ستُ فئات من المجندين في الإرهاب

التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب يستضيف محاضرة تعريفية حول تحديد نقاط الضعف لدى الشباب الذين تستغلهم التنظيمات المتطرفة العنيفة

التحالف‭ ‬الإسلامي‭ ‬العسكري‭ ‬لمحاربة‭ ‬الإرهاب

لاتدَّخر‭ ‬التنظيمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬وُسعاً‭ ‬في‭ ‬استقطاب‭ ‬الشباب‭ ‬والزج‭ ‬بهم‭ ‬في‭ ‬عملياتها‭ ‬الإرهابية،‭ ‬وكثيراً‭ ‬ما‭ ‬تقوم‭ ‬بذلك‭ ‬باستخدام‭ ‬خلايا‭ ‬إلكترونية؛‭ ‬وهذه‭ ‬الخلايا‭ ‬مسؤولة‭ ‬عن‭ ‬نسبة‭ %‬70‭ ‬من‭ ‬وسائل‭ ‬استقطاب‭ ‬الشباب‭.‬

وفي‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف،‭ ‬يدرك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬هؤلاء‭ ‬المجنَّدين‭ ‬زَيفَ‭ ‬ما‭ ‬خدعتهم‭ ‬به‭ ‬تلك‭ ‬التنظيمات،‭ ‬ويبحثون‭ ‬عن‭ ‬سبيل‭ ‬للخروج‭ ‬من‭ ‬جحيمها‭. ‬ولكن‭ ‬يقتضي‭ ‬تخليص‭ ‬الشباب‭ ‬من‭ ‬براثن‭ ‬المتطرفين‭ ‬العنيفين‭ ‬وإعادة‭ ‬إدماجهم‭ ‬في‭ ‬رحاب‭ ‬المجتمع‭ ‬التساؤل‭ ‬عن‭ ‬سمات‭ ‬الشباب‭ ‬الذين‭ ‬ينجذبون‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬التنظيمات‭.‬

وهكذا‭ ‬لجأ‭ ‬التحالف‭ ‬الإسلامي‭ ‬العسكري‭ ‬لمحاربة‭ ‬الإرهاب‭ ‬إلى‭ ‬الدكتور‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬بن‭ ‬سعد‭ ‬الجاسر،‭ ‬الخبير‭ ‬في‭ ‬قضايا‭ ‬الشباب‭ ‬التي‭ ‬تشمل‭ ‬إعادة‭ ‬تأهيل‭ ‬العائدين‭ ‬من‭ ‬التنظيمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬وإعادة‭ ‬إدماجهم،‭ ‬للإجابة‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬التساؤل‭.‬

وكان‭ ‬الدكتور‭ ‬الجاسر‭ ‬ألقى‭ ‬محاضرة‭ ‬رئيسية‭ ‬في‭ ‬مقر‭ ‬التحالف‭ ‬بالعاصمة‭ ‬السعودية‭ ‬الرياض‭ ‬في‭ ‬حزيران‭/‬يونيو‭ ‬2021‭ ‬تناولت‭ ‬تحليل‭ ‬الشخصيات‭ ‬الأكثر‭ ‬استهدافاً‭ ‬للتجنيد‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬التنظيمات‭ ‬المتطرفة‭ ‬العنيفة‭. ‬وليس‭ ‬من‭ ‬المستغرب‭ ‬أن‭ ‬يتجنب‭ ‬الإرهابيون‭ ‬القائمون‭ ‬على‭ ‬التجنيد‭ ‬تجنيد‭ ‬الشخصيات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تقدِّم‭ ‬الطاعة‭ ‬للتنظيم‭. ‬إذن‭ ‬ما‭ ‬أنواع‭ ‬الشخصيات‭ ‬التي‭ ‬يبحثون‭ ‬عنها؟

يرى‭ ‬الدكتور‭ ‬الجاسر‭ ‬أنَّ‭ ‬الشباب‭ ‬المجنَّدين‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬الجماعات‭ ‬الإرهابية‭ ‬يندرجون‭ ‬في‭ ‬الفئات‭ ‬الست‭ ‬الرئيسية‭ ‬التالية‭: ‬

