تحت المجهر موقف بطولي بواسطة Unipath في فبراير 22, 2019 شارك Facebook Twitter كيف انقذت الأم والجدة حياة الجنود وزرعت الأمل في قلوب العراقيين أسرة يونيباث في تقاليد القبائل العربية، لكل قبيلة كلمة يفتخر بها رجال القبيلة ويسمونها “نخوة”، ونخوة قبيلة الجبور هي “اخو هدلة” وربما بعد الموقف الوطني المشرف للسيدة عليا خلف الجبوري (أم قصي) ستكون نخوتهم “أخو عليا.” أم قصي، إسما مألوفا دخل قلوب وبيوت العراقيين لشجاعتها بإنقاذ حياة أكثر من خمسين جنديا عراقيا بعد ان تقطعت بهم السبل في مناطق اجتاحتها عصابات داعش، امرأة ذات أعصاب فولاذية تجاوزت التخندق الطائفي في فترة كان العراق امام منزلق خطير لحرب طائفية وفوضى قد تعم المنطقة بكاملها. و كانت سكاكين الإرهاب المجنونة تقتل الأبرياء لأسباب تافهة، لكنها وبشجاعة وشهامة فرسان قبيلة الجبور اكرمت وحمت ضيوفها بكل أخلاص. موقفها الشجاع نزع الرعب الطائفي من القلوب الخائفة وأعاد للعراقيين وحدتهم الوطنية. تقع ناحية العلم في الجهة الغربية من نهر دجلة الذي يفصلها عن تكريت وبيجي. تلك المناطق التي شهدت معارك شرسة وشهدت اكبر مجزرة في تأريخ العراق على يد عصابات داعش في معسكر سبايكر الذي يبعد حوالي 16 كيلومترا من ناحية العلم. سبايكر يضم مدرسة القوة الجوية العراقية‘ حيث كان اغلب الضحايا هم طلابا وليسوا مقاتلين. هزت هذه المجزرة ضمير الأنسانية وكان وقعها مؤلما على جميع العراقيين. نشر الارهابيون المجزرة على صفحات التواصل الأجتماعي ليظهروا مدى وحشيتهم وحقدهم. لذلك وقفت أم قصي بكل شجاعة لإنقاذ الجنود الذين نجوا من مجزرة سبايكر لكنهم مازالوا محاصرين في الضفة الأخرى من النهر وإرهابيي داعش يبحثون عنهم كالضباع التي تتبع الفريسة. لم يكن قرار أم قصي سهلا، فهي تغامر بحياتها وحياة أبنائها لكنها كانت تؤمن بأن لهؤلاء الشباب أمهات ينتظرن عودتهم. ”كانت جثث الشهداء المغدورين تطفو في النهر، حيث كنت أرى فيهم زوجي وولدي الذين قتلوا على يد داعش. وأسمع الأخبار التي تأتي من سبايكر ومن الشرقاط وبيجي ويتقطع قلبي على دماء شبابنا الذين يقتلون بوحشية وتنشر مشاهد الذبح للأمهات الثكالى. كان الخوف والقلق يملأ قلوب الناس في المدينة، وهنا قررت مع اولادي ان ننقذ الجنود ونساعدهم على عبور النهر.” تغنت ام قصي بشهامة وشجاعة أهل ناحية العلم، الذين قاوموا داعش بعد سقوط كل المدن من حولهم وساعدوا الجنود المحاصرين في الضفة الأخرى من النهر بالعبور حيث انقذوا حوالي 400 من طلاب القوة الجوية الذين هربوا من سبايكر. ”كان اهل العلم يعبرون الجنود والأهالي الفارين من تكريت بالزوارق وبقية الشباب يطلقون النار على الدواعش لمنعهم من الوصول لمنطقة العبور. كان أولادي يقاتلون مع أبناء العلم على السدة وانا أأوي الجنود في بيتي. كنت لوحدي مع بناتي وأحفادي. كنت اتشارك معهم رغيف الخبز ولم يكن لدينا ما نأكله. فكان ولدي خالد يجلب الجنود من منطقة العبور ويبقون لدينا يومين ونوصلهم الى طريق كركوك ومن هناك يذهبون لأهلهم. استضفت شباب من الموصل وديالى وكركوك