التصدي للتهديدات المتربصة بالتجارة البحرية

المتمردون الحوثيون اليمنيون وحلفاؤهم الإيرانيون يواصلون تهديد حركة الشحن وتهريب الأسلحة

معمر‭ ‬الإرياني،‭ ‬وزير‭ ‬الإعلام‭ ‬والثقافة‭ ‬والسياحة‭ ‬اليمني

يوم‭ ‬8‭ ‬تشرين‭ ‬الثاني‭/‬نوفمبر‭ ‬2022،‭ ‬نجحت‭ ‬سفينة‭ ‬تابعة‭ ‬للبحرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬وأخرى‭ ‬تابعة‭ ‬لخفر‭ ‬السواحل‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬طريقهما‭ ‬إلى‭ ‬اليمن‭ ‬في‭ ‬اعتراض‭ ‬سفينة‭ ‬إيرانية‭ ‬تحمل‭ ‬مواداً‭ ‬تُستخدم‭ ‬في‭ ‬تصنيع‭ ‬الأسلحة‭. ‬فعثر‭ ‬المحققون‭ ‬على‭ ‬70‭ ‬طناً‭ ‬من‭ ‬كلورات‭ ‬الأمونيوم‭ ‬تُستخدم‭ ‬في‭ ‬تصنيع‭ ‬وقود‭ ‬الصواريخ‭ ‬الباليستية‭ ‬و100‭ ‬طن‭ ‬من‭ ‬سماد‭ ‬اليوريا‭ ‬القابل‭ ‬للانفجار‭.‬

وأعلن‭ ‬الجيش‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬بيان‭ ‬أنَّ‭ ‬السفينة‭ ‬تشكل‭ ‬تهديداً‭ ‬للملاحة‭ ‬التجارية‭ ‬وأمن‭ ‬المنطقة،‭ ‬فتخلص‭ ‬من‭ ‬حمولتها‭ ‬وأغرق‭ ‬السفينة‭ ‬وسلَّم‭ ‬طاقمها‭ ‬لقوات‭ ‬خفر‭ ‬السواحل‭ ‬اليمنية‭.‬

تهديد‭ ‬يحيق‭ ‬بإمدادات‭ ‬الطاقة‭ ‬العالمية

لم‭ ‬تكن‭ ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬المرة‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬تُعترض‭ ‬فيها‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الشحنات،‭ ‬فقد‭ ‬تمكنت‭ ‬البحرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2015‭ ‬من‭ ‬توقيف‭ ‬عدة‭ ‬سفن‭ ‬تحمل‭ ‬شحنات‭ ‬أسلحة‭ ‬ومكونات‭ ‬لتصنيع‭ ‬الصواريخ‭ ‬الباليستية‭ ‬والطائرات‭ ‬المسيَّرة‭. ‬كما‭ ‬أُعلن‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2022‭ ‬أنَّ‭ ‬سفينة‭ ‬مشابهة‭ ‬قادمة‭ ‬من‭ ‬الصومال‭ ‬تحمل‭ ‬شحنة‭ ‬من‭ ‬اليوريا،‭ ‬التي‭ ‬تُستخدم‭ ‬في‭ ‬صنع‭ ‬العبوَّات‭ ‬الناسفة،‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬طريقها‭ ‬إلى‭ ‬الحوثيين‭.‬

وبالمثل،‭ ‬نجحت‭ ‬البحرية‭ ‬الملكية‭ ‬البريطانية‭ ‬في‭ ‬نيسان‭/‬أبريل‭ ‬2022‭ ‬من‭ ‬توقيف‭ ‬سفينة‭ ‬إيرانية‭ ‬محملة‭ ‬بالصواريخ‭ ‬في‭ ‬خليج‭ ‬عُمان‭ ‬كانت‭ ‬متجهة‭ ‬إلى‭ ‬الحوثيين‭. ‬وبتقييم‭ ‬حمولتها،‭ ‬تمكن‭ ‬خبراء‭ ‬المتفجرات‭ ‬من‭ ‬ربطها‭ ‬بالهجوم‭ ‬الذي‭ ‬نفذه‭ ‬الحوثيون‭ ‬في‭ ‬كانون‭ ‬الثاني‭/‬يناير‭ ‬2022‭ ‬على‭ ‬أبو‭ ‬ظبي،‭ ‬عاصمة‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭.‬

