حماية الحدود

تشكل‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬والقوى‭ ‬العاملة‭ ‬أهمية‭ ‬قصوى‭ ‬بالنسبة‭ ‬لأمن‭ ‬الحدود

دي‭. ‬بي‭. ‬دى‭ ‬روش‭ ‬‭/ ‬مركز‭ ‬الشرق‭ ‬الأدنى‭ ‬وجنوب‭ ‬آسيا‭ ‬للدراسات‭ ‬الاستراتيجية

يُعد‭ ‬أمن‭ ‬الحدود‭ ‬محل‭ ‬اهتمام‭ ‬كل‭ ‬أمة‭ ‬في‭ ‬العالم‭. ‬إذ‭ ‬تشتمل‭ ‬قضايا‭ ‬تعاطى‭ ‬المخدرات،‭ ‬والدعارة،‭ ‬والإرهاب‭ ‬والسرقات‭ ‬التافهة‭ ‬على‭ ‬بعد‭ ‬أمني‭ ‬حدودي،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬كثيراً‭ ‬ما‭ ‬تتم‭ ‬المبالغة‭ ‬فيه‭. ‬ففي‭ ‬مناطق‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬ووسط‭ ‬وجنوب‭ ‬آسيا،‭ ‬يحظى‭ ‬الأمن‭ ‬بأهمية‭ ‬رئيسية‭ ‬كلما‭ ‬جاورت‭ ‬دول‭ ‬غنية‭ ‬دولاً‭ ‬فقيرة‭ (‬مثلما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬مع‭ ‬اليمن‭) ‬أو‭ ‬جاورت‭ ‬دول‭ ‬مستقرة‭ ‬دولاً‭ ‬تشهد‭ ‬صراعات‭ (‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬المجاورة‭ ‬لأفغانستان‭).‬

ويُنظر‭ ‬إلى‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬للحدود‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع،‭ ‬ومن‭ ‬الخطأ‭ ‬اعتبارها‭ ‬مسألة‭ ‬بسيطة‭ ‬تتعلق‭ ‬بالهندسة‭ ‬والإنشاء‭. ‬ومن‭ ‬السهل‭ ‬تقييم‭ ‬مقاييس‭ ‬مثل‭ “‬أميال‭ ‬من‭ ‬الأسوار‭ ‬المبنية‭”. ‬فبناء‭ ‬بنية‭ ‬تحتية‭ ‬فعالة‭ ‬للحدود‭ ‬يعد‭ ‬عملية‭ ‬أكثر‭ ‬تعقيداً‭ ‬وشمولية‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬بكثير‭.‬

فمن‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬يسفر‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬البناء‭ ‬والمرافق‭ ‬المادية‭ ‬مع‭ ‬إهمال‭ ‬جوانب‭ ‬أخرى،‭ ‬عن‭ ‬نتائج‭ ‬عكسية‭. ‬فتغيير‭ ‬أنماط‭ ‬عمليات‭ ‬الاتجار،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬قد‭ ‬يحول‭ ‬عبور‭ ‬الحدود‭ ‬إلى‭ ‬عملية‭ ‬عفا‭ ‬عليها‭ ‬الزمن،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬يستمر‭ ‬عبور‭ ‬الحدود‭ ‬في‭ ‬استنزاف‭ ‬القوة‭ ‬العاملة‭ ‬والأموال‭ ‬الشحيحة‭ ‬لتبرير‭ ‬الاستثمار‭ ‬الأصلي‭.‬

وسوف‭ ‬يساعد‭ ‬النهج‭ ‬الشامل‭ ‬تجاه‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬لأمن‭ ‬الحدود‭ ‬في‭ ‬إرشاد‭ ‬صناع‭ ‬القرار‭ ‬لضمان‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬استثماراتهم‭ ‬مثمرة‭ ‬وتُنفذ‭ ‬بكفاءة،‭ ‬كما‭ ‬تتيح‭ ‬المرونة‭ ‬اللازمة‭ ‬للرد‭ ‬على‭ ‬الأنماط‭ ‬المتغيرة‭ ‬في‭ ‬الاتجار‭ ‬القانوني‭ ‬وغير‭ ‬القانوني‭. ‬وتقترح‭ ‬هذه‭ ‬الدراسة‭ ‬إطار‭ ‬عمل‭ ‬تحليلي‭ ‬لتحليل‭ ‬مقترحات‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬للحدود‭. ‬وسوف‭ ‬تساعد‭ ‬هذه‭ ‬الاعتبارات‭ ‬التحليلية‭ ‬واضعي‭ ‬السياسات‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬السياسة‭ ‬اللازمة‭ ‬وآثار‭ ‬دعم‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬لبرنامج‭ ‬معين‭ ‬للبنية‭ ‬التحتية‭ ‬للحدود‭.‬

