القوة الناعمة في باكستان
الجيش يطلق حملة تنمية مجتمعية للتخفيف من حدة التطرف العنيف في الأقاليم الشمالية في باكستان
يمكن أن يكون استخدام القوة العسكرية ضد عناصر داخل حدود الوطن أسوأ السيناريوهات التي يخشاها ويمقتها أي جيش في العالم، وقد حملت طائفة ضالة وانتهازية من المجتمع الباكستاني السلاح وتحدت سلطة الدولة، ولم يكن بالإمكان إعادة فرض النظام في البلاد دون الاستعانة بالعمليات العسكرية التي أسفرت عن أضرار جانبية وخسائر في الممتلكات، وكنا لا نرغب في وقوع هذه الخسائر لكننا اضطررنا إليها لتحقيق السلام.
ولكن بعدما نجح الجيش في تطهير مناطق كان يحتلها المسلحون وتمكن من السيطرة عليها، حان الوقت لكسب قلوب المواطنين وعقولهم، إذ اقتضى الحفاظ على سلطة الدولة توفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين في هذه المناطق التي تعاني من الإهمال في بعض الأحيان، وكانت حملة «كسب القلوب والعقول» التي أطلقها الجيش الباكستاني الوسيلة المناسبة لبلوغ تلك الغاية.
تتراوح مشاريع حملة «كسب القلوب والعقول» من الأعمال العادية (تركيب مضخات المياه التي يتم تشغيلها يدوياً وتوزيع اللوازم الرياضية) إلى المشاريع العملاقة (إنشاء الطرق والجسور والسدود والمستشفيات والمدارس والأسواق والملاعب وبيوت الشباب ومراكز محو التطرف). ومع أنَّ الحكومة الاتحادية وحكومات الأقاليم الباكستانية موَّلت الكثير من تلك المشاريع، فقد حرصت الدول الصديقة أيضاً على توفير الموارد اللازمة، وضمن تنفيذ المشاريع تحت إشراف الجيش الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة، كما أولى الجيش اهتماماً خاصاً بالبنية التحتية التي تضرَّرت خلال العمليات العسكرية.
جذور حملة «كسب القلوب والعقول»
حرصاً منها على مكافحة خطر الإرهاب، شنت القوات المسلحة الباكستانية، يؤازرها الشعب، سلسلة من العمليات في أرجاء البلاد. ولاحقت عمليات «ضرب العصب» و«مكافحة الفساد» و«خيبر 1» و«خيبر 2» والعمليات الاستخبارية، لاحقت المسلحين الذين اتخذوا من الدين أو العرق أو النزعة الأقاليمية ستاراً لهم. وفضلاً عن العمليات التي شنها الجيش داخل المناطق القبلية الخاضعة للإدارة الاتحادية الواقعة في شمالي باكستان، فقد شنَّ عمليات ضد المسلحين العنيفين في بلوشستان وكراتشي وأجزاء أخرى من البلاد. وكانت المهمة جبارة، وكذلك كانت عزيمة القوات الباكستانية.
وإدراكاً منها أنَّ دحر الإرهاب والتطرف ينطوي على استخدام كلٍ من القوة العسكرية والقوة الناعمة، تبنت باكستان حزمة من التدابير قصيرة المدى وأخرى طويلة المدى. وحتى في خضم العمليات العسكرية، كان إجلاء الأبرياء من مناطق العمليات، وإنشاء مخيمات مؤقتة، وإعادة النازحين إلى منازلهم من المهام الشاقة التي نفذها الجيش الباكستاني بشكل رائع. وقد عادت شريحة كبيرة من النازحين إلى مناطقهم حتى يومنا هذا، ولم يجدوا عندما عادوا البنية التحتية والمدن التي دمرتها الحرب، بل وجدوا طرقاً وجسوراً ومستشفياتٍ ومدارس وكلياتٍ عسكرية جديدة.
