باكستان تحرس البحار

التعاون‭ ‬البحري‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬الشريكة‭ ‬يضمن‭ ‬محيطاً‭ ‬هندياً‭ ‬وبحراً‭ ‬عربياً‭ ‬أكثر‭ ‬أمناً

العميد‭ ‬البحري‭ (‬المتقاعد‭) ‬بيرفيز‭ ‬أصغر،‭ ‬القوات‭ ‬البحرية‭ ‬الباكستانية

الصور‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬وكالة‭ ‬الأنباء‭ ‬الفرنسية‭/‬جيتي‭ ‬إيميجيز

لقد‭ ‬كان‭ ‬البحر‭ ‬تقليدياً‭ ‬وسيطاً‭ ‬للتناقضات‭. ‬إن‭ ‬سطحه‭ ‬الهادئ‭ ‬قد‭ ‬يتحول‭ ‬بسهولة‭ ‬إلى‭ ‬شدة‭ ‬متموجة،‭ ‬فلا‭ ‬تستغرق‭ ‬الرياح‭ ‬العاصفة‭ ‬وقتاً‭ ‬طويلاً‭ ‬كي‭ ‬تتحول‭ ‬إلى‭ ‬عواصف‭ ‬مدمرة‭. ‬فقد‭ ‬انتج‭ ‬بحر‭ ‬غير‭ ‬هائج‭ ‬في‭ ‬السابق‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬ليس‭ ‬ببعيد‭ ‬زلزال‭ ‬هائل‭ ‬تحت‭ ‬الماء،‭ ‬وادى‭ ‬إلى‭ ‬أمواج‭ ‬تسونامي‭ ‬اجتاحت‭ ‬شواطئ‭ ‬لا‭ ‬تعد‭ ‬ولا‭ ‬تحصى‭ ‬بغضب‭ ‬لا‭ ‬هوادة‭ ‬فيه‭.‬

وعندما‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بالنشاط‭ ‬البشري‭ ‬في‭ ‬البحار،‭ ‬تعمل‭ ‬التجارة‭ ‬المشروعة‭ ‬جنباً‭ ‬إلى‭ ‬جنب‭ ‬مع‭ ‬الاتجار‭ ‬غير‭ ‬المشروع‭.‬

والمخاطر‭ ‬حالياً‭ ‬أكثر‭ ‬بكثير‭. ‬يعتمد‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭ ‬على‭ ‬التجارة‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬إجراء‭ ‬ما‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬85‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬منها‭ ‬عبر‭ ‬البحار‭. ‬إن‭ ‬التهديدات‭ ‬التي‭ ‬يتعرض‭ ‬لها‭ ‬النظام‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الاقتصادي‭ ‬العالمي‭ ‬لا‭ ‬تنبع‭ ‬من‭ ‬القرصنة‭ ‬فحسب‭ ‬كما‭ ‬كانت‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬الماضي،‭ ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬الآن‭ ‬متنوعة‭ ‬في‭ ‬طبيعتها‭ ‬إلى‭ ‬الحد‭ ‬الذي‭ ‬دفع‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المحللين‭ ‬إلى‭ ‬إطلاق‭ ‬وصف‭ “‬مسرح‭ ‬الجريمة‭ ‬الأكبر‭ ‬في‭ ‬العالم‭” ‬على‭ ‬المحيطات‭.‬

إن‭ ‬اتساع‭ ‬المحيطات‭ ‬المترابطة‭ ‬ببعضها،‭ ‬مع‭ ‬تحديات‭ ‬الإنفاذ‭ ‬والولاية‭ ‬القضائية‭ ‬الخاصة‭ ‬بها،‭ ‬يفتح‭ ‬شهية‭ ‬المؤسسات‭ ‬الإجرامية‭ ‬المنظمة‭ ‬للاستفادة‭ ‬منها‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ “‬العمل‭ ‬خلسة‭ ‬تحت‭ ‬الرادار‭”‬،‭ ‬كما‭ ‬يقال‭. ‬فاستخدام‭ ‬سفن‭ ‬غير‭ ‬ملفتة‭ ‬للانتباه‭ ‬للقيام‭ ‬بمثل‭ ‬هذه‭ ‬الأنشطة‭ ‬غير‭ ‬المشروعة‭ ‬يضاعف‭ ‬المشاكل‭ ‬المتصلة‭ ‬بأعمال‭ ‬الشرطة‭ ‬والكشف‭ ‬عن‭ ‬الجرائم‭.‬