القوى‭ ‬العاملة

تفشل‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬برامج‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬لأمن‭ ‬الحدود‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬سياستها‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬بسبب‭ ‬سياسات‭ ‬وممارسات‭ ‬معيبة‭ ‬تتعلق‭ ‬بالقوى‭ ‬العاملة‭. ‬وتنحصر‭ ‬هذه‭ ‬الأسباب‭ ‬في‭ ‬مجالين‭ ‬رئيسيين‭: ‬الفساد‭ ‬وعدم‭ ‬الكفاءة‭.‬

يتطلب‭ ‬أي‭ ‬برنامج‭ ‬للبنية‭ ‬التحتية‭ ‬للحدود،‭ ‬بصرف‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬التفوق‭ ‬التكنولوجي،‭ ‬أفراداً‭ ‬لصيانته،‭ ‬ومراقبته‭ ‬وتشغيله‭. ‬وحارس‭ ‬الحدود‭ ‬الفاسد‭ ‬أو‭ ‬الذي‭ ‬يعجز‭ ‬ببساطة‭ ‬عن‭ ‬أداء‭ ‬وظيفته‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬سيجعل‭ ‬أي‭ ‬كمية‭ ‬تُصب‭ ‬من‭ ‬الخرسانة‭ ‬غير‭ ‬فعالة‭.‬

أما‭ ‬الفساد‭ ‬فهو‭ ‬الخطر‭ ‬الأكثر‭ ‬شيوعاً‭ ‬والمرتبط‭ ‬بقضايا‭ ‬الحدود‭. ‬وفي‭ ‬أجزاء‭ ‬كثيرة‭ ‬من‭ ‬العالم،‭ ‬يتم‭ ‬توظيف‭ ‬حرس‭ ‬الحدود‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬السكان‭ ‬المحليين‭ ‬الذين‭ ‬لديهم‭ ‬أقرباء‭ ‬على‭ ‬جانبي‭ ‬الحدود‭. ‬وفي‭ ‬أمن‭ ‬الحدود،‭ ‬تُعد‭ ‬أخطاء‭ ‬السهو‭ (‬الإهمال‭ ‬في‭ ‬فحص‭ ‬شحنة‭ ‬قد‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬ممنوعات‭) ‬على‭ ‬نفس‭ ‬مستوى‭ ‬خطورة‭ ‬التواطؤ‭(‬مثل‭ ‬التسهيل‭ ‬النشط‭ ‬للتهريب‭). ‬وهذه‭ ‬الحقيقة‭ ‬البسيطة‭ ‬تجعل‭ ‬الحد‭ ‬الذي‭ ‬يؤثر‭ ‬فيه‭ ‬الفساد‭ ‬على‭ ‬السياسة‭ ‬أدنى‭ ‬بكثير‭ ‬لقضايا‭ ‬الحدود‭ ‬من‭ ‬الأنواع‭ ‬الأخرى‭ ‬من‭ ‬سوء‭ ‬السلوك‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬القانون‭. ‬ويمكن‭ ‬لتغيير‭ ‬طفيف‭ ‬في‭ ‬الكيفية‭ ‬التي‭ ‬يمارس‭ ‬بها‭ ‬حارس‭ ‬الحدود‭ ‬مهمته‭ ‬على‭ ‬هواه‭ ‬تأثير‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬تدفق‭ ‬السلع‭ ‬الممنوعة‭.‬

ومما‭ ‬يضاعف‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المسألة‭ ‬هو‭ ‬شرط‭ ‬امتلاك‭ ‬أفراد‭ ‬أمن‭ ‬الحدود‭ ‬المعرفة‭ ‬المحلية‭ ‬ليكونوا‭ ‬أكثر‭ ‬فعالية‭. ‬وفي‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المناطق‭ ‬الأقل‭ ‬تطوراً‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المعرفة‭ ‬إلا‭ ‬بتوظيف‭ ‬مواطنين‭ ‬محليين‭ ‬للعمل‭ ‬كحرس‭ ‬حدود‭. ‬وللأسف،‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬المحتم‭ ‬أن‭  ‬ترافق‭ ‬المعرفة‭ ‬المحلية‭ ‬روابط‭ ‬محلية،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تؤثر‭ ‬بسرعة‭ ‬على‭ ‬عمل‭ ‬حارس‭ ‬الحدود‭.‬

