬المطلب‭ ‬المنصوص‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬قرار‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭ ‬رقم‭ [‬1540‭] ‬لمساعدة‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬وقت‭ ‬الشدة،‭ ‬وقد‭ ‬وافقت‭ ‬مجموعة‭ ‬الدول‭ ‬الصناعية‭ ‬الثماني‭ ‬الكبرى‭ ‬على‭ ‬تيسير‭ ‬تقديم‭ ‬هذه‭ ‬المساعدة‭. ‬

يساهم‭ ‬مركز‭ ‬التميز‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬المتطلبات‭ ‬الرئيسية‭ ‬الواردة‭ ‬في‭ ‬القرار‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تقديم‭ ‬المساعدة‭ ‬والدعم‭ ‬الفني‭ ‬لمساعدة‭ ‬الحكومات‭ ‬على‭ ‬تقييم‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الوطنية‭ ‬والإقليمية‭ ‬والمساعدة‭ ‬على‭ ‬إعداد‭ ‬مشاريع‭ ‬مراكز‭ ‬تميز‭ ‬لمكافحة‭ ‬الأسلحة‭ ‬الكيميائية‭ ‬والبيولوجية‭ ‬والإشعاعية‭ ‬والنووية‭ ‬غايتها‭ ‬سد‭ ‬ثغرات‭ ‬القدرات‭.‬

نفذت‭ ‬مبادرة‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬12‭ ‬مشروعاً‭ ‬ابتداءً‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2013‭. ‬تناولت‭ ‬القضايا‭ ‬الرئيسية‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالأسلحة‭ ‬الكيميائية‭ ‬والبيولوجية‭ ‬والإشعاعية‭ ‬والنووية،‭ ‬كتحسين‭ ‬الأطر‭ ‬القانونية‭ ‬المتعلقة‭ ‬بها،‭ ‬والنهوض‭ ‬بإدارة‭ ‬النفايات‭ ‬الكيميائية‭ ‬والبيولوجية،‭ ‬وتقييم‭ ‬مخاطر‭ ‬إساءة‭ ‬استخدام‭ ‬تلك‭ ‬المواد،‭ ‬وتحسين‭ ‬الأمن‭ ‬والسلامة‭ ‬البيولوجية،‭ ‬وبناء‭ ‬القدرات‭ ‬لمكافحة‭ ‬الاتجار‭ ‬غير‭ ‬المشروع‭ ‬بالمواد‭ ‬الكيميائية‭ ‬أو‭ ‬النووية‭ ‬أو‭ ‬الإشعاعية،‭ ‬ورفع‭ ‬الوعي‭ ‬بالموضوعات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بهذه‭ ‬المواد،‭ ‬وتعزيز‭ ‬الاستجابة‭ ‬الطارئة‭ ‬لحوادثها،‭ ‬والاهتمام‭ ‬بالتبادل‭ ‬الآمن‭ ‬لبيانات‭ ‬تلك‭ ‬الحوادث‭.‬

ومن‭ ‬أحدث‭ ‬المشاريع‭ ‬التي‭ ‬انطلقت‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬مشروع‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬تعزيز‭ ‬القدرات‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الاستجابة‭ ‬للأسلحة‭ ‬الكيميائية‭ ‬والبيولوجية‭ ‬والإشعاعية‭ ‬والنووية‭ ‬والطوارئ‭ ‬الكيميائية‭ ‬والطبية‮»‬‭. ‬وتكمن‭ ‬غاية‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬هيكل‭ ‬شامل‭ ‬بين‭ ‬البلدان‭ (‬العراق‭ ‬والأردن‭ ‬ولبنان‭) ‬وبين‭ ‬الأجهزة‭ ‬والمؤسسات‭ ‬لتنسيق‭ ‬وإنشاء‭ ‬وتنفيذ‭ ‬الاستجابة‭ ‬للحوادث‭ ‬الكيميائية‭ ‬والبيولوجية‭ ‬والإشعاعية‭ ‬والنووية‭ ‬في‭ ‬ربوع‭ ‬المنطقة‭.‬