إن‭ ‬إيقاف‭ ‬السفن‭ ‬التجارية‭ ‬وتفتيشها‭ ‬لمجرد‭ ‬الاشتباه‭ ‬في‭ ‬ارتكابها‭ ‬جرائم‭ ‬يتسبب‭ ‬في‭ ‬اضطرابات‭ ‬غير‭ ‬مقبولة‭ ‬للتجارة‭ ‬العالمية‭. ‬ففي‭ ‬بحر‭ ‬العرب،‭ ‬تم‭ ‬استخدام‭ ‬المراكب‭ ‬الشراعية،‭ ‬التي‭ ‬تستخدم‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع‭ ‬في‭ ‬التجارة‭ ‬الساحلية‭ ‬المشروعة،‭ ‬للإتجار‭ ‬في‭ ‬البضائع‭ ‬المهربة‭. ‬ومن‭ ‬المعروف‭ ‬أن‭ ‬القوارب‭ ‬المصممة‭ ‬لصيد‭ ‬الأسماك،‭ ‬وهو‭ ‬نشاط‭ ‬يوفر‭ ‬سبل‭ ‬العيش‭ ‬لحوالي‭ ‬12‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬العالم،‭ ‬تستخدم‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬الأعمال‭ ‬غير‭ ‬المشروعة،‭ ‬مثل‭ ‬القرصنة‭ ‬وتهريب‭ ‬المخدرات‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬استخدامها‭ ‬لصيد‭ ‬الاسماك‭.‬

وكان‭ ‬تفجير‭ ‬السفينة‭ ‬يو‭ ‬إس‭ ‬إس‭ ‬كول‭ ‬بينما‭ ‬كانت‭ ‬راسية‭ ‬في‭ ‬ميناء‭ ‬عدن‭ ‬اليمني‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2000‭ ‬وناقلة‭ ‬النفط‭ ‬إم‭ ‬في‭ ‬ليندبرج‭ ‬قبالة‭ ‬سواحل‭ ‬اليمن‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2002‭ ‬ــ‭ ‬حيث‭ ‬اصدم‭ ‬كلاهما‭ ‬بالزوارق‭ ‬المحملة‭ ‬بالمتفجرات‭ ‬ــ‭ ‬سبباً‭ ‬في‭ ‬تسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬شبح‭ ‬الإرهاب‭ ‬البحري‭.‬

ورد‭ ‬العالم‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬تعزيز‭ ‬الأمن‭ ‬البحري‭ ‬العالمي‭ ‬عبر‭ ‬جهود‭ ‬فردية‭ ‬ومنسقة‭. ‬وتضمنت‭ ‬الموافقة‭ ‬على‭ ‬المدونة‭ ‬الدولية‭ ‬لأمن‭ ‬السفن‭ ‬والمرافق‭ ‬المينائية‭ ‬في‭ ‬كانون‭ ‬الأول‭/‬ديسمبر‭ ‬2002،‭ ‬بوصفها‭ ‬تعديلاً‭ ‬للاتفاقية‭ ‬النافذة‭ ‬المتعلقة‭ ‬بسلامة‭ ‬الأرواح‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬لعام‭ ‬1974،‭ ‬متطلبات‭ ‬أمنية‭ ‬إلزامية‭ ‬ومبادئ‭ ‬توجيهية‭ ‬ينبغي‭ ‬على‭ ‬الحكومات‭ ‬وسلطات‭ ‬الموانئ‭ ‬وشركات‭ ‬الشحن‭ ‬الموقعة‭ ‬تنفيذها‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬السبيل‭ ‬الوحيد‭ ‬الأكيد‭ ‬للتصدي‭ ‬بفعالية‭ ‬للتهديدات‭ ‬العديدة‭ ‬التي‭ ‬تخل‭ ‬بسلامة‭ ‬النظام‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬العمل‭ ‬المتضافر‭ ‬الذي‭ ‬يتسم‭ ‬بنهج‭ ‬تعاوني‭.‬