ولقد‭ ‬رأينا‭ ‬كيف‭ ‬أطلق‭ ‬الحوثيون‭ ‬صواريخ‭ ‬على‭ ‬البحرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬المندب‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2016،‭ ‬وزرعوا‭ ‬ألغاماً‭ ‬بحرية‭ ‬عشوائية‭ ‬في‭ ‬المياه‭ ‬الإقليمية‭ ‬اليمنية،‭ ‬واستخدموا‭ ‬زورقاً‭ ‬مفخخاً‭ ‬مسيَّراً‭ ‬لمهاجمة‭ ‬ميناء‭ ‬المخاء‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬الأحمر‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2017،‭ ‬وهاجموا‭ ‬سفناً‭ ‬سعودية‭ ‬في‭ ‬ميناء‭ ‬الحديدة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2018‭.‬

كما‭ ‬شنوا‭ ‬في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة‭ ‬هجمات‭ ‬على‭ ‬ميناء‭ ‬النشيمة‭ ‬بمحافظة‭ ‬شبوة‭ ‬وميناء‭ ‬ضباء‭ ‬بمحافظة‭ ‬حضرموت،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬استهداف‭ ‬ناقلة‭ ‬نفط‭ ‬في‭ ‬محطة‭ ‬قنا‭ ‬النفطية‭ ‬بشبوة‭ ‬في‭ ‬تشرين‭ ‬الأول‭/‬أكتوبر‭ ‬2022‭.‬

كما‭ ‬اكتشفنا‭ ‬أنَّ‭ ‬إيران‭ ‬استهدفت‭ ‬ناقلة‭ ‬النفط‭ ‬‮«‬باسيفيك‭ ‬زيركون‮»‬‭ ‬قبالة‭ ‬سواحل‭ ‬سلطنة‭ ‬عُمان‭ ‬يوم‭ ‬16‭ ‬تشرين‭ ‬الثاني‭/‬نوفمبر‭ ‬2022‭ ‬بطائرة‭ ‬مسيَّرة‭ ‬محملة‭ ‬بالقنابل،‭ ‬فتسببت‭ ‬في‭ ‬أضرار‭ ‬طفيفة‭ ‬في‭ ‬هيكلها‭. ‬وكانت‭ ‬محاولة‭ ‬للتأثير‭ ‬على‭ ‬إمدادات‭ ‬الطاقة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الأزمة‭ ‬التي‭ ‬يمر‭ ‬بها‭ ‬العالم،‭ ‬وفرض‭ ‬شروطها‭ ‬في‭ ‬المفاوضات‭ ‬الجارية‭ ‬لإحياء‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي،‭ ‬وترسيخ‭ ‬سياساتها‭ ‬التوسعية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

سفينة تابعة لخفر السواحل الأمريكي تضبط كمية مخدرات على متن قارب صيد في خليج عُمان. خفر السواحل الأمريكي

كارثة‭ ‬بيئية‭ ‬تلوح‭ ‬في‭ ‬الأفق

وعلاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬نتوقع‭ ‬حدوث‭ ‬كارثة‭ ‬بيئية‭ ‬بسبب‭ ‬ناقلة‭ ‬النفط‭ ‬‮«‬صافر‮»‬‭ ‬الراسية‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬الأحمر‭ ‬قبالة‭ ‬سواحل‭ ‬اليمن‭. ‬فإذا‭ ‬استمرت‭ ‬حالتها‭ ‬في‭ ‬التدهور،‭ ‬فمن‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬يكلف‭ ‬تنظيف‭ ‬النفط‭ ‬المتسرب‭ ‬منها‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬80‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬أمريكي‭. ‬ومنذ‭ ‬عام‭ ‬2015‭ ‬والحوثيون‭ ‬يصرون‭ ‬على‭ ‬منع‭ ‬فرق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬الفنية‭ ‬من‭ ‬الوصول‭ ‬إليها‭ ‬لتقييم‭ ‬الأضرار‭ ‬التي‭ ‬لحقت‭ ‬بها‭ ‬وإطلاق‭ ‬خطة‭ ‬عمل‭.‬

