تعزيز القوات المسلحة
الأردن والإمارات العربية المتحدة وأفغانستان تركز على بناء قدرات قواتها المسلحة
أسرة يونيباث
عادة ما تقاس القدرة العسكرية اللازمة للدفاع عن الوطن، ولإحكام السيطرة،عند الضرورة، على البعثات متعددة الجنسيات، بكمية ونوعية القوات والمعدات والتدريب. وفيما يتعلق بتعزيز القوات المسلحة في مواجهة التهديدات المباشرة والمحتملة، فقد استحدثت الأردن والإمارات العربية المتحدة وأفغانستان نهجًا فريدًا لبناء القدرات العسكرية في ظل القيود التي تفرضها الميزانيات والموارد.
الأردن: استراتيجية جديدة وضباط الصف
دعا صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين ملك الأردن مؤخرًا إلى إصلاح القوات المسلحة بالمملكة من أجل تطوير جيش أكثر مهنية وتناسقًا يتناسب مع العصر الرقمي الذي يمكن أن تكون فيه المعارك العقائدية الفكرية بنفس الأهمية الإستراتيجية التي تحظى بها العمليات الحركية.
منذ عام 2004، عندما أصدر الملك كتابه “رسالة عمّان”، أقامت القوات المسلحة الأردنية تدريبًا متخصصًا للأئمة العسكريين في كلية الأمير حسن للدراسات الإسلامية، حيث تتناول المحاضرات تعزيز الإسلام الأصيل وتكشف المتطرفين باعتبارهم مجرمين يعتدون على الدين. وقد نشر هؤلاء الأئمة رسالتهم في جميع أنحاء الأردن وخارجها إلى أماكن مثل أفغانستان، حيث خدموا كرجال دين عسكريين في القرى.
في السنوات الأخيرة، استثمرت المملكة أيضًا في الأسلحة والمعدات المتطورة – بما في ذلك تقليل الاعتماد على تشكيلات الدبابات الأقل كفاءة في ساحة المعركة اليوم. وقد ركزت، على وجه الخصوص، على النظم المتقدمة لمراقبة الحدود التي تساعد على الكشف عن الإرهابيين والمهربين الذين يحاولون العبور إلى المملكة.
لكن الأردن بذل أقصى جهوده نحو تحسين التدريب العسكري. بالإضافة إلى استضافة التدريبات السنوية المعروفة باسم الأسد المتأهب، فقد واجهت القوات المسلحة الأردنية نقصًا في توظيف ضباط الصف من خلال الشروع في برنامج تدريبي متعدد السنوات لمنح هؤلاء الجنود المساعدين والرقباء مزيدًا من الحكم الذاتي والسلطة في ساحة المعركة.
وقد حضر العشرات من ضباط الصف الأردنيين دراسة لمدة عام في “دورة القائد المحارب” التابعة للجيش الأمريكي في مقاطعة فورت بليس بولاية تكساس، واستفادوا من الفرص والمحتوى الدراسي بالصفوف للحاق بضباط الصف الأمريكيين أثناء أدائهم واجباتهم. وبعد تدريب ضباط الصف، أرسل الأردن العديد من هؤلاء الرجال المدربين حديثًا إلى وحدات في أفغانستان لاختبار قدراتهم تحت ضغوطات بعثات حفظ السلام والبعثات القتالية.
وللحفاظ على قوة الدفع، أقامت القوات المسلحة الأردنية برامج تدريب داخلية خاصة بها بمساعدة مدربين من برنامج المساعدات العسكرية للقيادة المركزية الأمريكية. إلا أن التقدم لم يكن كاملًا: فقد أبلغ المدربون عن ممانعة من جانب ضباط أردنيين تم تدريبهم في الأيام التي كان فيها تفويض السلطة للزملاء من ضباط الصف يفسَّر على أنه ضعف. ويشير الخبراء إلى أن المشكلة ليست فريدة من نوعها بالنسبة للأردن ولكنها ظاهرة ثقافية مألوفة للجيوش على مستوى المنطقة.
ومع ذلك، فقد أشاد ضباط الصف الأردنيون بالتدريب مع شركائهم.
وقد أفاد محمد عمر المعيطة، رقيب أول بالقوات المسلحة الإردنية قائلًا “إننا ممتنون جدًا لحصولنا على فرصة التدريب مع ضباط الصف الأمريكيين والتعلم منهم”، وذلك بعد تخرجه من إحدى الدورات التدريبية في أواخر عام 2016. وأضاف “إننا نتطلع إلى المرحلة القادمة من التدريب والعمل مع الجيش الأمريكى”.
