تحت المجهر فضح جرائم داعش بواسطة Unipath في فبراير 11, 2019 شارك Facebook Twitter رسالة عثر عليها في مخابئ داعش تفضح أنحرافهم عن الأسلام أمران لا يقبلان الجدال، الأول، انتهاء “دولة الخلافة” بكل هيكليتها ودواوينها من على وجه الأرض. والثاني أننا نعرف كان لتلك “الدولة” رجال مؤمنين بها حد الموت، ولكننا لم نكن نعرف إن من بين أولئك المؤمنين جداً، كان هناك رجال غاضبون وناقمون ليس على “الدولة”؛ فقط بل على “الخليفة” واللجنة المفوضة والشرعيين والحسبة. ففي رسالة كتبها أبي محمد الحسيني الهاشمي بتاريخ 5/7/2017 بعنوان “النصيحة الهاشمية” لأمير الدولة الإسلامية أبي بكر البغدادي، وردت جملة من الاعتراضات الشديدة على نهج “الدولة” في إدارة أمورها وأمور الناس، تلك الاعتراضات كشفت حقيقة أخرى لا تقبل الجدال أيضا، وهي استحالة إقامة دولة خلافة على منهاج النبوة من قبل أناس حديين في فهم الشريعة وتطبيقاتها. فما تراها اللجنة المفوضة قد يصبح محط اعتراض شيوخ آخرين، وكل شيخ يدعي أحقيته بالتفسير والفهم، لتشتد الخلافات وليجد شيوخ وشرعيي “الدولة” أنفسهم في ورطة حقيقية، ” فبعد أن طاردنا العالم كله بمخابراته وعيونه وجيوشه نصبح نحن معاشر طلبة العلم مطاردين في دار الإسلام!” ويبدو واضحاً إن المشكلة ليست فقط في حصول الخلاف بشأن مختلف القضايا، لكن المشكلة تكمن في كيفية إدارة تلك الخلافات ضمن منظومة فكرية تعتمد التكفير وترى في أي خلاف انحرافاً وخروجاً عن الشريعة. إن زوال “دولة الخلافة” ترك علماء وشيوخ الدواعش ومفكريها وربما أبسط مقاتل فيها أمام سؤال محير، “لماذا لم يأت نصر الله؟” وهذا سؤال كبير، تشاء الصدف أن نجد إجابات له بين سطور “النصيحة الهاشمية:” ”ما كان الله ليدعنا وهو الذي يغار على محارمه وحدوده أن تنتهك أن ندعي وراثة النبوة ثم نضيعها فلا يجعلنا آية وعبرة وعلى الأقل لأنفسنا لعلنا نرعوي أو نرجع نرتدع.” وفي مقطع آخر”كيان تؤكل فيه الحقوق ويفشو فيه الظلم وتمنع فيه الغنائم ويغصب فيه الفيء ويجوع أبناء النبي وآل بيته ولا ينالهم من سهمهم نصيب، ويستحق أهل الثغور والجهاد الزكوات والصدقات من فقرهم وفاقتهم، ويتسول أبناء المهاجرين في الطرقات ولا يعرف أبناء الأنصار حق ولا فضل، وتساوم أرامل الشهداء على أعراضهن من العوز. فأين منهاج النبوة من كل هذا؟” ليستمر الوصف لهذا الكيان المسخ “كيان تفشو فيه البدع والغلو فيسب فيه السلف ويلعن فيه العلماء ويشتم فيه الصالحون ويرمى بالكفر فيه ذوو السابقة والدعوة إلى التوحيد ولا تكاد تخبو نار بدعة إلا اشتغل أوار بدعة أشنع وأقبح. فأين منهاج النبوة من كل هذا؟ كيان تؤمن فيه الخائن، ويخون فيه الأمين، ويسجن ويكذب الصادق، ويولى ويصدق الكاذب، ويقضي الغاشم الظالم، ويجلد البريء، ويسجن المتهم الشهور الطوال بغير بينة، ويقتل فيه المظلوم بغير حجة ولا برهان، ويحارب فيه العلم وأهله، ويحذر من طلبته، ويتتبعهم نعاثل سفلة من مسلمي الثورات ما عرفوا خلقاً ولا ورعاً، ولا أحكموا علماً ولا فهماً، وما شم أحدهم رائحة التوحيد إلا بعد أن أحرق البو عزيزي نفسه! وإذا وصف طالب العلم فأقل