داعش يغير استراتيجيته

الهجمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬بأسلوب‭ ‬حرب‭ ‬العصابات‭ ‬على‭ ‬الأهداف‭ ‬السهلة‭ ‬تناسب‭ ‬التنظيم‭ ‬لتعويض‭ ‬قلّة‭ ‬أعداده‭ ‬ونضوب‭ ‬موارده

عصام‭ ‬عباس‭ ‬أمين،‭ ‬المديرية‭ ‬العامة‭ ‬للاستخبارات‭ ‬والأمن‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬العراقية
ستساهم المتابعة‭ ‬الدقيقة‭ ‬لإعلام‭ ‬داعش‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬فهمنا‭ ‬لهذا‭ ‬العدو‭ ‬الذي‭ ‬أوغل‭ ‬في‭ ‬سفك‭ ‬الدماء‭ ‬منذ‭ ‬لحظة‭ ‬تكوينه،‭ ‬ويستخدم‭ ‬داعش‭ ‬الفضاء‭ ‬السيبراني‭ ‬في‭ ‬الترويج‭ ‬لفكره،‭ ‬وللتجنيد‭ ‬والتمويل‭ ‬وشن‭ ‬الحرب‭ ‬النفسية،‭ ‬ولتوثيق‭ ‬أعماله‭ ‬وأرشفتها‭ ‬وتسجيلها؛‭ ‬فأرشيف‭ ‬داعش‭ ‬الإعلامي‭ ‬يشكّل‭ ‬رصيداً‭ ‬وذخيرة‭ ‬حية‭ ‬للدواعش،‭ ‬طالما‭ ‬كان‭ ‬الوصول‭ ‬إليه‭ ‬لا‭ ‬يستغرق‭ ‬سوى‭ ‬ضغطة‭ ‬زر‭.‬
نريد‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬دراسة‭ ‬المحتوى‭ ‬الإعلامي‭ ‬لداعش‭ ‬التساؤل‭ ‬عما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬داعش‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يشكل‭ ‬تحدياً‭ ‬أمنياً؛‭ ‬وأعتقد‭ ‬أن‭ ‬الإجابة‭ ‬واضحة‭ ‬وقاطعة‭: ‬يخطط‭ ‬داعش‭ ‬لتعويض‭ ‬خسائره‭ ‬العسكرية‭ ‬الكارثية‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬مثل‭ ‬الموصل‭ ‬والرقة‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الانخراط‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬العصابات‭ ‬والهجمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬مبدأ‭ ‬الكر‭ ‬والفر‭.‬
من‭ ‬خلال‭ ‬ملاحظة‭ ‬أعمال‭ ‬داعش‭ ‬بعد‭ ‬هزيمته‭ ‬في‭ ‬الموصل،‭ ‬يجب‭ ‬علينا‭ ‬تحديد‭ ‬طبيعة‭ ‬العمليات‭ ‬الحالية‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬الواقعة‭ ‬في‭ ‬أطراف‭ ‬الأنبار‭ ‬وبغداد‭ ‬وديالى‭ ‬وكركوك‭ ‬ونينوى‭ ‬وصلاح‭ ‬الدين؛‭ ‬ذلك‭ ‬إن‭ ‬المفتاح‭ ‬لكسب‭ ‬هذه‭ ‬الحروب‭ ‬وتوفير‭ ‬الأمن‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬معرفة‭ ‬طبيعة‭ ‬هذه‭ ‬الحروب‭ ‬والوقوف‭ ‬على‭ ‬التغيرات‭ ‬التي‭ ‬يشهدها‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬حولنا‭.‬
التحليل‭ ‬النفسي‭ ‬لداعش