بات‭ ‬جلياً‭ ‬أنَّ‭ ‬سيطرة‭ ‬الحوثيين‭ ‬على‭ ‬بقاع‭ ‬من‭ ‬اليمن‭ ‬بدعم‭ ‬من‭ ‬إيران‭ ‬لا‭ ‬تشكل‭ ‬تهديداً‭ ‬لليمن‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬تهدد‭ ‬سلامة‭ ‬السفن‭ ‬التجارية‭ ‬وأمن‭ ‬الممرات‭ ‬الملاحية‭ ‬الدولية‭ ‬أيضاً‭. ‬فقد‭ ‬انتهك‭ ‬الحوثيون‭ ‬وداعموهم‭ ‬الإيرانيون‭ ‬جميع‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬–‭ ‬ومنها‭ ‬اتفاقية‭ ‬ستوكهولم‭ ‬والهدنة‭ ‬التي‭ ‬ترعاها‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وجميع‭ ‬القوانين‭ ‬والمواثيق‭ ‬الدولية‭ ‬وقرارات‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬–‭ ‬ولم‭ ‬يكفوا‭ ‬عن‭ ‬هدم‭ ‬جهود‭ ‬التهدئة‭ ‬والسلام‭.‬

فما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬القوات‭ ‬البحرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬والبريطانية‭ ‬ودول‭ ‬حليفة‭ ‬أخرى‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬شكلت‭ ‬وحدة‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬نيسان‭/‬أبريل‭ ‬2022‭ ‬تسمى‭ ‬قوة‭ ‬المهام‭ ‬

لمراقبة‭ ‬البحر‭ ‬الأحمر‭ ‬واستقرار‭ ‬الملاحة‭ ‬وتأمين‭ ‬ممرات‭ ‬تجارية‭ ‬دولية‭ ‬مهمة‭ ‬تمر‭ ‬عبر‭ ‬باب‭ ‬المندب‭ ‬والبحر‭ ‬الأحمر‭ ‬وخليج‭ ‬عدن‭.‬

ويأتي‭ ‬ذلك‭ ‬استكمالاً‭ ‬للدور‭ ‬الحيوي‭ ‬الذي‭ ‬تضطلع‭ ‬به‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬بالفعل‭ ‬في‭ ‬قيادة‭ ‬التحالف‭ ‬العربي،‭ ‬وتأمين‭ ‬الممرات‭ ‬الملاحية‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬الأحمر‭ ‬وباب‭ ‬المندب،‭ ‬وإحباط‭ ‬عشرات‭ ‬الهجمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬التي‭ ‬خطط‭ ‬لها‭ ‬الحوثيون‭ ‬طيلة‭ ‬الثماني‭ ‬سنوات‭ ‬الماضية‭ ‬وتضمنت‭ ‬زوارق‭ ‬مفخخة‭ ‬مسيَّرة‭ ‬وألغاماً‭ ‬بحرية،‭ ‬وكلها‭ ‬أساليب‭ ‬عسكرية‭ ‬مستوردة‭ ‬من‭ ‬إيران‭.‬

أهمية‭ ‬مضيق‭ ‬هرمز

منذ‭ ‬أيَّار‭/‬مايو‭ ‬2022،‭ ‬وعدة‭ ‬دول‭ ‬أوروبية،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬فرنسا،‭ ‬تنادي‭ ‬بالاستعانة‭ ‬بصلاحيات‭ ‬المهمة‭ ‬الأوروبية‭ ‬للإشراف‭ ‬على‭ ‬مضيق‭ ‬هرمز‭ (‬التي‭ ‬شكلتها‭ ‬ثماني‭ ‬دول‭ ‬أوروبية‭ ‬في‭ ‬مطلع‭ ‬عام‭ ‬2020‭) ‬لتوسيع‭ ‬نطاق‭ ‬وصولها‭ ‬إلى‭ ‬البحر‭ ‬الأحمر‭ ‬والمحيط‭ ‬الهندي‭ ‬عبر‭ ‬باب‭ ‬المندب‭. ‬وتكمن‭ ‬أهمية‭ ‬هذا‭ ‬الممر‭ ‬الملاحي‭ ‬في‭ ‬أنَّ‭ ‬نسبة‭ ‬10٪‭ ‬من‭ ‬التجارة‭ ‬العالمية‭ ‬تمر‭ ‬عبر‭ ‬هذا‭ ‬المضيق،‭ ‬ومن‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تزداد‭ ‬على‭ ‬إثر‭ ‬الهجوم‭ ‬الروسي‭ ‬على‭ ‬أوكرانيا‭.‬

