محاربٌ من طرازٍ فريد

الفريق‭ ‬محمد‭ ‬فريد‭ ‬أحمدي‭ ‬يتولى‭ ‬مسيرة‭ ‬التطوير‭ ‬والإلهام‭ ‬باعتباره‭ ‬قائد‭ ‬العمليات‭ ‬الخاصة‭ ‬بالجيش‭ ‬الوطني‭ ‬الأفغاني

أسرة‭ ‬يونيباث
أوشكت القوات‭ ‬الأفغانية‭ ‬على‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬جماعة‭ ‬‮«‬داعش‭ ‬خراسان‮»‬‭ ‬الإرهابية‭ ‬في‭ ‬أفغانستان،‭ ‬إذ‭ ‬تعرض‭ ‬أميرها‭ ‬للقتل‭ ‬بطريقة‭ ‬مخزية‭ ‬بعد‭ ‬اختبائه‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬المساجد،‭ ‬واستسلم‭ ‬أتباعه‭ ‬للقوات‭ ‬الأفغانية‭.‬
وداهمت‭ ‬القوات‭ ‬الأفغانية‭ ‬18‭ ‬سجناً‭ ‬للطالبان‭ ‬وأطلقت‭ ‬سراح‭ ‬500‭ ‬سجين‭ ‬أفغاني،‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬مقاتلو‭ ‬طالبان‭ ‬يجتمعون‭ ‬بأعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬خوفاً‭ ‬من‭ ‬استهدافهم‭. ‬ويتوارى‭ ‬أمراؤهم‭ ‬معظم‭ ‬أيام‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬ملاذات‭ ‬آمنة‭ ‬خارج‭ ‬حدود‭ ‬أفغانستان‭ ‬خشية‭ ‬أن‭ ‬يتعرضوا‭ ‬للقتل‭.‬
ويرجع‭ ‬معظم‭ ‬هذا‭ ‬النجاح‭ ‬للمواهب‭ ‬القتالية‭ ‬التي‭ ‬تتمتع‭ ‬بها‭ ‬قيادة‭ ‬العمليات‭ ‬الخاصة‭ ‬بالجيش‭ ‬الوطني‭ ‬الأفغاني؛‭ ‬فقد‭ ‬لعب‭ ‬الفريق‭ ‬محمد‭ ‬فريد‭ ‬أحمدي‭ ‬الذي‭ ‬تولى‭ ‬قيادة‭ ‬العمليات‭ ‬الخاصة‭ ‬عام‭ ‬2019‭ ‬دوراً‭ ‬بارزاً‭ ‬في‭ ‬رفع‭ ‬كفاءة‭ ‬هذه‭ ‬القوات‭ ‬المدّربة‭ ‬تدريباً‭ ‬عالياً‭ ‬والتي‭ ‬انضم‭ ‬إلى‭ ‬صفوفها‭ ‬الآلاف‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬العقد‭ ‬المنصرم‭.‬
وقال‭ ‬الفريق‭ ‬أحمدي‭ ‬في‭ ‬حواره‭ ‬مع‭ ‬أسرة‭ ‬يونيباث‭ ‬في‭ ‬شباط‭/‬فبراير‭ ‬2020‭: ‬“لقد‭ ‬أثبتوا‭ ‬كفاءتهم‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬الوقت،‭ ‬وصقلت‭ ‬المعارك‭ ‬خبرتهم،‭ ‬وأصبحوا‭ ‬جنوداً‭ ‬أشدّاء‭.‬”
وقد‭ ‬حققت‭ ‬قوات‭ ‬الفريق‭ ‬أحمدي‭ ‬انتصارات‭ ‬تكتيكية‭ ‬مستمرة‭ ‬على‭ ‬طالبان‭ ‬والجماعات‭ ‬الإرهابية‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬حاولت‭ ‬التسلل‭ ‬إلى‭ ‬أفغانستان،‭ ‬وأمسى‭ ‬قائدهم‭ ‬يفتخر‭ ‬بأن‭ ‬قوّاته‭ ‬قامت‭ ‬بعدد‭ ‬1‭,‬065‭ ‬عملية‭ ‬في‭ ‬الـ‭ ‬10‭ ‬أشهر‭ ‬السابقة‭ ‬لشهر‭ ‬شباط‭/‬فبراير‭ ‬2020‭ ‬دون‭ ‬وقوع‭ ‬أي‭ ‬خسائر‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬المدنيين‭. ‬
