كازاخستان ترفع الدرع السيبراني

البرنامج الكازاخي يركز على تأمين الأنظمة من المخترقين والمجرمين

سلطانت‭ ‬بيرديكيفا

يستخدم ما‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬نسبة‭ ‬85‭% ‬من‭ ‬سكان‭ ‬كازاخستان‭ ‬الإنترنت،‭ ‬وهو‭ ‬أعلى‭ ‬معدَّل‭ ‬في‭ ‬اسيا‭ ‬الوسطى،‭ ‬وباتت‭ ‬محاور‭ ‬اقتصاد‭ ‬الدولة‭ ‬والحكومة‭ ‬مرقمنة‭ ‬بالكامل‭. ‬أطلقت‭ ‬الحكومة‭ ‬الكازاخية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2018‭ ‬برنامج‭ ‬‮«‬ديجيتال‭ ‬كازاخستان‮»‬،‭ ‬وهذا‭ ‬البرنامج‭ ‬شجع‭ ‬الهيئات‭ ‬الحكومية‭ ‬والشركات‭ ‬على‭ ‬التحول‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬المادي‭ ‬إلى‭ ‬عالم‭ ‬الإنترنت‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الارتقاء‭ ‬بكفاءة‭ ‬خدمة‭ ‬العملاء‭. ‬

ولكن‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تحول‭ ‬كازاخستان‭ ‬الهائل‭ ‬للاقتصاد‭ ‬الرقمي،‭ ‬أصبح‭ ‬الأمن‭ ‬السيبراني‭ ‬ضرورة‭ ‬عاجلة‭ ‬أكثر‭ ‬فأكثر،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬منذ‭ ‬ظهور‭ ‬جائحة‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ (‬كوفيد19‭-) ‬التي‭ ‬أجبرت‭ ‬نسبة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬والتعلم‭ ‬عن‭ ‬بُعد‭. ‬

وهذا‭ ‬ألهم‭ ‬السلطات‭ ‬الكازاخية‭ ‬لاتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬جادة‭ ‬لمواجهة‭ ‬التهديدات‭ ‬السيبرانية‭. ‬وكان‭ ‬لجهود‭ ‬كازاخستان‭ ‬لمكافحة‭ ‬الجرائم‭ ‬والتهديدات‭ ‬السيبرانية‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬ثمار‭ ‬كبيرة،‭ ‬مع‭ ‬أنَّ‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تعترض‭ ‬التصدي‭ ‬للجرائم‭ ‬السيبرانية‭ ‬اتسمت‭ ‬بتزايد‭ ‬حدتها‭ ‬وحجمها‭ ‬وتطورها‭. ‬

وبفضل‭ ‬الإجراءات‭ ‬الأخيرة‭ ‬للنهوض‭ ‬بمستوى‭ ‬الأمن‭ ‬السيبراني،‭ ‬احتلت‭ ‬كازاخستان‭ ‬المرتبة‭ ‬31‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬182‭ ‬دولة‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الالتزام‭ ‬بصيانة‭ ‬الأمن‭ ‬السيبراني‭ ‬في‭ ‬‮«‬المؤشر‭ ‬العالمي‭ ‬للأمن‭ ‬السيبراني‮»‬‭ ‬لعام‭ ‬2020،‭ ‬الصادر‭ ‬عن‭ ‬الاتحاد‭ ‬الدولي‭ ‬للاتصالات،‭ ‬وهو‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬مبادرة‭ ‬من‭ ‬مبادرات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لتقنيات‭ ‬المعلومات‭ ‬والاتصالات‭. ‬

وتتلخص‭ ‬المحاور‭ ‬الخمسة‭ ‬الرئيسية‭ ‬للمؤشر‭ ‬في‭ ‬التدابير‭ ‬القانونية،‭ ‬والتقنية،‭ ‬والتنظيمية،‭ ‬وتنمية‭ ‬القدرات،‭ ‬والتعاون‭. ‬وكان‭ ‬تصنيف‭ ‬عام‭ ‬2020‭ ‬بمثابة‭ ‬نقلة‭ ‬نوعية‭ ‬كبيرة‭ ‬عن‭ ‬المرتبة‭ ‬83‭ ‬التي‭ ‬احتلتها‭ ‬كازاخستان‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬في‭ ‬المؤشر‭ ‬العالمي‭ ‬للأمن‭ ‬السيبراني‭ ‬لعام‭ ‬2017‭.‬