وبغداد والجنوب.” مسحت أم قصي دمعة من عينها وهي تتذكر موقفا حزينا. لجنود ودعتهم لكن لم يحالفهم الحظ بالوصول لأهلهم بسلام. ”جاءنا ثلاث شباب، في غاية الأدب بقوا معنا يوم وشكرونا على موقفنا لكنهم رفضوا البقاء رغم الحاحي عليهم بالعدول لأن الطرق غير آمنه في تلك الفترة. وقد علمت فيما بعد بأنهم لم يصلوا لأهلهم. ندمت لأني لم أجبرهم على البقاء.” لقد تمكن أهالي العلم من انقاذ جميع الجنود المحاصرين بالضفة الأخرى قبل تأزم الأوضاع وأنقطاع الطرق، لكن جاءها اتصال قلب كل الحسابات. ”اتصل بنا أبو حمد، وهو من أبناء عمومتنا ومن المخلصين في منطقة الحجاج التي تبعد حوالي 40 كيلومتر جنوب العلم، وقال ان داعش سيطرت على منطقتهم ويوجد عندهم 6 جنود يجب اخراجهم قبل انكشاف امرهم. نحن لانملك سيارة ولانستطيع الخروج من المنطقة بسبب المعارك الدائرة من حولنا. لكني اقدر حراجة الموقف ولم أتمالك نفسي، طلبت مجئ ابن اخي الذي يملك سيارة وطلبت من إبنتي وولدي خالد الذهاب لجلب الجنود. أرسلت إبنتي معهم لجلب الجنود كي يوهموا الدواعش بانهم عائلة فلا يعترضونهم. أتذكر حينها نظر لي خالد بقلق قائلا: يا امي كيف اخرج من هنا والمنطقة كلها دواعش والقرية التي خلفنا جميعها دواعش، وكيف اجازف باختي، البنت الشابة التي لم تبلغ العشرين؟ لكنني اصريت أن يأخذ أخته معه وقلت له بأن لهؤلاء الجنود أمهات تتضوع الما وتصلي من اجل سلامتهم ليلا ونهارا. عند وصولهم للمنطقة كان داعش قريب من المكان، وكان على ولدي ان يترك اخته و يعبر النهر سباحة ليجلب الجنود بالقارب. وهناك أبو حمد وحمد ينتظرون وصول خالد ليعبّروا الجنود معا. وأثناء عملية العبور استشهد حمد واخذ تيار الماء يجرف الجنود لجهة الدواعش وهم يستنجدون بخالد الذي بقي محتارا بين ان يبقى مع أبو حمد الذي فجع بولده او يذهب لإنقاذ الجنود وينظر لمكان اخته في ضفة النهر الأخرى حيث بدأ الدواعش يقتربون منها. وهنا وقف أبو حمد بصلابة وقال لخالد، ولدي قد استشهد من أجل انقاذ أبناء الجنوب ويجب ان نكمل ما بدأه حمد. فلا يمكن ان أنسى موقف أبو حمد الشجاع، ولله الحمد استطاع خالد وأخته من أيصال الجنود لبيتنا بسلام.” ارتشفت قهوتها أم قصي وهي تتذكر حالة الجنود الستة وهم يدخلون بيتها. ”لا استطيع وصف حالتهم حين رأيتهم للمرة الأولى، كانت فرائصهم ترتجف من الذعر، و كانت وجوهم كوجوه الأموات. ملابسهم الوحلة وأحذيتهم الممزقة تدل على وعورة الطرق والمستنقعات التي قطعوها حتى وصلوا لمكان آمن. برغم فجيعتي بولدي وزوجي، وخوفي من عثور داعش عليهم في بيتي وما يترتب عليه، شعرت بقوة خارقة في بدني وعزيمة امراة تتحدى الخوف بثت الأمان في نفوسهم. لا ادري من أين جاءني هذا العزم، لكن أشعر بأن الله نفخ في هذه القوة ففر الخوف. طلبت من خالد أن يقوم بتجهيز الحمام لهم واعطائهم بعضا من أرديته وأردية اخوته، ثم حضرت لهم وجبة الطعام وجلست اتناوله معهم.” كان الخوف يملأ الدهاليز الريفية الضيقة، واصوات رصاص الغدر تشق سكون الليل، حيث كان إرهابيو داعش يتسللون للتجسس وتصفية العناصر