شراكة بحرية بين الأردن والولايات المتحدة

التدريب الناجح متعدد الجنسيات يعود بالنفع على الأمن في البحر الأحمر

تعدالشراكة بين الولايات المتحدة والأردن في المجال البحري شراكة وثيقة، تربط بينهما في عدة مجالات تدريباً وتأهيلاً وتجهيزاً، وتعتبر ثمرة الخبرة التي تمتلكها البحرية الأمريكية في المجال البحري على المستوى العالمي وتواجد الأسطول الأمريكي الخامس في المنطقة، والثقة التي تُعهد إلى القوة البحرية والزوارق الملكية من خلال الشراكات الإقليمية واستلامها قيادة قوة المهام المشتركة 151 من تشرين الأول/ديسمبر 2021 إلى نيسان/أبريل 2022.

وترسَّخت الشراكة الأمريكية الأردنية من خلال سلسلة من التمارين العسكرية البحرية المشتركة التي تُقام بشكل دوري بينهما، ولعل أهمها التمرين السنوي «مدافع بلا حدود» عبر فرق القوة البحرية والزوارق الملكية مع الجانب الأمريكي الصديق، والهادفة إلى تبادل الخبرات بين الجانبين الصديقين في مجالات التخطيط والقيادة والسيطرة وتوحيد المفاهيم العسكرية المشتركة، بما يتناسب مع المتطلبات العملياتية لمواجهة التهديدات الأمنية البحرية الحالية والمستقبلية، وتنمية القدرات القتالية الدفاعية، وإعداد قوات بحرية محترفة ومتميزة قادرة على تنفيذ الواجبات الموكلة لها بكل كفاءة واقتدار.

وفي الفترة من 26 شباط/فبراير إلى 14 آذار/مارس 2023، شاركت القوة البحرية والزوارق الملكية في فعاليات «التمرين البحري الدولي 23» بجانب الأسطول الأمريكي الخامس وبمشاركة 43 دولة و15 ممثلاً لجهات أخرى، وتولت فيه القوة البحرية والزوارق الملكية قيادة فعاليات التمرين في البحر الأحمر (القيادة الغربية).

إطلاق مسيَّرة بحرية في البحر الأحمر خلال فعاليات التمرين البحري الدولي 23. القوات المسلحة الأردنية

وركزت أهداف التمرين البحري الدولي 23 على تعزيز منظومة الأمن البحري عبر توظيف الأنظمة المسيَّرة في العمليات التكتيكية، ولا سيما لمساعدة فرق حق الزيارة والصعود والتفتيش والمصادرة. كما ركزوا على توحيد المفاهيم العسكرية البحرية بين الدول المشاركة وأنظمة الاتصالات البحرية المختلفة مع التركيز على عمل الغواصات المسيَّرة عن طريق التحكم فيها من خلال «المركز الأردني للأنظمة المسيَّرة» المفتتح مؤخراً، وحضر العقيد بحري مايكل براسير، قائد قوة المهام 59 آنذاك، والعقيد بحري هشام الجراح، قائد القوة البحرية والزوارق الملكية، افتتاح المركز، ويضم المركز أجهزة مراقبة متطورة بالاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي في مجال الأنظمة المسيَّرة البحرية، كما يقوم بمراقبة الحركة الملاحية والتنبؤ بحالة الطقس وجمع البيانات والمعلومات عالية الدقة وتوظيفها في تعزيز الأمن البحري في المياه الإقليمية الأردنية.

وفي إطار تنمية وتطوير قدرات المشاركين بالتمرين البحري الدولي 23، نفذت قيادة القوة البحرية والزوارق الملكية سلسلة من التدريبات العسكرية البحرية المشتركة في المياه الإقليمية الأردنية، تضمنت مواضيع عدة كالزوارق والطائرات والغواصات المسيَّرة التي كان التحكم فيها من خلال المركز الأردني للأنظمة المسيَّرة في قيادة القوة البحرية والزوارق الملكية، فضلاً عن أساليب البحث والإنقاذ، وعمليات الغطس العملياتي، ومقاومة القرصنة وحماية الموانئ، نفذها فريق حق الزيارة والصعود والتفتيش والمصادرة بالتنسيق مع مركز العمليات البحرية، إضافة إلى التدريب الطبي الميداني، وعمليات الإخلاء الطبي الميداني، وتبادل الخبرات في قيادة الزوارق الحديثة والزوارق المسيَّرة وتدريب فرق حق الزيارة والصعود والتفتيش والمصادرة بالكوادر المتخصصة.

غواصون من الجيش الأردني والأمريكي يجرون تدريباً على التخلص من الذخائر المتفجرة خلال تمرين «مدافع بلا حدود 23» في العقبة بالأردن. القوات البحرية بالقيادة المركزية الأمريكية

وتضمنت فعاليات اليوم الختامي من التمرين البحري الدولي تمريناً بحرياً تكتيكياً في المياه الإقليمية الأردنية، بحضور العميد محمد فلاح الزبون، قائد المنطقة العسكرية الجنوبية، والعقيد بحري هشام الجراح، قائد القوة البحرية والزوارق الملكية؛ اشتمل على سيناريوهات تحاكي هجوماً ضمن المياه الإقليمية وعمليات مكافحة الألغام البحرية بالأنظمة المسيَّرة ومكافحة القرصنة وتفتيش السفن وعمليات الإخلاء الطبي الميداني في البحر، بالتنسيق مع مركز العمليات البحرية، بما عكس المستوى المتميز والاحترافية العالية التي يتمتع بها المشاركون بالتمرين.

وما زالت الشراكة الأردنية الأمريكية في المجال البحري العسكري تسير بخطىً ثابتة واثقة بنهج يقوم على التحديث والتطور المستمرين في كافة المجالات التي تواكب المستجدات الحالية والمحتملة عبر التمارين البحرية المشتركة والمشاركات الإقليمية والدولية، ولعل أهمها تواجد القوة البحرية والزوارق الملكية في «القوات البحرية المشتركة»، وهي تحالف يضم 34 دولة ويوجد مقره بمملكة البحرين، يعمل على مواجهة التحديات التي تؤثر على المصالح المشتركة. وتميزت القوة البحرية والزوارق الملكية بكفاءتها العالية، لا من حيث المعدات فحسب، بل بكادرها من القوى البشرية، ساهم في تطورها وتنامي دورها الفعال في سياسة الشراكة الدولية لمواجهة التهديدات البحرية المتجددة في المجتمعين الإقليمي والدولي، مما أكسب الأردن شراكة ممتدة وصداقة مميزة مع الولايات المتحدة.

التعليقات مغلقة.