فقد‭ ‬تم‭ ‬كبح‭ ‬القرصنة‭ ‬الصومالية‭ ‬في‭ ‬خليج‭ ‬عدن‭ ‬وغرب‭ ‬المحيط‭ ‬الهندي‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬بسبب‭ ‬وجود‭ ‬سفن‭ ‬حربية‭ ‬من‭ ‬ما‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬29‭ ‬بلداً‭. ‬وبعملها‭ ‬إما‭ ‬بشكل‭ ‬منفرد‭ ‬أو‭ ‬ضمن‭ ‬مجموعات‭ ‬مثل‭ ‬عملية‭ ‬أتلانتا‭ ‬التابعة‭ ‬للاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬أو‭ ‬عملية‭ ‬درع‭ ‬المحيط‭ ‬التابعة‭ ‬لمنظمة‭ ‬حلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي‭ (‬الناتو‭)‬،‭ ‬أو‭ ‬فرقة‭ ‬العمل‭ ‬المشتركة‭ ‬فإنها‭ ‬ترتبط‭ ‬مع‭ ‬بعضها‭ ‬بسبب‭ ‬وجود‭ ‬هدف‭ ‬مشترك‭.‬

وأدت‭ ‬مبادرات‭ ‬إقليمية‭ ‬مثل‭ ‬مدونة‭ ‬جيبوتي‭ ‬لقواعد‭ ‬السلوك‭ ‬التي‭ ‬وضعتها‭ ‬المنظمة‭ ‬البحرية‭ ‬الدولية‭ ‬دوراً‭ ‬هاماً‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المسعى‭. ‬وقد‭ ‬وسع‭ ‬تعديل‭ ‬جدة‭ ‬لعام‭ ‬2017‭ ‬نطاق‭ ‬التحالف‭ ‬ليشمل‭ ‬مكافحة‭ ‬جميع‭ ‬الأنشطة‭ ‬غير‭ ‬المشروعة‭ ‬في‭ ‬البحر،‭ ‬وليس‭ ‬فقط‭ ‬القرصنة‭.‬

واعترافاً‭ ‬منها‭ ‬بأن‭ ‬الأمن‭ ‬البحري‭ ‬سيظل‭ ‬أمراً‭ ‬غير‭ ‬قابل‭ ‬للتحقيق‭ ‬مالم‭ ‬تدعمه‭ ‬استخبارات‭ ‬قابلة‭ ‬للتنفيذ،‭ ‬اتخذت‭ ‬بحرية‭ ‬جمهورية‭ ‬سنغافورة‭ ‬المبادرة‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬حاجة‭ ‬ماسة‭ ‬لها‭ ‬لإنشاء‭ ‬مركز‭ ‬دمج‭ ‬المعلومات‭ ‬في‭ ‬نيسان‭/‬أبريل‭ ‬2009‭ ‬في‭ ‬قاعدتها‭ ‬البحرية‭ ‬في‭ ‬تشانغي‭. ‬وقد‭ ‬أقام‭ ‬هذا‭ ‬المركز‭ ‬الإقليمي‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬روابط‭ ‬مع‭ ‬71‭ ‬مركزاً‭ ‬للعمليات‭ ‬من‭ ‬38‭ ‬بلداً،‭ ‬ويوجد‭ ‬فيه‭ ‬أيضاً‭ ‬16‭ ‬ضابط‭ ‬إرتباط‭ ‬دولي‭.‬

طائرة هليكوبتر تابعة للبحرية الباكستانية تهبط أثناء تمرين أمان19- البحري. حفز عرض قامت بها البحرية الأمريكية في عام 1995 باكستان الى تبني استخدام طائرات الهليكوبتر المحمولة على متن السفن لأغراض البحث والإنقاذ في البحر.

