تأمين مخيمات اللاجئين السوريين

الأردن يركز على التدريب الفكري لتشخيص الفكر المتطرف قبل أن يصبح هدَّاماً

مديرية‭ ‬الأمن‭ ‬العام‭ ‬الأردنية

سبَّب اجتياح‭ ‬عصابات‭ ‬داعش‭ ‬الإرهابية‭ ‬نزوحاً‭ ‬كبيراً‭ ‬للمدنيين‭ ‬الهاربين‭ ‬من‭ ‬مناطق‭ ‬القتال‭ ‬بحثاً‭ ‬عن‭ ‬مأوىً‭ ‬آمن‭. ‬ولأنَّ‭ ‬المملكة‭ ‬الأردنية‭ ‬تنعم‭ ‬بالأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬قيادة‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬الثاني،‭ ‬فقد‭ ‬أصبحت‭ ‬الوجهة‭ ‬المفضلة‭ ‬لتدفق‭ ‬بشري‭ ‬هائل‭ ‬من‭ ‬اللاجئين‭ ‬الباحثين‭ ‬عن‭ ‬الأمان‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬الجوار،‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬إنسانية‭ ‬عصيبة‭ ‬توجب‭ ‬معها‭ ‬التنبه‭ ‬لإمكانية‭ ‬مرور‭ ‬أشخاص‭ ‬يحملون‭ ‬أفكاراً‭ ‬وثقافات‭ ‬مختلفة‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬الفكر‭ ‬الإرهابي‭ ‬من‭ ‬بينها‭.‬

بذلت‭ ‬المملكة‭ ‬الأردنية‭ ‬الهاشمية‭ ‬جهوداً‭ ‬حثيثة‭ ‬ضمن‭ ‬الشراكة‭ ‬الدولية‭ ‬لمحاربة‭ ‬التطرف‭ ‬والإرهاب‭. ‬وعلى‭ ‬الصعيد‭ ‬المحلي،‭ ‬فقد‭ ‬نجحت‭ ‬الدولة‭ ‬الأردنية‭ ‬في‭ ‬منع‭ ‬تسلل‭ ‬الفكر‭ ‬الإرهابي‭ ‬وتجفيف‭ ‬منابعه‭ ‬خاصة‭ ‬القادمة‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬مجاورة‭ ‬تزايد‭ ‬النشاط‭ ‬الإرهابي‭ ‬على‭ ‬أراضيها‭ ‬تحت‭ ‬تأثير‭ ‬الصراعات‭ ‬المحلية‭.‬

شهدت‭ ‬مخيمات‭ ‬اللاجئين‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭ ‬أنشطة‭ ‬إرهابية‭ ‬متعددة؛‭ ‬إذ‭ ‬أصبحت‭ ‬بؤرة‭ ‬لتجنيد‭ ‬الأطفال‭ ‬والنساء‭ ‬والتخطيط‭ ‬لتنفيذ‭ ‬هجمات‭ ‬إرهابية‭ ‬داخل‭ ‬وخارج‭ ‬المخيمات‭. ‬واستغل‭ ‬الإرهابيون‭ ‬الفساد‭ ‬الإداري‭ ‬والثقافة‭ ‬الدينية‭ ‬المحدودة‭ ‬لدى‭ ‬العاملين‭ ‬على‭ ‬إدارة‭ ‬المخيمات‭ ‬للتغرير‭ ‬والتجنيد‭. ‬فتارة‭ ‬يستخدمون‭ ‬الرشوة‭ ‬لإدخال‭ ‬الأسلحة‭ ‬والممنوعات‭ ‬للمخيمات،‭ ‬وتارة‭ ‬أخرى‭ ‬يستخدمون‭ ‬التفسيرات‭ ‬المفبركة‭ ‬للنصوص‭ ‬الدينية‭ ‬لخداع‭ ‬الشباب‭ ‬وبعض‭ ‬منتسبي‭ ‬أمن‭ ‬المخيمات‭.‬