الوطنية التي ترفض فكرهم المريض. كانت أم قصي تحرس هؤلاء الشباب وتتظاهر بقوة البأس أمامهم. ”عندما اخلو لنفسي، تراودني المخاوف على مصيرهم وأتذكر زوجي وولدي وأبكي بحرقة، لكني عندما ادخل للديوان تكون عزيمتي عالية وانا ابتسم لهم. كنت اجلس طوال الليل وبقربي بندقيتي لحراستهم لأنهم امانة عندي وأخاف عليهم كثيرا. كانت علامة الأمان لهم هو جلوسي في الليل قرب الموقد، اذا خرج احدهم ولم يجدني تنتابه الهواجس فيبحث عني ليتأكد اني بخير. عندما اذهب لاطمئن عليهم ليلاً، اجدهم نائمين دون غطاء فأتسائل في نفسي هل يعتقدون بأن الغطاء قد يعرقل هروبهم حين يداهمهم الخطر على حين غرة. وحين اغطيهم بهدوء، يستقيظون فزعين ثم يواصلون النوم بعد أن يروني بقربهم.” ذكرت أم قصي مواقف الرجال الشجعان في تلك الظروف الصعبة وكيف كانوا يقاتلون من جهة مرتفعات حمرين ومن جهة الفتحة ومن جهة النهر لمنع عصابات داعش من دخول قريتهم. ”شراسة المعارك جعلت الرجال منهمكين، لكن لم تشغل اخي وأبن عمي الشيخ خميس آل جبارة من تفقد السكان وبالخصوص بيتي لمعرفته بوجود الجنود، وقال جئت لأرفع من معنوياتك وأتمنى ان تكوني بخير. برغم اني محطمة من الداخل ابتسمت له وقلت بأن معنوياتي عالية، وقلت له انا سعيدة جدا بأنقاذ ابنائي والأعتناء بهم. لم يتركني ابدا، كان يزورني بين اليوم والآخر ليطمئن على وضعي ويسأل ان كنت بحاجة لأي شيء فكان رجلا بمعنى الكلمة.” أحكم الدواعش قبضتهم على ناحية العلم من جميع الجهات، لأنها بالنسبة لهم موقع امداد مهم بين سلسلة جبال حمرين وتكريت وكي يثأروا من أهلها لموقفهم المعادي لعصابات الزرقاوي ورفضهم الانجرار الى الاقتتال الطائفي آنذاك. ”بعد 15 يوما من المعارك والحصار على الناحية من عصابات داعش، أحكموا قبضتهم على المنطقة وتم التفاوض معهم ليلا بأن يدخلوا ويسمحوا للناس بالخروج. وفي تلك الليلة الحزينة أصبحت العلم تحت قبضة داعش. وتعقدت الأوضاع في الناحية ولم يعد أي أمل بالخلاص. في اليوم الثاني كان الدواعش يجوبون الحارات والبيوت مع مخبريهم بحثا عمن قاتلهم وعمن ساعد الجنود على الهرب. وبدأوا بتهديم البيوت المشتبه بها وأقتياد الناس لجهه غير معلومة، مما زاد من الارتباك وأصبحت لا اعرف ماذا افعل واين أخبىء الشباب.” بدأ التقصي والتفتيش من قبل داعش للمدينة، وكان قرار أم قصي وأبنائها هو القتال حتى النهاية بدل العار في تسليم من استجار بهم لداعش. ”اخرجت الصغار بحجة اللعب امام المنزل لكنهم كانوا يراقبون الطريق خوفا من قدوم داعش فجأة. طلبوا مني بأن يتركوا المنزل لكي لا نقتل بسببهم، لكني قلت اهون علي ان اموت معكم على العار الذي سيلحق بنا أذا تخلينا عن ضيفنا خوفا من عصابات داعش. قلت لهم وبحضور اولادي، بأن خالد ولؤي لديهم بنادق وانا عندي بندقيتان، اعطيتهم واحدة وأبقيت بندقيتي. وقررنا أن نقاتل حتى الموت أذا داهمت عصابات داعش المنزل.” لم تفقد الأمل بالخلاص وأنقاذ الجنود، بل أصرت على الأستمرار في البحث عن طريقة تستطيع من خلالها أنقاذهم، كانت تؤمن بحدوث معجزة إلهيه لإنقاذ الشباب. ”بحثت