نظرة إقليمية إلى مسيرة السلام الأفغانية

السلام‭ ‬والاستقرار‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬وجنوب‭ ‬آسيا‭ ‬يعتمدان‭ ‬على‭ ‬تسوية‭ ‬الصراع‭ ‬في‭ ‬أفغانستان

معالي‭ ‬الدكتور‭ ‬علي‭ ‬جلالي،‭ ‬أستاذ‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬بمركز‭ ‬الشرق‭ ‬الأدنى‭ ‬وجنوب‭ ‬آسيا‭ ‬للدراسات‭ ‬الاستراتيجية
إنَّ رؤية‭ ‬أفغانستان‭ ‬لمنطقة‭ ‬وسط‭ ‬وجنوب‭ ‬آسيا‭ ‬مفعمة‭ ‬بالأمل‭ ‬والتقلب‭ ‬والشك؛‭ ‬إذ‭ ‬يعتمد‭ ‬مستقبل‭ ‬أفغانستان‭ ‬على‭ ‬التفاعل‭ ‬الإيجابي‭ ‬والبناء‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭ ‬والجهات‭ ‬الفاعلة‭ ‬الإقليمية‭ ‬الأخرى‭ ‬والقوى‭ ‬العظمى‭ ‬التي‭ ‬ساهم‭ ‬تدخلها‭ ‬المباشر‭ ‬وغير‭ ‬المباشر‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬وضعها‭ ‬الراهن،‭ ‬إلَّا‭ ‬أنَّ‭ ‬تعدد‭ ‬الجهات‭ ‬الفاعلة‭ ‬الإقليمية،‭ ‬التي‭ ‬تتعارض‭ ‬مطالب‭ ‬بعضها،‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يعقد‭ ‬قضايا‭ ‬السلام‭ ‬والصراع‭ ‬في‭ ‬الدولة،‭ ‬وتؤدي‭ ‬تداعيات‭ ‬التنافس‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬العظمى‭ ‬وتأثير‭ ‬الأطراف‭ ‬الخارجية‭ ‬على‭ ‬العلاقات‭ ‬الثنائية‭ ‬مع‭ ‬أفغانستان‭ ‬إلى‭ ‬تأزّم‭ ‬القوى‭ ‬السياسية‭ ‬المحركة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬
يجمع‭ ‬القوى‭ ‬العظمى‭ ‬والجهات‭ ‬الفاعلة‭ ‬الإقليمية‭ ‬بصفة‭ ‬عامة‭ ‬مصالح‭ ‬مشتركة‭ ‬في‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬تسوية‭ ‬سلمية‭ ‬للصراع‭ ‬الأفغاني‭ ‬لأنَّهم‭ ‬يعتقدون‭ ‬أنَّ‭ ‬إحلال‭ ‬السلام‭ ‬والاستقرار‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ‬يعتبر‭ ‬حجر‭ ‬الأساس‭ ‬لاستقرار‭ ‬المنطقة‭ ‬وتنميتها‭. ‬كما‭ ‬أنَّ‭ ‬ظهور‭ ‬الجماعات‭ ‬المتطرفة‭ ‬العنيفة‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬مثل‭ ‬داعش،‭ ‬التي‭ ‬تمثِّل‭ ‬تهديداً‭ ‬خطيراً‭ ‬للمنطقة‭ ‬والعالم،‭ ‬أوجب‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬مساعي‭ ‬التعاون‭ ‬الإقليمي‭ ‬والدولي‭ ‬لحل‭ ‬الصراع‭ ‬الأفغاني‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المحادثات‭ ‬المباشرة‭ ‬بين‭ ‬الأفغانيين‭.‬
إلَّا‭ ‬أنَّ‭ ‬هنالك‭ ‬بلداناً‭ ‬مختلفة‭ ‬تنظر‭ ‬إلى‭ ‬التحدي‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬أمنها‭ ‬ومصالحها‭ ‬السياسية‭ ‬الخاصة،‭ ‬سواء‭ ‬أكانت‭ ‬مشروعة‭ ‬أم‭ ‬غير‭ ‬مشروعة‭. ‬وثمَّة‭ ‬مصالح‭ ‬مدروسة‭ ‬لجهات‭ ‬فاعلة‭ ‬بعينها،‭ ‬وبعضها‭ ‬انتهازي‭ ‬وقد‭ ‬تحوَّلت‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬الأعوام‭ ‬السابقة‭ ‬نتيجة‭ ‬التغيرات‭ ‬التي‭ ‬شهدتها‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬العظمى،‭ ‬والقوى‭ ‬المحركة‭ ‬للأمن‭ ‬الإقليمي،‭ ‬والتقلبات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬داخل‭ ‬أفغانستان‭ ‬وحولها،‭ ‬والعمليات‭ ‬القتالية‭ ‬داخل‭ ‬أفغانستان‭.‬