الباحث‭ ‬عن‭ ‬الانتقام

ينظر‭ ‬هؤلاء‭ ‬المجنَّدون‭ ‬إلى‭ ‬أنفسهم‭ ‬أنهم‭ ‬ضحايا‭ ‬للمجتمع،‭ ‬ويرَون‭ ‬أنَّ‭ ‬هنالك‭ ‬عوامل‭ ‬خارجية‭ ‬هي‭ ‬السبب‭ ‬في‭ ‬شقائهم‭ ‬وتعاستهم؛‭ ‬وتسمح‭ ‬التنظيمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬لهؤلاء‭ ‬بعد‭ ‬تجنيدهم‭ ‬بالتنفيس‭ ‬عن‭ ‬استيائهم‭ ‬وغضبهم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الانتقام،‭ ‬ويستخدم‭ ‬الإرهابيون‭ ‬هؤلاء‭ ‬على‭ ‬مستويين؛‭ ‬الأول‭: ‬نشر‭ ‬أفكار‭ ‬التنظيم،‭ ‬والآخَر‭: ‬تنفيذ‭ ‬الأعمال‭ ‬الإرهابية‭.‬

الباحث‭ ‬عن‭ ‬المكانة

يصر‭ ‬هؤلاء‭ ‬على‭ ‬أنَّ‭ ‬مجتمعهم‭ ‬لا‭ ‬يفهمهم‭ ‬ولا‭ ‬يقدِّرهم،‭ ‬ويعتقدون‭ ‬أنَّ‭ ‬لديهم‭ ‬قدرات‭ ‬وإمكانات‭ ‬عاليةً‭ ‬لا‭ ‬تتجلَّى‭ ‬إيجاباً‭ ‬في‭ ‬قيم‭ ‬مجتمعاتهم‭. ‬وكثيراً‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬إمكانات‭ ‬هؤلاء‭ ‬وقدُراتهم‭ ‬أقلَّ‭ ‬من‭ ‬طموحاتهم‭. ‬والجماعات‭ ‬الإرهابية‭ ‬تلتقط‭ ‬هؤلاء‭ ‬وتُضفي‭ ‬عليهم‭ ‬ألقاباً‭ ‬فخمة‭ ‬كأمير‭ ‬أو‭ ‬قائد‭ ‬أو‭ ‬مجاهد؛‭ ‬لتُشعرَهم‭ ‬بمكانتهم‭ ‬العالية،‭ ‬مع‭ ‬أنَّ‭ ‬معظم‭ ‬هذه‭ ‬الألقاب‭ ‬فارغة‭ ‬من‭ ‬اي‭ ‬معنى‭.‬

الباحث‭ ‬عن‭ ‬الهُويَّة

يبدي‭ ‬هؤلاء‭ ‬اهتماماً‭ ‬شديداً‭ ‬بالانضمام‭ ‬إلى‭ ‬جماعة‭ ‬أو‭ ‬تنظيم؛‭ ‬ليكونوا‭ ‬جزءاً‭ ‬من‭ ‬كِيان‭ ‬ما‭. ‬والحاجةُ‭ ‬إلى‭ ‬الانتماء‭ ‬أمر‭ ‬طبيعي‭ ‬وحاجة‭ ‬فِطرية‭ ‬،‭ ‬ويحتاج‭ ‬طالب‭ ‬الهُويَّة‭ ‬إلى‭ ‬الانتماء‭ ‬إلى‭ ‬مجموعة؛‭ ‬لأنَّ‭ ‬هذا‭ ‬الانتماء‭ ‬يحدِّد‭ ‬وظيفته‭ ‬ونشاطه‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭. ‬وغالباً‭ ‬ما‭ ‬ينشأ‭ ‬هؤلاء‭ ‬في‭ ‬عائلات‭ ‬لا‭ ‬تُشعرهم‭ ‬بقيمتهم‭ ‬ولا‭ ‬تقدر‭ ‬اهتماماتهم،‭ ‬فيشعرون‭ ‬بأنَّ‭ ‬وجودَهم‭ ‬وغيابهم‭ ‬سواء،‭ ‬فتتلقَّط‭ ‬الجماعات‭ ‬الإرهابية‭ ‬هؤلاء‭ ‬وتمنحهم‭ ‬الشعور‭ ‬بالانتماء‭.‬

