بداية جديدة

يشكل‭ ‬جيل‭ ‬الشباب‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ‬قوة‭ ‬فاعلة‭ ‬لوحدة‭ ‬البلاد

محمد‭ ‬شفيق‭ ‬همدام‭/‬شبكة‭ ‬مكافحة‭ ‬الفساد‭ ‬الأفغانية

Hamdam


عن‭ ‬المؤلف‭: ‬محمد‭ ‬شفيق‭ ‬هو‭ ‬مؤسس‭ ‬ورئيس‭ ‬شبكة‭ ‬مكافحة‭ ‬الفساد‭ ‬الأفغانية‭. ‬وهي‭ ‬الشبكة‭ ‬الرائدة‭ ‬وأكبر‭ ‬منظمات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬التي‭ ‬تحارب‭ ‬الفساد‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭. ‬حمدام‭ ‬هو‭ ‬ناشط‭ ‬اجتماعي‭ ‬يعمل‭ ‬على‭  ‬تعزيز‭ ‬السلام‭ ‬والعدالة‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان‭. ‬وهو‭ ‬أيضًا‭ ‬عضو‭ ‬في‭ ‬مبادرة‭ ‬القيادات‭ ‬الشابة‭ ‬آسيا‭ ‬21‭ ‬وأحد‭ ‬الموقعين‭ ‬على‭ ‬التحالف‭ ‬لدعم‭ ‬الشعب‭ ‬الأفغاني‭.‬

أفغانستان‭  عام‭ ‬2001‭ ‬ليست‭ ‬قابلة‭ ‬للمقارنة‭ ‬بأفغانستان‭ ‬عام‭ ‬2013‭.  ‬كمواطن‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬البلد،‭ ‬وعشت‭ ‬حياتي‭ ‬كلها‭ ‬في‭ ‬أفغانستان؛‭ ‬أستطيع‭ ‬أن‭ ‬أرى‭ ‬بسهولة‭ ‬التطور‭ ‬والتقدم‭ ‬السريعين‭. ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأجانب‭ ‬لا‭ ‬يرون‭ ‬هذا‭ ‬التقدم،‭ ‬ويمعنون‭ ‬النظر‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الأجزاء‭ ‬من‭ ‬البلاد‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬ترقى‭ ‬بعد‭ ‬إلى‭ ‬معاييرهم‭. ‬أناس‭ ‬مثلي‭ ‬أنا‭ ‬من‭ ‬الذين‭ ‬شهدوا‭ ‬أفغانستان‭ ‬مدمَّرة‭ ‬يُثمنون‭ ‬التحسينات‭ ‬الواضحة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭. ‬إفأفغانستان‭ ‬بلد‭ ‬قديم،‭ ‬لكنه‭ ‬بلد‭ ‬جيل‭ ‬جديد‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬تواق‭ ‬للبدء‭ ‬بتقديم‭ ‬المساهمات‭. ‬إنه‭ ‬بلد‭ ‬عانى‭ ‬لعقدين‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬من‭ ‬الحرب،‭ ‬يليها‭ ‬12‭ ‬عامًا‭ ‬من‭ ‬الجهود‭ ‬الدولية‭ ‬لوقف‭ ‬انتشار‭ ‬الإرهاب‭ ‬والاقتتال‭. ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬بعض‭ ‬التهديدات‭ ‬قائمة،‭ ‬لكن‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬الوطنية‭ ‬الأفغانية‭ ‬القوية‭ ‬وأفرادها‭ ‬الــ‭ ‬352‭,‬000،‭ ‬بدعم‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وقوات‭ ‬حلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي،‭ ‬تقدم‭ ‬ضمانات‭ ‬هي‭ ‬خير‭ ‬ضمان‭ ‬بأن‭ ‬أفغانستان‭ ‬لن‭ ‬تعود‭ ‬أبدًا‭ ‬إلى‭ ‬العصور‭ ‬المظلمة‭.‬

في‭ ‬السنوات‭ ‬الـ‭ ‬12‭ ‬الماضية‭ ‬،‭ ‬جنبا‭ ‬إلى‭ ‬جنب‭ ‬مع‭ ‬شركائها‭ ‬الدوليين‭ ‬وقوات‭ ‬التحالف،‭ ‬أنشأت‭ ‬أفغانستان‭ ‬القوى‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬الكافية‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬حماية‭ ‬البلاد‭ ‬ضد‭ ‬عودة‭ ‬مآسي‭ ‬الماضي‭. ‬وقد‭ ‬اتخذ‭ ‬الأفغان‭ ‬خطوات‭ ‬شجاعة‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬حريتهم‭ ‬وسيادتهم‭ ‬ومكانتهم‭ ‬الدولية‭. ‬إن‭ ‬المؤسسات‭ ‬المُنشآة‭ ‬والقوانين‭ ‬والاستراتيجيات‭ ‬قد‭ ‬مكنت‭ ‬الأفغان‭ ‬من‭ ‬تولي‭ ‬مسؤولية‭ ‬مصيرهم‭ ‬في‭ ‬الحاضر‭ ‬والمستقبل‭. ‬وتشمل‭ ‬الأمثلة‭ ‬قرار‭ ‬البلاد‭ ‬تولي‭ ‬مسؤولية‭ ‬أمنها‭ ‬وإقامة‭ ‬الانتخابات‭ ‬البرلمانية‭ ‬والرئاسية‭ ‬مرتين‭.‬

فيما‭ ‬يحافظ‭ ‬الأفغان‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الإنجازات،‭ ‬سوف‭ ‬يستمرون‭ ‬في‭ ‬توسيع‭ ‬نطاق‭ ‬تلك‭ ‬الإنجازات‭ ‬خلال‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬التحول،‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2014‭ ‬حتى‭ ‬2025‭.  ‬تم‭ ‬الاتفاق‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬في‭ ‬مؤتمر‭ ‬أفغانستان‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬بون‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭/ ‬كانون‭ ‬الأول‭ ‬2011‭ ‬وبدعم‭ ‬من‭ ‬قمة‭ ‬الناتو‭ ‬في‭ ‬شيكاغو‭ ‬في‭ ‬مايو‭/ ‬أيار‭ ‬2012‭ ‬ومؤتمر‭ ‬طوكيو‭ ‬حول‭ ‬أفغانستان‭ ‬في‭ ‬يوليو‭/ ‬حزيران‭ ‬2012‭.  ‬بطبيعة‭ ‬الحال،‭ ‬أفغانستان‭ ‬ليست‭ ‬دولة‭ ‬مثالية،‭ ‬وسوف‭ ‬تظلُّ‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬المساعدة‭ ‬والدعم‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والمجتمع‭ ‬الدولي‭. ‬لكن‭ ‬الالتزامات‭ ‬طويلة‭ ‬الأجل‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وحلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي‭ ‬ودول‭ ‬أخرى‭ ‬ستضمن‭ ‬استقرار‭ ‬مستقبل‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭.‬

