رسالة قائد مهم

أتقدم بالامتنان‭ ‬الكبير‭ ‬لأصدقائنا‭ ‬في‭ ‬القيادة‭ ‬المركزية‭ ‬لدعوتهم‭ ‬الكريمة‭ ‬لي‭ ‬بتقديم‭ ‬هذا‭ ‬العدد‭ ‬من‭ ‬مجلة‭ ‬يونيباث‭ ‬والذي‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬بداية‭ ‬وسقوط‭ ‬داعش‭ ‬في‭ ‬العراق‭. ‬لي‭ ‬الشرف‭ ‬ان‭ ‬أكون‭ ‬قائد‭ ‬القوات‭ ‬المشتركة‭ ‬لمحاربة‭ ‬داعش‭ ‬منذ‭ ‬2014‭ ‬وحتى‭ ‬نهاية‭ ‬2016‭ ‬أي‭ ‬اثناء‭ ‬شراسة‭ ‬المعارك‭ ‬وسيطرة‭ ‬عصابات‭ ‬داعش‭ ‬على‭ ‬الموصل‭ ‬والأنبار‭ ‬ومناطق‭ ‬حزام‭ ‬بغداد‭. ‬

أثناء‭ ‬تلك‭ ‬المرحلة‭ ‬الحرجة،‭ ‬كنا‭ ‬نعمل‭ ‬مع‭ ‬شركائنا‭ ‬في‭ ‬قوات‭ ‬التحالف‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬الساعة‭ ‬لإعادة‭ ‬بناء‭ ‬الجيش‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬مهنية‭ ‬ووضع‭ ‬الخطط‭ ‬لتحرير‭ ‬المدن‭ ‬ومقاتلة‭ ‬عصابات‭ ‬داعش‭ ‬في‭ ‬محيط‭ ‬العاصمة‭. ‬واستطعنا‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬قصيرة‭ ‬تطهير‭ ‬مناطق‭ ‬حزام‭ ‬بغداد‭ ‬وبدأنا‭ ‬عمليات‭ ‬تحرير‭ ‬صلاح‭ ‬الدين‭ ‬والرمادي‭ ‬والفلوجة‭ ‬من‭ ‬رجس‭ ‬الإرهاب،‭ ‬ووضعنا‭ ‬خطة‭ ‬محكمة‭ ‬لتحرير‭ ‬الموصل‭. ‬

لم‭ ‬نركز‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬تدمير‭ ‬القدرات‭ ‬العسكرية‭ ‬لداعش‭ ‬بل‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬أرواح‭ ‬المواطنين‭ ‬وأحترام‭ ‬حقوق‭ ‬الأنسان‭. ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬كنا‭ ‬نٌعرّض‭ ‬انفسنا‭ ‬للخطر‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬سلامة‭ ‬المدنيين‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬عملية‭ ‬التحرير‭ ‬بطيئة‭ ‬ومعقدة،‭ ‬والحمد‭ ‬لله‭ ‬تمكنا‭ ‬من‭ ‬تحرير‭ ‬الفلوجة‭ ‬والموصل‭ ‬بأقل‭ ‬الخسائر‭ ‬في‭ ‬الأرواح‭ ‬والبنى‭ ‬التحتية‭. ‬

لقد‭ ‬خرج‭ ‬العراق‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المعركة‭ ‬المصيرية‭ ‬منتصرا‭ ‬وقوياً،‭ ‬وهزم‭ ‬كل‭ ‬مخططات‭ ‬العدو‭ ‬في‭ ‬تمزيق‭ ‬الوحدة‭ ‬الوطنية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إشعال‭ ‬فتيل‭ ‬الحرب‭ ‬الطائفية‭ ‬بين‭ ‬مكوناته‭ ‬الأثنية‭ ‬والعرقية‭. ‬و‭ ‬تحطمت‭ ‬احلامهم‭ ‬المريضة‭ ‬على‭ ‬جدار‭ ‬الوحدة‭ ‬والتعايش‭ ‬السلمي‭ ‬الذي‭ ‬وجد‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭ ‬منذ‭ ‬الأزل‭.‬

فتحية‭ ‬إكبارا‭ ‬وإجلال‭ ‬لرجالنا‭ ‬الأبطال‭ ‬في‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬العراقية‭ ‬ورجال‭ ‬العشائر‭ ‬العربية‭ ‬الأصيلة‭ ‬الذين‭ ‬قاتلوا‭ ‬قتالا‭ ‬شرسا‭ ‬لتحرير‭ ‬أرض‭ ‬العراق‭ ‬من‭ ‬رجس‭ ‬الإرهاب‭ ‬وضحوا‭ ‬بأنفسهم‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬سلامة‭ ‬الأبرياء‭ ‬المحاصرين‭ ‬داخل‭ ‬المدن‭. ‬وتحية‭ ‬حب‭ ‬واعتزاز‭ ‬لأبناء‭ ‬شعبنا‭ ‬الأبي‭ ‬الذي‭ ‬رفض‭ ‬كل‭ ‬اشكال‭ ‬الإرهاب‭ ‬وآمن‭ ‬بأن‭ ‬العراق‭ ‬سينتصر‭ ‬بأطيافه‭ ‬ومكوناته‭. ‬لقد‭ ‬وقف‭ ‬العالم‭ ‬باحترام‭ ‬أمام‭ ‬تضحياتكم‭ ‬وبطولاتكم‭ ‬اللامتناهية،‭ ‬فبوركتم‭ ‬من‭ ‬رجال‭ ‬حملوا‭ ‬شرف‭ ‬المهنة‭ ‬وأدوا‭ ‬الأمانة‭. ‬