بيد‭ ‬أنَّ‭ ‬التوصّل‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬إقليمي‭ ‬قابل‭ ‬للتطبيق‭ ‬لم‭ ‬يظهر‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬لإنهاء‭ ‬الصراع‭ ‬الدائر‭ ‬في‭ ‬أفغانستان؛‭ ‬فعلى‭ ‬مدار‭ ‬العقود‭ ‬الماضية،‭ ‬عُقدت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المؤتمرات‭ ‬الدولية،‭ ‬ووُضعت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬آليات‭ ‬التعاون،‭ ‬وجرى‭ ‬العمل‭ ‬بأطر‭ ‬عمل‭ ‬متعددة‭ ‬الأطراف‭ ‬كانت‭ ‬موجودة‭ ‬بالفعل،‭ ‬بهدف‭ ‬إيجاد‭ ‬حل‭ ‬للعنف‭ ‬المستمر‭ ‬في‭ ‬أفغانستان،‭ ‬إلَّا‭ ‬أنَّ‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المبادرات‭ ‬متعددة‭ ‬الأطراف‭ ‬لم‭ ‬تأتِ‭ ‬بشيء‭. ‬ولم‭ ‬تظهر‭ ‬إلى‭ ‬النور‭ ‬فكرة‭ ‬“اتفاق‭ ‬شامل”‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬حلول‭ ‬وسط‭ ‬مع‭ ‬المتمردين‭ ‬مع‭ ‬التغلب‭ ‬على‭ ‬التناحر‭ ‬والقلاقل‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬بموجب‭ ‬مبادرة‭ ‬دبلوماسية‭ ‬متعددة‭ ‬الأطراف‭ ‬برعاية‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭.‬
عناصر من قوات المغاوير الأفغانية تنفذ عملية للقضاء على داعش في إقليم ننكرهار. وكالة الأنباء الفرنسية/جيتي اميدجز
وبدلاً‭ ‬من‭ ‬انتظار‭ ‬منطقة‭ ‬أفغانستان‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬بتوحيد‭ ‬الصف‭ ‬لمساعدتها‭ ‬على‭ ‬التقدم‭ ‬والازدهار،‭ ‬فربما‭ ‬يكمن‭ ‬حل‭ ‬عملي‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬الأمر‭ ‬في‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬مبادرات‭ ‬ثنائية‭ ‬مع‭ ‬الجهات‭ ‬الفاعلة‭ ‬بشدة‭ (‬طرفا‭ ‬الصراع‭ ‬والبلدان‭ ‬الرئيسية‭ ‬التي‭ ‬تساندهما‭) ‬بحيث‭ ‬تتسع‭ ‬لتشمل‭ ‬أصحاب‭ ‬المصلحة‭ ‬الآخرين‭ ‬الذين‭ ‬يعربون‭ ‬عن‭ ‬استعدادهم‭ ‬للتعاون‭.‬
إنَّ‭ ‬اتفاق‭ ‬السلام‭ ‬الذي‭ ‬أبرمته‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وطالبان‭ ‬في‭ ‬الدوحة‭ ‬بقطر‭ ‬يوم‭ ‬29‭ ‬شباط‭/‬فبراير‭ ‬2020‭ ‬يفتح‭ ‬صفحة‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الصراع‭ ‬الذي‭ ‬نشب‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬الزمن؛‭ ‬وقد‭ ‬استند‭ ‬اتفاق‭ ‬الدوحة‭ ‬إلى‭ ‬الضمانات‭ ‬التي‭ ‬قدمتها‭ ‬طالبان‭ ‬بمنع‭ ‬الجماعات‭ ‬الإرهابية‭ ‬من‭ ‬استخدام‭ ‬الأراضي‭ ‬الأفغانية‭ ‬ضد‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وحلفائها،‭ ‬ويتعين‭ ‬على‭ ‬طالبان‭ ‬إجراء‭ ‬مباحثات‭ ‬سلام‭ ‬مع‭ ‬الحكومة‭ ‬الأفغانية‭ ‬نظير‭ ‬التزام‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بسحب‭ ‬قواتها‭ ‬من‭ ‬أفغانستان‭ ‬خلال‭ ‬14‭ ‬شهراً،‭ ‬وقد‭ ‬جاء‭ ‬تعهد‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بسحب‭ ‬الجيش‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول‭ ‬لتحفيز‭ ‬طالبان‭ ‬على‭ ‬الجلوس‭ ‬إلى‭ ‬طاولة‭ ‬المفاوضات‭ ‬مع‭ ‬الحكومة‭ ‬الأفغانية‭ ‬لإحلال‭ ‬السلام‭ ‬المستدام‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭.‬
إلَّا‭ ‬أنَّ‭ ‬تلك‭ ‬العملية‭ ‬تتطلب‭ ‬توافقاً‭ ‬إقليمياً‭ ‬ودولياً‭ ‬لدعم‭ ‬تطبيق‭ ‬المبادرة‭ ‬بأسرها؛‭ ‬حيث‭ ‬يعتبر‭ ‬فصل‭ ‬الخلافات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والعلاقات‭ ‬الثنائية‭ ‬مع‭ ‬أفغانستان‭ ‬وإبعادها‭ ‬عن‭ ‬التنافس‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬العظمى‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬العوامل‭ ‬التي‭ ‬يمكنها‭ ‬التأثير‭ ‬على‭ ‬جهود‭ ‬إحلال‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬
البلدان‭ ‬صاحبة‭ ‬المصلحة‭ ‬في‭ ‬أفغانستان
يشمل‭ ‬أصحاب‭ ‬المصلحة‭ ‬الرئيسيون‭ ‬في‭ ‬الوضع‭ ‬الأمني‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ‬كلاً‭ ‬من‭ ‬طرفيْ‭ ‬الصراع،‭ ‬والبلدان‭ ‬التي‭ ‬تساند‭ ‬هذين‭ ‬الطرفين،‭ ‬والبلدان‭ ‬المتضررة‭ ‬من‭ ‬الصراع‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬
وتعتبر‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وباكستان‭ ‬الجهتين‭ ‬الفاعلتين‭ ‬الرئيسيتين‭ ‬اللتين‭ ‬لهما‭ ‬تأثير‭ ‬مستدام‭ ‬على‭ ‬الوضع‭ ‬الأفغاني؛‭ ‬فأمّا‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬فهي‭ ‬الراعي‭ ‬والداعم‭ ‬الرئيسي‭ ‬لدولة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬طالبان‭ ‬في‭ ‬أفغانستان؛‭ ‬وأمّا‭ ‬باكستان،‭ ‬فهي‭ ‬التي‭ ‬تقدم‭ ‬الدعم‭ ‬المادي‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية‭ ‬لقيادات‭ ‬طالبان‭ ‬التي‭ ‬تشن‭ ‬عملياتها‭ ‬المتمردة‭ ‬من‭ ‬معاقلها‭ ‬داخل‭ ‬باكستان‭.‬
وتحرص‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬إنهاء‭ ‬الحرب‭ ‬الطويلة‭ ‬التي‭ ‬خاضتها‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ‬مع‭ ‬الانسحاب‭ ‬منها‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أصبحت‭ ‬دولة‭ ‬مستقرة‭ ‬لن‭ ‬تعود‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬لتصدير‭ ‬الهجمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬التي‭ ‬تستهدف‭ ‬مصالحها،‭ ‬وتسعى‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬هذا‭ ‬الهدف‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬تنفيذ‭ ‬اتفاق‭ ‬السلام‭ ‬الذي‭ ‬أبرمته‭ ‬مع‭ ‬طالبان،‭ ‬ويشمل‭ ‬ذلك‭ ‬النجاح‭ ‬في‭ ‬التوصُّل‭ ‬إلى‭ ‬تسوية‭ ‬سياسية‭ ‬بين‭ ‬طالبان‭ ‬والحكومة‭ ‬الأفغانية‭.‬
