إنقاذ الأرواح في أبو ظبي

الإمارات تنشئ برنامجاً لعلاج الصدمات والحروق وإعادة التأهيل مع شركاء أمريكيين بمدينة الشيخ شخبوط الطبية

عندما‭ ‬تشتبك‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬في‭ ‬معركة،‭ ‬فإنَّ‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬سرعة‭ ‬علاج‭ ‬الصدمات‭ ‬والحروق‭ ‬وإعادة‭ ‬التأهيل‭ ‬تعد‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬شديدة‭ ‬الأهمية،‭ ‬وتزداد‭ ‬فرص‭ ‬إنقاذ‭ ‬حياة‭ ‬المصابين‭ ‬بإصابات‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تفضي‭ ‬إلى‭ ‬موتهم‭ ‬عندما‭ ‬يقع‭ ‬مستشفىً‭ ‬مجهز‭ ‬تجهيزاً‭ ‬جيداً‭ ‬على‭ ‬مسيرة‭ ‬ساعة‭ ‬من‭ ‬ساحة‭ ‬المعركة،‭ ‬وهي‭ ‬ساعة‭ ‬يسميها‭ ‬الأطباء‭ ‬“الساعة‭ ‬الذهبية‭.‬”

وبفضل‭ ‬شراكة‭ ‬طبية‭ ‬بين‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬تعمل‭ ‬مدينة‭ ‬الشيخ‭ ‬شخبوط‭ ‬الطبية‭ ‬بأبو‭ ‬ظبي‭ ‬على‭ ‬النهوض‭ ‬بقدرات‭ ‬علاج‭ ‬الصدمات‭ ‬والحروق‭ ‬وإعادة‭ ‬التأهيل‭ ‬التي‭ ‬لن‭ ‬تقتصر‭ ‬على‭ ‬خدمة‭ ‬المدنيين‭ ‬في‭ ‬أرجاء‭ ‬المنطقة‭ ‬بأسرها،‭ ‬وإنما‭ ‬ستخدم‭ ‬مصابي‭ ‬ساحات‭ ‬القتال‭.‬

وتضم‭ ‬بعثة‭ ‬علاج‭ ‬الصدمات‭ ‬والحروق‭ ‬وإعادة‭ ‬التأهيل‭ ‬بأبو‭ ‬ظبي‭ ‬أطباء‭ ‬وطاقم‭ ‬تمريض‭ ‬ومديرين‭ ‬من‭ ‬الجيش‭ ‬الأمريكي‭ ‬وسلاح‭ ‬الخدمات‭ ‬الطبية‭ ‬بالقوات‭ ‬المسلحة‭ ‬الإماراتية،‭ ‬ويتعاون‭ ‬الفريق‭ ‬الأمريكي‭ -‬الإماراتي‭ ‬لبناء‭ ‬عدة‭ ‬قدرات‭ ‬داخل‭ ‬مستشفى‭ ‬ميداني‭ ‬وتقديم‭ ‬الدعم‭ ‬الطبي‭ ‬الحربي‭ ‬في‭ ‬أوقات‭ ‬الصراع‭.‬

وقالت‭ ‬العقيد‭ ‬بريجيلدا‭ ‬تينيزا،‭ ‬المدير‭ ‬التنفيذي‭ ‬لبرنامج‭ ‬علاج‭ ‬الصدمات‭ ‬والحروق‭ ‬وإعادة‭ ‬التأهيل،‭ ‬وهي‭ ‬طبيبة‭ ‬بالجيش‭ ‬الأمريكي‭ ‬منذ‭ ‬24‭ ‬عاماً‭: ‬“ستساهم‭ ‬جهود‭ ‬البرنامج‭ ‬في‭ ‬رفع‭ ‬كفاءة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والإمارات‭ ‬وسائر‭ ‬البلدان‭ ‬الشريكة‭ ‬التي‭ ‬تجري‭ ‬عمليات‭ ‬داخل‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬كما‭ ‬سيوفر‭ ‬مركز‭ ‬الصدمات‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬منصة‭ ‬تدريب‭ ‬مرموقة‭ ‬لمتخصصي‭ ‬علاج‭ ‬الصدمات‭ ‬والحروق‭ ‬وإعادة‭ ‬التأهيل‭ ‬بوزارة‭ ‬الدفاع‭.‬”

