إيقاف تصدير ايران للموت والفوضى

بقلم: معمر الارياني، وزير الإعلام اليمني
حينما‭ ‬ستعقد‭ ‬الدورة‭ ‬الخامسة‭ ‬والسبعون‭ ‬للجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬مقر‭ ‬المنظمة‭ ‬بنيويورك‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬،‭ ‬سيكون‭ ‬بين‭ ‬الموضوعات‭ ‬المدرجة‭ ‬على‭ ‬جدول‭ ‬الأعمال‭ ‬قرار‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬رقم‭ ‬2231‭ ‬لعام‭ ‬2015،‭ ‬والذي‭ ‬بموجبه‭ ‬صادقت‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني‭. ‬
وتتزامن‭ ‬جلسات‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬ومجلس‭ ‬الأمن‭ ‬لهذا‭ ‬العام‭ ‬مع‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الأنشطة‭ ‬رفيعة‭ ‬المستوى‭ ‬التي‭ ‬تمتد‭ ‬من‭ ‬منتصف‭ ‬سبتمبر‭ ‬إلى‭ ‬بداية‭ ‬أكتوبر،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الاحتفال‭ ‬باليوم‭ ‬الدولي‭ ‬للإزالة‭ ‬الكاملة‭ ‬للأسلحة‭ ‬النووية‭ ‬في‭ ‬26‭ ‬سبتمبر‭.‬
وتكمن‭ ‬إشكالية‭ ‬القرار‭ ‬2231‭ ‬في‭ ‬كونه‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬إلغاء‭ ‬العقوبات‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬إيران‭. ‬نحن‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬،‭ ‬لدينا‭ ‬أسباب‭ ‬ملحة‭ ‬للمطالبة‭ ‬باستمرار‭ ‬العقوبات‭.‬
إن‭ ‬رفع‭ ‬الحظر‭ ‬عن‭ ‬بيع‭ ‬وتوريد‭ ‬ونقل‭ ‬الأسلحة‭ ‬والمواد‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالصناعات‭ ‬العسكرية‭ ‬إلى‭ ‬إيران‭ ‬سيمثل‭ ‬هدية‭ ‬مجانية‭ ‬للنظام‭. ‬وسيسمح‭ ‬لها‭ ‬بنشر‭ ‬الفوضى‭ ‬والإرهاب‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬وتزويدها‭ ‬بالموارد‭ ‬المالية‭ ‬لتوسيع‭ ‬أنشطتها‭ ‬التخريبية‭. ‬وهذا‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يشكل‭ ‬مصدر‭ ‬تهديد‭ ‬إضافي‭ ‬لأمن‭ ‬واستقرار‭ ‬المنطقة‭ ‬والعالم،‭ ‬وضربة‭ ‬موجعة‭ ‬لجهود‭ ‬إحلال‭ ‬السلام‭.‬
بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬استئناف‭ ‬مبيعات‭ ‬الأسلحة‭ ‬والإمدادات‭ ‬لإيران‭ ‬يعني‭ ‬ضخ‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الزيت‭ ‬على‭ ‬نيران‭ ‬الصراعات‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تهريب‭ ‬الأسلحة‭ ‬إلى‭ ‬الميليشيات‭ ‬الطائفية‭ ‬والتنظيمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬الحوثيون‭ ‬وحزب‭ ‬الله‭ ‬والقاعدة‭ ‬وداعش،‭ ‬واستخدامها‭ ‬لاستهداف‭ ‬مصادر‭ ‬الطاقة‭ ‬والممرات‭ ‬الملاحية‭ ‬الدولية،‭ ‬وتهديد‭ ‬الأمن‭ ‬والسلم‭ ‬الإقليميين‭ ‬والدوليين‭.‬
