رسالة قائد مهم

أود‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬أن‭ ‬أرحب‭ ‬بفريق‭ ‬مجلة‭ ‬يونيباث‭ ‬التابعة‭ ‬للقيادة‭ ‬المركزية‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة،‭ ‬كما‭ ‬أتقدم‭ ‬بالشكر‭ ‬لمجلة‭ ‬يونيباث‭ ‬لتوجيه‭ ‬هذه‭ ‬الدعوة‭ ‬الكريمة‭ ‬لي،‭ ‬وأقدر‭ ‬كثيراً‭ ‬أن‭ ‬المجلة‭ ‬تمثل‭ ‬منبراً‭ ‬مهماً‭ ‬للحوار‭ ‬وتبادل‭ ‬الآراء‭ ‬والأفكار،‭ ‬وأعبر‭ ‬لكم‭ ‬عن‭ ‬سروري‭ ‬لما‭ ‬يجسده‭ ‬حديثنا‭ ‬معاً‭ ‬اليوم،‭ ‬من‭ ‬تعبير‭ ‬أكيد‭ ‬عن‭ ‬الصداقة‭ ‬القوية‭ ‬والعلاقات‭ ‬المهمة،‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والإمارات،‭ ‬وهي‭ ‬علاقات‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬الاحترام‭ ‬المتبادل،‭ ‬والتعاون‭ ‬والعمل‭ ‬المشترك،‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬تحقيق‭ ‬الخير‭ ‬للجميع،‭ ‬أعبر‭ ‬عن‭ ‬سروري‭ ‬كذلك،‭ ‬للحديث‭ ‬عن‭ ‬التسامح‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة،‭ ‬وعن‭ ‬النموذج‭ ‬الفريد‭ ‬لهذه‭ ‬الدولة،‭ ‬الذي‭ ‬يشتمل‭ ‬على‭ ‬وجود‭ ‬الوزارة‭ ‬الوحيدة‭ ‬للتسامح‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم‭ ‬كله،‭ ‬كما‭ ‬يشتمل‭ ‬أيضاً،‭ ‬على‭ ‬إعلان‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ (‬2019‭) ‬ليكون‭ ‬عاماً‭ ‬للتسامح‭. ‬

لقد‭ ‬تعلمنا‭ ‬من‭ ‬القائد‭ ‬المؤسس‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬الشيخ‭ ‬زايد‭ ‬بن‭ ‬سلطان‭ ‬آل‭ ‬نهيان،‭ ‬بأن‭ ‬التسامح،‭ ‬هو‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬سلامٍ‭ ‬مع‭ ‬الآخرين،‭ ‬والتعرف‭ ‬عليهم،‭ ‬وتصحيح‭ ‬المفاهيم‭ ‬الخاطئة‭ ‬عنهم،‭ ‬وهو‭ ‬بذلك،‭ ‬دعوة‭ ‬إلى‭ ‬الجميع،‭ ‬إلى‭ ‬تفهم‭ ‬العلاقات‭ ‬الإيجابية،‭ ‬بين‭ ‬جميع‭ ‬الثقافات‭ ‬والمعتقدات،‭ ‬مع‭ ‬الاعتزاز‭ ‬القوي،‭ ‬بالثقافة‭ ‬والهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬–‭ ‬التسامح‭ ‬في‭ ‬أقوال‭ ‬وأعمال،‭ ‬الوالد‭ ‬الشيخ‭ ‬زايد،‭ ‬يتيح‭ ‬المجال،‭ ‬أمام‭ ‬جميع‭ ‬المقيمين،‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭ ‬الطيبة،‭ ‬كي‭ ‬يساهموا‭ ‬بإيجابية،‭ ‬في‭ ‬مسيرة‭ ‬المجتمع،‭ ‬وكي‭ ‬يكون‭ ‬لهم،‭ ‬دور‭ ‬مهم،‭ ‬في‭ ‬إيصال‭ ‬رسالة‭ ‬الإمارات،‭ ‬في‭ ‬التسامح‭ ‬والتعايش،‭ ‬إلى‭ ‬العالم‭ ‬كله‭. ‬لذلك‭ ‬أصبحت‭ ‬الإمارات‭ ‬الوجهة‭ ‬التي‭ ‬يقصدها‭ ‬الجميع‭ ‬للعيش‭ ‬بسلام‭ ‬وكسب‭ ‬العيش‭ ‬الكريم‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬مليئة‭ ‬بعدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬والاقتتال‭ ‬الطائفي‭ ‬الذي‭ ‬اوجده‭ ‬الإقصاء‭ ‬والتطرف‭. ‬يعيش‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الإمارات‭ ‬مقيمون‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬وطوائف‭ ‬مختلفة،‭ ‬بعضهم‭ ‬هاربون‭ ‬من‭ ‬الحروب‭ ‬العرقية‭ ‬والطائفية‭ ‬في‭ ‬بلدانهم‭ ‬وقد‭ ‬وجدوا‭ ‬أنفسهم‭ ‬أصدقاء‭ ‬مع‭ ‬أشخاص‭ ‬من‭ ‬الطوائف‭ ‬التي‭ ‬كانوا‭ ‬يعتبرونها‭ ‬عدوة‭ ‬لهم‭ ‬في‭ ‬بلدانهم،‭ ‬لأنهم‭ ‬تعلموا‭ ‬العيش‭ ‬بتسامح‭ ‬وأمان‭ ‬وجدوه‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭ ‬المباركة‭. ‬

