قائد قوات العمليات الخاصة لدولة الإمارات العربية المتحدة يحث على التعاون الدولي لقوات العمليات الخاصة ويعتبره استراتيجية أمنية ذات أهمية.
أسرة يونيباث
لأكثر من عقد من الزمن لعبت قوات العمليات الخاصة الإماراتية دوراً مهماً في حماية وتقديم المساعدات الإنسانية للمواطنين الأفغان ومساعدتهم على رسم خريطة لمستقبل مشرق لهم. وعبر قائد قوات العمليات الخاصة عن سعادته بالجهود والمساعدات السخية التي قدمتها دولة الإمارات لبسط الأمن والإستقرار في افغانستان، وذكر – بتواضع- بأن الإمارات فخورة وسعيدة لما قدمته.
وأشار العقيد الركن مسلّم الراشدي، قائد قوات العمليات الخاصة الإماراتية لأسرة مجلة يونيباث:»مثلًت أفغانستان تجربة مهمة بالنسبة لنا، لقد ساعدتنا على اكتساب الخبرة القتالية وبناء علاقات صداقة.»
خلال فعاليات مؤتمر التصنيع لقوات العمليات الخاصة (SOFIC) الذي أقيم في الولايات المتحدة الأمريكية في أيار/مايو 2014، وبرغم ضيق الوقت والجدول المكتظ بالإجتماعات واللقاءات، التقيناه بعد خروجه من المحاضرة الصباحية الأولى، رجل أسمر طويل القامة وبقيافة عسكرية متقنة وأخلاق رفيعة جداً لا يسعنا إلا ان نقول أنها أخلاق الرجال النبلاء. برغم سفرته الطويلة والشاقة ، لم يكن يبدو عليه الإرهاق أو التذمر بل كان يحاول جاهداً أن يستمع لنا ويرد على اسفساراتنا بكل أدب ومهنية.
الالتزام العالمي
قال العقيد الركن الراشدي بأن السنتين الأخيرتين تعتبران أهم فترة في مسيرته العسكرية، حيث ساهم على بناء ومتابعة التحول الجذري في قيادة قوات العمليات الخاصة والتهيؤ لمواجهة التهديدات الجديدة.
بدأت التغييرات بخطوة حكيمة من الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلّحة الإماراتية، وقراره بإرسال القوات المسلحة الإماراتية إلى أفغانستان لتقديم المساعدات الأنسانية للأفغانيين، ومنذ عام 2003 أصبحت قوات العمليات الخاصة الإماراتية شريكاً وحليفاَ في عملية حفظ السلام في افغانستان.
وصف الراشدي قرار بلاده للمشاركة في أفغانستان بقوله: «أود ان أعبر عن شكري وتقديري لقائدنا الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لمنحنا الفرصة العظيمة للمشاركة في أفغانستان.»
كان من ضمن مهام القوات المسلحة الإماراتية في أفغانستان توفير الحماية للموظفين الإماراتيين الذين يقومون بتقديم المساعدات الإنسانية مثل المواد الغذائية ومياه الشرب والمعدات الطبية للمواطنين الأفغان. فضلاً عن بناء المدارس، والمستشفيات، والمساجد، ومشاريع البنية التحتية الأخرى.
وأشار العقيد الركن الراشدي:»تنطلق رؤيتنا من شعورنا باحتياجات الآخرين، وهذا واضح من خلال أعمالنا الخيرية المتعددة. لذلك من المهم تطبيق تلك الرؤية على أرض الواقع.»
لقد طبقت دولة الإمارات العربية المتحدة هذه الرؤية في جميع أنحاء العالم. ففي 1991 شاركت قوات العمليات الخاصة الإماراتية في التحالف الدولي لتحرير الكويت. وبعد ثلاث سنوات من ذلك التاريخ، شاركت القوات الخاصة الإماراتية ضمن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في الصومال. واستمرت مشاركة قوات العمليات الخاصة الإماراتية في أماكن اخرى مثل ألبانيا، وكوسوفو، والعراق، ولبنان، واليمن.