وثمَّة‭ ‬مصلحة‭ ‬كبيرة‭ ‬لباكستان‭ ‬في‭ ‬الصراع‭ ‬والسلام‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ‬وتعتبر‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬الجهات‭ ‬الفاعلة‭ ‬في‭ ‬الصراع‭ ‬الأفغاني؛‭ ‬ولطالما‭ ‬كانت‭ ‬سياسة‭ ‬باكستان‭ ‬نحو‭ ‬أفغانستان‭ ‬تقتضي‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬نفوذ‭ ‬قوي‭ ‬لها‭ ‬داخل‭ ‬أفغانستان،‭ ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬بحث‭ ‬إسلام‭ ‬أباد‭ ‬عن‭ ‬عمق‭ ‬استراتيجي‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬الغرب‭ ‬لمجابهة‭ ‬الأفضلية‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬للهند‭ ‬من‭ ‬المبادئ‭ ‬الرئيسية‭ ‬في‭ ‬استراتيجيتها‭ ‬منذ‭ ‬تسعينيات‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭.‬
عناصر من القوات الأفغانية النسائية يتدربن في ميدان رماية؛ ويعتبر احترام حقوق المرأة ركناً مهماً في أي اتفاق سلام في أفغانستان. وكالة الأنباء الفرنسية/جيتي اميدجز
لم‭ ‬تدخر‭ ‬باكستان‭ ‬جهداً‭ ‬لتشكيل‭ ‬تطورات‭ ‬الوضع‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ‬بما‭ ‬يتماشى‭ ‬مع‭ ‬طموحاتها‭ ‬السياسية،‭ ‬ومع‭ ‬أنَّ‭ ‬باكستان‭ ‬ترى‭ ‬أنَّ‭ ‬عودة‭ ‬طالبان‭ ‬إلى‭ ‬الحكم‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ‬لا‭ ‬تعتبر‭ ‬أمراً‭ ‬ممكناً‭ ‬أو‭ ‬مرغوباً‭ ‬فيه،‭ ‬فتستخدم‭ ‬سلطتها‭ ‬وتأثيرها‭ ‬عليهم‭ ‬لتأمين‭ ‬مصالحها‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬نفوذها‭ ‬في‭ ‬أفغانستان،‭ ‬وبذلك‭ ‬تؤيد‭ ‬باكستان‭ ‬التسوية‭ ‬السلمية‭ ‬للصراع‭ ‬الأفغاني‭ ‬على‭ ‬الوجه‭ ‬الذي‭ ‬يكفل‭ ‬تأمين‭ ‬أمنها‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬ومصالحها‭ ‬السياسية‭.‬
وتُعد‭ ‬كلٌ‭ ‬من‭ ‬الهند‭ ‬وإيران‭ ‬من‭ ‬الجهات‭ ‬الفاعلة‭ ‬والمؤثرة‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وتتعارض‭ ‬مصالحهما‭ ‬أحياناً‭ ‬مع‭ ‬مصالح‭ ‬باكستان‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة؛‭ ‬فأمّا‭ ‬الهند،‭ ‬فترى‭ ‬أنَّ‭ ‬باكستان‭ ‬ترعى‭ ‬جماعات‭ ‬التطرف‭ ‬العنيف‭ ‬التي‭ ‬تُستخدم‭ ‬كأداة‭ ‬سياسية‭ ‬ضد‭ ‬الهند،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬كشمير،‭ ‬وتعترض‭ ‬الهند‭ ‬بشدة‭ ‬على‭ ‬طالبان،‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬من‭ ‬المؤيدين‭ ‬للحكومة‭ ‬الأفغانية‭ ‬بقوة‭.‬