الباحث‭ ‬عن‭ ‬الإثارة‭ ‬

أمثال‭ ‬هؤلاء‭ ‬ملأى‭ ‬بالطاقة‭ ‬والحيوية،‭ ‬ويبحثون‭ ‬عن‭ ‬التحديات‭ ‬والمغامرات‭ ‬لإثبات‭ ‬رجولتهم؛‭ ‬فهم‭ ‬مجازفون‭ ‬باحثون‭ ‬عن‭ ‬الإثارة‭. ‬ولذلك‭ ‬تخاطب‭ ‬التنظيمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬هؤلاء‭ ‬بأفلام‭ ‬مثيرة‭ ‬عن‭ ‬عملياتها،‭ ‬وبطولات‭ ‬أفرادها‭ ‬المزعومة،‭ ‬وقوتهم‭ ‬المدَّعاة‭! ‬ويشعر‭ ‬الباحث‭ ‬عن‭ ‬الإثارة‭ ‬بالملل‭ ‬من‭ ‬البقاء‭ ‬في‭ ‬المنزل،‭ ‬ويبحث‭ ‬دائماً‭ ‬عن‭ ‬تجرِبة‭ ‬أو‭ ‬مغامرة‭ ‬جديدة،‭ ‬وكثيراً‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬الطبقة‭ ‬المتوسطة،‭ ‬ولا‭ ‬يملك‭ ‬رؤيةً‭ ‬واعية‭ ‬لمستقبله‭. ‬وقد‭ ‬قابل‭ ‬الدكتور‭ ‬الجاسر‭ ‬واحداً‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الفئة‭ ‬من‭ ‬الشخصيات‭ ‬بين‭ ‬مَن‭ ‬كان‭ ‬يتولَّى‭ ‬إعادة‭ ‬تأهيلهم،‭ ‬وأخبره‭ ‬بأنه‭ ‬هو‭ ‬مَن‭ ‬بادرَ‭ ‬بالذهاب‭ ‬إلى‭ ‬التنظيم‭ ‬الإرهابي‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يعمل‭ ‬معه،‭ ‬بلا‭ ‬أي‭ ‬جهد‭ ‬من‭ ‬التنظيم‭ ‬لتجنيده‭.‬

الباحث‭ ‬عن‭ ‬الهرب

يسعى‭ ‬أصحاب‭ ‬هذه‭ ‬الشخصية‭ ‬للهرب‭ ‬من‭ ‬مشكلات‭ ‬أسرية‭ ‬أو‭ ‬مجتمعية‭ ‬لا‭ ‬يستطيعون‭ ‬حلَّها‭ ‬أو‭ ‬مواجهتَها،‭ ‬فيسعَون‭ ‬للهرَب‭ ‬منها‭ ‬باقتحام‭ ‬تجارِب‭ ‬جديدة‭ ‬ولو‭ ‬كانت‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬جماعة‭ ‬متطرفة‭. ‬ويعتقد‭ ‬كثيرون‭ ‬أنهم‭ ‬ينقذون‭ ‬شرف‭ ‬أسرتهم‭ ‬بذلك‭. ‬وهؤلاء‭ ‬كما‭ ‬يرى‭ ‬الجاسر‭ ‬هم‭ ‬الجزءُ‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬الذين‭ ‬ينضمُّون‭ ‬إلى‭ ‬التنظيمات‭ ‬الإرهابية‭.‬

المضطرب

يعاني‭ ‬أصحاب‭ ‬هذه‭ ‬الشخصية‭ ‬اضطراباتٍ‭ ‬عُصابيةً‭ ‬أو‭ ‬ذُهانية،‭ ‬لا‭ ‬تظهر‭ ‬عادةً‭ ‬إلا‭ ‬عند‭ ‬تعرُّضهم‭ ‬لمواقف‭ ‬ضاغطة‭. ‬وغالباً‭ ‬ما‭ ‬يكونون‭ ‬في‭ ‬المراحل‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬الاضطراب‭ ‬عندما‭ ‬تجنِّدهم‭ ‬التنظيمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬وتستخدمهم‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬التفجير‭.‬

تناول‭ ‬الدكتور‭ ‬الجاسر‭ ‬سُبلَ‭ ‬إنقاذ‭ ‬مَن‭ ‬غرَّرَت‭ ‬بهم‭ ‬التنظيماتُ‭ ‬المتطرفة‭ ‬العنيفة،‭ ‬إذ‭ ‬يكتشف‭ ‬معظم‭ ‬هؤلاء‭ ‬زَيفَ‭ ‬الادِّعاءات‭ ‬التي‭ ‬تلقَّوها‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬تجنيدهم،‭ ‬ويرغبون‭ ‬بمرور‭ ‬الوقت‭ ‬في‭ ‬الهروب‭ ‬من‭ ‬محنتهم‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬طوق‭ ‬نجاة‭ ‬للخروج‭ ‬من‭ ‬مأزقهم‭. ‬

والأسرة‭ ‬خير‭ ‬سبيل‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬هؤلاء‭ ‬المتطرفين‭ ‬الذين‭ ‬خاب‭ ‬أملهم،‭ ‬بيد‭ ‬أنَّ‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬الشاب‭ ‬وأسرته‭ ‬تكون‭ ‬سيئة‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬الحالات‭. ‬

