تحقيق الأمن عبر الحكم الرشيد

ينبغي على الحكومة الأفغانية تحسين الخدمات العامة لكسب ولاء المواطنين

أحمد‭ ‬فريد‭ ‬فاروزي مدير‭ ‬البرامج‭ ‬السابق،‭ ‬ديموكراسي‭ ‬إنترناشيونال،‭ ‬أفغانستان

أظهرت الأدلة‭ ‬العملية‭ ‬وجود‭ ‬روابط‭ ‬إيجابية‭ ‬بين‭ ‬جودة‭ ‬وكفاءة‭ ‬تقديم‭ ‬الخدمات‭ ‬العامة‭ ‬ومستوى‭ ‬ثقة‭ ‬المواطنين‭ ‬في‭ ‬حكومتهم‭. ‬بالنسبة‭ ‬لبلد‭ ‬ضعيف‭ ‬مثل‭ ‬أفغانستان‭ ‬تتنافس‭ ‬فيها‭ ‬الجهات‭ ‬الفاعلة‭ ‬غير‭ ‬الحكومية‭ ‬بالمناطق‭ ‬النائية‭ ‬مع‭ ‬الحكومة،‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬شرعية‭ ‬الدولة‭ ‬تعتمد‭ ‬في‭ ‬الأساس‭ ‬على‭ ‬ثقة‭ ‬وإطمئنان‭ ‬المواطنين‭.‬

أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬للمناطق‭ ‬الريفية‭ ‬التي‭ ‬يسكنها‭ ‬المواطنون‭ ‬الأفغان،‭ ‬والتي‭ ‬تمارس‭ ‬فيها‭ ‬العناصر‭ ‬المناوئة‭ ‬للحكومة‭ ‬نفوذها‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر،‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬جودة‭ ‬وكفاءة‭ ‬المؤسسات‭ ‬العامة‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬العوامل‭ ‬بالغة‭ ‬الأهمية‭. ‬ولذلك،‭ ‬وبصرف‭ ‬النظر‭ ‬عما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬مزود‭ ‬الخدمة‭ ‬هو‭ ‬أحد‭ ‬زعماء‭ ‬الحرب‭ ‬المحليين،‭ ‬أو‭ ‬مجموعة‭ ‬مناوئة‭ ‬للحكومة،‭ ‬أو‭ ‬الحكومة‭ ‬المحلية،‭ ‬فإن‭ ‬كل‭ ‬الأطراف‭ ‬تدرك‭ ‬حاجتها‭ ‬لتقديم‭ ‬خدمات‭ ‬عامة‭ ‬أفضل‭ ‬لكسب‭ ‬أفئدة‭ ‬وعقول‭ ‬الشعب‭.‬

ولا‭ ‬تعد‭ ‬عملية‭ ‬تقييم‭ ‬جودة‭ ‬الخدمات‭ ‬أمراً‭ ‬صعباً‭. ‬فالمواطنون‭ ‬يقيمون‭ ‬جودة‭ ‬تجربتهم‭ ‬حال‭ ‬تعاملهم‭ ‬مع‭ ‬أي‭ ‬مؤسسة‭ ‬عامة‭ ‬لحل‭ ‬أي‭ ‬نزاع،‭ ‬أو‭ ‬طلب‭ ‬الحماية،‭ ‬أو‭ ‬دفع‭ ‬الضرائب،‭ ‬أو‭ ‬تجديد‭ ‬جواز‭ ‬السفر،‭ ‬أو‭ ‬رخصة‭ ‬القيادة‭. ‬وتتشكل‭ ‬تصوراتهم‭ ‬وصورة‭ ‬المؤسسات‭ ‬الحكومية‭ ‬في‭ ‬أذهانهم‭ ‬بعد‭ ‬أول‭ ‬تعامل‭ ‬معها‭. ‬حينما‭ ‬تُلبى‭ ‬جميع‭ ‬الاحتياجات‭ ‬بصورة‭ ‬قانونية،‭ ‬يشعر‭ ‬المواطنون‭ ‬بحالة‭ ‬من‭ ‬الرضا‭ ‬وتُستعاد‭ ‬الطمأنينة‭ ‬والثقة‭ ‬بالحكومة‭.‬

