المصالحة السياسية في طاجيكستان

يمكن‭ ‬لإعادة‭ ‬دمج‭ ‬المتطرفين‭ ‬التائبين‭ ‬أن‭ ‬تساهم‭ ‬في‭ ‬تنمية‭ ‬البلاد

رستم‭ ‬حيدروف،‭ ‬دكتوراه،‭ ‬أكاديمية‭ ‬العلوم‭ ‬بجمهورية‭ ‬طاجيكستان

ينبغي‭ ‬إسدال‭ ‬الستار‭ ‬على‭ ‬حقبة‭ ‬المواجهة‭ ‬بين‭ ‬الطاجيك‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2019‭. ‬وابتداءً‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2020،‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬تبدأ‭ ‬مرحلة‭ ‬جديدة،‭ ‬حقبة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬التنمية‭ ‬في‭ ‬طاجيكستان‭ ‬،في‭ ‬إطار‭ ‬الوفاق‭ ‬الوطني،‭ ‬تعزز‭ ‬الصورة‭ ‬الدولية‭ ‬الإيجابية‭ ‬للجمهورية‭. ‬ويتعين‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الطاجيك‭ ‬أن‭ ‬يتحدوا‭ ‬وأن‭ ‬يركزوا‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬الهدف‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬الرابع‭ ‬لدولتنا‭: ‬توسيع‭ ‬العمالة‭ ‬المنتجة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التصنيع‭.‬

اليوم،‭ ‬العالم‭ ‬منغمس‭ ‬في‭ ‬العولمة،‭ ‬التي‭ ‬تتسم‭ ‬بجوانب‭ ‬إيجابية‭ ‬وسلبية‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭. ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬صحيح‭ ‬عندما‭ ‬يتعلق‭ ‬بمشكلة‭ ‬عالمية‭ ‬مثل‭ ‬انتشار‭ ‬إيديولوجية‭ ‬التطرف‭ ‬والتشدد‭ ‬الديني‭. ‬تواجه‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬البلدان،‭ ‬التي‭ ‬تستخدم‭ ‬مختلف‭ ‬الأساليب‭ ‬والأدوات‭ – ‬مع‭ ‬مراعاة‭ ‬قدراتها‭ ‬العسكرية‭ ‬والسياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬—‭ ‬صعوبات‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬هذا‭ ‬التهديد‭ ‬العالمي‭.‬

ومن‭ ‬المهم‭ ‬التذكير‭ ‬بأن‭ ‬بلدنا‭ ‬يواجه‭ ‬منذ‭ ‬عدة‭ ‬عقود‭ ‬تهديدات‭ ‬تأتي‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬المنظمات‭ ‬المتشددة‭ ‬والمتطرفة‭ ‬دينياً‭. ‬وبطبيعة‭ ‬الحال،‭ ‬شهدت‭ ‬طاجيكستان‭ ‬نجاحات‭ ‬وانتكاسات‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭. ‬إن‭ ‬قيادة‭ ‬طاجيكستان،‭ ‬التي‭ ‬تكافح‭ ‬مظاهر‭ ‬التشدد‭ ‬والتطرف‭ ‬الديني،‭ ‬سعت‭ ‬لتحقيق‭ ‬وتتابع‭ ‬هدفا‭ ‬واحدا‭ ‬فقط‭ ‬—‭ ‬ضمان‭ ‬سلامة‭ ‬مواطني‭ ‬دولتنا‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬السلام‭ ‬والاستقرار‭ ‬في‭ ‬طاجيكستان‭.‬

لقد‭ ‬اجتزنا‭ ‬المرحلة‭ ‬الصعبة‭ ‬المتمثلة‭ ‬بتشكيل‭ ‬دولتنا‭: ‬من‭ ‬الصراع‭ ‬إلى‭ ‬فترة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الصراع،‭ ‬وأخيراً،‭ ‬تحقيق‭ ‬السلام‭ ‬الكامل‭ ‬في‭ ‬أرضنا‭. ‬وبعد‭ ‬تحقيق‭ ‬هذا‭ ‬السلام،‭ ‬بدأت‭ ‬ثقافة‭ ‬سياسية‭ ‬جديدة‭ ‬تتشكل‭ ‬تدريجيا‭ ‬في‭ ‬طاجيكستان‭. ‬لقد‭ ‬تعلمنا‭ ‬نحن‭ ‬المؤيدين‭ ‬للحكومة‭ ‬وأولئك‭ ‬الذين‭ ‬يعتبرون‭ ‬أنفسهم‭ ‬معارضين‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬نتعايش‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الصراع‭. ‬

