الأردن والولايات المتحدة تركزان على تكامل القوة في تدريب الأسد المتأهب لعام 2016
أسرة يونيباث
لم يكن هناك حتى صوت طائر يكسر حاجز الصمت بالبادية البركانية القاسية، الصحراء التي تمتد من غرب الأردن إلى الحدود العراقية. وكانت الدوامات الترابية تحوم حول إحدى القرى التي حَولها الإرهابيون إلى معقل لهم.
استيقظت السماء على صوت دوي قاذفات قنابل أمريكية الصنع من نوع B-52 برفقة طائرتين مقاتلتين أردنيتين طراز إف-16، تُمطر مواقع العدو بوابل من القنابل. ومن أعلى سلسلة من التلال الصحراوية البعيدة، كانت مدفعية الهاوتزر الأردنية والأمريكية تقصف القرية التي كان يحتلها الإرهابيون، حيث كانت تقذف بحمم بركانية. وبعد ذلك بدقائق، أعلنت نفثات الغبار الأصفر عن قيام الدبابات الأردنية والأمريكية بصَوْلَة على معقل العناصر الإرهابية.
وكان التكامل بين القوات متعددة الجنسيات هي الكلمة التي ميزت هذا اليوم: فلقد تم دعم عدد 800 جندي أردني – مشغلو الدبابات وفرقة المشاة وجنود المدفعية – بعدد مماثل من الجنود الأمريكيين وقوات البحرية (المارينز) للوصول إلى مستوى السَرية العسكرية. وأنجزوا معًا
مهمة تدريبهم في هذا اليوم الأخير من تدريب الأسد المتأهب لعام 2016، وهو التدريب العسكري الثنائي الذي ااستضافته الأردن والمصمم خصيصًا لمحاكاة أنواع التهديدات التقليدية وغير التقليدية في منطقة الشرق الأوسط.

العريف بول إس مارتينيز/
قوات المشاة البحرية الأمريكية
“عند التخطيط للتدريب، فإنك دومًا تضع في الاعتبار التهديدات والتحديات،” جاء ذلك على لسان العميد الركن فهد فالح أحمد الضامن، مدير التدريب المشترك في الجيش الأردني . وأضاف “الأمر لا يقتصر على داعش فحسب. فبالنسبة لنا، لا يهمنا الاسم الذي تطلقونه عليهم، فهم دائمًا يتبعون نفس الفكر المضاد لمصالحنا الوطنية وأهدافنا المشتركة.”
ويركز تدريب الأسد المتأهب الذي يحضره عادًة قوات ومراقبون من ما يزيد عن عشرات الدول، بشكل كبير على التعاون الأردني الأمريكي وذلك خلال الفترة المخصصة له من 15 -24 مايو عام 2016. ولم يشهد هذا التدريب تقريبًا المهرجانات والمواكب كانت تحفل بها التدريبات السابقة حيث كانت شخصيات رفيعة المستوى تشاهد الاستبسال والمهارات العالية العسكرية من خيم فخمة. وكانت المهارات العالية لا تزال موجودة، ولكن التركيز كان ينصب على التكامل بين هذين الحليفين الاستراتيجيين – الأردن والولايات المتحدة – الذين شاركت قواتهما معًا لمدة ست سنوات متتالية في تدريب الأسد المتاهب.
وصرح اللواء محمد سالم جرادات، رئيس هيئة التدريب في القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنيةقائلًا “يعد هذا التدريب تدريبًا استثنائيًا. فهو التدريب السادس من نوعه وله طابع خاص، فهو بمثابة تعاون ثنائي مع الولايات المتحدة.” “لقد تحققت جميع أهدافنا.”
تبنى تدريب الأسد المتأهب لعام 2016 مجموعة واسعة من السيناريوهات باستخدام جغرافيا الأردن المتنوعة كخلفية له. فشملت موضوعات التدريب أمن الحدود، ومكافحة الإرهاب، والقيادة والسيطرة، والدفاع السيبراني، وإخلاء أعداد ضخمة من الضحايا، وإدارة الأزمات، والاتصال الاستراتيجي، والحماية البحرية. وقد شارك بالتدريب ما يقرب من 6,000 فرد، مناصفة بين الأردن والولايات المتحدة.

