رسالة قائد مهم

بداية‭ ‬أود‭ ‬التوجه‭ ‬بخالص‭ ‬الشكر‭ ‬والتقدير‭ ‬إلى‭ ‬القيادة‭ ‬المركزية‭ ‬الأمريكية‭ ‬لإتاحة‭ ‬الفرصة‭ ‬لي‭ ‬لكتابة‭ ‬المقال‭ ‬الافتتاحي‭ ‬لهذا‭ ‬العدد‭ ‬الذي‭ ‬يركز‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬التعاوني،‭ ‬الذي‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬التوافق‭ ‬والتعاون‭ ‬الدوليين،‭ ‬ومزامنة‭ ‬الجهود‭ ‬المبذولة‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬التهديدات‭ ‬الجديدة‭ ‬متعددة‭ ‬الأبعاد،‭ ‬وتوفير‭ ‬فهم‭ ‬أفضل‭ ‬للتحديات‭ ‬المشتركة‭. ‬ويتحقق‭ ‬الأمن‭ ‬التعاوني‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الشراكات‭ ‬والتحالفات‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الشقيقة‭ ‬والصديقة‭ ‬ذات‭ ‬المصالح‭ ‬المشتركة‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬الأمنية‭ ‬والعسكرية‭. ‬هذه‭ ‬الشراكات‭ ‬والتحالفات‭ ‬الدفاعية‭ ‬تمكن‭ ‬الدول‭ ‬المشاركة‭ ‬من‭ ‬الدفاع‭ ‬بجاهزية‭ ‬واستجابة‭ ‬سريعة‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬ظروف‭ ‬أمنية‭ ‬غير‭ ‬مستقرة‭ ‬التي‭ ‬تتعرض‭ ‬لها‭ ‬مصالحنا‭ ‬الحيوية‭ ‬المشتركة‭ ‬تجاه‭ ‬الاستقرار‭ ‬والأمن‭ ‬والازدهار‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬

وتنوعت‭ ‬جهود‭ ‬المملكة‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الأمن‭ ‬التعاوني،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬التدريبات‭ ‬والتمارين‭ ‬متعددة‭ ‬الجنسيات،‭ ‬والتحالف‭ ‬الدولي‭ ‬لأمن‭ ‬وحماية‭ ‬الملاحة‭ ‬البحرية،‭ ‬والأمن‭ ‬السيبراني،‭ ‬وفرق‭ ‬العمل‭ ‬المشتركة،‭ ‬والتعاون‭ ‬المدني‭ – ‬العسكري،‭ ‬وبعثات‭ ‬حفظ‭ ‬السلام،‭ ‬والتدريب‭ ‬على‭ ‬مكافحة‭ ‬المخدرات،‭ ‬والإغاثة‭ ‬في‭ ‬حالات‭ ‬الكوارث،‭ ‬ومراكز‭ ‬التميز‭ ‬الإقليمية‭.‬

وبالنظر‭ ‬لوجود‭ ‬مجموعة‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬التهديدات‭ ‬التي‭ ‬تتعرض‭ ‬لها‭ ‬البيئة‭ ‬الأمنية،‭ ‬علينا‭ ‬الاستعداد‭ ‬لمواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬والمخاطر‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬الإرهاب‭ ‬والتطرف‭. ‬لذلك‭ ‬دعت‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬إلى‭ ‬التعاون‭ ‬جميعًا‭ ‬للقضاء‭ ‬على‭ ‬الإرهاب‭ ‬الذي‭ ‬طال‭ ‬وباله‭ ‬المملكة‭ ‬والعديد‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم‭. ‬ولقد‭ ‬بذلت‭ ‬المملكة‭ ‬وتبذل‭ ‬جهوداً‭ ‬استثنائية‭ ‬لتعزيز‭ ‬الأمن‭ ‬والسلام‭ ‬والاستقرار‭ ‬على‭ ‬الصعيدين‭ ‬الإقليمي‭ ‬والدولي؛‭ ‬فقد‭ ‬تم‭ ‬تشكيل‭ ‬تحالف‭ ‬عسكري‭ ‬إسلامي‭ ‬لمحاربة‭ ‬الإرهاب‭ ‬بمبادرة‭ ‬من‭ ‬المملكة،‭ ‬وذلك‭ ‬لتوحيد‭ ‬وتنسيق‭ ‬ودعم‭ ‬الجهود‭ ‬الإسلامية‭ ‬في‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬بجميع‭ ‬أشكاله‭ ‬ومظاهره،‭ ‬والقضاء‭ ‬على‭ ‬أهدافه‭ ‬ومسبباته‭. ‬وكما‭ ‬ذكر‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬أن‭ ‬تشكيل‭ ‬هذا‭ ‬التحالف‭: ‬“جاء‭ ‬حرصاً‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬الإسلامي‭ ‬على‭ ‬محاربة‭ ‬داء‭ ‬الإرهاب،‭ ‬وكي‭ ‬يكون‭ ‬شريكاً‭ ‬للعالم‭ ‬كمجموعة‭ ‬دول‭ ‬في‭ ‬محاربة‭ ‬هذا‭ ‬الداء”‭. ‬وتم‭ ‬إقامة‭ ‬مركز‭ ‬عمليات‭ ‬مشتركة‭ ‬في‭ ‬الرياض‭ ‬لتنسيق‭ ‬ودعم‭ ‬العمليات‭ ‬العسكرية‭ ‬لمكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬ولتطوير‭ ‬البرامج‭ ‬والآليات‭ ‬اللازمة‭ ‬لدحره‭. ‬