الإمارات العربية المتحدة: التسليح والاستعداد القتالى
مع كونها دولة صغيرة في حجم سكانها الأصليين وتشتهر بفطنتها في مجال الأعمال، قامت دولة الإمارات العربية المتحدة بعمل مثالي لبناء جيش مهني قادر على أداء مهامه القتالية بأفضل ما يكون. ففي عام 2014 بدأ التجنيد العسكري للمواطنين البالغين من العمر 18 سنة فما فوقه. ومن خلال الجمع بين تلك القوى العاملة الإضافية والمعدات العسكرية الحديثة التي اكتسبتها على مر السنين، بما في ذلك شراء طائرات الهليكوبتر الهجومية التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات مؤخرًا، قامت دولة الإمارات بتوسيع نطاقها العسكري لمحاربة التطرف خارج حدودها.
وقد استخدمت قواتها الجوية مؤخرًا لضرب مواقع داعش في سوريا وأطلقت العنان للقوات البرية الماهرة لدحر القاعدة في شبه الجزيرة العربية من المكلا، خامس أكبر مدينة في اليمن. وفي كلتا الحالتين، لعبت دولة الإمارات العربية المتحدة دورًا رائدًا في التحالفات متعددة الجنسيات التي تم تشكيلها لهذه الأغراض.
فباعتبارها عضوًا في القوات البحرية المشتركة، وفي التحالف البحري متعدد الجنسيات الذي يتخذ من البحرين مقرًا له، ساهمت دولة الإمارات العربية المتحدة بالسفن والبحارة في مهام مكافحة القرصنة والتفتيش في بحر العرب وما وراءه.
كما استفادت دولة الإمارات العربية المتحدة، في الوقت نفسه، من القوة الناعمة، مما ساعد على إعادة بناء المستشفيات والمدارس والطرق في أفغانستان في محاولة للحد من الدعم الشعبي لطالبان وغيرهم من المتطرفين.
كما تتجه دولة الإمارات العربية المتحدة إلى إقامة شراكات دولية لتطوير صناعة الدفاع المحلية التي تسمح لها بتجديد المعدات العسكرية بسرعة أكبر. فقد شكل إنشاء شركة صناعات الدفاع الإماراتية في عام 2014 خطوة كبيرة نحو تحقيق هذا الهدف.
وقد فازت شركة نمر للسيارات، وهي أحد الكيانات التابعة للشركة، بعقد تبلغ قيمته مليارات الدولارات لتزويد القوات المسلحة بأكثر من 1000 مركبة مدرعة مصنعة في الإمارات العربية المتحدة. وسوف تتاح قريبًا عقود أخرى لإنتاج مكونات بحرية وجوية.
أفغانستان: التركيز على القوات الخاصة
على الرغم من أنه قد يكون من الصعب تأمين الأموال من أجل تعزيز القوات المسلحة في أفغانستان – وهي بيئة صعبة بشكل فريد، نظرًا لحروبها الأخيرة واقتصادها المضطرب – فلا تزال القوات الخاصة في البلاد نقطة مضيئة لجيش الدولة.
وتهدف كابول إلى مضاعفة القوى العاملة التى تلتزم بها قيادة العمليات الخاصة بالجيش الوطنى الأفغانى. فهي تقوم بتوظيف حوالي 17,000 جندي في وحدات مثل كتاه خاس، وقوة النخبة الوطنية لمكافحة الإرهاب في البلاد، وفي كتائب الكوماندوز المدربة خصيصًا.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع، الجنرال دولت وزيري “إنه من الممكن زيادة تعزيزات قواتنا، ويجب أن تحصل على مزيد من الأسلحة والمعدات الجديدة والمتطورة”.
تكافح القوات الجوية في بعض الأحيان للعثور على الموارد والموظفين اللازمين لأداء المهام، ولكن الرواد البحريين الأفغان تمكنوا من بناء جناح المهمة الخاصة من طائرات الهليكوبتر والطائرات ثابتة الجناحين للقيام بالهجمات النهارية والليلية ومكافحة الإرهاب وعمليات مكافحة المخدرات والدعم الجوي الوثيق والمراقبة والاستطلاع.
في نيسان/أبريل 2017، أعلن الجنرال دولت وزيري أن القوات الجوية تنتظر وصول العشرات من طائرات الهليكوبتر والطائرات الجديدة التى يعتقد قادة القيادة المركزية الأمريكية أن بإمكانها أن تحسن من أداء الجيش الأفغانى.
وتنفذ القوات الخاصة الأفغانية ما يقدر ب 70 في المئة من جميع المهام في البلاد، مما يدل على الثقة التي يضعها القادة في تدريبهم وقدراتهم.
”إن هذه القدرة على التعامل مع الأزمات في وقت واحد … لهي علامة على أن الجيش يتمتع بقدرات متزايدة”. هذا ما أعلنه الفريق أول جون نيكولسون قائد قوات التحالف فى أفغانستان فى نهاية عام 2016.