وقد استخدم الجيش الباكستاني عمليات «كسب القلوب والعقول» كأداة تخدم الاستراتيجية العسكرية وكوسيلة للتعبير عن مدى الحب الذي يكنه للشعب الباكستاني، وتفتخر القوات المسلحة الباكستانية بثقة الشعب بها وحبه ودعمه لها، وتلتزم بالحفاظ على أمنه وأمانه في كافة الظروف.
وبعدما نجح الجيش في دحر المتمردين، بادر بتقديم يد العون لأبناء الوطن ببناء المنازل ورعاية مشاريع سريعة الأثر في المناطق المتضرَّرة، ونُفذت هذه المشاريع بمساعدة مانحين أجانب كالوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وبرنامج المشروع الإماراتي لمساعدة باكستان. وتركز حزمة من المشاريع متعددة الأبعاد تبلغ تكلفتها 1.1 مليار دولار أمريكي على قطاعات النقل والمواصلات والتعليم والصحة والطاقة والزراعة.
وأعلنت الحكومة الباكستانية عام 2015 عن استراتيجية إعادة تأهيل في المناطق القبلية الخاضعة للإدارة الاتحادية لإصلاح الأضرار وإعادة بناء المراكز التعليمية والصحية وإعادة إدماج المعتقلين في صفوف المجتمع بعد إكمال محكومياتهم. وتمثلت الأهداف الرئيسية الخمسة للاستراتيجية في إعادة تأهيل البنية التحتية، وتعزيز القانون والنظام، وتوسيع نطاق الخدمات الحكومية، وتنشيط الاقتصاد، وتعزيز التماسك الاجتماعي وبناء السلام. وكان من المقرر لهذه المشاريع أن تستغرق عامين، وتطلب تحقيق هذه الأهداف زيادة مستوى التنسيق بين كلٍ من السلطات المدنية، والأمانة العامة للمناطق القبلية الخاضعة للإدارة الاتحادية، والحكومة الاتحادية، والقوات المسلحة.
وأُسندت هذه الخطط للإدارة الهندسية بالقوات المسلحة وعدد من الجهات المتخصصة الأخرى وشملت 213 مشروعاً للرعاية الاجتماعية والتنمية. ومثال ذلك أنَّ المشروع الإماراتي لمساعدة باكستان موَّل كلية وانا العسكرية، ومستشفى الشيخ خليفة بن زايد، ومجمع يونس خان الرياضي في ميران شاه بشمال وزيرستان، ومجمع شهيد أفريدي الرياضي في بارا بمنطقة خيبر. وتضمن 257 مشروعاً آخر تتراوح بين المشاريع الرئيسية والفرعية، إعادة إعمار مدن ميران شاه ومير علي وإنشاء أسواق في رزمك ودوسالي ودامديل وجهاريم وجهلار وبيشهي.
النقل والمواصلات
لطالما كانت الطرق والجسور في المناطق القبلية الخاضعة للإدارة الاتحادية تعاني من غياب الجودة وعدم التطور وسوء الصيانة، ومن ثمَّ تنفذ باكستان عدداً من مشاريع البنية التحتية الكبرى بمساعدة الولايات المتحدة والإمارات والسعودية، بهدف تحسين سبل السفر والنقل والتجارة، إذ كان إعادة تأهيل الطرق والجسور المتضرِّرة من الأهمية بمكان لربط المجتمعات المعزولة بالمجتمعات الأخرى، فقد كانت الدولة تعي أنَّ تحسين الربط بين المجتمعات سيقلل من التناحرات الداخلية من خلال تيسير التفاعل بين أبناء القبائل المختلفة، كما سيأتي بالخير على القانون والنظام من خلال تحسين مستوى التنقل ودعم الإمداد والتموين لأجهزة إنفاذ القانون.