لكن‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬التجربة‭ ‬سلبية،‭ ‬فسيتجه‭ ‬المواطنون‭ ‬للبحث‭ ‬عن‭ ‬قنوات‭ ‬بديلة،‭ ‬ونظراً‭ ‬للظروف‭ ‬المعيشية‭ ‬بالمناطق‭ ‬الريفية‭ ‬في‭ ‬أفغانستان،‭ ‬قد‭ ‬يضطر‭ ‬المواطنون‭ ‬للجوء‭ ‬لجهات‭ ‬غير‭ ‬حكومية‭. ‬ونتيجة‭ ‬لذلك،‭ ‬ترسخت‭ ‬علاقة‭ ‬عكسية‭ ‬بين‭ ‬ثقة‭ ‬وطمأنينة‭ ‬المواطنين‭ ‬تجاه‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬وبين‭ ‬العناصر‭ ‬المناوئة‭ ‬للدولة‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭.‬

في‭ ‬الواقع،‭ ‬لعبت‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬دورها‭ ‬كأحد‭ ‬العوامل‭ ‬الرئيسية‭ ‬للتنبؤ‭ ‬بالحالة‭ ‬الأمنية‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬الريفية‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ‬التي‭ ‬ينقسم‭ ‬فيها‭ ‬المواطنون‭ ‬الى‭ ‬من‭ ‬نما‭ ‬بينهم‭ ‬تعاطف‭ ‬مع‭ ‬المتطرفين‭ ‬المنتهجين‭ ‬للعنف‭ ‬وبين‭ ‬من‭ ‬قاوموا‭ ‬نفوذهم‭.‬

البحث‭ ‬عن‭ ‬الحلول

بدعم‭ ‬سخي‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي،‭ ‬تم‭ ‬تنفيذ‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬المشاريع‭ ‬لتقديم‭ ‬وتحسين‭ ‬الخدمات‭ ‬العامة‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭. ‬نفذت‭ ‬الحكومة‭ ‬الأفغانية‭ ‬بمساعدة‭ ‬الوكالات‭ ‬الخارجية‭ ‬والمنظمات‭ ‬غير‭ ‬الحكومية‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المشروعات‭ ‬لتقديم‭ ‬الخدمات‭ ‬العامة‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬التعليم،‭ ‬والرعاية‭ ‬الصحية،‭ ‬والوصول‭ ‬للعدالة،‭ ‬وإصدار‭ ‬جوازات‭ ‬السفر‭ ‬والرخص‭ ‬التجارية،‭ ‬وسندات‭ ‬ملكية‭ ‬الأراضي،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الخدمات‭ ‬الحكومية‭ ‬الأساسية‭.‬

أسفرت‭ ‬هذه‭ ‬الجهود‭ ‬عن‭ ‬نتائج‭ ‬إيجابية‭ ‬مؤقتة،‭ ‬لكنها‭ ‬أخفقت‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬النتائج‭ ‬المستدامة‭ ‬المنشودة‭. ‬وتعددت‭ ‬أسباب‭ ‬الإخفاق‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬النجاح‭ ‬المستدام،‭ ‬لعل‭ ‬أبرزها‭ ‬التركيز‭ ‬المنصب‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تسمى‭ ‬بـ‭ “‬المدن‭ ‬المركزية‭.” ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬عانى‭ ‬البرنامج‭ ‬الشامل‭ ‬الذي‭ ‬حاولت‭ ‬الحكومة‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬تحسين‭ ‬عملية‭ ‬تقديم‭ ‬الخدمات‭ ‬العامة‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬أوجه‭ ‬القصور‭.‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬حاجة‭ ‬قطاع‭ ‬تقديم‭ ‬الخدمات‭ ‬العامة‭ ‬الأفغاني‭ ‬للتحول‭ ‬من‭ ‬القيود‭ ‬البيروقراطية‭ ‬العتيقة‭ ‬إلى‭ ‬نهج‭ ‬حديث‭ ‬يركز‭ ‬على‭ ‬المواطن،‭ ‬تواصل‭ ‬الحكومة‭ ‬تعقيد‭ ‬النظام‭ ‬القديم‭. ‬وتجسد‭ ‬عملية‭ ‬إصدار‭ ‬رخص‭ ‬القيادة‭ ‬وتراخيص‭ ‬السيارات‭ ‬وسندات‭ ‬ملكية‭ ‬الأراضي‭ ‬وجوازات‭ ‬السفر‭ ‬مثالاً‭ ‬على‭ ‬عملية‭ ‬تقديم‭ ‬الخدمات‭ ‬بصورة‭ ‬بيروقراطية‭ ‬فاسدة‭ ‬وغير‭ ‬فعالة،‭ ‬ولم‭ ‬تتحسن‭ ‬بشكل‭ ‬كاف‭ ‬رغم‭ ‬الجهود‭ ‬المبذولة‭ ‬والمتكررة‭.‬