عن من يوصلنا كعائلة خارج العلم، ومن خلال المعارف والجيران توصلنا لشخص يقول بانه يستطيع اخراجنا باتجاه سامراء. سأل بالتفصيل عن أسماء وعدد الأشخاص، وقلت له انا وأبنائي نريد الرحيل خوفا على سلامة العائلة. كانت شروطه بان نذهب بسيارتين انا في سيارة والأولاد بسيارة ثانية وبرر ذلك حتى لا نثير الشبهات، لكني توجست شرا من كلامه ولم أطمئن له، وتظاهرت بأني وافقت على شروطه حتى لا ينكشف امري. وقلت له بأن يأتي غدا في السابعة صباحا لنقلنا وكنت اثني عليهم وانا اودعهم للباب دون ان اترك أي شك في نفوسهم. لكني كنت متأكدة بأنه فخ وهو يحاول اخذ الشباب مني للدواعش. وحال مغادرتهم اتصلت بشخص آخر لديه سيارة رباعية الدفع ومن المعجزات أنه كان جاهزا للسفر في تلك اللحظة.” صعدوا السيارة على عجل بعد ظهر ذلك اليوم، متوجهين في طريقا محفوفا بالمخاطر ومليئا بعصابات داعش الذين يبحثون بين الناس عن ضحاياهم. ”لكي لا نثير أي شكوك لدى نقاط التفتيش التي أقامها الدواعش على طول الطريق، اخذت معي بنتي وحفيداتي وزوجة ابني كي نبدو عائلة. أجلست النساء بمحاذاة النوافذ كي يحجبن الرؤية عن الجنود. أثناء مكوثهم معنا، كلفت اولادي بتزوير بطاقات شخصية وهويات طلبة جامعيين لهم بأسماء ابنائي فقد تنفعنا في الوقت الحرج، وبالفعل جاء يومها الآن. لقنتهم أسماء بنات العائلة وأين ذاهبين وأتفقنا على كل الأجوبة التي ربما يسألنها الدواعش في الطريق. بدأنا رحلتنا ظهرا، كانت تشق السيارة طريقها ببطء بين ازقة العلم التي أعرفها جيدا، لكن في ذلك اليوم كان كل شيء يبدو لي غريب، وجوه الأرهابيين ولحاهم النتنة، ملبسهم الغريب ونظراتهم الوقحة كانت تثير الأشمئزاز بداخلي. لايشبهون العراقيين بأشكالهم ولابتصرفاتهم، بدوا وكأنهم هبطوا من كوكب آخر. كانوا يملأون الطرقات بأسلحتهم الثقيلة وسياراتهم التي تحمل رايات داعش وتشق الطريق بسرعة دون اكتراث للمارة، وحين ابتعدنا حوالي نصف كيلومتر عن بيتنا، صرخ بنا احد الأرهابيين وأشار لنا بسلاحه ان نتوقف، وبكل هدوء انزلت النافذة وقلت “الله ينصركم يا اولادي، فرد احدهم بسرعة “الله معكم،” وكانت هذه المعجزة الأولى، لأن المنطقة تعرف وجوه ابنائي جيدا. لا اخفي بأننا كنا خائفين جدا وانا وضعت بناتي امام خطر كبير في رحلة موت أمل النجاة بها ضعيف جدا، لكني كنت مؤمنة بأننا ليس لوحدنا في هذه الرحلة، بل الله ودعوات امهاتهم معنا. وبعد عبور نقطة التفتيش، دب صمتا قاتلا داخل السيارة فحاولت ان اكسره بشتم داعش واطلاق قهقهة وأدرت وجهي نحو الشباب وقد بادلوني الضحكة الممزوجة بالقلق والخوف. تكرر مشهد نقطة التفتيش عدة مرات خلال الرحلة، وكنا نقرأ القرآن والأدعية بعد اجتياز كل نقطة تفتيش.” ولم تمر الرحلة دون مفاجآت كادت تودي بحياتهم، اذ بعد عبور مناطق داعش ووصولهم لأول نقطة تفتيش للبيشمركة في مدخل كركوك، حدث ما لم يكن في الحسبان. ”بعد أن عبرنا مناطق داعش، شعرنا بالأرتياح، وجلسنا بصورة طبيعية وكأننا عائلة نازحة من مناطق داعش. كان جنود البيشمركة دقيقين ومهنيين جدا في الفحص والتدقيق، سأل