التعاون المتعدد الجنسيات يتنامى بين قوات العمليات الخاصة
أسرة يونيباث
في الرقعة الشاسعة من بحر العرب، قراصنة يخطفون سفينة تزن 37000 طن متري وهي في طريقها من استراليا إلى ميناء جبل علي بدولة الإمارات العربية المتحدة. وحدات مكافحة الأرهاب في القوات الخاصة الإماراتية لا تضيع وقتاً في الاستجابة. وبأسناد من القوات الجوية والدفاع الجوي الإماراتي، فضلاً عن الأسطول الأمريكي الخامس، يستعيد الكوماندوز السفينة بسرعة، ويعتقلون القراصنة وينقذون طاقم البحارة.
وفي العاصمة العراقية بغداد يقوم أحد أفراد عصابة خطف مقابل فدية باختطاف صبي عمره 8 سنوات محاولاً ترهيب الصبي وأسرته. لكن جنوداً من قوات العمليات الخاصة العراقية يلاحقون الخاطف، وينقذون الصبي ويجمعون شمله بأسرته.
إخصائي كريستوفر هوبرت/ الجيش الأمريكي
وفي منطقة نيرخ بأفغانستان، يتم رصد ثلاثة متطرفين أثناء دورية لكوماندوز العمليات الخاصة الأفغانية وقوات الجيش. وعندما يحاول المتطرفون الفرار، ينقض الجنود عليهم. وفي مكان قريب، تكتشف القوات مخبأ أسلحة يضم أكثر من 90 قذيفة هاون وذخائر.
في جميع أنحاء المنطقة وحول العالم، تقوم قوات العمليات الخاصة ذات المهارة العالية بتفكيك الشبكات الإجرامية، وتحييد الخلايا الإرهابية وحماية السكان. وتثبت قوات النخبة فعاليتها في عمليات تكون أحياناً مرئية للجمهور و في أحيان أخرى مخفية عن الأنظار .وكما يفسر العميد الأفغاني عبد الكريم ذلك بقوله: «إن رجالنا من الكوماندوز يملكون المنشآت، والقدرات، والمعدات الحديثة، والأسلحة الثقيلة».
وفي أفغانستان، أصبح رجال العمليات الخاصة أبطالاً بنظر السكان، فيجتذبون أسراب المعجبين من أطفال القرية ويحفزون الكثير من البالغين إلى ارتداء تي-شيرت الكوماندوز لإظهار دعمهم لهم. ويقول العميد عبد الخالق، نائب قائد الجيش الوطني الأفغاني، «إن الكوماندوز يمثلون آمال الشعب الأفغاني في تحقيق الأمن في هذا البلد العظيم».
اتجاهات عالمية
إن العالم يطلب من قوات العمليات الخاصة أكثر من ذلك بكثير. ففيما تتقلص الميزانيات، يتم الضغط على الجيوش كي تفعل أكثر بتكاليف أقل. وبالنسبة لقوات العمليات الخاصة، يكاد ذلك أن يكون هو شعارها. فهذه القوات السريعة التفكير، والسريعة الحركة مصممة على أساس ترك بصمة خفيفة ولكنها عميقة الأثر. فالعمليات التي تضم عدداً قليلاً من الكوماندوز لديها القدرة على إحباط استراتيجيات قوات العدو.
لكن تكتيكات التنظيمات الإجرامية والإرهابية ونموها المتسارع عبر الدول واعتمادها على قيادات محلية لا مركزية تضيف تحديات عديدة للقوات الخاصة، التي كثيراً ما يكون العبء عليها ثقيلاً بسبب أعدادها الصغيرة. وبالرغم من تطور أجهزة الاتصالات العالية التقنية والجيل المتقدم من الأسلحة والذي يعتبر من أولويات القوات الخاصة، يتفق القادة العسكريين على أن سر تقدم القوات الخاصة هو الشراكة والتعاون. فقوات العمليات الخاصة في جميع أنحاء المنطقة تتدرب وتقوم بعمليات مشتركة مع حلفاء دوليين، وتتشارك مع قوات أمنية أخرى داخل بلدانها وتعمل مع حكومات محلية ومدنيين من أجل تحقيق الاستقرار. وتعمل هذه العلاقات على تعزيز مساعي قوات العمليات الخاصة وتوسيع مجال انتشارها.