كباحث‭ ‬متخصص‭ ‬بإعلام‭ ‬داعش‭ ‬كان‭ ‬الاهتمام‭ ‬الأول‭ ‬لدينا‭ ‬بعد‭ ‬هزيمة‭ ‬داعش‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬مراقبة‭ ‬سلوك‭ ‬قادة‭ ‬التنظيم‭ ‬ومفكريه‭ ‬للتعرف‭ ‬على‭ ‬كيفية‭ ‬تعاملهم‭ ‬مع‭ ‬ضياع‭ ‬سلطتهم‭ ‬ومكانتهم‭ ‬على‭ ‬أيدي‭ ‬القوات‭ ‬العراقية؛‭ ‬فالثابت‭ ‬أن‭ ‬الهزيمة‭ ‬العسكرية‭ ‬تعني‭ ‬هزيمة‭ ‬العقيدة‭ ‬العسكرية‭ ‬وهزيمة‭ ‬العقيدة‭ ‬العسكرية‭ ‬تعني‭ ‬وجود‭ ‬خلل‭ ‬في‭ ‬العقيدة‭ ‬الفكرية،‭ ‬فالعقيدة‭ ‬العسكرية‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬تُكتب‭ ‬في‭ ‬السلم‭ ‬لكنها‭ ‬تُختبر‭ ‬في‭ ‬الحرب‭.‬
وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بداعش،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬جلياً‭ ‬إن‭ ‬إحدى‭ ‬أهم‭ ‬طرق‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الهزيمة‭ ‬العسكرية‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬الإنكار،‭ ‬وتذهب‭ ‬مدرسة‭ ‬التحليل‭ ‬النفسي‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الإنكار‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬السلوك‭ ‬الملحوظ‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الفرد،‭ ‬ولكن‭ ‬يمكن‭ ‬استخدامه‭ ‬أيضاً‭ ‬لتحليل‭ ‬رد‭ ‬الفعل‭ ‬الفكري‭ ‬لأي‭ ‬تنظيم‭ ‬أيديولوجي‭.‬
فقد‭ ‬كانت‭ ‬أدبيات‭ ‬التنظيم‭ ‬تروج‭ ‬للنصر‭ ‬قبل‭ ‬بدء‭ ‬معارك‭ ‬التحرير،‭ ‬لكنها‭ ‬تحولت‭ ‬للحديث‭ ‬عن‭ ‬الصبر‭ ‬على‭ ‬الابتلاء‭ ‬والإيمان‭ ‬بالحكمة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يعلمها‭ ‬إلا‭ ‬الله؛‭ ‬وقد‭ ‬أكّد‭ ‬أبو‭ ‬بكر‭ ‬البغدادي،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يتولى‭ ‬قيادة‭ ‬داعش‭ ‬قبل‭ ‬مصرعه،‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬المعنى‭ ‬في‭ ‬الكلمة‭ ‬المنشورة‭ ‬في‭ ‬مقطع‭ ‬فيديو‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬وبشّر‭ ‬الصابرين‮»‬‭ ‬عندما‭ ‬تحدّث‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬الله‭ ‬يبتلي‭ ‬عباده‭ ‬أحياناً‭ ‬“ويذيقهم‭ ‬طعم‭ ‬الابتلاء”‭ ‬ليختبر‭ ‬قوة‭ ‬إيمانهم‭.‬