تحول كازاخستان إلى دولة متقدمة رقمياً يتطلب التركيز على الأمن السيبراني؛ وها هو مشهد للعاصمة أستانا، وهي مركز من مراكز الابتكار التكنولوجي. وكالة أسوشيتد برس

تثبيت‭ ‬برنامج‭ ‬‮«‬الدرع‭ ‬السيبراني‮»‬

تنبع‭ ‬سياسة‭ ‬كازاخستان‭ ‬للأمن‭ ‬السيبراني‭ ‬من‭ ‬برنامج‭ ‬‮«‬الدرع‭ ‬السيبراني‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬طرحه‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬نور‭ ‬سلطان‭ ‬نزارباييف‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2013،‭ ‬إذ‭ ‬شدد‭ ‬على‭ ‬أنَّ‭ ‬وضع‭ ‬استراتيجية‭ ‬للأمن‭ ‬السيبراني‭ ‬يخدم‭ ‬مصالح‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬لكازاخستان،‭ ‬مستشهداً‭ ‬بقدرة‭ ‬المجرمين‭ ‬على‭ ‬تعطيل‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬كمحطات‭ ‬الطاقة‭ ‬والقطارات‭.‬

وقال‭ ‬نزارباييف‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2017‭: ‬“ما‭ ‬عاد‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬اليوم‭ ‬القتال‭ ‬بطائرة‭ ‬أو‭ ‬دبابة‭.‬”‭ ‬

شهد‭ ‬ذاك‭ ‬العام‭ ‬قيام‭ ‬كازاخستان‭ ‬بوضع‭ ‬سياسات‭ ‬الدولة‭ ‬بشأن‭ ‬سبل‭ ‬منع‭ ‬الهجمات‭ ‬السيبرانية‭ ‬والحرب‭ ‬الهجينة‭ ‬والتخفيف‭ ‬من‭ ‬حدتها‭ ‬ومكافحتها‭ ‬وتحسين‭ ‬مستوى‭ ‬العمليات‭ ‬القانونية‭ ‬للقيام‭ ‬بذلك‭ ‬بفعالية‭. ‬وتشاورت‭ ‬السلطات‭ ‬الكازاخية‭ ‬مع‭ ‬خبراء‭ ‬دوليين‭ ‬وتبنت‭ ‬أفضل‭ ‬الممارسات‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الأمن‭ ‬السيبراني‭ ‬لإرساء‭ ‬هذا‭ ‬المفهوم‭. ‬وقد‭ ‬استمرت‭ ‬المرحلة‭ ‬الأولى‭ ‬لبرنامج‭ ‬‮«‬الدرع‭ ‬السيبراني‮»‬‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2017‭ ‬وحتى‭ ‬عام‭ ‬2018،‭ ‬واستمرت‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2019‭ ‬وحتى‭ ‬عام‭ ‬2022‭. ‬وكلف‭ ‬البرنامج‭ ‬حتى‭ ‬وقتنا‭ ‬هذا‭ ‬28‭ ‬مليار‭ ‬تنغي‭ ‬كازاخي‭ (‬نحو‭ ‬66‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬أمريكي‭). ‬

وأصبحت‭ ‬‮«‬وزارة‭ ‬التنمية‭ ‬الرقمية‭ ‬والابتكارات‭ ‬والفضاء‮»‬‭ ‬الكازاخية‭ ‬الهيئة‭ ‬الحكومية‭ ‬الرئيسية‭ ‬المسؤولة‭ ‬عن‭ ‬تنفيذ‭ ‬خطة‭ ‬عمل‭ ‬‮«‬الدرع‭ ‬السيبراني‮»‬،‭ ‬وذلك‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬‮«‬الشركة‭ ‬المساهمة‭ ‬للخدمات‭ ‬التقنية‭ ‬الحكومية‮»‬‭ ‬التي‭ ‬صارت‭ ‬الآن‭ ‬تتبع‭ ‬‮«‬وزارة‭ ‬الاستثمار‭ ‬والتنمية‭ ‬الكازاخية‮»‬‭. ‬