البحرية الأمريكية تجري تدريبًا بالذخيرة الحية خلال تدريب
الأسد المتأهب يعرض الاستيلاء على قرية العدو. رويترز
وأجرت قوات العمليات الخاصة المتكاملة بعثات استطلاع ليلية، سيرًا في البرية الموحشة. وحلقت الطائرات المروحية الأردنية والأمريكية جنبًا إلى جنب، بينما رصد جنود المراقبة إحداثيات الهجمات الجوية. وعلى مستوى القيادة، احتشد أعضاء القيادة الناطقين باللغتين العربية والإنجليزية تحت الخيام لإعطاء التوجيهات بشأن عمليات التدريب.
بعد مراقبة المشهد في مركز قيادة تدريب الأسد المتأهب بالزرقاء، صرح الفريق أول جوزيف فوتيل، قائد القيادة المركزية الأمريكية، “حينما تمر على مقرات القيادة هذه، سترى الضباط الأردنيين و[ضباط الصف] بجوارهم ضباطنا وضباط الصف يعملون جنبًا إلى جنب على حل المشكلات التكتيكية والتشغيلية.”
وكمثال على مدى تأثير تدريب عام 2016 على مستوى الحماسة خلال السنوات الماضية، نظم المخططون لأول مرة على الإطلاق فعالية تدريبية بشأن كيفية التعامل مع “القنابل الإشعاعية”. حيث تم تكليف فرق من الأردنيين والأمريكيين بارتداء سترات واقية، والدخول إلى حجر صحي، وتطهير صندوق معدني على متن شاحنة صغيرة يُزعم أنه يحتوي على مواد إشعاعية. وتلقت القوات المسلحة خلال هذا الحدث المساعدة من هيئات مدنية أردنية مثل هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن، وهي مثال على نهج توحد الحكومة الأردنية بأكملها.
وصرح العميد أمجد الزعبي، مدير القيادة العليا لتدريب الأسد المتأهب أثناء التدريب قائلًا: “إن الفرق الأردنية والأمريكية انتقت السيناريوهات التي كانت تشبه التحديات الأمنية في المنطقة والتي شملت عمليات متماثلة وغير متماثلة.”
فخلال تدريب الأسد المتأهب، أجري في مركز الحسين الطبي في عمان، وهو أكبر مستشفى بالأردن، محاكاة لحدوث انفجار في أحد المستودعات لاختبار كيفية تعامل الفرق العسكرية والمدنية مع الأمر، وإخلاء أعداد كبيرة من الضحايا. وقد أضفى تصاعد أعمدة الدخان وتلوى الممثلين وأنينهم على الأرض شعورًا بأن المشهد يبدو حقيقيًا.
وعلق قائد من البحرية الأمريكية مارك إنجرام، وهو الجراح الرئيسي بقوة المهام المشتركة المشاركة في تدريب الأسد المتأهب قائلًا، “لقد كان من الواضح اهتمام الطاقم الطبي الأردني للغاية بمحاكاة سيناريو واقعي للغاية مع إعطاء أقصى درجات الاهتمام بتوفير رعاية جيدة النوعية للضحايا.”

غروفر، مدير التمارين والتدريب بالقيادة المركزية الأمريكية. جيتي اميدجز
ورد الملازم الثاني الدكتور الأردني فراس حمودة على هذا الإطراء قائلًا: “إن العمل مع القوات الطبية الأمريكية خلال تدريب الأسد المتأهب علمني كيفية عملهم، بدءًا من إعداد التقارير والملخصات اليومية إلى الإجراءات الطبية السهلة التنفيذ، والإجراءات الأكثر تعقيدًا. فقد تشاركنا العديد من الأفكار مع بعضنا البعض، ويعتمد التدريب في كل عام على التطورات الأخيرة لتدريب الأسد المتأهب لتحقيق أفضل النتائج.”
ولم يهمل المخططون كذلك التدريب على الحروب التقليدية، فقد كانت مشاة البحرية الأردنية ونظيرتها الأمريكية تتدرب على شن هجمات بالبنادق والقنابل اليدوية على الخنادق الموجودة في الأراضي القاحلة المتموجة الموجودة حول المجتمع الأردني الجنوبي بالقويرة.
وصرح الملازم أول محمود بني عمر من الكتيبة 77 بقوات المشاة البحرية الأردنية قائلًا، “لقد كنا نتدرب خلال العامين الماضيين جنبًا إلى جنب مع قوات البحرية الأمريكية “المارينز” ونريد التزام كتيبتنا بنفس معايير مشاة البحرية الأمريكية”. “فالتدريب هنا يستحق استغلال كل لحظة.”
لقد بثت قوات المشاة البحرية الأمريكية روح الحماسة أثناء التدريب المشترك المستمر بهدف توطيد التوافق بين القوتين.
وذكر أحد ضباط الصف الأمريكيين قائلًا، “لقد عملت من قبل مع القوات الأردنية في أفغانستان، وهم يتميزون بأنهم دقيقون للغاية”. “فالتقنيات التي نستخدمها والطريقة التي نتدرب بها متشابهتان للغاية.”
ورغم أنها أقل لفتاً للانتباه خلال المناورات العسكرية ولكنها تحظى بنفس القدر من الأهمية من حيث الكفاءة العسكرية؛ خضعت شبكة الشركاء في القيادة المركزية الأمريكية لاختبار شامل خلال تدريب الأسد المتأهب. وهذه الشبكة عبارة عن نظام كمبيوتر آمن – وتعود أصولها إلى عام 1999 – وهي مصُممة خصيصًا لزيادة خطوط الاتصال بين قوات التحالف.
وصرح الفريق أول فوتيل في تدريب الأسد المتأهب قائلًا: “هذه هي المرة الأولى التي نتمكن فيها من نشر هذه الشبكة في تدريب كبير مثل هذا،” “ونعمل على التخلص من الأخطاء المرتبطة بذلك ولكن، بشكل عام، حققنا نتائج إيجابية جدًا.”
بعد تراجع الدول التي كانت ترغب في إرسال مشاركين ومراقبين إلى تدريب الأسد المتأهب لعام 2016، قدَّم الفريق أول الأردني فهد ضمانات بأن التدريب القادم في مايو عام 2017 سيكون شاملا لجميع الجنسيات. ولقد بدأت الأردن والولايات المتحدة تعاونهما في تدريب الأسد المتأهب عام 2011.
وأضاف الفريق فهد قائلًا، “إن شراكتنا مع الولايات المتحدة تمتد جذورها بعمق على المستوى الاستراتيجي”. وأضاف: “نحن نعمل في كل عام على تعزيز ذلك من خلال تنفيذ تدريب الأسد المتأهب هذا وغيره من التدريبات.”
ساهمت الشؤون العامة بالقيادة المركزية الأمريكية في هذا المقال.
المرأة المقاتلة
استطاعت القوات المسلحة الأردنية بكل نجاح منح المرأة دوراً في تمرين الأسد المتأهب

أسرة يونيباث