ولذلك‭ ‬اتخذت‭ ‬المملكة‭ ‬الأردنية‭ ‬خطوات‭ ‬أمنية‭ ‬للتأكد‭ ‬من‭ ‬هوية‭ ‬اللاجئين‭ ‬ومراقبة‭ ‬الأنشطة‭ ‬المريبة‭ ‬داخل‭ ‬المخيمات‭ ‬وتحصين‭ ‬جميع‭ ‬منتسبي‭ ‬الدولة‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المخيمات‭. ‬كما‭ ‬سعى‭ ‬الأردن‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬جميع‭ ‬المؤسسات‭ ‬والمنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬الشريكة‭ ‬لخلق‭ ‬بيئة‭ ‬فكرية‭ ‬آمنة‭ ‬في‭ ‬مخيمات‭ ‬اللجوء‭ ‬الإنساني‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬الأردنية،‭ ‬انطلاقاً‭ ‬من‭ ‬كونها‭ ‬جزءاً‭ ‬من‭ ‬المجتمعات‭ ‬المحلية‭ ‬المتواجدة‭ ‬على‭ ‬التراب‭ ‬الأردني،‭ ‬واستمراراً‭ ‬للدور‭ ‬الأردني‭ ‬في‭ ‬التصدِّي‭ ‬لشرور‭ ‬الإرهاب‭ ‬أينما‭ ‬كان‭.‬

فتيات سوريات يحضرن دروساً في مخيم الزعتري للاجئين بالأردن؛ والمنهج مصمم لمواجهة خطاب المتطرفين العنيفين. وكالة الأنباء الفرنسية/جيتي اميدجز

ومن‭ ‬أهم‭ ‬الخطوات‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬هو‭ ‬تسليم‭ ‬الملف‭ ‬الأمني‭ ‬لمخيمات‭ ‬اللاجئين‭ ‬لمديرية‭ ‬الأمن‭ ‬العام،‭ ‬وهي‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬المؤسسات‭ ‬الأردنية‭ ‬التي‭ ‬قدمت‭ ‬شهداءً‭ ‬وتضحيات‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬سنوات‭ ‬مضت‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الجماعات‭ ‬المتطرفة،‭ ‬وهي‭ ‬مؤسسة‭ ‬أمنية‭ ‬أردنية‭ ‬عريقة‭ ‬وفاعلة‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي،‭ ‬إذ‭ ‬امتدت‭ ‬مشاركات‭ ‬الأمن‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬قوات‭ ‬حفظ‭ ‬السلام‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬30‭ ‬عاماً؛‭ ‬فكانت‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أكثر‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬مساهمة‭ ‬في‭ ‬قوات‭ ‬حفظ‭ ‬السلام‭ ‬الدولية‭ ‬ذات‭ ‬الطابع‭ ‬الأمني‭.‬

تمكنت‭ ‬مديرية‭ ‬الأمن‭ ‬العام‭ ‬الأردنية‭ ‬بفضل‭ ‬الخبرات‭ ‬التراكمية‭ ‬من‭ ‬امتلاك‭ ‬القدرة‭ ‬اللازمة‭ ‬لإدارة‭ ‬مخيمات‭ ‬اللاجئين‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬‮«‬مديرية‭ ‬شؤون‭ ‬اللاجئين‮»‬‭ ‬التابعة‭ ‬لوزارة‭ ‬الداخلية،‭ ‬والعاملين‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬ضباط‭ ‬وأفراد‭ ‬مديرية‭ ‬الأمن‭ ‬العام،‭ ‬ومهمتها‭ ‬توفير‭ ‬البيئة‭ ‬الآمنة،‭ ‬وتنظيم‭ ‬الحياة‭ ‬اليومية،‭ ‬وتكثيف‭ ‬جهود‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬المنظمات‭ ‬والهيئات‭ ‬الدولية‭ ‬لرعاية‭ ‬اللاجئين‭ ‬والوصول‭ ‬بهم‭ ‬للحياة‭ ‬المستقرة‭ ‬والكريمة‭ ‬في‭ ‬مخيمات‭ ‬اللجوء‭ ‬المنتشرة‭ ‬شرقي‭ ‬المملكة‭ ‬وشمالها،‭ ‬ويقيم‭ ‬على‭ ‬أراضيها‭ ‬حتى‭ ‬عام‭ ‬2021‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬128‭,‬000‭ ‬لاجئ،‭ ‬وقد‭ ‬مرَّ‭ ‬على‭ ‬وجودهم‭ ‬سنوات‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الأردنية‭.‬