يتناول‭ ‬برنامج‭ ‬‮«‬الدرع‭ ‬السيبراني‮»‬‭ ‬كيفية‭ ‬تنفيذ‭ ‬سياسة‭ ‬الدولة‭ ‬بشأن‭ ‬حماية‭ ‬موارد‭ ‬المعلومات‭ ‬الإلكترونية‭ ‬وأنظمة‭ ‬المعلومات‭ ‬وشبكات‭ ‬الاتصالات‭ ‬وضمان‭ ‬استخدام‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬المعلومات‭ ‬والاتصالات‭ ‬بأمان؛‭ ‬وساهم‭ ‬هذا‭ ‬المفهوم‭ ‬في‭ ‬توحيد‭ ‬مناهج‭ ‬الأمن‭ ‬السيبراني‭ ‬المؤقتة‭ ‬السابقة،‭ ‬كما‭ ‬دعا‭ ‬البرنامج‭ ‬إلى‭ ‬وضع‭ ‬آليات‭ ‬الاستجابة‭ ‬السريعة‭ ‬لمنع‭ ‬حوادث‭ ‬أمن‭ ‬المعلومات،‭ ‬كما‭ ‬يحدث‭ ‬خلال‭ ‬حالات‭ ‬الطوارئ‭ ‬مثلاً‭.‬

المجرمون‭ ‬يستهدفون‭ ‬كازاخستان

أصدرت‭ ‬‮«‬كومباريتيك‮»‬،‭ ‬وهي‭ ‬شركة‭ ‬لتقييم‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬وموقع‭ ‬إلكتروني‭ ‬للمستخدمين‭ ‬بالمملكة‭ ‬المتحدة،‭ ‬تقريراً‭ ‬في‭ ‬ربيع‭ ‬عام‭ ‬2021‭ ‬لتصنيف‭ ‬البلدان‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬مستوى‭ ‬الأمن‭ ‬السيبراني،‭ ‬فاحتلت‭ ‬بلدان‭ ‬وسط‭ ‬آسيا،‭ ‬ككازاخستان،‭ ‬مرتبة‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬القاع‭.‬

تعد‭ ‬كازاخستان‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬البلدان‭ ‬جاذبية‭ ‬لما‭ ‬يعرف‭ ‬بمختطفي‭ ‬التشفير،‭ ‬الذين‭ ‬يصنعون‭ ‬عملة‭ ‬رقمية،‭ ‬أو‭ ‬عملة‭ ‬مشفرة،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬اختراق‭ ‬أجهزة‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬غير‭ ‬المحمية‭. ‬وتُعرف‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬باسم‭ ‬تعدين‭ ‬العملات‭ ‬المشفرة،‭ ‬إذ‭ ‬يتجنب‭ ‬مختطفو‭ ‬التشفير‭ ‬دفع‭ ‬أموال‭ ‬مقابل‭ ‬كميات‭ ‬هائلة‭ ‬من‭ ‬الكهرباء‭ ‬اللازمة‭ ‬لتعدين‭ ‬العملات‭ ‬المشفرة،‭ ‬باختراق‭ ‬أجهزة‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬دون‭ ‬إذن‭ ‬من‭ ‬أصحابها‭. ‬وتعد‭ ‬كازاخستان‭ ‬دولة‭ ‬جذابة‭ ‬لتعدين‭ ‬العملات‭ ‬المشفرة‭ ‬بسبب‭ ‬انخفاض‭ ‬أسعار‭ ‬الكهرباء‭ ‬وضعف‭ ‬حماية‭ ‬أجهزة‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬مقارنة‭ ‬ببلدان‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬العالم‭. ‬

