نشر السلام بتحسين العمل الشرطوي
برنامج الشرطة المجتمعية في العراق يحرز نجاحات في مكافحة الإرهاب والجريمة
أسرة يونيباث
أثبتت تجربة الشرطة المجتمعية في العراق نجاحاً كبيراً في محاكمة المجرمين، ومكافحة الإشاعات، وتحصين الشباب من مخاطر التطرف والإرهاب، وإعادة تأهيل ضحايا إدمان المخدرات؛ إذ تقوم الشرطة المجتمعية بالتواصل مع المواطنين في بيوتهم وفي المؤسسات التربوية والصحية وسائر مؤسسات الدولة لمعالجة بعض القضايا من جذورها. التقت مجلة يونيباث باللواء الدكتور سعد معن، المستشار الأمني لوزير الداخلية، ليحدثنا عن دور الشرطة المجتمعية.
يونيباث: بماذا تختلف الشرطة المجتمعية عن الشرطة المحلية؟
اللواء سعد معن: الشرطة المجتمعية تشكيلٌ أمنيٌ بوزارة الداخلية مختصٌ بتعزيز العلاقة بين المؤسسة الأمنية والمجتمع من خلال تدخل أفراد الشرطة المجتمعية في القضايا التي تهدد السلم الأهلي في البلاد وهذا التدخل يأخذ أوجه عديدة ترتكز على تقديم النصح والتوعية والتثقيف والتعاون بين أفراد المجتمع لتجنب ارتكاب الجرائم والأخطاء. يرتكز عمل الشرطة المحلية على التحقيق الأولي، وتنفيذ أوامر القبض الصادرة عن الجهات القضائية، والعديد من المهام الأخرى. لكن التشابه بين العملين يكمن في حرص الجميع على سيادة القانون وتعزيز الاستقرار المجتمعي.
يونيباث: ما عدد منتسبي دائرة الشرطة المجتمعية وعدد الأقسام التي تضمها؟
اللواء سعد معن: يتجاوز عدد منتسبي الشرطة المجتمعية 1,000 منتسب من كلا الجنسين وضباط بكل الرتب وموظفين مدنيين موزعين على مختلف محافظات البلاد، ويضم قسم الشرطة المجتمعية 24 شعبة، 16 منها في بغداد والمحافظات، وست شعب فنية تخصصية، وشعبة الإدارة وشعبة المتابعة.
يونيباث: ما سبب نجاح الشرطة المجتمعية في العراق؟
اللواء سعد معن: يكمن سبب نجاح الشرطة المجتمعية في العراق في قرب ضباطها من المجتمع وفعالياته. فهي تشكيل تخصصي اختلف عن سائر التشكيلات الأخرى بأسلوبه البسيط المرتكز على تقديم النصح والمشورة والتوعية والتثقيف لبناء المجتمع دون أي شدة أو خشونة في التعامل التي قد يلجأ اليها بعض أجهزة الشرطة التقليدية، إضافة إلى حرص وزارة الداخلية المتمثلة بالسيد وزير الداخلية ودعمه المتواصل والكبير للشرطة المجتمعية بتوفير الدعم الفني وسبل الإمداد، وهذه عوامل مهمة في نجاح عمل الشرطة المجتمعية المدعومة أيضاً من الأمم المتحدة بسبب الطبيعة الإنسانية لعملها.
يونيباث: هل لك أن تحدثنا عن واجبات هؤلاء الضباط بمزيد من التفصيل؟
اللواء سعد معن: لا يمكن إيجاز عمل الشرطة المجتمعية في أسطر قليلة، لكننا سنتكلم بشكل عام عن أبرز المهام المنوطة بها، وهو الحرص على تعزيز علاقة الشراكة بين المؤسسة الأمنية بوزارة الداخلية وبين المجتمع بأفراده ومنظماته وتفاصيله كافة، انطلاقاً من حرص مشترك على تعزيز الأمن والاستقرار ومكافحة الجريمة بأشكالها كافة؛ وذلك إيماناً من وزارة الداخلية بأنه لا يمكن تحقيق الأمن والاستقرار في أي بقعة من العالم، وليس على مستوى العراق فقط، إلا بتضافر جهود أبنائه ودعمهم الكبير لعمل المؤسسات الأمنية.