من شأن مشاريع مقترنة بالمصالحة السياسية، مثل محطة روغون الكهرومائية، أن تساعد طاجيكستان على تحقيق قدر أكبر من الاستقرار.
رویترز

وقد‭ ‬أقيم‭ ‬حوار‭ ‬بين‭ ‬السلطات‭ ‬وأولئك‭ ‬الذين‭ ‬يعتبرون‭ ‬أنفسهم‭ ‬المعارضة‭ ‬السياسية،‭ ‬ولم‭ ‬يتأثر‭ ‬المشهد‭ ‬السياسي‭ ‬لمجتمعنا‭ ‬بالاتجاهات‭ ‬السلبية‭.‬

ولكن،‭ ‬كما‭ ‬أظهر‭ ‬التاريخ‭ ‬الحديث‭ ‬لتنمية‭ ‬دولتنا،‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬حل‭ ‬جميع‭ ‬تناقضات‭ ‬المعارضين‭ ‬السياسيين‭ ‬السابقين‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الصراع‭. ‬ولعل‭ ‬الحوار‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬القوى‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬الطاجيكي‭ ‬قد‭ ‬ضعف‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬ما،‭ ‬ونتيجة‭ ‬لذلك،‭ ‬وجد‭ ‬بعض‭ ‬ممثلي‭ ‬جماعات‭ ‬المعارضة‭ ‬أنفسهم‭ ‬خارج‭ ‬البلاد‭. ‬والسؤال‭ ‬الذي‭ ‬يطرح‭ ‬نفسه‭ ‬هو‭ ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يحدث‭ ‬هذا؟‭ ‬إن‭ ‬الإجابة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬السؤال‭ ‬صعبة‭ ‬للغاية،‭ ‬ولكنني‭ ‬أود‭ ‬أن‭ ‬أحاول‭  ‬ايجاد‭ ‬الجواب‭.‬

قطبان‭ ‬سياسيان

تبين‭ ‬الممارسة‭ ‬السياسية‭ ‬العالمية‭ ‬أنه‭ ‬يتم‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬التوازن‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬مجتمع‭ ‬معين‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المواجهة‭ ‬بين‭ ‬قطبي‭ ‬النخبة‭ ‬السياسية‭ ‬—‭ ‬ما‭ ‬يسمون‭ ‬بالصقور‭ ‬الذين‭ ‬يحلون‭ ‬معظم‭ ‬المشاكل‭ ‬بالقوة‭ ‬وما‭ ‬يسمون‭ ‬بالحمائم‭ ‬الذين‭ ‬يقترحون‭ ‬حل‭ ‬مشاكل‭ ‬المجتمع‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الحوار‭ ‬البناء‭ ‬ومفاوضات‭ ‬السلام‭.‬

ويمكن‭ ‬رؤية‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه‭ ‬بوضوح‭ ‬في‭ ‬مثال‭ ‬معارضة‭ ‬النخب‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬بلاد‭ ‬الغرب‭ ‬مثل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭. ‬وأعتقد‭ ‬أنه‭ ‬قبل‭ ‬بضع‭ ‬سنوات‭ ‬فقط،‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬طاجيكستان،‭ ‬عندما‭ ‬اختل‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬قطبي‭ ‬النخبة‭ ‬السياسية‭ ‬الطاجيكية،‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬إقامة‭ ‬حوار‭ ‬بنّاء‭ ‬مع‭ ‬المعارضين‭ ‬السياسيين‭ ‬للحكومة‭ ‬الرسمية‭.‬