وأمّا‭ ‬إيران،‭ ‬فتطمح‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تصبح‭ ‬من‭ ‬القوى‭ ‬المؤثرة‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وتنظر‭ ‬إلى‭ ‬أفغانستان‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬علاقتها‭ ‬بالولايات‭ ‬المتحدة؛‭ ‬حيث‭ ‬تجمع‭ ‬إيران‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بعض‭ ‬المصالح‭ ‬المشتركة‭ ‬في‭ ‬أفغانستان،‭ ‬مثل‭ ‬إحلال‭ ‬السلام‭ ‬والاستقرار‭ ‬في‭ ‬أرجائها،‭ ‬إلَّا‭ ‬أنَّ‭ ‬القواسم‭ ‬المشتركة‭ ‬بينهما‭ ‬يكتنفها‭ ‬تزايد‭ ‬التوتر‭ ‬بين‭ ‬واشنطن‭ ‬وطهران‭.‬
وتجدر‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أنَّ‭ ‬إيران‭ ‬لم‭ ‬تشارك‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ‬بقيادة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬إلَّا‭ ‬أنَّ‭ ‬في‭ ‬تعليقها‭ ‬على‭ ‬اتفاق‭ ‬السلام‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وطالبان،‭ ‬رحّبت‭ ‬طهران‭ ‬“بأي‭ ‬مبادرة‭ ‬تساهم‭ ‬في‭ ‬إحلال‭ ‬السلام‭ ‬والاستقرار‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭.‬”‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬تؤمن‭ ‬إيران‭ ‬بقوة‭ ‬بأنَّ‭ ‬إحلال‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ‬لن‭ ‬يحدث‭ ‬إلَّا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المحادثات‭ ‬الأفغانية‭ ‬الداخلية‭ ‬وكذلك‭ ‬“النظر‭ ‬إلى‭ ‬مصالح‭ ‬دول‭ ‬جوار‭ ‬أفغانستان‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭.‬”
إنَّ‭ ‬لإيران‭ ‬وطالبان‭ ‬مصالح‭ ‬مشتركة‭ ‬في‭ ‬انسحاب‭ ‬القوات‭ ‬الأمريكية‭ ‬من‭ ‬أفغانستان؛‭ ‬لأنَّ‭ ‬العلاقات‭ ‬الإيرانية‭ ‬مع‭ ‬طالبان‭ ‬تقوم‭ ‬بالأساس‭ ‬على‭ ‬مبدأ‭ ‬المصالح،‭ ‬وتنظر‭ ‬إلى‭ ‬طالبان‭ ‬على‭ ‬أنَّها‭ ‬قوة‭ ‬مضادة‭ ‬لعدوها‭ ‬الأيديولوجي،‭ ‬ونقصد‭ ‬بذلك‭ ‬تنظيم‭ ‬الدولة‭ ‬الإسلامية‭ – ‬ولاية‭ ‬خراسان،‭ ‬المعروف‭ ‬بداعش‭ ‬أيضاً‭. ‬وتود‭ ‬طهران‭ ‬كذلك‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬مساحة‭ ‬من‭ ‬النفوذ‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ‬بعد‭ ‬إنهاء‭ ‬الصراع،‭ ‬إلَّا‭ ‬أنَّ‭ ‬الروابط‭ ‬التي‭ ‬تجمع‭ ‬طالبان‭ ‬بإيران‭ ‬تتصف‭ ‬غالباً‭ ‬بالانتهازية،‭ ‬وربما‭ ‬لن‭ ‬تدوم‭ ‬بعد‭ ‬تغير‭ ‬الوضع‭ ‬الجيوسياسي‭.‬
وتعتبر‭ ‬روسيا‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬القوى‭ ‬العظمى‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬وقد‭ ‬أيدت‭ ‬في‭ ‬بادئ‭ ‬الأمر‭ ‬التحالف‭ ‬بقيادة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬للإطاحة‭ ‬بحكم‭ ‬طالبان‭ ‬من‭ ‬أفغانستان،‭ ‬إلَّا‭ ‬أنَّها‭ ‬غيّرت‭ ‬موقفها‭ ‬مع‭ ‬العودة‭ ‬العسكرية‭ ‬لطالبان‭ ‬في‭ ‬الدولة،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬ظهرت‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ‬جماعات‭ ‬إرهابية‭ ‬جديدة،‭ ‬مثل‭ ‬داعش،‭ ‬يمكنها‭ ‬تهديد‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬وسط‭ ‬آسيا‭. ‬وتؤيد‭ ‬روسيا‭ ‬الآن‭ ‬التوصُّل‭ ‬إلى‭ ‬تسوية‭ ‬سياسية‭ ‬للصراع‭ ‬الأفغاني‭ ‬وأيدت‭ ‬اتفاق‭ ‬السلام‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وطالبان؛‭ ‬إذ‭ ‬تؤمن‭ ‬روسيا‭ ‬بأنَّ‭ ‬التسوية‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تفتح‭ ‬الأبواب‭ ‬لموسكو‭ ‬لتجديد‭ ‬روابطها‭ ‬متعددة‭ ‬الجوانب‭ ‬مع‭ ‬أفغانستان‭ ‬وتوسيع‭ ‬دائرة‭ ‬نفوذها‭ ‬لمجابهة‭ ‬وجود‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ومنظمة‭ ‬حلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي‭ (‬الناتو‭) ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬
وللصين‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬مصالح‭ ‬استراتيجية‭ ‬مشتركة‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ‬وباكستان؛‭ ‬إذ‭ ‬يتفق‭ ‬كلا‭ ‬البلدين‭ ‬على‭ ‬معايير‭ ‬التنازلات‭ ‬السياسية‭ ‬المرغوبة‭ ‬في‭ ‬أفغانستان،‭ ‬ويعتمد‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬مشروع‭ ‬الممر‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الصيني‭ ‬الباكستاني‭ ‬الذي‭ ‬تبلغ‭ ‬تكلفته‭ ‬مليارات‭ ‬الدولارات‭ ‬على‭ ‬إحلال‭ ‬السلام‭ ‬والاستقرار‭ ‬في‭ ‬أفغانستان،‭ ‬أضف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬أنَّ‭ ‬الصين‭ ‬تتعرض‭ ‬إلى‭ ‬موجة‭ ‬من‭ ‬تزايد‭ ‬القلاقل‭ ‬بين‭ ‬الطوائف‭ ‬العرقية‭ ‬والإرهاب‭ ‬والتهديدات‭ ‬الانفصالية‭ ‬في‭ ‬إقليم‭ ‬شينجيانغ‭ ‬الذي‭ ‬تعيش‭ ‬فيه‭ ‬أقلية‭ ‬الأويغور‭ ‬المسلمة،‭ ‬مما‭ ‬يُعد‭ ‬من‭ ‬الأسباب‭ ‬الأساسية‭ ‬لتزايد‭ ‬اهتمام‭ ‬الصين‭ ‬بأمن‭ ‬أفغانستان‭ ‬وباكستان‭ ‬واستقرارهما‭.‬
الحكومة الأفغانية أفرجت عن سجناء لطالبان في إطار دعوة للسلام في أيّار/مايو 2020. رويترز
إلَّا‭ ‬أنَّ‭ ‬مصالح‭ ‬بكين‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ‬ذات‭ ‬طابع‭ ‬اقتصادي‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول‭ ‬يتمثَّل‭ ‬في‭ ‬رغبتها‭ ‬في‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬الثروات‭ ‬الطبيعية‭ ‬لأفغانستان،‭ ‬وتدعم‭ ‬الصين‭ ‬مصالحها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬نهج‭ ‬متعدد‭ ‬الأطراف‭ ‬مع‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬القوة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والتكنولوجية‭ ‬طويلة‭ ‬الأجل،‭ ‬مثل‭ ‬مشروع‭ ‬الحزام‭ ‬والطريق‭ ‬للبنية‭ ‬التحتية،‭ ‬وتعتزم‭ ‬الصين‭ ‬إشراك‭ ‬أفغانستان‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭.‬
