التهديد الناتج عن جرائم الأحداث

الأمن‭ ‬الإقليمي‭ ‬في‭ ‬آسيا‭ ‬الوسطى‭ ‬يعاني‭ ‬عندما‭ ‬تترَك‭ ‬جرائم‭ ‬الأحداث‭ ‬بدون‭ ‬مراقبة

عندما انحل‭ ‬النظام‭ ‬السوفياتي‭ ‬في‭ ‬آسيا‭ ‬الوسطى‭ ‬منذ‭ ‬حوالي‭ ‬20‭ ‬عاما،‭ ‬كانت‭ ‬حكومات‭ ‬المنطقة‭ ‬مشغولة‭ ‬بتطوير‭ ‬هياكل‭ ‬الحوكمة‭ ‬الجديدة‭. ‬في‭ ‬خضم‭ ‬هذه‭ ‬الأنشطة،‭ ‬تم‭ ‬نسيان‭ ‬نظام‭ ‬قضاء‭ ‬الأحداث‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬ومحاولات‭ ‬الإصلاحات‭ ‬ترِكت‭ ‬غير‭ ‬مكتملة‭. ‬وقد‭ ‬وقَّعت‭ ‬دول‭ ‬آسيا‭ ‬الوسطى‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬الدولية،‭ ‬وانضمت‭ ‬إلى‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬ووضعت‭ ‬الإطار‭ ‬العام‭ ‬لإصلاحات‭ ‬في‭ ‬نظام‭ ‬قضاء‭ ‬الأحداث‭. ‬ولكن‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الجهود،‭ ‬يواصل‭ ‬الأحداث‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬من‭ ‬آسيا‭ ‬ارتكاب‭ ‬الجرائم،‭ ‬واستخدام‭ ‬المخدرات‭ ‬والانضمام‭ ‬إلى‭ ‬الجماعات‭ ‬الإجرامية‭ ‬المنظمة‭ ‬بأعداد‭ ‬متزايدة،‭ ‬مما‭ ‬يؤثر‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬

مهمة‭ ‬هذه‭ ‬الحكومات‭ ‬هي‭ ‬ذات‭ ‬شقين‭: ‬المجتمع‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬حماية‭ ‬ضد‭ ‬المجرمين‭ ‬الأحداث،‭ ‬والأحداث‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬حماية‭ ‬ضد‭ ‬نظام‭ ‬القضاء‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يعاملهم‭ ‬دائما‭ ‬بإنصاف‭. ‬

مع‭ ‬انهيار‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفياتي،‭ ‬عانى‭ ‬نظام‭ ‬قضاء‭ ‬الأحداث‭ ‬من‭ ‬انهيار‭ ‬مماثل،‭ ‬لكن‭ ‬معظم‭ ‬دول‭ ‬آسيا‭ ‬الوسطى‭ ‬لم‭ ‬تضع‭ ‬حتى‭ ‬سياسات‭ ‬بسيطة‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬قضايا‭ ‬الأحداث‭. ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬العملية‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬حرج‭ ‬بسبب‭ ‬نقص‭ ‬في‭ ‬الكفاءة‭ ‬المهنية‭ ‬بين‭ ‬الأخصائيين‭ ‬الاجتماعيين‭ ‬وضباط‭ ‬الشرطة‭ ‬الذين‭ ‬يعملون‭ ‬مع‭ ‬الشباب‭ ‬المتهمين‭. ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬بعض‭ ‬ضباط‭ ‬الشرطة‭ ‬المكلفين‭ ‬بالعمل‭ ‬مع‭ ‬الأحداث‭ ‬ينظرون‭ ‬إلى‭ ‬تعيينهم‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الموقع‭ ‬كنوع‭ ‬من‭ ‬العقاب‭. ‬إذن،‭ ‬توظف‭ ‬إدارة‭ ‬الشرطة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المناصب‭ ‬الهامة،‭ ‬ضباطا‭ ‬متصلبين‭ ‬يعرفون‭ ‬القليل‭ ‬عن‭ ‬علم‭ ‬النفس‭ ‬المختص‭ ‬بالشباب‭. ‬

أطفال يغادرون المدرسة في توكموك، جمهورية قيرغيزستان. بدأت بعض دول آسيا الوسطى بتدريب الشرطة على التركيز على منع الجريمة في صفوف الأحداث.
أطفال يغادرون المدرسة في توكموك، جمهورية قيرغيزستان. بدأت بعض دول آسيا الوسطى بتدريب الشرطة على التركيز على منع الجريمة في صفوف الأحداث.