وشاركت‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬بمهمة‭ ‬التحالف‭ ‬الدولي‭ ‬“بالتصدي‭ ‬لداعش‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الجبهات،‭ ‬وتفكيك‭ ‬شبكته‭ ‬ومواجهة‭ ‬طموحاته‭ ‬الدولية‭.‬”‭ ‬وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الحملة‭ ‬العسكرية‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وسوريا،‭ ‬التزمت‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬“بمجابهة‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬المالية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬لداعش،‭ ‬ومنع‭ ‬تدفق‭ ‬المقاتلين‭ ‬الإرهابيين‭ ‬الأجانب‭ ‬عبر‭ ‬الحدود،‭ ‬ودعم‭ ‬الاستقرار‭ ‬واستعادة‭ ‬الخدمات‭ ‬العامة‭ ‬الأساسية‭ ‬للمناطق‭ ‬المحررة‭ ‬من‭ ‬داعش،‭ ‬ومواجهة‭ ‬دعاية‭ ‬داعش‭.‬”

وتقوم‭ ‬استراتيجية‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬على‭ ‬المواجهتين‭ ‬الأمنية‭ ‬والفكرية،‭ ‬وتجفيف‭ ‬منابع‭ ‬تمويل‭ ‬الإرهاب‭. ‬وكشريك‭ ‬استراتيجي‭ ‬للتحالف‭ ‬الدولي‭ ‬لمكافحة‭ ‬داعش،‭ ‬تترأس‭ ‬المملكة‭ ‬بالشراكة‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وإيطاليا،‭ ‬الفرقة‭ ‬العاملة‭ ‬التي‭ ‬تركز‭ ‬على‭ ‬الجهود‭ ‬الرامية‭ ‬لمكافحة‭ ‬التمويل‭. ‬وضمن‭ ‬هذا‭ ‬الدور،‭ ‬أسست‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬مركزاً‭ ‬لاستهداف‭ ‬تمويل‭ ‬الإرهاب،‭ ‬للمساعدة‭ ‬على‭ ‬فرض‭ ‬عقوبات‭ ‬على‭ ‬الجهات‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بتمويل‭ ‬الإرهاب،‭ ‬وتبادل‭ ‬المعلومات‭ ‬الاستخباراتية‭.‬

وكان‭ ‬للمملكة‭ ‬دور‭ ‬رائد‭ ‬في‭ ‬المساهمة‭ ‬بملايين‭ ‬الدولارات‭ ‬لجهود‭ ‬إعادة‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬المحررة‭ ‬من‭ ‬داعش‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وسورية‭. ‬ولم‭ ‬تقتصر‭ ‬المساعدات‭ ‬الانسانية‭ ‬على‭ ‬النطاق‭ ‬الإقليمي،‭ ‬إذ‭ ‬عمل‭ ‬مركز‭ ‬الملك‭ ‬سلمان‭ ‬للإغاثة‭ ‬والأعمال‭ ‬الإنسانية‭ ‬على‭ ‬مد‭ ‬يد‭ ‬العون‭ ‬إلى‭ ‬المجتمعات‭ ‬المنكوبة‭ ‬والمتضررة‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬وفي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬45‭ ‬بلداً‭.‬

وكما‭ ‬تعلمون‭ ‬فإن‭ ‬الجماعات‭ ‬والتنظيمات‭ ‬الإرهابية،‭ ‬أياً‭ ‬كان‭ ‬مذهبها‭ ‬وتسميتها،‭ ‬قد‭ ‬استباحت‭ ‬الحرمات،‭ ‬وعاثت‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬قتلاً‭ ‬وفساداً،‭ ‬وروعت‭ ‬الآمنين،‭ ‬وتفننت‭ ‬بالغدر‭ ‬والخيانة،‭ ‬وغرست‭ ‬بذور‭ ‬الحقد‭ ‬والبغضاء‭ ‬وحب‭ ‬البغي‭ ‬والانتقام‭. ‬لذلك‭ ‬اتخذت‭ ‬المملكة‭ ‬مبادرات‭ ‬عملية‭ ‬وفعالة‭ ‬لمكافحة‭ ‬الفكر‭ ‬المتطرف،‭ ‬وتطوير‭ ‬حملات‭ ‬إعلامية‭ ‬مُوجهة‭ ‬واستباقية‭ ‬لكشف‭ ‬الدعايات‭ ‬المضللة،‭ ‬ومن‭ ‬هذه‭ ‬المبادرات‭ ‬المركز‭ ‬العالمي‭ ‬لمكافحة‭ ‬الفكر‭ ‬المتطرف‭ (‬اعتدال‭)‬،‭ ‬و‭ ‬مركز‭ ‬الحرب‭ ‬الفِكرية‭ ‬التابع‭ ‬لوزارة‭ ‬الدفاع‭. ‬وتسعى‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسات‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬المنظمات‭ ‬الحكومية‭ ‬ومنظمات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬إلى‭ ‬محاربة‭ ‬الفكر‭ ‬المتطرف،‭ ‬ونشر‭ ‬مبادئ‭ ‬التسامح‭ ‬والاعتدال،‭ ‬وتعزيز‭ ‬السلام‭ ‬والاستقرار‭. ‬