بيد‭ ‬أن‭ ‬المشهد‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬طاجيكستان‭ ‬يشهد‭ ‬اليوم‭ ‬تحولاً،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي‭ ‬النهوض‭ ‬بمستوى‭ ‬الثقافة‭ ‬السياسية‭. ‬ويحدث‭ ‬هذا‭ ‬لأن‭ ‬النخبة‭ ‬السياسية‭ ‬تبدأ‭ ‬في‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬مبادئ‭ ‬البراغماتية‭ ‬والسياسة‭ ‬الحقيقية‭. ‬وبفضل‭ ‬الإجراءات‭ ‬التي‭ ‬اتخذها‭ ‬هؤلاء‭ ‬البراغماتيون،‭ ‬نجحت‭ ‬حكومة‭ ‬طاجيكستان،‭ ‬بتهيئتها‭ ‬للظروف‭ ‬المواتية،‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬50‭ ‬زعيما‭ ‬وعدة‭ ‬مئات‭ ‬من‭ ‬المنتسبين‭ ‬للجماعات‭ ‬المتشددة‭ ‬والمتطرفة‭ ‬دينياً‭ ‬إلى‭ ‬وطنهم‭. ‬وقد‭ ‬أتيحت‭ ‬لهؤلاء‭ ‬المواطنين‭ ‬فرصة‭ ‬إعادة‭ ‬الاندماج‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬الطاجيكي‭.‬

وفي‭ ‬رأيي‭ ‬أن‭ ‬النخبة‭ ‬السياسية‭ ‬الحديثة‭ ‬في‭ ‬طاجيكستان‭ ‬بدأت‭ ‬تدرك‭ ‬أن‭ ‬مستقبل‭ ‬طاجيكستان‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬توحيد‭ ‬جميع‭ ‬القوى‭ ‬التقدمية‭ ‬في‭ ‬بلدنا‭. ‬أعتقد‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬ألا‭ ‬نحب‭ ‬هذه‭ ‬السلطة‭ ‬أو‭ ‬تلك‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬المستحيل‭ ‬ألا‭ ‬نحب‭ ‬الوطن‭ ‬الأم‭. ‬إن‭ ‬الوطنية،‭ ‬في‭ ‬رأيي،‭ ‬هي‭ ‬سمة‭ ‬من‭ ‬سمات‭ ‬العقلية‭ ‬الطاجيكية‭. ‬إن‭ ‬ممثلي‭ ‬أمتنا،‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬انتماءاتهم‭ ‬الدينية‭ ‬والسياسية‭ ‬والاجتماعية،‭ ‬وبدون‭ ‬استثناء،‭ ‬يحبون‭ ‬وطنهم،‭ ‬وطننا‭ ‬الحبيب‭ ‬—‭ ‬طاجيكستان‭. ‬وينطبق‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬مؤيدي‭ ‬الحكومة‭ ‬الرسمية‭ ‬ومعارضيها‭ ‬السياسيين‭.‬

ومن‭ ‬الطبيعي‭ ‬أن‭ ‬يطرح‭ ‬السؤال‭ ‬التالي‭: ‬هل‭ ‬تمثل‭ ‬عودة‭ ‬المعارضين‭ ‬السياسيين‭ ‬الطاجيك‭ ‬للحكومة‭ ‬الحالية‭ ‬حدثاً‭ ‬إيجابياً‭ ‬لطاجيكستان؟‭ ‬بالتأكيد،‭ ‬نعم‭. ‬سأرحب‭ ‬شخصياً‭ ‬بذلك‭ ‬الشخص‭ ‬أو‭ ‬المجموعة‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬يمكنها‭ ‬أن‭ ‬تضمن‭ ‬السلام‭ ‬والاستقرار‭ ‬في‭ ‬بلدي‭. ‬وإذا‭ ‬كانت‭ ‬عودة‭ ‬خصومنا‭ ‬السياسيين‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬الأمن،‭ ‬فإنني‭ ‬أرحب‭ ‬بهذا‭ ‬التطور‭. ‬وأنا‭ ‬على‭ ‬يقين‭ ‬تام‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬عودة‭ ‬أي‭ ‬معارض‭ ‬طاجيكي‭ ‬هي‭ ‬خطوة‭ ‬أخرى‭ ‬نحو‭ ‬ضمان‭ ‬السلام‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬طاجيكستان‭.‬

الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬الدعم

خُدِعَ‭ ‬بعض‭ ‬الطاجيك‭ ‬بإيديولوجيات‭ ‬متشددة‭ ‬ومتطرفة‭ ‬دينيا‭ ‬قادتهم‭ ‬إلى‭ ‬الخارج‭ ‬للانضمام‭ ‬إلى‭ ‬منظمات‭ ‬متشددة‭ ‬ومتطرفة‭ ‬دينيا‭. ‬وبناءً‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نساعد‭ ‬هؤلاء‭ ‬الضحايا‭ ‬على‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬ديارهم‭ ‬وإعادة‭ ‬تأهيلهم‭ ‬وإعادة‭ ‬دمجهم‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭. ‬تحاول‭ ‬النخبة‭ ‬السياسية‭ ‬الطاجيكية‭ ‬اليوم‭ ‬وضع‭ ‬استراتيجية‭ ‬وآليات‭ ‬لمساعدة‭ ‬هؤلاء‭ ‬الضحايا‭.‬

الرئيس الطاجيكي إمام علي رحمون، إلى اليسار، يحضر اجتماع رؤساء دول المنطقة في حزيران/يونيو 2019 مع الرئيس القيرغيزي سورونباي جينبيكوف. أسوشييتد برس

ولكننا‭ ‬في‭ ‬طاجيكستان‭ ‬لا‭ ‬نملك‭ ‬سوى‭ ‬القليل‭ ‬من‭ ‬الخبرة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجانب‭. ‬وسنرحب‭ ‬بأي‭ ‬مشورة‭ ‬أو‭ ‬مساعدة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬من‭ ‬شركائنا‭ ‬الموثوق‭ ‬بهم‭ ‬—‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وألمانيا‭ ‬وبريطانيا‭ ‬العظمى‭ ‬وفرنسا‭. ‬فقد‭ ‬وقفت‭ ‬هذه‭ ‬البلدان‭ ‬إلى‭ ‬جانبنا‭ ‬في‭ ‬أصعب‭ ‬فترة‭ ‬مر‭ ‬بها‭ ‬بلدنا‭ ‬وقدمت‭ ‬دائما‭ ‬المساعدة‭ ‬لتعزيز‭ ‬أمننا‭ ‬واستعادة‭ ‬عافية‭ ‬اقتصادنا‭. ‬ونحن‭ ‬ممتنون‭ ‬لهذه‭ ‬المساعدة‭ ‬القيمة‭ ‬والمحايدة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬شركائنا‭ ‬الغربيين‭.‬

ومن‭ ‬الواضح‭ ‬تماما‭ ‬أن‭ ‬جمهوريتنا‭ ‬الفتية‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬سيادة‭ ‬القانون‭ ‬مع‭ ‬تقيد‭ ‬صارم‭ ‬بحقوق‭ ‬الإنسان‭. ‬وفي‭ ‬رأيي‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬المشاكل‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تحل‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬تتعلق‭ ‬بحقيقة‭ ‬أن‭ ‬طاجيكستان‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬المشورة‭ ‬والمساعدة‭ ‬لمعالجتها‭. ‬تسعى‭ ‬طاجيكستان‭ ‬إلى‭ ‬التعلم‭ ‬من‭ ‬تجارب‭ ‬الديمقراطيات‭ ‬الرائدة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بمسائل‭ ‬سيادة‭ ‬القانون‭ ‬واحترام‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭. ‬وأنا‭ ‬على‭ ‬يقين‭ ‬بأنه‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬أمامنا‭ ‬الكثير‭ ‬لنتعلمه‭ ‬من‭ ‬شركائنا‭ ‬الغربيين‭. ‬لذلك،‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬يحتاج‭ ‬بلدنا‭ ‬إلى‭ ‬المعرفة‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬من‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭.‬