اعتمدت‭ ‬مديرية‭ ‬الأمن‭ ‬العام‭ ‬خطة‭ ‬أمنية‭ ‬فكرية‭ ‬سعت‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬إلى‭ ‬مكافحة‭ ‬الفكر‭ ‬المتطرف،‭ ‬فاعتمدت‭ ‬على‭ ‬عنصر‭ ‬الوقاية‭ ‬والتحصين‭ ‬الفكري‭ ‬لعناصرها‭ ‬وللاجئين‭ ‬المتواجدين‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المخيمات،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وحدات‭ ‬متخصصة‭ ‬ومساندة‭ ‬لإدارة‭ ‬شؤون‭ ‬اللاجئين،‭ ‬ومن‭ ‬بينها‭ ‬إدارة‭ ‬الإفتاء‭ ‬والإرشاد‭ ‬الديني‭ ‬ومركز‭ ‬السلم‭ ‬المجتمعي‭.‬

بيَّن‭ ‬العقيد‭ ‬سامر‭ ‬الهواملة،‭ ‬مدير‭ ‬إدارة‭ ‬الإفتاء‭ ‬والإرشاد‭ ‬الديني‭ ‬بمديرية‭ ‬الأمن‭ ‬العام،‭ ‬أنَّ‭ ‬إدارته‭ ‬ساندت‭ ‬عمل‭ ‬الأمن‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬مخيمات‭ ‬اللجوء‭ ‬بحكم‭ ‬دورها‭ ‬الوظيفي،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬منهجية‭ ‬علمية‭ ‬بُنيت‭ ‬على‭ ‬ترسيخ‭ ‬الصورة‭ ‬الحقيقية‭ ‬للإسلام‭ ‬انطلاقاً‭ ‬من‭ ‬‮«‬رسالة‭ ‬عمَّان‮»‬‭ ‬التي‭ ‬أطلقها‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬الثاني‭ ‬بن‭ ‬الحسين؛‭ ‬وتحمل‭ ‬في‭ ‬مضامينها‭ ‬الفهم‭ ‬العميق‭ ‬لأصل‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬الإسلام‭ ‬والقائمة‭ ‬على‭ ‬السلام‭ ‬والتسامح‭ ‬والاعتدال‭.‬

واستوعبت‭ ‬هذه‭ ‬المنهجية‭ ‬الخطة‭ ‬الوطنية‭ ‬الأردنية‭ ‬لمواجهة‭ ‬التطرف‭ ‬الفكري‭ ‬لعام‭ ‬2014؛‭ ‬وتقوم‭ ‬هذه‭ ‬الخطة‭ ‬على‭ ‬سياسة‭ ‬متوازنة‭ ‬بين‭ ‬الحريات‭ ‬العامة‭ ‬والمحافظة‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬وسيادة‭ ‬القانون‭.‬

طفلان يلعبان في مخيم الزعتري للاجئين بالأردن الذي يأوي عشرات الآلاف من السوريين. وكالة الأنباء الفرنسية/جيتي اميدجز

وقد‭ ‬عملت‭ ‬إدارة‭ ‬الإفتاء‭ ‬على‭ ‬محورين‭ ‬رئيسيين؛‭ ‬أولهما‭ ‬المستوى‭ ‬العلمي‭ ‬لدى‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬الإفتاء،‭ ‬لتعزيز‭ ‬المعرفة‭ ‬والقدرات‭ ‬لدى‭ ‬الأئمة‭ ‬والواعظين‭ ‬التابعين‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬الأمن‭ ‬العام‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬والعاملين‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬شؤون‭ ‬اللاجئين‭ ‬بشكل‭ ‬خاص،‭ ‬لما‭ ‬يمثلونه‭ ‬من‭ ‬ركائز‭ ‬هامة‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬البناء‭ ‬الفكري‭ ‬لمنتسبي‭ ‬الأمن‭ ‬العام‭.‬

وتنطوي‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬فهمهم‭ ‬الصحيح‭ ‬للنصوص‭ ‬الشرعية‭ ‬والدينية،‭ ‬ولتعريفهم‭ ‬بمختلف‭ ‬أنواع‭ ‬وأشكال‭ ‬التطرف‭ ‬لكي‭ ‬يتمكنوا‭ ‬من‭ ‬نقلها‭ ‬في‭ ‬عملهم‭ ‬اليومي‭ ‬وتماسهم‭ ‬مع‭ ‬اللاجئين‭ ‬بمختلف‭ ‬شرائحهم‭ ‬وثقافاتهم،‭ ‬ولكي‭ ‬يستطيعوا‭ ‬تمييز‭ ‬أصحاب‭ ‬الفكر‭ ‬المتطرف‭ ‬داخل‭ ‬المخيمات‭ ‬وتحصين‭ ‬فئة‭ ‬الشباب‭ ‬من‭ ‬براثن‭ ‬الفكر‭ ‬المتطرف‭.‬