وتضمنت المشاريع التي أنجزتها هيئة الأشغال الحدودية الباكستانية حتى الآن 18 طريقاً رئيسياً بطول 1,205 كيلومتر وجسرين كبيرين ونفقاً. ويعد طريق بيشاور-تورخام الذي أُعيد إنشاؤه حديثاً أهم طريق للربط بين المناطق القبلية وبين دولة أفغانستان الحبيسة ودول آسيا الوسطى، كما أنشأت الهيئة طريق تورخام- جلال آباد داخل أفغانستان لتسهيل حركة المرور في الاتجاهين بين الجارتين.
وبات لدى أفغانستان وباكستان رابط بري جديد عبر طريق ديرا إسماعيل خان-وانا-أنجور آدا، المغلق منذ أكثر من قرن من الزمان. ويعد طريق بانو-ميرانشاه-غلام خان بطول 80 كيلومتراً الشق الشمالي لممر تجاري مركزي يمر عبر أبرز مدن شمال وزيرستان وطريق توتشي. أمَّا طريق وانا-شاكاي-ماكين بطول 75 كيلومتراً الذي انتهت الهيئة من إنشائه، فيربط مدينة وانا، عاصمة جنوب وزيرستان، بشمال وزيرستان حيث يمتد طريق ماكين- رزماك-ميرانشاه بطول 73 كيلومتراً إلى الحدود الأفغانية.
الصحة
استهدفت طالبان المنشآت الحكومية لترسيخ أقدامها في المناطق القبلية، وواجه قطاع الصحة العبء الأكبر حيث فجر الإرهابيون عدة عيادات ومستوصفات، وتخلت الكوادر الطبية عن وظائفها خشية الموت.
وتسبب عدم توفر الرعاية الصحية في شعور أهالي المناطق القبلية الخاضعة للإدارة الاتحادية بالحرمان وعرقل جهود التنمية، ممَّا حدا بالجيش، إلى جانب الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية، إلى إطلاق باقة من مشاريع التنمية وإعادة التأهيل تتعلق بقطاع الصحة.
وأسفرت الجهود التي بدأت منذ عام 2009 عن إنشاء 1,013 مركزاً وعيادةً ومستوصفاً صحياً في المناطق القبلية ومنطقة مالاكاند، وتوفير ما يقرب من 5,400 فرصة عمل استفاد منها 6.4 ملايين مواطن، وارتفع عدد الأسرَّة الى 680 سريراً، وتخدم المستشفيات الدائمة والمتنقلة المنشأة حديثاً، كمستشفى الشيخ خليفة بن زايد والشيخة فاطمة من الفئة الأولى، أهالي المناطق القبلية ومنطقتي سوات ومالاكاند، وتقدم العيادات المتنقلة خدمات فحص الالتهاب الكبدي الوبائي، وتحاليل الدم والبول، وفحوصات أمراض النساء، واستشارات تنظيم الأسرة. كما يوفر الجيش فرقاً خاصة من الطبيبات والممرضات لرعاية النساء والأطفال، ونشرت الحكومة 1,050 طبيباً و200 مسؤولة طبية و150 ممرض وممرضة لتوفير الرعاية الصحية في المناطق الريفية.
وأنشأت الدولة معاهد تدريب للأطقم الطبية، ومثال ذلك أنَّ معهد المسعفين في سوات أصبح واحداً من أفضل المعاهد في منطقة مالاكاند لتدريب المسعفين والمسعفات، ويخرج المعهد 450 طالباً وطالبةً سنوياً ويخدم نحو مليون مواطن بشكل مباشر وغير مباشر. كما أدى الارتفاع المفاجئ في معدَّلات الإصابة بشلل الأطفال في باكستان عام 2014 إلى قيام الجيش بتنظيم حملة وطنية لمكافحة شلل الأطفال، فانخفضت الحالات من 306 خلال عام 2014 إلى ثماني حالات خلال عام 2017.
