رسالة قائد مهم
أشكرالقيادة المركزية الأمريكية على إتاحة الفرصة لي لأقدم هذا المقال الافتتاحي للعدد الخاص من مجلة يونيباث والمخصص لدور القوات العسكرية في تقديم المساعدة والإسناد للقادة المدنيين على إدارة الأزمات، إذ تجلى هذا الدور الإنساني الباهر في مكافحة جائحة كورونا-التي اجتاحت العالم عام 2020م، ليس في السلطنة فحسب، بل في جميع أنحاء العالم.
لقد جهزت القوات العسكرية خلال 2020 وحداتها المرابطة في الخطوط الأمامية بكل ما تحتاجه لكسب المعركة ضد هذه الجائحة، فقد ساهم الأفراد من مختلف القوات البرية والبحرية والجوية في فرض الحجر الصحي ونصبوا مستشفيات جوّالة تجوب المناطق لمعالجة المصابين، وشنوا حملات تعقيم واسعة للأماكن العامة وسيّروا رحلات لإيصال المؤن والأدوية والأجهزة الطبية الضرورية إلى المناطق النائية.
وقد لعبت قوات السلطان المسلحة دوراً محورياً وهاماً في تعزيز جهود القطاعات الحكومية الأخرى للحد من انتشار هذا الوباء، وقدمت الدعم والاسناد المطلوب في المناطق التي شملها الحظر.
احتفلت السلطنة مؤخراً بمرور 50 عاماً من عمر نهضتها الحديثة-خمسة عقود من التنمية والتقدم الملموس تحت القيادة الحكيمة للسلطان قابوس بن سعيد –طيب الله ثراه-والرؤية المستنيرة لجلالة السلطان هيثم بن طارق-القائد الأعلى-حفظه الله ورعاه. وتكرس قوات السلطان المسلحة جهودها لبناء قدراتها من خلال التدريب واكتساب المهارات اللازمة. ومن خلال رؤية عمان 2040، يحرص جلالة السلطان هيثم بن طارق-القائد الأعلى – حفظه الله لتحويل قواته المسلحة إلى قوات حديثة وعصرية تواصل دورها المقدس في الذود عن حياض وطننا الغالي وتحافظ على منجزاته ومكتسباته.
ويؤكد جلالته على أهمية قوات السلطان المسلحة للحفاظ على أمن البلد واستقراره، مشيراً إلى أن “الانجازات التي تحققت في السلطنة ما كانت لتتحقق لولا ثبات ورسوخ الأمن وانتشار الأمان في ربوع هذه البلاد بوجود قوات مسلحة جاهزة وعصرية ومعدة إعداداً عاليا بمختلف فروعها وقطاعاتها، وأجهزة أمنية ضمنت استقرار البلاد واحترام المواطنين، فنحن نقدر دورها العظيم لضمان منجزات ومكتسبات هذا الوطن العزيز”.
على سبيل المثال، انتشرت قوات السلطان المسلحة في مايو 2020م وتحركت لتقديم الدعم والإسناد لسكان محافظة ظفار عندما تعرضت لإعصار استوائي قوي، فقد قام الجيش السلطاني العماني بنشر الدوريات في مختلف المناطق بمحافظة ظفار، وقام سلاح الجو السلطاني العماني بعمليات إنقاذ للأشخاص العالقين في مختلف المدن والقرى بالمحافظة وقامت الخدمات الهندسية بوزارة الدفاع بتصريف مياه الفيضانات وإصلاح خطوط الكهرباء المعطلة، وقدمت الخدمات الطبية بقوات السلطان المسلحة العلاج اللازم لكافة المصابين.
وللوقاية من أسلحة الدمار الشامل-بما في ذلك الاسلحة الكيمياوية والبيولوجية والاشعاعية-كثفت القوات المسلحة العمانية جهودها للاستعداد لمثل هذا السيناريو المحتمل، فقد تدرب العديد من الضباط وضباط الصف على مكافحة أسلحة الدمار الشامل على أيدي مدربين من القيادة المركزية الأمريكية للتعامل مع الأسلحة الكيماوية والبيولوجية والإشعاعية في مارس 2020م.
كما شارك في التمرين عدد من العاملين في القطاعات المدنية بالسلطنة، إذ لم يكن التمرين منحصراً على الجنود العسكريين فحسب، بل شمل التمرين ممثلين من الهيئة العامة للدفاع المدني والإسعاف. جدير بالذكر أن أي هجوم حقيقي محتمل على السلطنة يتطلب تنسيقاً وثيقاً بين الجهات العسكرية والمدنية.
وبعد الأحداث التي جرت خلال السنوات القليلة الماضية، أدركت الدول أهمية اتباع نهج متكامل لإدارة الأزمات والذي يعتمد على القطاعين العسكري والمدني على حد سواء. إن التعاون بين المؤسسات الحكومية مهم للتعامل مع الحالات الطارئة في هذا العالم الذي يزداد تعقيداً.
صاحب السمو السيد شهاب بن طارق آل سعيد
نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع
سلطنة عمان
التعليقات مغلقة.