وتتفاقم‭ ‬هذه‭ ‬المشكلة‭ ‬من‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬الغالبية‭ ‬العظمى‭ ‬من‭ ‬الجرائم،‭ ‬سواء‭ ‬الصغرى‭ ‬أو‭ ‬الخطيرة،‭ ‬التي‭ ‬يرتكبها‭ ‬الأحداث‭ ‬لا‭ ‬يُبلَّغ‭ ‬عنها‭ ‬إلا‭ ‬قليلا‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الضحايا،‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الطبية‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المنظمات‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭. ‬وبالتالي،‭ ‬فإن‭ ‬الحالات‭ ‬الفعلية‭ ‬للجرائم‭ ‬التي‭ ‬يرتكبها‭ ‬الأحداث‭ ‬قد‭ ‬تجاوزت‭ ‬بكثير‭ ‬التسجيل‭ ‬الرسمي‭ ‬للقضايا‭. ‬في‭ ‬رأي‭ ‬أحد‭ ‬الخبراء‭ ‬الذي‭ ‬اطلع‭ ‬عن‭ ‬كثب‭ ‬على‭ ‬جمهورية‭ ‬قيرغيزستان،‭ ‬إن‭ ‬المستويات‭ ‬الفعلية‭ ‬لجرائم‭ ‬الأحداث‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬ثلاث‭ ‬أو‭ ‬أربع‭ ‬مرات‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬ذكِر‭ ‬رسميا‭ ‬في‭ ‬إحصاءات‭ ‬الحكومة‭.‬

الضعف‭ ‬الإقليمي

قبل‭ ‬الخوض‭ ‬بشكل‭ ‬أعمق‭ ‬في‭ ‬نظام‭ ‬قضاء‭ ‬الأحداث،‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬نستعرض‭ ‬بإيجاز‭ ‬تاريخ‭ ‬دول‭ ‬آسيا‭ ‬الوسطى‭. ‬غالبية‭ ‬سكانه‭ ‬من‭ ‬الأتراك‭ ‬الرحل‭ ‬مع‭ ‬تاريخ‭ ‬وثقافة‭ ‬غنية،‭ ‬كانت‭ ‬آسيا‭ ‬الوسطى‭ ‬بمثابة‭ ‬مفترق‭ ‬طرق‭ ‬لحركة‭ ‬الناس‭ ‬والبضائع‭ ‬والأفكار‭ ‬من‭ ‬أوروبا‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وجنوب‭ ‬آسيا‭ ‬وشرق‭ ‬آسيا‭.  ‬جغرافيًا،‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬هي‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬آسيا‭ ‬تقع‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬غير‭ ‬الساحلية‭ ‬الشاسعة‭ ‬مع‭ ‬سهوب‭ ‬واسعة‭ ‬ومناسبة‭ ‬لتربية‭ ‬الحيوانات‭. ‬أول‭ ‬منطقة‭ ‬استوطِنت‭ ‬في‭ ‬آسيا‭ ‬الوسطى‭ ‬هي‭ ‬وادي‭ ‬فرغانة،‭ ‬وهي‭ ‬منطقة‭ ‬ذات‭ ‬أهمية‭ ‬حيوية‭ ‬حيث‭ ‬تتجمع‭ ‬ثلاث‭ ‬دول‭. ‬