فمنذ‭ ‬نشوب‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية‭ ‬ومقاطعة‭ ‬النفط‭ ‬الروسي،‭ ‬سعت‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬إلى‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬مصادر‭ ‬بديلة‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي،‭ ‬وهي‭ ‬أفضل‭ ‬بديل‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬وفرة‭ ‬النفط‭ ‬وجودة‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭. ‬وعلاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬أبرمت‭ ‬إيطاليا‭ ‬وألمانيا‭ ‬صفقات‭ ‬جديدة‭ ‬مع‭ ‬قطر،‭ ‬وأبرمت‭ ‬فرنسا‭ ‬صفقات‭ ‬مع‭ ‬الإمارات‭.‬

ولا‭ ‬يقتصر‭ ‬الأمر‭ ‬على‭ ‬النفط،‭ ‬إذ‭ ‬يوجد‭ ‬تعاون‭ ‬بين‭ ‬أوروبا‭ ‬ودول‭ ‬الخليج‭ ‬في‭ ‬ملف‭ ‬الطاقة‭ ‬النظيفة‭ ‬امتداداً‭ ‬لاتفاقيات‭ ‬سابقة‭ ‬بشأن‭ ‬استخدام‭ ‬وقود‭ ‬الهيدروجين‭ ‬بين‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬والسعودية‭ ‬والإمارات‭.‬

القوات البحرية الأمريكية تضبط شحنة إيرانية متجهة إلى اليمن تتكون من كيمياويات وأسمدة مناسبة لصنع القنابل. رقيب بحري من الدرجة الأولى كيفن فروس/البحرية الأمريكية

الاستقرار‭ ‬البحري

تعتمد‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬الشرق‭ ‬والغرب‭ ‬بشدة‭ ‬على‭ ‬استقرار‭ ‬الملاحة‭ ‬البحرية‭ ‬عبر‭ ‬مضيق‭ ‬هرمز‭ ‬وباب‭ ‬المندب‭ ‬نظراً‭ ‬لموقعهما‭ ‬الجغرافي‭ ‬الحيوي‭ ‬كملتقى‭ ‬بين‭ ‬أوروبا‭ ‬وآسيا‭ ‬وإفريقيا‭. ‬كما‭ ‬تعتمد‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬على‭ ‬العلاقات‭ ‬التجارية‭ ‬مع‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية،‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭.‬

ربما‭ ‬يدخل‭ ‬العالم‭ ‬مرحلة‭ ‬كساد‭ ‬اقتصادي‭ ‬أجبر‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬القوى‭ ‬العظمى‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬توجهاتها‭ ‬الجيوسياسية‭. ‬ومع‭ ‬أنَّ‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬قررت‭ ‬سحب‭ ‬بعض‭ ‬قواتها‭ ‬من‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬فإنَّ‭ ‬التداعيات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬ما‭ ‬تزال‭ ‬تسلط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬واليمن‭. ‬وتنخرط‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬بالفعل‭ ‬في‭ ‬سباق‭ ‬لتأمين‭ ‬خطوط‭ ‬التجارة‭ ‬الدولية‭ ‬وتعزيز‭ ‬دورها‭ ‬الرائد‭ ‬في‭ ‬الملاحة‭ ‬البحرية‭ ‬في‭ ‬ممرات‭ ‬الشحن‭ ‬الحيوية‭ ‬هذه‭.‬