التحرك نحو قوة عالمية
إن الدولة الرائدة في طريق تحقيق تعاون عالمي لقوات العمليات الخاصة هي الأردن، التي استثمرت أحدث ما توصل إليه العلم في مجال التدريب. قال جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين لشبكة سي إن إن عام 2012، «كنت قائد العمليات الخاصة في الأردن، لذلك رأيت فوراً إمكانية هائلة لإقامة منشأة تدريب متقدمة لبلادي. ولأن الجيش الأردني يحظى باحترام كبير في الشرق الأوسط، تجد كثيراً من الناس في منطقتنا يحضرون إلى الأردن للتدريب، لذلك فإن وجود مركز تدريب من الدرجة الأولى أمر منطقي تماماً».
عملت الأردن كدولة مضيفة لتمرين الأسد المتأهب، وهو تدريب عسكري متعدد الجنسيات اجتذب آلاف من الجنود من مختلف أنحاء العالم، من بينها قوات عمليات خاصة من دول مثل اليمن، والعراق والإمارات العربية المتحدة. استضاف الأردن التدريب منذ عام 2011، ولعب التجهيز المتعدد الجنسيات دوراً في بناء شراكات بين قوات العمليات الخاصة في جميع أنحاء المنطقة.
وخلال تدريب 2012، قال اللواء كين توفو، الذي كان آنذاك قائد العمليات الخاصة بالقيادة الأمريكية المركزية، لشبكة سي إن إن، «إن فعاليات تدريبية مثل الأسد المتأهب تتيح لقواتنا فرصة لممارسة مهاراتها اللغوية، والاحتكاك بالثقافة المحلية وفهم تقاليد المجتمع، وتعلم التكتيكات، والتقنيات والإجراءات المختلفة».
إن التعاون المتعدد الأطراف والثنائي بين القوات الخاصة يزدهر أيضاً في أماكن أخرى بالمنطقة. ففي نيسان/ إبريل 2013 تجمّع في قطر 3000 مشاركاً من قوات اثنتي عشرة دولة للمشاركة في تدريب إرادة النسر ، الذي اشتمل على أنشطة في البحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة. وفي كانون الثاني/ يناير 2013، شاركت قوات خاصة من البحرية السعودية الملكية مع نظيراتها من مجموعة الخدمة الخاصة للبحرية الباكستانية، ومجموعة الحروب البحرية الخاصة بالبحرية الباكستانية والمجموعة البحرية الجوية البرية والقوات الخاصة البحرية الباكستانية من أجل صقل المهارات خلال تدريب نسيم البحر في كراتشي.
وفيما ترعى الجيوش مثل هذه الشراكات لقوات العمليات الخاصة، فإنها تكتسب فهماً أفضل لقدرات الحلفاء والتهديدات العالمية. وفي تقرير على موقع alriyadh.com شرح اللواء الركن خالد بن قرار الحربي، قائد قوة الطوارئ الخاصة السعودية ذلك بقوله، «إن تحسين الأداء الأمني يتطلب قراءة الوضع والتنبؤ بالأحداث قبل وقوعها». وأكد على الجهود التي تبذلها المملكة لتبادل استراتيجيات التصدي للتهديدات المحتملة: «إن المملكة العربية السعودية لديها شراكة كاملة في مجال التدريب مع معظم دول العالم، وأن قوة الطوارئ الخاصة حريصة على الحصول على التعليم والتدريب من دول أخرى مثل الولايات المتحدة، وبريطانيا، والصين، وكوريا الجنوبية وباكستان وغيرها».
التطلع للداخل
بالإضافة إلى إلى التطلع عبر الحدود لبناء القدرات الذاتية، تستفيد قوات العمليات الخاصة من فرص الشراكات داخل جيوشها. ففي الدول التي يكون لكل فرع من فروع الجيش قوة عمليات خاصة تابعة له، فإن التدريب والمهام المشتركة يساعدان في القضاء على الازدواجية ويشجعان على التنسيق.
كما تتشارك قوات العمليات الخاصة مع وحدات عسكرية نظامية وقوات أمن محلية من أجل توسيع انتشارها. ويتجلى هذا في أفغانستان أكثر من غيرها، حيث كثيراً ما تعمل قوات العمليات الخاصة جنباً إلى جنب مع جنود الجيش الوطني الأفغاني والشرطة المحلية.
فعلى سبيل المثال، في تموز/ يوليو 2013، هاجم نحو 30 متطرفاً مجموعة من جنود الجيش الوطني الأفغاني، والقوات الخاصة وضباط الشرطة الذين كانوا ينقلون أغذية وإمدادات إلى نقطة تفتيش في إقليم كوندوز. ونجحت القوة المشتركة في دحر المهاجمين، وهو إنجاز ما كان يمكن أن يتحقق لو كانت قوات الأمن تعمل بشكل منفصل.