وسيلبي‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬النهوض‭ ‬بالقدرات‭ ‬الحالية‭ ‬للاستجابة‭ ‬لحالات‭ ‬الطوارئ‭ ‬الكيميائية‭ ‬والبيولوجية‭ ‬والإشعاعية‭ ‬والنووية‭ ‬وتوفير‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬والتدريب‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الوقاية‭ ‬والتأهب‭ ‬والاستجابة‭.‬

الاتحاد‭ ‬الدولي‭ ‬للأمن‭ ‬والسلامة‭ ‬البيولوجية

يعمل‭ ‬الاتحاد‭ ‬الدولي‭ ‬للأمن‭ ‬والسلامة‭ ‬البيولوجية‭ ‬على‭ ‬تمكين‭ ‬بلدان‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وشمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬من‭ ‬تحديد‭ ‬المخاطر‭ ‬البيولوجية‭ ‬التي‭ ‬تتعرَّض‭ ‬لها‭ ‬والتخفيف‭ ‬من‭ ‬حدتها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استراتيجيات‭ ‬وطنية‭ ‬وإقليمية‭ ‬للأمن‭ ‬والسلامة‭ ‬البيولوجية‭ ‬تدعمها‭ ‬التشريعات‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية‭ ‬البشرية‭ ‬والمادية‭. ‬

وهذا‭ ‬المنهج‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬رؤية‭ ‬حكومية‭ ‬شاملة‭ ‬تراعي‭ ‬العالم‭ ‬أجمع‭ ‬بحيث‭ ‬تنظر‭ ‬للمخاطر‭ ‬البيولوجية‭ ‬عبر‭ ‬مختلف‭ ‬التهديدات‭ ‬الطبيعية‭ ‬والعرضية‭ ‬والمتعمدة‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬صلتها‭ ‬بالإنسان‭ ‬والحيوان‭ ‬والنبات‭ ‬والبيئة،‭ ‬ومنها‭ ‬المياه‭. ‬وتشمل‭ ‬أنشطة‭ ‬الشبكة‭ ‬عقد‭ ‬مؤتمرات‭ ‬نصف‭ ‬سنوية،‭ ‬ووضع‭ ‬استراتيجيات‭ ‬وطنية،‭ ‬وإنشاء‭ ‬جمعيات‭ ‬وطنية‭ ‬وإقليمية‭ ‬للسلامة‭ ‬البيولوجية‭.‬

وساهم‭ ‬الاتحاد‭ ‬في‭ ‬إنشاء‭ ‬مركزين‭ ‬للتدريب‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬والسلامة‭ ‬البيولوجية‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬أحدهما‭ ‬في‭ ‬الأردن‭ ‬والآخر‭ ‬في‭ ‬المغرب‭. ‬كما‭ ‬اعتمد‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬مختبرات‭ ‬الاحتواء‭ ‬البيولوجي‭ ‬لإجراء‭ ‬البحوث‭ ‬والتحقيقات‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬آمنة،‭ ‬وتوجد‭ ‬مختبرات‭ ‬الاحتواء‭ ‬البيولوجي‭ ‬هذه‭ ‬في‭ ‬باكستان‭ ‬والمغرب‭ ‬ودول‭ ‬أخرى‭.‬

الاستنتاجات‭ ‬والتوصيات

تعد‭ ‬الشبكات‭ ‬والأنشطة‭ ‬الإقليمية‭ ‬السبيل‭ ‬المناسب‭ ‬للمساهمة‭ ‬في‭ ‬التغلب‭ ‬على‭ ‬تحديات‭ ‬تنفيذ‭ ‬قرار‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬رقم‭ [‬1540‭]‬،‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬خبراء‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وشمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬يشاركون‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأنشطة‭ ‬والمبادرات‭ ‬الإقليمية‭. ‬فمن‭ ‬خلال‭ ‬جمع‭ ‬النشطاء‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬قطاع‭ ‬من‭ ‬القطاعات‭ ‬المعنية‭ ‬معاً،‭ ‬تبني‭ ‬هذه‭ ‬المبادرات‭ ‬شبكة‭ ‬من‭ ‬الخبراء‭ ‬على‭ ‬الصعيدين‭ ‬الوطني‭ ‬والإقليمي‭ ‬لضمان‭ ‬وجود‭ ‬علاقات‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬الحوادث‭ ‬البيولوجية‭ ‬قبل‭ ‬وقوعها‭.‬