واتبعت‭ ‬إدارة‭ ‬الإفتاء‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬ذلك‭ ‬عدداً‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬من‭ ‬أهمها‭ ‬إعداد‭ ‬المناهج‭ ‬الخاصة‭ ‬بتأهيل‭ ‬وتدريب‭ ‬الأئمة‭ ‬والواعظين،‭ ‬كما‭ ‬شجعت‭ ‬إدارة‭ ‬الإفتاء‭ ‬الأئمة‭ ‬والواعظين‭ ‬على‭ ‬الكتابة‭ ‬والتأليف‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬مكافحة‭ ‬الفكر‭ ‬المتطرف،‭ ‬لبيان‭ ‬التعاليم‭ ‬الحقيقية‭ ‬للدين‭ ‬الحنيف،‭ ‬وتشخيص‭ ‬التعاليم‭ ‬الدخيلة‭ ‬التي‭ ‬حاول‭ ‬دعاة‭ ‬الإرهاب‭ ‬ترويجها‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬أهدافهم‭ ‬الخبيثة‭. ‬وهذا‭ ‬جعل‭ ‬من‭ ‬منتسبي‭ ‬إدارة‭ ‬الإفتاء‭ ‬الخط‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الفكر‭ ‬المتطرف‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬تضم‭ ‬أطياف‭ ‬متعددة‭ ‬من‭ ‬اللاجئين‭ ‬الذين‭ ‬تعرَّضوا‭ ‬للعنف‭ ‬وشهدوا‭ ‬مشاهد‭ ‬فظيعة‭ ‬لقطع‭ ‬الرؤوس‭ ‬وتفجير‭ ‬البيوت‭ ‬الآمنة‭.‬

وربما‭ ‬تعرَّض‭ ‬اللاجئون‭ ‬لغسيل‭ ‬الأدمغة‭ ‬نتيجة‭ ‬للدعاية‭ ‬التي‭ ‬يبثها‭ ‬الإرهابيون‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬يستولون‭ ‬عليها‭ ‬كالمنشورات‭ ‬والإذاعات‭ ‬المتنقلة‭ ‬والمحاضرات‭ ‬الإجبارية‭ ‬في‭ ‬الأحياء‭ ‬السكنية‭. ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬أخطر‭ ‬تلك‭ ‬الأنشطة‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬يجبرون‭ ‬بها‭ ‬الأطفال‭ ‬للالتحاق‭ ‬بمعسكرات‭ ‬التدريب‭ ‬والتغرير‭ ‬بهم‭. ‬كما‭ ‬طبعت‭ ‬داعش‭ ‬مناهج‭ ‬دراسية‭ ‬للمرحلة‭ ‬الابتدائية‭ ‬مبنية‭ ‬على‭ ‬العنف‭ ‬والتطرف،‭ ‬عثرت‭ ‬على‭ ‬بعضها‭ ‬قوات‭ ‬التحالف‭ ‬بعد‭ ‬تحرير‭ ‬المدن‭.‬

وتركز‭ ‬إدارة‭ ‬الإفتاء‭ ‬والإرشاد‭ ‬الديني‭ ‬في‭ ‬المحور‭ ‬الثاني‭ ‬على‭ ‬تأهيل‭ ‬عموم‭ ‬العاملين‭ ‬من‭ ‬منتسبي‭ ‬جهاز‭ ‬الأمن‭ ‬العام،‭ ‬فقامت‭ ‬بإعداد‭ ‬مناهج‭ ‬موحدة‭ ‬لمادة‭ ‬الثقافة‭ ‬الإسلامية‭ ‬تُدرس‭ ‬في‭ ‬معاهد‭ ‬ومراكز‭ ‬التدريب‭ ‬في‭ ‬الأمن‭ ‬العام‭. ‬كما‭ ‬يتضمن‭ ‬هذا‭ ‬المحور‭ ‬خطة‭ ‬للوعظ‭ ‬والإرشاد‭ ‬الديني‭ ‬تشمل‭ ‬المحاضرات‭ ‬واللقاءات‭ ‬الميدانية‭ ‬مع‭ ‬منتسبي‭ ‬الأمن‭ ‬العام‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬المخيمات،‭ ‬وبما‭ ‬يضمن‭ ‬الأخذ‭ ‬بالحسبان‭ ‬ملاحظاتهم‭ ‬ومقترحاتهم‭ ‬لترسيخ‭ ‬معاني‭ ‬الرحمة‭ ‬والتسامح‭ ‬والاعتدال‭.‬

