Getting your Trinity Audio player ready...
|
دول الشرق الأوسط وآسيا الوسطى تتخذ خطوات لمواجهة التحدي
أسرة يونيباث

رويترز
جاء المال من بيع كوكايين أمريكا الجنوبية في السوق الأوروبية المربحة على نحو متزايد . ثم استخدمت مئات الملايين من الدولارات في شراء سيارات في الولايات المتحدة لشحنها إلى إفريقيا. ومتى بيعت السيارات في إفريقيا، تم إيداع الأموال المغسولة في مؤسسات مالية لبنانية، وفي نهاية المطاف تم تحويل جزء كبير منها إلى جماعات إرهابية وإجرامية في الشرق الأوسط.
هذه المؤامرة التي كشف عنها المحققون الدوليون وأغلقوها في عامي 2011 و 2012، توفر لمحة معبرة عن آليات مشكلة غسل الأموال العالمية الضخمة المسؤولة عن جزء كبير من تمويل الجماعات الإرهابية الدولية والتنظيمات الإجرامية العنيفة.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أنه يتم غسل 800 مليار دولار إلى 2 تريليون دولار كل سنة، وهو ما يمثل 2 إلى 5 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي العالمي. وطبقاً لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإن الإيرادات المغسولة لتجارة المخدرات موّلت بشكل مباشر الهجمات الإرهابية، بما في ذلك تفجيرات مدريد عام 2004 التي قتلت 191 شخصاً وجرحت أكثر من 1,800.
يعمل قادة الحكومات، وأجهزة الأمن والقادة العسكريون في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى معاً بنشاط للتصدي للتهديد الذي تشكله هذه الكميات الضخمة من الأوراق النقدية التي لا يمكن اقتفاء أثرها في كثير من الأحيان، لا سيما في الدول التي تشهد حركات تمرد نشطة وهجمات إرهابية متكررة. وهم يدرسون حالات مثل مؤامرة غسل الأموال الضخمة التي كُشف عنها في لبنان، وكانت من بنات أفكار أيمن جمعة المهرب الدولي اللبناني المولد وممول الإرهاب.
اتهم جمعة بتهريب 89,000 كيلوغرام من كوكايين أمريكا الجنوبية ونحو مليار دولار نقداً في شبكة امتدت من منطقة الحدود الثلاثية في باراغواي، والبرازيل والأرجنتين، شمالاً إلى المكسيك والولايات المتحدة، وفيما وراء البحار إلى إفريقيا، وأوروبا والشرق الأوسط. ولكي يخفي أصل أموال المخدرات، اشترى جمعه ورفاقه سيارات مستعملة في الولايات المتحدة وصدّروها إلى غرب إفريقيا. وفي إفريقيا، وبمساعدة من مجرمين مقيمين من بنين، تم خلط أموال مبيعات السيارات مع أرباح المخدرات.
وبعد أن تم إغلاق البنك اللبناني الكندي، شريك جمعة السابق في غسل الأموال، عام 2011، قال مسؤولون بوزارة الخزانة الأمريكية إن شركة قاسم رميتي وشركاه للصيرفة وشركة حلاوي للصيرفة تقلدتا هذا الدور في شبكة جمعة العالمية للمخدرات.
أشار مقال في صحيفة نيويورك تايمز في كانون الأول/ ديسمبر 2011، إلى أن جمعة اعتمد على شبكة من المهاجرين اللبنانيين، لا سيما رجال الأعمال، في تحويل الأموال والمخدرات. وقد استفادت عصابة المخدرات لوس زيتاس المكسيكية القاتلة من بعض الأموال والكوكايين.
كتبت نيويورك تايمز تقول، “من وجهة نظر المهربين، كان المهاجرون في الأماكن الصحيحة في الوقت الصحيح. فمع زيادة الطلب في أوروبا والشرق الأوسط، بدأت العصابات تسلك طرقاً جديدة – من كولومبيا، وفنزويلا، والحدود التي ينعدم فيها القانون حيث تلتقي البرازيل، وباراغواي والأرجنتين، إلى دول في غرب إفريقيا مثل بنين وغامبيا. ومن هناك، تنتقل المخدرات شمالاً عبر البرتغال وأسبانيا، أو شرقاً عبر سوريا ولبنان”.
يشير تقرير من 272 صفحة صدر عن مكتب الأمم المتحدة حالمعني بالمخدرات والجريمة عام 2012، إلى حجم المشكلة. فإضافة إلى التهديدات الإرهابية التي تشكلها مليارات الدولارات النقدية غير المشروعة، فإن هذه الأموال تُستخدم أيضاً في إفساد مسؤولين عموميين، وإثارة اضطرابات وزعزعة استقرار حكومات.
