أمن المياه By Unipath On May 2, 2018 Share العراق يهدف إلى إحياء الأنهار والأهوار والسدود وبناء محطات تصفية مياه الشرب التي دمرتها الحروب والإهمال أسرة يونيباث بلاد مابين النهرين هو الاسم القديم للعراق. هذا البلد الذي كان مهداً للحضارات المتعاقبة التي بنيت على ضفاف النهرين الخالدين دجلة والفرات واللذين اقترن وجودهما بوجود الحياة. أهمية الموارد المائية جعلت من العراق بلد الزراعة والثروة السمكية والمياه العذبة. لكن التحدي الكبير هو الحفاظ على تلك الموارد وعودة الحياة للمناطق التي دمرتها داعش. التقت مجلة يونيباث معالي وزير الموارد المائية، الدكتور حسن الجنابي الذي حدثنا بالتفصيل عن انجازات الوزارة والتحديات التي تواجهها. يونيباث: العراق مر بأزمات مياه اثرت على الاقتصاد العراقي فهل نحن اليوم أقل عرضة لمثل تلك الأزمات؟ عامل يضخ الخرسانة تحت الأرض في عملية طارئة لتعزيز سد الموصل.رويترز الوزير الجنابي: نعم العراق مرّ بأزمات شحة المياه بشكلها الطبيعي، أي أن حالات الشحة والفيضان كانت تتعاقب في فترات مختلفة، أما الآن فقد تغير جريان النهرين والروافد من شكله الطبيعي إلى جريان يجري التحكم به من قبل المشغلين بعد إنشاء شبكة واسعة من السدود ومنشآت السيطرة في بلدان الجوار، تركيا وسوريا وايران إضافة إلى العراق. إن هذا يمثل تغيراً هائلاً في الدورة الهيدرولوجية يمكن ملاحظة انعاكاساته بشكل ملموس سواء في أوقات الجريان الموسمية أو في نوعية المياه التي تتردى مع الوقت، أو في شدة الجفاف وانحسار الفترات الفيضانية التي كانت تلعب دوراً مهماً في العراق وذلك في الاحتفاظ بخصوبة التربة وتجددها واستدامة التنوع الاحيائي ومقاومة الزحف الصحراوي. فنحن الآن اكثر عرضة لاحتمالات الشحة ليس في توقيتها فحسب بل في شدتها. يونيباث: كيف تتعامل وزارة الموارد المائية مع التصحر والتغير المناخي؟ الوزير الجنابي: إن مقاربة التغير المناخي ومكافحة التصحر تكون فعالة إذا تحولت الى سياسة دولة بكاملها، وهذه بحاجة إلى استقرار سياسي واقتصادي لكي يمكن تمويل برامج واستراتيجيات فعالة بما تمليه التزامات الدولة ومتطلبات التنمية. فالعراق عضو في اتفاقية الأمم المتحدة الاطارية للتغير المناخي (UNFCC) وكذلك اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر(UNCCD) والتي هي اتفاقية ملزمة قانونياً، ويجري تنفيذ التزاماتنا في هذه الاتفاقيات وغيرها بالقدر الممكن في ظل صعوبات الحرب ضد الإرهاب وانخفاض العائدات المالية للبلاد. من طرفنا كوزارة نحن نواجه تحدياً ملموساً متمثلا بنقصان الايرادات المائية وانخفاض مناسيب الأنهار مع زيادة الطلب عليها، إضافة إلى حقيقة أن منشآتنا المائية الكبرى ومشاريعنا الإروائية قد صممت وفق معطيات هيدرولوجية ومناخية مختلفة كانت سائدة في الخمسينيات والستينيات، وهي بحاجة إلى تحديث وتأهيل لكي تناسب الحقائق السائدة حالياً، لذلك فقد انجزنا استراتيجيتنا للمياه والأراضي حتى عام 2035 ونسعى إلى تطبيقها، رغم الصعوبات المالية والكلف الكبيرة للحرب ضد الإرهاب. إن الوزارة تهدف إلى التركيز على المشاريع الصغيرة التي تدخل الخدمة بصورة مباشرة بعد إكمالها، وانسجامها مع التوجه العام للاستراتيجية، والتوقعات المتاحة للموارد المائية في ظل استمرار دول الجوار في إحكام السيطرة على منابع وروافد النهرين دجلة والفرات. إننا نعتقد أن تنفيذ الاستراتيجية يسهم مساهمة كبرى في سياسات التكيف مع التغير المناخي. فتية عراقيون يسوقون جاموس ماء في نهر الفرات في النجف. تعد حماية النهر من أولويات وزارة الموارد المائية العراقية.أسوشيتد برس كذلك تعمل الوزارة على دعم المشاريع الريادية في إنشاء الأحزمة الخضراء لوقف الزحف الصحراوي. يونيباث: اقترن اسمك في انتعاش الاهوار، هل لك أن تتحدث لنا عن خططك في هذا المجال؟ الوزير الجنابي: إن مهمتنا الاساسية هي استدامة الاهوار، أي توفير الحصة المائية اللازمة لإبقاء الاهوار العراقية بحالة تسمح لها بتقديم الخدمات االمعروفة للمجتمع والبيئة والتنوع الاحيائي، فضلاً عن الاستجابة للمعايير التي أدرجت في ضوءها الأهوار العراقية على لائحة التراث العالمي. في هذا المجال فنحن قد ضمّنا الحصة المائية للأهوار ضمن خطط الموازنة المائية السنوية وتشغيل المنظومة المائية في البلاد، أي اعتبار الأهوار مستخدما للمياه مثله مثل القطاع الزراعي والصناعي والمنزلي، ونحرص على الالتزام بذلك رغم التجاوزات والمنافسة سواء على المستوى الإقليمي أو الوطني. نحن نعتقد أن للاهوار العراقية قيمة اقتصادية وثقافية وبيئية كبرى ومن مصلحة الجميع المحافظة عليها وصونها ومنع تلويثها ومكافحة ممارسات الصيد الجائر للطيور والاسماك أو استخدام السموم والكهرباء في الصيد، ليس لأنها لم تعد ظاهرة محلية بل موقعاً عالمياً تعترف البشرية بقيمتها ويتحتم علينا اسنادها. يونيباث: سمعنا عن مخاطر سد الموصل في الأعوام السابقة، فهل هو في وضع أفضل اليوم؟ الوزير الجنابي: نعم لدينا مشكلة معروفة في أسس سد الموصل نتيجة بعض الهشاشة في مكونات الطبقات الجيولوجية على أعماق مختلفة تحت جسم السد، وهي مشكلة مشخصة قبل تنفيذ السد، بل أن السد صمم ونفذ بوجود نفق في جسم السد خصص لإجراء عمليات تحشية في الأسس، وأن عملية التحشية مستمرة منذ عام 1986. عامل يمر عبر نفق سد الموصل الذي يستخدم لضخ الخرسانة لتعزيز الهيكل. رويترز تجري حالياً عملية صيانة السد والتحشية بالتعاون مع شركة تريفي الايطالية وبإشراف فيلق المهندسين التابع للجيش الامريكي، وقد خلقت شراكة ثلاثية مهمة للتعاون من أجل تعزيز سلامة السد، وأود هنا تقديم آيات الشكر للحكومة الأمريكية التي تقوم بتمويل نشاط فيلق المهندسين وأعبر عن اعتزازنا بالمعونة الفنية التي يقدمها الفيلق لوزارتنا لضمان تحسين سلامة السد. يونيباث: هل لديكم خطة لإنهاء معاناة المواطنين في البصرة؟ الوزير الجنابي: البصرة أكثر منطقة متضررة في العراق بيئياً واقتصادياً، فقد حطمتها الحروب والتلوث والغوارق وقطع أو تقليل إيرادات المياه من الأنهار الكبرى التي كانت تغذي شط العرب وهي الكارون والكرخة ودجلة والفرات، مما أدى إلى صعود المياه المالحة شمالاً نتيجة المد البحري. إن مشكلة البصرة تتعلق بجانبين، الأول هو قطاع مياه الشرب وهذا القطاع لا يمكن حل مشكلاته دون إنشاء محطات تحلية كبرى وهذه من مهمات مؤسسات حكومية أخرى، كل ما نستطيع فعله نحن كوزارة هو دعم تلك المؤسسات وتشجيعها على انجاز تلك الخطوة الضرورية، أما الجانب الآخر فهو تدهور نوعية مياه شط العرب نتيجة قطع أو انحسار كميات المياه العذبة الواردة للشط. نحن نقوم بقدر الإمكان بتزويد البصرة بما لايقل عن 75 متر مكعب في الثانية، ونأمل أن يقوم الجانب الإيراني بإجراء مماثل، وإن حدث ذلك فيمكن إنقاذ شط العرب وبيئته من التدمير الذي حل به، وإلى أن يحصل ذلك قامت الوزارة بتنفيذ قناة إروائية موازية لشط العرب لتقديم الخدمات الإروائية على جانبي الشط، وأن هذا المشروع على وشك الاكتمال قريباً جداً بعد أن توفرت التخصيصات المالية مؤخراً. امرأة من الأهوار العراقية تنسج الأمشاط في السجاد. تسعى وزارة الموارد المائية العراقية نحو إصلاح التدمير البيئي للأهوار الذي يحدث منذ عقود سابقة. رويترز يونيباث: ماهي اجراءاتكم في المناطق المحررة التي بعد طرد عصابات داعش؟ الوزير الجنابي: لقد تحررت المنشآت الاروائية التي احتلتها داعش واكتشفنا هول التدمير الذي أحدثته العصابات الإرهابية، وتبلغ تقديراتنا لحجم التخريب في منشآتنا إلى مايزيد عن (600) مليون دولار. فقد استخدم تنظيم داعش المياه استخداماً اجرامياً كسلاح في الحرب لاغراق المدنيين والقرى والمزارع والحقول، وخرب سدة الرمادي وسدة الفلوجة والقناة الوحيدة التي تنقل مياه الري لمناطق حزام بغداد، واحتل سد الموصل وحاول احتلال سد حديثة على الفرات لكن صمود المدينة حال دون ذلك كما احتل عمود نهر الفرات في سوريا وسد الطبقة السوري مما عرض العراق إلى مخاطر كبرى، نعتقد أننا الآن تجاوزناها بقدراتنا الذاتية، وقد توفر لنا مؤخراً دعم من صندوق إعادة الاستقرار وستقوم شركات الوزارة بتأهيل وإصلاح سدة الرمادي وناظم الورار الذي يتحكم بإيرادات بحيرة الحبانية والقناة الموحدة. لدي إيمان راسخ بأن الشعب العراقي سيتجاوز جميع التحديات وسيخرج منتصراً. إنه شعب مكافح وقوي، حيث رأينا بعد تحرير المدن كيف بدأ المزارعون بتنظيف الحقول من مخلفات القتال وإعمار الأراضي للزراعة وعودة الحياة لطبيعتها خلال شهور. Share
Comments are closed.