لاجئون سوريون يعودون إلى وطنهم بعد عبور الحدود الأردنية؛ فقد استضاف الأردن مئات الآلاف من اللاجئين الفارين من الحرب الأهلية السورية. وكالة الأنباء الفرنسية/جيتي اميدجز

ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬قدَّم‭ ‬مركز‭ ‬السلم‭ ‬المجتمعي‭ ‬التابع‭ ‬للأمن‭ ‬الوقائي‭ ‬بمديرية‭ ‬الأمن‭ ‬العام‭ ‬جهوداً‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الحماية‭ ‬من‭ ‬الفكر‭ ‬المتطرف،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬دورات‭ ‬وبرامج‭ ‬وخطط‭ ‬متخصصة‭ ‬كان‭ ‬للاجئين‭ ‬نصيب‭ ‬كبير‭ ‬منها‭.‬

‭ ‬يقول‭ ‬المقدم‭ ‬رياض‭ ‬البطوش،‭ ‬رئيس‭ ‬مركز‭ ‬السلم‭ ‬المجتمعي‭: ‬“منذ‭ ‬بداية‭ ‬الأزمة‭ ‬السورية‭ ‬قام‭ ‬الأردن‭ ‬باستضافة‭ ‬اللاجئين‭ ‬السوريين‭ ‬على‭ ‬أراضيه،‭ ‬حيث‭ ‬تمَّ‭ ‬إيلاء‭ ‬الفئات‭ ‬ذات‭ ‬العلاقة‭ ‬اهتماماً‭ ‬خاصاً‭ ‬من‭ ‬قِبل‭ ‬مركز‭ ‬السلم‭ ‬المجتمعي‭ ‬باعتباره‭ ‬وحدة‭ ‬متخصصة‭ ‬في‭ ‬مكافحة‭ ‬الفكر‭ ‬المتطرف‭ ‬لضمان‭ ‬تحصينهم‭ ‬وتثقيفهم‭ ‬من‭ ‬الأفكار‭ ‬الضالة‭.‬”

استهدف‭ ‬مركز‭ ‬السلم‭ ‬المجتمعي‭ ‬أولاً‭ ‬المنتسبين‭ ‬العاملين‭ ‬بمخيمات‭ ‬اللاجئين‭ ‬السوريين،‭ ‬ليكونوا‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬تحديد‭ ‬الشخصية‭ ‬المتطرفة‭ ‬وطرق‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬اللاجئين‭ ‬القادمين‭ ‬من‭ ‬مناطق‭ ‬الصراع،‭ ‬ثانياً‭ ‬المتطوعين‭ ‬داخل‭ ‬مخيمات‭ ‬اللاجئين‭ ‬السوريين،‭ ‬وأخيراً‭ ‬اللاجئين‭ ‬السوريين‭ ‬المقيمين‭ ‬داخل‭ ‬المخيمات‭ ‬أو‭ ‬خارجها‭.‬

وأضاف‭ ‬المقدم‭ ‬رياض‭ ‬قائلاً‭: ‬“وضع‭ ‬المركز‭ ‬منهجية‭ ‬وخطة‭ ‬وقائية‭ ‬طويلة‭ ‬المدى‭ ‬نفذها‭ ‬مدربون‭ ‬متخصصون،‭ ‬واشتملت‭ ‬على‭ ‬برامج‭ ‬ومحاضرات‭ ‬وورش‭ ‬عمل‭ ‬تُعنى‭ ‬بمكافحة‭ ‬الفكر‭ ‬المتطرف‭ ‬والتجنيد‭ ‬الإلكتروني‭ ‬وما‭ ‬يستجد‭ ‬من‭ ‬ظواهر‭ ‬دخيلة‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬تمس‭ ‬السلم‭ ‬المجتمعي‭ ‬لمنتسبي‭ ‬إدارة‭ ‬شؤون‭ ‬اللاجئين‭ ‬السوريين؛‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬البرامج‭ ‬ما‭ ‬اختص‭ ‬في‭ ‬نقل‭ ‬المعارف‭ ‬للوجهاء‭ ‬في‭ ‬مخيمات‭ ‬اللاجئين‭ ‬السوريين‭ ‬باعتبارهم‭ ‬الشريحة‭ ‬الأكثر‭ ‬تأثيراً‭ ‬داخل‭ ‬المخيمات‭.‬”