مشجعو فريق أفغانستان للكريكيت يحتفلون بفوز فريقهم على كينيا وهم يتابعون المباراة على شاشة كبيرة في أستاد الكريكيت الدولي في كابل في أكتوبر/ تشرين الأول 2013. [إيه إف پي/ صور جيتي ]
مشجعو فريق أفغانستان للكريكيت يحتفلون بفوز فريقهم على كينيا وهم يتابعون المباراة على شاشة كبيرة في أستاد الكريكيت الدولي في كابل في أكتوبر/ تشرين الأول 2013. [إيه إف پي/ صور جيتي ]

إن‭ ‬نقل‭ ‬الأمن‭ ‬إلى‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬الوطنية‭ ‬الأفغانية‭ ‬وانتهاء‭ ‬مهمة‭ ‬قوة‭ ‬المساعدة‭ ‬الأمنية‭ ‬الدولية‭ ‬—‭ ‬وهي‭ ‬نتيجة‭ ‬مرجوة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الحكومة‭ ‬الأفغانية‭ ‬—‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬اليقين‭ ‬في‭ ‬أوساط‭ ‬الشعب‭ ‬الأفغاني‭. ‬ولكن‭ ‬الطمأنينة‭ ‬تحققت‭ ‬في‭ ‬إعلان‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬عن‭ ‬بعثة‭ ‬للتدريب‭ ‬وتقديم‭ ‬المشورة‭ ‬ومساعدة‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬الأفغانية‭ ‬بعد‭ ‬عام‭ ‬2014،‭ ‬وهي‭ ‬مهمة‭ ‬أُطلق‭ ‬عليها‭ “‬الدعم‭ ‬الحازم‭”.  ‬عرفت‭ ‬غالبية‭ ‬الأفغان—وأولئك‭ ‬الذين‭ ‬يحاولون‭ ‬زعزعة‭ ‬استقرار‭ ‬البلاد‭ ‬—‭ ‬أن‭ ‬البلاد‭ ‬لن‭ ‬يتم‭ ‬التخلي‭ ‬عنها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والمجتمع‭ ‬الدولي‭. ‬وأن‭ ‬التقدم‭ ‬والتنمية‭ ‬سيستمران‭.‬

انتصارات‭ ‬الشباب

لدى‭ ‬الأفغان‭ ‬أسباب‭ ‬كثيرة‭ ‬للتفاؤل‭ ‬والأمل‭. ‬إن‭ ‬خمسة‭ ‬وستين‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬من‭ ‬السكان‭ ‬هم‭ ‬تحت‭ ‬سن‭ ‬25‭ ‬عاما،‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬الشباب‭ ‬قوة‭ ‬رئيسية‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬المسؤوليات‭ ‬التي‭ ‬تنهال‭ ‬على‭ ‬الشباب‭ ‬الأفغان‭ ‬—‭ ‬معظمهم‭ ‬ملزمون‭ ‬بإعالة‭ ‬أنفسهم‭ ‬والمساعدة‭ ‬في‭ ‬إعالة‭ ‬أسرهم‭ ‬—‭ ‬خطت‭ ‬هذه‭ ‬الشريحة‭ ‬من‭ ‬السكان‭ ‬قدمًا‭ ‬بخطوات‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭. ‬وتعد‭ ‬الإنجازات‭ ‬المُحرَزة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الرياضة،‭ ‬إقليميًا‭ ‬ودوليًا‭ ‬من‭ ‬ضمن‭ ‬ما‭ ‬يرمز‭ ‬إلى‭ ‬أفغانستان‭ ‬الجديدة‭. ‬

أصبح‭ ‬روح‭ ‬الله‭ ‬نيكبا‭ ‬البالغ‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬واحدًا‭ ‬وعشرين‭ ‬عامًا‭ ‬بطلا‭ ‬قوميا‭ ‬بعد‭ ‬فوزه‭ ‬بأول‭ ‬ميدالية‭ ‬أولمبية‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬أفغانستان‭ ‬في‭ ‬دورة‭ ‬الالعاب‭ ‬الاولمبية‭ ‬في‭ ‬بكين‭ ‬عام‭ ‬2008،‭ ‬واستطاع‭ ‬أن‭ ‬يكرر‭ ‬انجازه‭ ‬ويعود‭ ‬إلى‭ ‬وطنه‭ ‬بميدالية‭ ‬ثانية‭ ‬في‭ ‬التايكوندو‭ ‬من‭ ‬أولمبياد‭ ‬لندن‭ ‬2012‭. ‬أما‭ ‬فريق‭ ‬الكريكيت‭ ‬الوطني‭ ‬لأفغانستان،‭ ‬الذي‭ ‬بدأ‭ ‬من‭ ‬الصفر،‭ ‬وفاز‭ ‬على‭ ‬كينيا‭ ‬فقد‭ ‬احتل‭ ‬المركز‭ ‬الثاني‭ ‬في‭ ‬بطولة‭ ‬دوري‭ ‬العالم‭ ‬للكريكيت‭ ‬لمجلس‭ ‬الكريكيت‭ ‬الدولي‭ (‬آي‭ ‬سي‭ ‬سي‭) ‬في‭ ‬أكتوبر‭/ ‬تشرين‭ ‬الأول‭ ‬2013‭. ‬تأهل‭ ‬الفريق‭ ‬للعب‭ ‬في‭ ‬كأس‭ ‬العالم‭ ‬للكريكيت‭ ‬2015‭ ‬في‭ ‬أستراليا‭ ‬ونيوزيلندا‭.‬

تأسست‭ ‬أول‭ ‬جمعية‭ ‬وطنية‭ ‬لكرة‭ ‬القدم‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬الدوري‭ ‬الأفغاني‭ ‬الممتاز،‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2012‭. ‬وبعد‭ ‬عام‭ ‬واحد‭ ‬فقط،‭ ‬تغلب‭ ‬الفريق‭ ‬على‭ ‬الهند‭ ‬ليفوز‭ ‬ببطولة‭ ‬إتحاد‭ ‬جنوب‭ ‬آسيا‭. ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬هذا‭ ‬مجرد‭ ‬كأس‭ ‬فوز‭ ‬في‭ ‬الرياضة؛‭ ‬بالنسبة‭ ‬للكثيرين‭ ‬من‭ ‬الأفغان،‭ ‬كان‭ ‬علامة‭ ‬على‭ ‬الوحدة‭ ‬الأفغانية‭. ‬وللمرة‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬حياتي،‭ ‬شهدت‭ ‬احتفالات‭ ‬تجري‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬أفغانستان‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬24‭ ‬ساعة‭ ‬دون‭ ‬توقف،‭ ‬حيث‭ ‬جاء‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬واحتفلوا‭ ‬معًا‭ ‬بالفوز‭ ‬التاريخي‭ ‬بكرة‭ ‬القدم‭. ‬تحوَّل‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬الأمل‭ ‬والتضامن‭ ‬والسلام‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭.‬