وقد‭ ‬بدأت‭ ‬الشراكة‭ ‬الطبية‭ ‬–‭ ‬وهي‭ ‬بتمويل‭ ‬إماراتي‭ ‬–‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2018‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬خارطة‭ ‬طريق‭ ‬التعاون‭ ‬الدفاعي‭ ‬والحوار‭ ‬العسكري‭ ‬المشترك‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والإمارات‭. ‬وكانت‭ ‬مدينة‭ ‬الشيخ‭ ‬شخبوط‭ ‬الطبية‭ ‬المفتتحة‭ ‬مؤخراً‭ ‬اختياراً‭ ‬منطقياً‭ ‬لبعثة‭ ‬علاج‭ ‬الصدمات‭ ‬والحروق‭ ‬وإعادة‭ ‬التأهيل؛‭ ‬إذ‭ ‬تعد‭ ‬هذه‭ ‬المدينة‭ ‬أكبر‭ ‬مستشفى‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬وجود‭ ‬خطط‭ ‬لتوفير‭ ‬741‭ ‬سريراً‭ ‬و440‭ ‬طبيباً‭ ‬وطبيبةً‭ ‬و1‭,‬800‭ ‬ممرضاً‭ ‬وممرضة،‭ ‬وتعمل‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬مركز‭ ‬‮«‬مايو‭ ‬كلينيك‮»‬‭ ‬الشهير‭ ‬بالولايات‭ ‬المتحدة‭. ‬وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬مكونها‭ ‬العسكري،‭ ‬تعمل‭ ‬بعثة‭ ‬علاج‭ ‬الصدمات‭ ‬والحروق‭ ‬وإعادة‭ ‬التأهيل‭ ‬على‭ ‬إشراك‭ ‬مسؤولين‭ ‬من‭ ‬دائرة‭ ‬الصحة‭ ‬بأبو‭ ‬ظبي‭ ‬وشركة‭ ‬أبو‭ ‬ظبي‭ ‬للخدمات‭ ‬الصحية‭ ‬ووزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭.‬

وستشمل‭ ‬بعثة‭ ‬علاج‭ ‬الصدمات‭ ‬والحروق‭ ‬وإعادة‭ ‬التأهيل،‭ ‬فور‭ ‬العمل‭ ‬بطاقتها‭ ‬القصوى،‭ ‬تناوبات‭ ‬لجراحين‭ ‬وأطباء‭ ‬تخدير‭ ‬وأطقم‭ ‬تمريض‭ ‬لغرف‭ ‬العمليات‭ ‬وفنيين،‭ ‬وستقدم‭ ‬الكوادر‭ ‬الطبية‭ ‬التابعة‭ ‬للبعثة‭ ‬الاستشارات‭ ‬والتدريب‭ ‬والإرشاد‭ ‬والدعم‭ ‬الفني‭ ‬حتى‭ ‬تتحول‭ ‬مدينة‭ ‬الشيخ‭ ‬شخبوط‭ ‬الطبية‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬إلى‭ ‬مركز‭ ‬معتمد‭ ‬لعلاج‭ ‬الصدمات‭.‬