قوات عراقية تحرس داعشياً متهماً بقتل المئات في بغداد في عام 2016؛ وقد وقع في قبضة الأجهزة الأمنية من خلال عملية استخباراتية معقدة في آب/أغسطس 2021.
وكالة الأنباء الفرنسية/جيتي اميدجز

ومثال‭ ‬ذلك‭ ‬أنَّ‭ ‬الدكتور‭ ‬الجاسر‭ ‬ساعد‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬تأهيل‭ ‬شاب‭ ‬يبلغ‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬22‭ ‬عاماً‭ ‬ذهب‭ ‬إلى‭ ‬إحدى‭ ‬مناطق‭ ‬الصراع‭ ‬هرباً‭ ‬من‭ ‬عار‭ ‬أسرته؛‭ ‬إذ‭ ‬خرجت‭ ‬أختُه‭ ‬من‭ ‬البيت‭ ‬ولم‭ ‬تعُد‭. ‬فرأى‭ ‬الشابُّ‭ ‬أنه‭ ‬بذهابه‭ ‬إلى‭ ‬مناطق‭ ‬الصراع‭ ‬سيُستشهَد‭ ‬ويطهِّر‭ ‬سمعة‭ ‬أسرته‭ ‬التي‭ ‬دمَّرها‭ ‬هرب‭ ‬أخته؛‭ ‬أي‭ ‬الإقدام‭ ‬على‭ ‬الانتحار‭ ‬الشرعي‭! ‬وتبيَّن‭ ‬لاحقاً‭ ‬أنَّ‭ ‬فعلة‭ ‬أخته‭ ‬هذه‭ ‬كانت‭ ‬بسبب‭ ‬أنها‭ ‬مريضةً‭ ‬وتعاني‭ ‬اضطراباً‭ ‬ثنائي‭ ‬القُطب،‭ ‬وقد‭ ‬عولجت‭.‬

وشاب‭ ‬آخر‭ ‬روى‭ ‬أنه‭ ‬ذهب‭ ‬إلى‭ ‬منطقة‭ ‬صراع‭ ‬هرباً‭ ‬من‭ ‬المشكلات‭ ‬القائمة‭ ‬بين‭ ‬أمِّه‭ ‬وأبيه،‭ ‬إذ‭ ‬تزوَّج‭ ‬أبوه‭ ‬امرأةً‭ ‬أخرى‭ ‬وأساء‭ ‬معاملةَ‭ ‬أمِّه،‭ ‬فردَّت‭ ‬عليه‭ ‬برفض‭ ‬طاعته‭. ‬ورأى‭ ‬الشاب‭ ‬أنَّ‭ ‬والدَيه‭ ‬عاصيان‭ ‬لله‭ ‬تعالى‭ ‬وسيدخلان‭ ‬النار،‭ ‬وتوهَّم‭ ‬أنَّ‭ ‬ذهابه‭ ‬إلى‭ ‬مناطق‭ ‬الصراع‭ ‬وموته‭ ‬شهيداً‭ ‬ربما‭ ‬يشفع‭ ‬لهما‭.‬

ولكن‭ ‬يبدأ‭ ‬التعافي‭ ‬عادةً‭ ‬بالأسر‭ ‬التي‭ ‬تنشئ‭ ‬قنوات‭ ‬اتصال‭ ‬–‭ ‬عبر‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الاجتماعي‭ ‬عادةً‭ ‬–‭ ‬مع‭ ‬أبنائها‭ ‬الذين‭ ‬يعيشون‭ ‬في‭ ‬الخارج؛‭ ‬فإذا‭ ‬أرادوا‭ ‬الهرب‭ ‬من‭ ‬محنتهم،‭ ‬تنسق‭ ‬الأسر‭ ‬إجراءات‭ ‬العودة‭ ‬مع‭ ‬مختلف‭ ‬الأجهزة‭ ‬الحكومية‭ ‬المعنية‭.‬

ومعظم‭ ‬مَن‭ ‬يتورَّطون‭ ‬في‭ ‬الدماء‭ ‬تصعُب‭ ‬عودتهم؛‭ ‬لخوفهم‭ ‬من‭ ‬مقاضاتهم،‭ ‬أو‭ ‬لاستمرائهم‭ ‬حياة‭ ‬العنف‭.‬