إقبال الكازاخيين على التكنولوجيا الرقمية دفع الحكومة إلى زيادة تركيزها على الأمن السيبراني. وكالة الأنباء الفرنسية/جيتي اميدجز

كشف‭ ‬اجتماع‭ ‬لمجموعة‭ ‬العمل‭ ‬الكازاخية‭ ‬المعنية‭ ‬ببرامج‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2019‭ ‬أنَّ‭ ‬من‭ ‬الأسباب‭ ‬الرئيسية‭ ‬لضعف‭ ‬مستوى‭ ‬حماية‭ ‬أجهزة‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬في‭ ‬كازاخستان‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬أنَّ‭ ‬نحو‭ ‬74‭% ‬من‭ ‬البرامج‭ ‬المثبتة‭ ‬في‭ ‬أجهزة‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬في‭ ‬كازاخستان‭ ‬غير‭ ‬مرخصة‭ ‬أو‭ ‬منزَّلة‭ ‬من‭ ‬مصادر‭ ‬غير‭ ‬قانونية‭. ‬

فقد‭ ‬تحمل‭ ‬البرامج‭ ‬غير‭ ‬المرخصة‭ ‬برامج‭ ‬خبيثة‭ ‬يمكنها‭ ‬تعريض‭ ‬بيانات‭ ‬المستخدم‭ ‬للخطر،‭ ‬ويصعب‭ ‬تنزيل‭ ‬تحديثات‭ ‬الأمان‭ ‬لمثل‭ ‬هذه‭ ‬البرامج‭ ‬لمنع‭ ‬الهجمات‭ ‬السيبرانية‭. ‬ولهذا‭ ‬السبب‭ ‬فإنَّ‭ ‬أجهزة‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬برامج‭ ‬مقرصنة‭ ‬معرَّضة‭ ‬بشدة‭ ‬لخطر‭ ‬الاختراق‭ ‬وتعدين‭ ‬العملات‭ ‬المشفرة‭ ‬وسرقة‭ ‬المعلومات‭ ‬السرية‭ ‬والاحتيال‭ ‬وأشكال‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬الجرائم‭ ‬السيبرانية‭.‬

‭ ‬قال‭ ‬السيد‭ ‬رسلان‭ ‬عبدكاليكوف،‭ ‬رئيس‭ ‬لجنة‭ ‬أمن‭ ‬المعلومات‭ ‬بوزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬وصناعات‭ ‬الفضاء‭ ‬السابقة،‭ ‬في‭ ‬بيان‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2017‭: ‬“يتضاعف‭ ‬عدد‭ ‬التهديدات‭ ‬السيبرانية‭ ‬للأنظمة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬الخاصة‭ ‬بالهيئات‭ ‬الحكومية‭ [‬الكازاخية‭] ‬سنوياً‭.‬”‭ ‬

سجل‭ ‬الفريق‭ ‬الوطني‭ ‬للاستجابة‭ ‬لطوارئ‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬بكازاخستان‭ ‬11‭,‬432‭ ‬تهديداً‭ ‬للجرائم‭ ‬السيبرانية‭ ‬وأمن‭ ‬المعلومات‭ ‬في‭ ‬النصف‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2021،‭ ‬بزيادة‭ ‬قدرها‭ ‬15‭% ‬عن‭ ‬عام‭ ‬2020‭. ‬وما‭ ‬شبكات‭ ‬البوتات‭ ‬وأحصنة‭ ‬طروادة‭ ‬البرمجية‭ ‬وفيروسات‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬إلَّا‭ ‬أمثلة‭ ‬على‭ ‬أبرز‭ ‬البرامج‭ ‬الخبيثة‭ ‬التي‭ ‬يستخدمها‭ ‬المجرمون‭ ‬السيبرانيون‭ ‬لمهاجمة‭ ‬أجهزة‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬في‭ ‬كازاخستان‭. ‬

