Getting your Trinity Audio player ready...
|
برامج مكافحة الإرهاب الناجحة في الدول ذات الأغلبية المسلمة كثيراً ما تستخدم نهجاً مماثلاً
البروفيسور حامد السعيد/ مؤلف زائر
- سجناء سعوديون سابقون يستمعون إلى إمام مسلم أثناء دورة دينية في مركز إعادة التأهيل بوزارة الداخلية إلى الشمال من الرياض. بعد إطلاق سراح السجناء السعوديين، يُنقلون إلى هذا المركز لإعادة دمجهم في المجتمع. [وكالة الأنباء الفرنسية/صور غيتي]
لم نعرف بعد القدر الذي نعتقد أننا نعرفه عن عمليات التطرف، وبرامج مكافحة التطرف واستئصال التطرف. كما أننا لا نزال، بالتالي، نجهل الوصفة المثالية من البرامج الناجحة لمكافحة التطرف واستئصال التطرف، بل وكيف نقيس فعالية جهودنا في هذ المجال من البحث والممارسة.
ومن أهم أسباب جهلنا هو أن تظل برامج مكافحة/ استئصال التطرف هي الاستثناء وليس القاعدة. فمعظم الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تتبع نهجاً يقوم على تقليد طويل لصيغة عسكرية “صارمة” للقتل أولاً ثم اعتقال “الإرهابيين”. ومع ذلك، تناولت دراسات عديدة برامج مكافحة/ استئصال التطرف، وهذا البحث الأصيل، الجيد، المتعدد الأبعاد هو الذي يبشر بالخير في التغلب على عدم معرفتنا.
لقد نمت السياسات “اللينة” لمكافحة/ استئصال التطرف في مكانتها وتأثيرها خلال الـسنوات منذ هجمات 11 أيلول/ سبتمبر 2001، التي أثارت “حرباً على الإرهاب” والتي أسفرت عن إستجابة عالمية لم يسبق لها مثيل. ورغم أن برامج مكافحة/ استئصال التطرف لم تُختبر بشكل كامل، ولا تزال غير مكتملة ولم يتم تقييمها بشكل كاف في هذه المرحلة، فإنها سوف تستمر في اكتساب المزيد من الزخم لأنها تحمل الأمل الوحيد لهزيمة الإرهاب تماماً. وسوف تواصل الأبحاث التركيز على تطبيقات وآثار مكافحة/ استئصال التطرف، كما ستستمر الأدلة في التراكم إلى أن يتوقف إنكار قيمتها.
ما نعرفه وما لا نعرفه
لم نقدر حتى على التوصل إلى اتفاق موحد حول تعريف مصطلحات مثل التطرف، والتطرف العنيف، والإرهاب، ومكافحة التطرف واستئصال التطرف. فبالنسة لجميع الأفراد يندرج تحت هذه المصطلحات كل شيء. ويتوقف تعريفها على المعرّف، ومحلل ظاهرة الموضوع، والآراء المعرفية للمراقب وتوجهاته/ توجهاتها السياسية، إن لم تكن الولاءات والتحيزات المباشرة. والحقيقة هي أن الأبحاث ذاتها كانت متحيزة لصالح “المنسحبين”: العوامل التي تشجع المتطرفين على التوبة أو التخلي عن الإرهاب – بمعنى آخر، استئصال التطرف. لقد تعرضت الأسباب الجذرية للإرهاب للإهمال على نحو كبير.
ولم يتم تعديل اللغة لتسمح للباحثين بالعمل على الظروف الباعثة على التطرف والتطرف العنيف والتي تؤدي إلى الإرهاب، إلا بعد الهجمات الإرهابية في مدريد ولندن عامي 2004 و 2005 على التوالي. وأدخلت هذه المصطلحات لأول مرة عن طريق الاتحاد الأوروبي حوالي عام 2005 قبل أن تعتمدها الأمم المتحدة، في أعقاب طرح الاتحاد الأوروبي الاستراتيجية العالمية لمكافحة الإرهاب لعام 2006، التي اعتمدتها جميع الدول الأعضاء بالإجماع.