من‭ ‬باب‭ ‬المصادفة،‭ ‬حصل‭ ‬ذلك‭ ‬النصر‭ ‬في‭ ‬11‭ ‬سبتمبر‭/ ‬أيلول‭ ‬2013،‭ ‬بعد‭ ‬12‭ ‬سنة‭ ‬تماماً‭ ‬من‭ ‬هجوم‭ ‬القاعدة‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭.‬

تم‭ ‬التخطيط‭ ‬لذلك‭ ‬الهجوم‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المجموعة‭ ‬الإرهابية‭ ‬انطلاقًا‭ ‬من‭ ‬قواعد‭ ‬داخل‭ ‬أفغانستان‭. ‬ما‭ ‬زلت‭ ‬أتذكر‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم‭. ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬محطة‭ ‬إذاعة‭ ‬واحدة‭ ‬فقطتديرها‭ ‬حركة‭ ‬طالبان‭. ‬وكانت‭ ‬قلة‭ ‬من‭ ‬الأفغان‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬الاستماع‭ ‬سرًّا‭ ‬لمحطات‭ ‬الراديو‭ ‬الأخرى‭ ‬خوفًا‭ ‬من‭ ‬طالبان‭. ‬حدث‭ ‬أن‭ ‬كنت‭ ‬استمع‭ ‬إلى‭ ‬محطة‭ ‬البي‭ ‬بي‭ ‬سي‭ ‬وعلمت‭ ‬بهجوم‭ ‬11‭/‬9‭. ‬لقد‭ ‬صُدِمَ‭ ‬الشعب‭ ‬الأفغاني‭ ‬لهذه‭ ‬الأنباء‭. ‬بعض‭ ‬الأفغان‭ ‬كانوا‭ ‬يعيشون‭ ‬في‭ ‬خوف،‭ ‬ولكن‭ ‬الكثيرين‭ ‬منهم‭ ‬عاشوا‭ ‬في‭ ‬حزن‭. ‬لم‭ ‬أكن‭ ‬أتصور‭ ‬أنه‭ ‬بعد‭ ‬12‭ ‬عاما‭ ‬فقط‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬أفغانستان‭ ‬ملاذًا‭ ‬آمنًا‭ ‬لتنظيم‭ ‬القاعدة‭ ‬والإرهابيين،‭ ‬ولكن‭ ‬بدلًا‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬ستحتفل‭ ‬بانتصار‭ ‬رياضي‭ ‬سلمي‭.‬

من‭ ‬تلك‭ ‬المحطة‭ ‬الإذاعية‭ ‬الواحدة،‭ ‬تمتلك‭ ‬أفغانستان‭ ‬الآن‭ ‬75‭ ‬محطات‭ ‬للتلفزيون‭ ‬و180‭ ‬محطة‭ ‬إذاعة‭. ‬ملايين‭ ‬الأفغان‭ ‬شاهدوا‭ ‬واستمعوا‭ ‬إلى‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬هذه،‭ ‬للأخبار‭ ‬الجيدة‭ ‬بانتصار‭ ‬كرة‭ ‬القدم،‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬خوف‭. ‬وكان‭ ‬معظم‭ ‬الــ‭ ‬18‭ ‬مليون‭ ‬أفغاني‭ ‬المشتركين‭ ‬في‭ ‬الهاتف‭ ‬المحمول‭ ‬وما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬مليون‭ ‬مستخدم‭ ‬للانترنت‭ ‬مشغولين‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم‭. ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬مهمًا‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم‭ ‬العرق‭ ‬أو‭ ‬اللغة‭ ‬أو‭ ‬الدين‭ ‬أو‭ ‬الثقافة،‭ ‬بل‭ ‬كان‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬الأجناس‭ ‬والأعمار‭ ‬يحتفلون‭ ‬معاً‭.‬

‭ ‬ويعد‭ ‬ذلك‭ ‬تكريمًا‭ ‬لتأثير‭ ‬الشباب‭ ‬الأفغاني‭ ‬والتضحيات‭ ‬المشتركة‭ ‬المبذولة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الأفغان‭ ‬وشركائهم‭ ‬الدوليين‭. ‬قبل‭ ‬12‭ ‬سنة‭ ‬فقط،‭ ‬حظرت‭ ‬حركة‭ ‬طالبان‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الألعاب‭ ‬الرياضية‭ ‬الأولمبية‭ ‬واستخدمت‭ ‬الاستاد‭ ‬الوطني‭ ‬لكرة‭ ‬القدم‭ ‬لإعدام‭ ‬الرجال‭ ‬والنساء‭. ‬

على‭ ‬اعتبار‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬النسبة‭ ‬الكبيرة‭ ‬من‭ ‬السكان‭ ‬تتألف‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬والمراهقين،‭ ‬فإن‭ ‬ذاكرة‭ ‬جزء‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬البلاد‭ ‬عن‭ ‬نظام‭ ‬طالبان‭ ‬ضئيلة‭ ‬أو‭ ‬معدومة‭. ‬لهذه‭ ‬الحقيقة‭ ‬جوانب‭ ‬إيجابية‭ ‬وسلبية‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭. ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الجيل‭ ‬قد‭ ‬ينظر‭ ‬إلى‭ ‬طالبان‭ ‬كعنصرغريب،‭ ‬قد‭ ‬يتأثر‭ ‬الآخرون‭ ‬بحركة‭ ‬عنيفة‭ ‬لم‭ ‬يعرفوها‭ ‬عن‭ ‬كثب‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬الخوالي‭. ‬الاطفال‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬المدرسة‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬طالبان‭ ‬تخرجوا‭ ‬من‭ ‬المدرسة‭ ‬الثانوية،‭ ‬والتحقوا‭ ‬ببعض‭ ‬الجامعات‭.‬

أفغانستان‭ ‬لديها‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬10‭,‬5‭ ‬مليون‭ ‬طالب‭ ‬وطالبة‭ ‬يشاركون‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬مستويات‭ ‬التعليم‭. ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬ثلث‭ ‬مجموع‭ ‬السكان،‭ ‬و‭ ‬37‭ ‬بالمئة‭ ‬من‭ ‬هؤلاء‭ ‬الطلاب‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬الفتيات‭. ‬ومنذ‭ ‬عام‭ ‬2003‭ ‬تم‭ ‬تشييد‭ ‬أكثر‭ ‬من4‭,‬500‭ ‬من‭ ‬المباني‭ ‬المدرسية‭. ‬فقبل‭ ‬عشر‭ ‬سنوات،‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬مليون‭ ‬طالب،‭ ‬وبدون‭ ‬أي‭ ‬مشاركة‭ ‬من‭ ‬الإناث‭ ‬تقريبًا‭. ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬يساهم‭ ‬في‭ ‬التغيير‭ ‬والاستثمار‭ ‬الأساسيين‭.‬

روح الله نيكبا من أفغانستان يحتفل بالفوز في لعبة التايكواندو أثناء الألعاب الأولمبية 2012 في لندن.
روح الله نيكبا من أفغانستان يحتفل بالفوز في لعبة التايكواندو أثناء الألعاب الأولمبية 2012 في لندن.