يتوقع‭ ‬خبراء‭ ‬الاقتصاد‭ ‬أن‭ ‬يتضاعف‭ ‬الناتج‭ ‬القومي‭ ‬الإجمالي‭ ‬لمنطقة‭ ‬البحر‭ ‬الأحمر‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬ثلاثة‭ ‬أضعاف‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2050،‭ ‬من‭ ‬1‭.‬8‭ ‬إلى‭ ‬6‭.‬1‭ ‬تريليون‭ ‬دولار‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الإمكانات،‭ ‬فإنَّ‭ ‬التوقعات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المستندة‭ ‬إلى‭ ‬البيانات‭ ‬الراهنة‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أنَّ‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬أمن‭ ‬التجارة‭ ‬العالمية‭ ‬عبر‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬لن‭ ‬يزيد‭ ‬كثيراً‭ ‬خلال‭ ‬العقود‭ ‬المقبلة‭ ‬جرَّاء‭ ‬عدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬ومن‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬يتغير‭ ‬ذلك‭ ‬تغيراً‭ ‬كبيراً‭ ‬إذا‭ ‬بُذلت‭ ‬جهود‭ ‬مشتركة‭ ‬لتأمين‭ ‬المنطقة،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬زيادة‭ ‬حجم‭ ‬التجارة‭ ‬العالمية‭ ‬عبر‭ ‬البحر‭ ‬الأحمر‭ ‬وباب‭ ‬المندب‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬خمسة‭ ‬أضعاف‭ ‬مستواها‭ ‬الحالي،‭ ‬من‭ ‬881‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬إلى‭ ‬4‭.‬7‭ ‬تريليون‭ ‬دولار‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2050‭.‬

قوات القيادة المركزية الأمريكية اعترضت أكثر من 2,000 بندقية هجومية في المياه الدولية بين إيران واليمن في مطلع عام 2023. رقيب بحري من الدرجة الأولى كيفن فروس/البحرية الأمريكية

الأسباب‭ ‬الجذرية

على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬المبادرات،‭ ‬فإنَّ‭ ‬العالم‭ ‬الغربي‭ ‬يتعامل‭ ‬مع‭ ‬أعراض‭ ‬المشاكل‭ ‬الإقليمية‭ ‬لا‭ ‬أسبابها‭ ‬الجذرية،‭ ‬ويكمن‭ ‬أبسط‭ ‬حل‭ ‬في‭ ‬تبني‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬المعروفة‭ ‬باسم‭ ‬نظرية‭ ‬المنبع،‭ ‬بحيث‭ ‬تتبع‭ ‬الأعراض‭ ‬وصولاً‭ ‬لأصل‭ ‬المشكلة‭.‬

فالصين‭ ‬على‭ ‬وعي‭ ‬تام‭ ‬بأهمية‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة،‭ ‬وتحاول‭ ‬بسط‭ ‬نفوذها‭ ‬عبر‭ ‬مبادرة‭ ‬الحزام‭ ‬والطريق‭ ‬الصينية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬جيبوتي‭ ‬وتنفيذ‭ ‬مشاريع‭ ‬بنية‭ ‬تحتية‭ ‬ضخمة‭ ‬هناك‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬سعيها‭ ‬للتوسع‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬مع‭ ‬تقويض‭ ‬نفوذ‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬التحديد‭.‬

فبدلاً‭ ‬من‭ ‬تدشين‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬المبادرات‭ ‬وإنفاق‭ ‬الملايين‭ ‬وبذل‭ ‬جهود‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬حماية‭ ‬ممرات‭ ‬الشحن‭ ‬التجارية،‭ ‬يجدر‭ ‬بالقادة‭ ‬المعنيين‭ (‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬قادة‭ ‬أوروبا‭) ‬تسخير‭ ‬جهودهم‭ ‬لدعم‭ ‬مجلس‭ ‬القيادة‭ ‬الرئاسي‭ ‬والحكومة‭ ‬الشرعية‭ ‬التي‭ ‬تمثل‭ ‬مختلف‭ ‬الطوائف‭ ‬السياسية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬اليمنية،‭ ‬بتمكينها‭ ‬من‭ ‬فرض‭ ‬سيطرتها‭ ‬وفرض‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬على‭ ‬طول‭ ‬سواحل‭ ‬اليمن‭.‬

وفي‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته،‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬ذلك‭ ‬تضييق‭ ‬الخناق‭ ‬على‭ ‬الحوثيين‭ ‬وتقليص‭ ‬قدراتهم‭ ‬العسكرية،‭ ‬إذ‭ ‬شاركوا‭ ‬مؤخراً‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬الإيرانية‭ ‬غير‭ ‬المعلنة‭ ‬على‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬للطاقة‭ ‬والمنشآت‭ ‬النفطية‭ ‬والموانئ‭ ‬وناقلات‭ ‬النفط‭ ‬في‭ ‬المياه‭ ‬الدولية‭.  ‬F

التعليقات مغلقة.