- باكستانيون قاتلوا في السابق في صفوف طالبان يحضرون فصلاً دراسياً حول استئصال التطرف في وادي سوات بباكستان في تموز/ يوليو 2011. [وكالة الأنباء الفرنسية/ صور غيتي]
ظروف التطرف والتطرف العنيف
تميل الدراسات التي تركز على الأسباب الجذرية أو الظروف المؤدية إلى التطرف والتطرف العنيف المفضي إلى الإرهاب، إلى التأكيد على الطابع الفردي للمشكلة. والاتفاق الوحيد القائم اليوم بين المراقبين والخبراء في هذا المجال هو الاعتراف بالشبكات الاجتماعية/ البيئات كمحرك حاسم في اجتذاب الشباب الذي يعاني من نقاط ضعف إلى حركة إرهابية. تشمل هذه الشبكات الأسرة، والأصدقاء والأقارب. كما يقر معظم الناس بأن التطرف عملية وليس حدثاً. ومع ذلك، فإن محركات ومثيرات عملية التطرف واسعة ولا يمكن إيقافها بسهولة.
كذلك، فإن عملنا الميداني في أكثر من 18 دولة ذات أغلبية مسلمة وذات أقلية مسلمة يؤكد أن وجود عدد كبير من عوامل الدفع والجذب يمكن أن تؤدي إلى التطرف والتطرف العنيف عند المستويات الشخصية الصغرى، والمستويات الوطنية/ المحلية والبيئات العالمية. وتشير هذه النتائج إلى أن أي فهم مأمول فيه للظروف المؤدية إلى التطرف والتطرف العنيف، يجب أن يشمل التوسع في النهج الفردي الصغير ليشمل ليس فقط العوامل الشخصية (المعاناة الشخصية، والصدمات الشخصية، وفقدان قريب أو صديق، والحرمان، والبطالة)، وإنما أيضاً سياسات الحكومات الوطنية والأجنبية التي يمكن أن تؤدي أحياناً إلى التطرف من خلال التأثير على الأوضاع الاقتصادية، والمساواة، وخلق الوظائف، ومعاملة الأقليات العرقية وغيرها من العوامل.
برامج مكافحة التطرف واستئصال التطرف
هناك رأي متنام اليوم بأن الأسلوب العام لمكافحة الإرهاب غير كاف، وقد يضر أحياناً أكثر مما ينفع. وقد ولقد ظهرت أساليب جديدة تعتمد بشكل كبير على الاستجابات اللينة والسعي لكسب قلوب وعقول أكثر الفئات ضعفاً بين السكان، الأمر الذي دفع إلى التشكك في بعض الأساليب العسكرية الصارمة والتقليدية لمكافحة الإرهاب. وتم اعتبار هذه الأساليب اللينة، رغم عددها المحدود والأخذ بها نسبياً في الآونة الأخيرة، إنها “أكثر نجاحاً من الأساليب العسكرية وأقل احتمالاً في إثارة جيل جديد من المتطرفين العنيفين”، حسب ما خلص إليه تقرير عام 2010 لمعهد السلام الدولي، وهو مؤسسة بحثية تتخذ من نيويورك مقراً لها.
وأظهر بحث أجراه المؤلف عام 2008 ونشرته فرقة العمل المعنية بالتنفيذ في مجال مكافحة الإرهاب التابعة للأمم المتحدة، أن 34 من الدول الأعضاء كانت تعمل على تنفيذ شكل من أشكال المكافحة اللينة للتطرف (جهود وقائية سعت لوقف صعود التطرف في المجتمع) وبرامج لاستئصال التطرف (جهود كان هدفها الرئيسي إقناع أولئك الذين ارتكبوا فعلاً أو حاولوا ارتكاب أعمال تطرف عنيفة بالتوبة وإعادة الانخراط في المجتمع). ومنذ عام 2008، زادت قائمة الدول قليلاً بانضمام السودان، وموريتانيا، ونيجيريا، واستراليا وتركيا، كأمثلة قليلة، ودمجها السياسات اللينة كجزء لا يتجزأ من مساعيها لمكافحة التطرف والتطرف العنيف.