السيرة الذاتية للقائد
بدأت حياته العسكرية قبل 26 سنة، حيث تخرج بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف من كلية زايد العسكرية. وقد صقل ماتعلمه في كلية زايد بألتحاقه في كلية القيادة والأركان وكلية خوض الحروب المتقدمة التابعتين كلية مشاة البحرية (المارينز) في الولايات المتحدة. حاز العقيد الركن الراشدي على شهادة الماجستير في دراسة العمليات، وشهادة البكالوريوس في التعليم المدني، وشهادة البكالوريوس في إدارة الأعمال من جامعة شرق واشنطن. ويعتبر العقيد الركن الراشدي نفسه محظوظاً لإتاحة الفرصة له في الدراسة في الخارج.
ويرى أن «الدراسة في الخارج تُعلم أشياء جديدة وتعرفك على وجهات نظر مختلفة، فهي مهمة جداً، وتفتح عينيك على أشياء كثيرة.»
لكنه أضاف بأن الأمتحان الحقيقي هو تطبيق ما تعلمناه في الخارج في مجتمعنا الإماراتي.
تسلم عدة مناصب قيادية، حيث قاد سرية القوات الخاصة في كوسوفو ضمن بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام. وكان قائد القوات الإماراتية المشتركة التاسعة في افغانستان. وتسلم قيادة الفوج الثاني للقوات الخاصة الإماراتية. ومن ثم أصبح مدير التدريب والعمليات للحرس الرئاسي الخاص قبل أن يتسلم منصبه الحالي. تتولى قيادة القوات الخاصة ستة مهام رئيسية هي: مكافحة الإرهاب، والعمليات المباشرة، ومهمة الاستطلاع الخاص، الدفاع ضد التهديدات الخارجية، والعمليات الحساسة الخاصة، والحرب الغير تقليدية. لقد صقلت القوات الخاصة شخصية الراشدي، حيث قال «كل شئ تحلم به كشاب، ستجده في القوات الخاصة.» وأضاف «قد يبقى الرجل في القوات الخاصة عشرين سنة لكنه يشعر أن مازال أمامه الكثير ليتعلمه، إنها مهنة مرموقة.»
حاز الراشدي على عدة أوسمة شرفية، حاز على وسامين للتميز، ووسام الخدمة الطويلة، ووسام تحرير الكويت، ووسام اليوبيل الفضي.
نظرة استراتيجية
إن الدقة في اختيار المقاتلين الجدد، والبراعة التكتيكية، والتدريب المتطور ما هي إلاّ جزءاً مما تحتاجه قوات العمليات الخاصة في عالم اليوم لمواجهة التهديدات والحروب غير التقليدية. لذلك تجد أن روح التسامح وإقامة العلاقات الطيبة مع الشعوب تُشكّل مكوناً مهماَ تم غرسه في قوات العمليات الخاصة الإماراتية.
فالاستفادة من فرص التعارف و تقوية العلاقات مع رجال قوات العمليات الخاصة من الدول الشقيقة والصديقة يعد أمراً في غاية الأهمية، حسب ماعبر عنه العقيد الركن الراشدي. ففي شهر آذار/مارس 2014 قدم العقيد الركن الراشدي محاضرة ضمن فعاليات الدورة السابعة لمؤتمر الشرق الأوسط لقادة قوات العمليات الخاصة (سوفكس)، الذي أقيم في العاصمة الأردنية عمان، وبعدها بأسابيع حضر فعاليات مؤتمر التصنيع لقوات العمليات الخاصة الذي أقيم في ولاية فلوريدا الأمريكية.
علق العقيد الركن الراشدي: «إنها ليست فقط فرصة لبناء العلاقات مع نظرائنا بل للتعرف على آخر التقنيات والاستفادة من تجارب الدول الأخرى. أننا من الداعمين لتوظيف التقنيات الحديثة في مهمات العمليات الخاصة.»