ومن‭ ‬هنا،‭ ‬فإننا‭ ‬حريصون‭ ‬كل‭ ‬الحرص،‭ ‬على‭ ‬تأسيس‭ ‬علاقات‭ ‬قوية‭ ‬للتعاون‭ ‬والعمل‭ ‬المشترك،‭ ‬مع‭ ‬كافة‭ ‬الفعاليات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬والعالم‭ ‬–‭ ‬نحن‭ ‬نلتزم‭ ‬تماماً،‭ ‬بالعمل‭ ‬مع‭ ‬الجميع‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬نشر‭ ‬المعرفة‭ ‬والوعي‭ ‬بالحضارات‭ ‬والثقافات‭ ‬والأديان‭ ‬المختلفة‭ ‬–‭ ‬نحن‭ ‬ملتزمون‭ ‬بإطلاق‭ ‬رسالة‭ ‬الإمارات‭ ‬إلى‭ ‬العالم،‭ ‬في‭ ‬منع‭ ‬التطرف‭ ‬والعنصرية‭ ‬والكراهية‭ ‬والإرهاب،‭ ‬وفي‭ ‬مكافحة‭ ‬كافة‭ ‬أشكال‭ ‬التفرقة‭ ‬والتمييز‭ ‬–‭ ‬نحن‭ ‬نرى‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬كله،‭ ‬أساساً‭ ‬لبناء‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬الإيجابية،‭ ‬ومدخلاً‭ ‬فعالاً،‭ ‬لإسهام‭ ‬الجميع‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬السلام‭ ‬العالمي‭.‬

إن‭ ‬تجربتنا‭ ‬الناجحة‭ ‬في‭ ‬الإمارات،‭ ‬تؤكد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تحقيق‭ ‬التسامح‭ ‬والتعايش‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬يتطلب‭ ‬توافر‭ ‬عوامل‭ ‬متعددة‭ ‬أهمها‭: ‬قيادة‭ ‬واعية‭ ‬وحكيمة،‭ ‬وشعب‭ ‬مسالم،‭ ‬وحريص‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يرتبط‭ ‬بالتسامح‭ ‬من‭ ‬تقدم‭ ‬إنساني‭ ‬واجتماعي‭ ‬واقتصادي،‭ ‬بالإضافة‭ ‬الى‭ ‬مؤسسات‭ ‬للتعليم‭ ‬والإعلام‭ ‬تؤدي‭ ‬دورها‭ ‬بنجاح،‭ ‬وتشريعات‭ ‬ملائمة،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬تكاتف‭ ‬كافة‭ ‬مؤسسات‭ ‬المجتمع،‭ ‬العامة‭ ‬والخاصة‭ ‬على‭ ‬السواء،‭ ‬لمكافحة‭ ‬التعصب‭ ‬والتطرف،‭ ‬والحث‭ ‬على‭ ‬احترام‭ ‬الآخر،‭ ‬وتحقيق‭ ‬التعايش‭ ‬بين‭ ‬الجميع،‭ ‬والتمسك‭ ‬بالقيم‭ ‬والمبادئ‭ ‬الإنسانية‭ ‬التي‭ ‬نشترك‭ ‬فيها‭ ‬جميعا،‭ ‬كسكان‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬الواحد‭.‬

إنني‭ ‬أقول‭ ‬دائماً،‭ ‬إن‭ ‬التسامح‭ ‬في‭ ‬الإمارات‭ ‬هو‭ ‬تجسيد‭ ‬حي،‭ ‬لتعاليم‭ ‬الإسلام‭ ‬الحنيف،‭ ‬وهو‭ ‬أيضاً‭ ‬امتداد‭ ‬طبيعي‭ ‬لتاريخ‭ ‬وتراث‭ ‬الدولة،‭ ‬وموقعها‭ ‬الجغرافي‭ ‬المرموق،‭ ‬الذي‭ ‬جعلها‭ ‬معبراً‭ ‬مهماً،‭ ‬لأصحاب‭ ‬الحضارات‭ ‬والثقافات‭ ‬عبر‭ ‬العصور‭.‬

التسامح‭ ‬في‭ ‬الإمارات،‭ ‬هو‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬سلامٍ‭ ‬مع‭ ‬الآخرين،‭ ‬واحترام‭ ‬معتقداتهم‭ ‬وثقافاتهم،‭ ‬وهو‭ ‬الإدراك‭ ‬الواعي،‭ ‬بأن‭ ‬التعددية‭ ‬والتنوع،‭ ‬في‭ ‬خصائص‭ ‬السكان،‭ ‬هما‭ ‬مصدر‭ ‬قوة‭ ‬للمجتمعات‭ ‬البشرية‭.‬

التسامح‭ ‬في‭ ‬الإمارات،‭ ‬هو‭ ‬تعبير‭ ‬قوي،‭ ‬من‭ ‬القيادة‭ ‬والشعب،‭ ‬عن‭ ‬الحرص‭ ‬الكامل،‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬الحياة‭ ‬الكريمة‭ ‬لجميع‭ ‬السكان‭.‬

التسامح‭ ‬في‭ ‬الإمارات،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬واجباً‭ ‬أخلاقياً،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬كذلك،‭ ‬أداةً‭ ‬أساسية،‭ ‬لتحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬الشاملة‭ ‬والمستدامة،‭ ‬وإتاحة‭ ‬الفرصة‭ ‬أمام‭ ‬الجميع،‭ ‬للإسهام‭ ‬الكامل‭ ‬في‭ ‬مسيرة‭ ‬المجتمع،‭ ‬وهو‭ ‬أيضاً،‭ ‬الطريق‭ ‬إلى‭ ‬بناء‭ ‬علاقات‭ ‬دولية‭ ‬إيجابية،‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬يتسم‭ ‬بالتنوع‭ ‬والتعددية‭.‬