وبالنظر‭ ‬إلى‭ ‬انعدام‭ ‬الثقة‭ ‬بين‭ ‬بلدان‭ ‬المنطقة،‭ ‬فمن‭ ‬المستبعد‭ ‬أن‭ ‬نشهد‭ ‬ظهور‭ ‬عملية‭ ‬تفاوض‭ ‬رسمية‭ ‬متعددة‭ ‬الأطراف‭ ‬يمكنها‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬تسوية‭ ‬إقليمية‭ ‬دون‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬جولة‭ ‬تحضيرية‭ ‬من‭ ‬التفاعلات‭ ‬الثنائية‭ ‬والاتفاقات‭ ‬ذات‭ ‬المنافع‭ ‬المتبادلة‭. ‬ولمّا‭ ‬كانت‭ ‬الجهات‭ ‬الفاعلة‭ ‬الإقليمية‭ ‬ترى‭ ‬أن‭ ‬مستقبل‭ ‬أفغانستان‭ ‬يشوبه‭ ‬جو‭ ‬من‭ ‬التقلب‭ ‬والغموض،‭ ‬فربما‭ ‬يدفعها‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬الاحتياط‭ ‬لنفسها،‭ ‬وما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يغير‭ ‬حسابات‭ ‬الجهات‭ ‬الفاعلة‭ ‬الإقليمية‭ ‬هو‭ ‬تحقيق‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬حشد‭ ‬أدوات‭ ‬القوة‭ ‬الوطنية‭ ‬الأفغانية‭ ‬تحت‭ ‬قيادة‭ ‬جامعة‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬أجندة‭ ‬وطنية‭ ‬موحَّدة‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬مسيرة‭ ‬السلام‭ ‬المستمرة؛‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬الوضع‭ ‬الداخلي‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ‬واحداً‭ ‬من‭ ‬المحاور‭ ‬الأساسية‭ ‬لإحداث‭ ‬تغيير‭ ‬إقليمي‭.‬
إنَّ‭ ‬رفع‭ ‬مستوى‭ ‬الثقة‭ ‬بين‭ ‬أفغانستان‭ ‬ودول‭ ‬الجوار،‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬احترام‭ ‬سيادة‭ ‬الدول‭ ‬وسلامة‭ ‬أراضيها،‭ ‬والالتزام‭ ‬بمبدأ‭ ‬عدم‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الداخلية‭ ‬لدول‭ ‬الجوار،‭ ‬وحظر‭ ‬استخدام‭ ‬الأراضي‭ ‬الأفغانية‭ ‬لتنفيذ‭ ‬أعمال‭ ‬عدائية‭ ‬ضد‭ ‬دول‭ ‬الجوار،‭ ‬تعتبر‭ ‬من‭ ‬الشروط‭ ‬الأساسية‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬تحقيقها‭ ‬لإحلال‭ ‬السلام‭ ‬والاستقرار‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭. ‬فربما‭ ‬يساعد‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬النهج‭ ‬على‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬سعي‭ ‬الجهات‭ ‬الفاعلة‭ ‬الإقليمية‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬مصالحها‭ ‬الخاصة‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬خصوم‭ ‬هذه‭ ‬الجهات،‭ ‬ويجب‭ ‬على‭ ‬الحكومة‭ ‬الأفغانية‭ ‬الإصلاح‭ ‬من‭ ‬أوضاعها‭ ‬لكي‭ ‬تتمكَّن‭ ‬أفغانستان‭ ‬من‭ ‬حشد‭ ‬الشعب‭ ‬لرفع‭ ‬راية‭ ‬الكفاح‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬السلام‭ ‬والاستقرار‭.‬