ومن‭ ‬ثم‭ ‬تحظى‭ ‬التدابير‭ ‬المضادة،‭ ‬مثل‭ ‬الفحص‭ ‬أو‭ ‬اشتراط‭ ‬التناوب‭ ‬المتكرر‭ ‬وإعادة‭ ‬توزيع‭ ‬الأفراد،‭ ‬بأهمية‭ ‬مضافة‭ ‬في‭ ‬محيط‭ ‬أمن‭ ‬الحدود‭. ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬يُنظر‭ ‬دائماً‭ ‬إلى‭ ‬الموظفين‭ ‬المحليين‭ ‬بدرجة‭ ‬مقبولة‭ ‬من‭ ‬الحذر،‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬الشك،‭ ‬ويجب‭ ‬الحكم‭ ‬على‭ ‬أدائهم‭ ‬بموضوعية‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬الضغوط‭ ‬التي‭ ‬تفرضها‭ ‬العلاقات‭ ‬العائلية،‭ ‬والعرقية‭ ‬والقبلية‭ ‬عبر‭ ‬الحدود‭.‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬هناك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬أفراد‭ ‬أمن‭ ‬الحدود‭ ‬المتمرسين‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬المسند‭ ‬إليهم،‭ ‬ولكن‭ ‬معرفتهم‭ ‬محدودة‭ ‬بالاتجاهات‭ ‬الأكبر‭ ‬أو‭ ‬التطورات‭ ‬في‭ ‬ميدان‭ ‬أمن‭ ‬الحدود‭. ‬وهذا‭ ‬بالطبع‭ ‬يخلق‭ ‬شعوراً‭ ‬بالرضا‭ ‬عن‭ ‬الوضع‭ ‬القائم‭ ‬وتستغله‭ ‬المنظمات‭ ‬الإجرامية‭ ‬المرنة‭ ‬لتحقيق‭ ‬مآربها‭ ‬الخاصة‭.‬

إن‭ ‬أفراد‭ ‬أمن‭ ‬الحدود‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬التحلي‭ ‬بنظرة‭ ‬عالمية‭ ‬تشغيلية‭ ‬واستراتيجية‭ ‬لتمييز‭ ‬التغييرات‭ ‬والتطورات‭ ‬الدقيقة‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬الاتجار،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬معرفة‭ ‬محلية‭ ‬تكتيكية‭ ‬للعمل‭ ‬بكفاءة‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬كثيراً‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬المتاجرون‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬السكان‭ ‬المحليين‭.‬

ويتطلب‭ ‬تحقيق‭ ‬هذه‭ ‬الأهداف‭ ‬تدريباً‭ ‬أولياً‭ ‬على‭ ‬استخدام‭ ‬المعدات‭ ‬وتعليماً‭ ‬مستمراً‭ ‬للقادة‭ ‬الأقدم‭ (‬مثل‭ ‬قادة‭ ‬القطاعات‭) ‬على‭ ‬مهارات‭ ‬مجردة‭ ‬مثل‭ ‬التفكير‭ ‬والتحليل‭ ‬النقدي‭. ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬التدريب‭ ‬تحت‭ ‬إشراف‭ ‬الجيش،‭ ‬الذي‭ ‬يدير‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬البلدان‭ ‬نظاماً‭ ‬تعليمياً‭ ‬مهنياً‭.‬

الاستراتيجية

بسبب‭ ‬الاستثمارات‭ ‬المالية‭ ‬الكبيرة‭ ‬المطلوبة‭ ‬لمعظم‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬للحدود،‭ ‬كثيراً‭ ‬ما‭ ‬تصبح‭ ‬هدفاَ‭ ‬استراتيجياً‭ ‬بحد‭ ‬ذاتها‭. ‬ويمكن‭ ‬قول‭ ‬الشيء‭ ‬ذاته‭ ‬عن‭ ‬مراكز‭ ‬القيادة،‭ ‬ونقاط‭ ‬المراقبة‭ ‬الثابتة‭ ‬والاستثمارات‭ ‬الأخرى‭.‬

