تحت المجهر دروس النصر بواسطة Unipath آخر تحديث أكتوبر 21, 2020 شارك Facebook Twitter اكتسبت القوات العراقية خبرات ميدانية في خوضها حرب تحرير المدن من الإرهاب يمكن توظيفها في خطط القتال مستقبلا أسرة يونيباث | جميع الصور التقطت بعدسة جهاز مكافحة الإرهاب رافقت اجتياح داعش لمناطق شاسعة من العراق، حملة إعلامية على صفحات التواصل الاجتماعي وبعض الفضائيات استطاعت التشويش على الرأي العام وزرع الخوف والقلق في قلوب الناس. من بين ملاحم البطولة التي خاضها أبطال جهاز مكافحة الإرهاب العراقي برزت قصة بطولية فريدة من نوعها وهي حكاية فوج الموصل الذي قاتل بشراسة في معسكر الغزلاني وانسحب بكامل سلاحه ومعداته بعد استلامه أوامر بالانسحاب من الموصل والتوجه لحماية قاعدة سبايكر الجوية في محافظة صلاح الدين. لا يعرف أغلب الناس أن قاعدة سبايكر صمدت 11 شهرا أمام هجمات شرسة. وعجز إرهابيو داعش من اقتحامها بفضل تضحيات رجال جهاز مكافحة الإرهاب. التقت مجلة يونيباث بالعقيد الركن منتظر الشمري، رئيس أركان قيادة العمليات الخاصة الثانية في جهاز مكافحة الإرهاب ليروي لنا بطولات فوج الموصل في الدفاع عن سبايكر ومعارك التحرير. يونيباث: كنتم في الموصل أثناء سقوط المدينة بقبضة داعش، هل لك أن تسرد لنا الأحداث حتى انسحابكم من الموصل؟ العقيد ركن منتظر الشمري: قبل سقوط الموصل بأيام، بالتحديد يوم 6/6/2014 شن داعش الإرهابي هجوما على مخازن عتاد معسكر الغزلاني الذي يضم مخازن أسلحة وأعتدة ضخمة. كلفتنا القيادة بتطهير المنطقة وصد الهجوم وتأمين المخازن. كان هجوم داعش شرساً جداً وكان بين المهاجمين انتحاريين بأحزمة ناسفة، لكننا تمكنا من القضاء على الانتحاريين وتنفيذ المهمة بنجاح وتسليم الموقع لقوات الأمن العراقية. وبسبب الوضع الأمني غير المستقر، أصدرت القيادة أوامرها لنا بحماية مطار الموصل ومعسكر الغزلاني. في تلك الفترة كانت تدور معارك داخل المدينة بين الإرهابيين والقوات الأمنية، وسماع أصوات اطلاق النار والانفجارات لم يتوقف منذ بداية شهر حزيران. وفي يوم 9/6 خلت الموصل من القوات الأمنية، خاصة الجانب الأيمن، لم تبق أي قوة هناك سوى فوج جهاز مكافحة الإرهاب. بقينا صامدين في تنفيذنا للواجب الذي كلفتنا به القيادة برغم محاولات العدو اختراق المعسكر. كنا نستلم الأوامر من اللواء ركن كريم عبود التميمي قائد العمليات الخاصة الثانية آنذاك. في يوم 10/6 صباحا صدرت أوامر القيادة لسحب الفوج من معسكر الغزلاني إلى قاعدة سبايكر الجوية في صلاح الدين، لأن القطعات التابعة لجهاز مكافحة الإرهاب المتواجدة في سبايكر تم تحركها فوراً لمنع تقدم داعش على مصفى بيجي. انسحابنا من الموصل لم يكن انسحاباً؛ بل كان عبارة عن معركة قاسية لشق خطوط العدو لمدة 9 ساعات وبمسافة 140 كم، لأن جميع الطرق كانت تحت سيطرة داعش حيث حفروا الطرق وبنوا سواتر ترابية وزرعوا عبوات على طول مسافة الطريق. وتمكنا من الوصول إلى قاعدة سبايكر بالقوة والمعدات ولم نترك أحداً. قوات مكافحة الإرهاب تستولي على معدات تابعة لإرهابيي داعش في جبال حمرين في 2019. يونيباث: هل كنتم داخل قاعدة سبايكر عندما حدثت المجزرة، وهل دخل الإرهابيون القاعدة؟ العقيد ركن منتظر الشمري: لم تسقط قاعدة سبايكر بيد داعش أبداً، وصمدت بحماية قواتنا 11 شهراً حتى تحرير محافظة صلاح الدين من داعش، وبقي الكثير من الجنود معنا. أما مجزرة سبايكر سيئة الصيت، فقد وقعت بحق شباب عزّل انسحبوا من سبايكر ومن الموصل قاصدين بيوتهم في الجنوب وبعد انقطاع الطرق انتهى بهم الأمر بالبساتين والقرى المحيطة بقاعدة سبايكر، كان الإرهابيون يمسكون بهم ويجمعونهم ثم يقتلونهم بدم بارد، كان ذلك يوم 11/6/2014. ارتكبت مجزرة سبايكر في مكان آخر بعيد عن القاعدة، لكن إرهابيي داعش حاولوا إيهام الإعلام بأنهم سيطروا على قاعدة سبايكر وقتلوا من فيها. سبايكر قاعدة جوية استراتيجية وتضم مقرات فرق عسكرية ومخازن أسلحة وعتاد، لذلك قررت القيادة الدفاع عنها. عند وصولنا قاعدة سبايكر مساء يوم 10/6/2014 – أي قبل المجزرة بيوم، وجدنا تسرب كبير بالوحدات الموجودة في القاعدة ورأينا الجنود يحاولون ترك المكان والهروب بسبب ما يسمعون من إشاعات وأنباء عما يحدث حولهم. جاءنا بعض الضباط والآمرين يستفسرون عن سبب قدومنا لسبايكر وشعروا بالارتياح لوجودنا وطلبوا منا المساعدة لإيقاف تسرب الجنود وبالفعل ذهبنا للطريق الرئيسي وحاولنا التحدث معهم ليعدلوا عن رأيهم لكن دون جدوى. بعدها قمنا بتبليغ القيادة بالموقف، صدرت لنا توجيهات بمحاولة اقناعهم بالبقاء لأن المنطقة سقطت بيد داعش، وقلت لهم “إن ذهابكم محفوف بالمخاطر والأفضل أن تبقوا داخل القاعدة ونحن سنتولى حماية القاعدة معكم.” كانت أعدادهم كبيرة لكنهم للأسف لم ينصتوا لنصائحنا واستمروا بالتسرب من يوم 10 الى صباح يوم 11/6 بينما كنا نحن منهمكين بنشر الفوج وتحصين المواقع الدفاعية والتهيؤ لمعركة الدفاع عن سبايكر. نشر فوجنا داخل قاعدة سبايكر والعمل على تحصين الدفاعات أعاد الثقة والاطمئنان لقلوب منتسبي وحدات الجيش وأمر القادة جنودهم بالبقاء. قمنا بنشر الفوج حول المحيط الخارجي لقاعدة سبايكر وبعد أيام وصلتنا تعزيزات عن طريق الطائرات العمودية. وتم تكليف الواصلين تواً بحماية سبايكر وتحركنا نحن لتحرير جامعة الموصل والتمركز هناك. يونيباث: كيف تصف معركة الموصل؟ العقيد ركن منتظر الشمري: معركة تحرير الموصل هي ضمن سلسلة معارك بدأناها في تحرير تكريت وبيجي وقاعدة الگيارة. تميزت معركة الموصل عن بقية المعارك بوجود عدد كبير من السكان وكثرة المباني وتعدد الطرق مما أجبرنا على تقليص حركة الآليات العسكرية في بعض المناطق واستخدامها بمناطق أخرى. لكن وجود المدنيين في أرض المعركة أضاف مهمة جديدة للقوات التي تقتحم المدينة لتحريرها من الإرهابيين وهي حماية المدنيين من انتقام الإرهابيين ومن استخدامهم كدروع بشرية وتأمين ممرات آمنة لنزوحهم. يونيباث: هل تلقت القوة تدريباً وتجهيزاً قبل خوض معارك تحرير الموصل؟ العقيد ركن منتظر الشمري: اشترك الفوج بأغلب المعارك وكان بمثابة رأس الحربة، وللفوج أساس قوي في التدريب والتسليح وهو من الأفواج المميزة بالشجاعة والأداء بسبب التدريب المتقدم. اشتركنا بمعارك كثيرة كان أولها تحرير جامعة صلاح الدين واشتركت بعض السرايا بمعارك الرمادي 2014. ومن ثم معارك بيجي وتحرير المصفى وقمنا بتطهير القرى المحيطة بالمصفى وبعدها توجهنا لتحرير ناحية الگيارة وقاعدة الگيارة الاستراتيجية. أثناء هذه الفترة كنا منهمكين بالمعارك ولم تسمح لنا ظروف المعركة بالتدريب، لكننا كنا نكتسب الخبرات ونطبقها ميدانياً. أما بخصوص معركة الموصل فكانت معركة مهمه ولها صدى إعلامي، محلي ودولي، وكان لها اهتمام خاص من قبل الحكومة العراقية والقيادة العسكرية. فكانت الاستحضارات للمعركة من قوات ومعدات وأعتدة تأخذ اهتماماً كبيراً من الجميع، لذلك لم نتلق تدريبات سوى في فترة إعادة التنظيم التي عادة ما تلي كل معركة. مقاتلو جهاز مكافحة الإرهاب يسيطرون على منطقة الغابات شمال الموصل أثناء معارك تحرير المدينة في 2017. يونيباث: ماهو دوركم في معركة الساحل الأيمن للموصل وماهي التحديات التي واجهتكم في هذه المعركة؟ العقيد ركن منتظر الشمري: كانت بداية تقدمنا على طريق معسكر الغزلاني وحررنا منطقة وادي حجر. كان على جناحنا الأيمن قوات الشرطة الاتحادية وعلى يسارنا بقية قوات مكافحة الإرهاب. عادة تصل قواتنا على الأقل 24 ساعة قبل الهجوم حتى يتسنى لنا استطلاع المنطقة، لكن هذه المرة لم يكن لدينا متسع من الوقت حيث تحركنا من الساحل الأيسر إلى الساحل الأيمن قبل بدء المعركة بوقت قصير لكي نباغت العدو الذي كان يتوقع هجومنا من جهة النهر. كنا أمام عدة تحديات، أولها كان وضع القاطع حرج جداً لوجود خنادق ومعرقلات وأنفاق عديدة. إضافة إلى أن وعورة الأرض تجعل اكتشاف العبوات الناسفة والالغام مستحيلاً، إذ كان العدو يزرع العبوات بطريقة حقول الإلغام. إضافة إلى أن داعش قرر الاستماتة بالقتال داخل المدينة وكانت لديه مجاميع كبيرة من القناصين والسيارات المفخخة والانتحاريين. كما زج داعش بأكثر مقاتليه ولاءً وشراسة من الأجانب في هذه المعركة واعتبر الموصل معركته المصيرية. وظف العدو الطائرات المسيرة لأول مرة في إلقاء قنابل صغيرة تستهدف الأشخاص، إذ كان يستخدمها لرصد التجمعات في السابق. هذه الطائرات عرقلت تقدمنا في البداية. فكان قرارانا هو أن نتقدم من اتجاه غير متوقع كي نفاجئهم ونتجنب حاجز الصد المنيع الذي وضع فيه داعش أغلب دفاعاته. يونيباث: كيف استطعتم التغلب على هذه التحديات المميتة؟ العقيد ركن منتظر الشمري: بالنسبة لقوات جهاز مكافحة الإرهاب، كنا في تطوير مستمر لمعداتنا وعجلاتنا حيث قمنا بوضع غطاء فولاذي لبرج الرشاشة وحماية إطارات العجلات بغطاء فولاذي للحماية من القناصين ومن قنابل الطائرات المسيرة. أما بخصوص معالجة الطائرات المسيرة، فبعد أن تمكنا من اسقاط إحدى الطائرات استعنا بخبرات قوات التحالف في الحرب الإلكترونية حيث سلمناهم حطام الطائرة وتمكنوا من الحصول على معلومات مهمة مثل الترددات وقدرات ومسافة الطيران، وقد استجابوا بسرعة بتوفير أجهزة تشويش متخصصة لمحورنا. كان جهاز التشويش فعالاً جداً ويغطي مساحة 2 كيلومتر مربع فكنا نضعه في طليعة الأرتال المتقدمة لحمايتها من هجمات الطائرات المسيرة. فاستطعنا اسقاط مُسيّرات داعش التي تقترب من قواتنا المتقدمة وكان هذا بمثابة الصدمة الكبيرة لداعش الذي عول على الطائرات المسيرة في القتال داخل الساحل الأيمن. مقاتلو جهاز مكافحة الإرهاب أثناء عملية اللهيب الحارق ضد إرهابيي داعش. يونيباث: كيف كان الدعم الجوي من قبل قوات التحالف؟ العقيد ركن منتظر الشمري: الدعم الجوي كان رائعاً جدا. خصصنا ضابط مسيطر جوي ليعمل مع فريق التحالف الدولي المتجحفل معنا. يعمل معهم على مدار الساعة ويقوم بإيصال المعلومات من القيادات الميدانية المتقدمة لفريق التحالف الذي بدوره يُمرر معلومات مواقع الأهداف المطلوب معالجتها إلى القوات الجوية. وكانت استجابة قوات التحالف فورية وموجعة لأهداف داعش. كان الدعم مباشر وطلباتنا مستجابة، في قليل من الأحيان، كان هناك بطء في الاستجابة بسبب الأنواء الجوية أو بسبب عدم وجود طائرة لتنفيذ الواجب، وكنا نتفهم الموقف لأننا نعلم أن هناك عدد معين من الطائرات وأثناء المعركة تكلف بعدة واجبات. لكن بشكل عام، كان دور شركائنا في التحالف دوراً متميزاً جداً في معركة الموصل ولا يمكن تحقيق النصر دون هذا الدعم المتواصل. عندما كنا في أوج المعركة ونسمع أزيز طائرات التحالف نشعر بارتفاع معنوياتنا. هناك علاقة روحية بين المقاتل والطائرة الحربية التي تمد المقاتل بالعزم والنشاط للتقدم برغم شراسة المعركة. كانت ثقتنا بقدرات طيران التحالف عالية جداً حيث كنا نصل لأهدافنا بوقت مختصر جداً وبخسائر أقل مما نتوقع، عندما نسمع هدير الطائرات فوقنا ونراها تعالج الأهداف في طريقنا،فتربك داعش ويبدأ بالانكسار. يونيباث: اكتسبتم خبرات لا نظير لها في الحرب الهجينة من خلال تحرير المدن، هل استطعتم مشاركة الخبرات مع وحدات القوات المسلحة العراقية الأخرى وهل شاركتم هذه الخبرات مع قوات التحالف التي قد تحتاجها بأماكن أخرى مثل اليمن وأفغانستان والصومال؟ العقيد ركن منتظر الشمري: توجيهات قيادة جهاز مكافحة الإرهاب لجميع القادة والآمرين هو التركيز على التدريب والتطوير وتثقيف المقاتلين. نحن نركز على اللياقة البدنية لجميع منتسبي الجهاز وعلى التدريب الفردي والاجمالي. كذلك نزرع روح الفريق لدى المقاتلين حيث يعيشون كأخوة سواءً في الثكنة أو في المعركة. أغلب مدربينا من ضباط وضباط صف ذوي الخبرة العميقة في مجال التدريب خاصة في إعداد المقاتلين الجدد ومعظمهم اشترك في معارك التحرير ولديهم خبرة ميدانية كبيرة، إضافة إلى تلقيهم دورات تدريبية تخصصية خارج العراق. أما التدريب مع قوات التحالف، فنحن مستمرون بالتدريب على يد خبراء من قوات التحالف حتى هذه اللحظة. ولدينا فرق من القوات الخاصة الأمريكية متواجدة في معسكراتنا، ونحن مستمرون في التدريب معهم وتبادل الخبرات أيضاً مستمر على أعلى المستويات. مازالت نظرة العقيد الركن منتظر ذات صلة في الواقع الأمني كما كانت دائمًا. بينما تحاول عصابات داعش استعادة قوتها وتبني حرب العصابات من مخابئ في الجبال والصحاري في شمال وغرب العراق، يستمر العراق بمنح قوات النخبة الثقة العالية والاعتماد على الخبرة التي اكتسبتها بشق الأنفس لدحر مخططات الإرهاب. Facebook Twitter شارك
التعليقات مغلقة.