بائعو الفاكهة يعرضون بضائعهم في أحد أسواق كابول؛ ومن شأن إحلال السلام في أفغانستان أن يساهم في تحقيق الاستقرار لاقتصادها الذي تدهور جرّاء عقود من الصراع. وكالة الأنباء الفرنسية/جيتي اميدجز
الخاتمة
يضع‭ ‬اتفاق‭ ‬السلام‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وطالبان‭ ‬حجر‭ ‬الأساس‭ ‬لتحقيق‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المحادثات‭ ‬المباشرة‭ ‬بين‭ ‬الأفغانيين،‭ ‬إلَّا‭ ‬أنَّ‭ ‬مستقبلها‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬التفاعل‭ ‬الإيجابي‭ ‬والبناء‭ ‬لدور‭ ‬الجوار‭ ‬والجهات‭ ‬الفاعلة‭ ‬الإقليمية‭ ‬الأخرى‭ ‬والقوى‭ ‬العظمى‭ ‬التي‭ ‬ساهم‭ ‬تدخلها‭ ‬المباشر‭ ‬وغير‭ ‬المباشر‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ‬في‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬عليه‭ ‬الآن،‭ ‬ويعتبر‭ ‬التعاون،‭ ‬لا‭ ‬التنافس،‭ ‬بمثابة‭ ‬الكلمة‭ ‬الأساسية‭ ‬للتغلب‭ ‬على‭ ‬تداعيات‭ ‬التنافس‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬العظمى‭ ‬والجهات‭ ‬الفاعلة‭ ‬الإقليمية‭ ‬وتجنب‭ ‬تأثير‭ ‬الأطراف‭ ‬الخارجية‭ ‬على‭ ‬العلاقات‭ ‬الثنائية‭ ‬مع‭ ‬أفغانستان‭.‬
وفي‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته،‭ ‬فلن‭ ‬تدوم‭ ‬أي‭ ‬تسوية‭ ‬سلمية‭ ‬دون‭ ‬المساعدات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الدولية‭ ‬لمساعدة‭ ‬أفغانستان‭ ‬على‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬نفسها؛‭ ‬ومن‭ ‬ثمَّ‭ ‬يعتبر‭ ‬دمج‭ ‬أفغانستان‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬اقتصادياً‭ ‬من‭ ‬الأهمية‭ ‬بمكان‭ ‬لتمكينها‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬الاكتفاء‭ ‬الذاتي‭ ‬طويل‭ ‬الأجل‭.‬
هذا،‭ ‬وبالنظر‭ ‬إلى‭ ‬تباين‭ ‬المصالح‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬والعالم،‭ ‬فلا‭ ‬يكاد‭ ‬يوجد‭ ‬من‭ ‬يتوقع‭ ‬أن‭ ‬تندمج‭ ‬أفغانستان‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬اندماجاً‭ ‬كاملاً‭ ‬فور‭ ‬إبرام‭ ‬اتفاق‭ ‬للسلام،‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬المحتمل‭ ‬أن‭ ‬تحدث‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬بخطىً‭ ‬تدريجية‭ ‬مع‭ ‬التراجع‭ ‬عن‭ ‬المشروعات‭ ‬الثنائية‭ ‬الفردية‭ ‬والإقبال‭ ‬على‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬متعددة‭ ‬الأطراف‭ ‬المشتركة؛‭ ‬ومن‭ ‬ثمَّ‭ ‬سوف‭ ‬تواصل‭ ‬أفغانستان‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬المساعدات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الدولية‭ ‬لتحقيق‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬مؤسساتها‭ ‬بعد‭ ‬إنهاء‭ ‬الصراع‭. 

التعليقات مغلقة.