حماية النظم السيبرانية
اللواء مهدي ياسر الزبيدي، مدير الاتصالات العسكرية، بوزارة الدفاع العراقية
في العراق، يتزامن نمو شعبية الإنترنت – للأمن والأعمال التجارية والاستخدام الشخصي – مع عدم وجود بنية تحتية سيبرانية آمنة. وقد أدى ذلك إلى زيادة الوعي بضرورة فهم مخاطر الجرائم السيبرانية المصاحبة لكل تطور تكنولوجي جديد، وخاصة في سياق تحول المجتمع إلى مجتمع الإنترنت. فقد نتج ذلك عن اعتماد الأفراد والمؤسسات على أنظمة الإنترنت والاتصالات، التي تعتبر بعض المصادر الرئيسية للخطر.
يجب أن يتكيف قطاع الأمن مع كل تطور تكنولوجي جديد. وينبغي أيضًا تصميم بنية تحتية سيبرانية محددة وإدارتها وفقًا للشواغل الخاصة بالأمن السيبراني/ الاتصالات. ويمكن أيضًا إنشاء خدمات حكومية إلكترونية أخرى، بما في ذلك التعليم عبر الإنترنت.
وبالمثل، يتطلب التطور السريع للتكنولوجيا السيبرانية/ الاتصالات من جميع الكيانات المحلية والدولية التعاون لإثبات أهمية أمن الشبكات في عملية صنع السياسات. فمن خلال التعاون، يمكن للمؤسسات الحكومية والخاصة حماية البنية التحتية السيبرانية الحيوية وتعزيز الأمن السيبراني.
يجب وضع إستراتيجية وطنية للأمن السيبراني وفقًا للمعايير الدولية، مثل معايير الاتحاد الدولي للاتصالات وغيره من المنظمات. وهذا من شأنه أن يؤدي إلى وضع خطة إستراتيجية لحماية وتعزيز بنيتنا التحتية للمعلومات. ويمكن تحقيق ذلك من خلال الخطوات التالية:
تشكيل فريق وطني قادر على التعامل مع التهديدات السيبرانية والقضاء على مخاطرها.
زيادة الوعي بقضايا الأمن السيبراني وتحسين قدرة المستخدمين على اتخاذ قرارات ذكية في إدارة أمور التهديدات السيبرانية.
زيادة عدد ونوعية المجموعات الهندسية للأمن السيبراني من خلال التدريب المستمر.
تنظيم مجموعة عمل وطنية للأمن السيبراني قادرة على وضع معايير إستراتيجية للتدريب على الأمن السيبراني والتطوير المهني.
ضمان التحديث المستمر والبدلات المالية الآمنة لدعم تطوير البنية التحتية للشبكات من خلال المعدات والبرامج التي تتفق مع معايير العالمية للتشفير والأمن السيبراني.
إنشاء مراكز بيانات مؤقتة لتقديم الدعم السريع في حالة تعرض المراكز الأصلية للخطر أو للتهديدات.
وتعكف وزارة الدفاع العراقية على إعداد إستراتيجيات لتنفيذ الخطوات المذكورة أعلاه وضمان وجود أحدث الهياكل الأساسية والآمنة لنظم التكنولوجيا السيبرانية/ الاتصالات الحاسوبية. وهذا سيساعد على تحقيق أهداف القيادة والرقابة والاتصالات والاستخبارات.
أود أن أشكر جميع المشاركين في مؤتمر الاتصالات في المنطقة الوسطى المنعقد مؤخرًا في واشنطن العاصمة، والذي يهدف إلى تسليط الضوء على قضايا الأمن السيبراني، ونشر ثقافة الأمن السيبراني بين الجمهور والمؤسسات المعنية، وإقامة الروابط بين المتخصصين في مجال الأمن السيبراني الحكومي. ويحدونا الأمل في العراق لتبادل المعلومات حول مبادرات الأمن السيبراني وتعزيز التعاون في المسائل المتعلقة بالأمن السيبراني.
في يونيباث التالي:
استضافت القيادة المركزية الأمريكية مؤتمر الاتصالات في المنطقة الوسطى في واشنطن العاصمة في أبريل 2017. ركز المؤتمر على التعامل مع الحوادث السيبرانية، وجمع خبراء ومشاركين من البحرين ومصر والعراق والأردن والكويت ولبنان وعمان وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة. راجع الإصدار التالي من يونيباث لتقرأ عن الحدث وغيره من مبادرات الأمن السيبراني.
دعوة للقراء
لتقديم مقالات أو أفكار قصصية ذات صلة بموضوع “بناء القدرات.” إرسالها إلى
Comments are closed.