إن‭ ‬القرب‭ ‬الجغرافي‭ ‬للمنطقة‭ ‬إلى‭ ‬أفغانستان‭ ‬يفتح‭ ‬الباب‭ ‬على‭ ‬مصراعيه‭ ‬لجماعات‭ ‬الجريمة‭ ‬المنظمة‭ ‬التي‭ ‬تهرب‭ ‬المخدرات‭ ‬إلى‭ ‬روسيا‭ ‬وأوروبا‭. ‬والأفراد‭ ‬الذين‭ ‬يقعون‭ ‬رهينة‭ ‬لهذه‭ ‬العملية‭ ‬هم‭ ‬الشباب‭ ‬المستضعفين‭ ‬الذين‭ ‬يتفاوت‭ ‬تعاملهم‭ ‬بالمخدرات،‭ ‬إما‭ ‬أنهم‭ ‬متعاطين‭ ‬للمخدرات‭ ‬أو‭ ‬يهربونها‭.‬

يلعب‭ ‬النظام‭ ‬الحكومي‭ ‬للمنطقة‭ ‬دورًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬النزاهة‭ ‬الإدارية‭ ‬لأية‭ ‬دولة‭ ‬ضد‭ ‬الجرائم‭ ‬التي‭ ‬ارتكبت‭ ‬على‭ ‬أراضيها‭. ‬تحدث‭ ‬الفوضى‭ ‬والاضطراب‭ ‬عندما‭ ‬تعجز‭ ‬الحكومة‭ ‬عن‭ ‬بسط‭ ‬سلطتها‭ ‬على‭ ‬كامل‭ ‬أراضيها‭ ‬الوطنية،‭ ‬فتتشكل‭ ‬الفراغات‭ ‬مما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬معاناة‭ ‬السكان‭ ‬المستضعفين،‭ ‬وخاصة‭ ‬الأحداث‭.‬

التصدي‭ ‬لقضاء‭ ‬الأحداث

يعد‭ ‬التحرر‭ ‬السياسي‭ ‬والتنمية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬من‭ ‬المكونات‭ ‬الحيوية‭ ‬لنجاح‭ ‬طويل‭ ‬الأجل‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬وبسبب‭ ‬الخيارات‭ ‬المختلفة‭ ‬المتخذة‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬دول‭ ‬آسيا‭ ‬الوسطى،‭ ‬تم‭ ‬إحراز‭ ‬تقدم‭ ‬في‭ ‬التنمية‭ ‬السياسية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬بسرعات‭ ‬مختلفة‭. ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬انعكس‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬أنظمة‭ ‬قضاء‭ ‬الأحداث،‭ ‬وهي‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬الإصلاح‭ ‬القانوني‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬البلدان‭. ‬

عدّلت‭ ‬بعض‭ ‬دول‭ ‬آسيا‭ ‬الوسطى‭ ‬القوانين‭ ‬الجنائية‭ ‬وصادقت‭ ‬على‭ ‬المواثيق‭ ‬التي‭ ‬تتناول‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬قضاء‭ ‬الأحداث‭. ‬كما‭ ‬عززت‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬تعاونها‭ ‬مع‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬مثل‭ ‬اليونسكو‭ ‬ومنظمة‭ ‬الأمن‭ ‬والتعاون‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬وبرنامج‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬الإنمائي‭ ‬لتحسين‭ ‬نوعية‭ ‬الحياة‭ ‬للأحداث‭ ‬ومعالجة‭ ‬سياسات‭ ‬منع‭ ‬الجريمة‭ ‬بين‭ ‬الأحداث‭. ‬

اعتبارًا‭ ‬من‭ ‬2012،‭ ‬قامت‭ ‬دولتان‭ ‬في‭ ‬آسيا‭ ‬الوسطى‭ – ‬كازاخستان‭ ‬وطاجيكستان‭ – ‬باعتماد‭ ‬استراتيجيات‭ ‬وطنية‭ ‬لقضاء‭ ‬الأحداث‭ ‬تتوافق‭ ‬مع‭ ‬المعايير‭ ‬الدولية‭. ‬

محاكمة شباب في كازاخستان في عام 2012، والذين اتهموا بالقيام بأعمال الشغب في مدينة أكتاو. سعت البلاد للإلتزام بالمعايير الدولية في معاملتها للشباب المتهمين بارتكاب جرائم.
محاكمة شباب في كازاخستان في عام 2012، والذين اتهموا بالقيام بأعمال الشغب في مدينة أكتاو. سعت البلاد للإلتزام بالمعايير الدولية في معاملتها للشباب المتهمين بارتكاب جرائم.