وولقد‭ ‬كشفت‭ ‬وزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمريكية‭ ‬تفاصيل‭ ‬شحنتي‭ ‬أسلحة‭ ‬إيرانية‭ ‬الصنع‭ ‬كانت‭ ‬البحرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬قد‭ ‬ضبطتهما‭ ‬في‭ ‬بحر‭ ‬العرب‭ ‬وكانتا‭ ‬في‭ ‬طريقهما‭ ‬إلى‭ ‬الحوثيين‭ ‬في‭ ‬اليمن‭. ‬قال‭ ‬المتحدث‭ ‬باسم‭ ‬القيادة‭ ‬المركزية‭ ‬الأمريكية‭ ‬،‭ ‬العقيد‭ ‬ويليام‭ ‬أوربان‭ ‬،‭ ‬في‭ ‬إيجاز‭ ‬صحفي‭ ‬في‭ ‬19‭ ‬فبراير‭ ‬2020‭ ‬،‭ ‬إن‭ ‬صواريخ‭ ‬كروز‭ ‬وقاذفات‭ ‬الطائرات‭ ‬المسيرة‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬الأسلحة‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬ضبطها‭ ‬على‭ ‬ظهر‭ ‬سفينة‭ ‬إيرانية‭ ‬في‭ ‬نوفمبر‭ ‬الماضي،‭ ‬وكانت‭ ‬مطابقة‭ ‬لتلك‭ ‬المستخدمة‭ ‬في‭ ‬الهجوم‭ ‬على‭ ‬منشآت‭ ‬أرامكو‭ ‬منتصف‭ ‬سبتمبر‭ ‬2019‭.‬
وأشار‭ ‬أوربان‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬اعتراض‭ ‬السفن‭ ‬الشراعية‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬يو‭ ‬إس‭ ‬إس‭ ‬فورست‭ ‬شيرمان‭ ‬في‭ ‬نوفمبر‭ ‬2019‭ ‬ويو‭ ‬إس‭ ‬إس‭ ‬نورماندي‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬2020‭ ‬يتوافق‭ ‬مع‭ ‬نمط‭ ‬ثابت‭ ‬من‭ ‬السفن‭ ‬المستخدمة‭ ‬في‭ ‬نقل‭ ‬الأسلحة‭ ‬لمليشيا‭ ‬الحوثي‭ ‬،‭ ‬وبحسب‭ ‬التقييم‭ ‬فإن‭ ‬إيران‭ ‬مسؤولة‭ ‬عن‭ ‬تخطيط‭ ‬وتنظيم‭ ‬وتصنيع‭ ‬هذه‭ ‬الشحنات‭.‬
هذا‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬استخدام‭ ‬مليشيات‭ ‬الحوثي‭ ‬للألغام‭ ‬والعبوات‭ ‬الناسفة‭ ‬المحظورة‭ ‬وفق‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬الإنساني‭. ‬دعمت‭ ‬إيران‭ ‬هذه‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬العسكرية‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬تدعمها،‭ ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬ضحاياها‭ ‬منذ‭ ‬انقلاب‭ ‬الحوثيين‭ ‬في‭ ‬2014‭ ‬نحو‭ ‬8000‭ ‬قتيل‭ ‬مدني‭ ‬معظمهم‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬والأطفال،‭ ‬وعشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬مبتوري‭ ‬الأطراف‭ ‬المعوقين‭ ‬بشكل‭ ‬دائم،‭ ‬بحسب‭ ‬تقرير‭ ‬مركز‭ ‬المعلومات‭ ‬والتأهيل‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬الصادر‭ ‬في‭ ‬2020‭.‬
عانت‭ ‬شعوب‭ ‬المنطقة‭ ‬بشكل‭ ‬جسيم‭ ‬من‭ ‬سياسات‭ ‬نظام‭ ‬طهران‭ ‬العدائية‭ ‬ودعمه‭ ‬للفوضى‭ ‬والعنف‭ ‬اللذين‭ ‬تزرعهما‭ ‬الميليشيات‭ ‬الطائفية‭ ‬لتقويض‭ ‬الأمن‭ ‬والنظام‭ ‬المدني‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭.‬