كما‭ ‬أنَّ‭ ‬الهجمات‭ ‬السيبرانية‭ ‬على‭ ‬وحدات‭ ‬‮«‬ووردبريس‮»‬‭ ‬لإدارة‭ ‬المحتوى‭ (‬أي‭ ‬البرامج‭ ‬المستخدمة‭ ‬لإنشاء‭ ‬المواقع‭ ‬الإلكترونية‭ ‬وإنشاء‭ ‬محتوىً‭ ‬منشور‭ ‬على‭ ‬الإنترنت‭)‬،‭ ‬الشائع‭ ‬استخدامها‭ ‬في‭ ‬كازاخستان،‭ ‬كلفت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬مستخدمي‭ ‬المواقع‭ ‬الإلكترونية‭ ‬معلومات‭ ‬سرية‭ ‬وحساسة‭ ‬وتشوهت‭ ‬المواقع‭ ‬برسائل‭ ‬دعائية‭ ‬لجماعات‭ ‬إرهابية‭ ‬ومتطرفة‭. ‬

لا‭ ‬يكل‭ ‬المجرمون‭ ‬السيبرانيون‭ ‬عن‭ ‬استهداف‭ ‬الشركات‭ ‬الكازاخية‭ ‬والهيئات‭ ‬الحكومية‭ ‬والأفراد‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬المال‭. ‬فقد‭ ‬أثبتت‭ ‬كافة‭ ‬البنوك‭ ‬العاملة‭ ‬في‭ ‬كازاخستان‭ ‬في‭ ‬آب‭/‬أغسطس‭ ‬2021‭ ‬عجزها‭ ‬عن‭ ‬حماية‭ ‬مواردها‭ ‬الإلكترونية‭ ‬ضد‭ ‬الهجمات‭ ‬السيبرانية،‭ ‬كأمان‭ ‬المحتوى‭ ‬ونقل‭ ‬البيانات‭ ‬وتشفير‭ ‬حركة‭ ‬زيارة‭ ‬المواقع‭ ‬وإعدادات‭ ‬الأمان‭. ‬

التصدي‭ ‬للهجمات‭ ‬السيبرانية‭ ‬

يثير‭ ‬ضعف‭ ‬الدفاع‭ ‬السيبراني‭ ‬للبنوك‭ ‬الكازاخية‭ ‬مخاوف‭ ‬شديدة؛‭ ‬ذلك‭ ‬لأنَّ‭ ‬الهجمات‭ ‬السيبرانية‭ ‬التي‭ ‬تستهدف‭ ‬البنوك‭ ‬الدولية‭ ‬الكبرى‭ ‬تكاد‭ ‬تحدث‭ ‬كل‭ ‬ثانية،‭ ‬نقلاً‭ ‬عن‭ ‬السيد‭ ‬أندريه‭ ‬كوريلين،‭ ‬المدير‭ ‬العام‭ ‬لمصرف‭ ‬‮«‬سيتي‭ ‬بنك‮»‬‭ ‬في‭ ‬كازاخستان‭.‬

ولكن‭ ‬منذ‭ ‬إنشاء‭ ‬مفهوم‭ ‬‮«‬الدرع‭ ‬السيبراني‮»‬‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2017،‭ ‬أدى‭ ‬حرص‭ ‬الحكومة‭ ‬الكازاخية‭ ‬على‭ ‬تكثيف‭ ‬المراقبة‭ ‬والاستجابات‭ ‬الاستباقية‭ ‬لتأمين‭ ‬الفضاء‭ ‬السيبراني‭ ‬للدولة‭ ‬إلى‭ ‬تقليص‭ ‬حجم‭ ‬التهديدات‭ ‬السيبرانية‭. ‬وباتت‭ ‬وزارة‭ ‬التنمية‭ ‬الرقمية‭ ‬والابتكارات‭ ‬والفضاء‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2019‭ ‬تلم‭ ‬بمصادر‭ ‬الهجمات‭ ‬السيبرانية‭ ‬ضد‭ ‬كازاخستان‭ ‬وتوقيتها،‭ ‬فساعدت‭ ‬على‭ ‬تقليل‭ ‬عدد‭ ‬عمليات‭ ‬تشويه‭ ‬مواقع‭ ‬الإنترنت‭ ‬والبرامج‭ ‬الخبيثة‭ ‬في‭ ‬الدولة‭. ‬