ثمّ‭ ‬ختم‭ ‬البغدادي‭ ‬رأيه‭ ‬بمناقشة‭ ‬مسألة‭ ‬النصر‭ ‬في‭ ‬مقطع‭ ‬الفيديو‭ ‬المنشور‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬في‭ ‬ضيافة‭ ‬أمير‭ ‬المؤمنين‮»‬‭ ‬في‭ ‬نيسان‭/‬أبريل‭ ‬2019‭: ‬“عليهم‭ ‬أن‭ ‬يعلموا‭ ‬أن‭ ‬الجهاد‭ ‬ماضٍ‭ ‬إلى‭ ‬يوم‭ ‬القيامة‭ ‬وأن‭ ‬الله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ ‬أمرنا‭ ‬بالجهاد‭ ‬ولم‭ ‬يأمرنا‭ ‬بالنصر‭.‬”
وفي‭ ‬تلك‭ ‬الأثناء،‭ ‬أعلنت‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬النبأ‮»‬‭ ‬الموالية‭ ‬لداعش‭ ‬عن‭ ‬تبنّي‭ ‬التنظيم‭ ‬لأسلوب‭ ‬حرب‭ ‬العصابات‭ ‬في‭ ‬عملياته‭ ‬الارهابية‭ ‬لتعويض‭ ‬ضعف‭ ‬الجماعة‭ ‬وقلة‭ ‬أعدادها‭.‬
وجاء‭ ‬في‭ ‬المقالة‭: ‬“يقاتلون‭ ‬بما‭ ‬مكنهم‭ ‬الله‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬عدد‭ ‬وسلاح،‭ ‬مستخدمين‭ ‬أسلوب‭ ‬حرب‭ ‬العصابات‭ ‬التي‭ ‬تضرب‭ ‬العدو‭ ‬وتستمر‭ ‬باحباطه‭.‬”
يعتبر‭ ‬هذا‭ ‬التحول‭ ‬في‭ ‬النهج‭ ‬العسكري‭ ‬تحولاً‭ ‬خطيراً؛‭ ‬وهو‭ ‬إعلان‭ ‬عن‭ ‬استمرار‭ ‬العمليات‭ ‬الإرهابية‭ ‬بما‭ ‬يُتاح‭ ‬للتنظيم‭ ‬من‭ ‬عدة‭ ‬وسلاح،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬الرخوة‭ ‬أمنياً،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬لاحظناه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬قيام‭ ‬داعش‭ ‬بعمليات‭ ‬إرهابية‭ ‬في‭ ‬أطراف‭ ‬المدن‭ ‬والقرى‭ ‬والأرياف‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬ديالى‭ ‬وكركوك‭ ‬وصلاح‭ ‬الدين‭.‬
وقد‭ ‬ظل‭ ‬العراق‭ ‬طيلة‭ ‬الفترة‭ ‬المنصرمة‭ ‬منذ‭ ‬سقوط‭ ‬دولة‭ ‬داعش‭ ‬عام‭ ‬2017‭ ‬الساحة‭ ‬الأهم‭ ‬لمكافحة‭ ‬هؤلاء‭ ‬الإرهابيين،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يتجلّى‭ ‬واضحاً‭ ‬في‭ ‬المقالات‭ ‬وإحصائيات‭ ‬الإنفوجرافيك‭ ‬التي‭ ‬تنشرها‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬النبأ‮»‬،‭ ‬ومثال‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الصحيفة‭ ‬روّجت‭ ‬في‭ ‬مقالاتها‭ ‬لفكرة‭ ‬“إسقاط‭ ‬المدن‭ ‬مؤقتاً‭ ‬كأسلوب‭ ‬عمل‭ ‬للمجاهدين‭.‬”‭ ‬وكانت‭ ‬بحق‭ ‬تمثل‭ ‬جرأة‭ ‬من‭ ‬داعش؛‭ ‬لأنها‭ ‬أعلنت‭ ‬عن‭ ‬نواياها‭ ‬وتحدّت‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬العراقية‭ ‬بالتدخل‭.‬