واستسلم‭ ‬نحو‭ ‬1‭,‬400‭ ‬من‭ ‬مقاتلي‭ ‬داعش‭ ‬لرجاله‭ ‬في‭ ‬محافظة‭ ‬ننكرهار‭ ‬عام‭ ‬2019،‭ ‬ومنهم‭ ‬المقاتلون‭ ‬غير‭ ‬الأفغانيين‭ ‬الذين‭ ‬يسخر‭ ‬منهم‭ ‬الفريق‭ ‬أحمدي‭ ‬بوصفهم‭ ‬“السياح‭ ‬الأجانب‭.‬”‭ ‬ويكذّب‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬الدعاية‭ ‬الروسية‭ ‬التي‭ ‬تفتري‭ ‬على‭ ‬أفغانستان‭ ‬بوصفها‭ ‬حاضنة‭ ‬لداعش‭.‬
فيقول‭ ‬الفريق‭ ‬أحمدي‭: ‬“قضينا‭ ‬على‭ ‬داعش‭ ‬في‭ ‬الشمال،‭ ‬وأرسلنا‭ ‬بذلك‭ ‬رسالة‭ ‬قوية‭ ‬إلى‭ ‬الشركاء‭ ‬الإقليميين‭ ‬بأن‭ ‬الأفغان‭ ‬—‭ ‬بمساعدة‭ ‬شركائنا‭ ‬—‭ ‬يتحلّون‭ ‬بالإخلاص‭ ‬والأمانة‭ ‬في‭ ‬جهودهم‭ ‬لتدمير‭ ‬الجماعات‭ ‬الإرهابية؛‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬أمام‭ ‬الإرهابيين‭ ‬سوى‭ ‬ثلاثة‭ ‬خيارات‭: ‬إمّا‭ ‬الموت،‭ ‬وإمّا‭ ‬الرحيل،‭ ‬وإمّا‭ ‬السجن‭.‬”
كان‭ ‬الفريق‭ ‬أحمدي‭ ‬قد‭ ‬انضم‭ ‬إلى‭ ‬صفوف‭ ‬الجيش‭ ‬الأفغاني‭ ‬في‭ ‬ثمانينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬وتحمّل‭ ‬مثل‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬قادة‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬الأفغانية‭ ‬سنوات‭ ‬طالبان‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تراجع‭ ‬دور‭ ‬الجيش‭. ‬وعندما‭ ‬شرعت‭ ‬أفغانستان‭ ‬عام‭ ‬2006‭ ‬باختيار‭ ‬قوات‭ ‬بعينها‭ ‬لتأسيس‭ ‬أول‭ ‬وحدة‭ ‬لقوات‭ ‬المغاوير،‭ ‬قامت‭ ‬بتعزيز‭ ‬صفوفها‭ ‬بكتيبة‭ ‬الفريق‭ ‬أحمدي‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬رتبة‭ ‬مقدم‭ ‬آنذاك،‭ ‬لما‭ ‬عُرف‭ ‬عنها‭ ‬من‭ ‬الانضباط،‭ ‬والمهنية،‭ ‬وارتفاع‭ ‬الروح‭ ‬المعنوية،‭ ‬وأمضت‭ ‬هذه‭ ‬القوة‭ ‬الحديثة‭ ‬عدة‭ ‬أشهر‭ ‬في‭ ‬الأردن‭ ‬لتتلقى‭ ‬التدريب‭ ‬المتخصص‭.‬
