تحت المجهر دور الاستخبارات في مكافحة الإرهاب بواسطة Unipath في أبريل 21, 2020 شارك Facebook Twitter اللواء الركن أحمد محسن سالم اليافعي رئيس هيئة الاستخبارات والاستطلاع العسكري بما أن الحرب على الإرهاب هي حرب غير تقليدية، إذ يتمترس العدو بين المدنيين ولا يميز نفسه بزي موحد أو عجلات أو تجهيزات معدة للاستعمال العسكري، لذا يصبح الجهد الاستخباري أحد العوامل الحاسمة في مكافحة الإرهاب. ولا ينبغي الإكتفاء باتباع الأساليب العسكرية التقليدية في مكافحة الإرهاب. وإذا كانت أي دولة ابتليت بآفة الإرهاب كما ابتليت اليمن وتريد أن تدافع عن أمنها اليوم، ينبغي عليها أن تعول على الجهد الاستخباري، وليس على العمليات العسكرية فحسب. ذلك أن ما من سلاح يفوق سلاح جمع المعلومات لتفكيك خلايا الشبكات الإرهابية، وللحيلولة دون هجماتها. وتختلف الدول التي تكافح الإرهاب في أساليبها، فاليمن مثلاً تعمل أحياناً على تعقب مجموعات صغيرة وغير مرتبطة مع بعضها البعض في تنظيم أشبه بما يطلق عليه “التنظيم الخيطي”، إضافة لتعقيبها لعدد من الأفراد الذين يبرعون في إخفاء هوياتهم ولايظهرون للسطح إلا لمدة قصيرة لا تتجاوز الوقت الذي ينفذون فيه عملياتهم وهجماتهم الإرهابية. ويرى بعض الخبراء في مجال مكافحة الإرهاب أن حشر وحدات الجيش والصنوف الرئيسية الأخرى (البحرية والجوية والمشاة وغيرها من الصنوف العسكرية) في حرب شبه يومية ومستمرة ضد الإرهاب، لن يكون استراتيجية ناجحة ولا عملية في مواجهة الإرهاب وشل حركته وقدراته سواء كان ذلك في الداخل أم في الخارج. ويسهل الجهد الاستخباري على القوات الأمنية تحديد هوية الأفراد المشاركين في التخطيط والتنفيذ للعمليات الإرهابية من خلال توفير وتحديث قاعدة بيانات عن معلوماتهم التعريفية وانتماءاتهم ونشاطاتهم السابقة، وتعتمد عليها السلطات في جمع أدلة الإدانة ومطابقة بصماتهم مع تلك التي تخلفها الهجمات أوالهجمات المجهضة. ويمكن القول أيضاً أن من بين وظائف الاستخبارات الأساسية هي القيام بعمليات الانذار المبكر، والكشف عن الإرهابيين والعملاء وضبطهم، وتحديد الفاعل الحقيقي أو الجهة المسؤولة، والجهات الممولة والمساعِدة. كما أسلفنا فالجيوش وحدها،مهما كانت سطوتها، غير قادرة على هزيمة الإرهاب، ولنأخذ على سبيل المثال دولة كالولايات المتحدة الأمريكية فهي قادرة على كسب أي حرب في ميادين القتال التقليدي، غير أن الحرب على الإرهاب شيء مختلف تماماً ولا يمكنها هزيمته لولا دعم جميع الصنوف الأمنية، وخصوصاً صنف الاستخبارات. ذلك لكون التحدي الرئيسي في هكذا مواجهة يتمثل في خوض القتال ضد عدو لا شكل له، وليس له مايميزه عن أي من السكان المدنيين، ويقاتلك في ميدان لا تحده حدود معلومة. عجلات مدرعة للقوات الحكومية تؤمن ميناء المكلا. وكالة الأنباء الفرنسية/جيتي اميدجز إن جمع وتحليل المعلومات الصحيحة والدقيقة كفيلٌ بمنع وقوع الهجمات ومكافحة الإرهاب بهدوء ودون ضجة تثير الفزع بين المواطنين أو تشل أعمالهم. يتأقلم الارهابيون مع محيطهم ويتبعون أساليب تتلائم مع قوة وأساليب قتال قوى الأمن الحكومية، فتارة يظهرون للعلن ويحتلون المدن كما فعلت داعش في العراق وأماكن أخرى في آسيا وأفريقيا، وتارة يتبعون أسلوب الحرب الهجينة، وإن عجزوا يعودون إلى أسلوبهم المفضل وهو حرب العصابات في عمليات كر وفر واختفاء يهدفون من ورائها إلى استنزاف