تمثل التغيرات السريعة مجموعة كبيرة من التحديات التي تواجهها البلدان في آسيا الوسطى
آنا جوزاروفا، المعهد الكازاخستاني للدراسات الاستراتيجية
خلق تأثير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ثغرات جديدة في جميع مجالات الحياة الإنسانية. فقد تغيرت بنية العلاقات الاجتماعية ودور الدول بشكل جذري. ويشهد التجسس الإلكتروني حالة من الازدهار دوليًا، مما يلقي بظلالًا من الشك على فعالية النظام القانوني الدولي. ويمكن أن تؤدي التغيرات في ميزان القوى في الفضاء الافتراضي إلى حدوث تغيرات في توازن القوى على الصعيدين السياسي والجغرافي. فلا تعمل الدول مباشرة في الفضاء الإلكتروني فحسب، بل تستغل أيضًا نشاط الفرص المتاحة للتشكيك في المنافسة السياسية والاقتصادية في العالم الحقيقي. كما أصبحت الأنظمة الدفاعية والبنية التحتية الحيوية ضعيفة.
وعلى مدار السنوات القليلة الماضية، اندمجت كازاخستان في المجتمع العالمي للمعلومات بخطى حثيثة. ولكن عدم الاهتمام الكافي بالفرص الجديدة، والمخاطر، والتهديدات يمكن أن يؤدي إلى إلحاق الضرر بتنمية البلدان ويدفعها إلى هامش العلاقات الدولية. وفي هذا الصدد، هناك حاجة إلى المراقبة الدائمة والتحليل الظرفي لمعالجة المشكلات حال تشكلها وظهورها فجاءة.
ثورة المعلومات
لقد أدى التطور السريع لتكنولوجيا المعلومات إلى إنشاء بيئة تنافسية جديدة في العلاقات الدولية، حيث تؤدي التقنيات الإلكترونية دورًا حاسمًا في الحياة اليومية. ويمثل ذلك الجبهة الرئيسية في معركة دعم البحوث والتفوق التقني والسياسي والاقتصادي.
إن تطوير التكنولوجيا الرقمية من الصناعات المُكلفة التي تتطلب استثمارات ضخمة ليس في الأجهزة والوسائط الرقمية فحسب، بل أيضًا في تدريب الموظفين. ونتيجة لذلك، لقد احتفظت الجهات الفاعلة الرئيسية التقليدية في العلاقات الدولية مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، والصين، وإلى حد ما روسيا، بالمناصب القيادية الخاصة بها.
لم يعد الإنترنت مجرد نظام آمن لنقل الرسائل الإلكترونية. فقد أصبح الآن مكان لعيش ملايين من الأشخاص، والعمل، وشراء الأشياء وبيعها، وترتيب المزادات على الإنترنت، وتكوين الأُسر، ومناقشة الموضوعات ذات الاهتمام، والمتعة، والتعبير عن النفس بطرق مختلفة. ومن العواقب الوخيمة الأخرى المهمة للتقنيات الإلكترونية هي انخفاض القدرة على حفظ أسرار الدولة.
وأثارت قدرات التجسس الإلكتروني الدولية وانتشار عمليات الاختراق الدولية في القطاعات الوطنية من الفضاء الإلكتروني تساؤلات حول حدود سيادة الدولة، وما إذا كانت هذه الثغرات الجديدة تحتاج إلى تنظيمها بموجب القانون الدولي.
ويتوافر نهجان رئيسيان لمعالجة هذه المشكلات؛ بالرغم من أنهما، غير متعارضان، إلا إنهما يعتمدان على تأكيدات مختلفة. وينطوي النهج الأول على الجهود العالمية، التي يقودها المجلس الأوروبي، من خلال اتفاقية مكافحة الجرائم الإلكترونية، لوضع معايير أمنية مشتركة لمكافحة التهديدات الإلكترونية وتنظيم العلاقات بين الدول. أما النهج الثاني فيعطي الأولوية للأنظمة الوطنية للأمن الإلكتروني بناءً على القدرات والاهتمامات لوضع قواعد عالمية بشأن السلوك في الفضاء الإلكتروني. وتُشير الإجراءات التكنولوجية المتقدمة للدول إلى أن النهج الثاني هو السائد حاليًا.
كازاخستان وآسيا الوسطى
لا تزال دول آسيا الوسطى على هامش انتشار تكنولوجيا المعلومات. بالرغم من أن، التقنيات الرقمية بدأت تؤدي دورًا مهمًا بشكل سريع في أنشطة الحكومة والمجتمع في المنطقة. وفي نفس الوقت، كثيرًا ما تواجه دول آسيا الوسطى هجمات إلكترونية جنائية تهدف في المقام الأول إلى الاحتيال المالي.
ووفقًا لشبكة كاسبرسكي الأمنية، كانت كازاخستان هدفًا لـ 85 في المئة من الهجمات القائمة على شبكة الإنترنت في المنطقة، مقارنة بنسبة 8 في المئة في أوزبكستان، و4 في المئة في جمهورية قيرغيزستان، و2 في المئة في تركمانستان، و 1 في المئة في طاجيكستان. واستهدفت غالبية الهجمات الإلكترونية المواقع الحكومية بغرض سرقة المعلومات المالية. ويُعتقد أن معظم الجرائم تُرتكب في الفضاء الإلكتروني بواسطة قراصنة (هاكرز) من جماعات إجرامية محلية منظمة تسعى إلى الحصول على البيانات المالية والصناعية المربحة.
وفقًا لبيانات البنك الدولي، يستخدم ما يزيد على 10 مليون شخص، أو حوالي 60 في المئة من السكان، الإنترنت كل شهر في كازاخستان. أما في المناطق الريفية، فمعدل انتشار الإنترنت أقل بكثير، حيث يبلغ 30 في المئة تقريبًا. ومع ذلك، فإن استخدام الإنترنت في تصاعد بشكل كبير: فقد ازداد استخدام الإنترنت من 0.5 في المئة في عام 2000 إلى 15 في المئة في عام 2008 و41 في المئة في عام 2011. في المتوسط، يكون المستخدمون من الذكور، تحديدا في المرحلة العمرية من 15 إلى 35 عامًا، من ذوي الدخل المتوسط أو العالي أو الطلاب.

أسوشيتد برس