وطاجيكستان‭ ‬بحاجة‭ ‬أيضا‭ ‬إلى‭ ‬مساعدة‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬لمكافحة‭ ‬مظاهر‭ ‬التشدد‭ ‬والتطرف‭ ‬الديني‭ ‬في‭ ‬مجتمعنا‭. ‬بسبب‭ ‬الافتقار‭ ‬إلى‭ ‬الخبرة،‭ ‬نواجه‭ ‬صعوبة‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الامور‭. ‬في‭ ‬مجتمعنا،‭ ‬يدرك‭ ‬عدد‭ ‬متزايد‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬ضرورة‭ ‬استخدام‭ ‬أساليب‭ ‬ووسائل‭ ‬أخرى‭ ‬لمكافحة‭ ‬هذه‭ ‬التهديدات‭. ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬نتعلم‭ ‬تنفيذ‭ ‬تدابير‭ ‬وقائية‭ ‬لمكافحة‭ ‬هذه‭ ‬الظواهر‭.‬

وأعتقد‭ ‬أيضا‭ ‬أننا‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬إنشاء‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المراكز‭ ‬المتخصصة‭ ‬لمساعدة‭ ‬ضحايا‭  ‬الآيديولوجيات‭  ‬المتشددة‭ ‬والمتطرفة‭ ‬دينياً‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬توفر‭ ‬لهم‭ ‬المساعدة‭ ‬النفسية‭ ‬والقانونية‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المساعدات‭ ‬الضرورية‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الشأن،‭ ‬نأمل‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬شركائنا‭ ‬الأجانب‭. ‬وبما‭ ‬أننا‭ ‬نشترك‭ ‬بحدود‭ ‬مع‭ ‬أفغانستان،‭ ‬فإن‭ ‬مجتمعنا‭ ‬قد‭ ‬يتعرض‭ ‬لخطر‭ ‬انتشار‭ ‬الآيديولوجيات‭ ‬الدينية‭ ‬المتشددة‭ ‬والمتطرفة‭.‬

يمكن‭ ‬للمنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬أن‭ ‬تساعد‭ ‬ضحايا‭ ‬الآيديولوجيات‭ ‬الدينية‭ ‬المتشددة‭ ‬والمتطرفة‭ ‬في‭ ‬طاجيكستان‭ ‬وأن‭ ‬تُعجّل‭ ‬بعودتهم‭ ‬الطوعية‭ ‬إلى‭ ‬طاجيكستان‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬وكما‭ ‬يتبين‭ ‬من‭ ‬الممارسة،‭ ‬فإن‭ ‬بعض‭ ‬الجهات‭ ‬الأجنبية‭ ‬تدعم‭ ‬عن‭ ‬دراية‭ ‬أنشطة‭ ‬مختلف‭ ‬الجماعات‭ ‬الطاجيكية‭ ‬المتشددة‭ ‬والمتطرفة‭ ‬دينياً‭.‬

ولكن‭ ‬لأي‭ ‬غرض؟‭ ‬أنا‭ ‬على‭ ‬يقين‭ ‬بأن‭ ‬بعض‭ ‬القوى‭ ‬المدمرة‭ ‬الموجودة‭ ‬خارج‭ ‬طاجيكستان،‭ ‬مهما‭ ‬حاولت‭ ‬جاهدة،‭ ‬لن‭ ‬تقدر‭ ‬على‭ ‬استخدام‭ ‬الجماعات‭ ‬الطاجيكية‭ ‬المتطرفة‭ ‬الصغيرة‭ ‬لزعزعة‭ ‬استقرار‭ ‬طاجيكستان‭.‬

إن‭ ‬قادة‭ ‬المنظمات‭ ‬الطاجيكية‭ ‬المتشددة‭ ‬والمتطرفة‭ ‬دينياً‭ ‬الموجودة‭ ‬خارج‭ ‬طاجيكستان‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬تقييم‭ ‬واقعي‭ ‬للحالة‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬حول‭ ‬طاجيكستان،‭ ‬وإلى‭ ‬إدارك‭ ‬أنهم‭ ‬لن‭ ‬يتمكنوا‭ ‬من‭ ‬زعزعة‭ ‬استقرار‭ ‬طاجيكستان‭ ‬سواء‭ ‬اليوم‭ ‬أو‭ ‬بعد‭ ‬10‭ ‬أو‭ ‬20‭ ‬عاما‭. ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يريد‭ ‬بؤرة‭ ‬ساخنة‭ ‬ثانية‭ ‬للصراع‭ ‬العسكري‭ ‬السياسي‭ ‬الدائم‭ ‬في‭ ‬آسيا‭ ‬الوسطى‭. ‬