ركز البحث على ما تعنيه الدول بالضبط بالسياسات اللينة وما تشتمل عليه على وجه التحديد. بهذا المعنى، كان البحث قيّماً للغاية في تسليط الضوء على المكونات الرئيسية لبرامج مكافحة/ استئصال التطرف وما تسميه الدوائر الأمنية الآن “بأفضل الممارسات”. وقد تعززت نتائج البحث 2008 واستكملت بنتائج اثنين من المشاريع الكبيرة الأخرى، نفذهما المؤلف منذ ذلك الحين. وتقترح نتائج العمل هذا قائمة بأفضل الممارسات، فيما يلي بعضها:
إعادة التأهيل الديني: كان هذا هو العنصر الأكثر شيوعاً في البرامج التي تمت دراستها. فمعظم الدول تعتقد أن الأيديولوجية أمر محوري في ارتكاب العنف، أو أنه “رخصة للقتل”، أو على الأقل تُستخدم في تبرير ذلك. وبالتالي، قدمت غالبية الدول برنامجاً لإعادة التأهيل الديني لنزع الشرعية عن العنف، وتصحيح التفسير المغلوط للنصوص الدينية والترويج للإسلام المعتدل. وقُدم برنامج التأهيل الديني داخل أسوار السجون وخارجها.
دعم التعليم/ المستقبل المهني: لم تعتمد معظم الدول على إعادة التأهيل الديني وحده. فالواقع، أن معظم البرامج تدمج عناصر دينية أقل، وعناصر مدنية أكثر. والتعليم هو مثال على ذلك. هناك عدد كبير من المعتقلين إما افتقروا إلى التعليم أو أنهم أمضوا فترات احتجاز طويلة، بحيث فقدوا الاتصال باحتياجات سوق العمل. وتم إدخال برامج إعادة تأهيل للتعليم المدني لتثقيف أولئك الذين ينقصهم التعليم وتدريب أولئك الذين تنقصهم المهارات المطلوبة في السوق المحلية. وسوف يتم إطلاق سراح معظم المحتجزين المتهمين بارتكاب أعمال تطرف عنيف —أكثر من 100,000 حول العالم — في وقت ما. والتعليم هو أفضل وسيلة لإعدادهم للانضمام إلى المجتمع من جديد.
إعادة تأهيل الأسرة: إن دور الشبكات الاجتماعية والأسرية في تطرف وتجنيد الأفراد راسخ تماماً. وإشراك الأسر في برامج استئصال التطرف، لا سيما حين ينتمي المعتقلون لخلفيات إسلامية (بالنظر إلى تعلق المسلمين الشديد بالعلاقات الأسرية بصورة عامة)، أثبت أنه فعّال في تسهيل التوبة والتقليل من الانتكاسات في الوقت ذاته. فإذا عاد شخص ما إلى بيئة متطرفة عقب الإفراج عنه، فإن ذلك يمكن أن يقوّض كل الجهود التي بُذلت قبل إطلاق سراحه. لذلك، فمن الحيوي تصميم برنامج فعّال لإعادة تأهيل الأسرة لضمان ألا تكون الأسرة نفسها متطرفة وأن تكون على بينة من مخاطر التطرف. تقود المملكة العربية السعودية الجهود في هذا الصدد.
برامج المجتمع المدني: لا تملك الدولة وحدها جميع الموارد اللازمة لمكافحة التطرف، لا سيما في المناطق المتمردة من البلاد. فقد ثبت أن الدول التي سعت إلى إشراك مجتمعاتها الحيوية والنشطة في جهود مكافحة التطرف هي أكثر نجاحاً بكثير من تلك الدول التي لم تفعل ذلك.
الرعاية والرقابة بعد تنفيذ البرامج: ليس من السهل على المعتقلين السابقين الانخراط مرة أخرى في المجتمع. بل إن هذه المهمة أكثر صعوبة بالنسبة للمعتقلين المتهمين أو المدانين بالتطرف العنيف، بالنظر إلى طبيعة التهمة والوصمة التي كثيراً ما تلتصق بمثل هذه الجرائم. وهذا يتطلب برنامجاً قوياً للرعاية في فترة ما بعد الإفراج من أجل تسهيل عودة المعتقلين السابقين إلى الحياة الخالية من التطرف، والأسر وأسواق العمل. وقد تدخلت الحكومة السعودية مباشرة لعرض ضمانات لأصحاب العمل السابقين لإعادة تثبيت المعتقلين التائبين في وظائفهم السابقة أو حتى إيجاد وظائف جديدة لهم.
التربية البدنية، والفن والمنافسة: تبين الأدلة التجريبية وجود علاقة قوية بين الصحة الجيدة، والسعادة وممارسة الرياضة. فالمعتقلون الأكثر صحة وسعادة يستجيبون على نحو أفضل لبرامج استئصال التطرف. وقد أدرجت عدة حكومات الأنشطة البدنية كجزء هام من برامجها الجيدة التنظيم لمحو التطرف. وفضلاً على إضافة التربية البدنية، أدخلت المملكة العربية السعودية برنامجاً مشوقاً للفن يسمح للمعتقلين بالتعبير عن عواطفهم وأفكارهم من خلال الفن.