التعليم
نشرت باكستان قوات في المناطق القبلية الخاضعة للإدارة الاتحادية منذ عام 2002 حتى لا يتمكن أولئك الفجرة من إيجاد معاقل لهم في الحزام القبلي، ويعد التعليم أبرز جانب من جوانب المعركة الشاملة التي خاضها الجيش ضد التشدد، إذ كان الإرهابيون في المنطقة من أشد المنتقدين للتعليم، ولا سيما تعليم المرأة، استناداً إلى أسباب دينية يشوبها التعصب، ومن أصل 458 مؤسسة تعليمية تعرَّضت للتدمير (مدارس ابتدائية وثانوية وكليات)، كانت 317 منها للبنين و141 للبنات.
وبات ترميم المدارس تحدياً آخر أمام الحكومة والجيش، فأُجري تقييم أولي للوقوف على حجم الأضرار التي تسبب فيها أولئك المتشددون، ووفرت باكستان في المناطق التي دُمرت فيها المدارس خياماً ومساحات مستأجرة لضمان استمرار العملية التعليمية خلال مرحلة إعادة الإعمار.
وأطلقت حملات توعية لتشجيع الالتحاق بالمدارس وتقليل معدَّلات التسرب، لا سيما بين الفتيات. وزادت معدَّلات التحاق الطلاب بنسبة 300٪، وعينت الدولة 16,140 معلماً ومعلمةً في أماكن مثل كلية وانا العسكرية، وكلية البنات في لدها، والجامعة الحكومية للتكنولوجيا في خار.
الشباب
أنعم الله على باكستان بجيل من الشباب المفعم بالحيوية والموهبة، يستحق اهتماماً أكبر لتأهيله لسلك دروب ريادة الأعمال والابتكار، ولا بد من توفير التدريب والتأهيل اللازم لهم لإكسابه مهارات العمل. وفي إطار حملة «كسب القلوب والعقول»، حرص الجيش على نشر ثقافة ريادة الأعمال وسط الشباب وتأهيلهم لسوق العمل، كما تعلموا كيفية إعداد السيرة الذاتية وصقل مهارات مقابلات العمل.
وأعلن رئيس أركان الجيش عام 2014 عن برنامج شبابي للمناطق القبلية الخاضعة للإدارة الاتحادية، فضلاً عن معارض التوظيف ودورات تدريبية لمدة ستة أشهر. واستفاد من برنامج المنح الدراسية للشباب 456 طالباً وطالبةً من أبناء المناطق القبلية بتكلفة بلغت 27.4 مليون روبية، وجذب برنامج التحاق الشباب بالجيش 2,637 طالباً وطالبةً.
يضاف إلى ذلك قبول أعداد كبيرة من الطلاب في عدة كليات عسكرية، وابتعاث 50 طالباً من أبناء المناطق القبلية للدراسة بالخارج، وتجنيد 1,188 شاباً من أبناء المناطق القبلية في الجيش، والتحاق 50 شاباً من أبناء المناطق القبلية بمعهد التدريب على تكنولوجيا البناء لتعلم المهارات التي تضمن لهم الحصول على فرصة عمل عالية الأجر.
الماء والطاقة والري
توجد في المناطق القبلية الخاضعة للإدارة الاتحادية ومنطقة مالاكاند مساحات تُقدر بنحو 40٪ من الأراضي المزروعة التي تحتاج إلى الري؛ لأنَّ المنطقة تتصف بأنها قاحلة وشبه قاحلة، وقد اعتمد أهالي سوات على الآبار البعيدة للحصول على مياه الشرب، والأسوأ من ذلك هو أنَّ فيضانات عام 2010 تسببت في تلويث المياه ونشر الأمراض. وحرصت الإمارات على المساعدة في إيجاد حل لهذه الأزمة من خلال تمويل 76 مشروعاً لتوفير مياه الشرب النظيفة للمنطقة، وأصبح لدى أهالي مالاكاند والمناطق القبلية الآن منظومات تستخدم المضخات الكهربائية التي تشغلها مولدات لتوصيل المياه النظيفة لكل منزل، ولا تقتصر فوائد تلك المنظومات على توفير المياه، بل تقلل الأمراض التي تنقلها المياه في هذه المناطق، وقد استفاد منها أكثر من مليون مواطن في 80 مدينة وقرية، واستفاد 1.3 مليون مواطن آخرين من ترميم 736 شبكة ري.