مصادر القوى الأمنية الحكومية والتأثير على معنويات أفرادها. وبناءً على ما تقدم، لامناص لأي قوى أمنية حكومية تكافح الإرهاب من تطوير مؤسسات استخباراتية رصينة تعتمد الاثنين: العامل البشري والعامل التقني؛ إذ لا يكفي أحدهما دون الآخر لانجاز المهمة، فالأجهزة لا تعمل بدون الانسان، وجمع وتحليل المعلومات يتطلب الاعتماد على أجهزة وبرامج. في أحايين كثيرة، لا يستخدم الإرهابيون الأجهزة الحديثة في مخاطباتهم كي يتفادوا التنصت عليها وكشفهم فيما بعد، ويختفون بين السكان بعيداً عن أعين السلطة وليس لهم مقرات أو ثكنات مميزة فهم يعيشون بيننا، وفي العلن يمارسون أعمالاً مدنية كالتي نمارس. في هذه الحالة تحتاج قوى الأمن إلى من يدلها عليهم، إلى من يشخصهم، إلى من يعرف نشاطاتهم الخفية، إلى من يجمع المعلومات عن أماكن تواجدهم، عن أفعالهم، عن خططهم، عن اتصالاتهم، وهنا يأتي دور عنصر الاستخبارات. إذن فالعملية الاستخبارية يجب أن تسبق العملية العسكرية لأنها ستوفر كل ما تحتاجه القوى الأمنية من معلومات للقضاء على الخلايا الإرهابية، وفي نفس الوقت توفر الغطاء القانوني والشرعي لقوى الأمن من خلال الأدلة التي توفرها لاستحصال الموافقات القانونية التي تفرضها قوانين الدول الديمقراطية. وفيما يخص هيئة الاستخبارات والاستطلاع في اليمن، يتوقع الشعب منها قيامها بأعمالها في كل الأوقات والأماكن والظروف (في السلم والحرب). وتزداد أعمالها في فترة الحرب، كونها المسؤولة عن ضمان تحركات القوات المسلحة وصمام أمانها والمدافعة عنها من أي اختراقات معادية، والأكثر صوناً لها من أي تسرب للمعلومات والحفاظ على سريتها. وتعتبر الهيئة بفرعها الاستطلاعي خير دليل لمسير القوات وتسهيل مرورها من خلال استطلاع الطرقات والتضاريس التي ستمر فيها أرتال القوات المسلحة، وفي نفس الوقت معرفة نوايا العدو من خلال زرع المصادر في عمق مناطق العدو، وإيجاد أحداثيات مواقع مراكز قيادة العدو وخطوط الإمداد، ومعرفة كل ما يتعلق بالعدو من معلومات تسهل مهمة القوات الصديقة في كيفية التعامل مع العدو وهزيمته. تشكلت هيئة الاستخبارات والاستطلاع اليمنية بعد قرار هيكلة الجيش، والتي أقرها فخامة المشير الركن/ عبد ربه منصور هادي القائد الأعلى للقوات المسلحة رئيس الجمهورية بعد توليه السلطة في عام 2012م، حيث تم اعتماد هيئة الاستخبارات والاستطلاع بدوائرها الاستخبارية الثلاث، وثم مديريتين تخصصية (بحرية وجوية) وذلك في العام 2014م في العاصمة صنعاء. ونتيجة لما تعرضت له المؤسسات العسكرية والمدنية من دمار في 2015م، بسبب تمرد المليشيات الحوثية المدعومة من إيران والمتحالفة آنداك مع الرئيس السابق علي عبد الله صالح عندما اجتيحت العاصمة صنعاء وعدد من محافظات الجمهورية من قبل تلك العناصر الخارجة عن القانون، تم نقل مقرات هيئات ومؤسسات الدولة إلى خارج العاصمة صنعاء، ومنها هيئة الاستخبارات والاستطلاع، لتستأنف عملها من خلال المشاركة مع التحالف العربي لدحر المليشيات الحوثية، وساهمت هذه المشاركة في استعادة أكثر من 80% من مساحة اليمن من سيطرة الحوثيين بعد ما تم إنشاء نواة هيئة الاستخبارات والاستطلاع في العاصمة المؤقتة عدن وفرعها في محافظة مأرب. وبدأت الهيئة في العاصمة المؤقتة عدن بتنفيذ المهام والأنشطة الملقاة على عاتقها بمهنية وكفاءة عاليتين، ودون كلل أو ملل، وبما تتطلبه المرحلة الراهنة