وما‭ ‬زالت‭ ‬مهارات‭ ‬قوات‭ ‬العمليات‭ ‬الخاصة،‭ ‬والتي‭ ‬يعززها‭ ‬جناح‭ ‬المهام‭ ‬الخاصة‭ ‬المزوّد‭ ‬بطائرات‭ ‬هليكوبتر،‭ ‬تُكَذِّب‭ ‬مزاعم‭ ‬طالبان‭ ‬بأنها‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬عن‭ ‬القوات‭ ‬الأفغانية‭ ‬في‭ ‬قوتها‭ ‬العسكرية،‭ ‬وتباهت‭ ‬قيادة‭ ‬طالبان‭ ‬عام‭ ‬2019‭ ‬بأنها‭ ‬ستشن‭ ‬هجوماً‭ ‬للسيطرة‭ ‬والاستيلاء‭ ‬على‭ ‬ثلاث‭ ‬مدن‭ ‬و‭ ‬10‭ ‬أحياء‭ ‬في‭ ‬أفغانستان،‭ ‬ولكنها‭ ‬فشلت‭. ‬
ويقول‭ ‬الفريق‭ ‬أحمدي‭: ‬“نحن‭ ‬من‭ ‬نختار‭ ‬الوقت‭ ‬والمكان‭ ‬والأهداف،‭ ‬وليس‭ ‬طالبان‭.‬”
وجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬أن‭ ‬العمليات‭ ‬الناجحة‭ ‬لإنقاذ‭ ‬السجون‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬بها‭ ‬قيادة‭ ‬العمليات‭ ‬الخاصة‭ ‬بالجيش‭ ‬الوطني‭ ‬الأفغاني‭ ‬كانت‭ ‬ثمرة‭ ‬تخطيط‭ ‬وقيادة‭ ‬شباب‭ ‬الضباط،‭ ‬والملازمين‭ ‬المتحمسين،‭ ‬والنقباء‭ ‬الذين‭ ‬تربوا‭ ‬على‭ ‬فكر‭ ‬عسكري‭ ‬أفغاني‭ ‬متطور‭ ‬يؤكد‭ ‬على‭ ‬اتخاذ‭ ‬المبادرة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الفصائل‭ ‬والسرايا،‭ ‬وينشر‭ ‬الجيش‭ ‬الأفغاني‭ ‬هذا‭ ‬الفكر‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬فرق‭ ‬التدريب‭ ‬المتنقلّة‭ ‬التي‭ ‬تجوب‭ ‬البلاد‭ ‬لرفع‭ ‬كفاءة‭ ‬الجيش‭ ‬غير‭ ‬النخبوي‭ ‬والوحدات‭ ‬الشرطوية‭.‬
ويقول‭ ‬الفريق‭ ‬أحمدي‭: ‬“قادة‭ ‬الفصائل‭ ‬والسرايا‭ ‬يتولّون‭ ‬قيادة‭ ‬مهام‭ ‬عسكرية؟‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬ليحدث‭ ‬منذ‭ ‬10‭ ‬أعوام‭.‬”‭ ‬
إلّا‭ ‬أن‭ ‬الفريق‭ ‬أحمدي‭ ‬يرفض‭ ‬الاكتفاء‭ ‬بالإنجازات‭ ‬التي‭ ‬حققها،‭ ‬وإنما‭ ‬يدعم‭ ‬خطة‭ ‬خمسية‭ ‬لزيادة‭ ‬تطوير‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬الأفغانية‭.‬
ويريد‭ ‬إدماج‭ ‬الدروس‭ ‬المستفادة‭ ‬من‭ ‬أرض‭ ‬المعركة‭ ‬في‭ ‬المناهج‭ ‬التي‭ ‬تُدرّس‭ ‬بمدارس‭ ‬التميز‭ ‬العسكرية،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬رفع‭ ‬كفاءة‭ ‬قادة‭ ‬الجيش‭ ‬المستقبليين‭ ‬من‭ ‬صفوف‭ ‬شباب‭ ‬الضباط‭. ‬
