دور اليمن الاستراتيجي في الأمن البحري

العميد علي أحمد راصع/ رئيس مصلحة خفر السواحل اليمنية

تكمن أهمية اليمن في موقعها الاستراتيجي الذي يطل على كل من البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي وبشريط ساحلي يتجاوز 2,400. ويمثل هذا الموقع اهمية خاصة نظراً لإطلالته على مضيق باب المندب أحد أهم المضايق للملاحة الدولية كذلك يمثل موقع اليمن اهمية كبيرة لحركة الملاحة الدولية كون السفن القادمة والمغادرة من والى اوروبا عبر قناة السويس تعبر من هذه المنطقة.

ولهذا تولي الدول الصناعية الكبرى والدول الصناعية الناشئة أهمية خاصة لموقع اليمن الاستراتيجي للملاحة الدولية، خاصة وأن حركة الملاحة الدولية تعرضت خلال السنوات الماضية لتهديدات حقيقية من قبل القراصنة الصوماليين. هذا البلد الذي انهار قبل أكثر من عشرين عاماً واصبحت المليشيات المسلحة والمنظمات الإرهابية تتحكم في شؤونه، وتعتمد على ما تجنيه من القرصنة وتجارة المخدرات لتمويل انشطتها الاجرامية. ونظراً لهذه التهديدات قامت الدول الصناعية الكبرى ودول اخرى بإرسال سفنها العسكرية الى البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي لحماية أساطيلها التجارية، ورغم الجهود الدولية لمكافحة ظاهرة القرصنة ظلت المشكلة قائمة ويعود ذلك لعدة اسباب أهمها:

  • اتسا ع المنطقة البحرية التي تحصل فيها القرصنة.

  • التكتيكات التي يمارسها القراصنة في تنفيذ عملياتهم من منطقة بحرية إلى أخرى.

  • المردود المالي الكبير الذي حققه القراصنة من قبل ملاك السفن التجارية  مما جعل أعداد القراصنة في تزايد.

  • حجم التكاليف المرتفعة لتواجد السفن الحربية والدولية في المنطقة.

ولكل هذه الأسباب وغيرها كان يفترض بالدول الصناعية الكبرى والدول الصناعية الناشئة وكذلك الدول النفطية بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربي أن تتعاون مع دول المنطقة خاصة اليمن، نظراً لموقعها الاستراتيجي وطول شريطها الساحلي المقابل للصومال، لقد قامت المنظمة البحرية الدولية في السنوات الماضية بنقل الخط الملاحي الدولي من وسط خليج عدن إلى قرب المياه الإقليمية اليمنية هروباً من القراصنة الصوماليين، ورغم ذلك استمرت أعمال القرصنة.

لقد قامت اليمن بإنشاء مجموعة من المراكز الرقابية والعملياتية على طول شريطها الساحلي في البحر الاحمر وخليج عدن وتم تزويد هذه المراكز بالتجهيزات اللازمة خاصة منظومة الرقابة الساحلية «stv»، كذلك وفرت خفر السواحل اليمنية عدداً من الزوارق سواء من خلال الدعم الدولي أو بالشراء بالتمويل الحكومي. بمعنى أن اليمن قامت خلال السنوات الماضية بإنشاء بنية تحتية جيدة لخفر السواحل ووفرت الكثير من متطلبات العمل رغم وضعه الاقتصادي الصعب، ولكن نظراً لوسع المنطقة البحرية التي تقع بها أعمال القرصنة وحجم تكاليف التواجد الأمني البحري على مدار الساعة يتطلب ذلك تعاوناً دولياً جاداً وصادقاً مع اليمن حتى يتمكن خفر السواحل اليمني من مراقبة الخط الملاحي الدولي من خلال تسيير دوريات بحرية منتظمة وهذا سيكون أقل كلفة من تواجد الاساطيل البحرية للدول الكبرى بالمنطقة.

لن يكون هذا مفيداً في مكافحة القرصنة فحسب، بل وفي تهريب المخدرات الذي ازداد بشكل كبير في الآونة الأخيرة ومكافحة انشطة المنظمات الإرهابية وتقييد حركة تنقلاتهم.

خلال السنوات الماضية أثبتت اليمن أنها شريك فعال مع المجتمع الدولي في مكافحة الإرهاب ومكافحة الجرائم المنظمة، خاصة فيما يتعلق بتهريب الاسلحة والمخدرات، وآخر نتائج هذا التعاون القبض على السفينة الإيرانية (جيهان 1) والتي كان على متنها أكثر من 40 طناً من الأسلحة المتوسطة والثقيلة، بما في ذلك عشرة أطنان من المواد المتفجرة، ولقد أثبتت نتائج التحقيق من قبل فريق مجلس الأمن الدولي أن الكثير من هذه الأسلحة إيرانية الصنع وأن السفينة كانت قادمة من إيران.

فهل تدرك الدول الغربية الكبرى ودول الخليج العربي مخاطر هذه التهديدات وتتفهم لمطالب اليمن الأمنية التي في الأصل تصب في حماية الحركة الملاحية الدولية، وتحد من انتشار الاسلحة في المنطقة. وفي كل الاحوال لا يمكن أن تسمح اليمن بان تكون جسراً أو محطة عبور لمن يحاول المساس أو الإضرار بالأشقاء والأصدقاء تحت أي ظرف من الظروف ولكن ما نتمناه أن تعلم دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي أن اليمن تمثل البوابة الجنوبية لدول المجلس.


yemen-coast-guard-650_416وُلد العميد علي أحمد راصع في حجة باليمن عام 1955. وبعد أن انضم إلى أكاديمية الشرطة، تخرج كملازم ثان عام 1975. خدم العميد راصع في مواقع مختلفة بأنحاء اليمن وتقلد العديد من المناصب، من بينها مدير قسم التحقيقات في الأمن العام ومدير مركز الأمن والجوازات في حرض بمحافظة حجة. وفي عام 1990، تمت ترقيته إلى رتبة عقيد وعُيّن مديراً لقسم الجوازات بمطار صنعاء الدولي. حصل راصع على درجة البكالوريوس في الاقتصاديات، التي أدت إلى تعيينه نائباً لرئيس المشروعات المدنية في الهيئة العامة للاستثمار باليمن. وفي آذار/ مارس 2002، تمت ترقية راصع إلى رتبة عميد وعُيّن رئيساً لمصلحة خفر السواحل اليمنية. ودُعي ليكون متحدثاً رئيسياً يمثل اليمن في وزارة الدفاع الأمريكية عام 2008. والعميد راصع متزوج وله أربعة أولاد.


لمعرفة المزيد عن قضايا الأمن البحري برجاء الاطلاع على طبعتنا لقراءة “حراسة نقاط الاختناق – القوات البحرية تتصدى للأخطار التي تواجهها الملاحة والبنية التحتية”، بقلم الكاتبين الزائرين بمجلة يونيباث الدكتور ثيودور كاراسيك ونادين مزرعاني من معهد الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري. https://unipath-magazine.com

 

Comments are closed.