وبالتالي،‭ ‬يظل‭ ‬نظام‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬الخدمات‭ ‬العامة‭ ‬نظامًا‭ ‬ضعيفًا‭ ‬في‭ ‬جودته‭ ‬وعسيرًا‭ ‬في‭ ‬الاستفادة‭ ‬منه‭. ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬يتسم‭ ‬النظام‭ ‬بعدم‭ ‬الفعالية‭ ‬والفوضوية‭ ‬وعدم‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬المواطن‭ ‬بشكل‭ ‬كاف‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬كونه‭ ‬عرضة‭ ‬للفساد‭ ‬والرشوة‭.‬

وكثيراً‭ ‬ما‭ ‬أخفقت‭ ‬السلطات‭ ‬في‭ ‬إدراك‭ ‬أهمية‭ ‬نظام‭ ‬تقديم‭ ‬الخدمات‭ ‬العامة‭ ‬المرتكز‭ ‬على‭ ‬مصلحة‭ ‬المواطن‭ ‬واعتباره‭ ‬أداة‭ ‬فعالة‭ ‬لمعالجة‭ ‬بعض‭ ‬أكثر‭ ‬القضايا‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬إلحاحاً‭ ‬بالمجتمع‭ ‬الأفغاني،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬تلك‭ ‬المشاكل‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالمجتمعات‭ ‬الريفية‭.‬

تفاصيل‭ ‬المشكلة

تتسم‭ ‬الخطوات‭ ‬والعمليات‭ ‬المتبعة‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬الخدمات‭ ‬العامة‭ ‬بأنها‭ ‬طويلة‭ ‬دون‭ ‬داع‭. ‬وقد‭ ‬يَضطر‭ ‬المواطن‭ ‬كثيراً‭ ‬لدفع‭ ‬الرشاوي‭ ‬لمختلف‭ ‬رُتب‭ ‬المسؤولين‭ ‬الحكوميين‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬الخدمات‭. ‬وحال‭ ‬رغبة‭ ‬أحد‭ ‬المواطنين‭ ‬الأفغان‭ ‬في‭ ‬حل‭ ‬نزاع‭ ‬قائم‭ ‬على‭ ‬قطعة‭ ‬أرض‭ ‬صغيرة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الاستعانة‭ ‬بنظام‭ ‬العدالة‭ ‬الرسمي‭ ‬للبلاد،‭ ‬فمن‭ ‬الغالب‭ ‬أن‭ ‬يستغرق‭ ‬ذلك‭ ‬وقتاً‭ ‬طويلاً‭ ‬ويكلف‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬قيمة‭ ‬الأرض‭.‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬تلك‭ ‬الظروف،‭ ‬يظل‭ ‬سكان‭ ‬الريف‭ ‬والمهمشون‭ ‬والمواطنون‭ ‬الضعفاء‭ ‬خارج‭ ‬نطاق‭ ‬النظام‭ ‬الأفغاني‭ ‬الرسمي‭ ‬لتقديم‭ ‬الخدمات‭ ‬العامة،‭ ‬ويتحولون‭ ‬فريسة‭ ‬للمتطرفين‭ ‬المنتهجين‭ ‬للعنف‭. ‬وقد‭ ‬يجد‭ ‬بعض‭ ‬قاطني‭ ‬القرى‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬السهل‭ ‬أن‭ ‬تُحل‭ ‬قضاياهم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الجماعات‭ ‬المسلحة‭ ‬النشطة‭ ‬بالمنطقة‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬زيارة‭ ‬المكاتب‭ ‬الحكومية‭ ‬وإضاعة‭ ‬الوقت‭ ‬والمال‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الموافقة‭ ‬الحكومية‭ ‬المضنية‭.‬