في‭ ‬كازاخستان،‭ ‬وُضِعت‭ ‬محاكم‭ ‬الأحداث‭ ‬الوطنية‭ ‬المتخصصة،‭ ‬وفتِحت‭ ‬مكاتب‭ ‬الأحداث‭  ‬القانونية‭. ‬تم‭ ‬اعتماد‭ ‬قوة‭ ‬للشرطة‭ ‬الجنائية‭ ‬للأحداث‭ ‬مع‭ ‬وظائف‭ ‬وقائية‭ ‬تحقيقية‭. ‬كما‭ ‬شوهدت‭ ‬تطورات‭ ‬مماثلة‭ ‬في‭ ‬طاجيكستان‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬بينما‭ ‬يتم‭ ‬تنفيذ‭ ‬خطة‭ ‬العمل‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬طاجيكستان،‭ ‬تقاسمت‭ ‬نحو‭ ‬20‭ ‬هيئة‭ ‬حكومية‭ ‬المسؤولية،‭ ‬حيث‭ ‬أثيرت‭ ‬قضايا‭ ‬المساءلة‭ ‬والتعاون‭ ‬المشترك‭ ‬بين‭ ‬المنظمات‭.‬

منع‭ ‬الجريمة

إن‭ ‬النجاح‭ ‬في‭ ‬مكافحة‭ ‬جرائم‭ ‬الأحداث‭ ‬يتطلب‭ ‬اتخاذ‭ ‬تدابير‭ ‬وقائية‭ ‬قوية‭ ‬تقضي‭ ‬على‭ ‬أسباب‭ ‬الجريمة‭. ‬وبالتالي،‭ ‬فإن‭ ‬الخصائص‭ ‬البدنية‭ ‬والنفسية‭ ‬والأخلاقية‭ ‬والقانونية‭ ‬لجرائم‭ ‬الأحداث‭  ‬حاسمة‭ ‬لوضع‭ ‬سياسات‭ ‬وقائية‭. ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬صفة‭ ‬واحدة‭ ‬مميزة‭ ‬لجرائم‭ ‬الأحداث‭ ‬هي‭ ‬شدة‭ ‬وعمق‭ ‬تأثيرها‭ ‬على‭ ‬الجمهور‭. ‬الجرائم‭ ‬البسيطة‭ ‬التي‭ ‬يرتكبها‭ ‬الأحداث‭ ‬يُعفى‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬الأحيان،ولا‭ ‬يتم‭ ‬الإبلاغ‭ ‬عنها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬السلطات‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬الأحيان‭. ‬

تتم‭ ‬تغطية‭ ‬المسؤولية‭ ‬الجنائية‭ ‬للقاصرين‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬دول‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬ضمن‭ ‬أقسام‭ ‬منفصلة‭ ‬من‭ ‬القوانين‭ ‬الجنائية،‭ ‬ويُركَّز‭ ‬أكثر‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬التأهيل‭ ‬وفقًا‭ ‬لمبادئ‭ ‬الإنسانية‭ ‬والعدالة،‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬الوارد‭ ‬في‭ ‬اتفاقية‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لحقوق‭ ‬الطفل‭. ‬يرى‭ ‬بعض‭ ‬الخبراء‭ ‬أن‭ ‬التدخلات‭ ‬الناجحة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تتعامل‭ ‬مع‭ ‬الأسباب‭ ‬المتعددة‭ ‬لسلوك‭ ‬الأحداث‭ ‬المعادي‭ ‬للمجتمع‭ ‬—‭ ‬والشرطة‭ ‬والوزارات‭ ‬الحكومية‭ ‬والعاملين‭ ‬الاجتماعيين‭ ‬يجب‭ ‬عليهم‭ ‬جميعا‭ ‬أن‭ ‬يكونوا‭ ‬متوافقين‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الأسباب‭. ‬

