الأمن الإقليمي في آسيا الوسطى يعاني عندما تترَك جرائم الأحداث بدون مراقبة
عندما انحل النظام السوفياتي في آسيا الوسطى منذ حوالي 20 عاما، كانت حكومات المنطقة مشغولة بتطوير هياكل الحوكمة الجديدة. في خضم هذه الأنشطة، تم نسيان نظام قضاء الأحداث إلى حد كبير ومحاولات الإصلاحات ترِكت غير مكتملة. وقد وقَّعت دول آسيا الوسطى الاتفاقيات الدولية، وانضمت إلى المنظمات الدولية ووضعت الإطار العام لإصلاحات في نظام قضاء الأحداث. ولكن على الرغم من هذه الجهود، يواصل الأحداث في هذه المنطقة من آسيا ارتكاب الجرائم، واستخدام المخدرات والانضمام إلى الجماعات الإجرامية المنظمة بأعداد متزايدة، مما يؤثر على الأمن في المنطقة.
مهمة هذه الحكومات هي ذات شقين: المجتمع بحاجة إلى حماية ضد المجرمين الأحداث، والأحداث تحتاج إلى حماية ضد نظام القضاء الذي قد لا يعاملهم دائما بإنصاف.
مع انهيار الاتحاد السوفياتي، عانى نظام قضاء الأحداث من انهيار مماثل، لكن معظم دول آسيا الوسطى لم تضع حتى سياسات بسيطة للتعامل مع قضايا الأحداث. لا تزال العملية في وضع حرج بسبب نقص في الكفاءة المهنية بين الأخصائيين الاجتماعيين وضباط الشرطة الذين يعملون مع الشباب المتهمين. على سبيل المثال، بعض ضباط الشرطة المكلفين بالعمل مع الأحداث ينظرون إلى تعيينهم في هذا الموقع كنوع من العقاب. إذن، توظف إدارة الشرطة في هذه المناصب الهامة، ضباطا متصلبين يعرفون القليل عن علم النفس المختص بالشباب.

وتتفاقم هذه المشكلة من حقيقة أن الغالبية العظمى من الجرائم، سواء الصغرى أو الخطيرة، التي يرتكبها الأحداث لا يُبلَّغ عنها إلا قليلا من قبل الضحايا، والمؤسسات الطبية وغيرها من المنظمات ذات الصلة. وبالتالي، فإن الحالات الفعلية للجرائم التي يرتكبها الأحداث قد تجاوزت بكثير التسجيل الرسمي للقضايا. في رأي أحد الخبراء الذي اطلع عن كثب على جمهورية قيرغيزستان، إن المستويات الفعلية لجرائم الأحداث قد تكون ثلاث أو أربع مرات أكثر مما ذكِر رسميا في إحصاءات الحكومة.
الضعف الإقليمي
قبل الخوض بشكل أعمق في نظام قضاء الأحداث، من المهم أن نستعرض بإيجاز تاريخ دول آسيا الوسطى. غالبية سكانه من الأتراك الرحل مع تاريخ وثقافة غنية، كانت آسيا الوسطى بمثابة مفترق طرق لحركة الناس والبضائع والأفكار من أوروبا والشرق الأوسط وجنوب آسيا وشرق آسيا. جغرافيًا، هذه المنطقة هي جزء من آسيا تقع في المناطق غير الساحلية الشاسعة مع سهوب واسعة ومناسبة لتربية الحيوانات. أول منطقة استوطِنت في آسيا الوسطى هي وادي فرغانة، وهي منطقة ذات أهمية حيوية حيث تتجمع ثلاث دول.
إن القرب الجغرافي للمنطقة إلى أفغانستان يفتح الباب على مصراعيه لجماعات الجريمة المنظمة التي تهرب المخدرات إلى روسيا وأوروبا. والأفراد الذين يقعون رهينة لهذه العملية هم الشباب المستضعفين الذين يتفاوت تعاملهم بالمخدرات، إما أنهم متعاطين للمخدرات أو يهربونها.
يلعب النظام الحكومي للمنطقة دورًا كبيرًا في الدفاع عن النزاهة الإدارية لأية دولة ضد الجرائم التي ارتكبت على أراضيها. تحدث الفوضى والاضطراب عندما تعجز الحكومة عن بسط سلطتها على كامل أراضيها الوطنية، فتتشكل الفراغات مما يؤدي إلى معاناة السكان المستضعفين، وخاصة الأحداث.
التصدي لقضاء الأحداث
يعد التحرر السياسي والتنمية الاقتصادية من المكونات الحيوية لنجاح طويل الأجل في المنطقة. وبسبب الخيارات المختلفة المتخذة في مختلف دول آسيا الوسطى، تم إحراز تقدم في التنمية السياسية والاجتماعية والاقتصادية بسرعات مختلفة. الأمر الذي انعكس على تطوير أنظمة قضاء الأحداث، وهي جزء من الإصلاح القانوني العام في هذه البلدان.
عدّلت بعض دول آسيا الوسطى القوانين الجنائية وصادقت على المواثيق التي تتناول التعامل مع قضاء الأحداث. كما عززت تلك الدول تعاونها مع المنظمات الدولية مثل اليونسكو ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لتحسين نوعية الحياة للأحداث ومعالجة سياسات منع الجريمة بين الأحداث.
اعتبارًا من 2012، قامت دولتان في آسيا الوسطى – كازاخستان وطاجيكستان – باعتماد استراتيجيات وطنية لقضاء الأحداث تتوافق مع المعايير الدولية.