أوضاع السجون وحقوق الإنسان: تتصف الكثير من السجون بالاكتظاظ، وشبكات العصابات والجريمة، ومشاكل المخدرات، والتهريب وفساد إدارة السجون. وتعج السجون بنقاط الضعف. والسجون التي تتصف بمثل هذه السمات سّهلت أعمال التطرف وانتشار التطرف العنيف. وقد شهدت الدول التي اتخذت إجراءات جادة للتخفيف من مثل نقاط الضعف هذه، بما فيها تحسين حقوق الإنسان، نتائج أفضل.
تدريب الموظفين: هذه خطوة حيوية، لأن معظم العاملين، وإن كانوا يعملون بجدية والتزام، كثيراً ما ينقصهم التدريب في مجال الثقافة الإسلامية والدين الإسلامي، وعملية التطرف، وعلامات ومؤشرات التطرف. فكثيراً ما يخطئ الموظفون ويخلطون بين التعبيرات الدينية (مثل الصلاة أو حتى التحول إلى دين آخر) وبين علامات ومؤشرات التطرف. ومثل هذه الأخطاء يمكن أن تقوّض حتى أفضل البرامج تصميماً. وفي مجال تدريب الموظفين، تتقدم تركيا على دول أخرى تم دراستها في هذا المجال.
التحديات الرئيسية
لمكافحة/ استئصال التطرف: مذكرة سيدني
أشارت مذكرة سيدني إلى بعض التحديات الرئيسية التي تواجهها الدول لدى محاولتها تصميم وتنفيذ برامج لمكافحة/ استئصال التطرف. واستندت في ذلك إلى ورشة عمل مجموعة جنوب شرق آسيا لبناء القدرات حول إدارة السجون في سيدني في تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، التي حضرها ممثلو أكثر من 15 دولة من الشرق الأوسط، وجنوب شرق آسيا، وأوروبا والولايات المتحدة.
ركزت ورشة العمل والمذكرة التي تمخضت عنها على الكيفية التي يمكن أن تساعد بها إدارة السجن انتقال المعتقلين للعودة إلى مجتمعاتهم وأسرهم بعد الإفراج عنهم. وتوفر المذكرة أدلة مهمة حول التحديات التي تواجهها الدول التي تحاول إعادة تأهيل معتقلي التطرف العنيف، وتحدد أسباب عدم نجاح العديد من البرامج في بعض الدول ذات الأغلبية المسلمة والدول ذات الأقلية المسلمة. وقد اعتمدت المذكرة قوة العمل التنفيذي لمكافحة الإرهاب التابعة لأمم المتحدة في كانون الأول/ ديسمبر 2012.
وتصنّف المذكرة أيضاً العقبات التي يواجهها المسؤولون عن مكافحة/ استئصال التطرف إلى نوعين رئيسيين: داخلي (عقبات داخل أسوار السجن) وخارجي (عقبات خارج أسوار السجن). وتشمل العقبات الداخلية سبعة تحديات رئيسية: اكتظاظ السجن، وعدم فصل المتطرفين العنيفين عن النزلاء الآخرين، وتلاعب وفساد موظفي السجن، وعدم القدرة على ضمان سلامة موظفي السجن وأسرهم، وعدم تدريب الموظفين، والصعوبة في تقييم النجاح، ومقاومة المعتقلين أنفسهم للتواصل والمشاركة.
وتشمل العقبات الخارجية خمسة تحديات رئيسية: رفض المجتمع والاشتباه في جهود المسؤولين، والافتقار للإرادة السياسية والتدخلات السياسية المتواصلة في برامج مكافحة/ استئصال التطرف، وغياب الدعم من جانب المنظمات غير الحكومية ومنظمات حقوق الإنسان، والتغطية الإعلامية السلبية، ووصم المعتقلين والمجتمعات المسلمة النابع عن الطريقة التي تنفذ بها الحكومات مثل هذه البرامج، مما يزيد صعوبة إعادة دمج المعتقلين في مجتمعاتهم.
إن التحديات التي انعكست في مذكرة سيدني تشد الانتباه. فالتغلب على هذه التحديات يمكن أن يقطع شوطاً طويلاً نحو تحسين فعالية برامح مكافحة/ استئصال التطرف في الشرق الأوسط وأماكن أخرى، وتعزيز فرص النجاح فضلاً عن الحد من مخاطر الفشل.