ويمر‭ ‬العائدون‭ ‬منهم‭ ‬بمرحلة‭ ‬التشخيص‭ ‬ويحصلون‭ ‬على‭ ‬الخدمات‭ ‬التي‭ ‬تكفل‭ ‬راحتهم‭ ‬الفكرية‭ ‬والنفسية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والصحية‭ ‬والتعليمية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والمهنية‭. ‬ومن‭ ‬الأهمية‭ ‬بمكان‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬الانتباه‭ ‬إلى‭ ‬أنَّ‭ ‬الإرهابيين‭ ‬سيحاولون‭ ‬استعادة‭ ‬هؤلاء‭ ‬التائبين‭ ‬والضغط‭ ‬عليهم‭ ‬لمعاودة‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬تنظيماتهم،‭ ‬ولذلك‭ ‬يتوجب‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬المساعدة‭ ‬على‭ ‬حل‭ ‬مشكلاتهم‭ ‬وإعادة‭ ‬إدماجهم‭.‬

نقاشات‭ ‬ختامية

فُتح‭ ‬باب‭ ‬النقاش‭ ‬الجاد‭ ‬بعدما‭ ‬انتهى‭ ‬الدكتور‭ ‬الجاسر‭ ‬من‭ ‬كلمته؛‭ ‬فأشار‭ ‬الدكتور‭ ‬زايد‭ ‬الحارثي،‭ ‬ممثِّل‭ ‬المجال‭ ‬الفكري‭ ‬للمملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬في‭ ‬التحالف،‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬عوامل‭ ‬فكرية‭ ‬وعَقيدية‭ ‬واجتماعية‭ ‬واقتصادية‭ ‬أخرى‭ ‬تقف‭ ‬وراء‭ ‬انضمام‭ ‬بعض‭ ‬الشباب‭ ‬إلى‭ ‬التنظيمات‭ ‬الإرهابية‭.‬

ومثال‭ ‬ذلك‭ ‬أنَّ‭ ‬الفكر‭ ‬ليس‭ ‬دائماً‭ ‬الذي‭ ‬يجذب‭ ‬بعض‭ ‬المجنَّدين؛‭ ‬بل‭ ‬المال‭ ‬والمكافآت‭ ‬المالية‭ ‬الأخرى‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تجذبهم‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان،‭ ‬ويأتي‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المال‭ ‬من‭ ‬بيع‭ ‬المخدرات‭ ‬وعمليات‭ ‬التهريب‭ ‬الأخرى‭.‬

فلا‭ ‬بدَّ‭ ‬من‭ ‬أخذ‭ ‬هذه‭ ‬الجوانب‭ ‬كافة‭ ‬في‭ ‬الحُسبان‭ ‬لإعادة‭ ‬إدماج‭ ‬أمثال‭ ‬هؤلاء‭ ‬الشباب‭ ‬في‭ ‬المجتمع؛‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصَّدَد‭ ‬تبرز‭ ‬تجرِبة‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬في‭ ‬تأهيل‭ ‬الإرهابيين‭ ‬التائبين‭ ‬ودمجهم‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬وهي‭ ‬تجرِبةٌ‭ ‬ثرية‭ ‬وناجحة،‭ ‬يمكن‭ ‬الاستفادة‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭.‬

وطرح‭ ‬العميد‭ ‬راشد‭ ‬الظاهري،‭ ‬ممثِّل‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬التحالف،‭ ‬السؤال‭ ‬التالي‭: ‬ما‭ ‬سُبل‭ ‬حماية‭ ‬الشباب‭ ‬ممَّا‭ ‬تروِّجه‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الاجتماعي‭ ‬من‭ ‬فكر‭ ‬متطرف؟‭ ‬وأجاب‭ ‬الدكتور‭ ‬الجاسر‭ ‬أنَّ‭ ‬مواجهة‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬المبادرة،‭ ‬وليس‭ ‬الاكتفاء‭ ‬بردِّ‭ ‬الفعل،‭ ‬ولا‭ ‬ريبَ‭ ‬أنَّ‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الاجتماعي‭ ‬ساحةُ‭ ‬الشباب‭ ‬المفضَّلة،‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬نبادرَ‭ ‬بمبادرات‭ ‬استباقية‭ ‬جذَّابة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الوسائل‭ ‬يقوم‭ ‬عليها‭ ‬شبابٌ‭ ‬نشيطون‭ ‬وواعون‭. ‬

فالشباب‭ ‬إذا‭ ‬آمنوا‭ ‬بفكرة‭ ‬–‭ ‬كمكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬–‭ ‬أعطَوها‭ ‬كلَّ‭ ‬جهدهم‭. 

التعليقات مغلقة.