قال التقرير، “شهدنا في السنوات الأخيرة العديد من مثل هذه الحالات التي يتورط فيها وزراء ورؤساء أجهزة أمنية وطنية في عمليات فساد لها علاقة بالمخدرات”.
مكافحة غسل الأموال
ارتبطت الحكومات في المنطقة معاً في شراكات دولية للحد من هذا التهديد للأمن والاستقرار.
تجري مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مراجعات منتظمة لبرامج الـ 18 دولة بالمنطقة. وكثيراً ما تجُرى عمليات تدقيق مالي بالتعاون مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
ذكرت نشرة غسل الأموال، وهي نشرة دولية على الإنترنت، في عام 2012 أنه “على مدى العقد الماضي، تبنت حكومات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فضلاً عن أفغانستان وباكستان توصيات مجموعة العمل المالي ، وشكلت وحدات الاستخبارات المالية واتخذت إجراءات صارمة ضد غسل الأموال”.
صرح عبد الحافظ منصور، أمين لجنة التحقيق الخاصة في لبنان لنشرة غسل الأموال عام 2011، “أن تأسيس وحدة استخبارات مالية تتسم بالعمق والخبرة يستغرق سنوات. وما حققته المنطقة حتى الآن لافت للنظر جداً. فليس بوسع دولة ما أن تطور شيئاً من تلقاء نفسها، ولكن المنطقة تشارك عبر مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مناقشات حول جميع القضايا قيد النظر وبدأت تلحق بركب أي تطورات في القوانين الدولية. وكل يوم يحدث امتثال أكثر وليس أقل لهذه القوانين”.
في آسيا الوسطى، هناك المجموعة الأوروبية الآسيوية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وهي هيئة إقليمية على غرار مجموعة العمل المالي أعضاؤها من كازاخستان، وجمهورية قرغيزستان، وطاجيكستان، وتركمنستان، وأوزبكستان. وتقوم هذه الهيئة بتقييم الأنظمة الوطنية لمكافحة غسل الأموال/ مكافحة تمويل الإرهاب للدول الأعضاء وتعرض على الأعضاء مساعدة تقنية وتدريباً.
وتوفر الهيئتان أفضل تقييم موثوق به للكيفية التي تعالج بها دول المنطقة التهديدات التي يشكلها غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وأكد الشيخ فهد بن فيصل آل ثاني، نائب محافظ المصرف المركزي، رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في قطر، على أن جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب أصبحا أولوية عالمية.
وأضاف الشيخ فهد بن فيصل آل ثاني خلال اجتماع لمدة ثلاثة أيام لمسؤولين من مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في الدوحة في كانون الأول/ ديسمبر 2013، “إن هذه الجرائم، بسبب آثارها السلبية والخطورة الكبيرة التي تشكلها سواء على الأشخاص أو على أمن واستقرار الدول أو اقتصاداتها ، تفرض علينا اليوم قدراً كبيراً من التعاون والتنسيق، حيث أن مكافحتها لم تعد شأناً محلياً ينحصر في حدود دولة ما، وإنما تعدت ذلك لتصبح هدف المجتمع الدولي بأسره”.
وفي الاجتماع نفسه، قال الأستاذ عادل بن حمد القليش، السكرتير التنفيذي السعودي لمجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مفسراً إن المجموعة استكملت العديد من الدراسات المرتبطة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في المنطقة. وتشمل بعض المواضيع وسائل الدفع عبر الحدود، واتجاهات غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والعلاقة بين غسل الأموال والاتجار بالمخدرات.
أشار السيد القليش، إلى أن ” أهمية هذه الدراسات تكمن في تسليط الضوء على الأساليب والتقنيات والأنماط المتعلقة بغسل الأموال وتمويل الإرهاب من أجل لفت انتباه الدول الأعضاء إلى أهمية مكافحة هذه الجرائم”.
وهذه لمحة على التحديات والخطوات التي تتخذها مجموعة مختارة من دول الشرق الأوسط وآسيا الوسطى:
![مديرو البنوك الكويتية يغادرون أول مؤتمر لمكافحة عمليات غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، الذي عُقد في مدينة الكويت عام 2004. وخلال السنوات العشر منذ انعقاد المؤتمر، صعّد كبار رجال الأعمال والحكومة في الشرق الأوسط التعاون في التصدي للتهديد الأمني الذي تشكله عمليات غسل الأموال الدولية. [رويترز]](https://unipath-magazine.com/arabic/wp-content/uploads/2014/05/KuwaitConf.jpg)