بعد‭ ‬هذا‭ ‬النصر‭ ‬العسكري‭ ‬الساحق‭ ‬على‭ ‬عصابات‭ ‬داعش‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬نحن‭ ‬امام‭ ‬تحدي‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬عدم‭ ‬السماح‭ ‬لظهورهم‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬تحت‭ ‬مسميات‭ ‬جديدة‭. ‬لقد‭ ‬ترك‭ ‬داعش‭ ‬ملايين‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬الذين‭ ‬تعرضوا‭ ‬لغسيل‭ ‬دماغ‭ ‬ممنهج‭ ‬وعاشوا‭ ‬رعب‭ ‬مهرجانات‭ ‬قطع‭ ‬الرؤوس‭ ‬ودمار‭ ‬العجلات‭ ‬المفخخة‭ ‬وهول‭ ‬الإعدامات‭ ‬الجماعية‭. ‬بين‭ ‬هؤلاء‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬والمراهقين‭. ‬لذلك‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬الأهتمام‭ ‬بهذه‭ ‬الشريحة‭ ‬وتقديم‭ ‬المساعدة‭ ‬لها‭ ‬والتأكد‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬دوافع‭ ‬التطرف‭ ‬وعدم‭ ‬وجود‭ ‬خلايا‭ ‬نائمة‭ ‬بينهم‭. ‬وفي‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬يجب‭ ‬علينا‭ ‬محاسبة‭ ‬من‭ ‬يحرض‭ ‬على‭ ‬العنف‭ ‬والتطرف‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬الخطابات‭ ‬السياسية‭ ‬او‭ ‬المساجد‭ ‬والمؤسسات‭ ‬التربوية‭ ‬لأن‭ ‬هذا‭ ‬الخطاب‭ ‬له‭ ‬تأثير‭ ‬مباشر‭ ‬على‭ ‬الشارع‭. ‬

أن‭ ‬حل‭ ‬مشكلة‭ ‬الأرهاب‭ ‬معقدة‭ ‬وشائكة‭ ‬ولاتقتصر‭ ‬على‭ ‬الجانب‭ ‬العسكري‭ ‬فحسب‭. ‬فجذور‭ ‬داعش‭ ‬تعود‭ ‬لبقايا‭ ‬عصابات‭ ‬القاعدة‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬مطاردين‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬القوات‭ ‬الأمنية‭ ‬او‭ ‬كانوا‭ ‬في‭ ‬مراكز‭ ‬الأعتقال‭. ‬هؤلاء‭ ‬وجدوا‭ ‬لهم‭ ‬ملاذا‭ ‬آمنا‭ ‬في‭ ‬سورية‭ ‬حيث‭ ‬بدأوا‭ ‬حملة‭ ‬كبيرة‭ ‬على‭ ‬صفحات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وفي‭ ‬خطب‭ ‬الجمعة‭ ‬لخداع‭ ‬الشباب‭ ‬بفكرة‭ “‬الخلافة‭.” ‬لقد‭ ‬حذرنا‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مناسبة‭ ‬من‭ ‬مخاطر‭ ‬النشاطات‭ ‬الإرهابية‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬الصراعات‭. ‬لذلك‭ ‬يجب‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نعمل‭ ‬كفريق‭ ‬واحد‭ ‬مع‭ ‬جميع‭ ‬القوات‭ ‬الشقيقة‭ ‬والصديقة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬عدم‭ ‬السماح‭ ‬للمجاميع‭ ‬الإرهابية‭ ‬من‭ ‬إيجاد‭ ‬بيئة‭ ‬خصبة‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬عيون‭ ‬السلطة‭. ‬

