مؤتمر في بغداد يناقش استخدام العراق لحرب المعلومات لدحض الإرهاب
أسرة يونيباث
فيما فيما تتوالى الانتصارات التي حققتها قوات التحالف ضد داعش في العراق وسوريا، تحول الاهتمام بشكل متزايد إلى محاربة المعلومات المضللة التي تستخدمتها داعش لاستمالة عقول أنصارها. وتناول المؤتمر الدولي الثاني للعمليات النفسية والإعلامية لمواجهة داعش، والذي عقد برعاية السيد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في بغداد في أغسطس عام 2016، التطرف العنيف باعتباره مشكلة عالمية تتطلب وحدة الجهود بين 35 دولة حضرت المؤتمر.
وأكد رئيس الوزراء العراقي: “من الضروري مكافحة داعش على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي وعدم السماح لها بإثارة النعرات الطائفية بين أبناء الشعب”. وتابع: “الحكومة العراقية لاتفرق بين مواطنيها على الأساس العرقي والطائفي، وإن أبناء شعبنا ثقتهم عالية بأبنائهم في القوات المسلحة. وبرغم هزائمهم المتكررة، ما زال إرهابيو داعش يشكلون خطرًا على العراق والعالم أجمع. لذلك، نحن نعمل مع أصدقائنا وشركائنا لدحر الإرهاب.”
ومع ذلك، إن القيام بدور مهم في المعركة الأيديولوجية ضد التطرف لايقتصر على الحكومة فحسب. ففي كلمة ألقاها في المؤتمر، أدرج جورجي بوستن، ممثل الأمم المتحدة في العراق، داعش ضمن الجماعات التكفيرية مثل بوكو حرام في نيجيريا، وجبهة النصرة في سوريا، والتي تتصرف بوحشية وكراهية مقيتة. ولتدمير هذه الجماعات الإرهابية تمامًا، ينبغي على الآباء وقادة المجتمع أن يؤدوا دورًا أكبر.

أسوشيتد برس
وقال بوستن: “يمكن للشيوخ والآباء التأثير بشكل كبير في الأطفال والشباب ممّن لديهم ميل للقيام بالأنشطة المتطرفة. فلا ينبغي أن تكون الحكومة هي الطرف الوحيد الذي ينخرط في المناقشات التي تدعو إلى نبذ التطرف.” وأضاف: “عند وجود شخص ما يعاني من فراغ فكري يجعله عرضة لتقبل أفكار التطرف العنيف، يجب أن يكون هناك شخص ما لملء ذلك الفراغ بالفكر والآراء البديلة. من الضروري أن يشمل هذا التوجه المجتمع برمّته.”
نشـر الانتصارات
لقد كانت النجاحات الميدانية أحد السبل الهامة لتعديل مسار الخطاب الإعلامي. وكما أشار خبير الاتصالات الإستراتيجية البريطاني آدم روتلاند في المؤتمر، فإن أخبار انتصارات القوات المسلحة العراقية أصبحت هي الأخبار الأكثر انتشارًا على وسائل التواصل الاجتماعي وأظهرت تقهقر الإرهابيين.
وقال روتلاند: “خلال أسبوع من عرض مقطع فيديو يظهر تقدُّم القوات المسلحة العراقية باتجاه مدينة الموصل، كان مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي متفاعلين جدًا، ووصل عدد المشاهدات إلى أكثر من 550,000 مشاهدة وعلق على الفيديو أكثر من 18,000 شخص.” وأضاف: “لقد قمنا بتسليط الضوء على الأشياء المهمة والرسائل الإستراتيجية وإظهار تقهقر داعش والتركيز على ترحيب المدنيين بالقوات العراقية واحتفالهم بفرح بحريتهم”.
ركز العميد شوكت عبد الباقي، مدير الإعلام في قيادة القوات البرية العراقية، على الدعم الكبير لقوات التحالف لبناء قدرات وسائل الإعلام العسكري من خلال توفير الأجهزة الخاصة بالتصوير ومكبرات الصوت والإذاعات المتنقلة وأجهزة إرسال الوسائط المتعددة.” وأشار العميد شوكت: “هذا الدعم أحدث نقلة نوعية بالتقاط صور عالية الجودة من ساحة المعركة وإرسالها بسرعة لمقر القيادة ووسائل الإعلام لمواجهة دعايات الإرهابيين.”
وقد أشار اللواء نجم الجبوري إلى أن القوات العراقية استطاعت توظيف وسائل العمليات المعلوماتية لمد جسور التواصل مع السكان في الأراضي التي احتلتها داعش. وكمثال على ذلك، ذكر أهمية استخدام تكنولوجيا مكبرات الصوت لإعطاء تعليمات للمدنيين المحاصرين أثناء المعركة، التي ساعدت على رفع الروح المعنوية للجنود العراقيين وتحطيم معنويات الإرهابيين.
وأدت تلك الحملة الإعلامية الإيجابية دورًا مهمًا في طرد داعش من الفلوجة في عام 2016. وأشار مدير الإعلام في جهاز مكافحة الإرهاب صباح نوري إلى الطريقة التي ساعدت بها صور القوات الخاصة بوسائل التواصل الاجتماعي وهم يرفعون العلم العراقي على مستشفى الفلوجة وغيرها من المعالم في حسم المعركة سرعة هزيمة داعش.
ويحظى بناء الثقة بين الجنود والمدنيين لمواجهة الانقسامات الطائفية التي تحرض عليها داعش بنفس القدر من الأهمية في عمليات مكافحة الإرهاب. وصرح العميد الركن حيدر رزوقي، قائد وحدة العمليات الخاصة العراقية قائلاً: “إن أهم العوامل التي تجعل السكان يساندون القوات المحررة هو احترام الجنود لهم واقتسام الجنود للطعام والماء مع الأطفال وكبار السن.”
وذكر العميد الركن حيدر حادثة مميزة تحظى بالشهرة الآن عن الطفل الذي رفض إخلاء منزله لأنه لا يريد أن يترك طيوره وراءه. وكانت والدة الطفل تنهر الولد، وبرغم خطورة الموقف وأزيز الرصاص وسقوط القنابل، لم يتزحزح الطفل. ولحل هذه المشكلة، أمر العميد حيدر جنوده بحمل قفص الطيور الخاص بالطفل إلى شاحنة عسكرية وقيادة الأسرة إلى بر الأمان.
توحيد الرسالة
وفي عرض تقديمي آخر في المؤتمر، سرد اللواء دوغلاس تشالمرز، نائب قائد قوات التحالف الدولي، الإنجازات الرائعة لعمليات وسائل الإعلام العسكرية العراقية. وقدّر اللواء تشالمرز أن الإرهابيين فقدوا 65 في المئة من ماكنتها الإعلامية مع تحرير العراق للرمادي والفلوجة. وفي الوقت نفسه، أصبحت صفحة التواصل الاجتماعي لوزارة الدفاع العراقية من الصفحات المفضلة، حيث بلغ عد متابعيها ما يقرب من 1.5 مليون شخص.

أسرة يونيباث