وبفضل‭ ‬‮«‬الدرع‭ ‬السيبراني‮»‬،‭ ‬تمكن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬300‭ ‬قطاع‭ ‬من‭ ‬قطاعات‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬الحيوية،‭ ‬كالبنوك‭ ‬والهيئات‭ ‬الحكومية‭ ‬والشركات‭ ‬والمصانع،‭ ‬من‭ ‬تحسين‭ ‬أنظمة‭ ‬الأمان‭ ‬لديها‭. ‬ونجحت‭ ‬الإدارة‭ ‬التقنية‭ ‬الحكومية‭ ‬في‭ ‬كازاخستان‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬قدرات‭ ‬كافية‭ ‬لردع‭ ‬ومنع‭ ‬نحو‭ ‬مليون‭ ‬هجوم‭ ‬سيبراني‭ ‬يومياً‭. ‬

وأنشأت‭ ‬لجنة‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬لكازاخستان‭ ‬المركز‭ ‬القومي‭ ‬لتنسيق‭ ‬أمن‭ ‬المعلومات‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2018،‭ ‬بهدف‭ ‬حماية‭ ‬موارد‭ ‬المعلومات‭ ‬لأجهزة‭ ‬الدولة‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية‭ ‬الحيوية‭ ‬للمعلومات‭ ‬في‭ ‬كازاخستان‭ ‬من‭ ‬الهجمات‭ ‬السيبرانية‭. ‬وساعد‭ ‬المركز‭ ‬القومي‭ ‬لتنسيق‭ ‬أمن‭ ‬المعلومات‭ ‬17‭ ‬وكالة‭ ‬حكومية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2020‭ ‬بإمدادها‭ ‬بخدمات‭ ‬الحماية‭ ‬من‭ ‬الفيروسات‭ ‬ومراقبة‭ ‬أنظمة‭ ‬المعلومات‭ ‬لديها‭ ‬تحسباً‭ ‬للحوادث‭ ‬والتهديدات‭ ‬السيبرانية‭.‬

يتزايد اعتماد سكان كازاخستان، كهذا المواطن في مركز اقتراع في عام 2019، على تكنولوجيا الهواتف الذكية، مما يثير مخاوف بشأن الأمن السيبراني.
وكالة الأنباء الفرنسية/جيتي اميدجز

ويعد‭ ‬تدريب‭ ‬متخصصي‭ ‬الأمن‭ ‬السيبراني‭ ‬وتثقيف‭ ‬المواطنين‭ ‬حول‭ ‬أمن‭ ‬المعلومات‭ ‬محوراً‭ ‬من‭ ‬المحاور‭ ‬الرئيسية‭ ‬لبرنامج‭ ‬‮«‬الدرع‭ ‬السيبراني‮»‬‭. ‬فقد‭ ‬حرصت‭ ‬السلطات‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬منح‭ ‬دراسية‭ ‬تركز‭ ‬على‭ ‬البعد‭ ‬السيبراني‭ ‬لطلاب‭ ‬الجامعات‭ ‬بسبب‭ ‬نقص‭ ‬المتخصصين‭ ‬المدرَّبين‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬المعلومات‭ ‬في‭ ‬كازاخستان،‭ ‬وصدر‭ ‬تكليف‭ ‬لوزارة‭ ‬التنمية‭ ‬الرقمية‭ ‬والابتكارات‭ ‬والفضاء‭ ‬بتنظيم‭ ‬دورات‭ ‬تدريبية‭ ‬وحملات‭ ‬تثقيفية‭ ‬حول‭ ‬الأمن‭ ‬السيبراني‭ ‬لجمهور‭ ‬المواطنين‭. ‬