ومن‭ ‬العناصر‭ ‬الأخرى‭ ‬للخطة‭ ‬تنقيح‭ ‬وتحديث‭ ‬فكر‭ ‬الجيش‭ ‬الأفغاني‭ ‬للتصدي‭ ‬للتهديدات‭ ‬الجديدة‭ ‬المحتملة؛‭ ‬إذ‭ ‬يقول‭ ‬الفريق‭ ‬أحمدي‭: ‬“تتغير‭ ‬طبيعة‭ ‬الإرهاب‭ ‬وأنواعه‭.‬”
هذا،‭ ‬وما‭ ‬تزال‭ ‬القوى‭ ‬الأجنبية‭ ‬تزوّد‭ ‬طالبان‭ ‬ومؤيديها‭ ‬بأسلحة‭ ‬متطورة،‭ ‬ومنها‭ ‬نظارات‭ ‬الرؤية‭ ‬الليلية،‭ ‬والطائرات‭ ‬المسيّرة،‭ ‬والعبوات‭ ‬الناسفة‭ ‬محلية‭ ‬الصنع،‭ ‬وتستمر‭ ‬الحملة‭ ‬الإعلامية‭ ‬للعدو‭ ‬في‭ ‬تضليل‭ ‬جمهورها‭ ‬بالأكاذيب،‭ ‬والأخبار‭ ‬الزائفة،‭ ‬وتحريف‭ ‬النصوص‭ ‬الدينية‭.‬
ويتمثل‭ ‬محور‭ ‬اهتمام‭ ‬الخطة‭ ‬في‭ ‬إنشاء‭ ‬ما‭ ‬يسميه‭ ‬الفريق‭ ‬أحمدي‭ ‬بمركز‭ ‬عمليات‭ ‬المخابرات‭ ‬والتعاون‭ ‬والتنسيق‭ ‬الأمني‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬كابول،‭ ‬ويدعو‭ ‬بلدان‭ ‬وسط‭ ‬آسيا‭ ‬إلى‭ ‬الانضمام‭ ‬بحيث‭ ‬تصبح‭ ‬أفغانستان‭ ‬بمثابة‭ ‬جسر‭ ‬آمن‭ ‬بين‭ ‬جنوب‭ ‬ووسط‭ ‬آسيا‭.‬
فيقول‭ ‬الفريق‭ ‬أحمدي‭: ‬“يؤثر‭ ‬استقرار‭ ‬أفغانستان‭ ‬تأثيراً‭ ‬مباشراً‭ ‬على‭ ‬استقرار‭ ‬المنطقة‭ ‬بأسرها؛‭ ‬ولذلك‭ ‬فإن‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭ ‬تساعد‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬إن‭ ‬هي‭ ‬ساعدت‭ ‬أفغانستان‭.‬”
وأعرب‭ ‬الفريق‭ ‬أحمدي‭ ‬عن‭ ‬خالص‭ ‬شكره‭ ‬وتقديره‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وجيشها،‭ ‬وشعبها‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تقدمه‭ ‬من‭ ‬دمائها‭ ‬وأموالها‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬قضية‭ ‬تحرير‭ ‬أفغانستان‭ ‬وإرساء‭ ‬دعائم‭ ‬استقرارها،‭ ‬وذكر‭ ‬أحمدي‭ ‬أن‭ ‬أفغانستان‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬علاقتها‭ ‬بالولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وتحالف‭ ‬شركائها‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬أرادت‭ ‬أن‭ ‬تنعم‭ ‬بالأمن‭ ‬والاستقرار‭. ‬
ويقول‭ ‬الفريق‭ ‬أحمدي‭: ‬“يستحق‭ ‬الشعب‭ ‬الأفغاني‭ ‬أن‭ ‬ينعم‭ ‬بالسلام‭ ‬الذي‭ ‬يصون‭ ‬كرامته‭ ‬وأن‭ ‬يحيا‭ ‬حياةً‭ ‬كسائر‭ ‬الأمم‭ ‬الأخرى‭.‬”‭ 

التعليقات مغلقة.