الالتزام بحماية الأمن السيبراني
حماية العراق من التهديدات السيبرانية يتطلب تطوير المواهب العراقية في مجال تكنولوجيا المعلومات
الدكتور حسين علاوي، مستشار رئيس الوزراء العراقي لشؤون إصلاح القطاع الأمني
يأتي الأمن السيبراني ضمن الأولويات الاستراتيجية لحكومة العراق؛ إذ قامت الحكومة بإنشاء فريق الاستجابة للأحداث السيبرانية وتفعيل سياسة الأمن السيبراني وصياغة قانون الجرائم الإلكترونية الذي شهد نقاشات مطولة في البرلمان العراقي.
تتمثل المهمة الرئيسية التي ينهض بها فريق الاستجابة للأحداث السيبرانية في مكافحة الهجمات السيبرانية في كافة الوزارات، والعمل مع مختلف الأجهزة الأمنية والاستخباراتية لمراقبة المخترقين والجماعات الإرهابية وملاحقة عصابات الجريمة الإلكترونية المنظمة.
تشكل الهجمات السيبرانية تهديداً متنامياً في العالم أجمع، وتتسبب في حالة من القلق الدولي خشية استحواذ الجماعات الإرهابية على تقنيات متقدمة لتنفيذ هجمات سيبرانية على المنشآت الحيوية. ومن هذا المنطلق أطلق العراق «المؤتمر الوطني الثاني لتطوير وبناء القدرات الأمنية في الفضاء السيبراني» في بغداد في أيلول/سبتمبر 2021.
شكل المؤتمر نقلة نوعية في عمل فريق الاستجابة للأحداث السيبرانية العراقي، وتناول قضايا تثير الاهتمام كالجريمة الإلكترونية، والقدرات السيبرانية لمجابهة حروب الجيل الخامس، وتأثير الأمن السيبراني والتقنيات الحديثة على الأمن القومي، وحماية الأطفال على الإنترنت، وتأثير الأمن السيبراني على الناس في عالم محاصر بالمعلومات المضللة، والأمن الرقمي للطلاب، وعمليات غسل الأموال والمعاملات المالية الإلكترونية.
كما تضمن المؤتمر عرضاً تقنياً أجراه الفريق السيبراني العراقي، تُوج بتمرين أمني تدخل فيه الفريق على جناح السرعة لصد تهديد سيبراني.
وسلط السيد أثير الجابر، رئيس الفريق، الضوء على أهمية المؤتمر في ضوء إقبال الشركات والحكومة على الأتمتة الإلكترونية بسبب جائحة فيروس كورونا (كوفيد- 19).
وقال الجابر: “بمناسبة جلسات هذا المؤتمر، فإننا نخطو خطوة أخرى نحو نجاح تقديم الخدمات في الفضاء السيبراني.”
إنَّ تبادل الخبرات التقنية التي تكتسبها الدول الصديقة عند صد هجوم سيبراني أو إعادة تأهيل الشبكات بعد اختراق المنظومة الأمنية يعتبر العمود الفقري لبسط الأمن السيبراني. فالعراق يستفيد من تجارب الدول الصديقة في المجال التكنولوجي ويعمل على تطوير وبناء القدرات الأمنية في الفضاء السيبراني.
وعلى الصعيد الآخر، يحرص العراق على تبادل المعلومات التي تعلمها فيما يتعلق بكيفية إساءة العناصر الإرهابية استخدام التكنولوجيا السيبرانية في التواصل والتشفير وتخطيط الهجمات؛ وبما أنَّ الجماعات الإرهابية وعصابات الجريمة المنظمة تتشارك الأفكار والتقنيات، فلا بدَّ من أن يعمل المجتمع الدولي يداً بيد لإفشال مخططاتها الخبيثة.
يقوم الأمن السيبراني على أساس إنشاء قطاع تكنولوجي متقدم يمتلك الحيلة لصد الهجمات السيبرانية المتطورة؛ وعلى العراق مراجعة السياسات الوطنية المتعلقة بالأمن السيبراني باستمرار والحرص على تعزيز قدراته. وتعمل الحكومة العراقية على استقطاب الطاقات الشابة والواعدة في الأجهزة الأمنية والمدنية للنهوض بإمكانات العراق في مجال الأمن السيبراني والتعاون الذي يشمل القطاع الحكومي والقطاع الخاص والشركات الدولية.
ويرغب العراق في خلق ثقافة موحدة من أجل مواجهة التهديدات السيبرانية والحد من حالات الاختراق والإغراق المعلوماتي، والتصدي لنشر الإشاعات التي باتت تهدد السلم الأهلي، والحد من الجريمة السيبرانية التي يستغلها ضعاف النفوس ضد مستخدمي شبكة الإنترنت.
ويرغب العراق في خلق ثقافة موحدة من أجل مواجهة التهديدات السيبرانية والحد من حالات الاختراق والإغراق المعلوماتي، والتصدي لنشر الإشاعات التي باتت تهدد السلم الأهلي، والحد من الجريمة السيبرانية التي يستغلها ضعاف النفوس ضد مستخدمي شبكة الإنترنت.
باتت الشراكة بين القطاعين العام والخاص التي تنطوي على الأمن السيبراني ضرورة استراتيجية؛ إذ يتزايد اعتماد قطاعات كالصحة والتعليم والطاقة على الاتصال السيبراني لإجراء أعمالها. ولذا تحرص الحكومة العراقية وفريق الاستجابة للأحداث السيبرانية على صناعة حلول جديدة لقطاع تكنولوجيا المعلومات.
وتستخدم الوزارات الحكومية حوافز مالية لتشجيع رواد الأعمال في مجال تكنولوجيا المعلومات والأمن السيبراني. كما يركز العراق على تعزيز دور المرأة في هذا المجال المهم، فهي قوة المستقبل لمجتمعنا الزاهر والصامد أمام العديد من التحديات، وتمكين المرأة محور من محاور برنامج الحكومة العراقية وفلسفة عملها. فدور المرأة في الدول المتقدمة بارز في المجال التقني، وكان تقدم التكنلوجيا على يد نساء يعملن في مواقع حساسة في شركات الإعلام الاجتماعي وصناعة البرمجيات والتسويق الإلكتروني.
علينا اليوم أن ندعم زيادة النمو الكبير في سوق الأعمال والتجارة الإلكترونية والاستثمار في قطاع تكنولوجيا المعلومات في كل أنحاء العراق من خلال تطوير التشريعات والسياسات العامة والقدرة على استيعاب متطلبات الأمن السيبراني. وعلينا كذلك أن ندعم خُطى الحكومة العراقية في إقامة الشراكات بين العراق ومجتمع الأعمال الدولي عبر توفير البيئة المناسبة لنمو شركات تكنولوجيا المعلومات بهدف خدمة المجتمع وتحديث إمكانياته.
ولحسن الحظ، فإنَّ نجاح الحكومة العراقية في دعم المفوضية العليا المستقلة للانتخابات من أجل إجراء انتخابات حرة ونزيهة وقدرة المفوضية على مواجهة الهجمات السيبرانية خلال الانتخابات البرلمانية التي أقيمت يوم 10 تشرين الأول/أكتوبر 2021 أرسلا رسالة واضحة عن تحسن قدرات الدولة العراقية في مواجهة الهجمات السيبرانية وتعزيز الأمن السيبراني.
التعليقات مغلقة.