وأود‭ ‬أن‭ ‬أذكر‭ ‬بإيجاز‭ ‬ثلاثة‭ ‬قضايا‭ ‬أعتقد‭ ‬أنها‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تساهم‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬الأمن‭ ‬والحكم‭ ‬الرشيد‭ ‬واستقرار‭ ‬الاقتصاد‭ ‬للأفغان،‭ ‬ولمصلحة‭ ‬الشباب‭ ‬والكبار‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭. ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نركز‭ ‬على‭ ‬القضايا‭ ‬الرئيسية‭ ‬التالية‭ ‬لمواصلة‭ ‬تعزيز‭ ‬وتوسيع‭ ‬هذه‭ ‬المكاسب‭:‬

الحكم‭ ‬الرشيد‭ ‬ومحاربة‭ ‬الفساد

الديمقراطية‭ ‬هي‭ ‬ظاهرة‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬أفغانستان،‭ ‬حيث‭ ‬انها‭ ‬مورست‭ ‬فيه‭ ‬لعقد‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬فقط‭. ‬تعمل‭ ‬الحكومات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬بشكل‭ ‬مختلف‭ ‬في‭ ‬المجتمعات‭ ‬الديمقراطية‭. ‬لذلك،‭ ‬فإن‭ ‬الأولوية‭ ‬ليست‭ ‬فقط‭ ‬لمحاربة‭ ‬الإرهاب‭ ‬والمتطرفين،‭ ‬ولكن‭ ‬الحكم‭ ‬الرشيد‭ ‬هو‭ ‬أولوية‭ ‬رئيسية‭ ‬لأفغانستان‭. ‬إن‭ ‬ضعف‭ ‬سيادة‭ ‬القانون‭ ‬ووجود‭ “‬حلقات‭ ‬الإفلات‭ ‬من‭ ‬العقاب‭” ‬والملاذات‭ ‬الآمنة‭ ‬للفاسدين‭ ‬من‭ ‬الأفراد‭ ‬والمسؤولين‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ‬والخارج‭ ‬ساهمت‭ ‬في‭ ‬الظلم‭ ‬وانتهاكات‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭.‬

إن‭ ‬جميع‭ ‬المشاكل‭ ‬تقريبًا‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ‬—‭ ‬عدم‭ ‬الاستقرار،‭ ‬وزراعة‭ ‬الخشخاش‭ ‬وتهريب‭ ‬المخدرات‭ ‬وخيبة‭ ‬الأمل‭ ‬في‭ ‬الحكومة‭ ‬—‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تعزى‭ ‬إلى‭ ‬الفساد‭. ‬

يتعين‭ ‬على‭ ‬الحكومة‭ ‬الأفغانية‭ ‬وشركائها‭ ‬الدوليين‭ ‬عدم‭ ‬تجاهل‭ ‬مسألة‭ ‬الفساد؛‭ ‬بل‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مكافحته‭ ‬ذات‭ ‬أولوية‭. ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬تنفيذ‭ ‬إطار‭ ‬طوكيو‭ ‬للمساءلة‭ ‬المتبادلة،‭ ‬المتفق‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2012‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الحكومة‭ ‬الأفغانية‭ ‬وشركائها‭ ‬الدوليين‭ ‬بالكامل‭. ‬كما‭ ‬ينبغي‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬ووسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬المستقلة‭ ‬أن‭ ‬تلعب‭ ‬دورًا‭ ‬في‭ ‬رصد‭ ‬الفساد‭ ‬بدعم‭ ‬من‭ ‬الحكومة‭ ‬الأفغانية‭ ‬والمجتمع‭ ‬الدولي‭.‬

إصلاح‭ ‬قطاع‭ ‬الأمن

لقد‭ ‬اجتاز‭ ‬قطاع‭ ‬الأمن‭ ‬الأفغاني‭ ‬شوطًا‭ ‬طويلًا‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الكمية‭. ‬حان‭ ‬الوقت‭ ‬للتركيز‭ ‬على‭ ‬الجودة‭ ‬وإصلاح‭ ‬القطاع‭ ‬الأمني‭ ‬في‭ ‬العمق‭. ‬ويتحتم‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬رعاية‭ ‬ضباط‭ ‬وجنرالات‭ ‬متعلمين‭ ‬ومهنيين‭ ‬ومدربين‭ ‬تدريبًا‭ ‬جيدًا‭. ‬لقد‭ ‬مكَّن‭ ‬الدستور‭ ‬الأفغاني‭ ‬المواطنين،‭ ‬الذين‭ ‬لم‭ ‬يعودوا‭ ‬يحتملون‭ ‬قادةً‭ ‬معدومي‭ ‬الضمير‭ ‬وغير‭ ‬مَهَرة‭. ‬

وينبغي‭ ‬إعطاء‭ ‬الأولوية‭ ‬لآليات‭ ‬تنمية‭ ‬المهارات‭ ‬القيادية‭ ‬وتعميم‭ ‬المنظور‭ ‬الجنساني‭ ‬والمساءلة‭ ‬في‭ ‬الوزارات‭ ‬الأمنية‭. ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬كبار‭ ‬الضباط‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬الخبرة‭ ‬وضباط‭ ‬الصف،‭ ‬تحتاج‭ ‬أفغانستان‭ ‬إلى‭ ‬تطوير‭ ‬قدرات‭ ‬الجنود‭ ‬الشباب‭ ‬الذين‭ ‬سيحلون‭ ‬محل‭ ‬الجيل‭ ‬الأكبر‭ ‬سنًا‭ ‬في‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬الوطنية‭ ‬الأفغانية‭.‬

‭ ‬حان‭ ‬الوقت‭ ‬أيضًا‭ ‬لإضفاء‭ ‬الطابع‭ ‬المهني‭ ‬على‭ ‬الشرطة،‭ ‬ووضع‭ ‬فوارق‭ ‬أكبر‭ ‬بين‭ ‬واجبات‭ ‬أجهزة‭ ‬تطبيق‭ ‬القانون‭ ‬والجيش‭. ‬