وفي‭ ‬إطار‭ ‬خطة‭ ‬عمل‭ ‬‮«‬الدرع‭ ‬السيبراني‮»‬،‭ ‬قدمت‭ ‬الحكومة‭ ‬الكازاخية‭ ‬خدمة‭ ‬التأمين‭ ‬السيبراني‭ ‬الطوعي‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬كازاخستان،‭ ‬إذ‭ ‬تسمح‭ ‬هذه‭ ‬الخدمة‭ ‬بصرف‭ ‬تعويض‭ ‬مالي‭ ‬عن‭ ‬الأضرار‭ ‬التي‭ ‬تلحق‭ ‬بممتلكات‭ ‬كيان‭ ‬قانوني‭ ‬جرَّاء‭ ‬هجوم‭ ‬سيبراني‭ ‬أو‭ ‬تسرب‭ ‬بيانات‭. ‬

أهمية‭ ‬التثقيف

تدرك‭ ‬الدولة‭ ‬أنَّ‭ ‬سرعة‭ ‬انتقال‭ ‬الدولة‭ ‬للاقتصاد‭ ‬الرقمي‭ ‬والإدارة‭ ‬تتطلب‭ ‬زيادة‭ ‬مشاركة‭ ‬المواطنين‭ ‬وتثقيفهم‭ ‬حول‭ ‬أمن‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬لتقليل‭ ‬الهجمات‭ ‬السيبرانية‭ ‬والأضرار‭ ‬الناجمة‭ ‬عنها‭. ‬تشير‭ ‬السلطات‭ ‬الكازاخية‭ ‬إلى‭ ‬أنَّ‭ ‬المواطنين‭ ‬ما‭ ‬يزالون‭ ‬غير‭ ‬ملمين‭ ‬بتهديدات‭ ‬الأمن‭ ‬السيبراني‭ ‬الأساسية،‭ ‬كمخاطر‭ ‬تنزيل‭ ‬البرامج‭ ‬الخبيثة‭ ‬دون‭ ‬قصد،‭ ‬وهذه‭ ‬البرامج‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬التصيد‭ ‬الاحتيالي‭ ‬والنصب‭ ‬الإلكتروني‭. ‬

وعلاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬تجهل‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المشروعات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬بالدولة‭ ‬المعرفة‭ ‬الأساسية‭ ‬حول‭ ‬سبل‭ ‬حماية‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬المعلومات‭ ‬والاتصالات‭. ‬

ولذا‭ ‬تؤكد‭ ‬الدولة‭ ‬الآن‭ ‬على‭ ‬تحسين‭ ‬مستوى‭ ‬الوعي‭ ‬العام‭ ‬وتنظيم‭ ‬حملات‭ ‬تثقيفية‭ ‬لضمان‭ ‬حصول‭ ‬المواطنين‭ ‬على‭ ‬الأدوات‭ ‬الأساسية‭ ‬لحماية‭ ‬أجهزة‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬وتقنيات‭ ‬الاتصال‭. ‬وكشف‭ ‬استبيان‭ ‬حديث‭ ‬أنَّ‭ ‬هذه‭ ‬الجهود‭ ‬نجحت‭ ‬في‭ ‬رفع‭ ‬مستوى‭ ‬الوعي‭ ‬العام‭ ‬حول‭ ‬تهديدات‭ ‬الأمن‭ ‬السيبراني،‭ ‬وذكر‭ ‬الاستبيان‭ ‬أنَّ‭ ‬نسبة‭ ‬الإلمام‭ ‬بها‭ ‬تصل‭ ‬الآن‭ ‬إلى‭ ‬78‭%. ‬