قال النقيب أحمد وحيد رجب، قائد فريق في القوات الخاصة بالجيش الوطني الأفغاني، «إن نتيجة مثل هذا التعاون والتنسيق بين قواتنا كانت جيدة للغاية. إنها مثار فخر عظيم لكل وطني أفغاني أن يخاطر بحياته من أجل الأمن المحلي وأمن أفغانستان. ونحن، أبناء هذه الأمة، نرتدي الزي العسكري ونحمل السلاح لنقاتل المتمردين والإرهابيين الوافدين من دول أجنبية. إنهم يفشلون باستمرار في الاعتراف بأننا القوة الفعّالة».
تبني النظرة طويلة الأمد
عززت القوات الخاصة هذا النهج المباشر القائم على التشارك مع «الإخوة في السلاح» بتنفيذ استراتيجية أكثر ليونة تستند إلى بناء علاقات شخصية مع الرجال، والنساء والأطفال الذين تحميهم. وقد أشاد خبراء الأمن باتجاه قوات العمليات الخاصة نحو تكتيكات «غير مباشرة» مثل التواصل مع السكان المحليين وبناء الثقة في الحكومات المحلية. وطبقاً لتقرير موجز عن مؤتمر عُقد في حزيران/ يونيو 2013 حول إعداد قوات العمليات الخاصة للتحديات العالمية، فإن «جذور هذا التحول نحو التواصل المحلي والإقليمي تكمن في الرغبة في نقل قوات العمليات الخاصة بعيداً عن النهج المباشر في مواجهة التهديدات – كما جسده التركيز على الوتيرة السريعة للمهام المباشرة خلال العقد الماضي- إلى نهج غير مباشر. فالنهج غير المباشر يركز على التشارك الاستراتيجي وبناء قدرات الدول الشريكة بشكل يمكنها من التصدي لتحدياتها الأمنية الداخلية والإقليمية على نحو أفضل.
أثبت العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بن الحسين نجاح هذا النهج عندما أرسل أئمة مساجد من الجيش الأردني ومجندات لكسب قلوب وعقول القرويين في أفغانستان. وقال في مقابلة عام 2012 مع شبكة سي إن إن شارحا نظرته، «إن الناس الذين اعتقد أن بيدهم السلطة في القرية والذين سيُحدثون أثراً، هم النساء، ولا أحد يتحدث إليهن. كان لدي قائد كتيبة جيد هو الآن مسؤول عن لواء قوات خاصة، قال لي ‘أنظر، ارسل أئمة مساجد ومجندات معي، وسوف أحدث تغييراً إيجابياً’».
تم نسخ هذا التكتيك في القرى عبر أفغانستان، مع قرار القوات الخاصة بالجيش الوطني الأفغاني بضرورة الوقوف والتحدث إلى الأمهات، والأطفال، والمدرسين والمزارعين عن التحديات اليومية التي يواجهونها.
شرح ممثل عن قوة المهام المشتركة – أفغانستان التابعة لقوات العمليات الخاصة الموحدة ذلك بقوله، «إن أهل القرى تقبلوا حقاً وجود قوات الأمن في المنطقة. فوجودها المستمر يعيق قدرة المتمردين على القيام بعمليات فعالة أو مستمرة، والأهم من ذلك، فإنه يرسخ سلطة الدولة في الكثير من المناطق داخل إقليم قندهار الذي يخضع تاريخياً لسيطرة قوات المتمردين».
وجهة نظر حكيمة
سواء كانت القوات الخاصة تلتقي بشيوخ القرى في أفغانستان أو تقوم بعمليات تدريب مشتركة مع نظرائها على الجانب الآخر من الكرة الأرضية، فإنها تكرس جهودها نحو إيجاد سبل جديدة لتوسيع نطاق انتشارها.
ومع مساندة المجتمعات المحلية لها، ووقوف قوات الأمن المحلية والوطنية إلى جوارها، واستعداد الحلفاء الدوليين لتقديم يد المساعدة لها، فإنها تجد أن الشراكات هي واحدة من أقوى الأسلحة في ترسانتها.
المصادر: موقع alriyadh.com، الخدمة الصحفية للقوات الأمريكية، مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، قوة المهام المشتركة – أفغانستان التابعة لقوات العمليات الخاصة الموحدة، سي إن إن، القيادة الإقليمية الشرقية لقوة المساعدة الأمنية الدولية، صحيفة ذا ناشونال دولة الإمارات العربية المتحدة)، ذا نيوز انترناشونال (باكستان
Comments are closed.