وهذا‭ ‬النمط‭ ‬من‭ ‬التفكير‭ ‬خاطئ‭ ‬ويأتى‭ ‬بنتائج‭ ‬عكسية‭. ‬فاستراتيجية‭ ‬مراقبة‭ ‬حدود‭ ‬دولة‭ ‬ما‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تقود‭ ‬توجه‭ ‬بنيتها‭ ‬التحتية،‭ ‬وليس‭ ‬العكس‭. ‬وتكون‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬فائضة‭ ‬عن‭ ‬الحاجة،‭ ‬سواء‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬تحويل‭ ‬أنماط‭ ‬الاتجار‭ ‬أو‭ ‬النجاحات‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬القانون،‭ ‬ويجب‭ ‬تقييمها‭ ‬دورياً‭ ‬والنظر‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬تطويعها،‭ ‬أو‭ ‬إعادة‭ ‬تمركزها،‭ ‬أو‭ ‬تعطيلها‭ ‬أو‭ ‬التخلي‭ ‬عنها‭.‬

وباستطاعة‭ ‬كل‭ ‬جهاز‭ ‬أمني‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬أن‭ ‬يستخدم‭ ‬مزيداً‭ ‬من‭ ‬الأموال‭ ‬والأفراد‭. ‬ومن‭ ‬شأن‭ ‬الاحتفاظ‭ ‬ببنية‭ ‬تحتية‭ ‬دون‭ ‬المستوى‭ ‬أن‭ ‬يستنزف‭ ‬هذه‭ ‬الموارد‭ ‬ويحول‭ ‬دون‭ ‬استخدامها‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬التهديدات‭ ‬الناشئة‭ ‬أو‭ ‬الراسخة‭  ‬في‭ ‬مكان‭ ‬آخر‭.‬

وتتطلب‭ ‬استراتيجيات‭ ‬مراقبة‭ ‬الحدود‭ ‬نفسها‭ ‬مراجعة‭ ‬وتقييماً‭ ‬مستمرين‭. ‬والبنية‭ ‬التحتية‭ ‬التي‭ ‬تدعم‭ ‬هذه‭ ‬الاستراتيجيات‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬دورة‭ ‬التقييم‭ ‬نفسها‭. ‬وبالنظر‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬أموال‭ ‬طائلة‭ ‬ويصعب‭ ‬الطعن‭ ‬فيها‭ ‬سياسياً،‭ ‬يجب‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬جعل‭ ‬المرافق‭ ‬صغيرة‭ ‬ومتنقلة‭ ‬قدر‭ ‬الإمكان‭.‬

وحيث‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬تعديل‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬وفقاً‭ ‬للظروف،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تأتي‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬في‭ ‬المرتبة‭ ‬الثانية‭ ‬بعد‭ ‬الأفراد‭. ‬ويجب‭ ‬تثقيف‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬نظام‭ ‬أمن‭ ‬الحدود‭ ‬لفهم‭ ‬اعتبارات‭ ‬استراتيجيتهم‭ ‬وإجراء‭ ‬التعديلات،‭ ‬أو‭ ‬التحسينات‭ ‬أو‭ ‬التغييرات‭ ‬عند‭ ‬اللزوم‭. ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭  ‬دفعت‭ ‬طبيعة‭ ‬التغييرات‭ ‬المستمرة‭ ‬للتهريب‭ ‬البحري‭ ‬قبالة‭ ‬القرن‭ ‬الإفريقي‭ ‬حرس‭ ‬السواحل‭ ‬اليمني‭ ‬إلى‭ ‬تصعيد‭ ‬دورياته‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬النشاط‭ ‬المرتفع،‭ ‬والتعاون‭ ‬مع‭ ‬قوات‭ ‬بحرية‭ ‬لدول‭ ‬اخرى‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬اعتراض‭ ‬الأسلحة‭ ‬التي‭ ‬يجري‭ ‬تهريبها‭ ‬إلى‭ ‬داخل‭ ‬اليمن‭.‬

المعدات

إن‭ ‬المعدات‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية‭ ‬متلازمتان‭ ‬في‭ ‬الأهمية‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬أوضاع‭ ‬أمن‭ ‬الحدود‭. ‬فالبنية‭ ‬التحتية‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تسمح‭ ‬بتشغيل‭ ‬المعدات‭ ‬إلى‭ ‬أقصى‭ ‬طاقتها‭ (‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬مع‭ ‬أجهزة‭ ‬المراقبة‭)‬،‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬تُبقي‭ ‬المعدات‭ ‬متطلبات‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬عند‭ ‬حدها‭ ‬الأدنى‭.‬

ويتطلب‭ ‬تحقيق‭ ‬هذا‭ ‬المستوى‭ ‬من‭ ‬الكفاءة‭ ‬تخطيطاً‭ ‬وتنسيقاً‭ ‬مشتركين‭.‬يجب‭ ‬دمج‭ ‬قدرات‭ ‬المعدات‭ (‬المتوفرة‭ ‬والمتوقع‭ ‬توفرها‭) ‬في‭ ‬تخطيط‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬ومتطلبات‭ ‬البناء‭.‬