الخلاصة
على الرغم من زيادة شعبية برامج مكافحة/ استئصال التطرف، فإنها تظل الاستثناء، وليس القاعدة. فغالبية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لم تدرج بعد هذه البرامج في استراتيجيات مكافحة الإرهاب. وهذا يقوّض القدرة على تقييم مثل هذه البرامج، وتحديد الظروف المؤدية إلى نجاحها أو فشلها ووضع إطار عمل لتوجيه واضعي السياسات عند تصميم وتنفيذ مثل هذه البرامج.
واعتمدت معظم الدراسات أيضاً على عينات صغيرة لا تعبر عن الواقع في استخلاص استنتاجات غير حاسمة. علاوة على ذلك، فإن الحكومات تواصل احتكار المعلومات والبيانات عن جهود مكافحة/ استئصال التطرف التي كثيراً ما تميل إلى المبالغة في النجاحات والتقليل من الفشل. وما هو مؤكد، مع ذلك، أنه لا يوجد مقاس واحد يناسب الجميع، وأن النجاح كثيراً ما يعتمد على وجود إرادة سياسية، ودولة قوية سياسياً وتنموياً، وعلاقات موثوق بها بين الدولة والمجتمع ودعم رأس المال الاجتماعي الثري للدولة، وأعرافها وتقاليدها وقيمها.
ولكن على الرغم من قلة عدد برامج مكافحة/ استئصال التطرف، كثيراً ما يُنظر إليها على أنها أكثر نجاحاً من النهج العسكري البحت. فهي ليست فقط أرخص وأقل كلفة من النهج العسكري التقليدي، ولكنها أكثر احتمالاً لكسب القلوب والعقول، وخفض مستوى التهديدات، وتعزيز العلاقات بين الدولة والمجتمع وإنقاذ الأرواح.
ملحوظة المؤلف: استفاد البحث لكتابة المقال من مشروع أكبر حول برامج مكافحة/ استئصال التطرف في الدول الأعضاء بالأمم المتحدة مولته وزارة الشؤون الخارجية النرويجية.
عن المؤلف: حامد السعيد، الأردني المولد، هو أستاذ كرسي وبروفسور إدارة الأعمال الدولية والاقتصاد السياسي في كلية التجارة بجامعة مانشيستر متروبوليتان بالمملكة المتحدة. وهو مستشار ل فرقة العمل المعنية بالتنفيذ في مجالمكافحة الإرهاب التابعة للأمم المتحدة، وهو منصب قام فيه بتحليل برامج مكافحة/ استئصال التطرف للدول الأعضاء من أجل تحديد أفضل الممارسات. كما يقدم المشورة لمنتدى الفكر العربي، الذي أسسه ويرأسه الأمير الأردني الحسن بن طلال. وكان السعيد شخصية شهيرة في لعبة الاسكواش، ومثل بلده الأردن في مسابقات دولية من عام 1981 إلى عام 1993.
باكستان تعيد تأهيل المتطرفين
أسرة يونيباث
تواصل قوات الأمن الباكستانية الاستعانة ببرامج إعادة التأهيل لإعادة المتطرفين السابقين إلى المجتمع كمواطنين منتجين وسلميين.
ففي حزيران/ يونيو 2013، تم الإفراج عن 30 من المتطرفين السابقين من مركز هيلا بعد أن استكملوا برنامجاً للانعتاق واستئصال التطرف استمر أربعة أشهر في منطقة تانك بإقليم خيبر بختونخوا. وتلقى المتطرفون خدمات نفسية واجتماعية وتدريباً مهنياً. وفي حفل أقيم بمناسبة إطلاق سراحهم، سلم المسؤولون العسكريون المفرج عنهم أجهزة كمبيوتر وشهادات تخرج.
وحضر الحفل اللواء أحمد محمود حياة، قائد العمليات في وزيرستان حيث ألقي القبض على ثلاثين رجلاً. وحثهم على المساهمة في المجتمع من خلال الترويج للتسامح وممارسته.