ومن‭ ‬خلال‭ ‬تبادل‭ ‬الخبرات‭ ‬والمعارف‭ ‬المكتسبة‭ ‬عبر‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المبادرات‭ ‬والشبكات،‭ ‬يمكن‭ ‬لخبراء‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وشمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬إسداء‭ ‬النصح‭ ‬لصناع‭ ‬القرار‭ ‬في‭ ‬أوطانهم‭. ‬كما‭ ‬تعمل‭ ‬هذه‭ ‬الشبكات‭ ‬عبر‭ ‬الحدود‭ ‬السياسية‭ ‬المتأزمة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الاتصالات‭ ‬المستدامة،‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬تنهض‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المبادرات‭ ‬بدور‭ ‬قيم‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬الآليات‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬تحقيق‭ ‬مصالح‭ ‬مختلف‭ ‬البلدان‭ ‬المعنية‭. ‬

تشكل‭ ‬الاجتماعات‭ ‬المباشرة‭ ‬والورش‭ ‬والندوات‭ ‬والتدريب‭ ‬الركائز‭ ‬الأساسية‭ ‬التي‭ ‬تكفل‭ ‬نجاح‭ ‬أي‭ ‬شبكة‭ ‬من‭ ‬الشبكات‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬تشتمل‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬الحدود‭ ‬الحساسة‭ ‬سياسياً‭. ‬وقد‭ ‬ساهمت‭ ‬المبادرات‭ ‬والأنشطة‭ ‬المرتبطة‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وشمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬في‭ ‬الإلمام‭ ‬بالتهديدات‭ ‬وفهمها‭ ‬على‭ ‬حقيقتها،‭ ‬وبناء‭ ‬علاقات‭ ‬بين‭ ‬خبراء‭ ‬الأمن‭ ‬والمسؤولين‭ ‬والأكاديميين،‭ ‬وكانت‭ ‬بمثابة‭ ‬مختبر‭ ‬للأفكار‭ ‬الجديدة‭. ‬

إلا‭ ‬أنَّ‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬أنشطة‭ ‬مكافحة‭ ‬الأسلحة‭ ‬الكيميائية‭ ‬والبيولوجية‭ ‬والإشعاعية‭ ‬والنووية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وشمال‭ ‬إفريقيا‭ (‬كالتدريب‭ ‬ووضع‭ ‬السياسات‭ ‬وبناء‭ ‬القدرات‭) ‬يقتضي‭ ‬توفير‭ ‬أداة‭ ‬تمويل‭ ‬مستدامة‭ ‬للنهوض‭ ‬بقدرة‭ ‬الشبكات‭ ‬الإقليمية‭ ‬على‭ ‬التنفيذ‭ ‬وضمان‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬تيسير‭ ‬التدابير‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالأمن،‭ ‬ومنها‭ ‬قرار‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬رقم‭ [‬1540‭].‬

وتشتد‭ ‬أهمية‭ ‬التمويل‭ ‬من‭ ‬المؤسسات‭ ‬الخاصة‭ ‬لتعزيز‭ ‬المسؤولية‭ ‬الإقليمية‭ ‬ومكافحة‭ ‬التصور‭ ‬بأنَّ‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬إنما‭ ‬تحركها‭ ‬حكومات‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬المنطقة‭. ‬

إنَّ‭ ‬أنشطة‭ ‬الأمن‭ ‬والسلامة‭ ‬البيولوجية‭ ‬المستدامة‭ ‬والفعالة‭ ‬التي‭ ‬وُضعت‭ ‬ونفذت‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وشمال‭ ‬إفريقيا،‭ ‬بمساعدة‭ ‬الخبرة‭ ‬والتمويل‭  ‬الموضوع‭ ‬في‭ ‬مكانه‭ ‬الصحيح،‭ ‬ستساهم‭ ‬في‭ ‬نشر‭ ‬الأمن‭ ‬وتعزيز‭ ‬التضامن‭ ‬الإقليمي‭ ‬والعالمي‭. 

التعليقات مغلقة.