احد افراد السيطرة احد الشباب: “ما أسمك” لكن علي هادي ومن شدة هول ما مر به كان مرتبكا ولايعرف ان يجيب! فهمست له ابنتي ان يقول “عبد الله إسماعيل عبد الله” لكن جاء السؤال الثاني “أي سنة دراسية في الجامعة” وهنا جميعنا نسينا الأجابة! مما زاد شك الجندي وقال بأن هذه الهوية مزورة واراد ان ينزله من السيارة، أي لايسمح له دخول كركوك مما يجبره على العودة للمناطق التي يسيطر عليها داعش. حينها ضربت رأسي في باب السيارة وبدأ الدم يجري وبناتي بدأن بالصراخ والعويل فسأل الضابط ماذا حدث فردت أبنتي بأن نسبة السكر ارتفعت واغمى عليها وضربت الباب، رأف الضابط بحالنا واعاد الهوية لنا وقال لعلي أذا كانت هويتك مزورة فسوف تلقي عليك القبض نقاط التفتيش داخل كركوك، اسرع وخذ امك للمستشفى الآن!” المسافة بين ناحية العلم وحدود محافظة كركوك تستغرق ساعة ونصف في السيارة، وربما اخذت ساعتين ذلك اليوم بسبب كثرة التوقفات، لكن بالنسبة لأم قصي ومن معها كانت أطول رحلة في حياتهم. ”بعد ان وصلنا كركوك كانت الشمس تتجه نحو الغروب، وخرجت آخر السيارات نحو بغداد في الصباح. بدأت الحيرة علينا، حيث توجب علينا المبيت في كركوك. ولا استطيع تركهم في كركوك لخوفي عليهم. اتصلت بصديقتي التركمانية في مدينة كركوك وأخبرتها بتفاصيل القصة وطلبت مساعدتها. فكانت نعم الصديقة الوفية، رحبت بنا وجهزت لهم غرفة للمبيت واتصلت بسائق تعرفه وتثق به ليأخذهم عند الصباح لبغداد، فودعتهم وعدت للعلم.” تم تكريمها بوسام الوطن من قبل الحكومة العراقية، كما ونالت جائزة أقوى عشر نساء في العالم وقدمت لها الجائزة العالمية السيدة ملانيا ترامب. أبتسمت ام قصي وهي تعبر عن شعورها على ماقامت به من موقف وطني وانساني. ”انا فخورة لأني استطعت ان انقذ هؤلاء الشباب وان اثبت للعالم بأن العراقيين يحبون بعضهم البعض بغض النظر عن الأنتماء الطائفي والعرقي. حين نخرج خارج العراق جنسيتي تقول انا عراقية دون ذكر الدين والعرق والطائفة، وهذا ما يجعلنا فخورين بانتمائنا الوطني لمهد الحضارات، آويت في بيتي أيزيدي ولم أعرف انه أيزيدي وآويت المسيحي والمسلم دون ان أسال عن دينه، كل الذي أعرفه انهم أبناء شعبي وبحاجة لي. صحيح كان بيتي صغيرا لكن قلبي كبيرا ويتسع لهم جميعا.” انتشرت قصة ام قصي بين أبناء الشعب العراقي، وتناقلتها مجالس النساء والرجال بكل فخر. ”بعد انتهاء المعارك وتحرير المدن جاء الشباب لزيارتي في بيتي، خرجت لهم والدموع تنهمر فرحا لسلامتهم. شعرت وكأن ولدي قصي وزوجي الذين قتلتهم داعش جاؤوا لزيارتي. شعرت باني فارقت ابنائي لأكثر من سنة واليوم عادوا لأحضاني. أتمنى ان تشعر بما شعرت به اليوم كل أم عراقية فاقدة ولدا او زوجا. منذ عودتي بعد تحرير ناحية العلم، أذهب صباح كل جمعة لزيارة مكان مجزرة سبايكر، وأضع الزهور وأقرأ الفاتحة على ارواحهم الطاهرة. أعرف بأن امهاتهم البعيدات لا يستطعن زيارتهم، فأنا أقوم بدور كل الأمهات الحنونات بزيارتهم. أنهم أبناؤنا ورفعوا رؤوسنا وحافظوا على شرف العراق.” Facebook Twitter شارك
التعليقات مغلقة.