على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬وضعت‭ ‬كازاخستان‭ ‬وجمهورية‭ ‬قيرغيزستان‭ ‬ممارسات‭ ‬جديدة‭ ‬لشرطة‭ ‬الأحداث‭. ‬ضباط‭ ‬الشرطة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الإدارات‭ ‬هم‭ ‬المسؤولون‭ ‬عن‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬المدارس،‭ ‬فهم‭ ‬الذين‭ ‬يعطون‭ ‬محاضرات‭ ‬عن‭ ‬القانون،‭ ‬ويشرفون‭ ‬على‭ ‬اختبار‭ ‬المخدرات،‭ ‬ويراقبون‭ ‬سلوك‭ ‬الطلاب‭. ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬يتم‭ ‬تكليف‭ ‬الشرطة‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المؤسسات‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬بمقابلة‭ ‬أولياء‭ ‬الأمور‭ ‬لحثهم‭ ‬على‭ ‬الوفاء‭ ‬بمسؤولياتهم‭ ‬الأبوية‭. ‬

الإصلاح‭ ‬القانوني

على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬إضفاء‭ ‬الطابع‭ ‬الإنساني‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬الإجراءات‭ ‬الجنائية‭ ‬في‭ ‬آسيا‭ ‬الوسطى‭ ‬بعد‭ ‬انهيار‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي،‭ ‬تمت‭ ‬صياغة‭ ‬هذه‭ ‬التعديلات‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المتخصصين‭ ‬الذين‭ ‬لديهم‭ ‬خبرة‭ ‬قليلة‭ ‬في‭ ‬قضاء‭ ‬الأحداث‭. ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬المدونات‭ ‬القانونية‭ ‬الجديدة‭ ‬والتعديلات‭ ‬اللاحقة‭ ‬توجهت‭ ‬نحو‭ ‬دمج‭ ‬المعايير‭ ‬الدولية‭ ‬لإجراءات‭ ‬التقاضي‭ ‬السليمة،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬تركت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المبادئ‭ ‬والميزات‭ ‬الإجرائية‭ ‬من‭ ‬القانون‭ ‬الجنائي‭ ‬السوفياتي‭ ‬كما‭ ‬هي‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فقد‭ ‬أفادت‭ ‬الإصلاحات‭ ‬القانونية‭ ‬قضاء‭ ‬الأحداث،‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬مباشر‭. ‬فقد‭ ‬مُنِح‭ ‬الأحداث‭ ‬الحقوق‭ ‬الأساسية‭. ‬وحُظِرت‭ ‬عقوبة‭ ‬الإعدام‭ ‬والمؤبد‭. ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬المخالفون‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬والمجرمون‭ ‬غير‭ ‬الخطرين‭ ‬يرسلون‭ ‬إلى‭ ‬السجن‭ ‬تلقائيًا‭. ‬وأصبح‭ ‬للأحداث‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬المساعدة‭ ‬القانونية‭ ‬منذ‭ ‬لحظة‭ ‬اعتقالهم،‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬يطلب‭ ‬حضور‭ ‬محام‭ ‬أثناء‭ ‬استجوابهم‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الاحتجاز‭ ‬رهن‭ ‬المحاكمة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يستمر‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬شهرين،‭ ‬مع‭ ‬تمديد‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬ستة‭ ‬أشهر،‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬يحجز‭ ‬الأحداث‭ ‬بشكل‭ ‬منفصل‭ ‬عن‭ ‬البالغين‭. ‬أسفرت‭ ‬هذه‭ ‬الجهود‭ ‬الإنسانية‭ ‬عن‭ ‬نتائج‭ ‬إيجابية‭. ‬فجمهورية‭ ‬قيرغيزستان،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬خفضت‭ ‬عدد‭ ‬أحكام‭ ‬السجن‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬الأحداث‭ ‬من‭ ‬178‭ ‬عام‭ ‬2005‭ ‬إلى‭ ‬35‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2011‭.‬