وكان‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أهداف‭ ‬هذه‭ ‬المقالات‭ ‬الإيقاع‭ ‬بقادة‭ ‬الجيش‭ ‬العراقي‭ ‬لنشر‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬القوات‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬المناطق،‭ ‬وهي‭ ‬حيلة‭ ‬من‭ ‬حيل‭ ‬حرب‭ ‬العصابات‭ ‬مفادها‭ ‬أنه‭ ‬كلما‭ ‬زاد‭ ‬انتشار‭ ‬القوات،‭ ‬أصبحت‭ ‬أكثر‭ ‬عرضة‭ ‬للهجوم‭ ‬عليها‭. ‬وبالمثل،‭ ‬فيمكن‭ ‬لداعش‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬“أسلوب‭ ‬إسقاط‭ ‬المدن‭ ‬مؤقتاً”‭ ‬الانسحاب‭ ‬من‭ ‬المنطقة‭ ‬قبل‭ ‬تمكن‭ ‬القوات‭ ‬العراقية‭ ‬من‭ ‬الوصول‭ ‬إليها‭.‬
ومن‭ ‬الأهداف‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تنشدها‭ ‬حملة‭ ‬حرب‭ ‬العصابات‭ ‬التي‭ ‬شنها‭ ‬داعش‭: ‬جمع‭ ‬الغنائم،‭ ‬وفكاك‭ ‬معتقلي‭ ‬داعش،‭ ‬وكسر‭ ‬شوكة‭ ‬القوات‭ ‬العراقية،‭ ‬والتمهيد‭ ‬لتمكين‭ ‬داعش،‭ ‬وبما‭ ‬أن‭ ‬الغرض‭ ‬من‭ ‬أسلوب‭ ‬إسقاط‭ ‬المدن‭ ‬مؤقتاً‭ ‬ليس‭ ‬احتلال‭ ‬أرض‭ ‬أو‭ ‬قرية‭ ‬أو‭ ‬مدينة،‭ ‬فقد‭ ‬تضمنت‭ ‬مقالات‭ ‬‮«‬النبأ‮»‬‭ ‬شرحاً‭ ‬مفصلاً‭ ‬لخطة‭ ‬الانسحاب‭ ‬كذلك‭.‬
الاستنتاجات
لمّا‭ ‬كانت‭ ‬العمليات‭ ‬العسكرية‭ ‬لم‭ ‬تؤدِ‭ ‬إلى‭ ‬القضاء‭ ‬التام‭ ‬على‭ ‬داعش،‭ ‬فهذا‭ ‬يعني‭ ‬بقاء‭ ‬خطر‭ ‬هذا‭ ‬التنظيم،‭ ‬وإن‭ ‬تعرضت‭ ‬“خلافته”‭ ‬إلى‭ ‬التفكيك؛‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬التحول‭ ‬إلى‭ ‬حرب‭ ‬العصابات‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬خطر‭ ‬داعش‭ ‬لشن‭ ‬عمليات‭ ‬وحشية‭ ‬على‭ ‬الأهداف‭ ‬الرخوة‭.‬
يمثل‭ ‬اعتماد‭ ‬داعش‭ ‬على‭ ‬استراتيجية‭ ‬الاستنزاف‭ ‬زيادة‭ ‬الخسائر‭ ‬البشرية‭ ‬والمادية،‭ ‬وما‭ ‬يزال‭ ‬التنظيم‭ ‬قادراً‭ ‬بما‭ ‬هو‭ ‬متاح‭ ‬لديه‭ ‬من‭ ‬مقاتلين‭ ‬وإن‭ ‬كانوا‭ ‬قلّة‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬تلك‭ ‬الاستراتيجية‭.‬
وبما‭ ‬أن‭ ‬سلسلة‭ ‬المقالات‭ ‬التي‭ ‬تحدثت‭ ‬عن‭ ‬إسقاط‭ ‬المدن‭ ‬مؤقتاً‭ ‬قد‭ ‬نُشرت‭ ‬على‭ ‬الموقع‭ ‬الإلكتروني‭ ‬لصحيفة‭ ‬‮«‬النبأ‮»‬‭ ‬–‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬وسيلة‭ ‬الاتصال‭ ‬الأساسية‭ ‬لدى‭ ‬التنظيم‭ ‬في‭ ‬تبليغ‭ ‬التوجيهات‭ ‬المركزية‭ ‬–‭ ‬فهذا‭ ‬يجعلنا‭ ‬نعتقد‭ ‬بأن‭ ‬جميع‭ ‬قادة‭ ‬داعش‭ ‬وأمرائه‭ ‬على‭ ‬اطلاع‭ ‬بهذه‭ ‬التوجيهات‭.‬