وقال العقيد جاد الحق جانجوا، قائد منطقة ديرا بوغتي، إن هذا أبعد عن كونه المجهود الناجح الوحيد في إعادة تأهيل المتطرفين في باكستان. فقد استجاب نحو 700 متطرف في منطقته لعرض الحكومة العفو العام وإعادة التأهيل. وقد اعترف المتطرفون بأنهم هاجموا قوات الأمن ومنشآت حكومية. وتزود الحكومة المتطرفين بمساعدة مالية لمساعدتهم في الاندماج في المجتمع.
قال جانجوا، “إنهم أناس فقراء، وهناك شخص يمولهم ويحرضهم على الانضمام للمتمردين. ولكن هذا الاتجاه في طريقه إلى التوقف”.
الحض على الحوار الديني
مركز جديد يستطيع الحد من التطرف بالترويج للتسامح
أسرة يونيباث
منذ السنة التي تجمع فيها زعماء الديانات الرئيسية في العالم في فيينا لافتتاح مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدولي للحوار بين أتباع الديانات والثقافات، انتقل المركز الذي تموله السعودية إلى مقره الدائم، واستعان بموظفين رئيسيين وبدأ يتناول مهمته البالغة الأهمية.
تشمل هذه المهمة تمكين وتشجيع الحوار بين أتباع مختلف الأديان والثقافات حول العالم، والتشجيع في نهاية المطاف على التسامح والسلام لمكافحة التطرف. ويقدم المركز نفسه “كمنظمة مستقلة، وذاتية، ودولية، خالية من النفوذ السياسي أو الاقتصادي”.
ولدى افتتاح المركز في تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، حذر وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل من المتطرفين الذين يسعون إلى “نشر مفاهيم التعصب، والإقصاء، والعنصرية والكراهية”.
وقال، “إن هذه الأقليات الصغيرة تحاول خطف وتعطيل الهويات والتطلعات المشروعة للشعوب من كافة الثقافات والأديان”.
كما تحدث في الحفل الافتتاحي أمين عام الأمم المتحدة بان كيمون، الذي أشار إلى أن المركز يمكن أن ينهض بمهمة حيوية في مكافحة التطرف.
قال الأمين العام، “لقد قام الكثير من الزعماء الدينيين بإذكاء التعصب، ودعموا التطرف ونشروا الكراهية. … ومع ذلك فإننا نعلم أن إلقاء اللوم على “الآخر” ليس استراتيجية سياسية لصلاح البلاد، أو القارة أو العالم.
“إن القيادات الدينية تتمتع بتأثير هائل. ويمكن أن تكون قوي للتعاون والتعلم. يمكن أن تكون مثالاً يُحتذى به للحوار بين الأديان”.
تعهدت المملكة العربية السعودية بنحو 79 مليون دولار لإقامة المركز وسداد تكاليف السنوات الثلاث الأولى من عمله. وتم إنشاء “مجلس الأطراف” من ثلاثة أعضاء هم أسبانيا والنمسا والسعودية، يكون مسؤولاً عن الإشراف على عمل المركز. وأصبح الفاتيكان “مراقباً مؤسساً” للمركز.
ويتألف مجلس الإدارة من مندوبين رفيعي المستوى يمثلون الديانات الرئيسية في العالم — ثلاثة مسيحيين، وثلاثة مسلمين، ويهودي، وبوذي وهندوسي.
ويرأس المركز الأمين العام فيصل بن عبد الرحمن بن معمّر من السعودية. وشدد بن معمّر على أنه رغم أن الرياض هي التي دشنت المركز، فإنه ليس كياناً سعودياً.
وقال لوكالة أسوشييتد برس، “إن هذه مؤسسة دولية. ونحو 70 بالمائة من ديانات العالم ممثلة في مجلس الإدارة. وسوف يكون المركز مكاناً محايداً لتبادل الأفكار”.
وطبقاً للأسوشييتد برس، فإن المركز بدأ عمله المبدئي في ثلاثة مجالات:
-
برنامج “صورة الآخر” يدرس فيه الخبراء كيف يتم تصوير الأديان الأخرى في وسائل الإعلام والتعليم، مع تركيز على تحسين الكتب المدرسية والمفاهيم العامة
-
برنامج زمالة يجلب رجال الدين الشباب معاً لمدة ثلاثة إلى أربعة أشهر في فيينا لدراسة قضايا مختارة وتعلم كيف يتعامل أتباع كل ديانة معهم.
-
برنامج يونيسيف يدعو كبار رجال الدين في إفريقيا لدعم المشاريع الصحية للأطفال التي يخربها المتشددون أحياناً بإبلاغ الناس أن دينهم يحرّمها.