ومن‭ ‬المبادرات‭ ‬الإقليمية‭ ‬البارزة‭ ‬الأخرى‭ ‬مبادرة‭ ‬الندوة‭ ‬البحرية‭ ‬للمحيط‭ ‬الهندي‭ (‬IONS‭). ‬لم‭ ‬تجتذب‭ ‬الندوة‭ ‬البحرية‭ ‬للمحيط‭ ‬الهندي‭ (‬IONS‭)‬،‭ ‬التي‭ ‬صممت‭ ‬على‭ ‬نمط‭ ‬الندوة‭ ‬البحرية‭ ‬لغرب‭ ‬المحيط‭ ‬الهادئ،‭ ‬الدول‭ ‬الساحلية‭ ‬في‭ ‬المحيط‭ ‬الهندي‭ ‬فحسب‭ ‬بل‭ ‬تسمح‭ ‬أيضأً‭ ‬بانضمام‭ ‬البلدان‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬المنطقة‭ ‬التي‭ ‬لها‭ ‬إهتمامات‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬ويكفل‭ ‬اجتماع‭ ‬الرؤساء،‭ ‬الذي‭ ‬يشكل‭ ‬جزءاً‭ ‬لا‭ ‬يتجزأ‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬ندوة‭ ‬تعقد‭ ‬كل‭ ‬سنتين،‭ ‬تبادل‭ ‬الآراء‭ ‬وصياغة‭ ‬الاستجابات‭ ‬المنسقة‭ ‬على‭ ‬أعلى‭ ‬مستوى‭ ‬من‭ ‬مستويات‭ ‬القيادة‭ ‬البحرية‭. ‬

ويتمثل‭ ‬الهدف‭ ‬الشامل‭ ‬للاجتماع‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬خطة‭ ‬عمل‭ ‬موحدة‭ ‬والعمل‭ ‬بموجبها‭ ‬للتصدي‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬تحديات‭ ‬الأمن‭ ‬البحري‭ ‬التي‭ ‬ابتليت‭ ‬بها‭ ‬المنطقة‭.‬

مع‭ ‬إعادة‭ ‬تعيين‭ ‬القيادة‭ ‬الأمريكية‭ ‬للمحيط‭ ‬الهادئ‭ ‬كقيادة‭ ‬للهند‭ ‬والمحيط‭ ‬الهادئ‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2018،‭ ‬فلابد‭ ‬أن‭ ‬يزداد‭ ‬اهتمام‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بالمنطقة‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬وبالندوة‭ ‬البحرية‭ ‬للمحيط‭ ‬الهندي‭ (‬IONS‭) ‬بشكل‭ ‬خاص‭.‬

شهدت‭ ‬العلاقات‭ ‬الباكستانية‭ ‬الأمريكية‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التقلبات‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬السنين،‭ ‬ولكن‭ ‬البحر‭ ‬كان‭ ‬أحد‭ ‬المجالات‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬المصالح‭ ‬فيه‭ ‬متوافقة‭ ‬دائماً‭. ‬في‭ ‬الواقع،‭ ‬فقد‭ ‬سهل‭ ‬تدريب‭ ‬بحري‭ ‬لمنظمة‭ ‬المعاهدة‭ ‬المركزية‭ (‬CENTO‭) ‬في‭ ‬المياه‭ ‬الباكستانية‭ ‬في‭ ‬تشرين‭ ‬الثاني‭/‬نوفمبر‭ ‬1963‭ ‬أول‭ ‬دخول‭ ‬للبحرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬إلى‭ ‬المحيط‭ ‬الهندي‭.‬

وتلا‭ ‬ذلك‭ ‬رسو‭ ‬في‭ ‬ميناء‭ ‬كراتشي‭ ‬في‭ ‬آب‭/‬أغسطس‭ ‬1964‭ ‬لثلاث‭ ‬سفن‭ ‬حديثة‭ ‬البناء‭ ‬تعمل‭ ‬بالطاقة‭ ‬النووية‭ – ‬وهي‭ ‬يو‭ ‬إس‭ ‬إس‭ ‬إنتربرايز‭ ‬ولونغ‭ ‬بيتش‭ ‬وبينبريدج‭ – ‬خلال‭ ‬رحلتها‭ ‬البحرية‭ ‬غير‭ ‬المسبوقة‭ ‬دون‭ ‬إعادة‭ ‬التزود‭ ‬بالوقود‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬لإثبات‭ ‬فعالية‭ ‬الدفع‭ ‬النووي‭.‬