على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الإصلاحات‭ ‬في‭ ‬نظام‭ ‬قضاء‭ ‬الأحداث،‭  ‬لم‭ ‬تنخفض‭ ‬مستويات‭ ‬الجريمة‭ ‬بين‭ ‬الأحداث‭.  ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬2005‭ ‬و‭ ‬2012،‭ ‬ارتفع‭ ‬معدل‭ ‬جرائم‭ ‬الأحداث‭ ‬في‭ ‬جمهورية‭ ‬قيرغيزستان‭ ‬بنسبة‭ ‬15‭ ‬في‭ ‬المئة‭. ‬مشكلة‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬نظام‭ ‬قضاء‭ ‬الأحداث‭ ‬هي‭ ‬استتار‭ ‬الجرائم‭ ‬التي‭ ‬يرتكبها‭ ‬الأحداث‭. ‬فالشرطة‭ ‬تتلقى‭ ‬إشعارات‭ ‬أقل‭ ‬كثيرًا‭ ‬من‭ ‬الضحايا،‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬المؤسسات‭ ‬الطبية‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الأخرى،‭ ‬وحتى‭ ‬عن‭ ‬الجرائم‭ ‬الخطيرة‭ ‬التي‭ ‬تهدد‭ ‬الحياة‭ ‬والصحة‭.‬

الاستنتاج

لا‭ ‬يمكن‭ ‬لدول‭ ‬آسيا‭ ‬الوسطى‭ ‬أن‭ ‬تقدر‭ ‬على‭ ‬تحمل‭ ‬إهمال‭ ‬الأحداث‭. ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬توقيع‭ ‬عدة‭ ‬اتفاقيات‭ ‬دولية‭ ‬والتصديق‭ ‬على‭ ‬العقوبات‭ ‬الدولية‭ ‬وإصلاح‭ ‬القوانين‭ ‬الجنائية،‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬لدى‭ ‬هذه‭ ‬البلدان‭ ‬أوجه‭ ‬قصور‭ ‬رئيسية‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬قضاء‭ ‬الأحداث،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬عندما‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بالوقاية‭. ‬

كما‭ ‬أن‭ ‬معظم‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬المنشأة‭ ‬حديثًا‭ ‬نسبيًا‭ ‬تفتقر‭ ‬إلى‭ ‬المؤسسات‭ ‬المناسبة‭ ‬مثل‭ ‬المنظمات‭ ‬الخيرية،‭ ‬والعاملين‭ ‬الاجتماعيين‭ ‬الذين‭ ‬يمكنهم‭ ‬رصد‭ ‬التقدم‭ ‬الذي‭ ‬يُحرَر‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭. ‬إنه‭ ‬من‭ ‬الأسلم‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬إن‭ ‬أوجه‭ ‬القصور‭ ‬في‭ ‬نظام‭ ‬قضاء‭ ‬الأحداث‭ ‬في‭ ‬آسيا‭ ‬الوسطى‭ ‬وقعت‭ ‬نتيجة‭ ‬لعدم‭ ‬كفاية‭ ‬تنفيذ‭ ‬السياسات‭. ‬ويتجلى‭ ‬هذا‭ ‬القصور‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬العام‭ ‬وغير‭ ‬الربحي‭ ‬الذين‭ ‬ينفذون‭ ‬التدابير‭ ‬الوقائية‭ ‬والتدابير‭ ‬التي‭ ‬تتخذ‭ ‬بعد‭ ‬الجريمة‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬نظام‭ ‬قضاء‭ ‬الأحداث‭.‬

باسم‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬والإقليمي،‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬القادة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجزء‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬الحيوي‭ ‬استراتيجيًا‭ ‬القيام‭ ‬بعمل‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬معالجة‭ ‬المشاكل‭ ‬التي‭ ‬يعاني‭ ‬منها‭ ‬الشباب‭. 


حول‭ ‬المؤلف‭:‬‭ ‬د‭. ‬إرلان‭ ‬باكييف،‭ ‬مواطن‭ ‬من‭ ‬جمهورية‭ ‬قيرغيزستان،‭ ‬أستاذ‭ ‬مساعد‭ ‬في‭ ‬كلية‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والعلوم‭ ‬الإدارية‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬زيرف‭ ‬في‭ ‬تركيا‭.  ‬تركز‭ ‬معظم‭ ‬عمله‭ ‬حول‭ ‬مشاكل‭ ‬الشباب‭ ‬في‭ ‬موطنه‭ ‬وكيف‭ ‬يمكن‭ ‬لوكالات‭ ‬إنفاذ‭ ‬القانون‭ ‬معالجة‭ ‬تلك‭ ‬المسائل‭.‬

Comments are closed.