علاج ابتكاري
أفغانيات يصنعن جهاز تنفس صناعي باستخدام أجزاء السيارات القديمة لمكافحة جائحة كورونا
أسرة يونيباث
كانت أفغانستان تعاني عندما حل بها فيروس كورونا (كوفيد- 19) من نقص في الأجهزة الطبية اللازمة لمكافحة هذا الفيروس.
إلّا أنَّ أفغانستان تمكّنت بفضل عبقرية خمس فتيات من مدينة هرات الواقعة شمالي البلاد من تصنيع جهاز تنفس صناعي زهيد التكلفة من أجزاء السيارات التي يسهل الحصول عليها في أرجاء البلاد.
لجأت تلك الفتيات اللائي تتراوح أعمارهن من 14 حتى 17 عاماً إلى الإنترنت للبحث عن حل لتصنيع أجهزة التنفس الصناعي التي يتعذر الحصول عليها، وصممن جهازاً لضخ الهواء يعمل بمحرك ممسحة الزجاج الأمامي لسيارات «تويوتا كورولا» الخارجة عن الخدمة (السكراب).
وتقول رائدة الأعمال رويا محبوب، مؤسسة برنامج يُسمّى «أفغان دريمرز» الذي جمع الفتيات المهندسات معاً: “تكمن الفكرة في هذه الأجهزة في أنَّنا نستخدمها في حالات الطوارئ عندما لا توجد أجهزة تنفس صناعي احترافية؛ إذ لا يوجد لدينا في أفغانستان أعداد كافية من أجهزة التنفس الصناعي، ويمكننا استخدام هذه الأجهزة في حال عدم توفر أجهزة احترافية.”
ويتم اختيار أعضاء فريق «دريمرز» بناءً على اختبارات القبول بالثانوية العامة، وشكلت الطالبات الأوليات «فريق الأفغانيات لتصميم الروبوتات»، ويعمل فريق آخر على تصميم جهاز يساعد المزارعين على جمع الزعفران، ويعمل آخر على تصميم طائرات مسيّرة وروبوتات لمساعدة عمّال المناجم.
وكانت أفغانستان سجّلت الإصابات الأولى بفيروس كورونا في مدينة هرات في شباط/فبراير 2020، وتقدمت السلطات بطلب لتوفير المزيد من أجهزة التنفس الصناعي؛ وكان الأطباء يستخدمون أكياساً قابلة للنفخ تعمل يدوياً من النوعية التي يستخدمها المسعفون لدفع الهواء داخل رئات المرضى في حالات الطوارئ، إلّا أنَّ الأجهزة اللازمة لضخ الهواء آلياً كانت صعبة المنال.
ومن ثمّ لبت كلٌ من سمية فاروقي وديانا وهب زاده وفوليرنيس بويا وإلهام منصوري وناهد رحيمي النداء لتصميم نموذج أولي آلي زهيد التكلفة ويمكن إنتاجه بسرعة؛ ويمكن أنْ تبلغ تكلفة جهاز التنفس الصناعي من الفئة الاحترافية نحو 50,000 دولار، إلّا أنَّ النسخة الأفغانية ستكلِّف نحو 500 دولار فحسب.
وقد توصّل فريق الفتيات لتصنيع الروبوتات إلى تصميم نشره معهد ماساتشيوسيتس للتكنولوجيا بالولايات المتحدة يتطلب توصيل محرك إلكتروني زهيد التكلفة بالكيس الذي يعمل يدوياً؛ ومن هذا المنطلق، توصلت الشابات الأفغانيات إلى أنَّ محركات ممسحة الزجاج الأمامي لسيارات معينة يمكن أنْ تؤدي هذا الغرض.
فقد كان على فريق الفتيات في ظل الحظر الصحي في هرات أن يبحثن عن أجزاء السيارات المستعملة في سائر المصادر التي تتوفر بها؛ فتقول الشابة سمية الفاروقي، قائدة الفريق: “نعتمد في معظم المواد التي نستخدمها في الواقع على أجزاء من سيارات «تويوتا كورولا».”
ولمّا كانت سيارات «تويوتا كورولا» من السيارات المنتشرة في أفغانستان، فينبغي أن يتيسر نسبياً إعادة إنتاج أجهزة التنفس الصناعي، وما يزال التصميم بحاجة إلى اعتماده من وزارة الصحة الأفغانية قبل استخدامه في أرجاء البلاد.
وتجدر الإشارة إلى أن فريق «أفغان دريمرز» قد تأسس بهدف نشر العلم وسط الفتيات الأفغانيات اللائي جرى العرف على حرمانهن من التعليم مقارنة بالذكور؛ وفي عام 2017 حضر فريق سابق لتصميم الروبوتات مسابقة دولية في واشنطن حيث أشاد الجميع بشجاعة أعضاء الفريق، وقد رفضت السلطات في البداية إعطاءهن تأشيرة لزيارة الولايات المتحدة، لكنها سمحت لهن بدخول البلاد بعدما تدخل الرئيس دونالد ترامب لصالحهن.
بيد أنَّ أعضاء فريق «دريمرز» ما كن يتخيلن أنَّ جائحة فيروس كورونا التي اجتاحت العالم عام 2020 كانت لتحدث حالة طوارئ وطنية تتطلب الاستعانة بمهارتهن؛ إذ أصاب المرض آلاف الأفغانيين ولم يكن لدى أفغانستان إلّا 400 جهاز تنفس صناعي في حين يبلغ تعدادها نحو 40 مليون نسمة.
وقالت سمية عن النموذج الأولي لجهاز التنفس الصناعي لفريقها: “سوف أشعر بالسعادة حتى وإنْ أنقذ حياة مريض واحد فقط.”
التعليقات مغلقة.