التعاون‭ ‬الإقليمي‭ ‬والتطور‭ ‬الاقتصادي

لقد‭ ‬اكتسبت‭ ‬أفغانستان‭ ‬كنية‭ ‬—‭ ‬قلب‭ ‬آسيا‭ ‬—‭ ‬لذلك،‭ ‬فإن‭ ‬التعاون‭ ‬والحوار‭ ‬الإقليمي‭ ‬مهمان‭ ‬جدًا‭. ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل،‭ ‬يمكن‭ ‬لأفغانستان‭ ‬عدم‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬تبرعات‭ ‬ودعم‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي،‭ ‬بل‭ ‬يجب‭ ‬وضع‭ ‬استراتيجيات‭ ‬قصيرة‭ ‬وطويلة‭ ‬الأجل‭ ‬لمعالجة‭ ‬هذه‭ ‬القضايا‭.‬

صحفيات أفغانيات يعملن في ستوديو شهرْزاد، ثاني محطة إذاعة نسائية مكرَّسة لاهتمامات النساء في إقليم هيرات.
صحفيات أفغانيات يعملن في ستوديو شهرْزاد، ثاني محطة إذاعة نسائية مكرَّسة لاهتمامات النساء في إقليم هيرات.

يمثل‭ ‬العمل‭ ‬والفرص‭ ‬الاقتصادية‭ ‬بعض‭ ‬أفضل‭ ‬الحلول‭ ‬لمكافحة‭ ‬الإرهاب،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬تساعد‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬بناء‭ ‬الدولة‭. ‬و‭ ‬يشكل‭ ‬إحياء‭ ‬طريق‭ ‬الحرير‭ ‬كشكل‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬البنية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الأوراسية‭ ‬الداخلية‭ ‬أمرًا‭ ‬هامًا‭. ‬فأفغانستان‭ ‬دولة‭ ‬غير‭ ‬ساحلية،‭ ‬لكن‭ ‬موقعها‭ ‬الجيد‭ ‬يؤهلها‭ ‬لتعزيز‭ ‬الروابط‭ ‬التجارية‭ ‬والنقل‭ ‬بين‭ ‬آسيا‭ ‬وأوروبا‭. ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬موقعها‭ ‬الجغرافي‭ ‬على‭ ‬مفترق‭ ‬الطرق‭ ‬الطبيعية‭ ‬الأوراسية،‭ ‬يمكن‭ ‬استخدام‭ ‬أفغانستان‭ ‬لتعزيز‭ ‬التجارة‭ ‬بين‭ ‬الشرق‭ ‬والغرب‭.‬

‭ ‬فأفغانستان‭ ‬هي‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬المواقع‭ ‬التي‭ ‬تُسهِّل‭ ‬نقل‭ ‬الطاقة‭ ‬والاتصالات‭ ‬والنقل‭ ‬وتنمية‭ ‬التجارة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬وبلا‭ ‬شك،‭ ‬سيؤدي‭ ‬تجديد‭ ‬وتعزيز‭ ‬طريق‭ ‬الحرير‭ ‬إلى‭ ‬ربط‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬مع‭ ‬بقية‭ ‬العالم‭. ‬وستتمثل‭ ‬النتيجة‭ ‬في‭ ‬زيادة‭ ‬الأمن‭ ‬الإقليمي‭ ‬والعالمي‭.‬

بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الممرات‭ ‬التجارية،‭ ‬توفِّر‭ ‬أفغانستان‭ ‬فرصًا‭ ‬فريدة‭ ‬للاستثمار‭ ‬وتطوير‭ ‬الأعمال‭. ‬إذ‭ ‬أنها‭ ‬تمتلك‭ ‬موارد‭ ‬طبيعية‭ ‬هائلة‭ ‬مكتشفة‭ ‬وغير‭ ‬مستغلة،‭ ‬تشمل‭ ‬المعادن‭ ‬والغاز‭ ‬والنفط‭ ‬والهيدروكربونات،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬التي‭ ‬تعادل‭ ‬قيمتها‭ ‬تريليونات‭ ‬الدولارات،‭ ‬وهناك‭ ‬حاجة‭ ‬ماسة‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬داخل‭ ‬المنطقة‭ ‬وجميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭.‬

الخاتمة

إن‭ ‬التحالف‭ ‬لدعم‭ ‬الشعب‭ ‬الأفغاني‭ ‬هو‭ ‬علامة‭ ‬على‭ ‬التقدم،‭ ‬تحالف‭ ‬الحزبين‭ ‬الجمهوري‭ ‬والديمقراطي‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وقادة‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬الأفغاني،‭ ‬وكبار‭ ‬المسؤولين‭ ‬السابقين‭ ‬والدبلوماسيين‭. ‬ويكرَّس‭ ‬التحالف‭ ‬لصيانة‭ ‬وحماية‭ ‬التقدم‭ ‬الذي‭ ‬أحرزه‭ ‬الشعب‭ ‬الأفغاني‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الــ‭ ‬12‭ ‬الماضية‭. ‬هذا‭ ‬مثال‭ ‬واضح‭ ‬آخر‭ ‬على‭ ‬قوة‭ ‬العلاقات‭ ‬الأفغانية‭ – ‬الأمريكية‭. ‬وتظهر‭ ‬استطلاعات‭ ‬الرأي‭ ‬أن‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬الأفغان‭ ‬تُقدّر‭ ‬مساهمات‭ ‬الشعب‭ ‬الأمريكي‭ ‬وحكومته‭. ‬وقد‭ ‬أدى‭ ‬هذا‭ ‬الدعم‭ ‬إلى‭ ‬تغيير‭ ‬ملحوظ‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬جانب‭ ‬من‭ ‬جوانب‭ ‬الحياة‭ ‬الأفغانية‭ ‬ومكننا‭ ‬من‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭.‬

أفغانستان‭ ‬ليست‭ ‬دولة‭ ‬مثالية،‭ ‬وبناء‭ ‬الدولة‭ ‬عملية‭ ‬طويلة‭ ‬الأجل‭. ‬ومن‭ ‬شأن‭ ‬التركيز‭ ‬الأعمق‭ ‬على‭ ‬الحكم‭ ‬الرشيد‭ ‬وإصلاح‭ ‬القطاع‭ ‬الأمني‭ ‬والتنمية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬أن‭ ‬يساعدا‭ ‬على‭ ‬ضمان‭ ‬أن‭ ‬جيل‭ ‬الشباب‭ ‬الأفغاني‭ ‬لن‭ ‬يزدهروا‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬القادمة‭ ‬فحسب؛‭ ‬بل‭ ‬سيساهمون‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬السلام‭ ‬والأمن‭ ‬الإقليمي‭ ‬والدولي‭. 