واستمرت‭ ‬السفن‭ ‬الحربية‭ ‬التابعة‭ ‬للبحرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬كونها‭ ‬مشهداً‭ ‬مألوفاً‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬بحر‭ ‬العرب‭. ‬وتلا‭ ‬الزيارات‭ ‬للموانئ‭ ‬في‭ ‬كراتشي‭ ‬دائماً‭ ‬تدريبات‭ ‬على‭ ‬المرور‭ ‬أو‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬التدريبات‭ ‬الثنائية‭ ‬المسماة‭ ‬جِنِّيَّة‭ ‬اَلْبَحْر‭ ‬الملهمة‭. ‬وفي‭ ‬إحدى‭ ‬التدريبات‭ ‬الأخيرة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1995،‭ ‬طبقت‭ ‬سفينة‭ ‬حربية‭ ‬أمريكية‭ ‬استخدمت‭ ‬طائرتها‭ ‬العمودية‭ ‬المحمولة‭ ‬على‭ ‬متن‭ ‬السفن‭ ‬وفريق‭ ‬الصعود‭ ‬على‭ ‬متن‭ ‬السفن‭ ‬المدرب،‭ ‬طبقت‭ ‬بنجاح‭ ‬مفهوم‭ ‬الصعود‭ ‬على‭ ‬متن‭ ‬السفن‭ ‬وتفتيشها‭ ‬وحجزها‭. ‬وقد‭ ‬ساعد‭ ‬ذلك‭ ‬البحرية‭ ‬الباكستانية‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬فيما‭ ‬يتصل‭ ‬بصقل‭ ‬إجراءاتها‭ ‬للاضطلاع‭ ‬بعمليات‭ ‬التفتيش‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬بأمان‭ ‬وفعالية‭.‬

وبالفعل،‭ ‬عندما‭ ‬أنشئت‭ ‬فريق‭ ‬العمل‭ ‬المشترك‭ ‬150‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬غزو‭ ‬أفغانستان‭ ‬الذي‭ ‬وافقت‭ ‬عليه‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لدى‭ ‬البحرية‭ ‬الباكستانية‭ ‬أي‭ ‬هواجس‭ ‬بشأن‭ ‬عرض‭ ‬خدماتها‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬لديها‭ ‬أي‭ ‬مشاكل‭ ‬في‭ ‬إدماج‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬أعمال‭ ‬فرقة‭ ‬العمل‭ ‬هذه‭. ‬وقامت‭ ‬البحرية‭ ‬الباكستانية‭ ‬بقيادة‭ ‬هذه‭ ‬القوة‭ ‬التي‭ ‬شملت‭ ‬منطقة‭ ‬عملياتها‭ ‬بعض‭ ‬الممرات‭ ‬البحرية‭ ‬الأكثر‭ ‬ازدحامًا‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬11‭ ‬مرة،‭ ‬وهو‭ ‬رقم‭ ‬قياسي‭.‬

وعندما‭ ‬أنشئت‭ ‬فريق‭ ‬عمل‭ ‬مشترك‭ ‬آخر‭ ‬—‭ ‬وهو‭ ‬فريق‭ ‬العمل‭ ‬المشترك‭ ‬151‭ – ‬في‭ ‬كانون‭ ‬الثاني‭/‬يناير‭ ‬2009‭ ‬للقيام‭ ‬بمهام‭ ‬محددة‭ ‬تتعلق‭ ‬بمكافحة‭ ‬القرصنة،‭ ‬لم‭ ‬تشارك‭ ‬البحرية‭ ‬الباكستانية‭ ‬فيها‭ ‬على‭ ‬الفور‭ ‬فحسب‭ ‬بل‭ ‬قادتها‭ ‬ثماني‭ ‬مرات‭. ‬وقد‭ ‬مكنت‭ ‬الخبرة‭ ‬التي‭ ‬اكتسبتها‭ ‬البحرية‭ ‬الباكستانية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مشاركتها‭ ‬في‭ ‬فرق‭ ‬العمل‭ ‬هذه،‭ ‬مكنتها‭ ‬من‭ ‬مواصلة‭ ‬الوفاء‭ ‬بالتزاماتها‭ ‬الدولية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إطلاق‭ ‬دوريات‭ ‬الأمن‭ ‬البحري‭ ‬الإقليمية‭.‬