ومن هذا المنطلق تعددت مهام الشرطة المجتمعية، ومنها تعزيز أواصرالأسرة ومكافحة الجرائم التي تهدد كيانها كالجرائم السيبرانية والابتزاز، ومكافحة العادات والتقاليد غير الصحيحة خشية انتشارها في المجتمع، إضافة إلى دعم مؤسسات الشرطة كافة من خلال مكافحة الجرائم قبل وقوعها بالتوعية والتثقيف، وتقديم النصح والمشورة، ومشاركة المواطنين بجميع الأنشطة والفعاليات، والتواصل البنَّاء، وحضور المناسبات الدينية لجميع الأديان.
كما تختص الشرطة المجتمعية بوظيفة مهمة أخرى، وهي الحرص على إعادة تأهيل أبناء المجتمع العراقي من المدمنين والمهجرين والمعنَّفين وغيرهم وإعادة إدماجهم تدريجياً في المجتمع. كما تقوم الشرطة المجتمعية بزيارات ميدانية للمدارس والجامعات وتقديم محاضرات تخص السلامة العامة والحذر من الوقوع فريسة بيد المجرمين وغير ذلك الكثير من الوظائف والأعمال.
يونيباث: لماذا تركز الشرطة المجتمعية على التواصل مع الجمهور عبر صفحات الإعلام الاجتماعي؟
اللواء سعد معن: بعد التطور التكنولوجي وسهولة اقتناء واستخدام الأجهزة الذكية ومواقع الإعلام الاجتماعي والاعتماد عليها من قبل مختلف الشرائح المجتمعية والفئات العمرية، كان لزاماً على الشرطة المجتمعية مجاراة ذلك؛ فاستحدثت عدداً من القنوات للتواصل مع المجتمع على منصات الفيسبوك والانستغرام واليوتيوب وغيرها. ويتضمن المحتوى أخباراً ومنشورات توعوية وتفاعلية والتواصل عبر تطبيقات المراسلة، فضلاً عن برامج البث المباشر التي تتضمن جرعات تثقيفية بشأن الظواهر السلبية والمشكلات المجتمعية والجرائم المتكررة. ولم تغفل الشرطة المجتمعية دورها الميداني الذي هو أساس عملها.
يونيباث: كيف تلاحق الشرطة المجتمعية مرتكبي الجرائم السيبرانية؟
اللواء سعد معن: إن أبرز جريمة سيبرانية رصدتها الشرطة المجتمعية هي الابتزاز الإلكتروني إذ يتلقى الخط الساخن للشرطة المجتمعية (497) اتصالات يومياً بهذا الخصوص، وبلغت الاتصالات أكثر من 1,000 اتصال خلال العام الماضي. وأخذت الشرطة المجتمعية على عاتقها العمل باتجاهين. الأول: الاستجابة لمناشدات المواطنين الذين تعرضوا للابتزاز، لمن لا يريدون الإجراءات القضائية، بشرط أن يكون المبتز معروف لهم (عنوان سكنه أو مكان عمله وأي تفاصيل يمكن أن توصل إليه)، فتنتقل الشرطة المجتمعية إلى محل سكنه وتتكلم معه بقوة القانون وتتلف أداة الابتزاز وتأخذ تعهدات خطية عليه بعدم القيام بهذا الفعل مرة أخرى. والثاني: إرشاد وتوجيه الضحايا في الحالات التي يكون فيها المبتز مجهول العنوان أو مكان العمل إلى الجهات المختصة لمساعدتهم.