الأمن‭ ‬الأفغاني‭ ‬بوجه‭ ‬شاب

كتب‭ ‬القصة‭ ‬والتقط‭ ‬الصورة‭ ‬ذبيح‭ ‬الله‭ ‬نوري‭/‬صحفي‭ ‬أفغاني‭ ‬

عبدول‭ ‬سامي‭ ‬قيس‭ ‬عمره‭ ‬24‭ ‬سنة‭ ‬وهو‭ ‬المعيل‭ ‬الوحيد‭ ‬لعائلته‭. ‬يعيش‭ ‬مع‭ ‬والديه‭ ‬وسبعة‭ ‬من‭ ‬أخوته،‭ ‬كلهم‭ ‬أصغر‭ ‬منه،‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬سلمية‭ ‬نسبيًا‭ ‬هي‭ ‬مزار‭ ‬شريف‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭. ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2011،‭ ‬كان‭ ‬يعمل‭ ‬كمترجم‭ ‬مع‭ ‬القوات‭ ‬الدولية‭ ‬للمساعدة‭ ‬الأمنية‭ ‬التابعة‭ ‬لحلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي‭ (‬ناتو‭) ‬في‭ ‬شمال‭ ‬أفغانستان‭. ‬

عائلته‭ ‬محظوظة‭ ‬لأن‭ ‬يكون‭ ‬عندها‭ ‬شخص‭ ‬لديه‭ ‬وظيفة‭. ‬فالبطالة‭ ‬بين‭ ‬الشباب‭ ‬الأفغان‭ ‬تحوم‭ ‬فوق‭ ‬35‭ ‬في‭ ‬المئة،‭ ‬ومن‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬ترتفع‭ ‬كلما‭ ‬أخذ‭ ‬الأفغان‭ ‬زمام‭ ‬المبادرة‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬الأمن‭ ‬لبلدهم‭. ‬

وقد‭ ‬وفر‭ ‬حلف‭ ‬شمال‭ ‬الاطلسي‭ (‬ناتو‭) ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬مباشرة‭ ‬للآلاف‭ ‬من‭ ‬الأفغان‭ ‬يعملون‭ ‬كمترجمين‭ ‬ومساحين‭ ‬وطباخين‭ ‬وعمال‭ ‬نظافة‭. ‬ويعمل‭ ‬عدد‭ ‬أكبر‭ ‬كعمال‭ ‬وسائقين‭ ‬مع‭ ‬مقاولي‭ ‬البناء‭ ‬واللوجستية‭ ‬التابعين‭ ‬لحلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي‭ (‬ناتو‭).‬

شركة‭ ‬واحدة‭ ‬—‭ ‬ميشن‭ ‬إسنشال‭ ‬—‭ ‬توظف‭ ‬لوحدها‭ ‬حوالي‭ ‬7‭,‬200‭ ‬من‭ ‬الأفغان‭ ‬كلغويين‭ ‬ومترجمين‭. ‬في‭ ‬عام‭ ‬2011‭ ‬دفع‭ ‬أفغانيون‭ ‬يعملون‭ ‬في‭ ‬الشركات‭ ‬الدولية‭ ‬والمنظمات‭ ‬غير‭ ‬الحكومية‭ ‬22‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬من‭ ‬120‭$ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬كانت‭ ‬ضريبة‭ ‬الدخل‭ ‬التي‭ ‬دُفعت‭ ‬تلك‭ ‬السنة،‭ ‬وفقا‭ ‬لوزارة‭ ‬المالية‭ ‬الأفغانية‭.‬

في‭ ‬حين‭ ‬تتولى‭ ‬أفغانستان‭ ‬السيطرة‭ ‬الكاملة‭ ‬على‭ ‬أمنها،‭ ‬تكون‭ ‬هذه‭ ‬الوظائف‭ ‬متاحة‭ ‬بشكل‭ ‬أقل‭ ‬للأفغان‭ ‬الشباب‭ ‬مثل‭ ‬قيس‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬المترجم‭ ‬الشاب،‭ ‬وهو‭ ‬أيضا‭ ‬طالب‭ ‬في‭ ‬الهندسة،‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬متفائلًا‭ ‬ويخطط‭ ‬للمستقبل‭. ‬

قال‭ ‬قيس‭: “‬أود‭ ‬الانضمام‭ ‬للجيش‭ ‬مباشرة‭ ‬بعد‭ ‬الانتهاء‭ ‬من‭ ‬دراستي‭. ‬كما‭ ‬تحتاج‭ ‬البلد‭ ‬للجيش‭ ‬والشرطة‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬القطاع‭ ‬المدني،‭ ‬يحتاج‭ ‬الجيش‭ ‬أيضًا‭ ‬للشباب‭ ‬المتعلم‭ ‬من‭ ‬أمثالي‭ ‬الذين‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يعملوا‭ ‬في‭ ‬قسم‭ ‬الإدارة‭ ‬لديه‭.”‬

كان‭ ‬قيس‭ ‬متشككًا‭ ‬من‭ ‬الجيش،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬يفهم‭ ‬لماذا‭ ‬اختار‭ ‬أقرانه‭ ‬الانخراط‭ ‬في‭ ‬الجيش‭ ‬بدلًا‭ ‬من‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬وظيفة‭ ‬مكتبية‭ ‬والنوم‭ ‬بشكل‭ ‬مريح‭ ‬في‭ ‬المنزل‭ ‬كل‭ ‬ليلة‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬منذ‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬مشتركة‭ ‬مع‭ ‬الجيش‭ ‬الوطني‭ ‬الأفغاني‭ ‬وقوات‭ ‬حلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي‭ (‬ناتو‭)‬،‭ ‬قال‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬غير‭ ‬رأيه‭. ‬

وشرح‭ ‬قائلًا،‭ “‬كنت‭ ‬مخطئًا‭. ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يعرِّض‭ ‬الشباب‭ ‬من‭ ‬أمثالهم‭ ‬حياتهم‭ ‬للخطر‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬أمن‭ ‬المواطنين،‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬أحد‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬النوم‭ ‬بشكل‭ ‬جيد‭.”‬

إنه‭ ‬ليس‭ ‬وحده‭ ‬في‭ ‬تقديره‭ ‬لجهود‭ ‬الجيش‭ ‬لتوليه‭ ‬مسؤولية‭ ‬الأمن‭ ‬من‭ ‬القوات‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬البلاد‭. ‬يشير‭ ‬إستطلاع‭ ‬أجرته‭ ‬مؤسسة‭ ‬آسيا‭ ‬عام‭ ‬2013‭ ‬بأن‭ ‬درجة‭ ‬ثقة‭ ‬الأفغان‭ ‬في‭ ‬الجيش‭ ‬الوطني‭ ‬الأفغاني‭ ‬والشرطة‭ ‬الوطنية‭ ‬الأفغانية‭ ‬عالية‭ ‬جدا‭. ‬ووفقًا‭ ‬للاستطلاع،‭ ‬أفاد‭ ‬91‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬من‭ ‬المجيبين‭ ‬بأن‭ ‬الجيش‭ ‬الوطني‭ ‬الأفغاني‭ ‬يُحسِّن‭ ‬الأمن،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬قال‭ ‬86‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬أن‭ ‬قوات‭ ‬الشرطة‭ ‬أيضًا‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬تحسين‭ ‬الأمن‭.‬