تعزيز‭ ‬الحوار،‭ ‬وتقليل‭ ‬المواجهة

اليوم،‭ ‬وبسبب‭ ‬قيامهم‭ ‬بتهيئة‭ ‬الظروف‭ ‬لعودة‭ ‬ضحايا‭  ‬الآيديولوجيات‭  ‬المتشددة‭ ‬والمتطرفة‭ ‬دينياً،‭ ‬يؤسس‭ ‬السياسيون‭ ‬الواقعيون‭ ‬في‭ ‬طاجيكستان‭ ‬نموذجاً‭ ‬جديداً‭ ‬للعلاقات‭ ‬بين‭ ‬السلطات‭ ‬الرسمية‭ ‬وجماعات‭ ‬المعارضة‭. ‬في‭ ‬رأيي‭ ‬أنهم‭ ‬يؤكدون‭ ‬أن‭ ‬وضع‭ ‬“الصقور”‭ ‬الطاجيك‭ ‬في‭ ‬طاجيكستان‭ ‬يضعف‭ ‬تدريجياً‭.‬

وأنا‭ ‬على‭ ‬يقين‭ ‬تام‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬أغلبية‭ ‬الطاجيك‭ ‬تحبذ‭ ‬عصراً‭ ‬جديداً‭ ‬من‭ ‬التنمية‭ ‬لبلدنا‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬توافق‭ ‬وطني‭ ‬في‭ ‬الآراء،‭ ‬ونمو‭ ‬اقتصاد‭ ‬مسؤول‭ ‬اجتماعياً،‭ ‬وتعزيز‭ ‬الصورة‭ ‬الدولية‭ ‬الإيجابية‭ ‬لطاجيكستان‭. ‬وفي‭ ‬رأيي‭ ‬أنه‭ ‬يتعين‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الطاجيك‭ ‬في‭ ‬العقد‭ ‬المقبل‭ ‬أن‭ ‬يتحدوا‭ ‬ويركزوا‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬الهدف‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬الرابع‭ ‬لدولتنا‭ ‬—‭ ‬وهو‭ ‬إيجاد‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬جيدة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التصنيع‭.‬

وأعتقد‭ ‬أن‭ ‬النخبة‭ ‬السياسية‭ ‬الجديدة‭ ‬في‭ ‬طاجيكستان‭ ‬بدأت‭ ‬تتخذ‭ ‬الخطوات‭ ‬الأولى‭ ‬لحل‭ ‬المواجهة‭ ‬بين‭ ‬الطاجيك،‭ ‬حيث‭ ‬أنها‭ ‬تهيئ‭ ‬الظروف‭ ‬للعودة‭ ‬الطوعية‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬المعارضين‭ ‬السياسيين‭ ‬إلى‭ ‬وطنهم‭ ‬وإعادة‭ ‬إدماجهم‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭.‬

يمكن‭ ‬أن‭ ‬يصبح‭ ‬الأعضاء‭ ‬السابقون‭ ‬في‭ ‬الجماعات‭ ‬المتشددة‭ ‬والمتطرفة‭ ‬دينياً،‭ ‬الذين‭ ‬لديهم‭ ‬اتصالات‭ ‬معينة‭ ‬مع‭ ‬أشخاص‭ ‬متشابهي‭ ‬التفكير،‭ ‬جسراً‭ ‬يربط‭ ‬بين‭ ‬النخبة‭ ‬السياسية‭ ‬الحالية‭ ‬في‭ ‬طاجيكستان‭ ‬وجماعات‭ ‬المعارضة‭ ‬الطاجيكية‭ ‬في‭ ‬الخارج‭. ‬لدى‭ ‬الأعضاء‭ ‬السابقين‭ ‬في‭ ‬الجماعات‭ ‬الدينية‭ ‬المتشددة‭ ‬والمتطرفة‭ ‬الذين‭ ‬عادوا‭ ‬طوعا‭ ‬إلى‭ ‬طاجيكستان،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أدركوا‭ ‬أخطاءهم،‭ ‬الآن‭ ‬أيضاً‭ ‬فرصاً‭ ‬جيدة‭ ‬لإطلاق‭ ‬آلية‭ ‬لحل‭ ‬المواجهة‭ ‬بين‭ ‬حكومة‭ ‬طاجيكستان‭ ‬ومعارضيها‭ ‬السياسيين‭.‬

العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬الحديثة‭ ‬آخذة‭ ‬في‭ ‬التطور‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬حوار‭ ‬مستمر‭. ‬الحوار‭ ‬اليوم‭ ‬هو‭ ‬الأداة‭ ‬الرئيسية‭ ‬للسياسة‭ ‬الدولية‭. ‬إن‭ ‬الاستخدام‭ ‬الماهر‭ ‬لهذه‭ ‬الأداة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يحل‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الصراعات‭ ‬والتناقضات‭ ‬بين‭ ‬البلدان‭ ‬والجماعات‭ ‬السياسية‭ ‬والدول‭.‬

أعتقد‭ ‬أن‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬إجراء‭ ‬حوار‭ ‬مع‭ ‬خصومهم‭ ‬الإيديولوجيين‭ ‬سمحت‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬ضحايا‭ ‬الإيديولوجيات‭ ‬المتشددة‭ ‬والمتطرفة‭ ‬دينيا‭ ‬أن‭ ‬يدركوا‭ ‬بأن‭ ‬مسارهم‭ ‬السياسي‭ ‬خاطىء‭ ‬وأن‭ ‬يعودوا‭ ‬إلى‭ ‬وطنهم‭. ‬وقد‭ ‬أصبحت‭ ‬العودة‭ ‬الطوعية‭ ‬لهؤلاء‭ ‬الناس‭ ‬اتجاهاً‭ ‬سائداً‭ ‬اليوم‭. ‬وآمل‭ ‬أن‭ ‬يجد‭ ‬المعارضون‭ ‬الأيديولوجيون‭ ‬الآخرون‭ ‬لحكومة‭ ‬طاجيكستان‭ ‬الشجاعة‭ ‬للاعتراف‭ ‬بأخطائهم‭ ‬والعودة‭ ‬الطوعية‭ ‬إلى‭ ‬وطنهم‭. ‬وأعتقد‭ ‬أنهم،‭ ‬مثل‭ ‬جميع‭ ‬سكان‭ ‬طاجيكستان،‭ ‬مهتمون‭ ‬بالحفاظ‭ ‬على‭ ‬الاستقرار‭ ‬السياسي‭ ‬والازدهار‭ ‬الاقتصادي‭ ‬لطاجيكستان‭. ‬العنف‭ ‬ليس‭ ‬أسلوبنا‭.‬

وفي‭ ‬الختام،‭ ‬أود‭ ‬أن‭ ‬أشير‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬خلال‭ ‬عملية‭ ‬التنمية‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭  ‬لدينا‭ ‬لم‭ ‬يسر‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬بسلاسة‭. ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬نجاحات‭ ‬وإخفاقات‭. ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرة،‭ ‬وبفضل‭ ‬الوطنيين‭ ‬الحقيقيين‭ ‬في‭ ‬طاجيكستان،‭ ‬تغلب‭ ‬بلدنا‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الأزمات‭. ‬وأعتقد‭ ‬أننا‭ ‬سنتمكن‭ ‬نحن‭ ‬الطاجيك،‭ ‬المتحدين‭ ‬في‭ ‬حبنا‭ ‬الصادق‭ ‬لطاجيكستان،‭ ‬من‭ ‬فهم‭ ‬بعضنا‭ ‬البعض‭ ‬ومن‭ ‬التسامح‭ ‬مع‭ ‬بعضنا‭ ‬البعض،‭ ‬وإزالة‭ ‬جميع‭ ‬التناقضات،‭ ‬وفتح‭ ‬صفحة‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬تطور‭ ‬دولتنا‭. 

التعليقات مغلقة.