ويتكون «مشروع دهانا للري وتوفير المياه»، وهو أحد المشاريع الكبرى، من ترع وقنوات تنقل مياه الأمطار والفيضانات إلى 13,000 فدان من الأراضي الزراعية بالقرب من وانا، كما يساهم في الحفاظ على المياه الجوفية واستعادة الفاقد منها.
وفيما يتعلق بقطاع الطاقة، تعمل السدود ومحطات الطاقة الكهرومائية الجديدة والمجدَّدة على رفع مستويات المعيشة في تلك المناطق، ومثال ذلك أنَّ استكمال «سد جومال زم» يعتبر خطوة كبيرة لتحقيق السلام والازدهار في جنوب وزيرستان، إذ يتميَّز هذا السد بخزان مائي ضخم وشبكة من الترع والقنوات المبطَّنة بالكامل بطول 260 كيلومتراً، وسيتمكن من ري 63,086 فداناً من الأراضي في منطقتي تانك وديرا إسماعيل خان، ويمكن للكهرباء المولدة من المياه المتدفقة إنارة 2,500 منزل في جنوب وزيرستان.
وقد كان «سد جومال زم» بؤرة الإرهاب، وتوقفت شركات المقاولات الصينية عن الإنشاءات عندما هاجم المسلحون مخيمهم عام 2004، وقدمت هيئة الأشغال الحدودية الباكستانية تضحيات كبيرة لاستئناف العمل، وفضلاً عن الفرص الاجتماعية الاقتصادية التي يوفرها السد، فإنه يخدم البيئة ويشجع السياحة في المنطقة، إذ نجح في التحكم في الفيضانات المفاجئة التي كانت تحدث دماراً وخراباً في الماضي.
محو التطرف
كان محو التطرف محوراً من محاور حملة «كسب القلوب والعقول»، وكان المفهوم الأساسي وراء استراتيجية الجيش لمحو التطرف يتمثل في التخلص من العبء النفسي الناجم عن الاستغلال والإكراه الفكري وتوفير بيئة تساعد على استعادة احترام الذات، وكان اسمها: «رحلة من الظلام إلى النور».
وكان «برنامج سوات لمحو التطرف» من أولى الجهود التي نُفذت، وقد أطلقه الجيش عام 2009 بعدما نجح في دحر جماعة طالبان الباكستانية، إذ كان معظم المسلحين الذين ألقي القبض عليهم خلال العمليات من المراهقين والأطفال الذين تدربوا على تنفيذ الهجمات الانتحارية. يشتمل البرنامج على أربعة محاور: إعادة التأهيل النفسي، والإرشاد الديني، والتعليم الرسمي (حتى الصفين العاشر والثاني عشر)، والتدريب المهني، وتمثل الهدف النهائي في إعادة إدماج الإرهابيين والمتطرفين السابقين في غمار المجتمع المدني.
وتشمل البرامج مركز «نور الصباح» للأطفال الذين تتراوح أعمارهم من 12 إلى 18 عاماً، ومركز «السبيل القويم» للشباب الذين تتراوح أعمارهم من 19 إلى 25 عاماً، ومركز «مشعل» لأسر المسلحين. ومنذ عام 2009 نجح مركز «نور الصباح» في إعادة تأهيل نحو 200 مسلح، وأعاد مركز «السبيل القويم» تأهيل 1,196 مسلحاً، وحوَّل الجيش أربعة مبانٍ مدرسية كبيرة في سوات إلى مراكز لمحو التطرف. وإجمالاً فقد نجحت الدولة في محو التطرف لدى 4,151 شخصاً، وسيعود 599 آخرون إلى رحاب المجتمع في القريب العاجل.
وهكذا أصبح برنامج «سوات» نموذجاً يحتذى به في باقي أرجاء البلاد، إذ يعد حزمة كاملة لتحويل المتطرفين إلى مواطنين باكستانيين صالحين.