سوف‭ ‬يخدم‭ ‬أسلوب‭ ‬إسقاط‭ ‬المدن‭ ‬مؤقتاً‭ ‬أهداف‭ ‬داعش‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي؛‭ ‬لأن‭ ‬تنفيذه‭ ‬لا‭ ‬يحتاج‭ ‬سوى‭ ‬مجموعات‭ ‬صغيرة‭ ‬من‭ ‬المقاتلين‭ ‬مع‭ ‬اختيار‭ ‬أهداف‭ ‬واهنة‭ ‬في‭ ‬أطراف‭ ‬المدن‭ ‬أو‭ ‬الضواحي‭ ‬والقرى‭ ‬والأرياف،‭ ‬وسيحقق‭ ‬أيضاً‭ ‬للتنظيم‭ ‬أهدافاً‭ ‬مهمة،‭ ‬وأبرزها‭ ‬التمهيد‭ ‬للتمكين،‭ ‬وتثبيط‭ ‬همة‭ ‬القوات‭ ‬الأمنية،‭ ‬وتأمين‭ ‬الغنائم‭.‬
ومن‭ ‬الأهداف‭ ‬الخطيرة‭ ‬لحرب‭ ‬العصابات‭ ‬هو‭ ‬الدفع‭ ‬باتجاه‭ ‬توفير‭ ‬الأمن‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬المناطق،‭ ‬مما‭ ‬لا‭ ‬يتطلب‭ ‬موارداً‭ ‬بشرية‭ ‬كبيرة‭ ‬فحسب،‭ ‬وإنما‭ ‬كلما‭ ‬اتسع‭ ‬انتشار‭ ‬القوات‭ ‬الأمنية،‭ ‬أصبح‭ ‬من‭ ‬الأسهل‭ ‬استهدافها‭.‬
وتظهر‭ ‬طبيعة‭ ‬العمليات‭ ‬الإرهابية‭ ‬الحالية‭ ‬التي‭ ‬ينفذها‭ ‬داعش‭ ‬أنهم‭ ‬ماضون‭ ‬بتطبيق‭ ‬هذا‭ ‬الأسلوب،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬وأن‭ ‬أغلب‭ ‬العمليات‭ ‬تتم‭ ‬خارج‭ ‬المدن،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الهيكل‭ ‬التنظيمي‭ ‬الحالي‭ ‬لداعش‭ ‬–‭ ‬‌مجموعات‭ ‬صغيرة‭ ‬مسلحة‭ ‬تختبئ‭ ‬في‭ ‬الصحراء‭ ‬وتلال‭ ‬حمرين‭ ‬شمال‭ ‬شرقي‭ ‬العراق‭ ‬–‭ ‬تمكنه‭ ‬من‭ ‬خوض‭ ‬حرب‭ ‬العصابات‭.‬
وتوحي‭ ‬العقيدة‭ ‬الفكرية‭ ‬التي‭ ‬تدعو‭ ‬إلى‭ ‬خوض‭ ‬حرب‭ ‬طويلة‭ ‬“إلى‭ ‬يوم‭ ‬القيامة”‭ ‬بأن‭ ‬الدواعش‭ ‬يتحلون‭ ‬بفضيلة‭ ‬الصبر‭.‬
وخلاصة‭ ‬القول،‭ ‬نعم،‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬داعش‭ ‬يشكل‭ ‬تحدياً‭ ‬أمنياً‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬الأسباب‭ ‬سالفة‭ ‬الذكر؛‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬يكبر‭ ‬هذا‭ ‬التحدي‭ ‬كلما‭ ‬تفاقمت‭ ‬مشاكل‭ ‬العراق‭ ‬الداخلية،‭ ‬وكلما‭ ‬أخفقنا‭ ‬في‭ ‬فهم‭ ‬جوهر‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬نخوضها‭ ‬وطبيعتها؛‭ ‬فداعش‭ ‬اليوم‭ ‬هو‭ ‬تنظيم‭ ‬إرهابي‭ ‬عالمي‭ ‬شبكي‭ ‬يستمد‭ ‬قوته‭ ‬من‭ ‬توظيف‭ ‬النص‭ ‬المقدس‭ ‬والموروث‭ ‬الإسلامي‭ ‬للتلاعب‭ ‬بالعقول‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عملية‭ ‬غسل‭ ‬دماغ‭ ‬مستمرة‭.  ‬F

التعليقات مغلقة.