لقد‭ ‬دفعت‭ ‬اليمن‭ ‬واليمنيون‭ ‬ثمناً‭ ‬باهظاً‭ ‬للتدخلات‭ ‬الإيرانية‭. ‬وقدمت‭ ‬هذه‭ ‬التدخلات‭ ‬لمليشيا‭ ‬الحوثي‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬عسكرية‭ ‬تشمل‭ ‬الصواريخ‭ ‬الباليستية‭ ‬والطائرات‭ ‬المسيرة،‭ ‬وخبراء‭ ‬في‭ ‬تصنيع‭ ‬الألغام‭ ‬والعبوات‭ ‬الناسفة‭. ‬كما‭ ‬تضمنت‭ ‬جهودًا‭ ‬لتحويل‭ ‬الأراضي‭ ‬اليمنية‭ ‬إلى‭ ‬منصة‭ ‬لاستهداف‭ ‬الدول‭ ‬المجاورة،‭ ‬وتهديد‭ ‬مصادر‭ ‬الطاقة‭ ‬وممرات‭ ‬الشحن‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬الأحمر‭ ‬وبحر‭ ‬العرب،‭ ‬والسيطرة‭ ‬على‭ ‬مضيق‭ ‬باب‭ ‬المندب‭.‬
لقد‭ ‬دفعت‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬أخرى‭ ‬مثل‭ ‬العراق‭ ‬ولبنان‭ ‬وسوريا‭ ‬والمنطقة‭ ‬والعالم‭ ‬أجمع‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬ثمناً‭ ‬باهظاً‭ ‬للسياسات‭ ‬العدائية‭ ‬التي‭ ‬انتهجها‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬والحرس‭ ‬الثوري‭ ‬منذ‭ ‬الثورة‭ ‬الخمينية،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬محاولات‭ ‬تصدير‭ ‬الثورة‭. ‬وفرض‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬بقوة‭ ‬السلاح‭ ‬والميليشيات‭ ‬الطائفية‭ ‬ونشر‭ ‬الفكر‭ ‬الإرهابي‭ ‬المتطرف‭.‬
في‭ ‬ضوء‭ ‬كل‭ ‬هذا،‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمته‭ ‬الأعضاء‭ ‬الدائمين‭ ‬وغير‭ ‬الدائمين‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن،‭ ‬واجب‭ ‬التصرف‭ ‬وفقًا‭ ‬لمبادئ‭ ‬ميثاق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لصون‭ ‬السلم‭ ‬والأمن‭ ‬الدوليين‭ ‬،‭ ‬ووضع‭ ‬حد‭ ‬لمقتضيات‭ ‬تهديد‭ ‬السلام‭ ‬العالمي،‭ ‬وتطبيق‭ ‬مبدأ‭ ‬عدم‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الداخلية‭ ‬للدول‭ ‬وحماية‭ ‬استقلالها‭ ‬وسيادتها‭.‬
كما‭ ‬أن‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬واجب‭ ‬مواجهة‭ ‬الإرهاب‭ ‬ومنع‭ ‬بيع‭ ‬وتصدير‭ ‬الأسلحة‭ ‬للنظام‭ ‬الإيراني،‭ ‬وهي‭ ‬أسلحة‭ ‬ستنتهي‭ ‬بلا‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬أيدي‭ ‬الميليشيات‭ ‬الطائفية‭ ‬والمنظمات‭ ‬الإرهابية،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬مليشيات‭ ‬الحوثي،‭ ‬التي‭ ‬ستستخدمها‭ ‬لقتل‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬اليمنيين‭ ‬وتقويض‭ ‬الجهود‭ ‬المبذولة‭ ‬لإنهاء‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬وإحلال‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬البلاد‭.‬

التعليقات مغلقة.