ويترتب‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الإخفاق‭ ‬الحكومي‭ ‬عواقب‭ ‬أكثر‭ ‬عمقاً‭. ‬ولذلك‭ ‬يغادر‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬المحبطين‭ ‬البلاد‭ ‬بحثا‭ ‬عن‭ ‬فرص‭ ‬بأماكن‭ ‬أخرى‭ ‬أو‭ ‬ينضمون‭ ‬إلى‭ ‬الجماعات‭ ‬المسلحة‭. ‬وتنقل‭ ‬الشركات‭ ‬رؤوس‭ ‬أموالها‭ ‬خارج‭ ‬أفغانستان‭ ‬وإلى‭ ‬أسواق‭ ‬أكثر‭ ‬استقرارًا‭ ‬وملاءمة‭ ‬للأنشطة‭ ‬التجارية‭.‬

وفقاً‭ ‬لدراسة‭ ‬استقصائية‭ ‬شملت‭ ‬أفغانستان‭ ‬بأكملها‭ ‬وأجرتها‭ “‬مؤسسة‭ ‬آسيا‭” ‬في‭ ‬عام‭ ‬2017،‭ ‬يرى‭ ‬61‭% ‬من‭ ‬المشاركين‭ ‬أن‭ ‬البلاد‭ ‬تسير‭ ‬في‭ ‬الاتجاه‭ ‬الخاطئ،‭ ‬ويعزى‭ ‬ذلك‭ ‬بشكل‭ ‬رئيسي‭ ‬إلى‭ ‬انعدام‭ ‬الأمن‭ ‬وانتشار‭ ‬الخوف‭ ‬ونقص‭ ‬الفرص‭ ‬الاقتصادية‭ ‬وسوء‭ ‬الحوكمة‭. ‬وتشير‭ ‬نفس‭ ‬الدراسة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬سوء‭ ‬الحوكمة‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬رغبة‭ ‬39‭% ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬الأفغان‭ ‬في‭ ‬مغادرة‭ ‬البلاد،‭ ‬بينما‭ ‬يرى‭ ‬84‭% ‬من‭ ‬المشاركين‭ ‬في‭ ‬الدراسة‭ ‬بأن‭ ‬الفساد‭ ‬يمثل‭ ‬مشكلة‭ ‬رئيسية‭ ‬بمختلف‭ ‬أنحاء‭ ‬أفغانستان‭.‬

واستغرقت‭ ‬تلك‭ ‬الدراسة‭ ‬الاستقصائية‭ ‬جهدًا‭ ‬مضنيًا‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬عينة‭ ‬إجابات‭ ‬وافية‭ ‬وممثلة‭ ‬للمواطنين‭ ‬الأفغان‭. ‬أجاب‭ ‬على‭ ‬الدراسة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬من‭ ‬10.000‭ ‬شخص‭ ‬ينتمون‭ ‬لـ‭ ‬18‭ ‬فئة‭ ‬عرقية‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬الولايات‭ ‬البالغ‭ ‬عددها‭ ‬34‭ ‬مقاطعة‭.‬

ما‭ ‬الذي‭ ‬بنبغي‭ ‬فعله؟‭ ‬

أفغانستان‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬هيكلة‭ ‬نهج‭ ‬توفير‭ ‬الخدمات‭ ‬لمواطنيها‭. ‬فهناك‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬التحول‭ ‬الشامل‭ ‬من‭ ‬النظام‭ ‬الحالي‭ ‬العتيق‭ ‬إلى‭ ‬نظام‭ ‬حديث‭ ‬يركز‭ ‬على‭ ‬المواطن‭ ‬—‭ ‬تصمم‭ ‬فيه‭ ‬الحكومة‭ ‬الخدمات‭ ‬وتقدمها‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬متطلبات‭ ‬المواطنين‭ ‬—وليس‭ ‬متطلبات‭ ‬الحكومة‭.‬