كما‭ ‬تستثمر‭ ‬كازاخستان‭ ‬في‭ ‬تدريب‭ ‬الموظفين‭ ‬الحكوميين‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬السيبراني‭ ‬وتشريعات‭ ‬المعلومات‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬والإدارة‭ ‬الإلكترونية‭. ‬ونجحت‭ ‬أكاديمية‭ ‬الإدارة‭ ‬العامة‭ ‬برئاسة‭ ‬رئيس‭ ‬كازاخستان‭ ‬منذ‭ ‬يوم‭ ‬5‭ ‬كانون‭ ‬الثاني‭/‬يناير‭ ‬2021‭ ‬في‭ ‬تنظيم‭ ‬دورات‭ ‬إلكترونية‭ ‬لتدريب‭ ‬الموظفين‭ ‬الحكوميين‭ ‬على‭ ‬رقمنة‭ ‬الهيئات‭ ‬الحكومية‭. ‬وعقدت‭ ‬وزارة‭ ‬التنمية‭ ‬الرقمية‭ ‬والابتكارات‭ ‬والفضاء‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2019‭ ‬دورات‭ ‬تدريبية‭ ‬مجانية‭ ‬عبر‭ ‬الإنترنت‭ ‬حول‭ ‬الأمن‭ ‬السيبراني‭ ‬للمسؤولين‭ ‬الحكوميين‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬20‭ ‬وكالة‭ ‬حكومية‭ ‬و17‭ ‬مؤسسة‭ ‬حكومية‭ ‬محلية‭. ‬

‭ ‬اتجه‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬موظفي‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬كازاخستان‭ ‬للعمل‭ ‬عن‭ ‬بُعد‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬الجائحة‭ ‬العالمية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2020‭. ‬فنظمت‭ ‬أكاديمية‭ ‬الإدارة‭ ‬العامة‭ ‬وبرنامج‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬الإنمائي‭ ‬في‭ ‬كازاخستان‭ ‬ومركز‭ ‬أستانا‭ ‬للخدمة‭ ‬المدنية‭ ‬والهيئة‭ ‬الكازاخية‭ ‬لشؤون‭ ‬الخدمة‭ ‬المدنية‭ ‬دورات‭ ‬تدريبية‭ ‬مكثفة‭ ‬للموظفين‭ ‬الحكوميين‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2020‭ ‬لصقل‭ ‬المهارات‭ ‬الرقمية‭ ‬ومهارات‭ ‬الاتصالات‭ ‬لديهم‭.‬

وفي‭ ‬خطاب‭ ‬للشعب‭ ‬يوم‭ ‬1‭ ‬أيلول‭/‬سبتمبر‭ ‬2021،‭ ‬قال‭ ‬الرئيس‭ ‬قاسم‭ ‬جومارت‭ ‬توكاييف‭: ‬“ستعتمد‭ ‬جميع‭ ‬مبادرات‭ ‬المعلومات‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬الخاصة‭ ‬بالقطاع‭ ‬العام‭ ‬على‭ ‬المنصة‭ ‬الجديدة‭ ‬دون‭ ‬سواها‭ ‬تحت‭ ‬الإشراف‭ ‬التقني‭ ‬للدولة‭ ‬الكازاخية؛‭ ‬فمن‭ ‬شأنها‭ ‬التخلص‭ ‬من‭ ‬الازدواجية‭ ‬والتكاليف‭ ‬والبيروقراطية،‭ ‬وتوفير‭ ‬الخدمات‭ ‬العامة‭ ‬للمواطنين‭ ‬من‭ ‬الهواتف‭ ‬الذكية‭ ‬بنسبة‭ ‬100‭%.‬”‭ ‬

سيظل‭ ‬تنامي‭ ‬رقمنة‭ ‬الخدمات‭ ‬الحكومية‭ ‬يتطلب‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬تثقيف‭ ‬الموظفين‭ ‬الحكوميين‭ ‬حول‭ ‬الأمن‭ ‬السيبراني‭. ‬وإنَّ‭ ‬رؤية‭ ‬الرئيس‭ ‬توكاييف‭ ‬لكازاخستان‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الرقمي،‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬كافة‭ ‬الخدمات‭ ‬الحكومية‭ ‬تقريباً‭ ‬عبر‭ ‬الإنترنت‭ ‬واعتماد‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬على‭ ‬التجارة‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬لا‭ ‬تنفصل‭ ‬عن‭ ‬التزامه‭ ‬بالعمل‭ ‬المستمر‭ ‬على‭ ‬رفع‭ ‬مستوى‭ ‬الأمن‭ ‬السيبراني‭ ‬للدولة‭. 

التعليقات مغلقة.