وفضلاً‭ ‬عن‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬رعاية‭ ‬الحالات‭ ‬الحرجة‭ ‬من‭ ‬القوات‭ ‬المصابة‭ ‬بإصابات‭ ‬خطيرة،‭ ‬فإنَّ‭ ‬المهمة‭ ‬الأساسية‭ ‬لمدينة‭ ‬الشيخ‭ ‬شخبوط‭ ‬الطبية‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬رعاية‭ ‬المدنيين‭ ‬بدولة‭ ‬الإمارات،‭ ‬إذ‭ ‬تعد‭ ‬المدينة‭ ‬مركز‭ ‬الصدمات‭ ‬الرئيسي‭ ‬داخل‭ ‬أبو‭ ‬ظبي‭ ‬لاستقباله‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬1‭,‬800‭ ‬من‭ ‬مرضى‭ ‬الصدمات‭ ‬خلال‭ ‬عام‭ ‬2020‭ ‬وحده‭.‬

وقال‭ ‬المقدم‭ ‬براين‭ ‬جافيت،‭ ‬جراح‭ ‬الصدمات‭ ‬بالقوات‭ ‬الجوية‭ ‬الأمريكية‭: ‬“يخدم‭ ‬قطاع‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬بالإمارات‭ ‬بالفعل‭ ‬منطقة‭ ‬بأسرها‭ ‬من‭ ‬مناطق‭ ‬العالم،‭ ‬وتتمثل‭ ‬مهمة‭ ‬فريق‭ ‬علاج‭ ‬الصدمات‭ ‬والحروق‭ ‬وإعادة‭ ‬التأهيل‭ ‬في‭ ‬تسخير‭ ‬الخبرة‭ ‬الموجودة‭ ‬لإنشاء‭ ‬منظومة‭ ‬عالمية‭ ‬متعددة‭ ‬التخصصات‭ ‬لعلاج‭ ‬الصدمات‭ ‬داخل‭ ‬أبو‭ ‬ظبي‭ ‬تتصف‭ ‬بالتكامل‭ ‬من‭ ‬لحظة‭ ‬الإصابة‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬الإدماج‭. ‬ومن‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تتحسن‭ ‬معدَّلات‭ ‬البقاء‭ ‬على‭ ‬قيد‭ ‬الحياة‭ ‬بعد‭ ‬الإصابة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الإنشاء‭ ‬المتزامن‭ ‬لمراكز‭ ‬صدمات‭ ‬داخل‭ ‬منظومة‭ ‬الصدمات‭ ‬الكبرى‭.‬”

وتجدر‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أنَّ‭ ‬الجنود‭ ‬المصابين‭ ‬بإصابات‭ ‬خطيرة‭ ‬كانوا‭ ‬يُنقلون‭ ‬في‭ ‬الماضي‭ ‬إلى‭ ‬المستشفيات‭ ‬العسكرية‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬كألمانيا،‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬أولويات‭ ‬القيادة‭ ‬المركزية‭ ‬الأمريكية‭ ‬تحسين‭ ‬مستوى‭ ‬رعاية‭ ‬مصابي‭ ‬الحرب‭ ‬لدى‭ ‬البلدان‭ ‬الشريكة‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬وتعد‭ ‬بعثة‭ ‬علاج‭ ‬الصدمات‭ ‬والحروق‭ ‬وإعادة‭ ‬التأهيل‭ ‬بمدينة‭ ‬الشيخ‭ ‬شخبوط‭ ‬الطبية‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬نوعها‭.‬

وصرَّح‭ ‬منظمو‭ ‬المشروع‭ ‬قائلين‭: ‬“من‭ ‬خلال‭ ‬إيجاد‭ ‬القيادة‭ ‬الجماعية‭ ‬وإقامة‭ ‬شراكات‭ ‬رسمية،‭ ‬توفرت‭ ‬الركائز‭ ‬التي‭ ‬تكفل‭ ‬نجاح‭ ‬المنظومة‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل،‭ ‬ونرجو‭ ‬ألَّا‭ ‬نضطر‭ ‬إلى‭ ‬استخدام‭ ‬علاج‭ ‬الصدمات‭ ‬والحروق‭ ‬وإعادة‭ ‬التأهيل‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬أبداً،‭ ‬لكننا‭ ‬جاهزون‭ ‬إذا‭ ‬لزم‭ ‬الأمر‭.‬”‭  

التعليقات مغلقة.