وتتطلب‭ ‬توافقية‭ ‬التشغيل،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬أجهزة‭ ‬الاتصالات‭ ‬وتكنولوجيا‭ ‬المعلومات،‭ ‬تركيزاً‭ ‬خاصاً‭. ‬إذ‭ ‬يجب‭ ‬تقييم‭ ‬التوافقية‭ ‬داخل‭ ‬الوزارات‭ ‬وعبرها،‭ ‬وأيضاً‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬الشريكة‭ ‬لكي‭ ‬تكون‭ ‬أي‭ ‬عملية‭ ‬مراقبة‭ ‬حدود‭ ‬فعالة‭ ‬حقاً‭. ‬وفي‭ ‬مجال‭ ‬مكافحة‭ ‬القرصنة،‭ ‬مثلاً،‭ ‬عملت‭ ‬قوة‭ ‬العمل‭ ‬المشترك‭ ‬151‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2009‭ ‬كقوة‭ ‬بحرية‭ ‬متعددة‭ ‬الجنسيات‭ ‬مستخدمة‭ ‬إجراءات‭ ‬وتقنيات‭ ‬مشتركة‭ ‬لإحباط‭ ‬التهديدات‭ ‬الإقليمية‭.‬

من‭ ‬الخطأ‭ ‬اعتبار‭ ‬المعدات‭ ‬الجديدة‭ ‬بمثابة‭ ‬الدواء‭ ‬الشافي‭. ‬وينبغي‭ ‬على‭ ‬المرء‭ ‬أن‭ ‬يدرك‭ ‬أن‭ ‬الميزة‭ ‬المؤقتة‭ ‬للتكنولوجيا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تمحو‭ ‬أثرها‭ ‬أي‭ ‬منظمة‭ ‬اتجار‭ ‬قابلة‭ ‬للتكيف،‭ ‬ويجب‭ ‬اختيار‭ ‬المعدات‭ ‬ليس‭ ‬لمجرد‭ ‬قدرتها‭ ‬التكنولوجية‭ ‬وإنما‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬أعيننا‭ ‬مفتوحة‭ ‬على‭ ‬التكيف‭ ‬المتعدد‭ ‬الوظائف‭.‬

الخلاصة

يشكل‭ ‬أمن‭ ‬الجدود‭ ‬تحدياً‭ ‬عالمياً‭ ‬نادراً‭ ‬ما‭ ‬يعالج‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬كلي‭. ‬وتعود‭ ‬بعض‭ ‬أسباب‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬التعقيدات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالأفراد،‭ ‬والتعليم،‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية،‭ ‬والميزانيات‭ ‬والتكتيكات‭ ‬المتطورة‭ ‬للمجرمين‭ ‬الذين‭ ‬يسعون‭ ‬إلى‭ ‬استغلال‭ ‬نقاط‭ ‬الضعف‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬لأمن‭ ‬الحدود‭ ‬باهظة‭ ‬التكاليف،‭ ‬ولا‭ ‬توفر‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬سوى‭ ‬زيادة‭ ‬مؤقتة‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬الأمن‭. ‬وقد‭ ‬شهدت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬طول‭ ‬حدودها‭ ‬الجنوبية‭ ‬الغربية‭. ‬لذا‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬المسؤولين‭ ‬أن‭ ‬يطوّروا‭ ‬استراتيجية‭ ‬شاملة‭ ‬لمراقبة‭ ‬الحدود‭ ‬لتحديد‭ ‬احتياجات‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬والمعدات‭ ‬الهامة‭ ‬والقابلة‭ ‬للتكيف،‭ ‬وكذلك‭ ‬التصدي‭ ‬للفساد‭ ‬الداخلي‭ ‬وتوفير‭ ‬التعليم‭ ‬والتدريب‭ ‬المناسبين‭ ‬لحرس‭ ‬الحدود‭ ‬ومسؤولي‭ ‬الجمارك‭. ‬وسوف‭ ‬تضمن‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬التي‭ ‬تُتخذ‭ ‬معاً‭ ‬في‭ ‬مناخ‭ ‬من‭ ‬الفحص‭ ‬والنقد‭ ‬الذاتي،‭ ‬الاستخدام‭ ‬الكفء‭ ‬للقوة‭ ‬العاملة‭ ‬والموارد‭ ‬الشحيحة‭ ‬لتطبيق‭ ‬الأمن‭ ‬على‭ ‬الحدود‭. 

Comments are closed.