منهج طاجيكستان المتسامح
التعاون الدولي جزء من الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب في البلاد
سلطنات بيرديكيفا | تم التقاط الصور بواسطة رقيب أول سان تاي ماكنيلي/الجيش الأمريكي
في تموز/يوليو 2018، قُتل أربعة راكبي دراجات ينتمون لدول غربية، من بينها الولايات المتحدة، في منطقة دانغرا في مقاطعة خاتلون في جنوب طاجيكستان. لقد كان حدثًا مأساوياً في بلد وفر الأمان لمئات الآلاف من السياح.
وبعد ذلك بأيام، قتلت القوات الحكومية الطاجيكية أربعة مشتبه فيهم كانوا قد قاوموا الاعتقال، وحاكمت اثنين آخرين من المشتبه فيهم، واتهمت 14 شخصا آخرين بتقديم الدعم المادي لمرتكبي جريمة القتل. وتبنت مجموعة تابعة لتنظيم داعش المسؤولية عن الهجوم.
وأثارت هذه الحالة مخاوف بين الجمهور الطاجيكي بشأن تهديدات التطرف والإرهاب في البلد. وما فتئت السلطات الطاجيكية تشعر بقلق متزايد إزاء ظهور نسخة متطرفة من الدين في البلد، ولا سيما بين الشباب. وترتبط هذه المخاوف بالصراع في أفغانستان المجاورة وعودة مقاتلي داعش إلى بلدان آسيا الوسطى، بما في ذلك طاجيكستان.
اتخذت الحكومة المركزية في طاجيكستان مجموعة واسعة من التدابير لمنع أو تقليل تهديدات التطرف والإرهاب في البلاد. وتشمل هذه الجهود اعتماد استراتيجية وطنية لمنع التطرف والإرهاب للفترة 2016-2020؛ وإنشاء مركز لمكافحة الإرهاب والتطرف والانفصالية؛ وتوعية الشباب بالإسلام الحقيقي والتمييز بينه وبين الدعاية الدينية المشوهة؛ وإعادة تأهيل المتطرفين السابقين؛ ومحاولة الحد من انتشار التطرف في السجون.

ورغم أن الكثير من هذه الجهود لا يزال جاريا، إلا أن الطاجيك يصرون على أن التركيز على التسامح وشمول الجميع — وهو عنصر حاسم في التدابير المبينة أعلاه – سيساعد على صون الأمن في البلد.
التصدي للتطرف الذي يستهدف الشباب
تعتبر الحكومة الطاجيكية أن شباب البلد هم من بين أكثر الفئات تعرضا للتطرف والدعاية المتطرفة. فقد أفسد تنظيم داعش عقول بعض الشباب الطاجيكي الذين يعملون في الخارج، ولا سيما في روسيا. ولا يزال الشباب العاطلين عن العمل داخل طاجيكستان أيضا عرضة لدعوات المتطرفين.
وبالنسبة للبلد الذي تقل فيه أعمار 70 في المئة من سكانه عن 30 سنة، فإن احتمال إضعاف مستقبل طاجيكستان بسبب الآراء الدينية المشوهة هو شاغل للسلطات الطاجيكية والجمهور الأوسع. وأشار الباحث الطاجيكي سيد أحمد إلى أن المتطرفين في بلده يستغلون بطالة الشباب والفقر وانخفاض مستويات التعليم وضعف المعرفة بالإسلام.
ولمنع التطرف من الانتشار، شنت الحكومة الطاجيكية حملة دعائية مضادة بين الشباب. ووصف خودوبردي خوليكنازار، مدير مركز الدراسات الاستراتيجية التابع لرئيس جمهورية طاجيكستان، حملة إعلامية نشطة عن مخاطر الأفكار المتطرفة التي تستهدف الشباب، ولا سيما العاطلين عن العمل، في جميع مقاطعات ومدن البلد.
بدأ متخصصون من المركز بتدريس تاريخ الإسلام لمنع التطرف في المدارس والجامعات، مع التركيز بشكل خاص على مذهب من العقيدة الاسلامية يعرف باسم المذهب الحنفي. المذهب الحنفي يقر بسلطة القرآن وهو أحد أربعة مذاهب رئيسية للفقه في الإسلام السني ويشدد على الاعتماد على العقل. وينتشر المذهب الحنفي في آسيا الوسطى ويشكل جزءاً من التقاليد الدينية لطاجيكستان. وتأمل السلطات الطاجيكية أن يكون نشر المعرفة بالمذهب الحنفي بمثابة ثِقَل موازن قوي للدعاية المتطرفة.