عززت‭ ‬البحرية‭ ‬الباكستانية‭ ‬سمعتها‭ ‬كقوة‭ ‬تعمل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الخير‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الشروع‭ ‬في‭ ‬اجراء‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬التمارين‭ ‬كل‭ ‬سنتين‭ ‬تسمى‭ “‬أمان‭” (‬السلام‭) ‬تم‭ ‬أول‭ ‬تمرين‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬أوائل‭ ‬عام‭ ‬2007‭. ‬وقد‭ ‬جمع‭ ‬التمرين‭ ‬السادس‭ ‬في‭ ‬السلسلة،‭ ‬الذي‭ ‬عقد‭ ‬في‭ ‬شباط‭/‬فبراير‭ ‬2019‭ ‬والذي‭ ‬نشر‭ ‬تقرير‭ ‬عنه‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العدد‭ ‬من‭ ‬يونيباث،‭ ‬ما‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬45‭ ‬دولة‭ ‬تشترك‭ ‬في‭ ‬هدف‭ ‬مشترك‭ ‬ألا‭ ‬وهو‭ ‬تعزيز‭ ‬قضية‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬البحار‭.‬

إنه‭ ‬مما‭ ‬يثلج‭ ‬الصدر‭ ‬دائماً‭ ‬أن‭ ‬نرى‭ ‬ممثلين‭ ‬من‭ ‬بلدان‭ ‬متباينة‭ ‬يتحدون‭ ‬الانقسامات‭ ‬السياسية‭ ‬لحضور‭ ‬المؤتمرات‭ ‬والإحاطات‭ ‬الإعلامية‭ ‬والحفلات‭ ‬الغذائية‭ ‬والعروض‭ ‬الثقافية‭ ‬الدولية‭ ‬بنفس‭ ‬الروح‭ ‬التي‭ ‬تجري‭ ‬بها‭ ‬سفنهم‭ ‬الحربية‭ ‬استعراضا‭ ‬للأسطول‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬البحر‭.‬

وكنتيجة‭ ‬لذلك،‭ ‬توقف‭ ‬تزايد‭ ‬التحديات‭ ‬غير‭ ‬التقليدية‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬السنين،‭ … ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تتجه‭ ‬نحو‭ ‬التزايد‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬فيها‭ ‬أقل‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬المقاومة‭. ‬وفي‭ ‬مساحة‭ ‬شاسعة‭ ‬كالبحر،‭ ‬فلابد‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬تحديات‭ ‬على‭ ‬الدوام‭ ‬،‭ ‬كونها‭ ‬عابرة‭ ‬للحدود‭ ‬الوطنية‭ ‬بطبيعتها،‭ ‬معقدة‭ ‬بما‭ ‬يكفي‭ ‬لاختبار‭ ‬حدود‭ ‬قدرة‭ ‬القوات‭ ‬البحرية‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬منفردة‭ ‬أو‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬هيئات‭ ‬إنفاذ‭ ‬القانون‭ ‬البحري‭. ‬إن‭ ‬المراقبة،‭ ‬واليقظة،‭ ‬والدوريات‭ ‬البحرية،‭ ‬وجمع‭ ‬المعلومات‭ ‬الاستخبارية،‭ ‬وتبادل‭ ‬المعلومات،‭ ‬كلها‭ ‬مهام‭ ‬بحرية‭ ‬يلزم‭ ‬الاضطلاع‭ ‬بها‭ ‬بطريقة‭ ‬منسقة‭ ‬تنسيقاً‭ ‬جيدا‭ ‬إذا‭ ‬اردنا‭ ‬كبح‭ ‬جماح‭ ‬عدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬البحر‭.‬

ويقال‭ ‬إن‭ ‬البحر‭ ‬يوحد‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬الأرض‭ ‬تفرق‭ ‬بينهم‭. ‬وهذه‭ ‬الوحدة‭ ‬أمر‭ ‬حاسم‭ ‬إذا‭ ‬اردنا‭ ‬تحقيق‭ ‬الهدف‭ ‬العالمي‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬حرية‭ ‬الملاحة‭ ‬فوق‭ ‬كل‭ ‬اعتبار‭ ‬آخر‭. ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتحقق‭ ‬—‭ ‬باسيم‭ ‬ان‭ ‬ماريباص‭ ‬—‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬البحار‭ ‬—‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬وصلت‭ ‬جميع‭ ‬الدول‭ ‬المتشاطئة‭ ‬على‭ ‬البحر‭ ‬للتعاضد‭ ‬سعياً‭ ‬لتحقيق‭ ‬غرض‭ ‬مشترك‭. 

التعليقات مغلقة.