ويمكن‭ ‬تحقيق‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تبني‭ ‬إستراتيجية‭ ‬شاملة‭ ‬وعملية‭ ‬وطويلة‭ ‬الأمد‭ ‬لتقديم‭ ‬الخدمات‭ ‬العامة‭ ‬ومكافحة‭ ‬الفساد‭ ‬واستعادة‭ ‬ثقة‭ ‬المواطنين‭. ‬وسيتطلب‭ ‬ذلك‭ ‬تيسير‭ ‬وإعادة‭ ‬تعريف‭ ‬طبيعة‭ ‬عمل‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المنظمات‭ ‬المتداخلة‭ ‬وغير‭ ‬الفعالة‭. ‬وفي‭ ‬إطار‭ ‬النظام‭ ‬الجديد،‭ ‬قد‭ ‬تحتاج‭ ‬بعض‭ ‬الهيئات‭ ‬مثل‭ ‬المكتب‭ ‬الأعلى‭ ‬للرقابة‭ ‬ومكافحة‭ ‬الفساد،‭ ‬ومركز‭ ‬العدالة‭ ‬لمكافحة‭ ‬الفساد،‭ ‬وهيئة‭ ‬الإصلاح‭ ‬الإداري،‭ ‬والمكتب‭ ‬الأعلى‭ ‬للتدقيق،‭ ‬ومركز‭ “‬آسان‭ ‬خدمت‭” ‬إلى‭ ‬دمج‭ ‬وإعادة‭ ‬تشكيل‭ ‬نفسها‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭.‬

ومن‭ ‬شأن‭ ‬إعادة‭ ‬الهيكلة‭ ‬الأساسية‭ ‬أن‭ ‬تساعد‭ ‬أفغانستان‭ ‬في‭ ‬محاربة‭ ‬الفساد‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬المستويات‭: ‬الوطنية‭ ‬والفرعية،‭ ‬والإقليمية،‭ ‬والمحلية،‭ ‬والقروية‭. ‬ومن‭ ‬شأنها‭ ‬تهيئة‭ ‬بيئة‭ ‬مواتية‭ ‬لأعضاء‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬الحقيقيين‭ ‬لتوحيد‭ ‬صفوفهم‭ ‬مع‭ ‬حكومتهم‭ ‬بغرض‭ ‬تحسين‭ ‬تقديم‭ ‬الخدمات‭ ‬العامة‭ ‬بمجتمعاتهم‭ ‬المحلية‭ ‬لكسب‭ ‬أفئدة‭ ‬وعقول‭ ‬المواطنين‭ ‬بجميع‭ ‬أنحاء‭ ‬البلاد‭.‬

وكوني‭ ‬متمرسًا‭ ‬بالمجال‭ ‬التنموي‭ ‬وأمضيت‭ ‬السنوات‭ ‬الخمسة‭ ‬عشر‭ ‬الأخيرة‭ ‬في‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬المجتمعات‭ ‬المحلية‭ ‬والمدنية‭ ‬والجهات‭ ‬الحكومية‭ ‬والجهات‭ ‬المانحة‭ ‬الدولية،‭ ‬فإنني‭ ‬أعتقد‭ ‬إعتقادًا‭ ‬جازماً‭ ‬بإمتلاك‭ ‬أفغانستان‭ ‬للفرصة‭ ‬الذهبية‭ ‬والدعم‭ ‬اللازم‭ ‬لتعديل‭ ‬المنهجيات‭ ‬القديمة‭ ‬غير‭ ‬المثمرة‭ ‬والبدء‭ ‬من‭ ‬جديد‭.‬

وعبر‭ ‬إعادة‭ ‬هيكلة‭ ‬عملية‭ ‬تقديم‭ ‬الخدمات‭ ‬العامة،‭ ‬ستأسر‭ ‬أفغانستان‭ ‬وداعميها‭ ‬الدوليون‭ ‬عقول‭ ‬وأفئدة‭ ‬الشعب‭ ‬الأفغاني‭. ‬ويكمن‭ ‬البديل‭ ‬في‭ ‬استغلال‭ ‬الجماعات‭ ‬المتطرفة‭ ‬المنتهجة‭ ‬للعنف‭ ‬واستفادتها‭ ‬من‭ ‬الاختلال‭ ‬الحكومي‭ ‬بغرض‭ ‬توسيع‭ ‬نطاق‭ ‬نفوذها‭ ‬بالمناطق‭ ‬الريفية‭ ‬والحد‭ ‬بصورة‭ ‬متزايدة‭ ‬من‭ ‬سلطة‭ ‬الحكومة‭ ‬لتقتصر‭ ‬على‭ ‬المدن‭ ‬الكبرى‭ ‬والعاصمة‭. 

التعليقات مغلقة.