وهناك أيضا وعي متزايد في المجتمع المدني بأنه ينبغي للوالدين أن يوليا اهتماماً أوثق لمصالح وسلوك الشباب وتعليمهم وإشراكهم بطرق مختلفة للحد من فرص التطرف. يؤكد معلمو المدارس على أهمية العلاقة بين الشباب وآبائهم لخلق الثقة المتبادلة.
ويتعلم الصحفيون الشباب كيفية تحليل المعلومات للتأكد من دقتها والتعرف على مظاهر التطرف. وتشدد هذه الجهود على تطوير التفكير النقدي بين الشباب، ولا سيما فيما يتعلق بالمعلومات المتاحة على شبكة الإنترنت، وهي أداة فعالة لتجنيد الجماعات المتطرفة والإرهابية في طاجيكستان ومنطقة آسيا الوسطى عموماً.
واعترافاً بقيمة البيئة الأسرية الداعمة، نظم مكتب دوشانبي التابع لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا دورات تدريبية وحلقات عمل لنشطاء المجتمع المدني بشأن أدوار الشباب والآباء في وقف الإرهاب والتطرف. كما عقدت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا سلسلة من الدورات الدراسية للمئات من مدرسي المدارس الثانوية الطاجيكية لتحسين فهمهم للتشدد والتطرف المؤديين إلى الإرهاب وتعليمهم مهارات منع التطرف العنيف بين الشباب. كما تعلم المدرسون كيفية مناقشة التطرف الديني والتشدد مع طلابهم من خلال هذه البرامج التدريبية.
السجون والتأهيل
وتعتبر طاجيكستان أن هناك مجموعتين أخريين معرضتين بشدة لخطر التجنيد من قبل المنظمات الإرهابية والمتطرفة – السجناء في طاجيكستان والمهاجرين الطاجيك العاملين في روسيا. وفي حين أن لدى السلطات الطاجيكية سيطرة أقل على تجنيد الإرهابيين لبعض العمال في روسيا، إلا أنها اتخذت إجراءات لإعادة تأهيل المتطرفين الأسرى والحد من التجنيد في السجون.
ويحاول المتطرفون المسجونون تجنيد سجناء آخرين، يصبح بعضهم متطرفين عندما ينتهون من قضاء عقوباتهم وينتهي بهم المطاف في صفوف الإرهابيين بمجرد خروجهم من السجن.
اتخذت السلطات الطاجيكية نهجاً حذراً ومحسوباً للحد من تأثير المتطرفين في السجون. فعلى سبيل المثال، بدلاً من قمع التعبير عن الدين في السجون، قامت الحكومة بتوزيع القرآن باللغة العربية وسجاد الصلاة على السجناء الطاجيك الذين يرغبون في تعميق عقيدتهم. وتتمثل النظرية في أن إرساء أساس متين من معتقدات الإسلام الحقيقي سيساعد السجناء على مقاومة الدعاية المحتملة من جانب المتطرفين. وعلاوة على ذلك، تقوم اللجنة الطاجيكية للشؤون الدينية بتثقيف السجناء بشأن التفسيرات المتطرفة والمشوهة للقرآن.
وفي محاولة للحد من العودة إلى الإجرام والتطرف الديني بين السجناء السابقين، وضعت طاجيكستان أول دليل مكتوب لإعادة إدماج هؤلاء الأشخاص في المجتمع. يقدم هذا الدليل الفريد، الذي شارك في إعداده محامون وأخصائيون اجتماعيون وصحفيون، معلومات الاتصال بالوكالات الحكومية والمنظمات غير الحكومية، بما في ذلك أرقام الهواتف وعناوين خدمات الجوازات والتسجيل، ومكاتب التسجيل، ووكالات العمل والتوظيف، والمنظمات العامة، والتي يمكن أن تساعد هؤلاء الأفراد في مختلف مجالات حياتهم.

التعليقات مغلقة.