لمواجهة التحديات رغم محدودية الإمكانيات نظراً لما تمر به البلاد من ظرف استثنائي، مستفيدين من عدد كبير من كوادرنا المؤهلة والقادرة على العطاء. يتم العمل عبر التواصل والتبادل المعلوماتي مع دوائر الهيئة وشُعَبها في جميع محافظات الجمهورية. عملت الهيئة في فترة الحرب وأدت واجبها على أكمل وجه ممثلة بقيادتها وضباطها وكل منتسبي دوائرها ولم تأل جهداً في توفير المعلومات، وتحديد مواقع ونوايا العدو وايصالها إلى عمليات التحالف حيث كنا نتلقى البلاغات والمعلومات بصورة مستمرة من قبل ضباط الهيئة ومنتسبي الشُعَب في عموم أنحاء الجمهورية، فضلاً عن إيجاد المصادر وربطها بالجهات المسؤولة في مدينة عدن الصامدة والقيادة المتقدمة لوزارة الدفاع والجهات الأمنية الاخرى في العاصمة. كما سعت الهيئة إلى المحافظة على تواصل مستمر مع قوات التحالف وتبادل للمعلومات التي من شأنها حماية أمن العاصمة المؤقتة عدن والمناطق المحررة من الاختلالات الأمنية والأعمال المعادية والارهابية. مسؤولون عسكريون يحضرون مؤتمر مدراء الاستخبارات العسكرية للشرق الأوسط الذي استضافته القيادة المركزية الأمريكية عام 2019. القيادة المركزية الأمريكية إضافة الى عملنا الاستخباري الدؤوب والذي نعتبره متواضعاً إذا ما قورن بما قدمه شعبنا من تضحيات، يهدف عملنا إلى إعادة أمن البلاد وإعادة تأهيل وبناء جيش قوي، فنحن دائماً على استعداد تام للتعاون مع كل الأجهزة الامنية الاخرى بكل مانستطيع لخدمة بلادنا من خلال احباط مخططات العدو وقوى الشر والإرهاب، إذ شاركت هيئة الاستخبارات والاستطلاع بإعداد الخطط الأمنية والبحث والتحري والمشاركة في مواجهة تنظيمي القاعدة وداعش، اللذين زادا من نشاطهما في فترة ما بعد التحرير في العام 2016م، وساهمنا مساهمة فعالة في القضاء على، أو طرد الكثير من مقاتلي المنظمتين الإرهابيتين. ومؤخراً شاركت قيادة هيئة الاستخبارات والاستطلاع في أعمال المؤتمر الاول لرؤساء ومدراء الاستخبارات في تامبا، ولاية فلوريدا والذي رعته القيادة المركزية الأمريكية، وكان له الأثر الإيجابي الكبير في التقارب وعقد اللقاءات مع عدد كبير من رؤساء ومدراء الاستخبارات لدول الشرق الأوسط والولايات المتحدة الامريكية، إذ وفر فرصة عظيمة لتبادل وجهات النظر وتعزيز وسائل التواصل بين قيادات الاستخبارات في كل البلدان المشاركة مما وفر عناء وتكاليف السفر إلى كل دولة على حدة لتنسيق الجهود الاستخبارية والاستفادة من تجاربها، خاصة وأن اليمن لا زالت تعاني من آثار الحرب والدمار، وتالياً قلة الإمكانيات. كما تم مقابلة عدد من مدراء الأجهزة الاستخبارية الأمريكية وشرح الوضع في اليمن وما آلت إليه الاوضاع التي سببتها المليشيات المتمردة والمدعومة من إيران، ومناقشة وضع الخطط للتعاون فيما بيننا للقضاء على هذا التمرد وإنهائه وعودة الشرعية، واستئناف المساعدات التي كانت تقدم للجيش اليمني قبل الحرب، التعاون الذي بدأت تظهر ثماره من خلال تكثيف اللقاءات مع الأصدقاء الأمريكان. وتعكف قيادة هيئة الاستخبارات والاستطلاع حالياً على إعادة تنظيم وتنسيق ما تبقى من هيكل هيئة الاستخبارات والاستطلاع، وبما يتناسب مع متطلبات المرحلة الحالية والقادمة وما تمر به البلاد وتعانيه من جراء الحرب المدمرة التي تقوم بها إيران عبر أذرعها في المنطقة ممثلة بالحركة الحوثية. Facebook Twitter شارك
التعليقات مغلقة.