يونيباث: هل لك أن تحدثنا عن دور الشرطة المجتمعية في مكافحة المخدرات؟
اللواء سعد معن: لا شك أن خطر المخدرات لا يختلف عن خطر الإرهاب، فكلاهما يعمل على تدمير المجتمع. كما أن المخدرات تعتبر من المصادر الرئيسية لتمويل الإرهاب. لذلك أخذت الحرب ضد المخدرات الأولوية لدى الأجهزة الأمنية العراقية. ومن هذا المنطلق تأخذ معالجات الشرطة المجتمعية لهذا الموضوع المهم والخطير أبعاداً كبيرة، يأتي في مقدمتها نشر فصائل الشرطة المجتمعية في أماكن تواجد الشباب والمراهقين والطلاب، وهي الفئات الأشد عرضة لخطر المخدرات، والعمل على نشر ثقافة التوعية والنصح والتوجيه والإرشاد وإظهار مغبة اتباع طريق المخدرات وتنبيه الجميع إلى أساليب إيصال المخدرات من قبل تجار المخدرات. ثم يأخذ دور الشرطة المجتمعية منحاً آخر بالنسبة للمتعاطين والمدمنين يتمثل في العمل على إعادة إدماجهم بالحياة مرة أخرى عن طريق التنسيق مع المؤسسات الأكاديمية والنفسية والاجتماعية، وإلقاء محاضرات عليهم في أماكن احتجازهم، وإيصال المساعدات العينية للأسر المحتاجة، وغير ذلك من الإجراءات العملية. وبسبب تواصلنا المستمر مع المجتمع، فإننا نحصل على معلومات دقيقة عن مخابئ عصابات المخدرات وأسماء المروجين وطرق نقل المخدرات بين المدن، ونوصل هذه المعلومات للجهات المختصة. وقد حققنا نجاحاً كبيراً في تنفيذ عمليات دقيقة ضد أوكارهم واعتقال عتاة المجرمين من تجار المخدرات.
يونيباث: كم محاضرة توعوية تقوم بها الشرطة المجتمعية، وما الوسائل المتاحة لهذه المحاضرات وأنواعها؟
اللواء سعد معن: لدينا فرق متخصصة في التواصل مع المؤسسات الأكاديمية والتربوية ونعمل معها من أجل تحصين الشباب ضد الظواهر السلبية وحمايتهم من التنمر واليأس الذي قد يقود للانتحار أو الانحراف. ألقينا 124 محاضرة عن أسباب الانتحار وطرق معالجتها، كان أكثر من نصفها في المدارس. وتناولت ما يقرب من 1,900 محاضرة قضية التنمر والعنف الطلابي والعنف ضد الكوادر التدريسية أو التسرب من التعليم. وتناولت 235 محاضرة أخرى قضية العنف الأسري، وهذا النوع من الزيارات يحدث داخل منزل الضحية. واهتمت 117 محاضرة بالجانب الصحي لتثقيف المجتمع بأهمية احترام المؤسسات الصحية وعدم الاعتداء على الأطباء والموظفين في المستشفيات والعيادات، إذ لاحظنا ظاهرة سيئة في بعض أوساط المجتمع بالاعتداء على الكوادر الطبية وتخريب المستشفيات والعيادات من قبل أقارب المتوفى.
يونيباث: هل لديكم إحصائية عن المكالمات التي تردكم عبر الخط الساخن 497، وما أكثر المواضيع التي يتم الاتصال حولها؟
اللواء سعد معن: بلغ مجموع الاتصالات 21,906، وأكثر موضوع تلقينا اتصالات بشأنه هو حالات طلب الدعم النفسي والمساعدة الانسانية (2,178 اتصال)، يليها العنف الأسري (1,514 اتصال).
يونيباث: كيف تعمل الشرطة المجتمعية على متابعة التطرف واتخاذ الإجراءات الأمنية اللازمة؟
اللواء سعد معن: نستطيع القول إن مجتمعنا العراقي قد غادر خطاب التطرف إلا القلة القليلة جداً التي يتصدى لها ضباطنا من خلال دوائرنا التخصصية. إلا أن مواجهة الشرطة المجتمعية لهذا الموضوع تكمن في إشاعة أجواء المحبة والسلام والتعايش السلمي بين أبناء المجتمع؛ فتصدينا لهذا الموضوع قد يكون بشكل غير مباشر من خلال تفنيد الأكاذيب والشائعات التي تعكر أجواء السلام الذي يعيشه المجتمع العراقي. وبسبب احتكاكنا المباشر بالمجتمع نرصد بعض الحالات أو يقوم المواطنون بتبليغ فصائلنا عن وجود أنشطة مريبة في المجتمع، ونقوم بدورنا بإيصال هذه المعلومات للجهات الأمنية المختصة لاتخاذ اللازم.
التعليقات مغلقة.