تحت المجهر توحيد القبائل بواسطة Unipath آخر تحديث أبريل 21, 2020 شارك Facebook Twitter مع تطور الدول، الولاء للوطن يجب أن يتسامى على الولاء للقبيلة اللواء الركن محمد زيد ابراهيم، الملحق العسكري لسفارة اليمن في الولايات المتحدة الأمريكية اللواء الركن محمد زيد ابراهيم تشكل القبيلة اللبنة الاساسية أو حجر الزاوية في بناء المجتمعات العربية بشكل عام والمجتمع اليمني بشكل خاص. القبيلة لم تعد تعيش الحياة البدائية كما كان حالها في العصور السحيقة، بل طرأت على حياة أفرادها تغييرات نوعية متأثرة بالحركات الفكرية والسياسية العربية والعالمية، وتكللت هذه الحركات الفكرية بنشوء مفهوم الدولة المعاصر كجزء من النظام العالمي الجديد. نظمت المفاهيم والقوانين المعاصرة العلاقات بين أفراد القبيلة من جانب، وبينهم وبين أفراد القبائل الأخرى من جانب آخر ضمن إطار جغرافي وكيان سياسي صار يطلق عليه مصطلح “دولة.” وفي اليمن المعاصرة، لعبت القبيلة وتلعب دوراً إيجابياً في المحافظة على اللُحمة الوطنية والتماسك الاجتماعي، وتالياً المحافظة على الأمن والوئام. لذا كتب العديد من الباحثين عن رؤية القبيلة وأبرزوا دورها في صياغة مستقبل اليمن، وهناك الكثير من الطروحات التي تبرز مفاهيمها ومعانيها المختلفة التي ذابت في مفاهيم الدولة المدنية لإرساء مشروع حضاري انساني يواكب روح العصر، إذ أن هناك الكثير من الطروحات الحيوية التي تؤكد دور القبيلة في صياغة مستقبل اليمن الممثل في بناء المجتمع الديمقراطي وقيام الدولة المدنية الحديثة، وذلك من خلال القيام بعملية تحديث اجتماعي لأبناء القبائل من خلال رفع مستواهم التعليمي والمعاشي. وسيعمل هذا التحديث على إحداث حالة من التوأمة والاندماج مع النظام المدني. وهذا لن يتأتى إلا من خلال العناية بتدريب وتأهيل أبناء القبائل وتنمية المناطق القبلية، إضافة إلى معالجة ظاهرة البطالة بين الشباب من أبناء القبائل، وإيجاد فرص العمل للخريجين منهم، عوضاً عن الحاقهم بمعسكرات الجيش للحصول على الوظائف العسكرية، رغم أن هذه الخطوة تعد مهمة وطنية مطلوبة. ولا يجب أن يكون الجيش المؤسسة الوحيدة التي تستوعب أبناء القبائل، لأن هذا الظرف استثنائي ونتمنى زواله وعودة اليمن إلى ما كانت عليه من أمن واستقرار. ولتعزيز التعليم لدى أبناء القبائل وتطوير قدراتهم الإدراية، لا بد لنا من دعمهم وتشجيعهم على الانخراط في منظمات المجتمع المدني التي لا يستطيعون من خلالها إيجاد فرص العمل فحسب، بل ويستطيعون نقل تجاربهم إلى القرية. لا زال بعض أبناء القبائل ممن يترسخ لديهم الاعتقاد بأن مشروع الدولة المدنية هو مشروع أجنبي غربي المنشأ يستهدف القضاء على البنية القبلية اجتماعياً وسياسياً. وهذا مفهوم خاطئ لأن القبيلة كنظام اجتماعي يدعو إلى السلم والتعايش، سيصب حتماً في مصلحة أي دولة مدنية لأن غاية الدولة المدنية، أية دولة كانت، هي تنظيم حياة مواطنيها وتطوير حياتهم المعيشية وتوفير الأمن والسلام لهم وأبنائهم. وقد يجادل البعض في أن الولاء للقبيلة يتعارض مع الولاء للوطن، لكننا نقول لهؤلاء لا، لا يتعارض مفهوم الولاء إلى القبيلة مع أسس ومبادئ الدولة الحديثة طالما يبقى الولاء الأعلى والأسمى للقبيلة الكبرى والتي تنضوي تحت لوائها كل القبائل، وهي قبيلة الوطن. لكن التعصب للقبيلة والانتماء الأعمى لها يتعارض مع مفهوم الهوية الوطنية ومبادئ الإسلام السامية، وكل ما يمت إلى المدنية بصلة، لذا يتوجب علينا – نحن دعاة الدولة المدنية التي تتساوي فيها القوانين بين أبناء كل القبائل والذين لا ينتمون إلى قبيلة – أن نرفض التعصب الأعمى للقبيلة على حساب الهوية الوطنية. والواقع