ما يقال عنه بأنه: خطر على الدولة! فأين منهاج النبوة من كل هذا؟” هذه المقاطع لا تعكس حجم الغضب بل تعكس بؤس “دولة الخرافة” التي كان يحلو “لخليفتها وإعلامه” وصفها “خلافة على منهاج النبوة”. ولا أدري كيف سيتقبل “الخليفة” الهارب “النصيحة الهاشمية” عندما تطارده اللعنات والتهم لكل ما حصل: ”فيا حسرة على دماء مئات ألوف الشهداء التي سالت لأجل هذا البنيان، ويا ضيعة آلاف الأسر والعوائل التي هاجرت ترجو تحقيق الحلم الذي طالما تحدثوا به كالأساطير. ثم وليت أمره فأضعته ولم تقم به حق القيام، فقل لي بربك ماذا أصابك أو دهاك؟” لا بد أن الخليفة هنا يحتاج لجرعة كبيرة من المورفين، لكي يتحمل كل ذلك. وسيل الشكاوى من خروقات وصلت التشكيك بأنها ليست على منهاج النبوة بل على منهاج الخوارج، فهذا المتحدث الرسمي، أبو محمد العدناني، يدعو الله: ”اللهم إن كانت هذه الدولة دولة خوارج: فاقصم ظهرها، واقتل قادتها، وأسقط رايتها، وأهد جنودها إلى الحق فاني أرى مصداق هذا الدعاء يتحقق فينا بقدر توغل هذه البدعة. كيف وقد قال ملايين المسلمين بعد سمع دعائه: آمين.. آمين.” وهنا وجدنا استجابة سريعة من رب السموات والعرش لهذا الدعاء النبيل. التصور الأولي إن رجال العلم والمشايخ هم أول المستفيدين من دولة الخلافة، فهاجر إليها من هاجر وبايع منهم من بايع، لكن واقع الحال أظهرت شيئا آخر فقد أمتلأت سجون “دولة الخلافة” بالعلماء والشرعيين وطلبة العلم. ”فلقد صار الاستخفاف ديدن القادة والأمراء الذين وليتهم على رقابنا، وغدا حديثهم الممجوج واسطوانتهم المشروخة -الشرعيون خطر على الدولة- وقالها شيبة السوء عبد الناصر للشيخ أبي عبد البر الصالحي الكويتي وحدثني هو بها وعبد الناصر حينها أمير اللجنة المفوضة. وطالب العلم أخطر شيء على الدولة قالها أبو إسحاق العراقي لجمع من القضاة في ولاية الخير وحدثوني بها، هذا الذي وليته من بين أعضاء اللجنة المفوضة على القضاء والمظالم، فأما القضاء فأفسده وبدله وغيره. فهذه اللجنة التي وليتها علينا (يقصد اللجنة المفوضة) وهذه عباراتهم وكلماتهم، فقبحهم الله ولعنهم لعنة تدخل معهم قبورهم ثم توردهم النار وبئس القرار.” لتبدأ من أقبية تلك السجون الظلماء رحلة أخرى مع الجلد والضرب والتعليق والإهانة والسب والشتم والتحرش والقتل. ”نعم التحرش، وما قصة الأختين أم يوسف الأمريكية وربيتا الفرنسية عن آذاننا ببعيدة، يتناقل الناس أخبارهما وما فعل بهما محققو ديوان الخوف والظلم. وأما القتل فبغير وجه الحق تحت ذريعة وكذبة كبيرة صلعاء. القتل تعزيراً فأخذت من غير حقها ووضعت في غير مستحقها، وحق لها أن تسمى القتل تشهياً وغروراً وإرهاباً ورعباً وظلماً وجوراً.” ما يجعلنا نصدق أقوال أبو محمد الحسيني الهاشمي، أنه كان يكتب بدون ضغط خارجي، يخاطب الخليفة باسمه المجرد “ولست يا إبراهيم والله من سهام هؤلاء الصالحين بسالم ولا بعيد”، وهو في كل ذلك كان يجازف بحياته لأنه تجاوز أكثر من خط احمر وكشف أكثر من أمر خطير. هذا غيض من فيض والأيام ستكشف أموراً أخطر لدولة أدعت أنها على منهاج النبوة. Facebook Twitter شارك
التعليقات مغلقة.