باكستان تحرس البحار
التعاون البحري مع الدول الشريكة يضمن محيطاً هندياً وبحراً عربياً أكثر أمناً
العميد البحري (المتقاعد) بيرفيز أصغر، القوات البحرية الباكستانية
الصور من قبل وكالة الأنباء الفرنسية/جيتي إيميجيز
لقد كان البحر تقليدياً وسيطاً للتناقضات. إن سطحه الهادئ قد يتحول بسهولة إلى شدة متموجة، فلا تستغرق الرياح العاصفة وقتاً طويلاً كي تتحول إلى عواصف مدمرة. فقد انتج بحر غير هائج في السابق في وقت ليس ببعيد زلزال هائل تحت الماء، وادى إلى أمواج تسونامي اجتاحت شواطئ لا تعد ولا تحصى بغضب لا هوادة فيه.
وعندما يتعلق الأمر بالنشاط البشري في البحار، تعمل التجارة المشروعة جنباً إلى جنب مع الاتجار غير المشروع.
والمخاطر حالياً أكثر بكثير. يعتمد الاقتصاد العالمي على التجارة الدولية التي يتم إجراء ما يصل إلى 85 في المئة منها عبر البحار. إن التهديدات التي يتعرض لها النظام الاجتماعي الاقتصادي العالمي لا تنبع من القرصنة فحسب كما كانت عليه في الماضي، بل إنها الآن متنوعة في طبيعتها إلى الحد الذي دفع العديد من المحللين إلى إطلاق وصف “مسرح الجريمة الأكبر في العالم” على المحيطات.
إن اتساع المحيطات المترابطة ببعضها، مع تحديات الإنفاذ والولاية القضائية الخاصة بها، يفتح شهية المؤسسات الإجرامية المنظمة للاستفادة منها عن طريق “العمل خلسة تحت الرادار”، كما يقال. فاستخدام سفن غير ملفتة للانتباه للقيام بمثل هذه الأنشطة غير المشروعة يضاعف المشاكل المتصلة بأعمال الشرطة والكشف عن الجرائم.
إن إيقاف السفن التجارية وتفتيشها لمجرد الاشتباه في ارتكابها جرائم يتسبب في اضطرابات غير مقبولة للتجارة العالمية. ففي بحر العرب، تم استخدام المراكب الشراعية، التي تستخدم على نطاق واسع في التجارة الساحلية المشروعة، للإتجار في البضائع المهربة. ومن المعروف أن القوارب المصممة لصيد الأسماك، وهو نشاط يوفر سبل العيش لحوالي 12 في المئة من سكان العالم، تستخدم في مختلف الأعمال غير المشروعة، مثل القرصنة وتهريب المخدرات إلى جانب استخدامها لصيد الاسماك.
وكان تفجير السفينة يو إس إس كول بينما كانت راسية في ميناء عدن اليمني في عام 2000 وناقلة النفط إم في ليندبرج قبالة سواحل اليمن في عام 2002 ــ حيث اصدم كلاهما بالزوارق المحملة بالمتفجرات ــ سبباً في تسليط الضوء على شبح الإرهاب البحري.
ورد العالم عن طريق تعزيز الأمن البحري العالمي عبر جهود فردية ومنسقة. وتضمنت الموافقة على المدونة الدولية لأمن السفن والمرافق المينائية في كانون الأول/ديسمبر 2002، بوصفها تعديلاً للاتفاقية النافذة المتعلقة بسلامة الأرواح في البحر لعام 1974، متطلبات أمنية إلزامية ومبادئ توجيهية ينبغي على الحكومات وسلطات الموانئ وشركات الشحن الموقعة تنفيذها.
ومع ذلك، لا شك في أن السبيل الوحيد الأكيد للتصدي بفعالية للتهديدات العديدة التي تخل بسلامة النظام في البحر هو من خلال العمل المتضافر الذي يتسم بنهج تعاوني.
فقد تم كبح القرصنة الصومالية في خليج عدن وغرب المحيط الهندي إلى حد كبير بسبب وجود سفن حربية من ما يصل إلى 29 بلداً. وبعملها إما بشكل منفرد أو ضمن مجموعات مثل عملية أتلانتا التابعة للاتحاد الأوروبي، أو عملية درع المحيط التابعة لمنظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، أو فرقة العمل المشتركة فإنها ترتبط مع بعضها بسبب وجود هدف مشترك.
وأدت مبادرات إقليمية مثل مدونة جيبوتي لقواعد السلوك التي وضعتها المنظمة البحرية الدولية دوراً هاماً في هذا المسعى. وقد وسع تعديل جدة لعام 2017 نطاق التحالف ليشمل مكافحة جميع الأنشطة غير المشروعة في البحر، وليس فقط القرصنة.
واعترافاً منها بأن الأمن البحري سيظل أمراً غير قابل للتحقيق مالم تدعمه استخبارات قابلة للتنفيذ، اتخذت بحرية جمهورية سنغافورة المبادرة التي كان هناك حاجة ماسة لها لإنشاء مركز دمج المعلومات في نيسان/أبريل 2009 في قاعدتها البحرية في تشانغي. وقد أقام هذا المركز الإقليمي حتى الآن روابط مع 71 مركزاً للعمليات من 38 بلداً، ويوجد فيه أيضاً 16 ضابط إرتباط دولي.

التعليقات مغلقة.