تجربتنا‭ ‬في‭ ‬الإمارات،‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التسامح،‭ ‬تجعل‭ ‬مكافحة‭ ‬التشدد‭ ‬والتطرف‭ ‬والمغالاة،‭ ‬مسؤولية‭ ‬كافة‭ ‬أفراد‭ ‬ومؤسسات‭ ‬المجتمع‭ ‬–‭ ‬تجربتنا‭ ‬كذلك،‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تأكيد‭ ‬دور‭ ‬التسامح‭ ‬في‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب،‭ ‬يتطلب‭ ‬تعاوناً‭ ‬دولياً‭ ‬وإقليمياً‭ ‬واسعاً،‭ ‬وأن‭ ‬نشر‭ ‬قيم‭ ‬التسامح،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬دائماً،‭ ‬جزءاً‭ ‬من‭ ‬منظومة‭ ‬كبرى،‭ ‬لمواجهة‭ ‬الإرهاب‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬–‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أؤكد‭ ‬كذلك،‭ ‬أن‭ ‬استخدام‭ ‬الدين،‭ ‬كستار‭ ‬للعنف‭ ‬أو‭ ‬نشر‭ ‬الكراهية‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬هو‭ ‬أمر‭ ‬مرفوض‭ ‬تماماً‭ ‬–‭ ‬نحن‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬،‭ ‬نعتبر‭ ‬نشر‭ ‬قيم‭ ‬التسامح‭ ‬الديني،‭ ‬وتعميق‭ ‬علاقات‭ ‬التفاهم‭ ‬والتواصل،‭ ‬بين‭ ‬أتباع‭ ‬الأديان‭ ‬المختلفة،‭ ‬جزءاً‭ ‬مهماً‭ ‬من‭ ‬خصائص‭ ‬المجتمع‭ ‬الناجح‭.‬

أن‭ ‬زيارة‭ ‬قداسة‭ ‬البابا‭ ‬وفضيلة‭ ‬الأمام‭ ‬الأكبر‭ ‬شيخ‭ ‬الأزهر،‭ ‬بدعوة‭ ‬كريمة‭ ‬من‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬زايد‭ ‬آل‭ ‬نهيان،‭ ‬كانت‭ ‬زيارة‭ ‬تاريخية‭ ‬بكل‭ ‬المقاييس،‭ ‬انتجت‭ ‬إطاراً‭ ‬فعالاً‭ ‬لبناء‭ ‬العلاقات‭ ‬والشراكات‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬أخلاقية‭ ‬قوية،‭ ‬لتحقيق‭ ‬التقدم‭ ‬والرخاء‭ ‬والسلام،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬أكدت‭ ‬أن‭ ‬مفهوم‭ ‬الأخوة‭ ‬الإنسانية‭ ‬،‭ ‬هو‭ ‬مفهوم‭ ‬هام‭ ‬للغاية،‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العصر‭ ‬–‭ ‬نحن‭ ‬واثقون‭ ‬تماماً،‭ ‬أن‭ ‬إعلان‭ ‬الأخوة‭ ‬الإنسانية‭ ‬من‭ ‬أبوظبي،‭ ‬هو‭ ‬بإذن‭ ‬الله،‭ ‬بداية‭ ‬خير،‭ ‬لتأكيد‭ ‬دور‭ ‬الأخوة‭ ‬الانسانية،‭ ‬في‭ ‬نشر‭ ‬قيم‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك،‭ ‬دور‭ ‬الأخوة‭ ‬الإنسانية،‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬والأمان‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬ودورها‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬السعادة‭ ‬للبشر،‭ ‬ودورها‭ ‬في‭ ‬تأمين‭ ‬مستقبل‭ ‬الكون‭ ‬وحماية‭ ‬البيئة،‭ ‬ودورها‭ ‬في‭ ‬نشر‭ ‬القيم‭ ‬والأخلاق‭ ‬الإنسانية‭ ‬الراقية،‭ ‬ودورها‭ ‬كذلك،‭ ‬في‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬الفقر‭ ‬والجهل‭ ‬والمرض‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬كله‭. ‬وفي‭ ‬النهاية‭ ‬أتقدم‭ ‬لكم‭ ‬بالشكر‭ ‬والتقدير‭ ‬على‭ ‬مواصلة‭ ‬العمل‭ ‬لتحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬

معالي‭ ‬الشيخ‭ ‬نهيان‭ ‬بن‭ ‬مبارك‭ ‬آل‭ ‬نهيان

وزير‭ ‬التسامح‭ – ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة

التعليقات مغلقة.