وذكرالعقيد الركن الراشدي في حديثه لأسرة مجلة يونيباث:»نحن نركز على استخدام الجيل المتقدم من التقنيات لتسليح وتدريب رجالنا لكي نواكب التطور التكنولوجي. هدفنا هو استخدام التقنيات الحديثة في تنفيذ مهماتنا وبأقل الخسائر، خاصة في المهمات التي تتطلب تحرير رهائن أو تطهير مباني.» وأكد العقيد على أن التقنيات الحديثة لا يمكن أن تكون بديلاً عن التدريب واكتساب الخبرة القتالية، «فالتكنولوجيا هي مجرد أداة تمكن المقاتل من تحسين أدائه في ساحة المعركة.»
ويعتقد العقيد الركن مسلّم الراشدي أن الحروب المستقبلية ستكون غير تقليدية مما يتطلب تشكيل قوات من دول متعددة للعمل معاً على مجابهة التحديات. «نحن نركز عل مشاركتنا بجميع التمارين مع أصدقائنا في الولايات المتحدة وأشقائنا في دول الخليج والدول العربية الأخرى.»
يوجه الراشدي نصيحته للشباب الجدد في القوات الخاصة بقوله: «اغتنموا فرص الاستفادة من التدريب والدراسات المتقدمة.»
ويؤمن العقيد الركن مسلّم الراشدي بأهمية وجود مثل أعلى في حياة المقاتل. الفريق أول الركن سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان هو المثل الأعلى للراشدي حيث يشير: «اعتبره مثلي الأعلى لنظرته الاستراتيجية الثاقبة لأمن المنطقة. وتشجيعه على التميز لجميع الضباط والمراتب. كما يتسم بنظرة مستقبلية لتطور وازدهار المنطقة، ليس فقط دولة الإمارات، بل المنطقة ككل. وهو يعرف بأن التهديدات الخارجية تهدف الى عرقلة بناء شرق أوسط متطور وينعم بالسلام. لذلك يُثمّن ضرورة وجود قوة من النخبة للتصدي للتهديدات الإرهابية. لقد تعلمنا الكثيرمن سموه الكريم فهو المثل الأعلى لنا في الرفعة والتواضع. ومهاراته القيادية جعلته الأب الروحي للقوات الخاصة الإماراتية.»
وذكر الراشدي بأن هناك شخصية أخرى تعلم منها الكثير في الجانب العسكري وهو الرائد المتقاعد من القوات الخاصة الأسترالية تيري أوفيرال، أحد المقاتلين في حرب فيتنام.
ويصفه الراشدي بقوله:»لقد جاء للأمارات عام 1996 وعملت معه عن قرب. لقد زودني أوفيرال بمنظور فريد عن القوات الخاصة بناءً على تجربته في فيتنام ودور القوات الخاصة في مواجهة الإرهاب على المستوى المحلي.»
ويضيف: «يُعد العمل مع أوفيرال أو مع نظرائنا في كافة انحاء العالم ضرورياً لاكتساب الخبرات والاستفادة من التجارب لتطوير وصقل خططنا الأمنية.»
ومن خلال بناء وتقوية أواصر الصداقة مع القوات الخاصة في الدول الأخرى، ستكون دولة الإمارات العربية المتحدة في جاهزية تامة لحماية أمنها وأمن المنطقة.» وتعليقاً على الحملة الأعلامية المعادية التي تقوم بها المنظمات الإرهابية على مواقع التواصل الأجتماعي، قال الراشدي: «إن الأمارات بستان جميل ويحتوي على كل الثمار لكنه محاط بالذئاب والنيران.» وأضاف «على الرغم من حقيقة أن الإمارات بلد محب للسلام ونعمل على نشر الخير والسلام في أرجاء العالم، هناك الكثير من الأشرار الذين يحسدونا على ما أنعم الله علينا. والحرب الإعلامية للأرهابيين على الأنترنت ماهي إلا دليل على أننا نسير في الطريق الصحيح.»