واستجابت‭ ‬المملكة‭ ‬لدعوة‭ ‬الحكومة‭ ‬اليمنية‭ ‬الشرعية‭ ‬لاستعادة‭ ‬النظام‭ ‬الدستوري‭ ‬في‭ ‬اليمن،‭ ‬وقادت‭ ‬المملكة‭ ‬مع‭ ‬أشقائنا‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ – ‬بالتعاون‭ ‬الوثيق‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬–‭ ‬تحالفاً‭ ‬لاستعادة‭ ‬الحكومة‭ ‬الشرعية‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬والتفاوض‭ ‬على‭ ‬حل‭ ‬سلمي‭ ‬للأزمة‭ ‬القائمة‭. ‬ومنذ‭ ‬انطلاقه،‭ ‬بذل‭ ‬التحالف‭ ‬جهوداً‭ ‬حثيثة‭ ‬لوقف‭ ‬اعتداءات‭ ‬ميليشيات‭ ‬الحوثي‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬اليمني‭ ‬ومكتسباته‭ ‬وشرعيته‭ ‬وتهديدها‭ ‬لأمن‭ ‬وسلامة‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭. ‬و‭ ‬لم‭ ‬تقتصر‭ ‬جهود‭ ‬تحالف‭ ‬دعم‭ ‬الشرعية‭ ‬اليمينة‭ ‬على‭ ‬المجال‭ ‬العسكري،‭ ‬بل‭ ‬حرص‭ ‬على‭ ‬مساعدة‭ ‬وحماية‭ ‬الشعب‭ ‬اليمني‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬المبادرات‭ ‬الإنسانية‭ ‬مثل‭ ‬البرنامج‭ ‬السعودي‭ ‬للتنمية‭ ‬وإعادة‭ ‬الإعمار‭ ‬في‭ ‬اليمن‭.‬

ومنذ‭ ‬إنشائها،‭ ‬عملت‭ ‬قيادة‭ ‬القوات‭ ‬المشتركة‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬الكفاءة‭ ‬القتالية‭ ‬والجاهزية‭ ‬للقوات،‭ ‬وقيادة‭ ‬العمليات‭ ‬القتالية‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬التهديدات‭ ‬الناشئة‭ ‬والبيئة‭ ‬الأمنية‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الإقليمي‭. ‬وهي‭ ‬تعمل‭ ‬جنباً‭ ‬إلى‭ ‬جنب‭ ‬مع‭ ‬جميع‭ ‬أفرع‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬التي‭ ‬تتولى‭ ‬إدارة‭ ‬كافة‭ ‬الأنشطة‭ ‬التدريبية‭ ‬والعملياتية‭ ‬للقوات،‭ ‬كما‭ ‬يتم‭ ‬التنسيق‭ ‬والتكامل‭ ‬مع‭ ‬كافة‭ ‬عناصر‭ ‬القوى‭ ‬الوطنية،‭ ‬خاصة‭ ‬القوات‭ ‬العسكرية‭ ‬و‭ ‬الأمنية‭ ‬الأخرى‭. ‬وتعمل‭ ‬القوات‭ ‬المشتركة‭ ‬ضمن‭ ‬تحالفات‭ ‬إقليمية‭ ‬ودولية‭ ‬لضمان‭ ‬أمن‭ ‬المملكة،‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬تميزها‭ ‬النوعي،‭ ‬وجاهزيتها‭ ‬وقدرتها‭ ‬المتكاملة‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬كل‭ ‬أطياف‭ ‬التهديدات،‭ ‬وبرجال‭ ‬يتم‭ ‬اختيارهم‭ ‬بعناية‭ ‬يتمتعون‭ ‬بأعلى‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬المهنية‭ ‬والاحترافية‭ ‬والجدارة‭ ‬والتدريب‭ ‬والتحفيز‭ ‬اللازم‭ ‬لتنفيذ‭ ‬عمليات‭ ‬نوعية‭ ‬حاسمة،‭ ‬وإدارة‭ ‬القدرات‭ ‬الدفاعية‭ ‬بفاعلية،‭ ‬وتحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬عبر‭ ‬تعاون‭ ‬وطني‭ ‬وإقليمي‭ ‬ودولي‭.‬

صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الفريق‭ ‬ركن‭ ‬فهد‭ ‬بن‭ ‬تركي‭ ‬بن‭ ‬عبد‭ ‬العزيز‭ ‬آل‭ ‬سعود

قائد‭ ‬القوات‭ ‬المشتركة‭ ‬بتحالف‭ ‬دعم‭ ‬الشرعية‭ ‬في‭ ‬اليمن

التعليقات مغلقة.