يرى المتخصصون في علم الإنسان أو الأنثروبولوجيا أنه من المبادئ الأساسية لهذا العلم، التأكيد على البنية الثقافية لأي مجتمع كان. وأنه لا يحق لأحد أن يقرر أو يرسم للآخرين حياتهم وما يجب أن يفعلوه وفق مايراه هو صائباً؛ فالخطأ والصواب نسبي، وما يعتبر صواباً عند مجتمع ما قد يعتبر خطأ عند مجتمع آخر. وما هو مرفوض اليوم قد يصبح مقبولاً غداً، بمعنى أن القيم تختلف باختلاف الزمان والمكان. ولذلك فإن أهم مبدأ يجب تطبيقه في حياتنا هو مراعاة قيم ومفاهيم وإرادة الآخرين، وأن لا نفرض عليهم مانراه صائباً ونسف ما يرون، بل يجب أن نلتقي معهم في نقطة وسطية تتواءم بين أفكارنا جميعاً، وهذا أحد أسس الدولة المدنية حيث نقبل الآخر المختلف معنا ونحترم رأيه. وقضية القبيلة ودورها في المجتمعات التقليدية قضية هامة استحوذت على اهتمام الكثير من علماء الإنسان. ومن أوائل العلماء العرب الذين اهتموا بظاهرة العصبية القبلية وبحثها بعمق في العالم العربي هو “ابن خلدون” الذي أكد في مقدمته على أهمية العصبية القبلية ودورها في بنية المجتمع البدوي، بمعنى أن الدولة تقوم على دعامتين هامتين هي العصبية والمال. ولكن مفهوم العصبية هنا عصبية صاحب الدولة الخاصة من عشيرة وقبيلة، أي أن ما يقصده هنا يوازي مفهوم المواطنة في عصرنا الحالي. ويفترض أن تتحول هذه العصبية إلى العصبية الوطنية، التي تعني الانتماء بمعناه المدني والسلمي ولا نقصد البتة الغلو فى الوطنية أو ما يطلق عليه الشوفينية. وهناك دورٌ آخر تلعبه العصبية في الحياة الاجتماعية، ونرى أن فكرة العصبية مرتبطة بفكرة الوازع الاجتماعي وليس الوازع الأخلاقي. في حين أن الإنسان شرير بطبعه، وهذه قد تكون ضرورة طبيعية تفرضها الظروف الموضوعية على الإنسان ليعيش بسلام مع الآخرين. وقد تكون العصبية من وجهة نظر تقليدية ضرورية لاتحاد أفراد المجتمع القبلي الواحد ضد غيرهم من المجتمعات الأخرى. وعلى الرغم من النظرة الإيجابية للعصبية القبيلة عند البعض، نجد أن للإسلام رأي آخر في العصبية القبلية. ولأن الإسلام دين محبة وسلام، يرى ضرورة نبذ العصبية القبلية لأنها تؤدي إلى التنازع والفرقة والفشل. وكما أسلفنا، طرأت على القبيلة تغييرات، واختلفت مفاهيم القبيلة اليوم كثيراً عن مفاهيمها السابقة إما سلباً أو ايجاباً. وصار من الصعب أن نعيد للقبيلة مكانتها التي كانت عليها في العهود الغابرة، حيث اختلف الزمان والمكان، واختلفت المفاهيم. ورغم تغير وظائف القبيلة في المجتمعات، بقي للقبيلة قيمتها الرمزية والاجتماعية. لكن الزمن كفيل بفرض متغيرات جديدة على قيم القبيلة نظراً للظروف الاقتصادية والتطور الفكري. وإذا ما أحس الفرد بعدم أهميتها من الناحية الاجتماعية وبأنها أصبحت عائقا أمام ممارسة حياته بشكل طبيعي، تنتهي القبيلة كنظام اجتماعي. كما أن تفكيك الأواصر القبلية لا يمكن أن يُفرض من الخارج أو من خلال قوانين حكومية، بل لا بد أن يتم عن قناعة يتوصل إليها أفراد القبيلة بأنفسهم. فاعتزاز الفرد بنفسه أو بعائلته أو قبيلته لا يُعد عيباً أو جُرماً أو أمراً مُحرماً، ولكن العيب أو الخطر يظهر عندما يضع الفرد المصلحة القبلية قبل مصلحة الوطن مثل ما يحدث في اليمن والعراق وبعض الدول العربية الأخرى، حيث يكون الفصل بناء على الهوية المذهبية مع الأسف الشديد. أو أن أفعال وسلوكيات القبيلة تكون سبباً لظلم الآخرين. وأخيراً، لسنا ضد القبيلة جملة وتفصيلاً، بل نساند مفاهيم القبيلة الداعمة لمبادئ الدولة المدنية التي تراعي حقوق كل أبنائها بغض النظر عن امتداداتهم الدينية أو الفكرية أو الاجتماعية أو العرقية. Facebook Twitter شارك
التعليقات مغلقة.