نحن‭ ‬في‭ ‬جهاز‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب،‭ ‬بدأنا‭ ‬العمل‭ ‬الدؤوب‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬هيكلة‭ ‬الجهاز‭ ‬لنقوم‭ ‬بالمهام‭ ‬المناطة‭ ‬بنا،‭ ‬فمنذ‭ ‬عام‭ ‬2014‭ ‬ونحن‭ ‬نقاتل‭ ‬ونمسك‭ ‬الأرض‭ ‬ونحرر‭ ‬المدن‭ ‬كقوة‭ ‬عسكرية‭ ‬نظامية‭. ‬لكن‭ ‬واجبات‭ ‬جهاز‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬تركز‭ ‬على‭ ‬تعقب‭ ‬وتفكيك‭ ‬الشبكات‭ ‬الإرهابية‭ ‬ومتابعة‭ ‬المروجين‭ ‬والممولين‭ ‬وقيادات‭ ‬الصف‭ ‬الأول‭. ‬وهذه‭ ‬المهمة‭ ‬لا‭ ‬تقتصر‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬المحلي‭ ‬بل‭ ‬نعمل‭ ‬مع‭ ‬أشقائنا‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭ ‬وشركائنا‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬التحالف‭ ‬بتبادل‭ ‬المعلومات‭ ‬الاستخبارية‭ ‬وملاحقة‭ ‬الشبكات‭ ‬الإرهابية‭. ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬الهجينة‭ ‬التي‭ ‬ليس‭ ‬لها‭ ‬مكان‭ ‬او‭ ‬زمان‭ ‬والمترامية‭ ‬الأطراف،‭ ‬تتطلب‭ ‬قوة‭ ‬غير‭ ‬تقليدية‭ ‬لتعقب‭ ‬خيوطها،‭ ‬فشبكة‭ ‬داعش‭ ‬لها‭ ‬خيوط‭ ‬عالمية،‭ ‬ولابد‭ ‬من‭ ‬التعاون‭ ‬الدولي‭ ‬لتفكيكها‭. ‬

أن‭ ‬مخاطر‭ ‬التنظيمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬جعلت‭ ‬الجيوش‭ ‬تتبنى‭ ‬تكتيكات‭ ‬جديدة‭ ‬غير‭ ‬تقليدية‭ ‬لمواجهة‭ ‬هذه‭ ‬التهديدات‭. ‬فالعصابات‭ ‬الإرهابية‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬سرعة‭ ‬المناورة‭ ‬والتسليح‭ ‬الخفيف‭ ‬والمتوسط‭ ‬والاختباء‭ ‬بين‭ ‬السكان‭ ‬بهدف‭ ‬استنزاف‭ ‬القوة‭ ‬العسكرية‭. ‬لذلك‭ ‬ركزنا‭ ‬على‭ ‬بناء‭ ‬قوة‭ ‬غير‭ ‬تقليدية‭ ‬وبتسليح‭ ‬خفيف‭ ‬وتقنيات‭ ‬حديثة‭ ‬يمكنها‭ ‬محاربة‭ ‬العصابات‭ ‬الإرهابية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الظروف‭ ‬وتمتلك‭ ‬مرونة‭ ‬وسرعة‭ ‬الحركة‭ ‬للوصول‭ ‬لأي‭ ‬هدف‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬ساعة‭. ‬ونعمل‭ ‬باستمرار‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬قدراتنا‭ ‬الفنية‭ ‬والتكتيكية‭ ‬والمشاركة‭ ‬بالتمارين‭ ‬الدولية‭ ‬مع‭ ‬الأصدقاء‭ ‬وتبادل‭ ‬الخبرات‭ ‬ذات‭ ‬المنفعة‭ ‬المشتركة‭.‬

وفي‭ ‬الختام،‭ ‬أود‭ ‬أن‭ ‬أتقدم‭ ‬بالشكر‭ ‬والامتنان‭ ‬لأصدقائنا‭ ‬وشركائنا‭ ‬في‭ ‬التحالف‭ ‬الدولي‭ ‬الذين‭ ‬لعبوا‭ ‬دورا‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬التدريب‭ ‬وتقديم‭ ‬الأسناد‭ ‬الجوي‭ ‬والدعم‭ ‬اللوجستي‭ ‬لقواتنا‭ ‬المسلحة‭ ‬أثناء‭ ‬معارك‭ ‬التحرير‭. ‬فالدعم‭ ‬الجوي‭ ‬وتبادل‭ ‬المعلومات‭ ‬الاستخبارية‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬الأثر‭ ‬بالحفاظ‭ ‬على‭ ‬سلامة‭ ‬أرواح‭ ‬وممتلكات‭ ‬المواطنين‭ ‬وتحرير‭ ‬المدن‭ ‬بأقل‭ ‬الخسائر‭ ‬الممكنة‭. ‬لقد‭ ‬عملوا‭ ‬معنا‭ ‬بكل‭ ‬إخلاص‭ ‬كفريق‭ ‬واحد‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬غرف‭ ‬العمليات‭ ‬او‭ ‬في‭ ‬ساحات‭ ‬التدريب‭. ‬وكانت‭ ‬ثمار‭ ‬هذه‭ ‬الشراكة‭ ‬شاخصة‭ ‬لدى‭ ‬الجميع‭. ‬

الفريق‭ ‬أول‭ ‬الركن‭ ‬طالب‭ ‬شغاتي‭ ‬الكناني

رئيس‭ ‬جهاز‭ ‬مكافحة‭ ‬الأرهاب‭ ‬العراقي

التعليقات مغلقة.