النازحون
اضطرت 337,336 أسرة خلال عملية «ضرب العصب» إلى النزوح من مناطق القتال، وكثير منها في شمال وزيرستان. وأنشأ الجيش عام 2014 مخيماً للاجئين في بلدة بكة خيل بالقرب من بانو، ويضم المخيم عيادتين صحيتين ومدرسة وأربعة مساجد وقاعة للجلسات العرفية «جيرجا» وسوقين وملعب كريكت.
ووعد الجيش النازحين بأن سيكون بوسعهم العودة إلى منازلهم بنهاية عام 2016، وكان توفير المرافق الأساسية من الضروريات التي لا مندوحة غيرها لإعادتهم إلى منازلهم، وتضمنت أعمال إعادة التأهيل – وهي 500 مشروع بقيمة 5.35 مليار روبية – بناء المدارس والمساجد والأسواق. واختص «برنامج تعويض خسائر المواطنين» بالنظر في المطالبات الخاصة. وبفضل كل هذه الجهود عاد نسبة 95٪ من نازحي شمال وزيرستان إلى منازلهم.
القطاع الاجتماعي
انطلاقاً من حرصه على استعادة ثقة أهالي المناطق القبلية، اهتم الجيش بجهود إعادة الإدماج في إطار حملة «كسب القلوب والعقول»، ونظم رجال الجيش برامج ترفيهية في المدارس والمؤسسات، وأنشأت الحكومة مديرية خاصة للرياضة، وافتتحت ملعب كريكت يحمل اسم يونس خان في ميران شاه، وأنشأت حتى الآن 17 ملعباً جديداً لخدمة شباب المنطقة.
وعلاوة على ذلك، فقد نظم الجيش مباراة «كأس السلام» بين فريق من الجيش الباكستاني وفريق من المدنيين البريطانيين، وحضر المباراة شخصيات بارزة من بينهم الفريق نظير بات، قائد الفيلق الحادي عشر بالجيش الباكستاني.
وأطلقت أمانة المناطق القبلية في آب/أغسطس 2017 سلسلة من «مباريات السلام» احتفالاً بعيد الاستقلال، تضمنت مباريات الكريكت وكرة القدم والكرة الطائرة والمصارعة، وأرسلت من خلال ذلك رسالة مفادها أنَّ الحزام القبلي لم يعد ملاذاً آمناً للإرهابيين الراغبين في نشر التمرد في باكستان.
كما نظم الاتحاد الباكستاني للدراجات والإدارة المحلية لمنطقة مهمند، بدعم من الجيش، «طواف مهمند» لتعزيز السلام والصحة في المناطق التي اجتاحها المسلحون، وشارك أكثر من 70 درَّاجاً في السباق الذي بلغ طوله 66 كيلومترا انطلاقاً من طريق غرسال بالقرب من الحدود الأفغانية حتى بلدة غالاني.
وحرصاً من رجال القوات المسلحة على المساهمة في إنعاش الاقتصاد، قامت فرقة المهندسين الخامسة والأربعون التابعة للجيش بإنشاء «مجمع سوق ميران شاه»، ويحتوي السوق على 42 قسماً تضم 1,300 محل تجاري، ويتمتع المجمع بشبكة طرق داخلية، ورحبة منفصلة لركن الشاحنات والسيارات، ومصدر مخصص للكهرباء، وأربعة حمامات، وخط مياه، وحديقة خضراء يانعة في وسطه لتسلية الأطفال.
ولكم أشعر بالفخر بسرد هذه النجاحات التي أحرزها الجيش في سبيل إعادة تأهيل منطقة مضطربة! وساهم في إحلال السلام في المناطق القبلية من خلال كسب القلوب والعقول، ويثبت نجاح حملة «كسب القلوب والعقول»، كغيرها من النجاحات الأخرى، أنَّ باكستان دولة قوية وصامدة. F
التعليقات مغلقة.