اليوم،‭ ‬تقوم‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬الأفغانية‭ ‬بالخدمة‭ ‬على‭ ‬الخط‭ ‬الأمامي‭ ‬لكل‭ ‬عملية،‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬عمليات‭ ‬واسعة‭ ‬ضد‭ ‬الإرهابيين،‭ ‬أو‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬حدود‭ ‬البلاد،‭ ‬أو‭ ‬ضمان‭ ‬أمن‭ ‬المواطنين‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬المخططات‭ ‬الإرهابية‭ ‬وتعطيلها‭. ‬وقد‭ ‬ساهم‭ ‬هذا‭ ‬في‭ ‬زيادة‭ ‬عدد‭ ‬الشباب‭ ‬الأفغان‭ ‬الذين‭ ‬يبحثون‭ ‬عن‭ ‬عمل‭ ‬مع‭ ‬القوى‭ ‬الوطنية‭.‬

‭”‬هناك‭ ‬أعداد‭ ‬هائلة‭ ‬من‭ ‬المتطوعين‭ ‬الشباب‭ ‬الذين‭ ‬هم‭ ‬على‭ ‬استعداد‭ ‬للانضمام‭ ‬إلى‭ ‬الجيش‭ ‬الوطني‭ ‬الأفغاني،‭ ‬إننا‭ ‬لا‭ ‬نحتاج‭ ‬لإعلانات‭ ‬ترويجية‭ ‬لتشجيع‭ ‬الشباب‭.” ‬قال‭ ‬الجنرال‭ ‬محمد‭ ‬ظاهر‭ ‬عظيمي‭ ‬المتحدث‭ ‬باسم‭ ‬وزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬الافغانية‭. ‬

وتثبت‭ ‬الأرقام‭ ‬مقولة‭ ‬الجنرال‭ ‬عظيمي‭: ‬منذ‭ ‬شهر‭ ‬مارس‭/ ‬آذار‭ ‬عام‭ ‬2011‭ ‬ازداد‭ ‬عدد‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬الوطنية‭ ‬الأفغانية‭ ‬من‭ ‬284‭,‬952‭ ‬إلى‭ ‬344‭,‬108،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬194‭,‬466‭ ‬من‭ ‬الجنود،‭ ‬و‭ ‬149‭,‬642‭ ‬من‭ ‬الشرطة،‭ ‬وفقا‭ ‬لتقرير‭ ‬نشر‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2013‭.‬

وكان‭ ‬الجيش‭ ‬أقل‭ ‬نجاحًا‭ ‬في‭ ‬تشجيع‭ ‬النساء‭ ‬الشابات‭ ‬للانضمام‭. ‬في‭ ‬أفغانستان،‭ ‬يتوقع‭ ‬البعض‭ ‬أن‭ ‬تبقى‭ ‬النساء‭ ‬في‭ ‬المنزل‭ ‬مع‭ ‬الأطفال‭ ‬أو‭ ‬تعمل‭ ‬في‭ ‬وظائف‭ ‬مدنية،‭ ‬هذا‭ ‬إن‭ ‬كانت‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭. ‬أنتجت‭ ‬وزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬الافغانية‭ ‬أشرطة‭ ‬فيديو‭ ‬ترويجية‭ ‬لتشجيع‭ ‬النساء‭ ‬على‭ ‬الانخراط،‭ ‬ولكن‭ ‬النتائج‭ ‬كانت‭ ‬هامشية‭. ‬اعتبارًا‭ ‬من‭ ‬أول‭ ‬يناير‭/ ‬كانون‭ ‬الثاني‭ ‬2014‭ ‬كان‭ ‬عدد‭ ‬الجنود‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬1‭,‬000‭ ‬جندية‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬جيش‭ ‬يبلغ‭ ‬تعداده‭ ‬195‭,‬000‭.‬

قال‭ ‬الجنرال‭ ‬عظيمي،‭ ” ‬لزيادة‭ ‬عدد‭ ‬النساء‭ ‬في‭ ‬الجيش‭ ‬الوطني،‭ ‬نحن‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬بناء‭ ‬ثقافة‭ ‬لذلك،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يتطلب‭ ‬وقتًا‭ ‬أطول‭ ‬للناس‭ ‬لقبول‭ ‬السماح‭ ‬لبناتهم‭ ‬وزوجاتهم‭ ‬بالانضمام‭ ‬إلى‭ ‬الجيش‭ ‬الوطني‭.” ‬

قالت‭ ‬العريفة‭ ‬صغرى‭ ‬إبراهيمي،‭ ‬وهي‭ ‬أم‭ ‬لثلاثة‭ ‬تبلغ‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬29‭ ‬عاما،‭ ‬إنها‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬عدد‭ ‬قليل‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬العاملات‭ ‬مع‭ ‬شرطة‭ ‬الحدود‭ ‬الأفغانية‭. ‬وأنها،‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬السنوات‭ ‬الثلاث‭ ‬الماضية،‭ ‬قد‭ ‬رافقت‭ ‬إخوتها‭ ‬في‭ ‬السلاح‭ ‬في‭ ‬العمليات‭ ‬الميدانية‭. ‬وقالت‭ ‬إنها‭ ‬تعتقد‭ ‬بأن‭ ‬الشرطة‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬النساء‭ ‬بنفس‭ ‬الطريقة‭ ‬التي‭ ‬يحتاجها‭ ‬المجتمع‭ ‬للطبيبات‭ ‬والمعلمات‭ ‬والممرضات‭.‬

وأضافت،‭ “‬خلال‭ ‬المناسبات‭ ‬الوطنية‭ ‬الهامة‭ ‬مثل‭ ‬أيام‭ ‬الانتخابات،‭ ‬فإن‭ ‬النساء‭ ‬من‭ ‬الشرطة‭ ‬هن‭ ‬اللواتي‭ ‬يلعبن‭ ‬دورًا‭ ‬حاسمًا‭ ‬في‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬النساء‭ ‬في‭ ‬مراكز‭ ‬الاقتراع،‭ ‬ويقمن‭ ‬بضمان‭ ‬أمن‭ ‬الناخبين‭… ‬حينما‭ ‬نصادف‭ ‬أي‭ ‬امرأة‭ ‬مشبوهة،‭ ‬أو‭ ‬عند‭ ‬تخفي‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬المتمردين‭ ‬الذكور‭ ‬تحت‭ ‬البرقع،‭ ‬فإن‭ ‬النساء‭ ‬من‭ ‬الشرطة‭ ‬هن‭ ‬اللواتي‭ ‬يدخلن‭ ‬بين‭ ‬النساء‭ ‬الأخريات‭ ‬ويقبضن‭ ‬على‭ ‬المتمردين‭.”‬