كما‭ ‬عُقد‭ ‬برنامج‭ ‬تدريبي‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬مبادرة‭ ‬شباب‭ ‬واعٍ‮»‬‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬الشرطة‭ ‬المجتمعية‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬مختلفة‭ ‬من‭ ‬المملكة،‭ ‬وشارك‭ ‬فيه‭ ‬شباب‭ ‬من‭ ‬الجنسية‭ ‬السورية،‭ ‬وتضمَّن‭ ‬محاضرات‭ ‬توعوية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الفكر‭ ‬المتطرف‭ ‬ودور‭ ‬الشباب‭ ‬في‭ ‬مكافحته‭.‬

جمعية خيرية أردنية تعلم أطفال سوريين لعب الإسكواش في عمَّان، وذلك في إطار محاولة لدمجهم في المجتمع الأردني سلمياً. وكالة الأنباء الفرنسية/جيتي اميدجز

وعُقدت‭ ‬كذلك‭ ‬عدة‭ ‬اجتماعات‭ ‬ولقاءات‭ ‬بين‭ ‬القائمين‭ ‬على‭ ‬المركز‭ ‬والمفوضية‭ ‬السامية‭ ‬لشؤون‭ ‬اللاجئين،‭ ‬والشركاء‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي‭ ‬والمحلي،‭ ‬اتفقوا‭ ‬خلالها‭ ‬على‭ ‬عقد‭ ‬برامج‭ ‬توعوية‭ ‬وتثقيفية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬مكافحة‭ ‬الفكر‭ ‬المتطرف‭ ‬والحماية‭ ‬المجتمعية‭ ‬داخل‭ ‬مخيمات‭ ‬اللاجئين‭ ‬السوريين‭.‬

وعقد‭ ‬مركز‭ ‬السلم‭ ‬المجتمعي‭ ‬برنامج‭ ‬توعوي‭ ‬آخر‭ ‬هام‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬مؤسسة‭ ‬الملك‭ ‬حسين‭ ‬–‭ ‬معهد‭ ‬العناية‭ ‬بصحة‭ ‬الأسرة،‭ ‬حول‭ ‬مكافحة‭ ‬التطرف؛‭ ‬واستهدف‭ ‬طلبة‭ ‬الجامعات‭ ‬بما‭ ‬فيهم‭ ‬الطلبة‭ ‬السوريين‭ ‬واشتمل‭ ‬على‭ ‬محاضرات‭ ‬تثقيفية‭ ‬بمواضيع‭ ‬مكافحة‭ ‬الفكر‭ ‬المتطرف‭ ‬والتجنيد‭ ‬الإلكتروني‭.‬

وثمة‭ ‬عامل‭ ‬مهم‭ ‬آخر‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬التنسيق‭ ‬بين‭ ‬المؤسسات‭ ‬الأمنية‭ ‬والقوات‭ ‬المسلحة‭ ‬الأردنية،‭ ‬والجهود‭ ‬الوطنية‭ ‬التي‭ ‬تبذلها‭ ‬كافة‭ ‬الأجهزة‭ ‬الحكومية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬مثل‭ ‬وزارة‭ ‬الأوقاف‭ ‬ووزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬ووزارة‭ ‬التنمية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬ووزارة‭ ‬الصحة‭ ‬ووزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬ووزارة‭ ‬العمل‭.‬

فقد‭ ‬حرصت‭ ‬على‭ ‬تأمين‭ ‬اللاجئين‭ ‬بكافة‭ ‬احتياجاتهم‭ ‬اليومية‭ ‬بلا‭ ‬تفرقة‭ ‬وبعدل‭ ‬ومساواة‭ ‬وفي‭ ‬إطار‭ ‬احترام‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان؛‭ ‬وأدى‭ ‬هذا‭ ‬السخاء‭ ‬إلى‭ ‬إضعاف‭ ‬أي‭ ‬مشاعر‭ ‬سلبية‭ ‬قد‭ ‬تقود‭ ‬إلى‭ ‬تغذية‭ ‬الفكر‭ ‬المتطرف،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬الجهود‭ ‬الأمنية‭ ‬والاستخبارية‭ ‬المستمرة،‭ ‬والتي‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬الوقاية‭ ‬من‭ ‬امتداد‭ ‬أو‭ ‬تسلل‭ ‬أصحاب‭ ‬الفكر‭ ‬المتطرف‭ ‬والتعامل‭ ‬معهم‭ ‬إن‭ ‬وُجدوا‭. َ

التعليقات مغلقة.