ويتم‭ ‬تشجيع‭ ‬النساء‭ ‬أيضًا‭ ‬للعثور‭ ‬على‭ ‬عمل‭ ‬في‭ ‬المهن‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬تقليديًا‭ ‬للذكور‭. ‬ومن‭ ‬الــ‭ ‬30000‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬الأفغاني‭ ‬المشارك‭ ‬في‭ ‬التدريب‭ ‬المهني‭ ‬الذي‭ ‬وضعته‭ ‬وزارة‭ ‬الأفغانية‭ ‬العمل‭ ‬والشؤون‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والشهداء‭ ‬والمعاقين،‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬40‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬والفتيات‭ ‬الصغيرات،‭ ‬يتلقين‭ ‬التدريب‭ ‬على‭ ‬إصلاح‭ ‬المعدات‭ ‬الكهربائية،‭ ‬وميكانيك‭ ‬السيارات‭ ‬والنجارة‭ ‬والخياطة‭. ‬

تنفتح‭ ‬العملية‭ ‬السياسية‭ ‬أيضًا‭ ‬للنساء،‭ ‬بوجود‭ ‬20‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬من‭ ‬المقاعد‭ ‬في‭ ‬الجمعية‭ ‬الوطنية‭ ‬الأفغانية‭ ‬مخصصة‭ ‬لهن،‭ ‬وفقًا‭ ‬لمؤسسة‭ ‬آسيا‭. ‬في‭ ‬يناير‭/ ‬كانون‭ ‬الثاني‭ ‬2014،‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬ما‭ ‬مجموعُه‭ ‬117‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬بين‭ ‬34‭ ‬من‭ ‬مجالس‭ ‬المحافظات،‭ ‬وثلاث‭ ‬وزيرات‭ ‬وأنثى‭ ‬واحدة‭ ‬بمنصب‭ ‬حاكم‭.‬

على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬التقدم،‭ ‬فإن‭ ‬الوضع‭ ‬السياسي‭ ‬والأمني‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ‬لا‭ ‬زال‭ ‬متوترًا‭. ‬وقد‭ ‬زادت‭ ‬الخسائر‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬المدنيين‭ ‬الأفغان‭ ‬بتكثيف‭ ‬الجماعات‭ ‬الإرهابية‭ ‬لهجماتها‭. ‬طالما‭ ‬أن‭ ‬محادثات‭ ‬السلام‭ ‬تفشل‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬نتائج‭ ‬هامة،‭ ‬سوف‭ ‬تستمر‭ ‬حالة‭ ‬انعدام‭ ‬الأمن‭ ‬في‭ ‬إثارة‭ ‬القلق‭ ‬في‭ ‬البلاد‭. ‬وتشمل‭ ‬التحديات‭ ‬الأخرى‭ ‬البطالة‭ ‬والفساد‭ ‬وعدم‭ ‬كفاءة‭ ‬الحكومة‭ ‬والإدارة،‭ ‬وبطء‭ ‬وتيرة‭ ‬الانتعاش‭ ‬الاقتصادي‭ ‬وإعادة‭ ‬الإعمار‭. ‬ويظل‭ ‬الفساد،‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص،‭ ‬أمرًا‭ ‬جسيمًا‭. ‬في‭ ‬تحليل‭ ‬الشفافية‭ ‬الدولية‭ ‬المقارن‭ ‬لعام‭ ‬2013‭ ‬لتصورات‭ ‬المواطن‭ ‬عن‭ ‬الفساد،‭ ‬تعادلت‭ ‬أفغانستان‭ ‬مع‭ ‬كوريا‭ ‬الشمالية‭ ‬والصومال‭ ‬في‭ ‬المرتبة‭ ‬الأخيرة‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬177‭ ‬دولة‭. ‬وتقدر‭ ‬التكلفة‭ ‬السنوية‭ ‬للفساد‭ ‬بِــ‭ ‬3‭,‬9‭$ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬وفقًا‭ ‬لمؤسسة‭ ‬آسيا‭. ‬

هذا‭ ‬هو‭ ‬الواقع‭ ‬الذي‭ ‬على‭ ‬الشباب‭ ‬الأفغاني‭ ‬معالجته‭. ‬ولعمل‭ ‬ذلك،‭ ‬تجمعت‭ ‬في‭ ‬كابول‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭/ ‬كانون‭ ‬الأول‭ ‬2013‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المفعمين‭ ‬بالأمل‭ ‬من‭ ‬السياسيين‭ ‬الشباب‭ ‬والرياضيين‭ ‬ونشطاء‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬والموسيقيين‭ ‬لعقد‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬المحادثات‭ ‬وطرح‭ ‬العروض‭ ‬على‭ ‬شباب‭ ‬أفغانستان‭: ‬مستقبلهم‭ ‬ومواقفهم‭ ‬وتوقعاتهم‭. ‬كان‭ ‬أحد‭ ‬المتحدثين‭ ‬لاعب‭ ‬التايكوندو‭ ‬نزار‭ ‬أحمد‭ ‬بهوي‭ ‬الحائز‭ ‬على‭ ‬الميدالية‭ ‬الأفغانية‭ ‬للتايكوندو،‭ ‬وحامل‭ ‬علم‭ ‬أفغانستان‭ ‬في‭ ‬أولمبياد‭ ‬لندن‭ ‬2012‭. ‬يريد‭ ‬نزار‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬لدى‭ ‬الشباب‭ ‬الأفغاني‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الشدائد‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬آمال‭ ‬كبيرة‭ ‬للمستقبل‭.‬

قال،‭ “‬كان‭ ‬هدفي‭ ‬الرئيسي‭ ‬من‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬ألعاب‭ ‬بطولة‭ ‬رياضية‭ ‬أمرين‭: ‬أولًا،‭ ‬أن‭ ‬أًظهر‭ ‬للعالم‭ ‬أن‭ ‬الأفغان‭ ‬قادرون‭ ‬على‭ ‬التنافس‭ ‬مع‭ ‬أي‭ ‬شخص‭ ‬في‭ ‬العالم‭. ‬ثانيًا،‭ ‬لكي‭ ‬أؤكد‭ ‬لشبابنا‭ ‬الأفغاني‭ ‬أن‭ ‬عليهم‭ ‬أن‭ ‬يثقوا‭ ‬بأنفسهم‭ ‬ويؤمنوا‭ ‬بأنهم‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكونوا‭ ‬أبطالًا‭.”‬

Comments are closed.